سورة النمل

مكية عدد آيها ثلاث وتسمعون آية حجازي اربع بصري شامي ثلاث كوفي واختلافها آيتان وأولو بأس شديد حجازي من قوارير غير الكوفي بسم الله الرحمن الرحيم.

(1) طس في المعاني عن الصادق عليه السلام واما طس فمعناه انا الطالب السميع تلك آيات القرآن وكتاب مبين.

(2) هدى وبشرى للمؤمنين.

(3) الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون.

(4) ان الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم اعمالهم بأن جعلناها مشتهاة لطبايعهم محبوبة لأنفسهم فهم يعمهون عنها لا يدركون ما يتبعها.

(5) أولئك الذين لهم سوء العذاب كالقتل والأسر يوم بدر وهم في الآخرة هم الأخسرون أشد الناس خسرانا لفوات المثوبة واستحقاق العقوبة.

(6) وانك لتلقى القرآن لتؤتاه من لدن حكيم عليم أي حكيم وأي عليم.

(7) إذ قال موسى لأهله انى آنست نارا سأتيكم منها بخبر اي عن حال الطريق لأنه قد ضله أو آتيكم منها بشهاب قبس شعلة نار مقبوسة وقرء بتنوينها والعدتان على سبيل الظن ولذلك عبر عنهما في طه بصيغة الترجي والترديد للدلالة على أنه ان لم يظفر بهما جميعا ظفر بأحدهما بناء على ظاهر الامر وثقة بالله لعلكم تصطلون رجاء ان تستدفؤا بها.

(8) فلما جائها نودي ان بورك من في النار من في مكان النار وهو البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة ومن حولها ومن حول مكانها وسبحان الله رب العالمين من تمام ما نودي به لئلا يتوهم من سماع كلامه تشبها وللتعجب من عظمة ذلك الأمر.

(9) يا موسى انه انا الله العزيز الحكيم انا القوي القادر على ما يبعد من الأوهام كقلب العصا حية الفاعل كل ما يفعله بحكمة وتدبير.

(10) والق عصاك ونودي ان الق عصاك فلما رآها تهتز تتحرك باضطراب كأنها جآن حية خفيفة سريعة ولى مدبرا ولم يعقب ولم يرجع من عقب المقاتل اذكر بعد ما فر يا موسى لا تخف من غير ثقة بي انى لا يخاف لدى المرسلون.

(11) الا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فانى غفور رحيم قيل فيه تعريض لموسى بوكزه القبطي والاستثناء منقطع أو متصل وثم بدل مستأنف معطوف على محذوف اي من ظلم ثم بدل ذنبه بالتوبة، والقمي معنى الا من ظلم ولا من ظلم فوضع حرف مكان حرف.

(12) وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء آفة في المعاني عن الصادق عليه السلام قال من غير برص في تسع آيات في جملتها أو معها على أن التسع هي الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة والحدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم ولمن عدا العصا واليد من التسع ان يعد الأخيرين واحدا ولا يعد الفلق لأنه لم يبعث به إلى فرعون كذا قيل إلى فرعون وقومه انهم كانوا قوما فاسقين تعليل للارسال.

(13) فلما جائتهم آياتنا بأن جاءهم موسى بها مبصرة بينة اسم فاعل اطلق للمفعول اشعارا بأنها لفرط اجتلائها للابصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما تبصر وفي المجمع عن السجاد عليه السلام انه قرء مبصرة بفتح الميم والصاد اي مكانا يكثر فيه التبصرة قالوا هذا سحر مبين واضح سحريته.

(14) وجحدوا بها وكذبوا بها واستيقنتها أنفسهم وقد استيقنتها ظلما لأنفسهم وعلوا ترفعا من الإيمان والانقياد فانظر كيف كان عاقبة المفسدين وهو الغرق في الدنيا والحرق في الآخرة.

(15) ولقد آتينا داود وسليمان علما طائفة من العلم أو علما اي علم وقالا الحمد لله فعلا شكرا له ما فعلا وقال الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين يعم من لم يؤت علما أو مثل علمهما وفيه دليل على فضل العلم وشرف أهله حيث شكراه على العلم وجعلاه أساس الفضل ولم يعتبرا دونه وما أوتيا من الملك الذي لم يؤت غيرهما وتحريض للعالم على أن يحمد الله على ما اتاه من فضله وان يتواضع ويعتقد انه وان فضل على كثير فقد فضل عليه كثير.

