﴿ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ منْ فَوْقِ الأرض مَا لَهَا مِنْ قَرَار﴾(1)

 

تفسير الآية:

مثّل سبحانه تبارك وتعالى للعقيدة الصالحة بالمثل السابق ومقتضى الحال أن يمثل للعقيدة الباطلة بضد المثل السابق، فهي على طرف النقيض مما ذكر في الآية السابقة، وإليك البيان:

 

فالكفر كشجرة لها هذه الأوصاف:

أ- انّها خبيثة مقابلة الطيبة، أي لا يطيب ثمارها كشجرة الحنظل.

 

ب- ﴿اجْتُثَّتْ منْ فَوْقِ الأرض﴾ في مقابل قوله: ﴿أَصۡلُهَا ثَابِتٞ﴾ وحقيقة الاجتثاث هي اقتلاع الشيء من أصله، أي اقتطعت واستؤصلت واقتلعت جذورها من الأرض.

 

ج- ﴿مَا لَهَا مِنْ قَرَار﴾ أي ليس لتلك الشجرة من ثبات، فالريح تنسفها وتذهب بها، وبالتالي ليس لها فروع وأغصان أو ثمار.

 

هذا هو المشبه به، وأمّا المشبه فهو عبارة عن العقيدة الضالة الكافرة التي لا تعتمد على برهان ولا دليل، يزعزعها أدنى شبهة وشك.

 

 فينطبق صدر الآية التالية على التمثيل الأوّل، وذيله على التمثيل التالي، أعني: قوله: ﴿يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ هذا هو المنطبق على التمثيل الأوّل.

 

 وأمّا المنطبق على التمثيل الثاني فهو قوله: ﴿وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ﴾ أي يضل أهل الكتاب بحرمانهم من الهداية، وذلك لأجل قصورهم في الاستفادة عن الهداية العامة التي هي متوفرة لكل إنسان، أعني: الفطرة ودعوة الأنبياء.

 

 وقوله: ﴿يَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ﴾ بمعنى انّه تعلّقت مشيئته بتثبيت المؤمنين وتأييدهم وإضلال الظالمين وخذلانهم، ولم تكن مشيئته عبثاً وإنّما نابعة من حكمة بالغة.

 


1- سورة إبراهيم / 26.