نبيّ الله داود (ع)

هو داود بن يسى، وقيل: إيشا بن عوبيد بن بوعز، وقيل: عامر، وقيل: ياعزبن سلمون بن أحشون بن عمينا داب، وقيل: عويناداب، من سُلالة إسحاق بن إبراهيم الخليل (ع)، ومعنى داود بالعبريّة: الحبيب.

من عظماء أنبياء وملوك بني إسرائيل، عُرف بكثرة العبادة والتهجّد لله عزّ وجل.

وُلد في بيت لحم بفلسطين حوالي عام 1033 قبل ميلاد المسيح (ع)، وقيل: قبل الميلاد بـ 1071 سنة، وقيل: 1086 سنة قبل الميلاد.

كان في حداثته يرعى الغنم، وكان معروفًا بنقاوة القلب، وطهارة السريرة، وكثرة العبادة، فكان يقوم الليل ويصوم أكثر أيّامه ويأكل من كسب يده.

كان معاصرًا للنبي إشموئيل (ع) أحد أنبياء بني إسرائيل، وللملك طالوت من ملوكهم.

اشتهر في حداثته في الحرب التي دارت بين الملك طالوت وزعيم الفلسطينيّين جالوت عند قصر أُمّ حكيم قرب مرج الصغر، فتمكّن من إصابة جبهة جالوت بحجر، ثم احتزّ رأسه، ممّا أدى إلى فرار الفلسطينيين وانصار طالوت.

وبعد ذلك الانتصار حسنت منزله عند طالوت، وأصبح من المقربين لديه، وزوّجه من ابنته (ميكال) ثم عيّنه قائدًا عامًا على جيوشه.

وبمرور الزمان أخذ الإسرائيليّون يزدادون له حبًّا وولاءً؛ لصدقه وأمانته وشجاعته، وبعد أن وصل إلى ما وصل إليه من شعبية فائقة ونفوذ واسع بين حاشية الملك وبطانته حسده طالوت، وخاف على ملكه منه، فأخذ يتربّص به الدوائر؛ ليقضي عليه.

وبعد أن أحسّ داود (ع) بنوايا طالوت الشريرة تجاهه اضطر أن يلجأ إلى أخيش -ملك جت- الذي كان من الدّ أعداء طالوت.

والأُمور يطول شرحها طُرِد من جت، فرحل إلى مغارة عدلام، وبها التقي بوالديه وإخوته وأهل بيت أبيه، ثم انتقل إلى مصفاة موآب، وأرسل أبويه إلى ملك موآب ليكفّهما، وانتقل هو ومن معه إلى أرض يهوذا.

ولم يزل طالوت يلاحق داود (ع) ليقتله، وكان داود (ع) يتحيّن الفرص للقضاء على طالوت، ولكنّه لم يقدم على ذلك؛ لوفائه وحُسن أخلاقه.

فلمّا علم طالوت بنبل داود (ع) وأخلاقه الفاضلة ندم على ملاحقته؛ فتركه وشانه، فانتقل داود (ع) إلى قرية صغلغ أو سقلاغ من قرى فلسطين وسكنها.

ولم تزل الخطوب والحوادث تتعاقب على طالوت حتى قتله الفلسطينيون، وقتلوا ثلاثة من بنيه، بينهم يوناثان بن طالوت الصديق الحميم لداود (ع).

ولمّا علم داود (ع) بمقتل طالوت وولده يوناثان تأثّر كثيرًا، وعمل فيهما مرثية عظيمة وأقام لهما مأتمًا ضخمًا.

وبعد مقتل طالوت انتقل داود (ع) إلى مدينة حبرون (الخليل) فالتف حوله الإسرائيليون ونصبوه ملكًا عليهم، وأعطوه خزائن طالوت، وفي تلك الفترة أقام بعض الإسرائيليّين المنشقين عن داود (ع) أحد أولاد طالوت وكان يدعى ايشبوشش ملكًا عليهم، ممّا أدّى إلى نشوب الحرب بين داود (ع) وبينه.

وبعد أن حكم إيشبوشش سنتين هلك، وبعد موته اتّفقت الكلمة الإسرائيليين على ملوكية داود (ع) بدون منازع، فاتّخذ من مدينة حبرون عاصمة لملكه، وبعد سبع سنوات انتقل إلى حصن صهيون، سمّاه مدينة داود.

