عتبة بن ربيعة

أبو الوليد عتبة بن ربعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة القرشي، العبشمي، وأمه هند بنت المضرب.

من شخصيات قريش وساداتها في الجاهلية، وكان خطيبًا مفوهًا، عرف بالحلم والدهاء.

نشأ يتيمًا عند حرب بن أمية، فرباه لموقعه الاجتماعي البارز بين العرب، توسط بين قبيلتي هوازن وكنانة في حرب الفجار، فتمكن من أن يُصلح بينهما ويوقف الحرب.

أدرك الإسلام ولم يسلم، بل طغى وتجبر وأصبح من أعداء النبي (ص) والمسلمين، ومن المستهزئين بهم.

اشترك في واقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة إلى جانب المشركين، فقتله الإمام أمير المؤمنين (ع).

بعد أن أعلن النبي (ص) الدعوة الإسلامية بعثته قريش إلى النبي (ص) لكي يكلمه ويطرح عليه أموراً، فجاء إلى النبي (ص) وجلس عنده، وسرد له جملة من المقدمات إلى أن قال: يابن أخي! إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد ملكًا ملـّكناك علينا. ثم عرض أمورًا أخر، فلما فرغ من كلامه، قال انبي (ص): هل أتممت كلامك يا أبا الوليد؟ قال: نعم، فقال النبي (ص): فاسمع ما أقول، قال: أفعل، فقال (ص): ﴿حم / تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ..﴾ ثم استمر النبي (ص) في قراءة بقية آيات السورة حتى انتهى إلى السجدة منها، فسجد النبي (ص)، ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت؛ فأنت وذاك.

فرجع عتبة إلى أصحابه، فقالوا له: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني قد سمعت قولاً، والله! ما سمعت مثله قط، والله! ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة.

يا معشر قريش! أطيعوني واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فوالله! ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وغن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به، فقالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه! قال عتبة: هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.

القرآن العظيم وعتبة بن ربيعة:

أحد الأيام اجتمع هو وبعض المشركين على النبي (ص): واستمعوا إليه وهو يقرأ القرآن، فسألوا أحدهم: ما يقول محمد (ص)؟ قال: والذي جعلها بيته ما أدري ما يقول، إلا أني أراه يحرك شفتيه، يتكلم بشيء، وما يقول إلا أساطير الأولين، فنزلت فيهم الآية 25 من سورة الأنعام؛ ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾.

كان من جملة الذين اجتمعوا حول دار النبي (ص) ليلًا ليغتالوه، ففدى الإمام أمير المؤمنين (ع) نفسه ونام في فراشه، ونجا النبي (ص) من شرور المشركين ومكائدهم، فنزلت فيهم الآية30 من سورة الأنفال: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.

في يوم بدر قال المترجم له ومن على شاكلته من المشركين: إن المسلمين اغتروا بدينهم، فنزلت فيه الآية 49 من نفس السورة السابقة: ﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

وشملته الآية 90 من سورة الإسراء: ﴿وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا﴾.

والآية 6 من سورة الكهف: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾.

ونزلت فيه الآية 19 من سورة الحج: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾.

وشملته الآية 4 من سورة العنكبوت: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾.

والآية 28 من سورة ص: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾.

والآية 22 من سورة الزخرف: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾.

وتحدث الذكر الحكيم عن البون الشاسع بين المترجم له وأمثاله من المشركين وجماعة المؤمنين ضمن الآية21 من سورة الجاثية: ﴿أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾.

وشملته الآية 1 من سورة محمد: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾.

والآية 30 من سورة الطور: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾.

ونزلت فيه الآية 10 من سورة الأعلى: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى﴾.

والآية 11 من نفس السورة: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾.

وشملته الآية 15 من سورة الفجر: ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾.

والآية 16 من نفس السورة: ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾.