قراءة ﴿بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ﴾
المسألة:
في سورة الفتح آية (10) يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
عادةً تكون كلمة عليهِ منتهية بكسرة حيث أن (على) حرف جر ولا توجد (عليه) في القرآن الكريم غير منتهية بكسرة سوى في هذه السورة حيث أن الهاء مضمومة. فما سبب كونها مضمومة واختلافها عن البقية؟!
الجواب:
قرأ جمهور القراء "عليه" في قوله تعالى: ﴿بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ﴾(1) بالكسر وتفرَّد حفص بقراءة "عليه" في الآية الشريفة بالضم.
والوجه في قراءة حفص هو أنَّ أصل الهاء في "عليه" هو الضمير المنفصل "هو" فالهاء في الأصل مضمومة، لذلك تقرأ مضمومة في مثل قوله تعالى: ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ ..﴾ وقوله تعالى: ﴿فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ..﴾(2) وقوله تعالى: ﴿فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ..﴾(3).
فالهاء في هذه الأمثلة تكون على مقتضى الأصل مضمومة إلا أنَّ هاء الضمير إذا جاء بعد ياءٍ ساكنة أو بعد حرف مجرور فإنها تُكسر للمجاورة ولرعاية تجانس الياء والكسرة وتجانس الحرف المجرور والكسرة، وباعتبار أنَّ الهاء في كلمة "عليه" جاءت مسبوقة بحرف الياء الساكنة لذلك قُرئت الهاء مكسورة عند جمهور القراء وهو المتعارف أيضاً إلا أنَّ حفص قرأها مضمومة رعاية للأصل وهو ضمير الرفع المنفصل "هو" وكذلك قرأ قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾(4) بضم الهاء في "أَنسَانِيهُ" وهو خلاف ما عليه القُرَّاء حيث قرؤوا الهاء مكسورة.
والمتحصَّل أنَّ الكسر منشأه المرعاة للمجاورة والتجانس والضم منشأه المرعاة للأصل وكلاهما صحيح أي أنَّ الكسر والضم للضمير بعد الياء لغتان.
1- سورة الفتح / 10.
2- سورة يوسف / 42.
3- سورة يوسف / 34.
4- سورة الكهف / 63.