شنّ حربًا كثيرة ضد أعدائه ومناوئيه، وكان النصر دائمًا حليفه، فحارب الأقوام الساكنين على ضفاف نهر الفرات وأخضعهم لحكمه، واستولى على دمشق عاصمة الآراميين، وانتزع شرق الأردن من بني عمون، فاتّسع مُلكه من أيلة إلى شواطئ نهر الفرات، وقيل: كانت مملكتة تمتد مابين الشامات إلى بلاد اصطخر.

لاستقامته في طاعة الله وعبادته بعثه الله إلى بني إسرائيل ليهديهم إلى الصراط المستقيم، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ومنحه الله نعمًا جليلة ومعاجز فريدة منها: إلانة الحديد له، فكان في يده كالشمع يعمل به كيف يشاء، يلويه بيده بدون نار ولا مطرقة، وعلّمه صنعة الدروع الحديدية بيده.

وعلّمه الباري جل وعزّ منطق الطير، فكانت الطيور تسبّح لله معه بكرو وعشيًا، وكانت طوع إرادته.

وسخر الله تعإلى له الجبال، فكانت تسبِّح معه لله سبحانه وتعالى، وكانت تحت اختياره.

ومنحه الله حُسن الصوت وجودة الإشارة، وزوده قوة في الملك والغلبة والنصر على أعدائه.

ووهبه الله الحكمة البالغة، وملكة الشعر، والقضاء بين الناس.

من معاجزه: الزبور، وهو كتاب يتضمّن المواعظ والحكم والأناشيد والقصائد في تسبيح الله وتحميده والتضرع والالتجاء إليه، ويحتوي على مائة وخمسين مزمورًا، ثلاثة وسبعون منها تُنسب إليه والباقي تُنسب إلى آخرين.

ومنحه الله سليمان (ع)، وجعله وارثًا له في النبوّة والعلم والحكمة والحُكم.

كان شجاعًا شديد البأس، داقوة فائقة، وصاحب غيرة شديدة.

تزوّج مائة امرأة، أنجبن له تسعة عشر ولدًا، ولم يَرِث النبوّة منهم إلا ولده سليمان من زوجته امرأة أُرياء بن حيان.

انشق عليه قسم من الإسرائيليّين وكفروا به واتهموه ببعض التهم، فغضب الله عليهم وسلّط عليهم الموت والهلاك، فهلك في ساعة واحدة سبعون ألف شخص جراء أفعالهم واقوالهم عليه.

بالإضافة إلى سليمان (ع) أنجب جملة من الأولاد، منهم: سمون وسوبان ونوتان ويابار واليشوس ونافاق ويافيا والسنانا واليشناس واليفلات وغيرهم.

ولم يزل متصدّر للنبوة والملوكية في بني إسرائيل 40 سنة حتى تُوفِّي فجأة في أُورشليم يوم السبت، وقيل: يوم الأربعاء، حدود عام 962، وقيل: عام 1015 قبل ميلاد المسيح (ع) بعد أن عمّر 100 سنة، وقيل 77 سنة، وفيل 71 سنة، وقيل 80 سنة، وقيل: 120 سنة، فدفنوه في مدينة داود على جبل صهيون بفلسطين.

كان بينه وبين موسى بن عمران (ع) 500 سنة وبينه وبين عيسى بن مريم (ع) 1100 سنة.

اشترك في تشيع جنازته أربعون ألف راهب والآلاف من سائر الناس.

القرآن العظيم ونبي الله داود (ع):

1- ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ﴾(1).

2- ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾(2).

3- ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ﴾(3).

4- ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ﴾(4).

5- ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾(5).

6- ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾(6).

7- ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ﴾(7).

8- ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ﴾(8).

9- ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾(9).

10- ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾(10).

11- ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾(11).

12- ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾(12).

13- ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾(13).

14- ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾(14).

15- ﴿وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ﴾(15).

16- ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾(16).

17- ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ﴾(17).

18- ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ﴾(18).

19- ﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾(19).

20- ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾(20).

21- ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾(21).

1- سورة البقرة / 251.

2- سورة النساء / 163.

3- سورة المائدة / 78.

4- سورة الأنعام / 84.

5- سورة الإسراء / 55.

6- سورة الأنبياء / 78.

7- سورة الانبياء / 79.

8- سورة الأنبياء / 80.

9- سورة النمل / 15.

10- سورة النمل / 16.

11- سورة سبأ / 10.

12- سورة سبأ / 11.

13- سورة ص / 17.

14- سورة ص / 18.

15- سورة ص / 19.

16- سورة ص 20.

17- سورة ص / 22.

18- سورة ص / 24.

19- سورة ص / 25.

20- سورة ص / 26.

21- سورة ص / 30.