ترتيب السُّور من حيث تاريخ النزول
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما هو تسلسل نزول السُّور؟ يعني السورة الأولى والثانية وهكذا؟
الجواب:
روى الشيخ الطبرسي في تفسير مجمع البيان بسندٍ ذكره عن عثمان بن عطاء ، عن أبيه عن ابن عباس قال : أول ما أنزل بمكة 1- ( إقرأ باسم ربك ) 2- ثم ( ن والقلم )3- ثم ( المزمل ) 4- ثم ( المدثر ) 5- ثم ( تبت ) 6- ثم ( إذا الشمس كورت ) 7- ثم ( سبح اسم ربك الأعلى ) 8 - ثم ( والليل إذا يغشى ) 9- ثم ( والفجر ) 10- ثم ( والضحى )11- ثم ( ألم نشرح ) 12- ثم ( والعصر ) 13- ثم ( والعاديات ) 14- ثم ( إنا أعطيناك الكوثر ) 15- ثم ( ألهاكم التكاثر ) 16- ثم ( أرأيت ) 17- ثم ( الكافرون ) 18- ثم ( ألم تر كيف ) 19- ثم ( قل أعوذ برب الفلق ) 20- ثم ( قل أعوذ برب الناس ) 21- ثم ( قل هو الله أحد ) 22- ثم ( والنجم ) 23- ثم ( عبس ) 24- ثم ( إنا أنزلناه ) 25- ثم ( والشمس ) 26- ثم ( البروج ) 27- ثم ( والتين ) 28- ثم ( لإيلاف ) 29- ثم ( القارعة ) 30- ثم ( القيامة ) 31- ثم ( الهمزة ) 32- ثم ( والمرسلات ) 33- ثم ( ق ) 34- ثم ( لا أقسم بهذا البلد ) 35- ثم ( الطارق ) 36- ثم ( اقتربت الساعة ) 37- ثم ( ص ) 38- ثم ( الأعراف ) 39- ثم ( قل أوحي ) 40- ثم ( يس ) 41- ثم ( الفرقان ) 42- ثم ( الملائكة ) 43- ثم ( كهيعص ) 44- ثم ( طه ) 45- ثم ( الواقعة ) 46- ثم ( الشعراء ) 47- ثم ( النمل ) 48- ثم ( القصص ) 49- ثم ( بني إسرائيل -الإسراء- ) 50- ثم ( يونس ) 51- ثم ( هود ) 52- ثم ( يوسف ) 53- ثم ( الحجر ) 54- ثم ( الأنعام ) 55- ثم ( الصافات ) 56- ثم ( لقمان ) 57- ثم ( القمر ) 58- ثم ( سبأ ) 59- ثم ( الزمر ) 60- ثم ( حم المؤمن ) 61- ثم ( حم السجدة ) 62- ثم ( حمعسق ) 63- ثم ( الزخرف ) 64- ثم ( الدخان ) 65- ثم ( الجاثية ) 66- ثم ( الأحقاف ) 67- ثم ( الذاريات ) 68- ثم ( الغاشية ) 69- ثم ( الكهف ) 70- ثم ( النحل ) 71- ثم ( نوح ) 72- ثم ( إبراهيم ) 73- ثم ( الأنبياء ) 74- ثم ( المؤمنون ) 75- ثم ( ألم تنزيل ) 76- ثم ( الطور ) 77- ثم ( الملك ) 78- ثم ( الحاقة ) 79- ثم ( ذو المعارج ) 80- ثم ( عم يتساءلون ) 81- ثم ( النازعات ) 82- ثم ( انفطرت ) 83- ثم ( انشقت ) 84- ثم ( الروم ) 85- ثم ( العنكبوت ) 86- ثم ( المطففين ) فهذه أنزلت بمكة وهي خمس وثمانون سورة .
ثم أُنزلت بالمدينة 1- ( البقرة )2- ثم ( الأنفال ) 3- ثم ( آل عمران ) 4- ثم ( الأحزاب ) 5- ثم ( الممتحنة ) 6- ثم ( النساء ) 7- ثم ( إذا زلزلت ) 8- ثم ( الحديد ) 9- ثم سورة ( محمد ) 10- ثم ( الرعد ) 11- ثم سورة ( الرحمن ) 12- ثم ( هل أتى ) 13- ثم ( الطلاق ) 14- ثم ( لم يكن ) 15- ثم ( الحشر ) 16- ثم ( إذا جاء نصر الله ) 17- ثم ( النور ) 18- ثم ( الحج ) 19- ثم ( المنافقون ) 20- ثم ( المجادلة ) 21- ثم ( الحجرات ) 22- ثم ( التحريم ) 23- ثم ( الجمعة ) 24- ثم ( التغابن ) 25- ثم سورة ( الصف ) 26- ثم سورة ( الفتح ) 27- ثم سورة ( المائدة ) 28- ثم سورة ( التوبة ) فهذه ثمان وعشرون سورة" (1) .
