سورة الأحقاف
عدد آيها خمس وثلاثون آية كوفي أربع في الباقين
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) حم.
(2) تنزيل الكتب من الله العزيز الحكيم.
(3) ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى ينتهي إليه الكل وهو يوم القيامة أو كل واحد وهو آخر مدة بقائه المقدر له والذين كفروا عما أنذروا معرضون لا يتفكرون فيه ولا يستعدون لحلوله.
(4) قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أي أخبروا عن حال آلهتكم بعد تأمل فيها هل يعقل أن يكون لها مدخل في أنفسها في خلق شئ من أجزاء العالم فيستحق به العبادة ائتوني بكتاب من قبل هذا من قبل هذا الكتاب يعني القرآن فإنه ناطق بالتوحيد أو أثارة من علم أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به إن كنتم صادقين في دعواكم وهو إلزام بعدم ما يدل على ألوهيتهم بوجه ما نقلا بعد إلزامهم بعدم ما يقتضيها عقلا وفي المجمع قرأ علي (عليه السلام) أو أثرة بسكون الثاء من غير ألف.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال عنى بالكتاب التوراة والإنجيل وأما أثارة من العلم فإنما عنى بذلك علم أوصياء الأنبياء.
(5) ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إنكار أن يكون أحد أضل من المشركين حيث تركوا عبادة السميع المجيب القادر الخبير إلى عبادة من لا يستجيب لهم لو سمع دعائهم فضلا عن أن يعلم سرائرهم ويراعي مصالحهم إلى يوم القيمة ما دامت الدنيا وهم عن دعائهم غافلون لأنهم إما جمادات وإما عباد مسخرون مشتغلون بأحوالهم.
(6) وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء يضرونهم ولا ينفعونهم وكانوا بعبادتهم كفرين كل من الضميرين ذو وجهين.
(7) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لأجله وفي شأنه لما جائهم هذا سحر مبين ظاهر بطلانه.
(8) أم يقولون افتراه إضراب عن ذكر تسميتهم إياه سحرا إلى ذكر ما هو أشنع منه وإنكار له وتعجب قل إن افتريته على الفرض فلا تملكون لي من الله شيئا أي إن عاجلني الله بالعقوبة فلا تقدرون على دفع شئ منها فكيف اجترئ عليه واعرض نفسي للعقاب من غير توقع نفع ولا دفع ضر من قبلكم هو أعلم بما تفيضون فيه تندفعون فيه من القدح في آياته كفى به شهيدا بيني وبينكم يشهد لي بالبلاغ وعليكم بالكذب والانكار وهو وعيد بجزاء إفاضتهم وهو الغفور الرحيم وعد بالمغفرة والرحمة لمن تاب وآمن وإشعار بحلم الله عنهم مع جرأتهم وقد سبق من العيون حديث في شأن نزول هذه الآية في سورة الشورى عند قوله تعالى وهو الذي يقبل التوبة عن عباده.
(9) قل ما كنت بدعا من الرسل بديعا منهم أدعوكم إلى ما لم يدعوا إليه أو أقدر على ما لم يقدروا عليه وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم في الدارين على التفصيل إذ لا علم لي بالغيب وقد سبق في هذه الآية من الاحتجاج حديث في المقدمة السادسة إن أتبع إلا ما يوحى إلى لا أتجاوزه وما أنا إلا نذير عن عقاب الله مبين يبين الانذار عن العواقب بالشواهد المبينة والمعجزات المصدقة.
(10) قل أرأيتم إن كان من عند الله أي القرآن وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل قيل هو عبد الله بن سلام وقيل موسى (عليه السلام) وشهادته ما في التوراة من نعت الرسول (صلى الله عليه وآله) على مثله مما في التوراة من المعاني المصدقة له المطابقة عليه فامن أي بالقرآن لما رآه من جنس الوحي مطابقا للحق واستكبرتم عن الايمان إن الله لا يهدى القوم الظالمين استئناف مشعر بأن كفرهم به لضلالهم المسبب عن ظلمهم ودليل على الجواب المحذوف أي ألستم ظالمين.
(11) وقال الذين كفروا للذين آمنوا لأجلهم ومن قبله لو كان خيرا أي الايمان أو ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) ما سبقونا إليه وهم فقراء وموال ودعاة وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك كذب قديم وهو كقولهم أساطير الأولين.
