سورة يس
مكية عند الجميع قال ابن عباس الا آية منها وهي قوله وإذا قيل لهم انفقوا نزلت بالمدينة عدد آيها ثلاث وثمانون آية كوفي اثنتان في الباقين بسم الله الرحمن الرحيم.
(1) يس قد مضى نظائره وقيل معناه يا انسان بلغة طي.
وفي المعاني عن الصادق عليه السلام واما يس فاسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله ومعناه يا أيها السامع الوحي وفي الخصال عن الباقر عليه السلام قال إن لرسول الله صلى الله عليه وآله عشرة أسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن فأما التي في القرآن فمحمد واحمد وعبد الله ويس ون.
وفي الكافي عنهما عليهما السلام هذا محمد اذن لهم في التسمية به فمن أذن لهم في يس يعني التسمية وهو اسم النبي صلى الله عليه وآله.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث له في مجلس المأمون قال أخبروني عن قول الله تعالى يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم من عنى بقوله يس قالت العلماء يس محمد لم يشك فيه أحد الحديث وقد سبق تمامه في سورة الأحزاب عند قوله تعالى صلوا عليه وسلموا تسليما ويأتي أيضا في سورة الصافات مع حديث آخر من الاحتجاج في ذلك انشاء الله.
وفي المجالس عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوله عز وجل سلام على آل ياسين قال يس محمد ونحن آل محمد.
(2) والقرآن الحكيم الواو للقسم.
(3) انك لمن المرسلين.
(4) على صراط مستقيم، وهو التوحيد والاستقامة في الأمور.
والقمي قال الصادق عليه السلام يس اسم رسول الله صلى الله عليه وآله والدليل على ذلك قوله تعالى انك لمن المرسلين على صراط مستقيم قال على الطريق الواضح.
(5) تنزيل العزيز الرحيم قال القرآن وقرئ بالرفع.
(6) لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون (1).
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله وعن رسوله وعن وعيده.
(7) لقد حق القول على أكثرهم قال ممن لا يقرون بولاية علي أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام من بعده فهم لا يؤمنون قال بإمامة أمير المؤمنين والأوصياء عليهم السلام من بعده فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله.
(8) انا جعلنا في أعناقهم اغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون القمي قد رفعوا رؤوسهم.
(9) وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون القمي عن الباقر عليه السلام يقول فأعميناهم فهم لا يبصرون الهدي اخذ الله سمعهم وابصارهم وقلوبهم فأعماهم عن الهدى.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال هذا في الدنيا وفي الآخرة في نار جهنم مقمحون.
القمي.
القمي نزلت في أبي جهل بن هشام ونفر من أهل بيته وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قام يصلي وقد حلف أبو جهل لعنه الله لئن رآه يصلي ليدمغنه فجاءه ومعه حجر والنبي صلى الله عليه وآله قائم يصلي فجعل كلما رفع الحجر ليرميه أثبت الله عز وجل يده إلى عنقه ولا يدور الحجر بيده فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده ثم قام رجل آخر وهو من رهطه أيضا فقال: أنا أقتله فلما دنا منه جعل يستمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله فأرعب فرجع إلى أصحابه فقال حال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه فخفت ان أتقدم.
(10) وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون بالله ولا بولاية علي عليه السلام ومن بعده قيل إنه جعلنا في أعناقهم اغلالا فهم مقمحون قد رفعوا رؤوسهم وجعلنا من بين أيديهم سدا الآيتين تقرير لتصميمهم على الكفر والطبع على قلوبهم بحيث لا تغني الآيات والنذر بتمثيلهم بالذين غلت أعناقهم والاغلال واصلة إلى أذقانهم فلا يخليهم يطأطئون فهم مقموحون رافعون رؤوسهم غاضون أبصارهم في أنهم لا يلتفتون لفت الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤوسهم له وبمن أحاط بهم سدان فغطى أبصارهم بحيث لا يبصرون قدامهم ووراءهم في أنهم محبوسون في مطمورة الجهالة ممنوعون عن النظر في الآيات والدلائل وقرئ سدا بالضم وهو لغة فيه.
(11) إنما تنذر من اتبع الذكر في الكافي في الحديث السابق يعني أمير المؤمنين عليه السلام وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة واجر كريم.
(12) انا نحن نحيي الموتى الأموات بالبعث والجهال بالهداية ونكتب ما قدموا ما أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة واثارهم كعلم علموه وخطوة مشوا بها إلى المساجد وكإشاعة باطل وتأسيس ظلم.
في المجمع ان بني سلمة كانوا في ناحية من المدينة فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد منازلهم من المسجد والصلاة معه فنزلت الآية وكل شئ أحصيناه في امام مبين قيل يعني اللوح المحفوظ والقمي يعني في كتاب مبين وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال انا والله الامام المبين أبين الحق من الباطل ورثته من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وفي المعاني عن الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وكل شئ أحصيناه في امام مبين قام أبو بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وفي المعاني عن الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وكل شئ أحصيناه في امام مبين قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا يا رسول الله هو التوراة قال لا قالا فهو الإنجيل قالا لا قالا فهو القرآن قال لا قال فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هو هذا انه الامام الذي أحصي الله فيه علم كل شئ وفي الاحتجاج عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث قال معاشر الناس ما من علم الا علمنيه ربي وانا علمته عليا وقد أحصاه الله في وكل علم علمت فقد أحصيته في إمام المتقين وما من علم الا علمته عليا.
(13) واضرب لهم مثلا أصحاب القرية قرية أنطاكية إذ جائها المرسلون قيل أرسلهم الله أو أرسلهم عيسى على نبينا واله وعليه السلام بأمر الله.
(14) إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا فقوينا بثالث هو شمعون فقالوا انا إليكم مرسلون القمي عن الباقر عليه السلام انه سئل عن تفسير هذه الآية فقال بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية فجاءاهم بما لا يعرفون فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام فبعث الله الثالث فدخل المدينة فقال ارشدوني إلى باب الملك قال فلما وقف على الباب قال انا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض وقد أحببت ان اعبد اله الملك فأبلغوا كلامه الملك فقال أدخلوه إلى بيت الآلهة فأدخلوه فمكث سنة مع صاحبيه فقال لهما بهذا ينقل قوم من دين إلى دين بالخرق أفلا رفقتما ثم قال لهما الا تقران بمعرفتي ثم ادخل على الملك فقال له الملك بلغني انك كنت تعبد الهي فلم أزل وأنت أخي فسلني حاجتك فقال ما لي من حاجة أيها الملك ولكن رأيت رجلين في بيت الآلهة فما حالهما قال الملك هذان رجلان أتياني ببطلان ديني ويدعواني إلى إله سماوي فقال أيها الملك فمناظرة جميلة فان يكن الحق لهما اتبعناهما وان يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا وكان لهما ما لنا وعليهما ما علينا قال فبعث الملك اليهما فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما ما الذي جئتماني به قالا جئنا ندعوه إلى عبادة الله الذي خلق السماوات والأرض ويخلق في الأرحام ما يشاء ويصور كيف يشاء وأنبت الأشجار والثمار وانزل القطر من السماء قال فقال لهما إلهكما هذا الذي تدعوان إليه وإلى عبادته ان جئنا بأعمى أيقدر أن يرده صحيحا قالا إن سألناه أن يفعل فعل ان شاء قال: أيها الملك علي بأعمى لم يبصر شيئا قط قال فاتي به فقال لهما ادعوا إلهكما ان يرد بصر هذا فقاما وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر إلى السماء فقال أيها الملك على بأعمى آخر فأتي به قال فسجد سجدة ثم رفع رأسه فإذا الأعمى يبصر فقال أيها الملك حجة بحجة علي بمقعد فاتي به فقال لهما مثل ذلك فصلينا ودعوا الله فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه وقام يمشي فقال أيها الملك علي بمقعد آخر فأتى به فصنع به كما صنع أول مرة فانطلق المقعد فقال أيها الملك قد اتيا بحجتين واتينا بمثلهما ولكن بقي شئ واحد فإن كان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما ثم قال أيها الملك بلغني انه كان للملك ابن واحد ومات فان أحياه الههما دخلت معهما في دينهما فقال له الملك وانا أيضا معك ثم قال لهما قد بقيت هذا الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا إلهكما ان يحييه قال فخرا ساجدين لله عز وجل وأطالا السجود ثم رفع رؤسهما وقالا للملك ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله قال فخرج الناس ينظرون فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب قال فاتي به الملك فعرف انه ابنه فقال ما حالك يا بني قال كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدتين يسألانه ان يحييني فأحياني قال يا بني تعرفهما إذا رأيتهما قال نعم قال فخرج الناس جملة إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له أبوه انظر فيقول لا ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال هذا أحدهما وأشار بيده إليه ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الاخر فقال وهذا الاخر قال فقال النبي عليه السلام صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بإلهكما وعلمت ان ما جئتما به هو الحق قال فقال الملك وانا أيضا آمنت بإلهكما وآمن أهل مملكته كلهم.
وفي المجمع قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين إلى أنطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكرا الله فغضب وامر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى عليه السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما فدخل شمعون البلدة منكرا فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه ورضي عشرته وأنس به وأكرمه ثم قال له ذات يوم أيها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما قال الملك حال الغضب بيني وبين ذلك قال فان رأى الملك دعاهما حتى يتطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون من أرسلكما إلى ههنا قالا الله الذي خلق كل شئ لا شريك له قال وما اتاكما قالا ما تتمناه فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه فصارا مقلتين (2) يبصر بهما فتعجب الملك فقال شمعون للملك ليس لي عنك سر ان إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع ثم قال الملك للرسولين ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما قالا إلهنا قادر على كل شئ فقال الملك ان هيهنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح فجعلا يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا فقام الميت وقال لهم اني قد مت منذ سبعة أيام وأدخلت في سبعة أودية من النار وانا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله فتعجب الملك فلما علم شمعون ان قوله اثر في الملك دعاه إلى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم وكفر آخرون وقد روى مثل ذلك العياشي بأسناده عن الثمالي وغيره عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام الا ان في بعض الروايات بعث الله الرسولين إلى أنطاكية ثم بعث الثالث وفي بعضها ان عيسى عليه السلام أوحى الله إليه ان يبعثهما ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما وان الميت الذي أحياه الله بدعائهما كان ابن الملك وانه قد خرج من قبره ينفض التراب من رأسه فقال له يا بني ما حالك قال كنت ميتا فرأيت رجلين ساجدين يسألان الله أين يحييني قال يا بني فهما إذا رأيتهما قال نعم فأخرج الناس إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر أحدهما بعد جمع كثير فقال هذا أحدهما ثم مر الاخر فعرفهما وأشار بيده اليهما فآمن الملك وأهل مملكته إلى هنا كلام صاحب المجمع.
(15) قالوا ما أنتم الا بشر مثلنا لا مزية لكم علينا تقتضي اختصاصكم بما تدعون وما انزل الرحمن من شئ وحي ورسالته ان أنتم الا تكذبون في دعوى رسالته.
(16) قالوا يعلم انا إليكم لمرسلون الاستشهاد بعلم الله يجري مجري القسم.
(17) وما علينا الا البلاغ المبنى.
(18) قالوا انا تطيرنا بكم تشاءمنا بكم قيل ذلك لاستغرابهم ما ادعوه به وتنفرهم عنه.
والقمي تطيرنا بكم قال بأسمائكم لئن لم تنتهوا عن مقالتكم هذه نرجمنكم وليمسنكم منا عذاب اليم.
(19) قالوا طائركم معكم سبب شؤمكم معكم وهو سوء عقيدتكم وأعمالكم أئن ذكرتم أئن وعظتم به تطيرتم أو توعدتم بالرجم والتعذيب فحذف الجواب بل أنتم قوم مسرفون عادتكم الاسراف.
(20) وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين.
القمي قال نزلت في حبيب النجار إلى قوله وجعلني من المكرمين قيل إنه ممن امن بمحمد صلى الله عليه وآله وبينهما ست مأة سنة وقيل كان في غار يعبد الله فلما بلغه خبر الرسل اظهر دينه.
وفي المجالس عن النبي صلى الله عليه وآله قال الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول اتبعوا المرسلين الآية وحزقيل مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب عليه السلام وهو أفضلهم.
وفي الجوامع عنه صلى الله عليه وآله قال سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين علي بن أبي عليه السلام وصاحب يس ومؤمن آل فرعون فهم الصديقون وعلي أفضلهم.
وفي الخصال عنه عليه السلام قال ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين مؤمن آل يس وعلي بن أبي طالب عليه السلام وآسية امرأة فرعون.
(21) اتبعوا من لا يسئلكم اجرا على النصح وتبليغ الرسالة وهم مهتدون إلى خير الدارين.
(2) وما لي لا اعبد الذي فطرني تلطف في الارشاد بإيراده في معرض.
المناصحة لنفسه وامحاض النصح حيث أراد لهم ما أراد لنفسه والمراد تقريعهم على تركهم عبادة خالقهم إلى عبادة غيره قال واليه ترجعون مبالغة في التهديد ثم عاد إلى المساق الأول فقال.
(23) أأتخذ من دونه آلهة ان يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا لا تنفعني شفاعتهم ولا ينقذون بالنصر والمظاهرة.
(24) اني إذا لفي ضلال مبين بين لا يخفي على عاقل.
(25) اني آمنت بربكم الذي خلقكم أو هو خطاب للرسول بعد ما أراد القوم ان يقتلوه فاسمعون فاسمعوا ايماني.
(26).
قيل ادخل الجنة قيل له ذلك لما قتلوه بشرى بأنه من أهل الجنة أو اكراما واذنا له في دخولها قال يا ليت قومي يعلمون.
(27) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين في الجوامع ورد في حديث مرفوعا انه نصح قومه حيا وميتا.
(28) وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء لاهلاكهم كما أرسلنا يوم بدر والخندق بل كفينا أمرهم بصيحة وما كنا منزلين وما صح في حكمتنا ان ننزل إذ قدرنا لكل شئ سببا وجعلنا ذلك سببا لانتصارك من قومك وقيل ما موصولة معطوفة على جند اي وما كنا منزلين على من قبلهم من حجارة وريح وأمطار شديدة.
(29) ان كانت ما كانت الاخذة الا صيحة واحدة صاح بها جبرئيل عليه السلام فإذا هم خامدون ميتون شبهوا بالنار رمزا إلى أن الحي كالنار الساطع والميت كرمادها.
(30) يا حسرة على العباد تعالى فهذا أوانك.
وفي الجوامع عن السجاد عليه السلام يا حسرة العباد على الإضافة إليهم لاختصاصها بهم من حيث إنها موجهة إليهم ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزؤن فان المستهزئين بالناصحين المخلصين الموط بنصحهم خير الدارين احقاء بأن يتحسروا ويتحصر عليهم وقد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين.
(31) ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون انهم إليهم لا يرجعون.
(32) وان كل لما جميع لدينا محضرون ان مخففة من الثقيلة وما مزيدة للتأكيد وقرئ لما بالتشديد بمعني الا فيكون ان نافية.
(33) وآية لهم الأرض الميتة وقرئ بالتشديد أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون قيل قدم الصلة للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل ويعاش به.
(34) وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فهيا من العيون.
(35) ليأكلوا من ثمره ثمر ما ذكر وقرئ بضمتين وما عملته أيديهم مما يتخذ منه كالعصير والدبس ونحوهما وقرئ بلا هاء وقيل ما نفية أفلا يشكرون.
(36) سبحان الذي خلق الأزواج كلها الأنواع والأصناف مما تنبت الأرض من النبات والشجر ومن أنفسهم الذكر والأنثى ومما لا يعلمون وأزواجا مما لا يطلعهم الله عليه القمي عن الصادق عليه السلام ان النطفة تقع من السماء إلى الأرض على النبات والثمر والشجر فيأكل الناس منه والبهائم فيجري فيهم.
(7 3) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار نزيله ونكشف عن مكانه مستعار من سلخ الشاة فإذا هم مظلمون داخلون في الظلام.
في الكافي عن الباقر عليه السلام يعني قبض محمد صلى الله عليه وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته.
(38) والشمس تجري لمستقر لها لحد معين ينتهي إليه دورها.
وفي المجمع عنهما عليهما السلام لا مستقر لها بنصب الراء اي لا سكون لها فإنها متحركة دائما ذلك تقدير العزيز العليم.
(39) والقمر وقرئ بالنصب قدرناه قدرنا مسيرة منازل وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه حتى عاد كالعرجون القديم كالشمراخ المعجون العتيق.
(40) لا الشمس ينبغي لها يصح لها ويتسهل ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون يسيرون فيه بانبساط.
القمي عن الباقر عليه السلام يقول الشمس سلطان النهار والقمر سلطان الليل لا ينبغي للشمس أن يكون مع ضوء القمر في الليل ولا يسبق الليل النهار يقول لا يذهب الليل حتى يدركه النهار وكل في فلك يسبحون يقول يجئ وراء الفلك الاستدارة.
أقول: يعني يجئ تابعا لسير الفلك على الاستدارة.
وفي المجمع عن العياشي عن الرضا عليه السلام ان النهار خلق قبل الليل وفي قول تعالى ولا الليل سابق النهار قال اي سبقه النهار.
وفي الاحتجاج عن الصادق عليه السلام خلق النهار قبل الليل والشمس قبل القمر والأرض قبل السماء.
وزاد في الكافي وخلق النور قبل الظلمة.
(41) وآية لهم انا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون المملوء أي فلك نوح عليه السلام كما في قوله ذرية من حملنا مع نوح وحمل الله ذريتهم فيها حمله آبائهم الأقدمين وفي أصلابهم ذرياتهم وتخصيص الذرية لأنه أبلغ في الامتنان وادخل في التعجب مع الايجاز.
في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث انه سئل فما التسعون فقال الفلك المشحون اتخذ نوح فيه تسعين بيتا للبهائم وقيل ذريتهم أولادهم الذين يبعثون إلى تجاراتهم أو صبيانهم ونسائهم الذين يستصحبونهم فان الذرية تقع عليهم لأنهن مزارعها وتخصيصهم لان استقرارهم فيها أشق وتماسكهم فيها أعجب.
والقمي قال السفن الممتلية وكأنه ناظر إلى المعنى الأخير لتعميمه الفلك.
(42) وخلقنا لهم من مثله من مثل الفلك ما يركبون من الانعام والدواب ولا سيما الإبل فإنها سفائن البر أو من السفن والزوارق.
(43) وان نشأ (3) نغرقهم فلا صريخ لهم فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق ولا هم ينقذون ينجون به من الموت.
(44) الا رحمة منا ومتاعا الا لرحمة وليتمتع بالحياة إلى حين زمان قدر لآجالهم.
(45) وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم في المجمع عن الصادق عليه السلام معناه اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب وما خلفكم من العقوبة لعلكم ترحمون لتكونوا راجين رحمة الله وجواب إذا محذوف دل عليه ما بعده كأنه قيل اعرضوا.
(46) وما تأتيهم من آية من آيات ربهم الا كانوا عنها معرضين لأنهم اعتادوه وتمرنوا عليه.
(47) وإذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله على محاويجكم قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه اما تهكم به من اقرارهم بالله وتعليقهم الأمور بمشيئة الله واما ايهام بأن الله لما كان قادرا على أن يطعمهم فلم يطعمهم فنحن أحق بذلك وهذا من فرطا جهالتهم فان الله يطعم بأسباب منها حث الأغنياء على اطعام الفقراء وتوفيقهم له ان أنتم الا في ضلال مبين.
(48) ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين يعنو ان وعد البعث.
(49).
ما ينظرون الا صيحة واحدة هي النفخة الأولى تأخذوهم وهم يخصمون يعني يتخاصمون في متاجرهم ومعاملاتهم لا يخطر ببالهم أمرها كقوله فأخذتهم الساعة بغتة.
(50) فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون.
القمي قال ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع أجد إلى منزله ولا يوصي بوصية وفي المجمع في الحديث تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان فيما يطويانه حت يتقوم الساعة والرجل يرفع اكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم.
(51) ونفخ في الصور اي مرة ثانية كما يأتي في سورة الزمر فإذا هم من الاجدات من القبور إلى ربهم (4) ينسلون يسرعون.
(52) قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا.
في الجوامع عن علي عليه السلام انه قرئ من بعثنا على من الجارة والمصدر هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون.
القمي عن الباقر عليه السلام قال فان القوم كانوا في القبور فلما قاموا حسبوا انهم كانوا نياما قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا قالت الملائكة هذا ما وهد الرحمن وصدق المرسلون.
(53) ان كانت الا صحية واحدة هي النفخة الأخيرة فإذا هم جميع لدينا محضرون بمجرد الصيحة وفي ذلك تهوين امر البعث والحشر واستغناؤه عن الأسباب التي ينوط بها فيما يشاهدون.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال كان أبو ذر رحمه الله يقول في خطبته وما بين الموت والبعث الا كنومة نمتها ثم استيقظت منها الحديث.
والقمي عنه عليه السلام قال إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أماتهم واضعاف ذلك ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء الدنيا وأضاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية واضعاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثالثة ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل أسماء الدنيا والسماء الثانية والثالثة وأضعاف ذلك في كل سماء مثل ذلك واضعاف ذلك ثم أمات ميكائيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم أمات جبرئيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم أمات إسرافيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق وثمل ذلك كله واضعاف ذلك ثم أمات ملك الموت ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم يقول الله عز وجل لمن الملك اليوم فيرد على نفسه لله الواحد القهار أين الجبارون أين الذين ادعوا معي إلها آخر أين المتكبرون ونخوتهم ثم يبعث الخلق قال الراوي فقلت ان هذا الامر كائن طول ذلك فقال أرأيت ما كان هل علمت به فقلت لا قال فكذلك هذا.
(54) فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم تعلمون.
(55) ان أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون متلذذون في النعمة وابهامه العظيم مات هم فيه.
القمي قال في افتضاض العذاري فاكهون قال يفاكهون النساء ويلاعبونهن.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام شغلوا بافتضاض العذارى قال وحواجبهن كالأهلة وأشفار أعينهن كقوادم النسور.
(56) هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك السرر المزينة متكؤن القمي عن الباقر عليه السلام قال الأرائك السرر عليها الحجال وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا في حديث قد سبق بعضه في أواخر سورة فاطر.
(57) لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون قيل افتعال من الدعاء وقيل أي يتمنون من قولهم ادع علي ما شئت أي تمنه وقيل ما يدعونه في الدنيا من الجنة ودرجاتها.
(58) سلام قولا من رب رحيم يقال لهم قولا كائنا من جهته يعني أن الله يسلم عليهم القمي قال السلام منه هو الأمان.
(59) وامتازوا اليوم أيها المجرمون وانفردوا عن المؤمنين وذلك حين يسار بالمؤمنين إلى الجنة كقوله تعالى ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون القمي قال إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق فينادوا يا رب حاسبنا ولو إلى النار قال فيبعث الله عز وجل رياحا فتضرب بينهم وينادي مناد وامتازوا اليوم أيها المجرمون فيميز بينهم فصار المجرمون في النار ومن كان في قلبه الأيمان صار إلى الجنة.
(60) ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان جعلها عبادة الشيطان لأنه الامر بها المزين لها وقد ثبت أن كل من أطاع المخلوق في معصية الخالق فقد عبده كما قال الله عز وجل اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله حيث أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فأطاعوهم ومن عبد غير الخالق فقد عبد هواه كما قال الله تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هويه ومن عبد هواه فقد عبد الشيطان في الكافي عن الصادق عليه السلام من أطاع رجلا في معصيته فقد عبده وعن الباقر عليه السلام من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق يروي عن الله فقد عبد الله عز وجل وإن كان الناطق يروي عن الشيطان فقد عبد الشيطان إنه لكم عدو مبين.
(61) وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم إشارة إلى ما عهد إليهم أو إلى عبادة الله.
(62) ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أي خلقا كثيرا وفيه لغات متعددة وقرئ بها أفلم تكونوا تعقلون.
(63) هذه جهنم التي كنتم توعدون.
(64) اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون ذوقوا حرها اليوم بكفركم في الدنيا.
(65) اليوم نختم على أفواههم نمنعها عن الكلام وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون القمي قال إذا جمع الله عز وجل الخلق يوم القيامة دفع إلى كل إنسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا فتشهد عليهم الملائكة فيقولون يا رب ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا وهو قول الله عز وجل يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم فإذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون وفي الكافي عن الباقر عليه السلام وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل فأما من أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا.
(66) ولو نشاء لطمسنا على أعينهم لمسحنا أعينهم حتى تصير ممسوحة فاستبقوا الصراط فاستبقوا إلى الطريق الذي اعتادوا سلوكه فأنى يبصرون الطريق وجهة السلوك فضلا عن غيره.
(67) ولو نشاء لمسخناهم بتغيير صورهم وإبطال قواهم على مكانتهم مكانهم بحيث يخمدون فيه القمي يعني في الدنيا وقرئ مكاناتهم فما استطاعوا مضيا ذهابا ولا يرجعون ولا رجوعا أو لا يرجعون عن تكذيبهم.
(68) ومن نعمره نطل عمره ننكسه في الخلق نقلبه فيه فلا يزال يتزايد ضعفه وانتقاص بنيته وقواه عكس ما كان عليه بدو أمره وقرئ بالتخفيف أفلا يعقلون إن من قدر على ذلك قدر على الطمس والمسخ فإنه مشتمل عليهما وزيادة غير أنه على تدرج وقرئ بالتاء.
(69) وما علمناه الشعر بتعليم القرآن يعني ليس ما أنزلنا عليه من صناعة الشعر في شئ أي مما يتوخاه الشعراء من التخيلات المرغبة والمنفرة ونحوهما مما لا حقيقة له ولا أصل وإنما هو تمويه محض موزونا كان أو غير موزون وما ينبغي له يعني هذه الصناعة القمي قال كانت قريش تقول إن هذا الذي يقوله محمد شعر فرد الله عز وجل عليهم قال ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله شعرا قط أقول: كأن المراد أنه لم يقل كلاما شعريا لا أنه لم يقل كلاما موزونا فإن الشعر يطلق على المعنيين جميعا ولهذا عدوا القرآن شعرا مع أنه ليس بمقفى ولا موزون وقد ورد في الحديث أن من الشعر لحكمة يعني من الكلام الموزون وقد نقل عنه صلى الله عليه وآله كلمات موزونة كقوله أنا النبي صلى الله عليه وآله لا كذب أنا ابن عبد المطلب وقوله هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت وغير ذلك وما روته العامة أنه كان يتمثل بالأبيات على غير وجهها لتصير غير موزونة لم يثبت فإن صح فلعله إنما فعل ذلك لئلا يتوهموا أنه شاعر وأن كلامه كلام شعري فإن الوزن والقافية ليسا بنقص في الكلام ولو كانا نقصا ما أتى بهما أمير المؤمنين عليه السلام وقد استفاض عنه الأبيات وكذا عن ساير الأئمة وإنما النقص في الكلام الشعري قال في المجمع وقد صح أنه صلى الله عليه وآله كان يسمع الشعر ويحث عليه وقال لحسان بن ثابت لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك إن هو إلا ذكر عظة وقرآن مبين كتاب سماوي يتلى في المعابد.
(70) لينذر وقرئ بالتاء من كان حيا في المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام أي عاقلا والقمي يعني مؤمنا حي القلب وفي معناه خبر آخر مر في سورة الأنعام عند قوله أو من كان ميتا فأحييناه والمعنيان متقاربان ويحق القول وتجب كلمة العذاب على الكافرين المصرين على الكفر.
(71) أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا قيل يعني مما تولينا إحداثه ولم يقدر على إحداثه غيرنا وذكر الأيدي وإسناد العمل إليها استعارة تفيد مبالغة في الاختصاص والتفرد بالأحداث والقمي أي بقوتنا خلقناها أنعاما خصها بالذكر لما فيها من بدايع الفطرة وكثرة المنافع فهم لها مالكون يتصرفون فيها بتسخيرنا إياها لهم.
(72) وذللناها لهم فصيرناها منقادة لهم فإن الإبل مع قوتها وعظمتها يسوقها الطفل فمنها ركوبهم مركوبهم ومنها يأكلون أي يأكلون لحمه.
(73) ولهم فيها منافع بما يكسبون بها ومن الجلود والأصواف والأوبار ومشارب من ألبانها أفلا يشكرون نعم الله في ذلك.
(74) واتخذوا من دون الله آلهة أشركوها به في العبادة لعلهم ينصرون رجاء أن ينصروهم.
(75) لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون القمي عن الباقر عليه السلام يقول لا يستطيع الآلهة لهم نصرا وهم للآلهة جند محضرون قيل أي معدون لحفظهم والذب عنهم أو محضرون أثرهم في النار.
(76) فلا يحزنك قولهم في الله بالشرك والإلحاد أو فيك بالتكذيب والتهجين إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون فنجازيهم عليه وكفى بذلك تسلية لك.
(77) أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين القمي أي ناطق عالم بليغ قيل تسلية ثانية بتهوين ما يقولونه في إنكارهم الحشر.
(78) وضرب لنا مثلا أمرا عجيبا وهو نفي القدرة على إحياء الموتى ونسي خلقه خلقنا إياه قال من يحيى العظام وهي رميم منكرا إياه مستبعدا له والرميم ما بلى من العظام.
(79) قل يحييها الذي أنشأها أول مرة فإن قدرته كما كانت وهو بكل خلق عليم يعلم تفاصيل المخلوقات وكيفية خلقها وأجزائها المتفتتة المتبددة أصولها وفصولها ومواقعها وطريق تميزها وضم بعضها إلى بعض العياشي عن الصادق عليه السلام قال جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففته ثم قال يا محمد إذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا فنزلت وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله وعن الصادق عليه السلام أن الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة وروح المسئ في ضيق وظلمة والبدن يصير ترابا كما منه خلق وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض وبعلم عدد الأشياء ووزنها وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور فتربو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء والزبد من اللبن إذا مخض فتجمع تراب كل قالب إلى قالبه فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا.
(80) الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا قيل بأن يسحق المرخ (5) على العفار وهما خضرا وان يقطر منهما الماء فتنقدح النار القمي وهو المرخ والعفار يكون في ناحية من بلاد العرب فإذا أرادوا أن يستوقدوا أخذوا من ذلك الشجر ثم أخذوا عودا فحركوه فيه فيستوقدون منه النار فإذا أنتم منه توقدون لا تشكون في أنها نار تخرج منه.
(81) أوليس الذي خلق السماوات والأرض مع كبر جرمهما وعظم شأنهما بقادر على أن يخلق مثلهم في الصغر والحقارة وقرئ يقدر بلى جواب من الله وهو الخلاق العليم كثير المخلوقات والمعلومات في الاحتجاج عن الصادق عليه السلام وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله به نبيه صلى الله عليه وآله أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحيائه له فقال حاكيا عنه وضرب لنا مثلا ونسي خلقه الآية فأراد من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم قال قل يحييها الذي أنشأها أول مرة أفيعجز من ابتدأه لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلي بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته ثم قال الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا أي إذا أكمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم أنه على إعادة من بلى أقدر ثم قال أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر الآية أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي.
(82) إنما أمره إنما شأنه إذا أراد شيئا أن يقول له كن تكون فيكون فهو يكون أي يحدث وقرئ بالنصب وهو تمثيل لتأثير قدرته في مراده بأمر المطاع للمطيع في حصول المأمور من غير امتناع وتوقف وافتقار إلى مزاولة عمل واستعمال آلة قطعا لمادة الشبهة في العيون عن الرضا عليه السلام كن منه صنع وما يكون به المصنوع وفي نهج البلاغة إنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه قال يقول ولا يلفظ ويريد ولا يضمر وقال يريد بلا همة وقد سبق أخبار أخر في هذا المعني في سورة البقرة وغيرها والقمي قال خزائنه في الكاف والنون.
(83) فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ تنزيه له عما ضربوا له وتعجيب عما قالوا فيه وملكوت كل شئ ما يقوم به ذلك الشئ من عالم الأرواح والملائكة وإليه ترجعون وعد ووعيد للمقرين والمنكرين وقرئ بفتح التاء في ثواب الأعمال عن الباقر عليه السلام من قرأ يس في عمره مرة واحدة كتب الله له بكل خلق في الدنيا وبكل خلق في الآخرة وفي السماء بكل واحد ألفي ألف حسنة ومحى عنه مثل ذلك ولم يصبه فقر ولا غرم ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضره وخفف الله عنه سكرات الموت وأهواله وولي قبض روحه وكان ممن يضمن الله له السعة في معيشته والفرج عند لقائه والرضا بالثواب في آخرته وقال الله للملائكة أجمعين من في السماوات ومن في الأرض قد رضيت عن فلان فاستغفروا له وفيه وفي المجمع عن الصادق عليه السلام أن لكل شئ قلبا وان قلب القرآن يس الحديث وذكر فيه ثوابا كثيرا لقراءتها
1. عما تضمنه القرآن وعما أنذر الله به من نزول العذاب والغفلة مثل السهور وهو ذهاب المعنى عن النفس. .
2. المقلة شمعة العين التي تجمع السواد والبياض. .
3. أي وان نشأ إذا حملناهم في السفن نغرقهم بتهييج الرياح والأمواج. .
4. أي إلى الموضع الذي يحكم الله فيه ولا حكم فيه لغيره هناك. .
5. المرخ شجر سريع الوري. .