سورة العنكبوت

مكية كلها في قول مدنية في آخر مكية إلا عشر آيات من أولها فإنها مدنية في ثالث عدد آيها تسع وستون آية بسم الله الرحمن الرحيم.

(1) ألم.

(2) أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون لا يختبرون في المجمع عن الصادق عليه السلام معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم وعن النبي صلى الله عليه وآله انه لما نزلت هذه الآية قال لا بد من فتنة تبتلى بها الأمة بعد نبيها ليتعين الصادق من الكاذب لأن الوحي قد انقطع وبقي السيف وافتراق الكلمة إلى يوم القيامة وفي نهج البلاغة قام رجل فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله عنها فقال علي عليه السلام لما انزل الله سبحانه قوله ألم أحسب الناس الآية علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله بين أظهرنا فقلت يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها فقال يا علي ان أمتي سيفتنون من بعدي فقلت يا رسول الله أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وجيزت عني الشهادة فشق ذلك علي فقلت لي ابشر فان الشهادة من ورائك فقال لي ان ذلك كذلك فكيف صبرك اذن فقلت يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر فقال يا علي سيفتنون بأموالهم ويمنون بدينهم على ربهم ويتمنون رحمته ويأمنون سطوته ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع قلت يا رسول الله فبأي المنازل أنزلهم أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة فقال بمنزلة فتنة والقمي عن الكاظم عليه السلام قال جاء العباس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال انطلق يبايع لك الناس فقال له أمير المؤمنين عليه السلام أوتراهم فاعلين قال نعم قال فأين قوله عز وجل ألم أحسب الناس الآية وفي الكافي عنه عليه السلام انه قرء هذه الآية ثم قال ما الفتنة قيل الفتنة في الدين فقال يفتنون كما يفتن الذهب ثم قال يخلصون كما يخلص الذهب.

(3) ولقد فتنا الذين من قبلهم اختبرناهم فان ذلك سنة قديمة جارية في الأمم كلها فلا ينبغي ان يتوقع خلافه فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين فليعلمنهم في الوجود ممتحنين بحيث يتميز الذين صدقوا في الايمان والذين كذبوا فيه بعد ما كان يعلمهم قبل ذلك انهم سيوجدون ويمتحنون وفي المجمع عن أمير المؤمنين والصادق عليهما السلام انهما قرءا بضم الياء وكسر اللام فيهما من الاعلام اي ليعرفنهم الناس.

(4) أم حسب الذين يعملون السيئات الكفر والمعاصي ان يسبقونا ان يفوتونا فلا نقدر ان نجازيهم على مساوئهم ساء ما يحكمون.

(5) من كان يرجوا لقاء الله فان اجل الله لآت القمي قال من أحب لقاء الله جاءه الأجل وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني من كان يؤمن بأنه مبعوث فان وعد الله لات من الثواب والعقاب قال فاللقاء ههنا ليس بالرؤية واللقاء هو البعث وهو السميع لأقوال العباد العليم بعقايدهم واعمالهم.

(6) ومن جاهد القمي قال نفسه عن اللذات والشهوات والمعاصي فإنما يجاهد لنفسه لأن منفعته لها ان الله لغني عن العالمين فلا حاجة به إلى طاعتهم.

(7) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون أحسن جزاء اعمالهم.

(8) ووصينا الانسان بوالديه حسنا القمي قال هما اللذان ولداه وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم بآلهيته عبر عن نفيها بنفي العلم بها اشعارا بان ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه وان لم يعلم بطلانه فضلا عما علم بطلانه فلا تطعهما في ذلك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون بالجزاء عليه.

(9) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين في جملتهم.

(10) ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله القمي قال إذا اذاه انسان أو اصابه ضر وفاقة أو خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم فرأى أن ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع ولئن جاء نصر من ربك فتح وغنيمة والقمي يعني القائم عليه السلام ليقولن انا كنا معكم في الدين فأشركونا فيه أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين من الاخلاص والنفاق.

(11) وليعلمن الله الذين آمنوا بقلوبهم وليعلمن المنافقين فيجازي الفريقين.

(12) وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم القمي قال كان الكفار يقولون للمؤمنين كونوا معنا فان الذي تخافون أنتم ليس بشئ فإن كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم فيعذبهم الله عز وجل مرتين مرة بذنوبهم ومرة بذنوب غيرهم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ انهم لكاذبون.

(13) وليحملن أثقالهم أثقال ما اقترفته أنفسهم وأثقالا مع أثقالهم وأثقالا اخر معها لما تسببوا له بالاضلال والحمل على المعصية من غير أن ينقص من أثقال من تبعهم شئ وليسئلن يوم القيمة سؤال تقريع وتبكيت عما كانوا يفترون من الأباطيل الذي أضلوا بها.

(14) ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما في الاكمال عن الباقر عليه السلام لم يشاركه في نبوته أحد وفي الكافي عنه عليه السلام يدعوهم سرا وعلانية فلما أبوا وعتوا قال رب اني مغلوب فانتصر فاخذهم الطوفان وهم ظالمون.

(15) فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين يتعظون ويستدلون بها.

(16) وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم مما أنتم عليه ان كنتم تعلمون.

(17) إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون افكا وتكذبون كذبا في تسميتها آلهة وادعاء شفاعتها عند الله ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون.

(18) وان تكذبوا وان تكذبوني قيل هي من جملة قصة إبراهيم (عليه السلام) والقمي انقطع خبر إبراهيم وخاطب الله أمة محمد صلى الله عليه وآله فقال وان تكذبوا إلى قوله لهم عذاب اليم ثم عطف على خبر إبراهيم (عليه السلام) فقال وما كان جواب قومه فهذا من المنقطع المعطوف أقول: الوجه فيه ان مساق قصة إبراهيم (عليه السلام) لتسلية الرسول والتنفيس عنه بان أباه خليل الله كان ممنوا بنحو ما منى به من شرك القوم وتكذيبهم وتشبيه حاله فيهم بحال إبراهيم (عليه السلام) في قومه ولذلك توسط مخاطبتهم بين طرفي قصته فقد كذب أمم من قبلكم الرسل فلم يضرهم تكذيبهم وإنما ضر أنفسهم فكذا تكذيبهم وما على الرسول الا البلاغ المبين.

(19) أولم يروا وقرء بالتاء على تقدير القول كيف يبدؤ الله الخلق ثم يعيده ان ذلك على الله يسير إذ لا يفتقر في فعله إلى شئ.

(20) قل سيروا في الأرض خطاب لمحمد صلى الله عليه وآله ان كانت هذه الآية معترضة في قصة إبراهيم كما ذكره القمي وحكاية كلام الله إبراهيم (عليه السلام) ان كانت من جملة قصته فانظروا كيف بدء الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة وقرء بفتح الشين والمد ان الله على كل شئ قدير.

(21) يعذب من يشاء ويرحم من يشاء واليه تقلبون تردون.

(22) وما أنتم بمعجزين في الأرض ربكم عن ادراككم ولا في السماء ان فررتم من قضائه بالتواري في إحديهما وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير يحرسكم عن بلائه.

(23) والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي لإنكار هم البعث والجزاء وأولئك لهم عذاب اليم بكفرهم.

(24) فما كان جواب قومه قوم إبراهيم (عليه السلام) له الا ان قالوا اقتلوه أو حرقوه قيل وكان ذلك قول بعضهم لكن لما قال فيهم ورضي به الباقون اسند إلى كلهم فأنجاه الله من النار اي فقذفوه فيها فأنجاه منها بأن جعلها عليه بردا وسلاما ان في ذلك في انجائه منها لآيات هي حفظه من اذى النار واخمادها مع عظمها في زمان يسير وانشاء روض مكانها لقوم يؤمنون لأنهم المنتفعون بها.

(25) وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم وقرء بالإضافة منصوبة ومرفوعة في الحياة الدنيا اي لتتوادوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها ثم يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض في الكافي عن الصادق عليه السلام يعني يتبرء بعضكم من بعض وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام الكفر في هذه الآية البراءة يقول فيبرء بعضكم من بعض قال ونظيرها في سورة إبراهيم (عليه السلام) قول الشيطان انى كفرت بما أشركتمون من قبل وقول إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن كفرنا بكم اي تبرأنا منكم ويلعن بعضكم بعضا اي يقوم التناكر والتلاعن بينكم أو بينكم وبين الأوثان كقوله ويكونون عليهم ضدا في الكافي عن الصادق عليه السلام ليس قوم ائتموا بامام في الدنيا الا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه الا أنتم ومن كان على مثل حالكم وفي المحاسن عنه عليه السلام اما ترضون ان يأتي كل قوم يلعن بعضهم بعضا الا أنتم ومن قال بمقالتكم ومأواكم النار وما لكم من ناصرين يخلصونكم منها.

(26) فآمن له لوط وكان ابن خالته كما سبق في قصتهما وقال إني مهاجر إلى ربى قيل مهاجر من قومي إلى حيث امرني ربي القمي قال المهاجر من هجر السيئات وتاب إلى الله انه هو العزيز الذي يمنعني من أعدائي الحكيم الذي لا يأمرني الا بما فيه صلاحي في الاكمال عن الباقر عليه السلام ان إبراهيم عليه السلام كان نبوته بكوثي وهي قرية من قرى السواد يعني به الكوفة قال فيها بدا أول امره ثم هاجر منها وليست بهجرة قتال وذلك قول الله عز وجل اني مهاجر إلى ربي سيهدين.

(27) ووهبنا له اسحق ويعقوب ولدا ونافلة حين أيس عن الولادة من عجوز عاقر ولذلك لم يذكر إسماعيل وجعلنا في ذريته النبوة فكثر منهم الأنبياء والكتاب يشمل الكتب الأربعة والصحف وآتيناه اجره في الدنيا باعطاء الولد في غير أوانه والذرية الطيبة التي من جملتهم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وأمير المؤمنين عليهم السلام وعترتهما الطيبين واستمرار النبوة فيهم وأنتما الملل إليه والصلاة والثناء عليه إلى آخر الدهر وانه في الآخرة لمن الصالحين لفي عداد الكاملين في الصلاح.

(28) ولوطا إذ قال لقومه أإنكم وقرء بحذف همزة الاستفهام على الخبر لتأتون الفاحشة الفعلة البالغة في القبح ما سبقكم بها من أحد من العالمين.

(29) ائنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتتعرضون للسابلة.

(2) بالفاحشة والفضيحة حتى انقطعت الطرق وتأتون في ناديكم في مجالسكن الغاصة ولا يقال النادي الا لما فيه أهله المنكر في المجمع عن الرضا عليه السلام كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء والقمي قال كان يضرط بعضهم على بعض وفي العوالي عن النبي صلى الله عليه وآله هو الخذف فما كان جواب قومه الا ان قالوا ائتنا بعذاب الله ان كنت من الصادقين.

(30) قال رب انصرني على القوم المفسدين بابتداع الفاحشة فيمن بعدهم.

(31) ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى بالبشارة بالولد والنافلة قالوا انا مهلكوا أهل هذه القرية قرية سدوم ان أهلها كانوا ظالمين.

(32) قال إن فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه وقرء بالتخفيف وأهله الا امرأته كانت من الغابرين الباقين في العذاب.

(33) ولما ان جاءت رسلنا لوطا سئ بهم جاءته المساءة والغم بسببهم وضاق بهم ذرعا وضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه اي طاقته وقالوا لما رأوا فيه من اثر الضجرة لا تخف ولا تحزن انا منجوك وقرء بالتخفيف وأهلك الا امرأتك كانت من الغابرين.

(34) انا منزلون وقرء بالتشديد على أهل هذه القرية رجزا من السماء عذابا منها بما كانوا يفسقون بسبب فسقهم.

(35) ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون هي منزل لوط بقي عبرة للسيارة كما سبق في قصتهم المشروحة في سورة هود.

(36) والى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وأرجو اليوم الآخر وافعلوا ما ترجون به ثوابه وقيل إنه من الرجاء بمعنى الخوف ولا تعثوا في الأرض مفسدين.

(37) فكذبوه فاخذتهم الرجفة الزلزلة الشديدة التي فيها الصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين باركين على الركب ميتين.

(38) وعادا وثمود اي واذكرهما وأهلكناهما وقد تبين لكم من مساكنهم بعض مساكنهم إذا نظرتم إليها عند مروركم بها وزين لهم الشيطان اعمالهم من الكفر والمعاصي فصدهم عن السبيل السبيل السوي الذي بين لهم الرسل وكانوا مستبصرين متمكنين من النظر والاستبصار ولكنهم لم يفعلوا.

(39) وقارون وفرعون وهامان قدم قارون لشرف نسبه ولقد جائهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فائتين بل أدركهم امر الله.

(40) فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا حصباء كقوم لوط ومنهم من اخذته الصيحة كمدين وثمود ومنهم من خسفنا به الأرض كقارون ومنهم من أغرقنا كفرعون وقومه وقوم نوح وما كان الله ليظلمهم فيعاقبهم بغير جرم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بالتعريض للعذاب.

(41) مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء فيما اتخذوه معتمدا ومتكلا كمثل العنكبوت اتخذت بيتا فيما نسجه في الوهن والخور وان أوهن البيوت لبيت العنكبوت لا بيت أوهن وأقل وقاية للحر والبرد منه لو كانوا يعلمون يرجعون إلى علم لعلموا ان هذا مثلهم.

(42) ان الله يعلم ما تدعون وقرء بالياء من دونه من شئ وهو العزيز الحكيم.

(43) وتلك الأمثال يعني هذا المثل ونظائره نضربها للناس تقريبا لما بعد من أفهامهم وما يعقلها الا العالمون الذين يتدبرون الأشياء على ما ينبغي القمي يعني آل محمد صلوات الله عليهم وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله انه تلا هذه الآية فقال العالم الذي عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه.

(44) خلق الله السماوات والأرض بالحق ان في ذلك لآية للمؤمنين لأنهم المنتفعون بها.

(45) أتل ما أوحى إليك من الكتاب تقربا إلى الله بقراءته وتحفظا لألفاظه واستكشافا لمعانيه وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر القمي قال من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر لم تزدده من الله عز وجل الا بعدا وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله مثله وروي ان فتى من الأنصار كان يصلي الصلوات مع رسول الله صلى الله عليه وآله ويرتكب الفواحش فوصف ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال إن صلاته تنهاه يوما ما فلم يلبث ان تاب وفي التوحيد عن الصادق عليه السلام قال الصلاة حجزة الله وذلك انها تحجز المصلي عن المعاصي ما دام في صلاته ثم تلا هذه الآية وفي الكافي عن سعد الخفاف عن الباقر عليه السلام انه سأله هل يتكلم القرآن فتبسم ثم قال رحم الله الضعفاء من شيعتنا انهم أهل تسليم ثم قال نعم يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى قال فتغير لذلك لوني وقلت هذا شئ لا أستطيع ان أتكلم به في الناس فقال عليه السلام وهل الناس الا شيعتنا فمن لم يعرف الصلاة فقد انكر حقنا ثم قال يا سعد أسمعك كلام القرآن قال سعد فقلت بلى صلى الله عليك فقال إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر فالنهي كلام والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر الله ونحن أكبر أقول: الفحشاء والمنكر الأولان إذ هما صورتهما وخلقهما والصلاة من ينهى عنهما وهو معروف ولذكر الله أكبر القمي عن الباقر عليه السلام يقول ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه الا ترى انه يقول اذكروني أذكركم وفي المجمع عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى ولذكر الله أكبر قال ذكر الله عندما أحل وحرم والله يعلم ما تصنعون.

(46) ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن قد مضى تفسيره في سورة النحل عند قوله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم بالافراط والاعتداء وقولوا آمنا بالذي انزل الينا وانزل إليكم هو من المجادلة بالتي هي أحسن وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وبكتبه ورسله فان قالوا باطلا لم تصدقوهم وان قالوا حقا لم تكذبوهم والهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون مطيعون له خاصة ولعل فيه تعريضا باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله.

