الحُجُرات: من مظاهر التقديم بين يدي الله ورسوله (ص)

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله ربِّ العالمين اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً مَعَ خُلُودِكَ ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لَا مُنْتَهَى لَه دُونَ رِضَاكَ ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لَا أَمَدَ لَه دُونَ مَشِيَّتِكَ ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لَا جَزَاءَ لِقَائِلِه إِلَّا رِضَاكَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وإِلَيْكَ الْمُشْتَكَى وأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا أَنْتَ أَهْلُه الْحَمْدُ لِلَّه بِمَحَامِدِه كُلِّهَا عَلَى نَعْمَائِه كُلِّهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ الْحَمْدُ إِلَى حَيْثُ مَا يُحِبُّ رَبُّنا ويَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً (ص) عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

عبادَ الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله واعلموا أنَّ أحبَّ العبادِ إلى الله عزَّ وجلَّ رجلٌ صدوقٌ في حديثِه، محافظٌ على صلاتِه وما افترض اللهُ عليه، مع أداءِ الأمانة، واعلموا أنَّ الجنَّة لها ثمانيةُ أبواب من أراد الدخولَ من هذه الأبوابِ الثمانية فليتمسَّك بأربعِ خصال: بالصدقِ، والسخاءِ، وحُسنِ الخلق، وكفِّ الأذى عن عبادِ الله.

 

يقولُ الله تعالى في محكم كتابِه المجيد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ / يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾(1).

 

ما رُوي في سبب نزول الآيتين:

قلنا إنَّ سورة الحجرات نزلتْ في عام الوفود في السنةِ التاسعة من الهجرة، وذكر جمعٌ من المحدِّثين والمفسِّرين أنَّ منشأ نزولِ الآيتين الأوليين من السورة هو أنَّه حين قدم وفدٌ من بني تميم على النبيِّ الكريم (ص) ودخلوا مسجدَه الشريف وعرضَ عليهم الرسولُ (ص) الإسلام وعرَّفهم أصولَ الإيمان وأقامَ لهم بعضَ الدلائل والحُجج وأسلموا طائعين، وكان من سيرة النبيِّ (ص) مع وفود القبائل هو أنَّه يؤمِّر على كلِّ وفدٍ أحدَهم ليكونَ المبلِّغَ للإسلام في قومِه عند رجوعه إليهم، فقبْلَ أنَّ يعيِّن الرسولُ (ص) لوفد بني تميم أميراً عليهم بادر أبو بكرٍ فقال للنبيِّ (ص) أمِّر عليهم القعقاع بن معبد، فقال عمَّر: بل أمِّر عليهم الأقرع بن حابس، فقال أبو بكرٍ لعمر: -كما في صحيح البخاري(2)- ما أردتَ إلَّا خلافي فقال عمر: ما أردتُ خلافَك، ولكنِّي أرى أنَّ الأصلح هو الأقرع، قال: بل الأصلح هو القعقاع، فتماريا حتى ارتفعتْ أصواتُهما في محضرِ الرسول الكريم (ص) وأخذ كلٌّ منهما يُجادلُ الآخر في رأيه ورسولُ الله (ص) ساكت. فنزلت الآيتان على إثر هذا النزاع وهذه المشادَّةِ الكلاميَّة التي وقعتْ في محضره الشريف (ص)

 

وقد وقع منهما أمران قد نهى عنهما القرآن في الآيتين:

الأمر الأول: أنَّهما اقترحا أمراً تقدَّما فيه على رسولِ الله (ص) بالرأي، رُغم أنَّ النبيَّ (ص) لم يطلبْ رأيهما، وكلٌّ منهما قدَّم بين يدي رسول الله (ص) رأيه مُعتقداً أنَّه الأصوبُ والأجدرُ بأنْ يُؤخذَ به.

الأمر الثاني: أنَّهما رفعا صوتيهما في محضر الرسول الكريم (ص).

 

من مظاهر التقديم بين يدي الله ورسوله (ص):

وعلى إثر ذلك نزل قولُه تعالى: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وقولُه تعالى ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾. هذا هو منشأ نزول الآيتين كما في صحيح البخاري وغيره.

