سورة القصص

مكية عدد آيها ثمان وثمانين آية اختلافها آيتان طسم كوفي يسقون غير الكوفي بسم الله الرحمن الرحيم.

(1) طسم.

(2) تلك آيات الكتاب المبين.

(3) نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بعض نبأهما بالحق محقين لقوم يؤمنون لأنهم المنتفعون به.

(4) ان فرعون علا في الأرض أرض مصر وجعل أهلها شيعا فرقا يشيعون يستضعف طائفة منهم وهم بنو إسرائيل يذبح أبنائهم ويستحيى نسائهم وذلك لأن كاهنا قال له يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يده وذلك كان من غاية حمقه فإنه لو صدق لم يندفع بالقتل وان كذب فما وجهه انه كان من المفسدين فلذلك اجترء على قتل خلق كثير من أولاد الأنبياء لتخيل فاسد.

(5) ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ان نتفضل عليهم حال من يستضعف أو حكاية حال ماضية ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.

(6) ونمكن لهم في الأرض نسلطهم فيها ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون من ذهاب ملكهم وهلاكهم وقرء ويرى بالياء ورفع الأسماء في الغيبة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال هم آل محمد صلوات الله عليهم ى بعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل أعداءهم وفي نهج البلاغة قال عليه السلام لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها وتلا عقيب ذلك ونريد ان نمن الآية وفي نظر أبو جعفر عليه السلام إلى أبي عبد الله عليه السلام يمشي فقال أترى هذا هذا من الذين قال الله عز وجل ونريد ان نمن على الذين استضعفوا الآية وفي المعاني عن الصادق عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى علي والحسن والحسين عليهم السلام فبكى وقال أنتم المستضعفون بعدي ان الله عز وجل يقول ونريد الآية فقيل للصادق عليه السلام ما معنى ذلك يا ابن رسول الله قال معناه انكم الأئمة بعدي ان الله عز وجل يقول ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة الآية ثم قال فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة وفي المجالس عنه عليه السلام في هذه الآية قال هي لنا أو فينا وفي الاكمال والغيبة ان القائم عليه السلام لما تولد نطق بهذه الآية والقمي اخبر الله نبيه صلى الله عليه وآله بما لقي موسى وأصحابه من فرعون من القتل والظلم ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته صلوات الله عليهم من أمته ثم بشره بعد تعزيته انه يتفضل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمة على أمته ويردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم فقال ونريد ان نمن الآية قال ونرى فرعون وهامان وجنودهما يعني الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله منهم أي من آل محمد ما كانوا يحذرون أي من القتل والعذاب قال ولو كانت هذه الآية نزلت في موسى وفرعون لقال ونرى فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون أي من موسى ولم يقل منهم فلما تقدم قوله ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة علمنا أن المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وبالجملة حمل الأخبار الواردة في ذلك على تفسير الآية بضرب من التكلف واستشهد له بكلمات لهم (ع) لا دلالة فيها على مطلوبه والصواب ان يحمل الأخبار على التأويل كما في ساير الأخبار الواردة في نظائرهن من الآيات ومعلوم ان الضمير في منهم راجع إلى الذين استضعفوا يعني بني إسرائيل كساير الضماير في الجوامع عن السجاد عليه السلام والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ان الأبرار منا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته وان عدونا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه.

(7) وأوحينا إلى أم موسى ان ارضعيه ما أمكنك اخفاؤه فإذا خفت عليه الصوت فالقيه في اليم في النيل ولا تخافي عليه ضيعة ولا شدة ولا تحزني لفراقه انا رادوه إليك عن قريب بحيث تأمنين عليه وجاعلوه من المرسلين.

(8) فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا تعليل لالتقاطهم إياه بما هو عاقبته ومؤداه تشبيها له بالغرض الحامل عليه وقرء بضم الحاء والتسكين ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين.

(9) وقالت امرأة فرعون اي لفرعون حين أخرجته من التابوت قرة عين لي ولك هو قرة عين لنا في المجمع عن ابن عباس قال فرعون قرة عين لك فاما لي فلا قال رسول الله صلى الله عليه وآله والذي يحلف به لو أقر فرعون بأن يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله به كما هداها ولكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه لا تقتلوه عسى ان ينفعنا فإن فيه مخايل اليمن ودلائل النفع أو نتخذه ولدا ونتبناه فإنه أهل له وهم لا يشعرون انه الذي ذهب ملكهم على يديه.

(10) وأصبح فؤاد أم موسى فارغا صفرا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة ان كادت لتبدى به انها كادت لتظهر بأمره وقصته القمي عن الباقر عليه السلام كادت تخبر بخبره أو تموت ثم حفظت نفسها لولا أن ربطنا على قلبها بالصبر والثبات لتكون من المؤمنين من المصدقين بوعد الله أو الواثقين بحفظه في الاكمال عن الباقر عليه السلام في حديث في بيان هذه القصة قال فلما خافت عليه الصوت أوحى الله تعالى إليها ان اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم اخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر وان الريح ضربته فانطلقت به فلما رأته قد ذهب به الماء همت ان تصيح فربط الله على قلبها.

(11) وقالت لأخته قصيه اتبعي اثره وتتبعي خبره فبصرت به عن جنب عن بعد وهم لا يشعرون انها تقص وانها أخته.

(12) وحرمنا عليه المراضع ومنعناه ان يرتضع من المرضعات من قبل من قبل قصصها اثره فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون لا يقصرون في ارضاعه وتربيته وفي الجوامع روي أنها لما قالت وهم له ناصحون قال هامان انها لتعرفه وتعرف أهله قالت إنما أرادت وهم للملك ناصحون.

(13) فرددناه إلى أمه كي تقر عينها بولدها ولا تحزن بفراقه ولتعلم ان وعد الله حق علم مشاهدة ولكن أكثرهم لا يعلمون قد سبقت هذه القصة في حديث القمي عن الباقر عليه السلام مفصلة في سورة طه وأوردها في الاكمال بأبسط منها.

(14) ولما بلغ أشده في المعاني عن الصادق عليه السلام ثمان عشرة سنة واستوى التحى اتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين القمي عن الباقر عليه السلام في حديثه الذي سبق قال فلم يزل موسى عند فرعون في أكرم كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسى من التوحيد حتى هم به فخرج موسى من عنده وفي الاكمال عن الباقر عليه السلام قال وكانت بنو إسرائيل تطلب وتسأل عنه فعمي عليهم خبره فبلغ فرعون انهم يطلبونه ويسألون عنه فأرسل إليهم وزاد عليهم في العذاب وفرق بينهم ونهاهم عن الاخبار به والسؤال عنه قال فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم فقالوا كنا نستريح إلى الأحاديث فحتى متى نحن في هذا البلاء قال والله انكم لا تزالون فيه حتى يجئ الله بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد فبينا هم كذلك إذ اقبل موسى يسير على بغلة حتى وقف عليهم فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له ما اسمك قال موسى قال ابن من قال ابن عمران فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها وثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه واتخذ شيعة فمكث بعد ذلك ما شاء الله ثم خرج.