(12) ومن قبله ومن قبل القرآن كتب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لكتاب موسى لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وقرئ بالتاء وبشرى للمحسنين.
(13) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا قيل أي اجمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم والاستقامة في الأمور التي هي منتهى العمل وثم للدلالة على تأخر رتبة العمل وتوقف اعتباره على التوحيد والقمي قال استقاموا على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد مر له بيان في حم السجدة فلا خوف عليهم من لحوق مكروه ولا هم يحزنون على فوات محبوب.
(14) أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون.
(15) ووصينا الانسان بوالديه حسنا وقرئ احسانا.
وفي المجمع عن علي (عليه السلام) حسنا بفتحتين حملته أمه كرها ووضعته كرها وقرئ بالفتح وحمله وفصاله ومدة حمله وفطامه وقرئ وفصله ثلثون شهرا ذلك كله بيان لما تكابده الام في تربية الولد ومبالغة في التوصية بها حتى إذا بلغ أشده استحكم قوته وعقله وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني ألهمني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضيه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك عما يشغل عنك وإني من المسلمين المخلصين لك.
(16) أولئك الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم وقرئ بالنون فيهما في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون في الدنيا في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال لما حملت فاطمة (عليها السلام) جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال إن فاطمة (عليها السلام) ستلد غلاما تقتله أمتك من بعدك فلما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام) كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه ثم قال لم تر في الدنيا أم تلد غلاما تكرهه ولكنها كرهته لما علمت أنه سيقتل قال وفيه نزلت هذه الآية وفي رواية أخرى ثم هبط جبرئيل فقال يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية فقال إني رضيت ثم بشر فاطمة بذلك فرضيت قال فلولا أنه قال أصلح لي في ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة قال ولم يرضع الحسين (عليه السلام) من فاطمة ولا من أنثى وكان يؤتى به النبي (صلى الله عليه وآله فيضع ابهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاثة فنبت لحم الحسين (عليه السلام) من لحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى بن مريم (عليهما السلام) والحسين (عليه السلام).
وفي العلل عنه (عليه السلام) ما يقرب منها وزاد القمي ونقص.
وفي ارشاد المفيد رووا أن عمر اتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك إن الله تعالى يقول وحمله وفصاله ثلثون شهرا ويقول والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة لسنتين وكان حمله وفصاله ثلاثين شهرا كان الحمل منهما ستة أشهر فخلى عمر سبيل المرأة وثبت الحكم بذلك يعمل به الصحابة والتابعون ومن أخذ عنه إلى يومنا هذا.
وفي الخصال عن الصادق (عليه السلام) قال إذا بلغ العبد ثلاثا وثلاثين سنة فقد بلغ أشده وإذا بلغ أربعين سنة فقد بلغ وانتهى منتهاه فإذا طعن في إحدى وأربعين فهو في النقصان وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن كان في النزع.
(17) والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني وقرئ بنون واحدة مشددة أن أخرج ابعث وقد خلت القرون من قبلي فلم يرجع أحد منهم وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أباطيلهم التي كتبوها القمي قال نزلت في عبد الرحمان بن أبي بكر.
(18) أولئك الذين حق عليهم القول بأنهم أهل النار في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين.
(19) ولكل من الفريقين درجت مراتب مما عملوا من جزاء ما عملوا من الخير والشر أو من أجل ما عملوا والدرجات غالبة في المثوبة وهاهنا جاءت على التغليب وليوفيهم أعملهم جزاءها وقرئ بالنون وهم لا يظلمون بنقص ثواب وزيادة عقاب.
(20) ويوم يعرض الذين كفروا على النار يعذبون بها وقيل تعرض النار عليهم فقلب مبالغة كقولهم عرضت الناقة على الحوض أذهبتم طيباتكم لذائذكم أي يقال لهم أذهبتم وقرئ بالاستفهام في حياتكم الدنيا باستيفائها واستمتعتم بها فما بقي لكم منها شئ القمي قال أكلتم وشربتم ولبستم وركبتم وهي في بني فلان فاليوم تجزون عذاب الهون قال العطش بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون عن طاعة الله.
