سورة الحج

مكية عن ابن عباس وعطا إلا آيات قال الحسن هي ست آيات وقال بعضهم غير أربع آيات عدد آيها ثمان وسبعون آية كوفي سبع مكي وست مدني خمس بصري أربع شامي.

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم.

في الاحتجاج عن النبي صلى الله عليه وآله معاشر الناس التقوى التقوى إحذروا الساعة كما قال الله عز وجل إن زلزلة الساعة شئ عظيم.

والقمي قال مخاطبة للناس عامة قيل هي زلزلة تكون قبل طلوع الشمس من مغربها وهي من أشراط الساعة.

(2) يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت قيل هو تصوير لهولها والضمير للزلزلة والمقصود الدلالة على أن هولها بحيث إذا دهشت التي ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه وذهلت عنه وتضع كل ذات حمل حملها جنينها.

القمي قال كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة وترى الناس سكارى كأنهم سكارى وما هم بسكارى على الحقيقة وقرئ سكرى فيهما ولكن عذاب الله شديد.

القمي قال يعني ذاهبة عقولهم من الحزن والفزع متحيرين في المجمع قال عمران بن الحصين وأبو سعيد الخدري نزلت الآيتان من أول السورة ليلا في غزاة بني المصطلق وهم حي من خزاعة والناس يسيرون فنادى رسول الله صلى الله عليه وآله فحثوا المطي حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأها عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السرج عن الدواب ولم يضربوا الخيام والناس بين باك وجالس حزين متفكر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله أتدرون أي يوم ذاك قالوا الله ورسوله أعلم قال ذاك يوم يقول الله تعالى لادم ابعث بعث النار من ولدك فيقول آدم من كم كم فيقول عز وجل من كل ألف تسع مأة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة فكبر ذلك على المسلمين وبكوا فقالوا فمن ينجو يا رسول الله فقال أبشروا فإن معكم خليقتين يأجوج ومأجوج ما كانتا في شئ إلا كثرتاه ما أنتم في الناس إلا كشعرة بيضاء في الثور الأسود أو كرقم (واحد) في ذراع البكر أو كشامة في جنب البعير ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ف كبروا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة فإن أهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي ثم قال ويدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب.

وفي بعض الروايات ان عمر بن الخطاب قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله سبعون ألفا قال نعم ومع كل واحد سبعون ألفا فقام عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ادع الله أن يجعلني منهم فقال اللهم اجعله منهم فقام رجل من الأنصار فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال صلى الله عليه وآله سبقك بها عكاشة قال ابن عباس كان الأنصاري منافقا فلذلك لم يدع له.

(3) ومن الناس من يجادل في الله بغير علم يخاصم ويتبع كل شيطان مريد متجرد للفساد وأصله العري.

والقمي قال المريد الخبيث قيل نزلت في النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين ولا بعث بعد الموت وهي تعمه وأضرابه.

(4) كتب عليه على الشيطان أنه من تولاه تبعه فإنه يضله أي كتب عليه إضلال من يتولاه لأنه جبل عليه ويهديه إلى عذاب السعير بالحمل على ما يؤدي إليه.

(5) يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث إمكانه وكونه مقدورا فإنا خلقناكم أي فانظروا في بدو خلقكم فإنه يريح ريبكم من تراب بخلق آدم منه وبخلق الأغذية المتكون منها المني عنه ثم من نطفة منى من النطف وهو الصب ثم من علقة قطعة من الدم جامدة ثم من مضغة قطعة من اللحم وهو في الأصل قدر ما يمضغ.

في الكافي عن الباقر عليه السلام النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم إذا صارت فيه أربعين يوما ثم تصير إلى علقة قال وهي علقة كعلقة دم المحجمة الجامدة تمكث في الرحم بعد تحويلها من النطفة أربعين يوما ثم تصير مضغة قال وهي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر مشتبكة ثم تصير إلى عظم وشق له السمع والبصر ورتبت جوارحه مخلقة وغير مخلقة.

القمي قال المخلقة إذا صارت تاما وغير مخلقة السقط لنبين لكم قيل في حذف المفعول ايماء إلى أن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وحكمته ما لا يحيط به الذكر.

والقمي عن الباقر عليه السلام لنبين لكم أنكم كنتم كذلك في الأرحام ونقر في الأرحام ما نشاء قال فلا يخرج سقطا.

وفي الكافي عنه عليه السلام إنه سئل عن ذلك فقال المخلقة هم الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم أخذ عليهم الميثاق ثم أجراهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء وهم الذين يخرجون إلى الدنيا حتى يسئلوا عن الميثاق وأما قوله وغير مخلقة فهم كل نسمة لم يخلقهم الله عز وجل في صلب آدم حين خلق الذر وأخذ عليهم الميثاق وهم النطف من العزل والسقط قبل أن ينفخ فيه الروح والحياة والبقاء.

وعنه عليه السلام قال إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما فإذا أكمل أربعة أشهر بعث الله ملكين خلاقين فيقولان يا رب ما نخلقه ذكرا أو أنثى فيؤمران فيقولان يا رب شقيا أو سعيدا فيؤمران فيقولان يا رب ما أجله وما رزقه وكل شئ من حاله وعدد من ذلك أشياء ويكتبان الميثاق بين عينيه فإذا أكمل الله الأجل بعث الله ملكا فزجره زجرة فيخرج وقد نسي الميثاق إلى أجل مسمى وهو وقت الوضع وأدناه ستة أشهر وأقصاه تسعة.

ففي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لا تلد المرأة لأقل من ستة أشهر.

وعن الباقر عليه السلام إنه سئل عن غاية الحمل بالولد في بطن أمه كم هو فإن الناس يقولون ربما بقي في بطنها سنين فقال كذبوا أقصى حد الحمل تسعة أشهر لا يزيد لحظة لو زاد ساعة لقتل أمه قبل أن يخرج.

وعن الصادق والكاظم عليهما السلام إذا جاءت به لأكثر من سنة لم تصدق ولو ساعة واحدة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم كمالكم في القوة والعقل.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال انقطاع يتم اليتيم الاحتلام وهو أشده ومنكم من يتوفى عند بلوغ الأشد أو قبله ومنكم من يرد إلى أرذل العمر الهرم والخرف.

القمي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال إذا بلغ العبد مأة سنة فذلك أرذل العمر.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام خمسا وسبعين كما سبق في سورة النحل لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ليعود كهيئته في أوان الطفولية من سخافة العقل وقلة الفهم فينسى ما عمله وينكر ما عرفه وترى الأرض هامدة ميتة يابسة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت تحركت بالنبات وربت وانتفخت وأنبتت من كل زوج صنف بهيج حسن رائق.

(6) ذلك ما ذكر من خلق الإنسان في أطوار مختلفة وتحويله على أحوال متضادة وإحياء الأرض بعد موتها بأن الله هو الحق بأنه الثابت في ذاته الذي به يتحقق الأشياء وأنه يحيي الموتى وأنه يقدر على إحيائها وإلا لما أحيا النطفة والأرض الميتة وأنه على كل شئ قدير لأن قدرته لذاته الذي نسبته إلى الكل على السواء.

(7) وأن الساعة آتية لا ريب فيها فإن التغيير دليل على الانصرام والتجدد وأن الله يبعث من في القبور بمقتضى وعده.

في قرب الأسناد عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجبرئيل يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة قال نعم فخرج إلى مقبرة بني ساعدة فأتى قبرا فقال له اخرج بإذن الله فخرج رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول وا لهفاه واللهف الثبور ثم قال ادخل فدخل ثم قصد به إلى قبر آخر فقال له اخرج بإذن الله فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ثم قال هكذا يبعثون يوم القيامة.

والقمي ما يقرب منه ويأتي في سورة الزمر.

وفي المجالس والقمي عن الصادق عليه السلام قال إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم.

(8) ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

(9) ثاني عطفه متكبرا فإن ثنى العطف كناية عن التكبر كلي الجيد ليضل عن سبيل الله وقرئ بفتح الياء له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيمة عذاب الحريق.

القمي قال نزلت هذه الآية في أبي جهل ثاني عطفه قال تولى عن الحق عن سبيل الله قال عن طريق الله عز وجل والأيمان.

في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام من خاصم الخلق في غير ما يؤمر به فقد نازع الخالقية والربوبية قال الله تعالى ومن الناس من يجادل الآية قال وليس أحد أشد عقابا ممن لبس قميص النسك بالدعوى بلا حقيقة ولا معنى.

(10) ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد.

(11) ومن الناس من يعبد الله على حرف على طرف من الدين لا ثبات له فيه كالذي يكون على طرف الجيش فإن أحس على ظفر قر وإلا فر وإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة بذهاب عصمته وحبوط عمله بالارتداد ذلك هو الخسران المبين إذ لا خسران مثله.

في الكافي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية قال هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا أن محمدا رسول الله فهم يعبدون الله على شك في محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا ننظر فإن كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنه صادق وأنه رسول الله صلى الله عليه وآله وإن كان غير ذلك نظرنا قال الله تعالى فإن أصابه خير اطمأن به يعني عافية في الدنيا وإن أصابته فتنة يعني بلاء في نفسه انقلب على وجهه انقلب على شكه إلى الشرك.

(12) يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه قال عليه السلام ينقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره فمنهم من يعرف فيدخل الأيمان قلبه فيؤمن ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى الأيمان ومنهم من يثبت على شكه ومنهم من ينقلب إلى الشرك.

والقمي عن الصادق عليه السلام مثله من دون تفسيري الخير والفتنة ذلك هو الضلال البعيد عن المقصد.

(13) يدعوا لمن ضره بكونه معبودا لأنه يوجب القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة أقرب من نفعه الذي يتوقع بعبادته وهو الشفاعة والتوسل بها إلى الله لبئس المولى الناصر ولبئس العشير الصاحب.

(14) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد من إثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك لا دافع له ولا مانع.

(15) من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع وقرء بكسر اللام فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ قيل معناه ان الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه أو جزعه فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه بأن يفعل كما يفعله الممتلي غضبا أو المبالغ جزعا حتى يمد حبلا إلى سماء بيته فيختنق من قطع إذا اختنق فإن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه أو فليمدد حبلا إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانه فيجتهد في دفع نصره وقيل المراد بالنصر الرزق والضمير لمن.

والقمي الظن في كتاب الله على وجهين ظن يقين وظن شك فهذا ظن شك قال من شك أن الله عز وجل لم ينصر رسوله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء أي يجعل بينه وبين الله دليلا وقال الله تعالى ثم ليقطع أي يميز والدليل على أن السبب هو الدليل قول الله عز وجل في سورة الكهف وآتيناه من كل شئ سببا فأتبع سببا أي دليلا وقال ثم ليقطع أي يميز والدليل على أن القطع هو التميز قوله تعالى وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما أي ميزناهم فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ أي حيلته والدليل على أن الكيد هو الحيلة قوله تعالى وكذلك كدنا ليوسف أي احتلنا له حتى حبس أخاه وقوله يحكي قول فرعون فاجمعوا كيدكم أي حيلتكم قال فإذا وضع لنفسه سببا وميز دله على الحق فأما العامة فإنهم رووا في ذلك أنه من لم يصدق بما قال الله عز وجل فليلق حبلا إلى سقف البيت ثم ليختنق.

(16) وكذلك أنزلناه أنزلنا القرآن كله آيات بينات واضحات وأن الله يهدي به من يريد.

(17) إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيمة بالحكومة بينهم وإظهار المحق منهم من المبطل وجزاء كل بما يليق به إن الله على كل شئ شهيد عالم به مراقب لأحواله.

(18) ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض ينقاد لأمره والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس يأتي في بيان هذا السجود كلام في سورة النور إن شاء الله وكثير حق عليه العذاب بكفره وابائه عن الطاعة والانقياد ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء.

في التوحيد عن الصادق عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قيل له إن رجلا يتكلم في المشية فقال ادعه لي قال فدعي له فقال له يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت قال لما شاء قال فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت قال إذا شاء قال فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال إذا شاء قال فيدخلك حيث شاء أو حيث شئت قال حيث يشاء قال فقال علي عليه السلام له لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك.

(19) هذان خصمان فوجان مختصمان المؤمنون والكافرون اختصموا في ربهم.

القمي قال نحن وبنو أمية نحن قلنا صدق الله ورسوله وقالت بنو أمية كذب الله ورسوله.

وفي الخصال عن الحسين عليه السلام مثله وزاد فنحن الخصمان يوم القيامة فالذين كفروا فصل لخصومتهم قيل وهو المعني بقوله تعالى إن الله يفصل بينهم يوم القيمة.

القمي فالذين كفروا يعني بني أمية قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم الماء الحار.

(20) يصهر به ما في بطونهم والجلود أي يؤثر من فرط حرارته في باطنهم تأثيره في ظاهرهم فيذاب به أحشاءهم كما يذاب به جلودهم.

(21) ولهم مقامع سياط من حديد يجلدون بها.