(47) وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به القمي هم آل محمد صلوات الله عليهم ومن هؤلاء قال يعني أهل الإيمان من أهل القبلة من يؤمن به وما يجحد بآياتنا مع ظهورها الحجة عليها الا الكافرون القمي يعني ما يجحد بأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام الا الكافرون.

(48) وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك فان ظهور هذا الكتاب الجامع لأنواع العلوم الشريفة على أمي لم يعرف بالقراءة والتعلم خارق للعادة وذكر اليمين زيادة تصوير للمنفى ونفي للتجوز في الاسناد إذا لارتاب المبطلون اي لو كنت ممن تخط وتقرء لقالوا لعله تعلمه أو التقطه من كتب الأقدمين القمي هذه الآية معطوفة على قوله في سورة الفرقان اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا فرد الله عليهم فقال كيف يدعون ان الذي تقرؤه أو تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت ما كنت تتل من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون اي شكوا وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا ولم يختلف إلى معلم ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء واخبارهم حرفا حرفا واخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.

(49) بل هو القرآن آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم في الكافي عن الباقر عليه السلام انه تلا هذه الآية فأومى بيده إلى صدره وعنه عليه السلام انه تلاها فقال ما بين دفتي المصحف قيل من هم قال من عسى ان يكونوا غيرنا وعن الصادق عليه السلام هم الأئمة عليهم السلام وقال نحن وإيانا عني في اخبار كثيرة وما يجحد بآياتنا الا الظالمون.

(50) وقالوا لولا انزل عليه آية من ربه مثل ناقة صالح وعصا موسى (عليه السلام) ومائدة عيسى (عليه السلام) وقرء آيات قل إنما الآيات عند الله ينزلها كما يشاء لست أملكها فأتاكم بما تقترحونه وإنما انا نذير مبين ليس من شأني الا الإنذار بما أعطيت من الآيات.

(51) أولم يكفهم اية مغنية عما اقترحوه انا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم يدوم تلاوته عليهم ان في ذلك اي في ذلك الكتاب والذي هو آية مستمرة وحجة مبينة لرحمة لنعمة عظيمة وذكرى لقوم يؤمنون وتذكرة لمن همه الإيمان دون التعنت روي أن أناسا من المسلمين اتوا رسول الله صلى الله عليه وآله بكتف كتب فيها بعض ما يقوله اليهود قال كفى بها ضلالة قوم ان يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم فنزلت.

(52) قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا بصدقي وقد صدقني بالمعجزات يعلم ما في السماوات والأرض فلا يخفى عليه حالي وحالكم والذين آمنوا بالباطل وهو ما يعبد من دون الله وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان.

(53) ويستعجلونك بالعذاب بقولهم أمطر علينا حجارة من السماء ولولا اجل مسمى لكل عذاب وقوم لجائهم العذاب عاجلا وليأتينهم بغتة فجأة في الدنيا كوقعة بدر أو في الآخرة عند نزول الموت بهم وهم لا يشعرون باتيانه.

(54) يستعجلونك بالعذاب وان جهنم لمحيطة بالكافرين لإحاطة أسبابها بهم.

(55) يوم يغشهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول وقرء بالنون ذوقوا ما كنتم تعملون.

(56) يا عبادي الذين آمنوا ان ارضى واسعة فإياي فاعبدون اي إذا لم يتيسر لكم العبادة في بلدة فهاجروا إلى حيث يتمشى لكم ذلك القمي عن الباقر عليه السلام قال يقول لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فان خفتموهم ان يفتنوكم عن دينكم فان ارضي واسعة وهو يقول فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض فقال ألم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها وفي المجمع عن الصادق عليه السلام إذا عصى الله في ارض أنت بها فاخرج منها إلى غيرها وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله من فر بدينه من ارض إلى ارض وإن كان شبرا من الأرض استوجب بها الجنة وكان رفيق إبراهيم (عليه السلام) ومحمد صلى الله عليه وآله.