(15) ودخل المدينة مدينة من مدائن فرعون كذا في العيون عن الرضا عليه السلام على حين غفلة من أهلها قالوا وذلك بين المغرب والعشاء فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه أحدهما ممن شايعه على دينه يعني من بني إسرائيل والآخر من مخالفيه يعني القبط القمي في حديثه السابق قال أحدهما يقول بقول موسى والآخر يقول بقول فرعون فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فسأله ان يغيثه بالإعانة ولذلك عدى بعلى وقرء استعانه في المجمع عن الصادق عليه السلام قال ليهنئكم الاسم قيل وما الاسم قال الشيعة ثم تلا هذه الآية فوكزه موسى فضرب القبطي بجمع كفه فقضى عليه قيل اي فقتله واصله انهى حياته من قوله وقضينا إليه ذلك الأمر وفي العيون سئل الرضا عليه السلام عن هذه الآية مع أن الأنبياء معصومون فقال فقضى عليه اي على العدو بحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات قال هذا من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين قال عليه السلام يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى من قتله.

(16) قال رب انى ظلمت نفسي قال (عليه السلام) يقول وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة فاغفر لي قال (عليه السلام) يعني استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني فغفر له انه هو الغفور الرحيم.

(17) قال رب بما أنعمت على قال عليه السلام يعني من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة فلن أكون ظهيرا للمجرمين قال (عليه السلام) بل أجاهدهم في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى في الاكمال في الحديث السابق قال وكان موسى (عليه السلام) قد أعطي بسطة في الجسم وشدة في البطش قال فذكره الناس وشاع امره وقالوا ان موسى قتل رجلا من آل فرعون.

(18) فأصبح في المدينة خائفا يترقب يترصد الاستفادة فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه يستغيثه على آخر قال له موسى انك لغوي مبين بين الغواية في حديث العيون قال قال له قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأوذينك وأراد ان يبطش به.

(19) فلما ان أراد ان يبطش بالذي هو عدو لهما لموسى والإسرائيلي لأنه لم يكن على دينهما ولأن القبط كانوا أعداء لبني إسرائيل قال يا موسى أتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد الا أن تكون جبارا في الأرض متطاولا على الناس وما تريد أن تكون من المصلحين بينهم في حديث قال قال وهو من شيعته أقول: لعل المراد أن الإسرائيلي قال ذلك وكأنه لما سما غويا ظن أنه يبطش به والقمي عن الباقر عليه السلام في حديثه السابق فلما كان من الغد جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى فاستغاث بموسى فلما نظر صاحبه إلى موسى قال له أتريد ان تقتلني فخلى عن صاحبه وهرب.

(20) وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى ان الملاء يأتمرون بك يتشاورون بسببك وإنما سمى التشاور ايتمارا لأن كلا من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين قيل هو مؤمن آل فرعون وكان ابن عم موسى والقمي في حديثه السابق وكان خازن فرعون مؤمنا بموسى قد كتم ايمانه ستمأة سنة وهو الذي قال الله عز وجل وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه قال وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل فطلبه ليقتله فبعث المؤمن إلى موسى ان الملاء يأتمرون بك ليقتلوك الآية.

(21) فخرج منها خائفا يترقب لحوق طالب قال رب نجني من القوم الظالمين خلصني منهم واحفظني من لحوقهم القمي في حديثه السابق قال يلتفت يمنة ويسرة ويقول رب نجني من القوم الظالمين قال ومر نحو مدين وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيام.

(22) ولما توجه تلقاء مدين قبالة مدين قرية شعيب قيل سميت باسم مدين بن إبراهيم ولم يكن في سلطان فرعون قال عسى ربى ان يهديني سواء السبيل في الاكمال في الحديث السابق فخرج من مصر بغير ظهر ولا دابة ولا خادم تخفظه الأرض مرة وترفعه أخرى حتى انتهى إلى ارض مدين فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر.

(23) ولما ورد ماء مدين اي البئر وجد عليه أمة من الناس جماعة كثيرة مختلفين يسقون مواشيهم ووجد من دونهم في مكان أسفل من مكانهم امرأتين تذودان تمنعان أغنامهما عن الماء لئلا تختلط بأغنامهم قال ما خطبكما ما شأنكما تذودان قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء يصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذرا عن مزاحمة الرجال وقرء يصدر بفتح الياء وضم الدال اي ينصرف وأبونا شيخ كبير كبير السن لا يستطيع ان يخرج للسعي فيرسلنا اضطرارا.

(24) فسقى لهما مواشيهما رحمة عليهما القمي في حديثه فلما بلغ ماء مدين رأى بئرا يستقي الناس منها لأغنامهم ودوابهم فقعد ناحية ولم يكن اكل منذ ثلاثة أيام شيئا فنظر إلى جاريتين في ناحية ومعهما غنيمات لا تدنوان من البئر فقال لهما مالكما لا تستقيان فقالتا كما حكى الله فرحمهما موسى ودنا من البئر فقال لمن على البئر استقى لي دلوا ولكم دلوا وكان الدلو يمده عشرة رجال فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب وسقى أغنامهما في الجوامع روي أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله الا سبعة رجال وقيل عشرة وقيل أربعون فأقله وحده وسألهم دلوا فأعطوه دلوا لا ينزحها الا عشرة فاستقى بها وحده مرة واحدة فروى غنمهما واصدرهما ثم تولى إلى الظل في الاكمال في حديثه إلى الشجرة فجلس فيها فقال رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير القمي في حديثه وكان شديد الجوع وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام سأل الطعام وفي نهج البلاغة والله ما سأل الله عز وجل الا خبز يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه وفي الاكمال روي أنه قال ذلك وهو محتاج إلى شق تمرة.

(25) فجائته إحديهما تمشى على استحياء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك ليكافيك اجر ما سقيت لنا جزاء سقيك لنا القمي في حديثه فلما رجعت ابنتا شعيب (عليه السلام) إلى شعيب (عليه السلام) قال لهما أسرعتما الرجوع فأخبرتاه بقصة موسى (عليه السلام) ولم تعرفاه فقال شعيب لواحدة منهن اذهبي إليه فادعيه لنجزيه اجر ما سقى لنا فجاءت إليه كما حكى الله فقام موسى (عليه السلام) معها ومشت امامه فسففتها الرياح فبان عجزها فقال موسى (عليه السلام) تأخري ودليني على الطريق بحصاة تلقينها امامي اتبعها فأنا من قوم لا ينظرون في ادبار النساء فلما جائه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين يريد فرعون وقومه.

(26) قالت إحديهما يا أبت استأجره لرعي الغنم ان خير من استأجرت القوى الأمين القمي في حديثه فقال لها شعيب اما قوته فقد عرفته بأنه يستقي الدلو وحده فبم عرفت أمانته فقالت إنه لما قال لي تأخري عني ودليني على الطريق فأنا من قوم لا ينظرون في ادبار النساء عرفت انه ليس من الذين ينظرون اعجاز النساء فهذه أمانته وفي الفقيه عن الكاظم عليه السلام قال قال لها شعيب يا بنية هذا قوي قد عرفته برفع الصخرة والأمين من أين عرفتيه قالت يا أبت اني مشيت قدامه فقال امشي من خلفي فان ضللت فارشديني إلى الطريق فأنا من قوم لا ننظر في ادبار النساء وفي المجمع ما يقرب منه عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(27) قال إني أريد ان أنكحك احدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك فاتمامه من عندك تفضلا لا من عندي الزاما عليك وما أريد ان أشق عليك بالزام اتمام العشر ستجدني إن شاء الله من الصالحين في حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالمعاهدة.

(28) قال ذلك بيني وبينك لا نخرج عنه أيما الأجلين أطولهما وأقصرهما قضيت وفيتك إياه فلا عدوان على فلا تعتدي علي بطلب الزيادة والله على ما نقول من المشارطة وكيل شاهد حفيظ في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل اي الأجلين قضى قال أوفاهما وأبطأهما وفي رواية وان سئلت اية الابنتين تزوج فقل الصغرى منهما وهي التي جاءت وقالت يا أبت استأجره وعن الصادق عليه السلام انه سئل أيتهما التي قالت إن أبي يدعوك قال التي تزوج بها قيل فأي الأجلين قضى قال أوفاهما وأبعدهما عشر سنين قيل فدخل بها قبل ان يمضي الشرط أو بعد انقضائه قال قبل ان ينقضي قيل فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين أيجوز ذلك قال إن موسى علم أنه سيتم له شرطه قيل كيف قال علم أنه سيبقى حتى يفي والقمي عنه عليه السلام قال لا يحل النكاح اليوم في الإسلام بإجارة بأن يقول اعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوجني أختك أو ابنتك قال هو حرام لأنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها قال في الفقيه وفي حديث آخر إنما كان ذلك لموسى بن عمران لأنه علم من طريق الوحي هل يموت قبل الوفاء أم لا فوفى بأتم الأجلين وفي الاكمال عن النبي صلى الله عليه وآله ان يوشع بن نون وصي موسى عاش بعد موسى ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى فقال انا أحق منك بالامر فقاتلها فقتل مقاتليها وأحسن أسرها.

(29) فلما قضى موسى الأجل وسار باهله بامرأته انس من جانب الطور نارا أبصر من الجهة التي تلي الطور القمي في حديثه السابق أنه قال لشعيب لابد لي ان ارجع إلى وطني وأمي وأهل بيتي فما لي عندك فقال شعيب (عليه السلام) ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق فهو لك فعمد موسى عندما أراد ان يرسل الفحل على الغنم إلى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه وغرزه في وسط مربض الغنم والقى عليه كساء أبلق ثم ارسل الفحل على الغنم فلم تضع الغنم في تلك السنة الا بلقا فلما حال عليه الحول حمل موسى امرأته وزوده شعيب من عنده وساق غنمه فلما أراد الخروج قال لشعيب ابغي عصا يكون معي وكانت عصي الأنبياء عنده قد ورثها مجموعة في بيت فقال له شعيب ادخل هذا البيت وخذ عصا من بين العصي فدخل فوثبت إليه عصى نوح وإبراهيم وصارت في كفه فأخرجها ونظر إليها شعيب فقال ردها وخذ غيرها فردها ليأخذ غيرها فوثبت إليه تلك بعينها فردها حتى فعل ذلك ثلاث مرات فلما رأى شعيب (عليه السلام) ذلك قال له اذهب فقد خصك الله عز وجل بها فساق غنمه فخرج يريد مصرا فلما صار في مفازة ومعه أهله أصابهم برد شديد وريح وظلمة وجنهم الليل فنظر موسى إلى نار قد ظهرت كما قال الله تعالى فلما قضى موسى الأجل الآية قال لأهله امكثوا انى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر بخبر الطريق في المجمع عن الباقر عليه السلام لما قضى موسى الأجل وسار بأهله نحو بيت المقدس أخطأ الطريق ليلا فرأى نارا قال لأهله امكثوا انى آنست نارا أو جذوة عود غليظ وقرء بالفتح والضم من النار لعلكم تصطلون تستدفؤون بها.

(30) فلما اتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن قيل من الشاطئ الأيمن لموسى في البقعة المباركة في التهذيب عن الصادق عليه السلام شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله تعالى في القرآن هو الفرات والبقعة المباركة هي كربلاء من الشجرة قيل كانت نابتة على الشاطئ ان يا موسى انى انا الله رب العالمين هذا وان خالف ما في طه والنمل لفظا فلا يخالفه في المعنى.

(31) وان الق عصاك فلما رآها تهتز اي فألقاها فصارت ثعبانا واهتزت فلما رآها تهتز كأنها جان حية في الهيئة والجثة أو في السرعة ولى مدبرا منهزما من الخوف ولم يعقب ولم يرجع يا موسى نودي يا موسى اقبل ولا تخف انك من الآمنين من المخاوف فإنه لا يخاف لدي المرسلون القمي في الحديث الذي سبق قال فأقبل نحو النار يقتبس فإذا شجرة ونار تلتهب عليها فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه ففزع وعدا ورجعت النار إلى الشجرة فالتفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة فرجع الثانية ليقتبس فأهوت نحوه فعدا وتركها ثم التفت وقد رجعت إلى الشجرة فرجع إليها الثالثة فأهوت إليه فعدا ولم يعقب اي لم يرجع فناداه الله عز وجل ان يا موسى انى انا الله رب العالمين قال موسى فما الدليل على ذلك قال الله عز وجل ما في يمينك يا موسى قال هي عصاي قال القها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى ففزع منها موسى وعدا فناداه الله عز وجل خذها ولا تخف انك من الآمنين.

(32) اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء قال اي من غير علة وذلك أن موسى كان شديد السمرة فأخرج يده من جيبه فأضاءت له الدنيا واضمم إليك جناحك من الرهب وقرء بضم الراء وبفتحتين ولعل ذلك لاخفاء الخوف عن العدو أو لتسكينه بناء على ما يقال إن الخوف يسكن بوضع اليد على الصدر فذانك وقرء بتشديد النون برهانان حجتان من ربك مرسلا بهما إلى فرعون وملائه انهم كانوا قوما سوء فاسقين.

(33) قال رب انى قتلت منهم نفسا فأخاف ان يقتلون بها.

(34) وأخي هارون هو افصح منى لسانا فأرسله معي ردءا معينا وقرء بغير همز يصدقني بتخليص الحق وتقرير الحجة وتزييف الشبهة وقرء مجزوما انى أخاف ان يكذبون ولساني لا يطاوعني عند المحاجة.

(35) قال سنشد عضدك بأخيك سنقويك به ونجعل لكما سلطانا غلبة فلا يصلون اليكما باستيلاء بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون.

(36) فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا الا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين.

(37) وقال وقرء بغير واو موسى ربى اعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار العاقبة المحمودة لدار الدنيا التي هي الجنة لأنها خلقت مجازا إلى الآخرة وقرء يكون بالياء انه لا يفلح الظالمون لا يفوزون بالهدى في الدنيا وحسن العاقبة في العقبى.