القمي قال تشويه النار فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته وتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه ولهم مقامع من حديد قال الأعمدة التي يضربون بها.

وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال ولهم مقامع من حديد لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الأرض.

(22) كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ضربا بتلك الأعمدة وذوقوا وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق النار البالغة في الإحراق.

القمي عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال قلت له يا ابن رسول الله خوفني فإن قلبي قد قسا فقال يا با محمد استعد للحياة الطويلة فإن جبرئيل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قاطب وقد كان قبل ذلك يجيئ متبسما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا فقال يا محمد قد وضعت منافخ النار فقال وما منافخ النار يا جبرئيل فقال يا محمد إن الله عز وجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرت ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ولو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها ولو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى جبرئيل فبعث الله إليهما ملكا فقال لهما إن ربكما يقرؤكما السلام ويقول قد أمنتكما أن تذنبا ذنبا أعذبكما عليه فقال أبو عبد الله فما رأي رسول الله صلى الله عليه وآله متبسما بعد ذلك ثم قال إن أهل النار يعظمون النار وأن أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم وأن جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد وأعيدوا في دركها هذه حالهم وهو قول الله عز وجل كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم فقال أبو عبد الله عليه السلام حسبك يا محمد قلت حسبي حسبي.

(23) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار قيل غير الأسلوب فيه واسند الإدخال إلى الله مؤكدا تعظيما لشأن المؤمنين يحلون فيها من أساور جمع أسورة وهي جمع سوار من ذهب ولؤلؤ وقرء بالنصب وبترك الهمزة الأولى ولباسهم فيها حرير.

(24) وهدوا إلى الطيب من القول.

القمي قال التوحيد والإخلاص وهدوا إلى صراط الحميد قال إلى الولاية.

وفي المحاسن عن الباقر عليه السلام هو والله هذا الأمر الذي أنتم عليه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار هدوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله ما أحد أحب إليه الحمد من الله عز ذكره.

والقمي عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال قلت له جعلت فداك شوقني فقال يا أبا محمد إن من أدنى نعيم الجنة أن يوجد ريحها مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا وإن أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل به الثقلان الجن والأنس لوسعهم طعاما وشرابا ولا ينقص مما عنده شيئا وإن أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق فإذا دخل أدناهن رأى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار ما شاء الله مما يملأ عينيه قرة وقلبه مسرة فإذا شكر الله وحمده قيل له ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الأولى فيقول يا رب أعطني هذه فيقول الله تبارك وتعالى لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول رب هذه هذه فإذا هو دخلها شكر الله وحمده قال فيقال إفتحوا له بابا إلى الجنة ويقال له ارفع رأسك فإذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل فيقول عند تضاعف مسراته رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت علي بالجنان وأنجيتني من النيران قال أبو بصير فبكيت وقلت له جعلت فداك زدني قال يا أبا محمد إن في الجنة نهرا في حافتيه جوار نابتات إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله عز وجل مكانها أخرى قلت جعلت فداك زدني قال يا أبا محمد المؤمن يزوج ثمان مأة عذراء وأربعة آلاف ثيب وزوجتين من الحور العين قلت جعلت فداك ثمان مأة عذراء قال نعم ما يفترش منهن شيئا إلا وجدها كذلك قلت جعلت فداك من أي شئ خلقن الحور العين قال من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة كبدها مرآته وكبده مرآتها قلت جعلت فداك ألهن كلام يتكلمن به في الجنة قال نعم كلام لم يسمع الخلايق أعذب منه قلت ما هو قال يقلن بأصوات رخيمة نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبؤس ونحن المقيمات فلا نظعن ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن خلق لنا وطوبى لمن خلقنا له ونحن اللواتي لو أن قرن إحدانا علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار.

(25) إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد المقيم والطاري حذف خبر إن لدلالة آخر الآية عليه أي معذبون وقرئ سواء بالنصب.

القمي قال نزلت في قريش حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن مكة وقوله سواء العكف فيه والباد قال أهل مكة ومن جاء من البلدان فهم فيه سواء لا يمنع من النزول ودخول الحرم.

وفي نهج البلاغة في كتاب كتبه إلى قثم بن العباس هو عامله على مكة وأمر أهل مكة أن لا يأخذوا من ساكن أجرا فإن الله سبحانه يقول سواء العاكف فيه والباد والعاكف المقيم به والباد الذي يحج إليه من غير أهله.

وفي قرب الأسناد عنه عليه السلام إنه كره إجارة بيوت مكة وقرء هذه الآية.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إن معاوية أول من علق على بابه مصر أعين بمكة فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز وجل سواء العاكف فيه والباد وكان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجه وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله عز وجل في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا الآية وكان فرعون هذه الأمة وفي التهذيب عنه عليه السلام كانت دور مكة ليس على شئ منها باب وكان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها.

وفي العلل عنه عليه السلام في هذه الآية قال لم يكن ينبغي أن يوضع على دور مكة أبواب لأن للحاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم وأن أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية ومن يزد فيه بإلحاد عدول عن القصد بظلم بغير حق وهو مما ترك مفعوله ليتناول كل متناول نذقه من عذاب أليم في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية من عبد فيه غير الله عز وجل أو تولى فيه غير أولياء الله فهو ملحد بظلم وعلى الله تبارك وتعالى أن يذيقه من عذاب أليم.

وعنه عليه السلام فيها كل ظلم إلحاد وضرب الخادم من غير ذنب من ذلك الإلحاد وسئل عن أدنى الإلحاد فقال إن الكبر أدناه وفيه.

وفي العلل عنه عليه السلام قال كل ظلم يظلم به الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شئ من الظلم فإني أراه إلحادا ولذلك كان ينهي أن يسكن الحرم.

وفي العلل عنه عليه السلام إنه قيل له إن سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شئ من حمام الحرم إلا ضربه فقال أنصبوا له واقتلوه فإنه قد ألحد في الحرم.

وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية قال نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين والقمي قال نزلت فيمن يلحد أمير المؤمنين عليه السلام ويظلمه.

(26) وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود.

في الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام قال إن الله تعالى يقول وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر قد غسل عرقه والأذى وتطهر.

وفي الكافي عنه عليه السلام قال إن لله تعالى حول الكعبة عشرين ومأة رحمة منها ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وقد مضى في سورة البقرة أخبار أخر تتعلق بهذه الآية.

