سبب نزول سورة المنافقين

﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ أخبرنا عبد الرحمن بن عبد ان قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن أحمد المجبوى، أخبرنا سعيد ابن مسعود، أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن السدى، عن أبى سعيد الازدي، عن زيد بن أرقم قال غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان معنا ناس من الاعراب وكنا نبدر الماء، وكان الاعراب يسبقونا، فيسبق الاعرابي أصحابه فيملا الحوض ويجعل النطع عليه حتى يجئ أصحابه، فأتى رجل من الانصار فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه الاعرابي، فأخذ خشبة فضرب بها رأس الانصاري فشجه، فأتى الانصاري عبد الله بن أبى رأس المنافقين، فأخبره وكان من أصحابه، فغضب عبد الله بن أبى ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، يعني الاعراب، ثم قال لاصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الاعز منها الاذل، قال زيد ابن أرقم وأنا ردف عمى: فسمعت عبد الله، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق وكذبني، فجاء إلي عمي فقال: ما أردت أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك المسلمون، فوقع علي من الغم ما لم يقع على أحد قط، فبينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتانى فعرك أذنى وضحك في وجهى، فما كان يسرني أن لي بها الدنيا، فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين - قالوا نشهد إنك لرسول الله - حتى بلغ - هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا - حتى بلغ - ليخرجن الاعز منها الاذل.

قال أهل التفسير وأصحاب السير: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى المصطلق، فنزل على ماء من مياههم يقال له المريسيع، فوردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير من بنى غفار يقال له جهجاه بن سعيد يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان الجهنى حليف بني العوف من الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهنى يا معشر الانصار، وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين، فلما أن جاء عبد الله بن أبى قال ابنه وراءك، قال: مالك ويلك، قال: لا والله لا تدخلها أبدا إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتعلم اليوم من الاعز من الاذل، فشكا عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع ابنه، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارتحل عنه حتى يدخل، أما إذ جاء أمر النبي عليه الصلاة والسلام فنعم، فدخل، فلما نزلت هذه وبان كذبه قيل له: يا أبا حباب إنه قد نزلت فيك آى شداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك، فلوى رأسه، فذلك قوله - وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم - الآية.