سورة الجاثية

مكية عدد آيها سبع وثلاثون آية كوفي ست في الباقين اختلافها آية حم كوفي

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) حم

(2) تنزيل الكتب من الله العزيز الحكيم.

(3) إن في السماوات والأرض لايات للمؤمنين القمي وهي النجوم والشمس والقمر وفي الأرض ما يخرج منها من أنواع النبات للناس والدواب.

(5) وفى خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون: وقرئ بالنصب.

(5) واختلف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق من مطر سماه رزقا لأنه سببه فأحيا به الأرض بعد موتها يبسها وتصريف الريح باختلاف جهاتها وأحوالها القمي أي يجئ من كل جانب وربما كانت حارة وربما كانت باردة ومنها ما يثير السحاب ومنها ما يبسط في الأرض ومنها ما يلقح الشجر آيات وقرئ وتصريف الريح لقوم يعقلون فيه القراءتان قيل لعل اختلاف الفواصل لاختلاف الآيات في الدقة والظهور.

(6) تلك آيات الله تلك الآيات دلائله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته أي بعد آيات الله وتقديم اسم الله للمبالغة والتعظيم كما في قولك أعجبني زيد وكرمه أو بعد حديث الله وهو القرآن يؤمنون وقرئ بالياء.

(7) ويل لكل أفاك كذاب أثيم كثير الإثم.

(8) يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر يقيم على كفره مستكبرا عن الأيمان بالآيات وثم لاستبعاد الاصرار بعد سماع الآيات كأن لم يسمعها أي كأنه فبشره بعذاب أليم على إصراره.

(9) وإذا علم من آيتنا شيئا وإذا بلغه شئ وعلم أنه منها.

والقمي إذا رأى فوضع العلم مكان الرؤية اتخذها هزوا أي الآيات كلها أو الشئ لأنه بمعنى الآية أولئك لهم عذاب مهين لذلك.

(10) من ورائهم جهنم ولا يغنى عنهم ولا يدفع ما كسبوا من الأموال والأولاد شيئا من عذاب الله ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء من الأصنام والرؤساء ولهم عذاب عظيم لا يتحملونه.

(11) هذا هدى أي القرآن والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم وقرئ أليم بالرفع والرجز أشد العذاب.

(12) الله الذي سخر لكم البحر لتجرى الفلك فيه بأمره بتسخيره وأنتم راكبوها ولتبتغوا من فضله بالتجارة والغوص والصيد وغيرها ولعلكم تشكرون هذه النعم.

(13) وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا بأن خلقها نافعة لكم منه كائنة منه إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون في صنائعه.

(14) قل للذين آمنوا يغفروا أي قل لهم اغفروا يغفروا يعني يعفوا ويصفحوا للذين لا يرجون أيام الله لا يتوقعون وقائعه بأعدائه ليجزى قوما بما كانوا يكسبون وقرئ لنجزي بالنون القمي قال يقول لائمة الحق لا تدعو ا على أئمة الجور حتى يكون الله هو الذي يعاقبهم.

وعن الصادق (عليه السلام) قال قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا أن يعرفوا الذين لا يعلمون فإذا عرفوهم فقد غفروا لهم.

(15) من عمل صلحا فلنفسه ومن أساء فعليها إذ لها ثواب العمل وعليها عقابه ثم إلى ربكم ترجعون فيجازيكم على أعمالكم.

(16) ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب التوراة والحكم الحكمة أو فصل الخصومات والنبوة إذ كثر الأنبياء فيهم ما لم يكثر في غيرهم ورزقناهم من الطيبات مما أحل الله من اللذائذ وفضلناهم على العلمين عالمي زمانهم.

(17) وآتيناهم بينات من الامر أدلة من أمر الدين ويندرج فيها المعجزات وقيل آيات من أمر النبي (صلى الله عليه وآله) منبئة لصدقه فما اختلفوا في ذلك الامر إلا من بعد ما جائهم العلم بحقيقة الحال بغيا بينهم عداوة وحسدا إن ربك يقضى بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون بالمؤاخذة والمجازاة.

(18) ثم جعلناك على فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون آراء الجهال التابعة للشهوات قيل هم رؤساء قريش قالوا له ارجع إلى دين آبائك.

(19) إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا مما أراد بك وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض إذ الجنسية علة الانضمام فلا توالهم باتباع أهوائهم والله ولى المتقين فوال الله بالتقى واتباع الشريعة.

القمي هذا تأديب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والمعنى لامته.

(20) هذا بصائر للناس بينات تبصرهم وجه الفلاح وهدى من الضلال ورحمة من الله لقوم يوقنون يطلبون اليقين.

(21) أم حسب الذين اجترحوا السيئات أم منقطعة ومعنى الهمزة فيه إنكار الحسبان والاجتراح الاكتساب أن نجعلهم أن نصيرهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات مثلهم سواء محياهم ومماتهم وقرئ سواء بالنصب ساء ما يحكمون.

(22) وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون بنقص ثواب وتضعيف عذاب.

(23) أفرأيت من اتخذ إلهه هويه قيل كان أحدهم يستحسن حجرا فيعبده فإذا رأى أحسن منه رفضه إليه.

والقمي قال نزلت في قريش كلما هووا شيئا عبدوه وقال وجرت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام) واتخذوا إماما بأهوائهم وأضله الله على علم وخذله عالما بضلاله وفساد جوهر روحه وختم الله على سمعه وقلبه فلا يبالي بالمواعظ ولا يتفكر في الآيات وجعل على بصره غشاوة فلا ينظر بعين الاستبصار والاعتبار فمن يهديه من بعد الله من بعد إضلاله أفلا تذكرون.