(16) وورث سليمان داود الملك والنبوة في الكافي عن الجواد عليه السلام انه قيل له انهم يقولون في حداثة سنك فقال إن الله أوحى إلى داود ان يستخلف سليمان عليه السلام وهو صبي يرعى الغنم فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل وعلماؤهم فأوحى الله إلى داود ان خذ عصا المتكلمين وعصا سليمان واجعلهما في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه أورقت وأثمرت فهو الخليفة فأخبرهم داود (عليه السلام) فقالوا قد رضينا وسلمنا وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ تشهيرا لنعمة الله وتنويها بها ودعاء للناس إلى التصديق بذكر المعجزة في البصائر عن الصادق عليه السلام انه تلا رجل عنده هذه الآية فقال (عليه السلام) ليس فيها من وإنما هي وأوتينا كل شئ ان هذا لهو الفضل المبين الذي لا يخفى على حد في الجوامع عن الصادق عليه السلام يعني الملك والنبوة والقمي عنه عليه السلام أعطي سليمان بن داود مع علمه معرفة المنطق بكل لسان ومعرفة اللغات ومنطق الطير والبهائم والسباع وكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية وإذا قعد لعماله وجنوده وأهل مملكته تكلم بالرومية وإذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية والنبطية وإذا قام في محرابه لمناجاة ربه تكلم بالعربية وإذا جلس للوفود والخصماء تكلم بالعبرانية وفي المجمع عنه عن أبيه عليهما السلام قال أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها فملك سبعمأة سنة وستة اشهر ملك أهل الدنيا كلهم من الجن والإنس والشياطين والدواب والطير والسباع وأعطي علم كل شئ ومنطق كل شئ وفي زمانه صنعت للصنايع العجيبة التي سمع بها الناس وذلك قوله علمنا منطق الطير وفي البصائر عنه عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لابن عباس ان الله علمنا منطق الطير كما علم سليمان بن داود عليه السلام ومنطق كل دابة في بر وبحر وعنه عليه السلام ان سليمان بن داود (عليه السلام) قال علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ وقد والله علمنا منطق الطير وعلم كل شئ وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام قال إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شئ فيه الروح ومن لم تكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام وعن الباقر عليه السلام انه وقع عنده زوج ورشان على الحايط فهدلا هديلهما فرد عليهما كلامهما فمكثا ساعة ثم نهضا فلما طارا على الحايط هدل الذكر على الأنثى ساعة ثم نهضا فسئل (عليه السلام) ما هذا الطير فقال كل شئ خلقه الله من طير وبهيمة أو شئ فيه روح فهو اسمع لنا وأطوع من ابن آدم ان هذا الورشان ظن بامرأته فحلفت له ما فعلت فقالت ترضى بمحمد بن علي (عليه السلام) فرضيا بي فأخبرته انه لها ظالم فصدقها والاخبار في هذا المعنى عنهم عليهم السلام كثيرة.

(17) وحشر وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون يحبسون القمي عن الباقر عليه السلام يحبس أولهم على آخرهم يعني ليتلاحقوا.

(18) حتى إذا اتوا على واد النمل القمي قعد على كرسيه وحملته الريح فمرت به على وادي النمل وهو واد ينبت فيه الذهب والفضة وقد وكل به النمل وهو قول الصادق عليه السلام ان لله واديا ينبت الذهب والفضة وقد حماه الله بأضعف خلقه وهو النمل لو رامته النجاتي ما قدرت عليه قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون انهم يحطمونكم إذ لو شعروا لم يفعلوا.

(19) فتبسم ضاحكا من قولها في العيون عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام في قوله عز وجل فتبسم ضاحكا من قولها قال لما قالت النملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده حملت الريح صوت النملة إلى سليمان وهو مار في الهواء والريح قد حملته فوقف وقال علي بالنملة فلما أتي بها قال سليمان يا أيتها النملة اما علمت اني نبي الله واني لا اظلم أحدا قالت النملة بلى قال سليمان فلم تحذرينهم ظلمي وقلت يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم قالت النملة خشيت ان ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها فيعبدون غير الله عز وجل ثم قالت النملة أنت أكبر أم أبوك داود قال سليمان بل أبي داود قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود عليه السلام قال سليمان ما لي بهذا علم قالت النملة لأن أباك داود (عليه السلام) داوى جرحه بود فسمى داود وأنت يا سليمان أرجو ان تلحق بأبيك ثم قالت النملة هل تدري لم سخرت لك الريح من بين ساير المملكة قال سليمان ما لي بهذا علم قالت النملة يعني عز وجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من بين يديك كزوال الريح تبسم ضاحكا من قولها أقول: ولعل النملة أرادت بقولها لأن أباك داود (عليه السلام) داوى جرحه بود ان اسم أبيك كان ذلك فخفف وإنما عبرت عنه بهذه العبارة إشارة إلى علة التسمية وعلى هذا يزيد حروف اسم أبيه على اسمه وقال رب أوزعني ان اشكر نعمتك اجعلني اوزع شكر نعمتك عندي اي اكفه وارتبطه بحيث لا ينفلت عني ولا انفك عنه التي أنعمت على وعلى ولدى ادرج فيه ذكر والديه تكثيرا للنعمة وان اعمل صالحا ترضيه اتماما للشكر واستدامة للنعمة وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين في عدادهم في الجنة في البصائر عن الصادق عليه السلام كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي أجاب ولو كان اليوم احتاج الينا.

(20) وتفقد الطير وتعرف الطير فلم يجد فيها الهدهد فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين القمي وكان سليمان إذا قعد على كرسيه جاءت جميع الطير التي سخرها الله له فتظل الكرسي والبساط بجميع من عليه عن حر الشمس فغاب عنه الهدهد من بين الطير فوقع الشمس من موضعه في حجر سليمان فرفع رأسه وقال كما حكى الله عز وجل.

(21) لأعذبنه عذابا شديدا كنتف ريشه أو جعله مع ضده في قفص أو لأذبحنه ليعتبر به أبناء جنسه أو ليأتيني وقرء بنونين أولهما مفتوحة مشددة بسلطان مبين بحجة تبين عذره والحلف في الحقيقة على الأولين بتقدير عدم الثالث في الكافي عن الكاظم عليه السلام وإنما غضب عليه لأنه كان يدله على الماء قال فهذا وهو طائر قد أعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين المردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه وان الله يقول في كتابه ولو أن قرآنا سيرت الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال ويقطع به البلدان ويحيى به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء الحديث.

(22) فمكث غير بعيد زمانا غير مديد يريد به الدلالة على سرعة رجوعه وقرء بضم الكاف فقال أحطت بما لم تحط به يعني حال سبا وفي مخاطبته إياه بذلك تنبيه على أنه في أدنى خلق الله من أحاط علما بما لم يحط به ليتحاقر إليه نفسه ويتصاغر لديه علمه وجئتك من سبأ بنبأ يقين بخبر محقق وقرء سبأ بفتح الهمزة وبدونها.

(23) انى وجدت امرأة تملكهم يعني بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريان أوتيت من كل شئ يحتاج إليه الملوك ولها عرش عظيم.

(24) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل سبيل الحق والصواب فهم لا يهتدون إليه.

(25) الا يسجدوا لله فصدهم لأن لا يسجدوا أو زين لهم ان لا يسجدوا أو لا يهتدون إلى أن يسجدوا بزيادة لا كقوله ما منعك ان لا تسجد وقرء بالتخفيف على أنها للتنبيه ويا للنداء ومناداه محذوف اي الا يا قوم اسجدوا الذي يخرج الخبأ في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون وصف له بما يوجب اختصاصه باستحقاق السجود من التفرد بكمال القدرة والعلم حثا على سجوده وردا على من يسجد لغيره والخبأ ما خفى في غيره واخراجه اظهاره وهو يعم اشراق الكواكب وانزال الأمطار وانبات النبات بل الإنشاء فإنه اخراج ما في الشئ بالقوة إلى الفعل والإبداع فإنه اخراج ما في العدم إلى الوجود ومعلوم انه يختص بالله سبحانه والقمي في السماوات المطر وفي الأرض النبات.

(26) الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم الشامل للمخلوقات كلها.

(27) قال سننظر سنتعرف من النظر بمعنى التأمل أصدقت أم كنت من الكاذبين.