 

ومن منشأ النزول يتَّضحُ المراد من التقديم بين يدي الله والرسول (ص) فالمرادُ من التقديم هو المبادرةُ بإبداء الرأي بين يدي الرسول (ص) قبل أنْ يطلب الرسولُ (ص) ذلك. فأنْ يبادرَ المسلم في محضر الرسول (ص) فيُبدي رأياً في قضيَّةٍ قبل أنْ يأذنَ له الرسول (ص) فذلك من التقديم بين يدي الله والرسول (ص)، وأنْ يقترحَ أمراً في محضر الرسول (ص) دون أن يطلبَ الرسولُ (ص) منه إعطاء الرأي فذلك من التقديم بين يدي الله والرسول (ص) إلا أنَّ التقديم المنهيَّ عنه في الآية المباركة لا ينحصر بذلك، فالتقديمُ بالنحو المذكور ليس سوى مظهرٍ من مظاهر التقديم ولكنَّها لا تنحصر به؛ فالتبنِّي مثلاً لرأيٍ في مقابل حكم الله، هو من التقديم أيضاً بين يدي الله والرسول (ص)، وكذلك فإنَّ كلَّ موقفٍ يتَّخذه المُكلَّفُ ويعتمدُه دون أنْ يتحرَّى حكم الله -عزَّ وجلّ- في هذه الواقعة، فذلك من التقديم بين يدي الله والرسول (ص).

 

فثمة إذن مظاهرُ عديدة يصدقُ عليها أنَّها من التقديم بين يدي الله والرسول (ص)، نشيرُ إلى ثلاثٍ منها:

 

التبنيِّ لما يناقض الدين أو التجاوز لحدوده:

المظهر الأول: أنْ يتبنَّى المسلمُ رأياً أو يتَّخذَ موقفاً أو يعتمد مسلكاً في شأنٍ من الشؤون ويكون ذلك الرأيُ أو ذلك المسلكُ المعتمد مناقِضاً لما عليه الشريعة فذلك من التقديم بين يدي الله والرسول (ص) بل هو من أجلى صوره، وهذا النحو من التقديم شائعُ في بعض الأوساط الثقافيَّة، فلا يجدُ أحدُهم حريجةً في أنْ يتنظّر في أحكام الله تعالى فيُصوِّب ما يراه صواباً ويُخطِّأُ ما لا يوافق رأيه وما لا يستحسنُه ويستسيغُه ذوقُه، فيُخضِع مثلاً أحكام الأسرة وأحكام الأحوال الشخصيَّة إلى ذوقِه، فما كان منها منافياً لذوقِه واستحسانه حكَم بخطئه، فجعْلُ القوامة -مثلاً- للرجل في إطار الأسرة منافٍ للعدالة بنظره، وجعلُ الولاية على البكر في الزواج إجحافٌ بحقِّ البنت بنظره، وجعلُ الطلاق حقَّاً للزوج دون الزوجة ظلمٌ للزوجة بنظره، وتفوُّقُ الولد على البنت فيما يرثانه من أبيهما ظلمٌ للبنت بنظره، وهكذا قد يترقَّى بعضُهم فيتبنَّى ما يتبنَّاه العلمانيون من أنَّ الإسلام لا شأنَ له مطلقاً بأحكام الأسرة وأحكام الأحوال الشخصية، وكذلك لا شأن للإسلام بالقضايا الجنائية والماليَّة وسوق العمل، فكلُّ هذه الشؤون وشبهِها لا شأنَ للإسلام بها وأنَّ الذي له أنْ يبتَّ في مثل هذه القضايا هو القانون المدني الذي يعتمدُ المواثيقَ الدولية ومجالسَ التشريع.

 

إنَّ التبنِّي لمثل هذه الرؤى هو من أجلى صور التقديم بين يدي الله ورسوله (ص) والذي يعني فيما يعني التجاوز لحدود الله والتنكُّر لما شرَّعه لعباده، فمثل هؤلاء هم المعنيُّون بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ / عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(3) فهم قد قسَّموا القرآن بأهوائهم فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه، فرغم أنَّ القرآن هو من تصدَّى لبيان أحكام الأسرة والكثير من أحكام الأحوال الشخصيَّة كالمواريث والوصايا، وتصدَّى لبيان الكثير من أحكام الجنايات كالقصاص والديات والحدود والتعزيرات، وتصدَّى للكثير من القضايا المتَّصلة بسوقِ العمل والأموال وضوابط المعاوضات والعقود كالبيوع والقروض والولايات وأحكام الربا والاحتكار، وتصدَّى لتنظيم العلائق في إطار الأسرة والأرحام، وفي إطار المجتمع المسلم، والعلاقة بين المسلمين وسائر المِلل والأديان، ووضَعَ ضوابطَ الحرب والسلم، فرغم أنَّ القرآن هو مَن تصدَّى لذلك وصرَّح بأنَّ على المسلمين الأخذَ بكلِّ ما جاء عن الرسول (ص) وأنَّ ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، فرغم ذلك يتجاوزُ هؤلاء -الذين يرونَ أنفسَهم مؤمنين- صريحَ القرآن وما ثبت في السنَّة الشريفة ويدَّعون أنَّ الإسلام لا شأنَ له بتنظيم الحياة الشخصيَّة والاجتماعية وأنَّ دوره يتمحَّضُ في جعل العبادات ورسمِ العلاقة الروحيَّة بين الإنسان وربِّه وبيان أصولِ العقيدة والقيم وقضايا الأخلاق والآداب.

 

إنَّ التبني لهذه الرؤية التي تُجزِّء الإسلام والشريعة الإسلامية إلى ما هو مقبولٌ وما هو غير مقبول هو من أجلى صور التقديم الذي نهى عنه القرآن المجيد بقوله: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ فأصحابُ هذا المبنى يرون أنفسهم أنَّهم أعرفُ بما يُصلحهم من الله ورسوله(ص) لذلك يقدِّمون رؤيتَهم ومتبنياتِهم على ما شرَّعه الله تعالى وسولُه (ص) فيُناقضون بذلك مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾(4) فالمؤمنُ بالإسلام حقَّاً هو من لا يتخطَّى ما وضعَه الله وشرَّعه لعباده ولا يرى لنفسه الخِيَرة في مقابل حكم الله ورسوله (ص) كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾(5) وقال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾(6) فأنْ تدَّعي الإيمانَ بالإسلام فذلك يقتضي التسليم بما جاء عن الله ورسوله (ص) حتى في القضايا التي لا تُدرك وجهَ الحكمةِ من تشريعها، فإنَّ الإيمانَ بالله تعالى يعني الإيمان بحكمته المطلقة وأنَّه الأعلم بما يُصلح شأنَ عباده وأنَّه لا يُشرِّع لهم إلا ما فيه صلاحهم، والتقديمُ بين يدي الله ورسوله (ص) والتبنِّي لرؤية في مقابل حكم الله وتشريعه يُساوق التشكيكَ بحكمة الله المطلقة والتشكيكَ بأنَّه الأعلم بما يُصلِح شأن العباد.

 

اقتحام المجاهل قبل التثبُّت والرجوع إلى الدين:

والمظهر الثاني: من مظاهر التقديم بين يدي الله ورسوله (ص) هو المبادرة لاختيار رأيٍ أو التبنِّي لموقفٍ أو السلوك لطريق قبل التثبُّت من أنَّ هذا الرأي أو هذا الطريق مرضيٌّ لله ورسوله (ص) أو أنَّه مناقضٌ لأمر الله ورسوله (ص) فحينما يتَّخذُ المسلمُ قراراً في شأنٍ من الشؤون أو يقومُ بعملٍ دون أن يتحرَّى موافقته للشريعة أو مناقضته لها فذلك من التقديم بين يدي الله ورسوله (ص) فهو قد تقدَّم بما اتَّخذه من قرار وبما سلَكه من طريق قبل الرجوع لله ورسوله (ص) لذلك فهو من التقديم المنهيِّ عنه في الآية، فمثلاً حين يُبرم المسلمُ صفقةً أو يُجري معاملة وهو لا يعلم أنَّها مشروعةٌ أو هي محظورة ورغم ذلك لا يرجع لله ورسوله (ص) للوقوف على حكم هذه المعاملة فذلك من التقديم المنهيِّ عنه في الآية، وكذلك فإنَّ من التقديم المنهيِّ عنه في الآية التبنِّيَ لرأيٍ اجتماعيٍّ أو سياسيٍّ وترتيبَ الأثر عليه دون أن يتثبَّت أنَّ ما تبنَّاه من رأيٍ وما سلكه من طريقٍ هل هو مرضيٌّ لله ورسوله (ص) أو هو منافٍ لِما حكم به الله ورسوله (ص) فاقتحامُ المجاهلِ دون الرجوع إلى الدين ودون الأخذِ بالطريق الذي وضَعه للوقوف على ما يحكمُ به الدينُ الحنيف هو من التقديم بين يدي الله ورسوله (ص) والتجاوز لحدود الله يقول جلَّ وعلا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾(7).

