سبب نزول الآية الثانية من سورة الحشر

 

﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ قوله تعالى: ﴿هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب﴾ الآية.

 

قال المفسرون: نزلت هذه الآية في بني النضير، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه، وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وظهر على المشركين قالت بنو النضير: والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لاترد له راية، فلما غزا أحدا وهزم المسلمون نقضوا العهد وأظهروا العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صالحهم عن الجلاء من المدينة.

 

أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود، أنكم هل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم وبين الخلاخل شئ، فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير الغدر، وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج معنا ثلاثون حبرا حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك ليسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك كلنا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود، حتى إذا برزوا في براز من الارض قال بعض اليهود لبعض كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟ فأرسلوا كيف نتفق ونحن ستون رجلا، اخرج في ثلاثة من أصحابك وتخرج ﴿ونخرج﴾ إليك ثلاثة من علمائنا إن آمنوا بك آمنا بك كلنا وصدقناك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الانصار فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد عدا عليهم بالكتائب فحاصرهم فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء على أن لهم ما أقلت الابل إلا الحلقة وهي السلاح، وكانوا يخربون بيوتهن فيأخذون ما وافقهم من خشبها، فأنزل الله تعالى - لله ما في السموات وما في الارض - حتى بلغ - والله على كل شئ قدير -.