(28) اذهب بكتابي هذا فالقه إليهم ثم تول عنهم ثم تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه فانظر ماذا يرجعون ماذا يرجع بعضهم إلى بعض من القول، القمي قال الهدهد انها في حصن منيع قال سليمان الق كتابي على قبتها فجاء الهدهد فألقى الكتاب في حجرها فارتاعت من ذلك وجمعت جنودها وقال لهم كما حكى الله عز وجل.

(29) قالت اي بعد ما القي إليها يا أيها الملأ انى القى إلى كتاب كريم القمي اي مختوم وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله قال كرم الكتاب ختمه.

(30) انه من سليمان استيناف كأنه قيل لها ممن هو وما هو فقالت إنه اي الكتاب أو العنوان من سليمان وانه وان المكتوب بسم الله الرحمن الرحيم.

(31) الا تعلوا على واتوني مسلمين مؤمنين أو منقادين وهذا الكلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الصانع وصفاته والنهي عن الترفع الذي هو أم الرذائل والامر بالإسلام الجامع لأمهات الفضائل وليس الامر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجة على رسالته حتى يكون استدعاء للتقليد فان القاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الأدلة (2 3) قالت يا أيها الملأ أفتوني في امرى اذكروا ما تستصوبون فيه ما كنت قاطعة امرا حتى تشهدون الا بمحضركم كأنها استعطفتهم بذلك ليمالؤها على الإجابة.

(33) قالوا نحن أولوا قوة بالأجساد والعدد في الاكمال عن الصادق عليه السلام ما يخرج القائم الا في اولي قوة وما يكون أولو قوة الا عشرة آلاف وأولو باس شديد بشدة وشجاعة والامر إليك موكول فانظري ماذا تأمرين من المقاتلة والصلح نطعك ونتبع رأيك.

(34) قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها بنهب الأموال وتخريب الديار وجعلوا أعزة أهلها أذلة بالإهانة والأسر وكذلك يفعلون القمي فقال الله تعالى وكذلك يفعلون.

(35) وانى مرسلة إليهم بهدية فناظرة منتظرة كذا في الإحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام بم يرجع المرسلون من حاله حتى اعمل بحسب ذلك والقمي قالت إن كان هذا نبيا من عند الله كما يدعي فلا طاقة لنا به فان الله عز وجل لا يغلب ولكن سأبعث إليهم بهدية فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها وعلمت انه لا يقدر علينا فبعثت حقة فيها جوهرة عظيمة وقالت للرسول قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ولا نار فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان بعض جنوده من الديدان فأخذ خيطا في فمه ثم ثقبها واخذ الخيط من الجانب الآخر (6 3) فلما جاء سليمان اي الرسول وما أهدت إليه قال أتمدونن بمال وقرء بنون واحدة مشددة على الإدغام فما اتاني الله من النبوة والملك الذي لا مزيد عليه خير مما اتيكم فلا حاجة لي إلى هديتكم ولا وقع لها عندي بل أنتم بهديتكم تفرحون لأنكم لا تعلمون الا ظاهرا من الحياة الدنيا.

(37) ارجع أيها الرسول إليهم إلى بلقيس وقومها فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها لا طاقة لهم بمقاومتها ولا قدرة بهم على مقاتلتها ولنخرجنهم منها من سبا أذلة بذهاب ما كانوا فيه من العز وهم صاغرون اسراء مهانون القمي فرجع إليها الرسول فأخبرها بذلك وبقوة سليمان فعلمت انه لا محيص لها فخرجت وارتحلت نحو سليمان.

(38) قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين القمي لما علم سليمان باقبالها نحوه قال ذلك قيل أراد بذلك ان يريها بعض ما خصه الله تعالى به من العجائب الدالة على عظيم القدرة وصدقه في دعوى النبوة ويختبر عقلها بأن ينكر عرشها فنظر أتعرفه أم تنكره.

(39) قال عفريت خبيث مارد من الجن انا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك مجلسك للحكومة قيل وكان يجلس إلى نصف النهار وانى عليه على حمله لقوى امين لا اختزل منه شيئا ولا أبدله.

