﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ﴾ .. هل يُنافي عصمته؟


المسألة:

إذا لاحظنا هذه الآية: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ / إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ مع قوله تعالى: ﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ وآيات الوسوسة نخلص إلى نتيجة وهي أنَّ آدم (ع) ليس من المخلَصين وأنَّ للشيطان عليه سبيل، فكيف يجتمع هذا مع نبوَّته (ع)؟


الجواب:

يكفي للجواب عن هذا الإشكال ما رواه الشيخ الصدوق في العيون بسنده عن أبي الصلت الهروي قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (ع) أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر المقالات، فلم يقم أحدٌ إلا وقد ألزمه حجَّته كأنَّه أُلقم حجراً قام إليه عليُّ بن محمد بن الجهم فقال له: يابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال: "نعم"، قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: ﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ..﴾(1) فقال الرضا (ع): "ويحك يا علي اتق الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله برأيك فإنَّ الله عز وجل قد قال: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾(2). وأما قوله عز وجل في آدم: ﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ فإنَّ الله عز وجل خلق آدم حجَّةً في ارضه وخليفةً في بلاده، لم يخلقه للجنَّة وكانت المعصية من آدم في الجنَّة لا في الأرض وعصمته يجب أن يكون-في- الأرض ليتمَّ مقادير أمر الله فلما أُهبط إلى الأرض وجُعل حُجَّة وخليفةً عُصم بقوله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾(3)"(4).

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة طه / 121.

2- سورة آل عمرن / 7.

3- سورة آل عمران / 33.

4- عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج 1 / ص 170.