وقالوا ما هي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها نموت ونحيى قيل أي نموت نحن آخرون ممن يأتون بعدنا.

والقمي هذا مقدم ومؤخر لان الدهرية لم يقروا بالبعث والنشور بعد الموت وإنما قالوا نحيى ونموت وما يهلكنا إلا الدهر إلا مرور الزمان وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون إذ لا دليل لهم عليه القمي فهذا ظن شك ونزلت هذه الآية في الدهرية وجرت في الذين فعلوا ما فعلوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمير المؤمنين (عليه السلام) وبأهل بيته (عليهم السلام) وإنما كان إيمانهم إقرارا بلا تصديق خوفا من السيف ورغبة في المال.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في حديث وجوه الكفر قال فأما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول لا رب ولا جنة ولا نار وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهرية وهم الذين يقولون وما يهلكنا إلا الدهر وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشئ مما يقولون قال الله عز وجل إن هم إلا يظنون إن ذلك كما يقولون.

وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر قال وتأويله ان أهل الجاهلية كانوا ينسبون الحوادث المجحفة والبلايا النازلة إلى الدهر فيقولون فعل الدهر كذا وكان يسبون الدهر فقال (عليه السلام) إن فاعل هذه الأمور هو الله تعالى فلا تسبوا فاعلها وقيل معناه فإن الله مصرف الدهر ومدبره قال والوجه الأول أحسن فإن كلامهم مملو من ذلك ينسبون أفعال الله إلى الدهر.

(25) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات واضحات الدلالة على ما يخالف معتقدهم ما كان حجتهم ما كان لهم متشبث يعارضونها به إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين.

(26) قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه فإن من قدر على الابداء قدر على الإعادة ولكن أكثر الناس لا يعلمون لقلة تفكرهم وقصور نظرهم على ما يحسونه.

(27) ولله ملك السماوات والأرض تعميم للقدرة بعد تخصيصها ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون.

(28) وترى كل أمة جاثية قيل أي مجتمعة من الجثوة وهي الجماعة أو باركة مستوفزة على الركب والقمي أي على ركبها هذا كتبنا صحيفة أعمالها وقرء كل بالنصب اليوم تجزون ما كنتم تعملون على تقدير القول.

(29) هذا كتابنا قيل أضاف صحائف أعمالهم إلى نفسه لأنه أمر الكتبة أن يكتبوا فيها أعمالهم.

أقول: ويأتي له وجه آخر عن قريب ينطق عليكم بالحق يشهد عليكم بما عملتم بلا زيادة ولا نقصان إنا كنا نستنسخ نستكتب الملائكة ما كنتم تعملون أعمالكم.

وفي الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال إن الكتاب لم ينطق ولن ينطق ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الناطق بالكتاب قال الله تعالى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق فقيل إنا لا نقرؤها هكذا فقال هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) ولكنه مما حرف من كتاب الله.

أقول: كأنه قرأ (عليه السلام) ينطق بضم الياء وفتح الطاء.

القمي عن (عليه السلام) وعن الصادق أنه سئل عن ن والقلم قال إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ثم قال لنهر في الجنة كن مدادا فجمد النهر وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب قال يا رب ما أكتب قال اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة وأصفى من الياقوت ثم طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم القلم ولا ينطق فلا ينطق أبدا فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها أو لستم عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام واحدكم يقول لصاحبه انسخ ذلك الكتاب وليس إنما ينسخ من كتاب آخر من الأصل وهو قوله إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون.

وفي سعد السعود في حديث الملكين الموكلين بالعبد إنهما إذا أرادا النزول صباحا ومساء ينسخ لهما إسرافيل عمل العبد من اللوح المحفوظ فيعطيهما ذلك فإذا صعدا صباحا ومساء بديوان العبد قابله إسرافيل بالنسخ التي انتسخ لهما حتى يظهر أنه كان كما نسخ منه.

(30) أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته التي من جملتها الجنة ذلك هو الفوز المبين لخلوصه عن الشوائب.

(31) وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم أي فيقال لهم ذلك فاستكبرتم عن الايمان بها وكنتم قوما مجرمين عادتكم الأجرام (32) وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها وقرئ بالنصب قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين.

(33) وبدا لهم ظهر لهم سيئات ما عملوا بأن عرفوا قبحها وعاينوا وخامة عاقبتها وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون وهو الجزاء.

(34) وقيل اليوم ننساكم نترككم في العذاب ترك ما ينسى كما نسيتم لقاء يومكم هذا كما تركتم عدته ولم تبالوا به ومأواكم النار وما لكم من نصرين يخلصونكم منها.

(35) ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا القمي وهم الأئمة (عليهم السلام) أي كذبتموهم واستهزأتم بهم.

وغرتكم الحياة الدنيا فحسبتم أن لا حياة سواها فاليوم لا يخرجون منها من النار وقرء بفتح الياء وضم الراء ولا هم يستعتبون لا يطلب منهم ان يعتبوا ربهم اي يرضوه لفوات أوانه والقمي ولا يجاوبون ولا يقبلهم الله.

(36) فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين إذ الكل نعمة منه.

(37) وله الكبرياء في السماوات والأرض إذ ظهر فيها آثار قدرته في الحديث القدسي الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدة منهما ألقيته في نار جهنم وهو العزيز الذي لا يغلب الحكيم فيما قدر وقضى فاحمدوه وكبروه وأطيعوا له.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرء سورة الجاثية كان ثوابها أن لا يرى النار أبدا ولا يسمع زفير جهنم ولا شهيقها وهو مع محمد (صلى الله عليه وآله).