في المحاسن عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال اتي النبي (صلى الله عليه وآله) بخبيص فأبى أن يأكله فقيل أتحرمه قال لا ولكني أكره أن تتوق إليه نفسي ثم تلا هذه الآية أذهبتم طيبتكم في حياتكم الدنيا.
(21) واذكر أخا عاد يعني هودا إذ أنذر قومه بالأحقاف قيل هي جمع حقف وهي رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء القمي الأحقاف من بلاد عاد من الشقوق إلى الاجفر وهي أربعة منازل وقد خلت النذر الرسل من بين يديه ومن خلفه قبل هود وبعده ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم هائل بسبب شرككم.
(22) قالوا أجئتنا لتأفكنا لتصرفنا عن آلهتنا عن عبادتها فأتنا بما تعدنا من العذاب على الشرك إن كنت من الصادقين في وعدك.
(13) قال إنما العلم عند الله لا علم لي بوقت عذابكم ولا مدخل لي فيه فأستعجل به وإنما علمه عند الله فيأتيكم به في وقته المقدر له وأبلغكم ما أرسلت به وما على الرسول إلا البلاغ ولكني أريكم قوما تجهلون لا تعلمون أن الرسل بعثوا مبلغين ومنذرين لا معذبين مقترحين.
(24) فلما رأوه عارضا سحابا عرض في أفق السماء مستقبل أوديتهم متوجه أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا أي يأتينا بالمطر بل هو أي قال هود بل هو ما استعجلتم به من العذاب ريح هي ريح فيها عذاب أليم.
(25) تدمر تهلك كل شئ من نفوسهم وأموالهم بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مسكنهم أي فجاءتهم الريح فدمرتهم فأصبحوا وقرئ لا ترى على الخطاب يعني بحيث لو حضرت بلادهم لا ترى إلا مساكنهم وقرئ لا يري بالياء المضمومة ورفع المساكن كذلك نجزى القوم المجرمين القمي كان نبيهم هود وكانت بلادهم كثيرة الخير خصبة فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتى أجدبوا وذهب خيرهم من بلادهم وكان هود يقول لهم ما حكى الله في سورة هود استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إلى قوله ولا تتولوا مجرمين فلم يؤمنوا وعتوا فأوحى الله إلى هود أنه يأتيهم العذاب في وقت كذا وكذا بريح فيها عذاب أليم فلما كان ذلك الوقت نظروا إلى سحابة قد أقبلت ففرحوا فقالوا هذا عارض ممطرنا الساعة نمطر فقال لهم هود بل هو ما استعجلتم به إلى قوله بأمر ربها قال فلفظه عام ومعناه خاص لأنها تركت أشياء كثيرة لم تدمرها وإنما دمرت ما لهم كله قال وكل هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف وتحذير لامة محمد (صلى الله عليه وآله) وروي أن هود لما أحس بالريح اعتزل بالمؤمنين في الحظيرة وجاءت الريح فأمالت الأحقاف على الكفرة وكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام ثم كشفت عنهم واحتملتهم وقذفتهم في البحر.
(26) ولقد مكنهم فيما إن مكناهم فيما إن مكناكم فيه ان نافية أو شرطية محذوفة الجواب أي كان بغيكم أكثر وجعلنا لهم سمعا وأبصرا وأفئدة ليعرفوا تلك النعم ويستدلوا بها على مانحها ويواظبوا على شكرها فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصرهم ولا أفئدتهم من شئ من الاغناء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون من العذاب القمي أي قد أعطيناهم فكفروا فنزل بهم العذاب فاحذروا أن لا ينزل بكم ما نزل بهم.
(27) ولقد أهلكنا ما حولكم يا أهل مكة من القرى كحجر ثمود وقرى قوم لوط وصرفنا الآيات بتكريرها لعلهم يرجعون عن كفرهم.
(28) فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة فهلا منعتهم من الهلاك آلهتهم الذين يتقربون بهم إلى الله حيث قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله بل ضلوا عنهم غابوا عن نصرهم وامتنع أن يستمدوا بهم امتناع الاستمداد بالضال وذلك إفكهم وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره صرفهم عن الحق وما كانوا يفترون.