(40) قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك القمي قال سليمان يعني بعد مقالة العفريت أريد اسرع من ذلك فقال آصف بن برخيا انا آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك فدعا الله عز وجل بالاسم الأعظم فخرج السرير من تحت كرسي سليمان وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن الذي عنده علم من الكتاب قال ذلك وصي أخي سليمان بن داود وفي البصائر والكافي عن الباقر عليه السلام ان اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند أصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت اسرع من طرفة عين وعندنا نحن من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وفي رواية أخرى من البصائر فتكلم به فانخسفت الأرض ما بينه وبين السرير والتقت القطعتان وحول من هذه إلى هذه وفي أخرى من الكافي عن الهادي عليه السلام قال فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبا فتناول عرش بلقيس حتى سيره إلى سليمان ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين وفي المجمع عن الصادق عليه السلام قال إن الأرض طويت له وعن العياشي عن الهادي عليه السلام قال الذي عنده علم من الكتاب فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرفه أصف لكنه (عليه السلام) أحب ان يعرف الجن والإنس انه الحجة من بعده وذلك من علم سليمان أودعه أصف بأمر الله ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ودلالته كما فهم سليمان (عليه السلام) في حياة داود (عليه السلام) لتعرف إمامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق فلما رآه رأى العرش مستقرا عنده حاصلا بين يديه قال تلقيا للنعمة بالشكر على شاكلة المخلصين من عباد الله هذا من فضل ربى تفضل به علي من غير استحقاق ليبلوني أأشكر بأن أراه فضلا من الله بلا حول مني ولا قوة وأقوم بحقه أم اكفر بأن أجد نفسي في البين أو اقصر في أداء مواجبه ومن شكر فإنما يشكر لنفسه فإنه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ومن كفر فان ربى غنى عن شكره كريم بالإنعام عليه ثانيا.

(41) قال نكروا لها عرشها بتغيير هيئته وشكله ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون إلى معرفته.

(42) فلما جاءت قيل أهكذا عرشك تشبيها عليها زيادة في امتحان عقلها قالت كأنه هو ولم تقل هو هو لاحتمال أن يكون مثله وذلك من كمال عقلها وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين قيل هي من تتمة كلامها كأنها ظنت انه أراد بذلك اختبار عقلها واظهار معجزة لها فقالت وأوتينا العلم بكمال قدرة الله وصحة نبوتك قبل هذه الحالة.

(43) وصدها ما كانت تعبد من دون الله اي وصدها عبادتها الشمس عن التقدم إلى الإسلام انها كانت من قوم كافرين وقرء بفتح الهمزة على البدل اي صدها نشوها بين اظهر الكفار أو على التعليل.

(44) قيل لها ادخلي الصرح القصر وقيل عرصة الدار فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه ان ما تظنيه ماء صرح ممرد مملس من قوارير من الزجاج قالت رب انى ظلمت نفسي بعبادتي للشمس وقيل بظني بسليمان فإنها حسبت انه يغرقها في اللجة وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين فيما امر به عباده روي أنه امر قبل قدومها فبنى قصر صحنه من زجاج ابيض واجري من تحته الماء والقى فيه حيوانات البحر ووضع سريره في صدره فجلس عليه فلما أبصرته ظنت ماء راكدا فكشفت عن ساقيها والقمي وكان قد امر ان يتخذ لها بيتا من قوارير ووضعه على الماء ثم قيل لها ادخلي الصرح وظنت انه ماء فرفعت ثوبها وأبدت ساقيها فإذا عليهما شعر كثير فقيل لها انه صرح ممرد من قوارير قالت رب انى ظلمت الآية فتزوجها سليمان وهي بلقيس بنت الشراح الحميرية وقال سليمان للشياطين اتخذوا لها شيئا يذهب هذا الشعر عنها فعملوا الحمامات وطبخوا النورة فالحمامات والنورة مما اتخذته الشياطين لبلقيس وكذا الأرحبية التي تدور على الماء.

(45) ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا ان اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون القمي عن الباقر عليه السلام قال يقول مصدق ومكذب قال الكافرون منهم أتشهدون ان صالحا مرسل من ربه قال المؤمنون انا بالذي ارسل به مؤمنون قال الكافرون منهم إنا بالذي آمنتم به كافرون وقالوا يا صالح ائتنا باية ان كنت من الصادقين فجاءهم بناقة فعقروها وكان الذي عقرها ازرق احمر ولد زنا.

(46) قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة بالعقوبة قبل التوبة فإنهم كانوا يقولون إن صدق ايعاده تبنا، القمي انهم سألوه قبل ان تأتيهم الناقة ان يأتيهم بعذاب اليم فأرادوا بذلك امتحانه فقال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة يقول بالعذاب قبل الرحمة لولا تستغفرون الله قبل نزوله لعلكم ترحمون بقبولها فإنها لا تقبل حينئذ.