(38) وقال فرعون يا أيها الملا ما علمت لكم من اله غيري نفي علمه بإله غيره دون وجوده كأنه كان شاكا فيه ولذا امر ببناء الصرح قيل في تفسير الكلبي عن ابن عباس ان جبرئيل قال لرسول الله يا محمد لو رأيتني وفرعون يدعو بكلمة الاخلاص آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانا من المسلمين وانا أدسه في الماء والطين لشدة غضبي عليه مخافة ان يتوب فيتوب الله عز وجل عليه قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وما كان شدة غضبك عليه يا جبرئيل قال لقوله انا ربكم الاعلى وهي كلمته الآخرة منهما وإنما قالها حين انتهى إلى البحر وكلمته الأولى ما علمت لكم من إله غيري فكان بين الأولى والآخرة أربعون سنة فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلى اطلع إلى اله موسى وانى لأظنه من الكاذبين القمي في حديثه السابق فبنى هامان له في الهواء صرحا حتى بلغ مكانا في الهواء لا يتمكن الانسان ان يقوم عليه من الرياح القائمة في الهواء فقال لفرعون لا نقدر ان نزيد على هذا فبعث الله عز وجل رياحا فرمت به فاتخذ فرعون وهامان عند ذلك التابوت وعمدا إلى أربعة انسر فأخذا افراخها وربياها حتى إذا بلغت القوة وكبرت عمد إلى جوانب التابوت الأربعة فغرزا في كل جانب منه خشبة وجعلا على رأس كل خشبة لحما وجوعا الانسر وشدا ارجلها بأصل الخشبة فنظرت الانسر إلى اللحم فأهوت إليه وصفقت بأجنحتها وارتفعت بهما في الهواء وأقبلت تطير يومها فقال فرعون لهامان انظر إلى السماء هل بلغناها فنظر هامان فقال أرى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد فقال انظر إلى الأرض فقال لا أرى الأرض ولكن أرى البحار والماء قال فلم يزل النسر يرتفع حتى غابت الشمس وغابت عنهما البحار والماء فقال فرعون يا هامان انظر إلى السماء فنظر إلى السماء فقال أراها كما كنت أراها من الأرض فلما جنهم الليل نظر هامان إلى السماء فقال فرعون هل بلغناها قال أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ولست أرى من الأرض الا الظلمة قال ثم حالت الرياح القائمة في الهواء فأقبلت التابوت بهما فلم يزل يهوى بهما حتى وقع على الأرض وكان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت.

(39) واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق بغير الاستحقاق قال الله تعالى الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار ولا أبالي وظنوا انهم الينا لا يرجعون بالنشور وقرء بفتح الياء وكسر الجيم.

(40) فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم كما مر بيانه وفيه فخامة وتعظيم لشأن الآخذ واستحقار للمأخوذين كأنه اخذهم مع كثرتهم في كف وطرحهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين.

(41) وجعلناهم أئمة قدوة للضلال يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون بدفع العذاب عنهم في الكافي عن الصادق عليه السلام ان الأئمة في كتاب الله امامان قال الله تبارك وتعالى وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم قال وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز وجل.

(42) واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة طردا عن الرحمة ويوم القيمة هم من المقبوحين ممن قبح وجوههم.

(43) ولقد اتينا موسى الكتاب التوراة من بعد ما أهلكنا القرون الأولى أقوام نوح وهود وصالح ولوط في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ انزل التوراة على وجه الأرض غير أهل القرية التي مسخوا قردة ألم تر ان الله تعالى قال ولقد آتينا موسى الكتاب الآية بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون.

(44) وما كنت بجانب الغربي بجانب جبل الطور الغربي حيث كلم الله فيه موسى إذ قضينا أوحينا إلى موسى الامر وكلمناه وما كنت من الشاهدين لتكليمه.

(45) ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر فحرفت الأخبار وتغيرت الشرايع واندرست العلوم فأوحينا إليك وما كنت ثاويا مقيما في أهل مدين وهم شعيب والمؤمنون به تتلو عليهم قيل يعني فتقرأ على أهل مكة آياتنا التي فيها قصتهم ولكنا كنا مرسلين إياك ومخبرين لك بها.

(46) وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك ولكن علمناك رحمة لتنذر قوما ما اتيهم من نذير من قبلك لوقوعهم في فترة بينك وبين من تقدمك من الأنبياء لعلهم يتذكرون يتعظون في العيون عن النبي صلى الله عليه وآله لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران واصطفاه نجيا وفلق له البحر ونجى بني إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح رأى مكانه من ربه عز وجل فقال رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي فقال الله جل جلاله يا موسى اما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي قال موسى يا رب فإن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي قال الله جل جلاله يا موسى اما علمت أن فضل آل محمد صلوات الله عليهم على جميع آل النبيين كفضل محمد صلى الله عليه وآله على جميع المرسلين فقال موسى يا رب فإن كان آل محمد صلوات الله عليهم كذلك فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ظللت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر فقال الله عز وجل يا موسى اما علمت أن فضل أمة محمد صلى الله عليه وآله على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي قال موسى (عليه السلام) يا رب ليتني كنت أراهم فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى لن تراهم وليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد صلى الله عليه وآله في نعيمها يتقلبون وفي حيرانها يتبجحون أفتحب ان أسمعك كلامهم قال نعم الهي قال الله جل جلاله قم بين يدي واشدد ميزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ففعل ذلك موسى فنادى ربنا عز وجل يا أمة محمد فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك قال فجعل الله عز وجل تلك الإجابة شعارا لحاج ثم نادى ربنا عز وجل يا أمة محمد ان قضائي عليكم ان رحمتي سبقت غضبي وعفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم قبل ان تدعوني وأعطيتكم من قبل أن تسألوني من لقيني بشهادة ان لا إله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صادق في أقواله محق في افعاله وان علي بن أبي طالب عليه السلام أخوه ووصيه من بعده ووليه، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وان أوليائه المصطفين الطاهرين المطهرين المثابين العجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أوليائه ادخله جنتي وان كانت ذنوبه مثل زبد البحر قال فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله قال يا محمد ما كنت بجانب الطور نادينا أمتك بهذه الكرامة ثم قال عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله قل الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة وقال لأمته قولوا الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل.

(47) ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين جوابه محذوف يعني لولا قولهم إذا اصابتهم عقوبة بسبب كفرهم ومعاصيهم ربنا هلا أرسلت الينا رسولا يبلغنا آياتك فنتبعها ونكون من المصدقين ما أرسلناك اي إنما أرسلناك قطعا لعذرهم والزاما للحجة عليهم.

(48) فلما جائهم الحق من عندنا قالوا لولا اوتى مثل ما اوتى موسى من الكتاب جملة واليد والعصا وغيرهما اقتراحا وتعنتا أولم يكفروا بما اوتى موسى من قبل يعني باناء جنسهم في الرأي والمذهب وهم كفرة زمان موسى قالوا ساحران قيل يعني موسى (عليه السلام) ومحمد صلى الله عليه وآله والقمي قال موسى وهارون وقرء سحران مبالغة أو يعنون بهما التوراة والقرآن تظاهرا تعاونا بتوافق الكتابين أو باظهار تلك الخوارق وقالوا انا بكل منهما أو بكل من الأنبياء كافرون.

(49) قل فاتوا بكتاب من عند الله هو اهدى منهما مما نزل على موسى وعلي اتبعه ان كنتم صادقين.

(50) فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهوائهم إذ لو اتبعوا حجة لأتوا بها ومن أضل ممن اتبع هواه استفهام بمعنى النفي بغير هدى من الله في الكافي عن الكاظم عليه السلام في هذه الآية قال يعني من اتخذ دينه راية بغير امام من أئمة الهدى وفي البصائر عن الصادق (عليه السلام) مثله ان الله لا يهدى القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بانهماكهم في اتباع الهوى.

(51) ولقد وصلنا لهم القول اتبعنا بعضه بعضا في الانزال ليتصل التذكير أو في النظم لتقرر الدعوة بالحجة والمواعظ بالمواعيد والنصايح بالعبر في الكافي عن الكاظم عليه السلام امام إلى امام والقمي عن الصادق عليه السلام اما من بعد امام لعلهم يتذكرون فيطيعون.

(52) الذين اتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون قيل نزلت في مؤمني أهل الكتاب.

(53) وإذا يتلى عليهم قالوا امنا به اي بأنه كلام الله انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين لما رأوا ذكره في الكتب المتقدمة.

(54) أولئك يؤتون اجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤن بالحسنة السيئة في الكافي عن الصادق عليه السلام قال بما صبروا على التقية وقال الحسنة التقية والسيئة الإذاعة والقمي قال هم الأئمة عليهم السلام قال وقال الصادق عليه السلام نحن صبر وشيعتنا اصبر منا وذلك انا صبرنا على ما نعلم وصبروا على ما لا يعلمون قال وقوله ويدرؤن بالحسنة السيئة اي يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم وروي عن النبي صلى الله عليه وآله اتبع الحسنة السيئة تمحها ومما رزقناهم ينفقون في سبيل الخير.

(55) وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه تكرما القمي قال اللغو الكذب واللهو والغناء قال وهم الأئمة عليهم السلام يعرضون عن ذلك كله وقالوا للاغين لنا اعمالنا ولكم اعمالكم سلام عليكم متاركة لهم وتوديعا لا نبتغي الجاهلين لا نطلب صحبتهم ولا نريدها.

(56) انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو اعلم بالمهتدين القمي قال نزلت في أبي طالب كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يا عم قل لا إله الا الله انفعك بها يوم القيامة فيقول يا ابن أخي انا اعلم بنفسي فلما مات شهد العباس ابن عبد المطلب عند رسول الله صلى الله عليه وآله انه تكلم بها عند الموت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اما انا فلم اسمعها منه وأرجو ان أنفعه يوم القيامة وقال لو قمت المقام المحمود لشفعت في أمي وأبي وعمي واخ كان لي مواخيا في الجاهلية وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ان مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الشرك فأتاهم الله اجرهم مرتين أقول: إنما أسر الايمان واظهر الشرك ليكون أقدر على نصرة النبي صلى الله عليه وآله كما يستفاد من اخبار اخر وعنه عليه السلام قيل له انهم يزعمون أن أبا طالب عليه السلام كان كافرا فقال كذبوا كيف يكون كافرا وهو يقول ألم تعلموا انا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب وفي حديث آخر كيف يكون أبو طالب كافرا وهو يقول لقد علموا ان ابننا لا يكذب: لدينا ولا يعبأ بقول الأباطل * وابيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل أقول: خط في أول الكتب اي هذا الحكم مثبت في الكتاب الأول اي اللوح المحفوظ والأبيض الرجل النقي العرض والثمال ككتاب الغياث الذي يقوم بأمر قومه والأرملة من لا زوج لها من النساء وعن الكاظم عليه السلام انه سئل أكان رسول الله صلى الله عليه وآله محجوجا بأبي طالب فقال لا ولكنه كان مستودعا للوصايا فدفعها إليه صلى الله عليه وآله قيل فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به فقال لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية قيل فما كان حال أبي طالب قال أقر بالنبي صلى الله عليه وآله وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات من يومه أقول: معنى محجوجا بابي طالب ان أبا طالب كان حجة عليه قبل ان يبعث وأريد بالوصايا وصايا الأنبياء عليهم السلام على أنه محجوج به يعني على أن يكون النبي صلى الله عليه وآله حجة عليه ويعني بقوله ما دفع إليه الوصية ان الوصية إنما تنتقل ممن له التقدم وعن الصادق عليه السلام قال لما توفى أبو طالب نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا محمد اخرج من مكة فليس لك بها ناصر وثارت قريش بالنبي صلى الله عليه وآله فخرج هاربا حتى جاء إلى جبل مكة يقال له الحجون فصار إليه وعنه عليه السلام قال قال نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال يا محمد ان ربك يقرؤك السلام ويقول اني قد حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطلب والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب وأما حجر كفلك فحجر أبي طالب وزاد في رواية وفاطمة بنت أسد وفي بشارة المصطفى عنه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال كان ذات يوم جالسا بالرحبة والناس مجتمعون فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين انك بالمكان الذي أنزلك الله به وأبوك يعذب بالنار فقال له مه فض الله فاك والذي بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم لأبي يعذب بالنار وابنه قسيم النار ثم قال والذي بعث محمدا بالحق ان نور أبي طالب يوم القيامة ليطفي أنوار الخلق الا خمسة أنوار نور محمد ونوري ونور فاطمة ونوري الحسن والحسين ومن ولده من الأئمة عليهم السلام لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز وجل من قبل خلق آدم بألفي عام وفي المجمع قد ذكرنا في سورة الأنعام ان أهل البيت عليهم السلام قد اجمعوا على أن أبا طالب مات مسلما وتظاهرت الروايات بذلك عنهم عليهم السلام وأوردنا هناك طرفا من اشعاره الدالة على تصديقه للنبي صلى الله عليه وآله وتوحيده فان استيفاء جميعه لا يسع له الطوامير وما روي من ذلك في كتب المغازي وغيرها أكثر من أن يحصى يكاشف فيها من كاشف النبي صلى الله عليه وآله ويناضل عنه ويصحح نبوته وقال بعض الثقات قصايده في هذا المعنى التي تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه الدهر تبلغ قدر مجلد وأكثر من هذا ولا شك في أنه لم يختبر تمام مجاهرة الأعداء استصلاحا لهم وحسن تدبير في دفع كيادهم لئلا يجلؤ الرسول إلى ما ألجؤه إليه بعد موته.

(57) وقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا نخرج منها القمي قال نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الإسلام والهجرة ورواه ابن طاوس عن أمير المؤمنين عليه السلام وفي روضة الواعظين عن السجاد عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الأمر الأبيض والأسود ومن على رؤوس الجبال ولجج البحار ولادعون إليه فارس والروم فجبرت قريش واستكبرت وقالت لأبي طالب اما تسمع إلى ابن أخيك ما يقول والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من ارضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا فأنزل الله تعالى هذه الآية أولم نمكن لهم حرما آمنا أولم نجعل مكانهم حرما ذا أمن بحرمة البيت يجبى إليه يحمل إليه ويجمع فيه وقرء بالتاء ثمرات كل شئ من كل اوب رزقا من لدنا فإذا كان هذا حالهم وهم عبدة الأصنام فكيف نعرضهم للتخوف وللتخطف إذا كانوا موحدين ولكن أكثرهم لا يعلمون جهلة لا يتفطنون له.