(29) وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن أملناهم إليك والنفر دون العشرة.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنهم كانوا تسعة واحد من جن نصيبين والثمان من بني عمرو بن عامر وذكر أسمائهم يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا قال بعضهم لبعض اسكتوا لنسمعه فلما قضى أتم وفرغ عن قراءته ولوا إلى قومهم منذرين إياهم.
(30) قالوا يقومنا إنا سمعنا كتبا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم.
(31) يقومنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم بعض ذنوبكم قيل هو ما يكون من خالص حق الله فإن المظالم لا تغفر بالايمان ويجركم من عذاب أليم معد للكفار.
(32) ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز في الأرض إذ لا ينجى من مهرب وليس له من دونه أولياء يمنعونه منه أولئك في ضلال مبين حيث أعرضوا عن إجابة من هذا شأنه القمي فهذا كله حكاية الجن وكان سبب نزول هذه الآية أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج من مكة إلى سوق عكاظ ومعه زيد بن حارثة يدعوا الناس إلى الاسلام فلم يجبه أحد ولم يجد أحدا يقبله ثم رجع إلى مكة فلما بلغ موضعا يقال له وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل فمر به نفر من الجن فلما سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض أنصتوا يعني اسكتوا فلما قضى أي فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من القراءة ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إلى قوله في ضلال مبين فجاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأسلموا وآمنوا وعلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) شرائع الاسلام فأنزل الله عز وجل على نبيه (صلى الله عليه وآله) قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن السورة كلها فحكى الله عز وجل قولهم وولى عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم وكانوا يعودون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل وقت فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعلمهم ويفقههم فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان وسئل العالم (عليه السلام) عن مؤمني الجن أيدخلون الجنة فقال لا ولكن لله خطائر بين الجنة والنار يكون فيها مؤمن الجن وفساق الشيعة.
(33) أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى الباء مزيدة لتأكيد النفي وقرئ بقدر بلى إنه على كل شئ قدير.
(34) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق الإشارة إلى العذاب قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون إهانة وتوبيخ لهم.
(35) فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل أولوا الثبات والجد منهم فإنك من جملتهم وأولوا العزم أصحاب الشرائع اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها وصبروا على مشاقها.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليه وآله وعليهم السلام قيل كيف صاروا اولي العزم قال لان نوحا بعث بكتاب وشريعة وكل من جاء بعد نوح (عليه السلام) وشريعته ومنهاجه حتى جاء إبراهيم (عليه السلام) بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به فكل نبي جاء بعد إبراهيم (عليه السلام) أخذ بشريعة إبراهيم (عليه السلام) ومنهاجه وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وبشريعته ومنهاجه وبعزيمة ترك الصحف فكل نبي جاء بعد موسى (عليه السلام) أخذ بالتوراة وبشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح (عليه السلام) بالإنجيل وبعزيمة ترك شريعة موسى (عليه السلام) ومنهاجه فكل نبي جاء بعد المسيح (عليه السلام) أخذ بشريعته ومنهاجه حتى جاء محمد (صلى الله عليه وآله) فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة فهؤلاء أولوا العزم من الرسل.
وعنه (عليه السلام) سادة النبيين خمسة وهم أولوا العزم من الرسل وعليهم دارت الرحى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليه وآله وعليهم وعلى جميع الأنبياء.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) ما يقرب من الروايتين.
وفي الكافي والعلل عن الباقر (عليه السلام) إنما سموا اولي العزم لأنه عهد إليهم في محمد (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته (عليهم السلام) فأجمع عزمهم أن ذلك كذلك والاقرار به والقمي ومعنى اولي العزم أنهم سبقوا الأنبياء إلى الاقرار بالله والاقرار بكل نبي كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب والأذى ولا تستعجل لهم لكفار قريش بالعذاب فإنه نازل بهم في وقته لا محالة كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار استقصروا من هوله مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبونها ساعة بلغ هذا الذي وعظتم به كفاية أو تبليغ من الرسول فهل يهلك إلا القوم الفاسقون * الخارجون عن الاتعاظ والطاعة.
في ثواب الأعمال والجمع عن الصادق (عليه السلام) قال من قرأ كل ليلة أو كل جمعة سورة الأحقاف لم يصبه الله تعالى بروعة في الحياة الدنيا وامنه من فزع يوم القيامة إنشاء الله.