ورواه أحمد الزاهد بإسناده عن عثمان بن عطاء، عن أبيه ، عن ابن عباس في كتاب الإيضاح وزاد فيه : وكانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة ، كتبت بمكة ، ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة (2).
التعليق على الرواية:
أقول: ذكرت الرواية سورة القمر مرَّتين المرة الأولى بعنوان:( اقتربت الساعة ) والمرَّة الثانية بعنوان: ( القمر ) وهو اشتباه إما من الراوي أو الناسخ والذي يؤكد الاشتباه أنَّ الرواية ذكرت في ذيل ما نزل بمكة قوله: "فهذه أنزلت بمكة وهي خمس وثمانون سورة" ولو تم حساب عناوين السور التي أفادت الرواية أنَّها نزلت بمكة لكانت ستٌّ وثمانون عنوان وما ذلك إلا لأنَّ سورة القمر ذكرت مرَّتين مرة بعنوان اقتربت الساعة ومرَّة بعنوان القمر.
ثم إنَّ مقتضى ذكر عنوانين لسورة القمر في موضعين مختلفين هو أن الرواية متعارضة في نفسها من جهة ما هو موضع سورة القمر في ترتيب النزول زماناً، فهل نزلت بعد سورة الطارق وقبل سورة (ص) كما هو مقتضى ما ذكرته الرواية في الموضع الأول تحت عنوان:( اقتربت الساعة ) أو أنَّ سورة القمر نزلت بعد سورة لقمان وقبل سورة سبأ كما هو مقتضى ما ذكرته الرواية في الموضع الثاني ؟ فالرواية متعارضة في نفسها من جهة تحديد موضع نزول سورة القمر . فهل هي السادسة والثلاثون في ترتيب النزول أو هي السابعة والخمسون في ترتيب النزول؟
والملاحظة الثانية : أنَّ الرواية لم تذكر سورة الحمد لا في السُّوَر التي نزلت في مكة، ولا في السور التي نزلت في المدينة، ولعلَّ ذلك نشأ عن سقطٍ وقع سهواً من الرواية إلا أنَّ الذي يمنع من احتمال السقط هو أنَّ الرواية ذكرت أنَّ عدد السور التي نزلت بمكة خمس وثمانون وعدد السور التي نزلت بالمدينة ثمانية وعشرون ومجموع ذلك مائة وثلاثة عشر سورة( 113) والحال أنَّ عدد سور القرآن ومائة وأربعة عشر سورة (114) ولهذا فالاحتمال الأرجح من عدم ذكر سورة الحمد هو ما روي من أنَّها نزلت مرَّتين الأولى في مكة والثانية في المدينة (3) . ولعلَّ منشأ عدم ذكرها هو السهو والخطأ في حساب السور .
والملاحظة الثالثة: أنَّ الرواية بقطع النظر عن طريقها لم يسندها ابن عباس للنبيِّ (ص) وهو لم يعاصر نزول القرآن كاملاً، فعمره عند وفاة النبيِّ (ص) لم يتجاوز الرابعة عشرة سنة، ولهذا فهو قد تلقَّى الرواية عن أحدٍ لا نعلمه، فالرواية لذلك بحكم المرسلة فتكون ساقطة عن الاعتبار فلا تصلح للاحتجاج وإنَّما تصلح للتأييد.
وروى السيوطي في كتاب الاتقان من طريق آخر عن ابن الضريس في فضائل القرآن قال حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي أنبأنا عمرو بن هارون حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن ابن عباس قال كانت إذا أنزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ثم يزيد الله فيها ما شاء وكان أول ما أنزل من القرآن وكان أول ما أنزل ، من القرآن اقرأ باسم ربك ، ثم ن ، ثم يا أيها المزمل ، ثم يا أيها المدثر ، ثم تبَّت يدا أبي لهب ، ثم إذا الشمس كورت ، ثم سبح اسم ربك الاعلى ، ثم والليل إذا يغشى ، ثم والفجر ، ثم والضحى ، ثم ألم نشرح ، ثم والعصر ، ثم والعاديات ثم إنا أعطيناك ، ثم ألهاكم التكاثر ، ثم أرأيت الذي يكذب ، ثم قل يا أيها الكافرون ، ثم ألم تر كيف فعل ربك ، ثم قل أعوذ برب الفلق ، ثم قل أعوذ برب الناس ، ثم قل هو الله أحد ، ثم والنجم ، ثم عبس ، ثم إنا أنزلناه في ليلة القدر ، ثم والشمس وضحاها ، ثم والسماء ذات البروج ، ثم التين ، ثم لايلاف قريش ، ثم القارعة ، ثم لا أقسم بيوم القيامة ، ثم ويل لكل همزة ، ثم والمرسلات ، ثم ق ، ثم لا أقسم بهذا البلد ، ثم والسماء والطارق ، ثم اقتربت الساعة ، ثم ص ، ثم الأعراف ، ثم قل أوحي ثم يس ، ثم الفرقان ، ثم الملائكة ، ثم كهيعص ، ثم طه ، ثم الواقعة ، ثم طسم الشعراء ، ثم طس ، ثم القصص ، ثم بني إسرائيل ، ثم يونس ، ثم هود ، ثم يوسف ، ثم الحجر ، ثم الانعام ، ثم الصافات ، ثم لقمان ، ثم سبأ ، ثم الزمر ، ثم حم المؤمن ، ثم حم السجدة ، ثم حمعسق ، ثم حم الزخرف ، ثم الدخان ، ثم الجاثية ، ثم الأحقاف ثم الذاريات ، ثم الغاشية ، ثم الكهف ، ثم النحل ، ثم إنا أرسلنا نوحا ، ثم سورة إبراهيم ، ثم الأنبياء ، ثم المؤمنين ، ثم تنزيل السجدة ، ثم الطور ، ثم تبارك الملك ، ثم الحاقة ، ثم سأل - المعارج- ، ثم عمَّ يتساءلون ، ثم النازعات ، ثم إذا السماء انفطرت ، ثم إذا السماء انشقت ، ثم الروم ، ثم العنكبوت ، ثم ويل للمطففين فهذا ما أنزل الله بمكة .