(57) كل نفس ذائقة الموت تناله لا محالة ثم الينا ترجعون وقرئ بالياء قد مر في سورة آل عمران اخبار في هذه الآية.

(58) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم لننزلنهم وقرء لنثوينهم بالثاء من الثواء اي لنقيمنهم من الجنة غرفا عوالي تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم اجر العاملين.

(59) الذين صبروا على المحن والمشاق وعلى ربهم يتوكلون ولا يتوكلون الا على الله.

(60) وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم القمي قال كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع فقال الله الله يرزقها وإياكم وقيل لما أمروا بالهجرة قال بعضهم كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت وفي المجمع عن ابن عمر قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بعض حيطان الأنصار فأخذ يأكل تمرا وقال هذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ما ملك كسرى وقيصر فكيف بك يا بن عمر إذا بقيت مع قوم يخبئون رزق سنتهم لضعف اليقين فوالله ما برحنا حتى نزلت هذه الآية وهو السميع العليم لقولكم وبضميركم.

(61) ولئن سئلتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فانى يؤفكون يصرفون عن توحيده بعد اقرارهم بذلك بالفطرة.

(62) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له لمن يبسط على التعاقب أو لمن يشاء لإبهامه ان الله بكل شئ عليم يعلم مصالحهم ومفاسدهم.

(63) ولئن سئلتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون فيتناقضون حيث يقرون بأنه خالق كل شئ ثم إنهم يشركون به الأصنام.

(64) وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب الا كما يلهي ويلعب به الصبيان يجتمعون عليه ويتبهجون به ساعة ثم يتفرقون متعبين وان الدار الآخرة لهى الحيوان لهي دار الحياة الحقيقية لامتناع طريان الموت عليها وفي لفظة الحيوان من المبالغة ما ليست في لفظة الحياة لبناء فعلان على الحركة والاضطراب اللازم للحياة لو كانوا يعلمون لم يؤثروا عليها الدنيا التي حياتها عارضة سريعة الزوال.

(65) فإذا ركبوا في الفلك على ما هم عليه من الشرك دعوا الله مخلصين له الدين كائنين في صورة من اخلص دينه من المؤمنين حيث لا يذكرون الا الله ولا يدعون سواه لعلمهم بأنه لا يكشف الشدائد الا هو فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون فاجاؤا المعاودة إلى الشرك.

(66) ليكفروا بما اتيناهم لكي يكونوا كافرين بشركهم نعمة النجاة وليتمتعوا باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادهم عليها وقرء بسكون اللام فسوف يعلمون عاقبة ذلك حين يعاقبون.

(67) أولم يروا يعني أهل مكة انا جعلنا حرما آمنا اي جعلنا بلدهم مصونا عن النهب والتعدي آمنا أهله عن القتل والسبي ويتخطف الناس من حولهم يختلسون قتلا وسبيا إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب أفبالباطل بعد هذه النعمة الظاهرة وغيرها مما لا يقدر عليه الا الله بالصنم أو الشيطان يؤمنون وبنعمة الله يكفرون حيث أشركوا به غيره.

(68) ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا بأن زعم أن له شريكا أو كذب بالحق لما جائه حين جاءه من غير تأمل وتوقف أليس في جهنم مثوى للكافرين.

(69) والذين جاهدوا فينا في حقنا يشمل جهاد الأعادي الظاهرة والباطنة لنهدينهم سبلنا سبل السير الينا والوصول إلى جنابنا وفي الحديث من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم وان الله لمع المحسنين بالنصر والإعانة القمي الذين جاهدوا فينا اي صبروا وجاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله لنهدينهم سبلنا اي لنثبتنهم وعن الباقر عليه السلام هذه الآية لآل محمد صلوات الله عليهم وأشياعهم وفي المعاني عنه عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الا واني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم انا المحسن يقول الله عز وجل ان الله لمع المحسنين في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله من أهل الجنة لا استثني فيه ابدا ولا أخاف ان يكتب الله علي في يميني اثما وان لهاتين السورتين من الله لمكانا