 

الاجتهاد في مقابل النصِّ:

والمظهر الثالث: من مظاهر التقديم المنهيِّ عنه في الآية هو ما يُعبَّر عنه بالاجتهاد في مقابلِ النصِّ ومعناه التجاوز لما نصَّ عليه الدينُ في قضية من القضايا بذريعة منافاة المنصوص لمقتضيات المصلحة العامة وكأنَّهم أعلم بمصالح العباد من الله تعالى وسولِه (ص) هذا المسلكُ أسَّس له بعضُ السلف في صدر الدعوة فاعتمدَه خلَفُهم فترتبتْ عليه الكثيرُ من الآفات الوخيمة والتي لا زلنا نكتوي بتبعاتِها، فالرسولُ (ص) نصَّ بأمر الله تعالى على عليٍّ (ع) خلفيةً وإماماً لهذه الأمة من بعده لكنَّ المصلحة -بنظر المتنفِّذين من قريش- تقتضي المناقضة لهذا النصِّ الصريح والجليِّ، لذلك صار من المتعيَّن عندهم التجاوز للنصِّ حرصاً على المصلحةِ العامةِ بزعمهم.

 

ومن النماذج الكثيرة للاجتهاد في مقابل النصِّ هو الأمرُ بحذفِ فقرة (حيَّ على خير العمل) من الأذان، وذلك لأنَّ المراد من خيرِ العمل هي الصلاة، فإذا تبنَّى المسلمونَ أنَّ الصلاة هي خيرُ العمل تركوا الجهاد والفتوحات لذلك يتعيَّنُ بنظرهم حذفُ هذه الفقرة من فصول الأذان.

 

ومن نماذج الاجتهاد في مقابل النصِّ أنَّ القرآن قد نصَّ على أنَّ المؤلفة قلوبُهم من مصارف الزكاة، فقيل إنَّ الإسلام إنَّما جعلهم مصرفاً من مصارف الزكاة في ظرف الضعف والحاجة إلى الأتباع أمَّا وقد قويتْ شوكةُ الإسلام فلا موجب لعدِّ المؤلفة قلوبُهم من مصارف الزكاة لذلك يتعينُ بنظرهم إلغاءُ هذا الحكم الشرعي. وهكذا تمَّ الإلغاءُ والتبديلُ للكثير من الأحكام المنصوصة تحت ذريعةِ المصالحِ المرسلة وسدِّ الذرائع وفتحِها رغم أنَّ ذلك من أجلى مصاديقِ التقديم بين يدي الله ورسوله (ص).

 

نستكملُ الحديث فيما بعد إن شاء الله تعالى.

 

اللهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّد واغفرْ لعبادِك المؤمنين.

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ / مَلِكِ النَّاسِ / إِلَهِ النَّاسِ / مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ / الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ / مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾(8).

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور

9 من شهر جمادى الأولى 1445هـ - الموافق 24 نوفمبر 2023م

جامع الإمام الصّادق (عليه السلام) - الدّراز

-------------------

1- سورة الحجرات / 1-2.

2- صحيح البخاري -البخاري- ج6 / ص47، السنن الكبرى -النسائي-ج3 / ص465، ج6/ 466، مسند أبي يعلى -أبو يعلى الموصلي- ج12 / ص193، تفسير السمعاني -السمعاني- ج5 / ص213، الدر المنثور -السيوطي-ج6 / ص84، زاد المسير -ابن الجوزي- ج7 / ص177، أسباب النزول -الواحدي النيسابوري- ص257، معالم التنزيل (تفسير البغوي) -البغوي- ج4 / ص209، الاستيعاب -ابن عبد البر- ج3 / ص1284.

3- سورة الحجر / 91-93.

4- سورة الأنفال / 24.

5- سورة الأحزاب / 36.

6- سورة النساء / 65.

7- سورة النور / 62.

8- سورة الناس.