(27) وأذن في الناس ناد فيهم بالحج بأن تدعوهم إليه يأتوك رجالا مشاة جمع راجل.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام إنه قرأ رجالا بالتشديد والضم وعلى كل ضامر أي وركبانا على كل بعير مهزول أتعبه بعد السفر وهزله يأتين صفة لضامر محمولة على معناه وقرء يأتون صفة الرجال والركبان أو استيناف ونسبها.

في المجمع إلى الصادق عليه السلام من كل فج طريق عميق بعيد الأطراف.

في الكافي والعلل عن الصادق عليه السلام قال لما امر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببناء البيت وتم بناؤه قعد إبراهيم عليه السلام على ركن ثم نادى هلم الحج فلو نادى هلموا إلى الحج فلم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا ولكن نادى هلم هلم الحج الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال لبيك داعي الله لبيك داعي الله فمن لبى عشرا حج عشرا ومن لبى خمسا حج خمسا ومن لبى أكثر فبعدد ذلك ومن لبى واحدة حج واحدة ومن لم يلب لم يحج.

وفي العلل عن الباقر عليه السلام قال إن الله جل جلاله لما أمر إبراهيم عليه السلام ينادي في الناس بالحج قام على المقام فارتفع به حتى صار بإزاء أبي قبيس فنادى في الناس بالحج فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى أن تقوم الساعة.

والقمي قال لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج فقال يا رب ما يبلغ صوتي فقال الله أذن عليك الأذان وعلي البلاغ وارتفع على المقام وهو يومئذ ملصق بالبيت فارتفع به المقام حتى كان أطول من الجبال فنادى وأدخل إصبعه في اذنه وأقبل بوجه شرقا وغربا يقول أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا ربكم فأجابوه من تحت البحور السبع ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أطراف الأرض كلها ومن أصلاب الرجال ومن أرحام النساء بالتلبية لبيك اللهم لبيك أولا ترونهم يأتون يلبون فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن استجاب لله وقوله فيه آيات بينات مقام إبراهيم يعني نداء إبراهيم عليه السلام على المقام.

وفي الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ثم أنزل الله تعالى وأذن في الناس بالحج الآية فأمر المؤذنين أن يأذنوا بأعلى أصواتهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله يحج في عامه هذا فعلم به من حضر بالمدينة وأهل العوالي والأعراب واجتمعوا لحج رسول الله صلى الله عليه وآله وإنما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به فيتبعونه أو يصنع شيئا فيصنعونه الحديث.

(28) ليشهدوا ليحضروا منافع لهم دينية ودنيوية.

في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قيل له لو أرحت بدنك من المحمل فقال عليه السلام إني أحب أن أشهد المنافع التي قال الله عز وجل ليشهدوا منافع لهم إنه لا يشهدها أحد إلا نفعه الله أما أنتم فترجعون مغفورا لكم وأما غيركم فيحفظون في أهاليهم وأموالهم.

وعنه عليه السلام إنه يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول ارفعوني فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط قيل له يا بن رسول الله إن هذا يشق عليك فقال إني سمعت الله عز وجل يقول ليشهدوا منفع لهم فقيل منافع الدنيا أو منافع الآخرة فقال الكل.

وفي المجمع عنه عليه السلام منافع الآخرة هي العفو والمغفرة.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام وعلة الحج الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل وما فيه من استخراج الأموال وتعب الأبدان وحظرها عن الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل والخضوع والاستكانة والذل شاخصا إليه في الحر والبرد والأمن والخوف دائبا في ذلك دائم وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله تعالى ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الأنفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والأمل وتجديد الحقوق وحظر الأنفس عن الفساد ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لا يحج من تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم.

وزاد في رواية أخرى مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة عليهم السلام إلى كل صقع وناحية كما قال الله عز وجل فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام قيل يعني عند ذبحها وقيل كنى عن الذبح بال ذكر لعدم انفكاكه عنه.

وفي العوالي عنهما عليهما السلام هو التكبير عقيب خمس عشرة صلاة أوليها ظهر العيد.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام مثله.

وفي المعاني عنه عليه السلام قال قال علي عليه السلام في قول الله عز وجل ويذكروا اسم الله في أيام معلومات قال أيام العشر عنه عليه السلام قال هي أيام التشريق.

وعنه عليه السلام قال المعلومات والمعدودات واحدة وهن أيام التشريق.

وفي التهذيب عنه عن أبيه وفي رواية عن علي عليه السلام أن الأيام المعلومات أيام العشر والمعدودات أيام التشريق.

وفي الجوامع عن الباقر عليه السلام إن الأيام المعلومات يوم النحر والثلاثة بعده أيام التشريق والأيام المعدودات عشر ذي الحجة فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير الذي أصابه بؤس وشدة.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام هو الزمن الذي لا يستطيع أن يخرج لزمانته.

وعنه عليه السلام البائس الفقير.

(29) ثم ليقضوا تفثهم ثم ليزيلوا وسخهم بقص الأظفار والشارب وحلق الرأس ونحوها وليوفوا نذورهم مناسك حجهم وقرئ بكسر اللام فيهما وبتشديد الفاء.

في الكافي والفقيه عن الصادق عليه السلام التفث هو الحلق وما في جلد الإنسان.

وعن الرضا عليه السلام التفث تقليم الأظفار وطرح الوسخ وطرح الأحرام عنه.

وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام التفث حفوف الرجل من الطيب فإذا قضى نسكه حل له الطيب.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت تكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة وعن عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحب أن أعلمه قال وما ذاك قلت قول الله عز وجل ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم قال عليه السلام ليقضوا تفثهم لقاء الأمام وليوفوا نذورهم تلك المناسك قال عبد الله بن سنان فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت جعلت فداك قول الله تعالى ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم قال أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك قال قلت جعلت فداك إن ذريح المحاربي حدثني عنك بأنك قلت له ليقضوا تفثهم لقاء الأمام وليوفوا نذورهم تلك المناسك فقال صدق وصدقت إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح.

أقول: وجه الاشتراك بين التفسير والتأويل هو التطهير فإن أحدهما تطهير عن الأوساخ الظاهرة والاخر عن الجهل والعمى قال في الفقيه معنى التفث كل ما ورد به الأخبار.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام أنه يقول ويرى الناس بمكة وما يعملون فعال كفعال الجاهلية أما والله ما أمروا بهذا وما أمروا إلا أن يقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصر لهم وليطوفوا بالبيت العتيق وقرء بكسر اللام.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عنه عليه السلام فقال هو طواف النساء.

وعن الباقر عليه السلام إنه سئل لم سمى الله البيت العتيق قال هو بيت حر عتيق من الناس لم يملكه أحد.

وفي المحاسن والعلل والقمي عن الصادق عليه السلام سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق.

(30) ذلك الأمر ذلك وهو وأمثاله يطلق للفصل بين الكلامين ومن يعظم حرمات الله أحكامه وما لا يحل هتكه فهو خير له عند ربه ثوابا وأحلت لكم الانعام إلا ما يتلى عليكم كالميتة وما أهل به لغير الله فلا تحرموا منها غير ما حرمه الله كالبحيرة والسائبة فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان كما يجتنب الأنجاس وكل افتراء.

في الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام قال الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور والغناء وزاد في المجمع وسائر أنواع القمار وسائر الأقوال الملهية وعن النبي صلى الله عليه وآله عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ هذه الآية.

(31) حنفاء لله.

القمي عن الصادق عليه السلام أي طاهرين غير مشركين به.

في التوحيد عن الباقر عليه السلام إنه سئل عنه وعن الحنيفة فقال هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله قال فطرهم الله على المعرفة ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء لأنه سقط من أوج الأيمان إلى حضيض الكفر فتخطفه الطير فإن الأهواء المردية توزع أفكاره وقرئ بتشديد التاء أو تهوى به الريح في مكان سحيق بعيد فإن الشيطان قد طرح به في الضلالة.

(32) ذلك الأمر ذلك ومن يعظم شعائر الله اعلام دينه فإنها من تقوى القلوب القمي قال تعظيم البدن وجودتها.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنما يكون الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنه أعظم ما يكون قال الله تعالى ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.

وعنه في قصة حجة الوداع وكان الهدي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة وستين أو ستة وستين وجاء علي عليه السلام بأربعة وثلاثين أو ستة وثلاثين.

(33) لكم فيها منافع إلى أجل مسمى.

في الكافي والفقيه عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها ثم محلها إلى البيت العتيق.

القمي قال البدن يركبها المحرم من موضعه الذي يحرم فيه غير مضر بها ولا معنف عليها وإن كان لها لبن يشرب من لبنها إلى يوم النحر.

(34) ولكل أمة أهل دين جعلنا منسكا متعبدا وقربانا يتقربون به إلى الله وقرء بالكسر أي موضع نسك ليذكروا اسم الله دون غيره ويجعلوا نسكهم لوجهه علل الجعل به تنبيها على أن المقصود من المناسك تذكر المعبود على ما رزقهم من بهيمة الأنعام عند ذبحها فإلهكم إله واحد فله أسلموا أخلصوا التقرب والذكر ولا تشوبوه بالإشراك وبشر المخبتين.

القمي قال العابدين.

(35) الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم هيبة منه لإشراق أشعة جلاله عليها والصابرين على ما أصابهم من المصائب والمقيمي الصلاة في إفادتها ومما رزقناهم ينفقون في وجوه الخير.

(36) والبدن جمع بدنة جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير منافع دينية ودنيوية فاذكروا اسم الله عليها صواف قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن.

القمي قال ينحر قائمة.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ذلك حين تصف للنحر تربط يديها ما بين الخف إلى الركبة وقرئ صوافن بالنون ونسبها.

في المجمع إلى الباقر عليه السلام وهو من صفن الفرس إذا قام على ثلاث وعلى طرف سنبك الرابعة لأن البدنة تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث فإذا وجبت جنوبها.

في الكافي والمعاني عن الصادق عليه السلام قال إذا وقعت على الأرض فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر قال القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يلوي شدقه غضبا والمعتر المار بك لتطعمه.

في المعاني عنه عليه السلام أطعم أهلك ثلثا وأطعم القانع ثلثا وأطعم المسكين ثلثا قيل المسكين هو السائل قال نعم والقانع يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها والمعتر يعتريك لا يسألك.

وفي المجمع عنهم عليهم السلام إنه ينبغي أن يطعم ثلثه ويعطي القانع والمعتر ثلثه ويهدي لأصدقائه الثلث الباقي كذلك سخرناها لكم مع عظمها وقوتها حتى تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحبسونها صافة قوائمها ثم تطعنون في لباتها لعلكم تشكرون انعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص.

(37) لن ينال الله لن يصيب رضاه ولا يقع منه موقع القبول لحومها المتصدق بها ولا دماؤها المهراقة بالنحر من حيث إنها لحوم ودماء ولكن يناله التقوى منكم لكنه يصيبه ما يصحبه من تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى أمر الله وتعظيمه والتقرب إليه والإخلاص له.

في الجوامع روي أن في الجاهلية كانوا إذا نحروا لطخوا البيت بالدم فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت.

وفي العلل عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما علة الأضحية قال إنه يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها إلى الأرض وليعلم الله عز وجل من يتقيه بالغيب قال الله عز وجل لن ينال الله لحومها الآية ثم قال انظر كيف قبل الله قربان هابيل ورد قربان قابيل كذلك سخرها لكم كرره تذكيرا للنعمة وتعليلا له بما بعده لتكبروا الله لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء.

والقمي قال التكبير أيام التشريق في الصلوات بمنى في عقيب خمس عشرة صلاة وفي الأمصار عقيب عشر صلوات على ما هديكم أرشدكم إلى طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها وبشر المحسنين المخلصون فيما يأتونه ويذرونه.

(38) إن الله يدافع عن الذين آمنوا غائلة المشركين وقرء يدفع إن الله لا يحب كل خوان في أمانة الله كفور لنعمته كمن يتقرب إلى الأصنام بذبيحته.

(39) أذن رخص وقرئ بفتح الهمزة أي الله للذين يقاتلون المشركين أي في القتال حذف لدلالته عليه وقرئ بفتح التاء أي للذين يقاتلهم المشركون بأنهم ظلموا بسبب أنهم ظلموا.

في المجمع عن الباقر عليه السلام لم يؤمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال ولا اذن له فيه حتى نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية وقلده سيفا وفيه وكان المشركون يؤذون المسلمين ولا يزال يجئ مشجوج ومضروب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويشكون ذلك إليه فيقول لهم اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فأنزل الله عليه هذه الآية بالمدينة وهي أول آية نزلت في القتال.

والقمي قال نزلت في علي وجعفر وحمزة ثم جرت.

وعن الصادق عليه السلام إن العامة يقولون نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة وإنما هو القائم إذا خرج يطلب دم الحسين عليهما السلام وهو يقول نحن أولياء الدم وطلاب الترة وإن الله على نصرهم لقدير وعد لهم بالنصر كما وعد بدفع أذى الكفار عنهم.

(40) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله يعني أنهم لم يخرجوا إلا لقولهم ربنا الله.

في الكافي عن الباقر عليه السلام نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام وحمزة وجعفر وجرت في الحسين عليه السلام.

والقمي قال عليه السلام الحسين عليه السلام حين طلبه يزيد ليحمله إلى الشام فهرب إلى الكوفة وقتل بالطف.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام نزلت في المهاجرين وجرت في آل محمد عليهم السلام الذين اخرجوا من ديارهم واخيفوا وفي المناقب عنه عليه السلام نحن نزلت فينا.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث الزبيري ذلك لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك إلا من كان منهم ثم ذكر الشرائط مفصلا في حديث أورده في كتاب الجهاد من أراده فليطلب منه ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض بتسليط المؤمنين منهم على الكافرين وقرئ دفاع لهدمت وقرئ بالتخفيف لخربت باستيلاء المشركين على أهل الملل صوامع صوامع الرهبانية وبيع وبيع النصارى وصلوات وكنائس اليهود وقيل سميت بها لأنها تصلى فيها وقيل أصلها ثلوثا بالثاء المثلثة بالعبرية بمعنى المصلى فعربت.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام إنه قرأ صلوات بضم الصاد واللام ومساجد ومساجد المسلمين يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز لا يمانعه شئ.

(41) الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور.

القمي عن الباقر عليه السلام فهذه لآل محمد صلوات الله عليهم إلى آخر الآية والمهدي عليه السلام وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الدين ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات الشقاة الحق حتى لا يرى أين الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

وفي المجمع عنه عليه السلام نحن هم.

وفي المناقب عن الكاظم وجده سيد الشهداء عليهما السلام هذه فينا أهل البيت.

(42) وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود.

(43) وقوم إبراهيم وقوم لوط.

(44) وأصحاب مدين تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وكذب موسى قيل غير فيه النظم لأن قومه لم يكذبوه وإنما كذبه القبط ولأن تكذيبه كان أشنع وآياته كانت أعظم وأشيع فأمليت للكافرين فأمهلتهم حتى انصرمت آجالهم المقدرة ثم أخذتهم فكيف كان نكير إنكاري عليهم بتغير النعمة محنة والحياة هلاكا والعمارة خرابا.

(45) فكأين من قرية أهلكناها بإهلاك أهلها وقرئ أهلكتها وهي ظالمة أي أهلها فهي خاوية على عروشها ساقطة حيطانها على سقوفها وبئر معطلة لا يستقي منها الهلاك أهلها وقصر مشيد مرتفع أخليناه عن ساكنيه.

في المجمع وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام في قوله وبئر معطلة أي وكم من عالم لا يرجع إليه ولا ينتفع بعلمه.

وفي الإكمال والمعاني وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام البئر المعطلة الأمام الصامت والقصر المشيد الأمام الناطق.

أقول: إنما كنى عن الأمام الصامت بالبئر لأنه منبع العلم الذي هو سبب حياة الأرواح مع خفائه إلا على من أتاه كما أن البئر منبع الماء الذي هو سبب حياة الأبدان مع خفائها إلا على من أتاها وكنى عن صمته بالتعطيل لعدم الانتفاع بعلمه وكنى عن الأمام الناطق بالقصر المشيد لظهوره وعلو منصبه وإشادة ذكره.

وفي المعاني مقطوعا أمير المؤمنين هو القصر المشيد والبئر المعطلة فاطمة وولدها معطلين من الملك.

والقمي قال هو مثل لآل محمد صلوات الله عليهم وبئر معطلة هو الذي لا يستقى منها وهو الأمام الذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم إلى وقت ظهوره والقصر المشيد هو المرتفع وهو مثل لأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام منه وفضائلهم المنتشرة في العالمين المشرقة على الدنيا وهو قوله ليظهره على الدين كله وقال الشاعر.

بئر معطلة وقصر مشرف مثل لآل محمد مستظرف فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى والبئر علمهم الذي لا ينزف.

(46) أفلم يسيروا في الأرض قيل حث لهم على أن يسافروا ليروا مصارع المهلكين فيعتبروا.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام معناه أو لم ينظروا في القرآن فتكون لهم قلوب يعقلون بها ما يجب أن يعقل أو آذان يسمعون بها ما يجب أن يسمع فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور عن الاعتبار أي ليس الخلل في مشاعرهم وإنما أنفت عقولهم باتباع الهوى والانهماك في التقليد.

في التوحيد والخصال عن السجاد عليه السلام إن للعبد أربع أعين عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما أمر آخرته فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته وإذا أراد الله به غير ذلك ترك القلب بما فيه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين عينان في الرأس وعينان في القلب ألا وأن الخلائق كلهم كذلك ألا إن الله عز وجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.

وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام إنما العمى عمى القلب ثم تلا الآية.

(47) ويستعجلونك بالعذاب المتوعد به.

القمي وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرهم أن العذاب أتاهم فقالوا فأين العذاب فاستعجلوه ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون وقرء بالياء.

وفي إرشاد المفيد عن الباقر عليه السلام إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة فهدم فيها أربعة مساجد ولم يبق مسجد على وجه الأرض له شرف إلا هدمها وجعلها جما ووسع الطريق الأعظم وكسر كل جناح خارج في الطريق وأبطل الكنف والميازيب إلى الطرقات ولا ترك بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أقامها ويفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنينكم هذه ثم يفعل الله ما يشاء قيل فكيف تطول السنون قال يأمر الله الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون قيل إنهم يقولون إن الفلك إن تغير فسد قال ذاك قول الزنادقة فأما المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله القمر لنبيه صلى الله عليه وآله ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون وأخبر بطول يوم القيامة وإنه كألف سنة مما تعدون.

وفي الكافي عنهم عليهم السلام قال فيما وعظ الله به عيسى عليه السلام واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون فيه أجزى بالحسنة أضعافها.

(48) وكأين من قرية وكم من أهل قرية أمليت لها كما أمهلتكم وهي ظالمة مثلكم ثم أخذتها بالعذاب وإلي المصير وإلى حكمي مرجع الجميع.

(49) قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين أوضح لكم ما أنذركم به.

(50) فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم الكريم من كل نوع ما يجمع فضائله.

(51) والذين سعوا في آياتنا بالرد والأبطال معاجزين مسابقين مشتاقين للساعين فيها بالقبول والتحقيق من عاجزه فأعجزه إذا سابقه فسبقه لأن كلا من المتسابقين يطلب اعجاز الاخر عن اللحاق به وقرء معجزين بالتشديد أولئك أصحاب الجحيم النار الموقدة.

(52) وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي.

في الكافي عنهما عليهما السلام في هذه الآية إنهما زادا ولا محدث بفتح الدال قيل ليست هذه قراءتنا فما الرسول والنبي والمحدث فقال الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه والنبي هو الذي يرى في منامه وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد والمحدث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة قيل كيف يعلم أن الذي رآى في النوم حق وأنه من الملك قال يوفق لذلك حتى يعرفه لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء.

وفي معناه أخبار أخر فيه وفي البصائر وغيرهما.

وفي الكافي عن السجاد عليه السلام إن في القرآن آية كان علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف قاتله بها ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس ثم قال بعد ما سئل عنها هو والله قول الله عز وجل وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي أو محدث وكان علي بن أبي طالب محدثا وفي البصائر ما يقرب منه وفيه إنه سئل من يحدثه قال ملك يحدثه قيل إنه نبي أو رسول قال لا ولكن مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى ومثل ذي القرنين.

أقول: أريد بصاحب سليمان آصف بن برخيا وبصاحب موسى يوشع بن نون.

وفي الكافي في عدة روايات أن الأئمة عليهم السلام كانوا محدثين كانوا يسمعون الصوت ولا يرون الملك إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم.

في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث مضى بعضه في المقدمة فيذكر الله جل ذكره لنبيه ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله وما أرسلنا من قبلك الآية يعني أنه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعانيه من نفاق قومه وعقوقهم والانتقال عنهم إلى دار الإقامة إلا ألقى الشيطان المعرض بعداوته عند فقده في الكتاب الذي انزل عليه ذمه والقدح فيه والطعن عليه فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا يقبله ولا يصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين ويحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال والعدوان ومتابعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حتى قال بل هم أضل سبيلا والقمي وأما قوله عز وجل وما أرسلنا من قبلك من رسول الآية فإن العامة رووا أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في الصلاة فقرأ سورة النجم في المسجد الحرام وقريش يستمعون لقراءته فلما انتهى إلى هذه الآية أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أجرى إبليس على لسانه فإنها الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي ففرحت قريش وسجدوا وكان في القوم الوليد بن المغيرة المخزومي وهو شيخ كبير فأخذ كفا من حصى فسجد عليه وهو قاعد فقالت قريش قد أقر محمد بشفاعة اللات والعزى قال فنزل جبرئيل فقال له قرأت ما لم أنزل عليك وأنزل عليه وما أرسلنا من قبلك الآية وأما الخاصة.

فإنه روي عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله أصابه خصاصة فجاء إلى رجل من الأنصار فقال له هل عندك من طعام قال نعم يا رسول الله وذبح له عناقا وشواه فلما أدناه منه تمنى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون معه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فجاء أبو بكر وعمر ثم جاء علي بعدهما فأنزل الله عز وجل في ذلك وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته يعني أبا بكر وعمر فينسخ الله ما يلقي الشيطان يعني لما جاء علي عليه السلام بعدهما ثم يحكم الله آياته للناس يعني ينصر الله أمير المؤمنين عليه السلام.

(53) ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة قال يعني فلانا وفلانا للذين في قلوبهم مرض قال شك والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد.

(54) وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك إن القرآن هو الحق النازل من عند الله فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم بالانقياد والخشية وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم.

القمي إلى الأمام المستقيم.

(55) ولا يزال الذين كفروا في مرية منه.

القمي أي في شك من أمير المؤمنين عليه السلام حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم القمي العقيم الذي لا مثل له في الأيام.

(56) الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم.

(57) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين.

القمي قال ولم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.

(58) والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا في الجهاد وقرئ بالتشديد.

أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين فإنه يرزق بغير حساب.

(59) ليدخلنهم مدخلا يرضونه هو الجنة فيما يحبونه وقرئ بفتح الميم وإن الله لعليم بأحوالهم وأحوال معاديهم حليم لا يعاجل في العقوبة.

في الجوامع روي أنهم قالوا يا رسول الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا أن متنا معك فأنزل الله هاتين الآيتين.

(60) ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ولم يزد في الاقتصاص ثم بغى عليه بالمعاودة إلى العقوبة لينصرنه الله لا محالة إن الله لعفو غفور للمنتصر.

القمي هو رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه فعاقبهم الله يوم بدر وقتل عتبة وشيبة والوليد وأبو جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله طلب بدمائهم فقتل الحسين عليه السلام وآل محمد صلوات الله عليهم بغيا وعدوانا وهو قول يزيد لعنه الله حين تمثل بهذا الشعر ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل قد قتلنا القوم من ساداتهم وعدلناهم ببدر فاعتدل وكذاك الشيخ أوصاني به فاتبعت الشيخ فيما قد سئل وقال يزيد حين أيضا يقلب الرأس نقول والرأس مطروح نقلبه يا ليت أشياخنا الماضون بالحضر حتى يقيسوا قياسا لو يقاس به أيام بدر لكان الوزن بالقدر فقال الله تبارك وتعالى ذلك ومن عاقب يعني رسول الله صلى الله عليه وآله بمثل ما عوقب به يعني حين أرادوا أن يقتلوه ثم بغي عليه لينصرنه الله بالقائم من ولده صلى الله عليه وآله.

(61) ذلك أي ذلك النصر بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل بسبب أن الله قادر على تقليب بعض الأمور على بعض والمداولة بين الأشياء المتعاندة وأن الله سميع بصير يسمع قول المعاقب والمعاقب يبصر أفعالهما فلا يمهلهما.

(62) ذلك الوصف بكمال القدرة والعلم بأن الله هو الحق الثابت وأن ما يدعون من دونه إلها وقرء بالتاء هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير عن أن يكون له شريك لا شئ أعلى منه شأنا وأكبر سلطانا.

(63) ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء استفهام تقرير فتصبح الأرض مخضرة إنما عدل عن صيغة الماضي للدلالة على بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان إن الله لطيف يصل علمه إلى كل ما جل ودق خبير بالتدابير الظاهرة والباطنة.

(64) له ما في السماوات وما في الأرض خلقا وملكا وإن الله لهو الغني في ذاته الحميد المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله.

(65) ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض جعلها مذللة لكم معدة لمنافعكم والفلك تجرى في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إلا بمشيئته إن الله بالناس لرؤف رحيم في الإكمال عن النبي صلى الله عليه وآله بعد ذكر الأئمة الاثني عشر بأسمائهم قال ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني بهم يمسك الله عز وجل السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.

(66) وهو الذي أحياكم بعد أن كنتم نطفا ثم يميتكم إذا جاء أجلكم ثم يحييكم في الآخرة إن الانسان لكفور لجحود للنعم مع ظهورها.

(67) لكل أمة أهل دين جعلنا منسكا متعبدا وشريعة ومذهبا هم ناسكوه يذهبون إليه ويدينون به فلا ينازعنك سائر أرباب الملل في الامر في أمر الدين.

في الجوامع أن بديل بن ورقاء وغيره من كفار خزاعة قالوا للمسلمين مالكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله يعنون الميتة فنزلت وادع إلى ربك إلى توحيده وعبادته إنك لعلى هدى مستقيم طريق إلى الحق سوي.

(68) وإن جادلوك فقد ظهر الحق ولزمت الحجة فقل الله أعلم بما تعلمون من المجادلة الباطلة وغيرها فيجازيكم عليها وهو وعيد فيه رفق.

(69) الله يحكم بينكم يوم القيمة فيما كنتم فيه تختلفون من أمر الدين.

(70) ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض فلا يخفي عليه شئ إن ذلك في كتاب هو اللوح كتبه فيه قبل أن يبرأه إن ذلك إثباته في اللوح أو الحكم بينكم على الله يسير.

(71) يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا حجة تدل على جواز عبادته وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير.

(72) وإذا تتلى عليهم آياتنا من القرآن بينات واضحات الدلالة على العقايد الحقة والأحكام الإلهية تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر الإنكار لفرط نكيرهم للحق وغيظهم لأباطيل أخذوها تقليدا وهذا منتهى الجهالة يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا يثبون ويبطشون بهم قل أفأنبئكم بشر من ذلكم من غيظكم على التالين وضجركم مما تلوا عليكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير النار.

(73) يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له استماع تدبر وتفكر ان الذين تدعون من دون الله يعني الأصنام لن يخلقوا ذبابا لا يقدرون على خلقه مع صغره ولو اجتمعوا له ولو تعاونوا على خلقه وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب فكيف يكونون آلهة قادرين على المقدورات كلها.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال كانت قريش تلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر وكان يغوث قبال الباب ويعوق عن يمين الكعبة ونسر عن يسارها وكانوا إذا دخلوا خروا سجدا ليغوث ولا ينحنون ثم يستديرون بحيالهم إلى يعوق ثم يستديرون عن يسارها بحيالهم إلى نسر ثم يلبون فيقولون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك قال فبعث الله ذبابا أخضر له أربعة أجنحة فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئا إلا أكله فأنزل الله عز وجل يا أيها الناس ضرب مثل الآية.

(74) ما قدروا الله حق قدره ما عرفوه حق معرفته حيث أشركوا به وسموا باسمه ما هو أبعد الأشياء عنه مناسبة وقد مر حديث فيه في سورة الأنعام ويأتي الحديث في تفسيره في سورة الزمر إن شاء الله إن الله لقوي عزيز لا يغلبه شئ.

(75) الله يصطفي يختار من الملائكة رسلا سفرة يتوسطون بينه وبين الأنبياء بالوحي.

القمي وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ومن الناس أي رسلا يدعون سائرهم إلى الحق ويبلغون إليهم ما نزل عليهم.

القمي هم الأنبياء والأوصياء فمن الأنبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم السلام ومن هؤلاء الخمسة محمد صلى الله عليه وآله ومن الأوصياء علي والأئمة عليهم السلام قال وفيه تأويل غير هذا إن الله سميع بصير.

(76) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم عالم بما وقع وما سيقع وإلى الله ترجع الأمور كلها.

(77) يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم بساير ما تعبدكم به وافعلوا الخير وتحروا ما هو خير وأصلح فيما تأتون وتذرون كنوافل الطاعات وصلة الأرحام ومكارم الأخلاق لعلكم تفلحون.

في الكافي عن الصادق عليه السلام إن الله تبارك وتعالى فرض الأيمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين.

وعنه عليه السلام جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا.

وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله إن في سورة الحج سجدتين إن لم تسجدهما فلا تقرأها.

(78) وجاهدوا في الله حق جهاده الأعداء الظاهرة والباطنة روي عن النبي صلى الله عليه وآله إنه لما رجع من غزوة تبوك قال رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر يعني جهاد النفس هو اجتباكم اختاركم لدينه ولنصرته.

في الكافي عن الباقر عليه السلام إيانا عني ونحن المجتبون وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم عليه السلام قال إيانا عني خاصة هو سميكم المسلمين قال الله عز وجل سمانا المسلمين من قبل قال في الكتب الذي مضت وفي هذا القرآن ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس قال فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ونحن الشهداء على الناس يوم القيامة فمن صدق صدقناه يوم القيامة ومن كذب كذبناه.

وفي الإكمال عن النبي صلى الله عليه وآله عني بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة ثم قال أنا وأخي علي وأحد عشر من ولدي.

وفي المناقب وفي خبر أن قوله تعالى هو سميكم المسلمين فدعوة إبراهيم وإسماعيل لآل محمد صلوات الله عليهم فإنه لمن لزم الحرم من قريش حتى جاء النبي صلى الله عليه وآله ثم أتبعه وآمن به وأما قوله ليكون الرسول شهيدا عليكم النبي صلى الله عليه وآله يكون على آل محمد صلوات الله عليهم شهيدا ويكونوا شهداء على الناس.

وفي قرب الأسناد عن الصادق عن أبيه عن النبي صلوات الله عليهم قال مما أعطى الله أمتي وفضلهم به على سائر الأمم أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلا نبي وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا قال له اجتهد في دينك ولا حرج عليك وأن الله تبارك وتعالى أعطى أمتي ذلك حيث يقول وما جعل عليكم في الدين من حرج يقول من ضيق قال وكان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على قومه وأن الله تبارك وتعالى جعل أمتي شهداء على الخلق حيث يقول ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس الحديث فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فتقربوا إلى الله بأنواع الطاعات لما خصكم بهذا الفضل والشرف واعتصموا بالله وثقوا به في مجامع أموركم ولا تطلبوا الأمانة والنصرة إلا منه هو مولاكم ناصركم ومتولي أموركم فنعم المولى ونعم النصير هو إذ لا مثل له في الولاية والنصرة بل لا مولى ولا نصير سواه في الحقيقة.

في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام قال من قرأ سورة الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنة حتى يخرج إلى بيت الله الحرام وإن مات في سفره دخل الجنة قيل فإن كان مخالفا قال يخفف عنه بعض ما هو فيه.

وفي المجمع مثله إلى قوله عليه السلام دخل الجنة.