عبد الله بن سلام

هو أبو الحارث، وقيل: أبو يوسف عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، الخزرجي من بني قينقاع، من ولد نبي الله يوسف بن يعقوب (ع)، وكان قبل أن يسلم يُدعى حصينا، فلما أسلم سماه النبي (ص) عبد الله.

أحد أحبار وعلماء اليهود، وكان متبحرًّا في علوم التوراة.

أسلم عند قدوم النبي إلى المدينة مهاجرًا، وصحب النبي وصار من خواص أصحابه.

وقبل أن يسلم كان من رؤساء الكفار المحرضين على النبي في واقعة الخندق.

يقال إن النبي (ص) شهد له بالجنة.

لما حكم عثمان بن عفان صار من أنصاره ومؤيديه، فلما قتل عثمان لم يبايع الإمام أمير المؤمنين في أول الأمر، ثم بايعه بالخلافة.

أيام عصيان وتمرد معاوية بن أبي سفيان على الإمام أمير المؤمنين (ع) اعتزل وجلس في بيته.

روى عن النبي أحاديث، وروى عنه جماعة.

وفي عهد عمر بن الخطاب شهد معه فتح بيت المقدس والجابية.

توفي بالمدينة المنورة في السنة الثالثة والأربعين من الهجرة.

القرآن الكريم وعبد الله بن سلام:

قال في حق النبي (ص): أنا أعلم به مني بابني، لأني لا أشك فيه بأنه نبي، فأما ولدي فلعلّ والدته خانت، فنزلت فيه الآية 146 من سورة البقرة: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

وشملته الآية 208 من نفس السورة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾.

أودع شخص 1200 أُوقية من الذهب عند المترجم له بصفة أمانة، وفي الوقت المعين أرجع الأمانة إلى صاحبها، ووضع عند ابن عازورا مبلغ دينار واحد، فلما جاء وقت استرجاعه أنكره، فنزلت فيهما الآية 75 من سورة آل عمران: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

لما أسلم هو وبعض اليهود قالت أحبار اليهود: إن الذين أسلموا منا كانوا من أراذلنا فآمنوا بمحمد، فنزلت الآية 113 من السورة السابقة: ﴿لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾.

جاء هو وجماعة من اليهود إلى النبي وقالوا: يا رسول الله! نحن نؤمن بك وبكتابك، ولن نؤمن بشيء آخر حتى بموسى (ع) وبالتوراة، فنزلت الآية 136 من سورة النساء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾.

سأل هو وجماعة من النبي عن الوصي من بعده، فنزلت الآية 56 من سورة المائدة ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾.

وشملته الآية 40 من سورة يونس: ﴿وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ﴾.

ونزلت فيه الآية 43 من سورة الرعد: ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾.

وشملته الآية 197 من سورة الشعراء: ﴿أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾.

وشملته الآيات التالية من سورة القصص:

1- ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾(1).

2- ﴿وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾(2).

3- ﴿أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾(3).

4- ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾(4).

ونزلت فيه الآية 52 من سورة العنكبوت: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

لما قدم النبي إلى المدينة مهاجراً والمترجم له على كفره فاخذ يمعن النظر إلى وجه النبي، فتحقق لديه بأن وجهه ليس بوجه كذاب، فسأل النبي بعض الأسئلة، فتأكد عند ذاك بأنه هو النبي الموعود الذي بشرت به الكتب السماوية والأنبياء، فأسلم على يدي النبي، فلما سمعت به اليهود انتقصته وعاتبته، فنزلت فيه الآية 10 من سورة الأحقاف: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

وجاء يومًا إلى النبي وطلب من أن يصف له الله عز وجل فنزلت سورة الإخلاص: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ / اللَّهُ الصَّمَدُ / لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ / وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾.

1- سورة القصص / 52.

2- سورة القصص / 53.

3- سورة القصص / 54.

4- سورة القصص / 55.