عبد الله بن سعد بن أبي سرح

هو أبو يحي عبد الله بن سعد، وقيل: سعيد بن أبي سرح، حسام بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر القرشيّ، العامري، المكّي، أخو عثمان بن عفان من الرضاعة.

صحابيّ، فارس، شجاع، وأحد طلقاء المنافقين.

أسلم ثم شكّ فكفر وارتدّ عن الإسلام ولحق بالمشركين بمكّة، ولم يزل بها حتى فتحها النبي (ص) في السنة الثامنة من الهجرة، فأهدر دمه، فجاء به عثمان بن عفان إلى النبي (ص) وهو في المسجد، فقال عثمان: يا رسول الله! اعف عنه، فسكت النبي (ص)، ثم أعادها ثانية فثالثة ورسول الله (ص) ساكت، ثم قال (ص): هو لك. فلما ذهبا قال النبي (ص) لأصحابه: ألم أقُل: من رآه فليقتله؟ فأصبح في عداد الطلقاء.

بعد وفاة النبي(ص) اشترك مع عمرو بن العاص في فتح مصر، وفي السنة الخامسة والعشرين للهجرة ولاّه عثمان على مصر بعد عمرو بن العاص.

في أيام ولايته على مصر قاد جيشًا فيه الإمامان الحسن والحسين (ع) وعبد الله بن العباس وغيرهم على إفريقية وافتتحها، وفي السنة الرابعة والعشرين من الهجرة غزا بلاد الروم عن طريق البحر وانتصر فيها في معركة ذات الصواري.

بعد مقتل عثمان لم يبايع الإمام أمير المؤمنين (ع) بالخلافة، فعزله عن ولاية مصر، وعيّن مكانه قيس بن سعد بن عُبادة، فانتقل إلى الشام، والتحق بمعاوية بن أبي سفيان.

اشترك مع معاوية في وقعة صفين، وقيل: لم يشهدها، واعتزل الحرب.

تُوفي بعسقلان من بلاد الشام، وقيل: بعسفان في الحجاز سنة 37هـ، وقيل: سنة 36هـ، وقيل: سنة 59هـ.

القرآن العظيم وعبدالله بن سعد بن أبي سرح

نزلت فيه الآية 137 من سورة النساء: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً﴾.

لمّا أسلم -وكان يُحسن القراءة والكتابة، وكان حسن الخط- اتّخذه النبي (ص) كاتبًا من كتاب الوحي، فلما طغى أخذ يبدّل كلمات الوحي التي كان النبي (ص) يمليها عليه، فكان النبي (ص) يقول له: اكتب سميعًا عليمًا، فكان يكتب: عليمًا حكيمًا، وإذا أمره أن يكتب: عليمًا حكيمًا كان يكتب: غفورًا رحيمًا إلى غير ذلك من الكلمات التي كان يتصرف فيها ويغيرها، فعزله النبي (ص) من كتابة الوحي. ثم أخذ يقول: لئن كان محمد (ص) صادقًا فقد أُوحي إليّ مثل ما أوحي إليه، ولئن كان كاذبًا فلقد قلت كما قال، وإن كان القرآن ينزّله الله عليه فلقد أنزلت مثل ما أنزل الله، فنزلت فيه الآية 93 من سورة الأنعام: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾.

بعد واقعة أُحد جاء هو وجماعة على شاكلته من المشركين إلى النبي (ص) بعد أن أعطاهم الأمان، فطلبوا من النبي (ص) أن لا يذكر اللات والعزّى ومناة بسوء، ويُعلن بأن لتلك الأصنام شفاعة ومنفعة لمن عبدها، فإن فعل ذلك تركوه وشأنه، فلما سمع النبي (ص) مطالبهم أمر بطردهم من المدينة، ونزلت فيهم الآية 1 من سورة الأحزاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.

ولكونه كان يجامل الكفار والمشركين وينقل إليهم كبقية المنافقين أخبار وأسرار النبي (ص) والمسلمين شملته الآية 14 من سورة المجادلة: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.