(58) وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها وكم من أهل قرية كانت حالهم كحالكم في الامن وخفض العيش حتى اشروا فدمر الله به عليهم وخرب ديارهم فتلك مساكنهم خاوية لم تسكن من بعدهم الا قليلا من شوم معاصيهم وكنا نحن الوارثين.

(59) وما كان ربك وما كانت عادته مهلك القرى حتى يبعث في أمها في أصلها لأن أهله تكون أفطن وأنبل رسولا يتلو عليهم آياتنا لالزام الحجة وقطع المعذرة وما كنا مهلكي القرى الا وأهلها ظالمون بتكذيب الرسل والعتو في الكفر.

(60) وما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها تتمتعون وتتزينون به مدة حياتكم المنقضية وما عند الله وهو ثوابه خير من ذلك لأنه لذة خالصة وبهجة كاملة وأبقى لأنه ابدي أفلا تعقلون فتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير وقرء بالتاء.

(61) أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا وزينتها الذي هو مشوب بالآلام مكدر بالمتاعب مستعقب للتحسر على الانقطاع ثم هو يوم القيمة من المحضرين للحساب أو العذاب وهذه الآية كالنتيجة للتي قبلها.

(62) ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون تزعمونهم شركائي.

(63) قال الذين حق عليهم القول اي قوله لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وغيره من آيات الوعيد ربنا هؤلاء الذين أغوينا اي هؤلاء هم الذين أغويناهم أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك منهم ومما اختاروهم من الكفر ما كانوا إيانا يعبدون وإنما يعبدون أهواءهم.

(64) وقيل ادعوا شركائكم فدعوهم من فرط الحيرة فلم يستجيبوا لهم لعجزهم عن الإجابة والنصرة ورأوا العذاب وانهم كانوا يهتدون لوجه من الحيل يدفعون به العذاب أولو للتمني اي تمنوا انهم كانوا مهتدين.

(65) ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين.

(66) فعميت عليهم الانباء يومئذ لا تهتدي إليهم واصله فعموا عن الانباء لكنه عكس مبالغة ودلالة على أن ما يحضر الذهن إنما يرد عليه من خارج فإذا أخطأ لم يكن له حيلة إلى استحضاره فهم لا يتسائلون لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب.

(67) فاما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين عسى تحقيق على عادة الكرام أو لترجي من التائب بمعنى فليتوقع ان يفلح القمي ان العامة قد رووا ان ذلك يعني النداء في القيامة واما الخاصة فعن الصادق عليه السلام قال إن العبد إذا دخل قبره وفزع منه يسأل عن النبي صلى الله عليه وآله فيقال له ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم فإن كان مؤمنا قال اشهد أنه رسول الله جاء بالحق فيقال له ارقد رقدة لا حلم فيها ويتنحى عنه الشيطان ويفسح له في قبره سبعة اذرع ويرى مكانه من الجنة وإذا كان كافرا قال ما أدري فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الإنسان ويسلط عليه الشيطان وله عينان من نحاس أو نار تلمعان كالبرق الخاطف فيقول له انا أخوك ويسلط عليه الحيات والعقارب ويظلم عليه قبره ثم يضغطه ضغطة تختلف أضلاعه عليه ثم قال عليه السلام بأصابعه فشرجها.

(68) وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة اي التخير كالطيرة بمعنى التطير يعني ليس لأحد من خلقه ان يختار عليه أوليس لأحد ان يختار شيئا الا بقدرته ومشيته واختياره سبحان الله تنزيها له ان ينازعه أحد أو يزاحم اختياره وتعالى عما يشركون عن اشراكهم القمي قال يختار الله عز وجل الإمام وليس لهم ان يختاروا وفي الكافي والمجالس عن الرضا عليه السلام في حديث فضل الإمام وصفته قال هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إلى أن قال لقد راموا صعبا وقالوا افكا وضلوا ضلالا بعيدا ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم وربك يخلق ما يشاء ويختار لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وقال عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وفي الاكمال عن القائم عليه السلام انه سئل عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم قال مصلح أم مفسد قيل مصلح قال فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد ان لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد قيل بلى قال فهي العلة وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك ثم قال عليه السلام اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل وانزل عليهم الكتاب وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم اعلام الأمم واهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى هل يجوز مع وفور عقلهم إذ هما بالاختيار ان يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انهما مؤمن قيل لا قال هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي إليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز وجل واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا إلى قوله لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عز وجل للنبوة واقعا على الافسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن الاختيار لا يجوز ان يقع الا ممن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضماير وتنصرف إليه السرائر وان لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا الصلاح أقول: هذه الأخبار تدل على التفسير الأول للآية ويدل في التفسير الثاني ما روي في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام في كلام له قال وتعلم أن نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولحظة الا بقدرته ومشيته وهم عاجزون عن اتيان أقل شئ في مملكته الا باذنه وارادته قال الله تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار الآية.

(69) وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون القمي قال ما عزموا عليه من الاختيار أقول: وعلى التفسير الأول يجوز أن يكون المعنى وربك هو الذي يعلم ما تكنه الصدور وتخفيه الضماير دون غيره فله ان يختار للنبوة والإمامة وغيرهما دونهم ولعله إلى هذا المعنى أشير في أواخر حديث الاكمال بقوله علمنا أن الاختيار لا يجوز ان يقع الا ممن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضماير وتنصرف إليه السرائر.

(70) وهو الله المستحق للعبادة لا إله إلا هو لا أحد يستحقها الا هو له الحمد في الأولى والآخرة لأنه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها يحمده المؤمنون في الآخرة كما حمدوه في الدنيا بقولهم الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن الحمد لله الذي صدقنا وعده ابتهاجا بفضله والتذاذا بحمده وله الحكم القضاء النافذ في كل شئ واليه ترجعون بالنشور.

(71) قل أرأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيمة من اله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون سماع تدبر واستبصار.

(72) قل أرأيتم ان جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيمة من اله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه استراحة عن متاعب الأشغال أفلا تبصرون ولعله لم يصف الضياء بما يقابله لأن الضوء نعمة في ذاته مقصود بنفسه ولا كذلك الليل ولأن منافع الضوء أكثر مما يقابله ولذلك قرن به أفلا تسمعون وبالليل أفلا تبصرون لأن استفادة العقل من السمع أكثر من استفادته من البصر.

(73) ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه في الليل ولتبتغوا من فضله في النهار بأنواع المكاسب ولعلكم تشكرون ولكي تعرفوا نعمة الله في ذلك فتشكروه عليها.

(74) ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون تقريع بعد تقريع للاشعار بأنه لا شئ اجلب لغضب الله من الاشراك به ولأن الأول لتقرير فساد رأيهم والثاني لبيان انه لم يكن عن برهان.

