معنى قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾


المسألة:

تذكر الآية الخامسة من سورة المائدة جواز أكل أهل الكتاب: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.

 

فما هو السبب في تحريم أكل أهل الكتاب من اللحوم في عصرنا هذا رغم ان اليهود على سبيل المثال لديهم طريقتهم الخاصة في ذبح الحيوانات و ما زالوا يحافظون عليها؟


الجواب:

منشأ الحرمة هو ما ورد في الروايات عن أهل البيت (ع) من تحريم ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى وهي روايات كثيرة وفيها ما هو معتبر سنداً.

 

وأما قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾ فقد فسره أهل البيت (ع) بالحبوب كالحنطة والعدس وما أشبه ذلك، فليس المقصود من الطعام في الآية الشريفة اللحوم.

 

فمن هذه الروايات ما ورد في معتبرة قتيبة عن الإمام الصادق (ع) عن الباقر (ع) في تفسير قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾، فقال (ع): "إنما هي الحبوب وأشباهها".

 

وورد في معتبرة هشام بن سالم عن أبي عبد الله الصادق (ع) في قوله عز وجل: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾، قال (ع): "العدس والحمص وغير ذلك".

 

وفي رواية أبي الجارود عن الباقر (ع) قال: "الحبوب والبقول".

 

وتفسير الطعام بالحنطة والحبوب هو المناسب لما ذكره جملة من اللغويين: فقد ذكر الفيومي في المصباح المنير قال: (إذا أطلق أهل الحجاز الطعام عنوا به البر).

 

وذكر ابن الأثير في النهاية عن الخليل: (وإنَّ الغالب في كلام العرب انه البر خاصة) وأيَّد ذلك بحديث أبي سعيد: كنا نخرج صدقة الفطر صاعاً من طعام -أي صاعاً من بر- أو صاعاً من شعير.

 

وذكر الجوهري في الصحاح ربَّما خُصَّ اسم الطعام بالبر وفي كتاب المغرب: (الطعام اسم لما يُؤكل وقد غلب على البر).

 

وأما انَّ اليهود يذبحون ذبائحهم بطريقتهم فهو وان كان صحيحاً إلا انه لا يسوِّغ تناولها بعد منع أهل البيت (ع) عن ذلك وبعد تفسيرهم الآية الشريفة بالحبوب وأشباهه، فهم أعلم الناس بمعاني كتاب الله تعالى وسنة رسوله (ص).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور