سورة السجدة

مكية الا ثلاث آيات منها فإنها نزلت بالمدينة أفمن كان مؤمنا إلى تمام الآيات عدد آيها تسع وعشرون اية بصري وثلاثون في الباقين بسم الله الرحمن الرحيم.

(1) ألم.

(2) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.

(3) أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما اتيهم من نذير من قبلك إذ كانوا أهل الفترة لعلهم يهتدون بانذارك إياهم.

(4) الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش سبق تفسيره في سورة الأعراف ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع إذا جاوزتم امره أفلا تتذكرون بمواعظ الله.

(5) يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون القمي يعني الأمور التي يدبرها والأمر والنهي الذي امر به واعمال العباد كل هذا يظهر يوم القيامة فيكون مقدار ذلك اليوم الف سنة من سني الدنيا وقد سبق في سورة الحج اخبار في هذا المعنى.

(6) ذلك عالم الغيب والشهادة فيدبر أمرها على وفق الحكمة العزيز الغالب على امره الرحيم على العباد في تدبيره.

(7) الذي أحسن كل شئ خلقه موفرا عليه ما يستعده ويليق به على وفق الحكمة والمصلحة وقرء بفتح اللام وبدء خلق الانسان من طين القمي قال هو آدم.

(8) ثم جعل نسله ذريته سميت به لأنها تنسل منه أي تنفصل من سلالة القمي نسله اي ولده من سلالة قال هو الصفوة من الطعام والشراب من ماء مهين قال النطفة المني.

(9) ثم سواه قومه بتصوير أعضائه على ما ينبغي القمي استحاله من نطفة إلى علقة ومن علقة إلى مضغة حتى نفخ فيه الروح ونفخ فيه من روحه اضافه إلى نفسه تشريفا واظهارا بأنه خلق عجيب وان له لشأنا له مناسبة ما إلى الحضرة الربوبية ولأجله من عرف نفسه فقد عرف ربه وقد مضى في معنى الروح اخبار في سورة الحجر وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة خصوصا لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا قليلا ما تشكرون شكرا قليلا.

(10) وقالوا أإذا ضللنا في الأرض اي صرنا ترابا مخلوطا بتراب الأرض لا نتميز عنه أو غبنا فيها وقرء بحذف الهمزة وفي الجوامع عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قرء بالمهملة وكسر اللام من صل اللحم إذا أنتن ائنا لفي خلق جديد يجدد خلقنا وقرئ بحذف الهمزة بل هم بلقاء ربهم كافرون في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني البعث فسماه الله عز وجل لقائه.

(11) قل يتوفاكم يستوفي نفوسكم لا يترك منها شيئا ولا يبقى منكم أحدا ملك الموت الذي وكل بكم بقبض أرواحكم واحصاء اجالكم ثم إلى ربكم ترجعون للحساب والجزاء القمي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين فقلت من هذا يا جبرئيل قال هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح فقلت ادنني منه يا جبرئيل لأكلمه فأدناني منه فقلت له يا ملك الموت اكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه قال نعم قلت وتحضرهم بنفسك قال نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله عز وجل لي ومكنني منها الا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف شاء وما من دار في الدنيا الا وادخلها في كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم لا تبكوا عليه فان لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله كفى بالموت طامة يا جبرئيل فقال جبرئيل ما بعد الموت اطم وأعظم من الموت.

(12) ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم من الحياء والخزي ربنا قائلين ربنا أبصرنا ما وعدتنا وسمعنا منك تصديق رسلك فارجعنا إلى الدنيا نعمل صالحا انا موقنون إذ لم يبق لنا شك بما شاهدنا القمي أبصرنا وسمعنا في الدنيا ولم نعمل به.

(13) ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ما تهتدي به إلى الإيمان والعمل الصالح بالتوفيق له القمي قال لو شئنا ان نجعلهم كلهم معصومين لقدرنا ولكن حق القول منى ثبت قضائي وسبق وعيدي لأملئن جهنم من الجنة والناس أجمعين.

(14) فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا انا نسيناكم القمي اي تركناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون من التكذيب والمعاصي.

(15) إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها وعظوا بها خروا سجدا خوفا من عذاب الله وسبحوا بحمد ربهم ونزهوه عما لا يليق به كالعجز عن البعث حامدين له شكرا على ما وفقهم للاسلام واتاهم الهدى وهم لا يستكبرون عن الإيمان والطاعة.

(16) تتجافى جنوبهم ترتفع وتتنحى عن المضاجع الفرش ومواضع النوم في المجمع عنهما عليهما السلام هم المتهجدون بالليل الذين يقومون عن فرشهم للصلاة يدعون ربهم داعين إياه خوفا من سخطه وطمعا في رحمته ومما رزقناهم ينفقون في وجوه الخير في العلل عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال لعلك ترى ان القوم لم يكونوا ينامون لابد لهذا البدن ان تريحه حتى يخرج نفسه فإذا خرج النفس استراح البدن ورجع الروح قوة على العمل قال نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام واتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فإذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا إلى ربهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده فذكرهم الله في كتابه فأخبركم بما أعطاهم انه أسكنهم في جواره وأدخلهم جنته وأمنهم خوفهم واذهب رعبهم وفي الكافي عنه عليه السلام وفي المجالس عن الصادق عليه السلام وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله الا أخبرك بأبواب الخير قيل نعم قال الصوم جنة من النار والصدقة تكفر الخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله وفي رواية يذكر الله وفي أخرى يناجي ربه ثم قرأ هذه الآية تتجافى جنوبهم وفي الأمالي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال لا ينامون حتى يصلوا العتمة.

(17) فلا تعلم نفس ما اخفى لهم وقرئ بسكون الياء من قرة أعين مما تقربه عيونهم جزاء بما كانوا يعملون القمي عن الصادق عليه السلام ما من عمل حسن يعمله العبد الا وله ثواب في القرآن الا صلاة الليل فان الله عز وجل لم يبين ثوابها لعظم خطره عنده فقال جل ذكره تتجافى جنوبهم إلى قوله يعملون ثم قال إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلتان فينتهي إلى باب الجنة فيقول استأذنوا لي على فلان فيقال له هذا رسول ربك على الباب فيقول لأزواجه اي شئ ترين علي أحسن فيقلن يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا بعث إليك ربك فيتزر بواحدة ويتعطف بالأخرى فلا يمر بشئ الا أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى فإذا نظروا إليه خروا سجدا فيقول عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤنة فيقولون يا رب واي شئ أفضل مما أعطيتنا أعطيتنا الجنة فيقول لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا فيرجع المؤمن في كل جمعة سبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله ولدينا مزيد وهو يوم الجمعة ليلتها ليلة غراء ويومها يوم أزهر فأكثروا فيها من التسبيح والتكبير والتهليل والثناء على الله والصلاة على محمد وآله قال فيمر المؤمن فلا يمر بشئ الا أضاء له فينتهي إلى أزواجه فيقلن والذي أباحنا الجنة يا سيدنا ما رأيناك قط أحسن منك الساعة فيقول اني قد نظرت إلى نور ربي ثم قال إن أزواجه لا يغرن ولا يحضن ولا يصلفن قال الراوي قلت جعلت فداك اني أردت ان أسألك عن شئ استحي منه قال سل قلت في الجنة غناء قال إن في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلايق بمثلها حسنا ثم قال هذا عوض لمن ترك السماع للغناء في الدنيا من مخافة الله قال قلت جعلت فداك زدني فقال إن الله خلق جنة بيده ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق يفتحها الرب كل صباح فيقول ازدادي ريحا وازدادي طيبا وهو قول الله فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون وفي المحاسن عنهما عليهما السلام قالا قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري بي رأيت في الجنة نهرا ابيض من اللبن واحلى من العسل وأشد استقامة من السهم فيه أباريق عدد النجوم على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدر الأبيض فضرب جبرئيل بجناحيه فإذا هو مسكة ذفرة ثم قال والذي نفس محمد صلى الله عليه وآله بيده ان في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون والآخرون يثمر ثمرا كالرمان يلقي ثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة والمؤمنون على الكراسي وهم الغر المحجلون حيث شاؤوا من الجنة فبينا هم كذلك إذ أشرفت عليهم امرأة من فوقه تقول سبحان الله يا عبد الله ما لنا منك دولة فيقول من أنت فتقول انا من اللواتي قال الله فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعتكم عليه اقرؤا ان شئتم فلا تعلم نفس الآية أقول: بله ككتف بمعنى دع أو سوى.

(18) أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا خارجا عن الإيمان لا يستوون في الشرف والمثوبة.

(19) اما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا النزل ما يعد للنازل من طعام وشراب وصلة بما كانوا يعملون.

(20) واما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا ان يخرجوا منها أعيدوا فيها عبارة عن خلودهم فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون إهانة لهم وزيادة في غيظهم القمي قال إن جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما فإذا بلغوا أسفلها زفرت بهم جهنم فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد فهذه حالهم.

(21) ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر أي قبل أن يصلوا إلى الآخرة القمي قال العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف لعلهم يرجعون قال فإنهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا وفي المجمع عن الصادق عليه السلام ان العذاب الأدنى عذاب القبر قال والأكثر في الرواية عن الباقر والصادق عليهما السلام ان العذاب الأدنى الدابة والدجال القمي عن الباقر عليه السلام قال إن علي بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة تشاجرا فقال الفاسق الوليد بن عقبة انا والله ابسط منك لسانا واحد منك شأنا وامثل جثوا في الكتيبة فقال علي عليه السلام اسكت إنما أنت فاسق فأنزل الله هذه الآيات وفي الاحتجاج عن الحسن المجتبى عليه السلام في حديث له واما أنت يا وليد ابن عقبة فوالله ما ألومك ان تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر أم كيف تسبه وقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن وسماك فاسقا وهو قول الله عز وجل أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون أقول: الاخبار مستفيضة من طريق العامة والخاصة بأن هذه الآيات نزلت في علي عليه السلام والوليد.

(22) ومن اظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم اعرض عنها فلم يتفكر فيها وثم لاستبعاد الاعراض عنها مع فرط وضوحها وارشادها إلى أسباب السعادة بعد التذكير بها انا من المجرمين منتقمون فكيف بمن كان اظلم من كل ظالم.

(23) ولقد اتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه قيل من لقاء موسى عليه السلام ربه في الآخرة كذا عن النبي صلى الله عليه وآله وجعلناه هدى لبنى إسرائيل.

(24) وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وقرئ بكسر اللام والتخفيف القمي قال كان في علم الله انهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم أئمة وعن الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال الأئمة في كتاب الله امامان قال الله تعالى وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لا بأمر الناس يقدمون امر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم الحديث وكانوا بآياتنا يوقنون لامعانهم فيها النظر.

(25) ان ربك هو يفصل بينهم يوم القيمة يقضي فيميز الحق من الباطل بتمييز المحق من المبطل فيما كانوا فيه يختلفون من امر الدين.

(26) أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون اي كثرة من أهلكناهم يمشون في مساكنهم قيل يعني أهل مكة يمرون في متاجرهم على ديارهم ان في ذلك لآيات أفلا يسمعون سماع تدبر واتعاظ.

(27) أولم يرو انا نسوق الماء إلى الأرض الجرز التي جرز نباتها اي قطع وأزيل القمي قال الأرض الخراب فنخرج به زرعا تأكل منه انعامهم كالتبن والورق وأنفسهم كالحب والثمر أفلا يبصرون فيستدلون به على كمال قدرته وفضله.

(28) ويقولون متى هذا الفتح ان كنتم صادقين في الوعد به.

(29) قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا ايمانهم ولا هم ينظرون ولا يمهلون.

(30) فاعرض عنهم وانتظر انهم منتظرون القمي هو مثل ضربه الله في الرجعة والقائم عليه السلام فلما اخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر الرجعة قالوا متى هذا الفتح ان كنتم صادقين وهذه معطوفة على قوله ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما كان منه وكان من رفقاء محمد وأهل بيته عليه وآله السلام وفي ثواب الأعمال عنه عليه السلام من اشتاق إلى الجنة والى صفتها فليقرأ الواقعة ومن أحب ان ينظر إلى صفة النار فليقرأ سجدة ولقمان وفي الخصال عنه عليه السلام قال إن العزائم اربع اقرأ باسم ربك الذي خلق والنجم وتنزيل السجدة وحم السجدة والله يعلم