ثم أنزل الله بالمدينة سورة البقرة ثم الأنفال ، ثم آل عمران ، ثم الأحزاب ، ثم الممتحنة ، ثم النساء ، ثم إذا زلزلت ، ثم الحديد ، ثم القتال ، ثم الرعد ، ثم الرحمن ، ثم الانسان ، ثم الطلاق ، ثم لم يكن ، ثم الحشر ، ثم إذا جاء نصر الله ، ثم النور ، ثم الحج ، ثم المنافقون ، ثم المجادلة ، ثم الحجرات ثم التحريم ، ثم الجمعة ثم التغابن ، ثم الصف ، ثم الفتح ، ثم المائدة ، ثم براءة" (4).
التعليق على الرواية:
أقول: هذه الرواية من هذا الطريق لم يتكرَّر فيها ذكر سورة القمر كما في الرواية السابقة نعم تشترك هذه الرواية مع السابقة في خلوِّها من ذكر سورة الحمد، فلم تُذكر فيها – أيضاً- سورة الحمد لا في السور المكيَّة ولا في السور المدنيَّة فمجموع السور المذكورة فيها مائة وثلاثة عشر سورة، فإما أن تكون قد سقطت سهواً ووقع خطأ في الحساب أو أن منشأ عدم ذكرها هو أنَّ سورة الحمد نزلت مرَّتين، ثم إن الإشكال على سند الرواية من هذا الطريق هو ذاته الإشكال الذي ذكرناه على الطريق الأول .
هذا وقد اختلفت الأخبار والروايات في ترتيب بعض السور نزولاً وكذلك اختلفت في عددٍ من السور من حيث أنَّها مكيَّة أو مدنية، يقول أبو الحسن بن الحصار في كتابه الناسخ والمنسوخ أن المدني باتفاق عشرون سورة، والمختلف فيه اثنا عشرة سورة، وما عدا ذلك مكي باتفاق انتهى(5).
والذي اتفقوا عليه من المدنيات البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والانفال والتوبة والنور والأحزاب وسورة محمد والفتح والحجرات والحديد والمجادلة والحشر والممتحنة والمنافقون والجمعة والطلاق والتحريم والنصر. وما اختلفوا في مكيِّته ومدنيِّته سورة الرعد والرحمن والجن والصف والتغابن والمطففين والقدر والبينة والزلزال والتوحيد والمعوذتان"(6)
وعليه يكون عددٌ من موارد الاختلاف منافياً لرواية ابن عباس فمثلاً سورة المطففين ورد في رواية ابن عباس أنَّها نزلت بمكة وهو منافٍ لما ورد في رواياتٍ أخرى أنَّها نزلت في المدينة(7) وكذلك هو الشأن في سورة الرعد والرحمن والجن والصف والتغابن والقدر والبينة والزلزال والتوحيد والمعوذتان. فهذه السور اختلفت الروايات والأخبار في مكيتها ومدنيتها ومقتضى ذلك هو الاختلاف في ترتيب نزولها .
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
24 من 1ي الحجة 1446ه
21 يونيو 2025م.
--------------------
1- تفسير مجمع البيان- الطبرسي- ج10/ 210، 211.
2-تفسير مجمع البيان- الطبرسي- ج10/ 211.
3- تفسير مجمع البيان- الطبرسي- ج1/ 47، الاتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي-ص41.
4- الاتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي- ص39.
5- الاتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي- ص 40.
6- الميزان في تفسير القرآن – السيد الطبأطبائي- ج13/ 234.
7- تفسير مجمع البيان- الطبرسي- ج10/ 291، الاتقان في علوم القرآن- جلال الدين السيوطي- ص45.أسباب النزول- الواحدي النيسابوري-298.