(75) ونزعنا وأخرجنا من كل أمة شهيدا يشهد عليهم بما كانوا عليه القمي عن الباقر عليه السلام يقول من كل فرقة من هذه الأمة امامها فقلنا للأمم هاتوا برهانكم على صحة ما تتدينون به فعلموا حينئذ ان الحق لله وضل عنهم وغاب عنهم غيبة الضايع ما كانوا يفترون من الباطل.

(76) ان قارون كان من قوم موسى قيل كان ابن عمه يصهر بن فاحث بن لاوي وكان ممن آمن به وفي المجمع عن الصادق عليه السلام وهو ابن خالته ولا تنافي بين الخبرين فبغى عليهم فطلب الفضل عليهم فتكبر واتيناه من الكنوز من الأموال المدخرة ما ان مفاتحه مفاتيح صنادقه جمع مفتح بالكسر لتنؤا بالعصبة لثقل الجماعة الكثيرة أولى القوة القمي العصبة ما بين العشرة إلى تسعة عشرة قال كان يحمل مفاتيح خزائنه العصبة أولوا القوة إذ قال له قومه لا تفرح لا تبطر ان الله لا يحب الفرحين اي بزخارف، الدنيا في الخصال عن الصادق عن أبيه عليهما السلام أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام لا تفرح بكثرة المال ولا تدع ذكري على كل حال فان كثرة ذكري تنسي الذنوب وترك ذكري يقسي القلوب وفي التوحيد عنه عليه السلام ان كانت العقوبة عن الله تعالى حقا فالفرح لماذا.

(77) وابتغ فيما اتاك الله من الغنى الدار الآخرة بصرفه فيما يوجبها لك ولا تنس ولا تترك تصيبك من الدنيا في المعاني عنه عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك ان تطلب بها الآخرة وأحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك فيما أنعم الله عليك أو أحسن الشكر والطاعة كما أحسن الله إليك بالانعام ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام فساد الظاهر من فساد الباطن ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن خان الله في السر هتك الله سره في العلانية وأعظم الفساد ان يرضى العبد بالغفلة عن الله تعالى إذ هذا الفساد يتولد من طول الأمد والحرص والكبر كما اخبر الله تعالى في قصة قارون في قوله ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين وكانت هذه الخصال من صنع قارون واعتقاده واصلها من حب الدنيا وجمعها ومتابعة النفس وهواها وإقامة شهواتها وحب المحمدة وموافقة الشيطان واتباع خطراته وكل ذلك مجتمع تحت الغفلة عن الله ونسيان منته.

(78) قال إنما أوتيته على علم عندي القمي يعني ماله وكان يعمل الكيميا أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون القمي لا يسئل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء.

(79) فخرج على قومه في زينته القمي في الثياب المصبغات يجرها بالأرض وقيل إنه خرج على بغلة شهباء عليه الأرجوان وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة آلاف على زيه قال الذين يريدون الحياة الدنيا على ما هو عادة الناس من الرغبة فيها يا ليت لنا مثل ما اوتى قارون تمنوا مثله لا عينه حذرا عن الحسد انه لذو حظ عظيم من الدنيا.

(80) وقال الذين أوتوا العلم بأحوال الآخرة للمتمنين القمي قال لهم الخالص من أصحاب موسى ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا مما أوتي قارون بل من الدنيا وما فيها ولا يلقها اي هذه الكلمة التي تكلم بها العلماء الا الصابرون على الطاعات وعن المعاصي.

(81) فخسفنا به وبداره الأرض في مناهي الفقيه ونهى ان يختال الرجل في مشيه وقال من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم وكان قرين قارون لأنه أول من اختال فخسف الله به وبداره الأرض فما كان له من فئة أعوان ينصرونه من دون الله فيدفعون عنه عذابه وما كان من المنتصرين الممتنعين منه روي أن موسى بأهله بأخيه هارون وبنيه فخسف به وبأهله وماله ومن وازره من قومه والقمي وكان سبب هلاك قارون انه لما اخرج موسى (عليه السلام) بني إسرائيل من مصر وأنزلهم البادية انزل الله عليهم المن والسلوى إلى أن قال ففرض الله عليهم دخول مصر وحرمها عليهم أربعين سنة وكانوا يقومون من أول الليل ويأخذون في قراءة التوراة والدعاء والبكاء وكان قارون منهم وكان يقرء التوراة ولم يكن فيهم أحسن صوتا منه وكان يسمى المنون لحسن قراءته وكان يعمل الكيميا فلما طال الأمر على بني إسرائيل في التيه والتوبة وكان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة وكان موسى (عليه السلام) يحبه فدخل عليه موسى فقال له يا قارون قومك في التوبة وأنت قاعد ههنا ادخل معهم والا ينزل بك العذاب فاستهان به واستهزء بقوله فخرج موسى من عنده مغتما فجلس في فناء قصره وعليه جبة شعر وفي رجله نعلان من جلد حمار شراكهما من خيوط شعر بيده العصا فأمر قارون ان يصب عليه رماد قد خلط بالماء فصب عليه فغضب موسى (عليه السلام) غضبا شديدا وكان في كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدم فقال موسى (عليه السلام) يا رب ان لم تغضب لي فلست لك بنبي فأوحى الله عز وجل إليه قد أمرت الأرض ان تطيعك فمرها بما شئت وقد كان قارون قد امر ان يغلق باب القصر فأقبل موسى فأومى إلى الأبواب فانفرجت ودخل عليه فلما نظر إليه قارون علم أنه قد أوتي بالعذاب فقال يا موسى أسئلك بالرحم الذي بيني وبينك فقال له موسى يا ابن لاوي لا تزدني من كلامك يا ارض خذيه فدخل القصر بما فيه في الأرض ودخل قارون في الأرض إلى ركبتيه فبكى وحلفه بالرحم فقال له موسى يا ابن لاوي لا تزدني من كلامك يا ارض خذيه فابتلعته بقصره وخزائنه وهذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله عز وجل فعيره الله عز وجل بما قاله لقارون فعلم موسى (عليه السلام) ان الله تبارك وتعالى قد عيره بذلك فقال يا رب ان قارون دعاني بغيرك ولو دعاني بك لأجبته فقال الله عز وجل يا ابن لاوي ولا تزدني من كلامك فقال موسى يا رب لو علمت أن ذلك لك رضى لأجبته فقال الله يا موسى وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وعلو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لأجبته ولكنه لما دعاك وكلته إليك يا ابن عمران لا تجزع من الموت فاني كتبت الموت على كل نفس وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك فخرج موسى (عليه السلام) إلى جبل طور سيناء مع وصيه وصعد موسى (عليه السلام) الجبل فنظر إلى رجل قد اقبل ومعه مكتل ومسحاة فقال له موسى (عليه السلام) ما تريد قال إن رجلا من أولياء الله قد توفي وانا احفر له قبرا فقال له موسى (عليه السلام) أفلا أعينك عليه قال بلى قال فحفر القبر فلما فرغا أراد الرجل ان ينزل إلى القبر فقال له موسى ما تريد قال ادخل القبر فانظر كيف مضجعه فقال له موسى انا أكفيك فدخل موسى فاضطجع فيه فقبض ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل والقمي في سورة يونس وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال يا يهودي اما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغور قال ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون وكان قارون هلك في أيام موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به انظرني فاني اسمع كلام آدمي فأوحى الله إلى الملك الموكل به انظره فأنظره ثم قال قارون من أنت قال يونس انا المذنب الخاطي يونس بن متى قال فما فعل شديد الغضب لله موسى بن عمران قال هيهات هلك قال فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران قال هلك قال فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي قال هيهات ما بقي من آل عمران أحد فقال قارون اسفا على آل عمران فشكر الله تعالى له على ذلك فأمر الموكل به ان يرفع عنه العذاب أيام الدنيا فرفع عنه الحديث ويأتي تمامه في سورة الصافات والعياشي عن الباقر عليه السلام قال إن يونس عليه السلام لما اذاه قومه وساق الحديث إلى أن قال فألق نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار السبعة حتى صار إلى البحر المسجور وبه يعذب قارون فسمع قارون دويا فسأل الملك عن ذلك فأخبره انه يونس وان الله حبسه في بطن الحوت فقال له قارون أتأذن لي ان أكلمه فأذن له فسأله عن موسى فأخبره انه مات فبكى ثم سأله عن هارون (عليه السلام) فأخبره انه مات فبكى وجزع جزعا شديدا وسأله عن أخته كلثم وكانت مسماة له فأخبره انها ماتت فبكى وجزع جزعا شديدا قال فأوحى الله إلي الملك الموكل به ان ارفع عنه العذاب بقية أيام الدنيا لرقته على قرابته.

