سهيل (أم سلمة بنت أبي أمية)

هي أم سلمة هند، وقيل: رملة بنت أبي امية سهل، وقيل: سهيل، وقيل: حذيفة بن المغيرة بن عبدالله بن مخزوم القرشية، المخزومية، وأمها عاتكه، وقيل: عمتة بنت عامر بن ربيعة.

إحدى زوجات رسول الله (ص)، عرفت برسوخ الإيمان والصلاح والتقى، ومن المهاجرات الجليلات، وكانت سديدة الرأي، وعلى جانب كبير من الكمال والعقل والجمال، وكانت افضل نساء النبي (ص) بعد خديجة بنت خويلد (عليها السلام).

كان أبوها من أشراف وأجواد قريش، فكان يعرف بزاد الركب.

قبل أن يتزوجها النبي (ص) كانت تحت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، فلما توفي تزوجها رسول الله (ص) في شهر شوال سنة 2هـ؛ وقيل: سنة 4هـ.

كانت من جملة المهاجرات الى الحبشة والمدينة.

وكانت من ثقات المحدثات، فروت عن النبي (ص) وعن فاطمة الزهراء (عليها السلام) أحاديث معتبرة، وروى عنها جماعة، وكانت تجيد القراءة ولا تكتب.

لما أراد النبي (ص) أن يتزوجها وصفوا جمالها وبهاءها لعائشة فحزنت حزنا شديدا، فلما تزوجها النبي (ص) رأتها عائشة فقالت: والله إنها أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال.

أمرها النبي (ص) برعاية الزهراء (عليها السلام) وتربيتها بعد وفاة السيدة فاطمة بنت أسد (عليها السلام) -أم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)- فكان ذلك يؤلم عائشة ويزعجها، فكانت الى جانب الزهراء (عليها السلام) حتى في ليلة زفافها.

ولكونها كانت كثيرة الولاء والإخلاص لأهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم) أودع النبي (ص) عندها قبل وفاته قارورة فيها شيء من التراب، وقال (ص) لها: إن جبريل (عليه السلام) أعلمني بأن أمتي ستقتل الحسين (عليه السلام)، فإذا صار التراب في القارورة دما عبيطا فاعلمي أنه قتل، فكانت تلاحظ تلك القارورة بين حين وآخر، وفي أحد الأيام نظرت الى التراب في القارورة صار دما عبيطا، فعلمت بمقتل الحسين (عليه السلام) فصاحت: واحسيناه! وابن رسول الله! وتصارخت نساء المدينة من كل صوب وحدب، وارتجت المدينة بالصياح والنياح التي ما سمع بمثله قط، فكانت أول صارخة وباكية على الحسين (عليه السلام) في المدينة.

كان الإمام الحسين (عليه السلام) عندما رحل الى العراق لمقارعة ظلم يزيد بن معاوية وعماله أودع عندها ذخائر النبوة وودائع الإمامة، فلما استشهد الإمام (عليه السلام) سلمتها الى الإمام السجاد (عليه السلام).

رأت جبريل (عليه السلام) في صورة دحية الكلبي.

لما تسلم عثمان الحكم دخلت عليه، وأخذت تقدم له الوعظ والإرشاد، ولما صممت عائشة بنت أبي بكر الخروج الى حرب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في حرب الجمل منعتها ونصحتها بعدم الإقدام على ذلك.

وعندما أمر معاوية بن أبي سفيان لعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كتبت إليه: إنكم تلعنون الله ورسوله (ص) على منابركم، وذلك إنكم تلعنون علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن أحبه، وأنا أشهد أن الله أحبه ورسوله.

ولم تزل على إخلاصها وولائها لأهل بيت النبيوة حتى توفيت بالمدينة في شهر ذي القعدة سنة 59هـ، وقيل: سنة 60هـ، وقيل سنة 62 هـ، ودفنت بالبقيع، وكان عمرها يومئذ 84 سنة.

القرآن الكريم وأم سلمة

في يوم من الأيام قالت للنبي (ص): يا رسول الله! لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فنزلت الآية 195 من سورة آل عمران: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾.

شهدت فتح خيبر، فقالت لبعض النسوة: ليت الله كتب علينا الجهاد كما كتب على الرجال، فيكون لنا من الأجر مثل مالهم، فنزلت جوابا لها الآية 32 من سورة النساء: ﴿وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾.

في أحد الأيام قالت للنبي (ص): إن الرجال يذكرون في القرآن ولكن لاذكر للنساء، فأجابهتها الآية 35 من سورة الأحزاب: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾.

سخرت عائشة وحفصة منها، وقيل: عيرنها؛ لقصر قامتها. فأنزل الله سبحانه وتعالى الآية 11 من سورة الحجرات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.