عدي بن حاتم الطائي

هو أبو طريف، وقيل: أبو وهب عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي، أخزم الطائي، الكوفي.

من فُضلاء صحابة رسول الله (ص)، وكان شُجاعا، شاعرا.

كان قبل أن يُسلم من أشراف قومه وساداتهم ومن أجواد زمانه.

وفد على النبي (ص) في شهر شعبان سنة 9هـ،  وقيل: 10هـ،  وقيل: 7هـ،  فأسلم، وكان نصرانيا، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالجود والكرم.

لمّا أسلم أكرمه النبي (ص) وألقى له وسادة، وقال (ص): "إذا أتاكُم كريمُ قوم فأكرموه".

قبل أن يعتنق الإسلام بعث النبي (ص) سرية إلى طي؛ ليدعوهم إلى الإسلام، فانتقل عدي بأهله إلى الجزيرة، وقيل: إلى الشام، وترك أُخته سفانة بنت حاتم، فأخذها المسلمون فأسلمت، ثم جاءت إلى عدي وشجّعته على القدوم على النبي (ص) والقبول بما جاء به، فجاء معها إلى رسول الله (ص) فأسلم وحسُن إسلامه.

بعد وفاة النبي (ص) شهد فتوح العراق وواقعة القادسية والجسر وغيرها، وشهد مع خالد بن الوليد بعض فتوح الشام.

سكن الكوفة، وبنى بها دارا، وكان من خيار أصحاب الإمام أمير المؤمنين (ع)، مُعرضًا عن عثمان عفان.

شهد مع الإمام أمير المؤمنين (ع) حرب الجمل في البصرة، ففُقئت عينه، وقُتل ابنه محمد، وقتل له ابن آخر وهو يدافع عن الإمام (ع) في حرب الخوارج.

شهد مع الإمام أمير المؤمنين (ع) واقعتي صفّين والنهروان، وأبلى فيهما بلاء حسنا.

دخل يومًا على معاوية بن أبي سفيان بعد استشهاد الإمام أمير المؤمنين (ع) فقال له معاوية: ما فعلت الطرفات؟ يعني: أولاده، فقال: قُتلوا مع علي (ع)، فقال معاوية: ما أنصفك علي قتل أولادك وبقى أولاده، فقال عدي: ما أنصفك علي إذ قتل وبقيت بعده، فقال معاوية: أما إنّه قد بقيت قطرة من دم عثمان ما يمحوها إلا دم شريف من أشراف اليمن، فقال عدي: والله! إن قلوبنا التي أبغضناك بها لفي صدورنا، وإنّ أسيافنا التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن أدنيت ألينا من الغدر فِترًا لندنين إليك من الشر شبراً، وإن حز الحلقوم وحشرجة الحيزوم لأهون علينا من أن نسمع المساءة في علي (ع): فسلّم السيف يا معاوية لصاحب السيف، فقال معاوية: هذه كلمات حِكَم فاكتبوها، وأقبل على عدي محادثًا له كأنه ما خاطبه بشيء.

ومن جلالة قدره وثباته على نصرة الحق والدين يوم خطب الإمام الحسن المجتبى (ع)، ودعا الناس إلى الخروج على معاوية والجهاد عليه ما تكلم أحد قط ولا أجابوه، فعند ذاك نهض المترجم له وقال: سبحان الله ما أقبح هذا المقام، ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم .. إلى آخر مقالته، فخرج إلى النخيلة ثم تبعه الناس.

روى عن النبي (ص) والإمام أمير المؤمنين (ع) وغيرهما أحاديث معتبرة، وروى عنه جماعة.

ولم يزل مواليًا للإمام أمير المؤمنين (ع) وأهل بيته معاديًا لأعدائهم حتى توفي بالكوفة، وقيل: بقرقيسيا أيام نهضة الثائر المختار الثقفي (ره) سنة 67هـ، وقيل: 66هـ، وقيل: 68هـ، وقيل: 69هـ، وعمره يومئذ 120سنة، وقيل: 180سنة.

القرآن المجيد وعدي بن حاتم

جاء يومًا إلى النبي (ص) هو وزيد الخير الطائي وقالا: يا رسول الله! غنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، وإن كلاب آل درع وآل حويرية تأخذ البقر والحمر والظباء والضب، فمنه ما يُدرك ذكاته، ومنه ما يُقتل فلا يدرك ذكاته، وقد حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت جوابًا لهما الآية 4 من سورة المائدة: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.