(82) وأصبح الذين تمنوا مكانه منزلته بالأمس منذ زمان قريب يقولون ويكان الله القمي قال هي لغة سريانية يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر بمقتضى مشيته لا لكرامة تقتضي البسط ولا لهوان يوجب القبض لولا أن من الله علينا فلم يعطنا ما تمنينا لخسف بنا لتوليده فينا ما ولده فيه فخسف به لأجله وقرء بفتح الإخاء والسين ويكانه لا يفلح الكافرون لنعمة الله.

(83) تلك الدار الآخرة التي سمعت خبرها وبلغك وصفها نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض غلبة وقهرا ولا فسادا ظلما على الناس في المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يمشي في الأسواق وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرء هذه الآية ويقول نزلت في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس وعنه عليه السلام قال الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية وفي رواية ان الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها والقمي عن الصادق عليه السلام العلو الشرف والفساد النباء وعنه عليه السلام أنه قال لحفص بن غياث يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي الا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها اكلت منها يا حفص ان الله تبارك وتعالى علم ما العباد عاملون والى ما هم صايرون فحلم عنهم عند اعمالهم السيئة لعله السابق فيهم فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلا قوله تلك الدار الآخرة الآية وجعل يبكي ويقول ذهبت والله الأماني عند هذه الآية فاز والله الأبرار تدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا الحديث والعاقبة المحمودة للمتقين من اتقى ما لا يرضاه الله.

(84) من جاء بالحسنة فله خير منها ذاتا وقدرا ووصفا وقد مضى في هذه الآية حديث في آخر سورة الأنعام وفي نظيرها في آخر سورة النمل ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات وضع فيه الظاهر موضع الضمير تهجينا لحالهم بتكرير اسناد السيئة إليهم الا ما كانوا يعملون مثل ما كانوا يعملون حذف المثل مبالغة في المماثلة.

(85) ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد اي معاد القمي عن السجاد قال يرجع إليكم نبيكم وأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام وعن الباقر عليه السلام انه ذكر عنده جابر فقال رحم الله جابرا لقد بلغ من علمه انه كان يعرف تأويل هذه الآية يعني الرجعة قل ربى اعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين يعني به نفسه والمشركين.

(86) وما كنت ترجو ان يلقى إليك الكتاب الا رحمة من ربك ولكن ألقاه رحمة منه فلا تكونن ظهيرا للكافرين قيل بمداراتهم والتحمل عنهم والإجابة إلى طلبتهم والقمي قال المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس.

(87) ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك إلى عبادته وتوحيده ولا تكونن من المشركين.

(88) ولا تدع مع الله إلها آخر القمي المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس وهو قول الصادق عليه السلام ان الله بعث نبيه بإياك أعني واسمعي يا جارة لا إله إلا هو كل شئ هالك الا وجهه في الكافي عن الصادق عليه السلام إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه وفي التوحيد عن الباقر عليه السلام ان الله عز وجل أعظم من أن يوصف بالوجه لكن معناه كل شئ هالك الا دينه والوجه الذي يؤتى منه أقول: يعني بالوجه الذي يؤتى منه الذي يهدي العباد إلى الله تعالى والى معرفته من نبي أو وصي أو عقل كامل بذلك وفي فإنه وجه الله الذي يؤتى الله منه وذلك لأن الوجه ما يواجه به والله سبحانه إنما يواجه به عباده ويخاطبهم بواسطة نبي أو وصي أو عقل كامل وفي التوحيد عن الصادق عليه السلام قال كل شئ هالك الا من اخذ طريق الحق وعنه عليه السلام من اتى الله بما امره من طاعة محمد والأئمة صلوات الله عليهم من بعده فهو الوجه الذي لا يهلك ثم قرء ومن يطع الرسول فقد أطاع الله وفي الكافي عنه عليه السلام ما في معناه والمراد ان كل مطيع لله ولرسوله متوجه إلى الله فهو باق في الجنان أبد الآبدين وهو وجه الله في خلقه به يواجه الله تعالى عباده ومن هو بخلافه فهو في النيران مع الهالكين وقراءة الآية إشارة إلى أن طاعته للرسول توجه منه إلى الله والى وجهه وتوجه من الله تعالى إلى خلقه وهو السبب في تسميته وجه الله واضافته إليه وفي التوحيد عنه عليه السلام نحن وجه الله الذي لا يهلك وعنه عليه السلام الا وجهه قال دينه وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام دين الله ووجهه وعينه في عباده ولسانه الذي ينطق به ويده على خلقه ونحن وجه الله الذي يؤتى منه لن نزال في عباده ما دامت لله فيهم رؤية قيل وما الرؤية قال الحاجة فإذا لم يكن لله فيهم حاجة رفعنا إليه وصنع بنا ما أحب والقمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال فيفنى كل شئ ويبقى وجه الله أعظم من أن يوصف ولكن معناه كل شئ هالك الا دينه ونحن الوجه الذي يؤتى منه لن نزال في عباده اجل وأعظم من ذلك وإنما وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام المراد كل شئ هالك الادينه لأن المحال ان يهلك منه كل شئ ويبقى الوجه هو وذكر مثل ما في التوحيد يهلك من ليس منه الا ترى أنه قال كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ففصل بين خلقه ووجهه أقول: وورد في حديث آخر عنهم عليهم السلام ان الضمير في وجهه راجع إلى الشئ وعلى هذا فمعناه ان وجه الشئ لا يهلك وهو ما يقابل منه إلى الله وهو روحه وحقيقته وملكوته ومحل معرفة الله منه التي تبقى بعد فناء جسمه وشخصه والمعنيان متقاربان وربما يفسر الوجه بالذات وليس بذلك البعيد له الحكم القضاء النافذ في الخلق واليه ترجعون للجزاء بالحق قد سبق ثواب قراءة هذه السورة في آخر