(47) قالوا اطيرنا بك وبمن معك تشأمنا إذ تتابعت علينا الشدائد وأوقع بيننا افتراق منذ اخترعتم دينكم القمي أصابهم جوع شديد فقالوا هذا من شؤمك وشؤم الذين معك أصابنا هذا وهي الطيرة قال طائركم عند الله قال يقول خيركم وشركم من عند الله بل أنتم قوم تفتنون تختبرون بتعاقب السراء والضراء.

(48) وكان في المدينة تسعة رهط تسعة نفر يفسدون في الأرض ولا يصلحون اي شأنهم الافساد الخالص عن شوب الصلاح القمي كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي.

(49) قالوا قال بعضهم لبعض تقاسموا بالله اي تحالفوا امر مقول أو خبر وقع بدلا لنبيتنه وأهله لنباغتن صالحا وأهله ليلا ثم لنقولن لوليه لولي دمه وقرء لتبيتنه ولتقولن بالتاء وصيغة الجمع على خطاب بعضهم لبعض ما شهدنا مهلك أهله فضلا ان تولينا اهلاكهم وهو يحتمل المصدر والزمان والمكان وقرء بفتح اللام مع فتح الميم وضمها وانا لصادقون ونحلف انا لصادقون أو والحال انا لصادقون يعنون نوري والقمي يقول لنفعلن.

(50) ومكروا مكرا بهذه المواضعة ومكرنا مكرا بأن جعلناها سببا لإهلاكهم و هم لا يشعرون بذلك روي أنه كان لصالح في الحجر مسجد في شعب يصلي فيه فقالوا زعم أنه يفرغ منا إلى فنفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث فذهبوا إلى الشعب ليقتلوه فوقع عليهم صخرة جبالهم فطبقت عليهم فم الشعب فهلكوا ثمة وهلك الباقون في أماكنهم بالصيحة والقمي فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه وعند صالح ملائكة يحرسونه فلما اتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة فأصبحوا في داره مقتلين واخذت قومه الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين.

(51) فانظر كيف كان عاقبة مكرهم انا دمرناهم وقرء بفتح الهمزة وقومهم أجمعين.

(52) فتلك بيوتهم خاوية خالية من خوي البطن إذا خلا أو ساقطة منهدمة من خوي النجم إذا سقط بما ظلموا بسبب ظلمهم ان في ذلك لآية لقوم يعلمون فيتعظون.

(53) وأنجينا الذين آمنوا صالحا ومن معه وكانوا يتقون الكفر والمعاصي فلذلك خصوا بالنجاة.

(54) ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون تعلمون خبثها أو يبصرها بعضكم من بعض وكانوا يعلنون.

(55) ائنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء اللاتي خلقن لذلك بل أنتم قوم تجهلون سفهاء.

(56) فما كان جواب قومه الا ان قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم انهم أناس يتطهرون يتنزهون عن افعالنا.

(57) فأنجيناه وأهله الا امرأته قدرناها من الغابرين قدرنا كونها من الباقين في العذاب وقرء قدرناها بالتخفيف.

(58) وأمطرنا عليهم مطرا فسآء مطر المنذرين مضى مثله.

(59) قل الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى في الجوامع عنهم (عليه السلام) والقمي قال هم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم الله خير أم ما تشكرون وقرء بالياء الزام لهم وتهكم به وتسفيه لرأيهم.

(60) امن بل أم من خلق السماوات والأرض وانزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة عدل عن الغيبة إلى التكلم لتأكيد اختصاص الفعل بذاته كما قال ما كان لكم ان تنبتوا شجرها شجر الحدائق أإله مع الله أغيره يقرن به ويجعل له شريكا وهو المتفرد بالخلق والتكوين بل هم قوم يعدلون عن الحق وهو التوحيد.

(61) امن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها انهارا جارية وجعل لها رواسي جبالا يتكون فيها المعادن وينبع من حضيضها المنابع وجعل بين البحرين العذب والملح حاجزا برزخا وقد مر بيانه في سورة الفرقان أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون الحق فيشركون.

(62) امن يجيب المضطر الذي أحوجه شدة ما به إلى اللجأ إلى الله إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض خلفاء فيها بأن ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن كان قبلكم أإله مع الله الذي متعكم بهذه النعم قليلا ما تذكرون اي تذكرون الاءه تذكرا قليلا وما مزيدة وقرء بتشديد الذال وبالياء معه القمي عن الصادق عليه السلام قال نزلت في القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله هو والله المضطر إذا صلى في المقام ركعتين ودعا الله عز وجل فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض وفي رواية فيكون أول من يبايعه جبرئيل ثم الثلاثمأة والثلاثة عشر رجلا وقد سبق كلام آخر في هذه الآية في سورة البقرة عند قوله تعالى أجيب دعوة الداع.

(63) امن يهديكم في ظلمات البر والبحر بالنجوم وعلامات الأرض ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته يعني المطر أإله مع الله يقدر على شئ من ذلك تعالى الله عما يشركون.

(64) امن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض اي بأسباب سماوية وأرضية أإله مع الله يفعل ذلك قل هاتوا برهانكم على أن غيره يقدر على شئ من ذلك ان كنتم صادقين في اشراككم.

(65) قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب الا الله في نهج البلاغة ان أمير المؤمنين عليه السلام اخبر يوما ببعض الأمور التي لم يأت بعد فقيل له أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك (ع) وقال ليس هو بعلم غيب إنما هو تعلم من ذي علم وإنما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله ان الله عنده علم الساعة الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى وقبيح أو جميل وسخي أو بخيل وشقي أو سعيد ومن يكون للنار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه ودعا لي ان يعيه صدري وتضم عليه جوارحي وما يشعرون إيان يبعثون متى ينشرون.

(66) بل ادارك تتابع حتى استحكم علمهم في الآخرة القمي يقول علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا وقرء بدون الألف مع تخفيف الدال وتشديدها بل هم في شك منها في حيرة بل هم منها عمون لاختلال بصيرتهم قيل الاضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم.

(67) وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا ائنا لمخرجون من الأجداث أو من الفناء إلى الحياة وتكرير الهمزة للمبالغة في الانكار وقرء بحذف الأولى وبحذفهما واننا بالنونين.

(68) لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل ان هذا الا أساطير الأولين أكاذيبهم التي هي كالاسمار.

(69) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين تهديد لهم على التكذيب وتخويف بأن ينزل عليهم مثل ما نزل بالمكذبين قبلهم والتعبير عنهم بالمجرمين ليكون لطفا للمجرمين في ترك الجرائم.

(70) ولا تحزن عليهم على تكذيبهم واعراضهم ولا تكن في ضيق في حرج صدر وقرء بكسر الضاد مما يمكرون من مكرهم فان الله يعصمك من الناس.

(71) ويقولون متى هذا الوعد العذاب الموعود ان كنتم صادقين.

(72) قل عسى أن يكون ردف لكم تبعكم ولحقكم والقمي اي قد قرب من خلفكم بعض الذي تستعجلون حلوله قيل هو عذاب يوم بدر.

(73) وان ربك لذو فضل على الناس بتأخيره عقوبتهم على المعاصي ولكن أكثرهم لا يشكرون لا يعرفون حق النعمة فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه.

(74) وان ربك ليعلم ما تكن صدورهم ما تخفيه وما يعلنون من عداوتك فيجازيهم عليه.

(75) وما من غائبة في السماء والأرض خافية فيهما الا في كتاب مبين في الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث وان في كتاب الله لآيات ما يراد بها امر الا ان يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون جعله الله لنا في أم الكتاب ان الله يقول وما من غائبة الآية ثم قال ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فنحن الذين اصطفينا الله وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شئ.

(76) ان هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون كالتشبيه والنزيه وأحوال الجنة والنار وعزير والمسيح.

(77) وانه لهدى ورحمة للمؤمنين فإنهم المشفعون به.

(78) ان ربك يقضى بينهم بين بني إسرائيل بحكمه اي بحكمته أو بما يحكم به وهو الحق وهو العزيز فلا يرد قضاءه العليم بحقيقة ما يقضي فيه وحكمته.

(79) فتوكل على الله ولا تبال بمعاداتهم انك على الحق المبين وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره.

(80) انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء وقرء بالياء المفتوحة ورفع الصم إذا ولوا مدبرين شبهوا بالموتى والصم لعدم انتفاعهم بما يتلى عليهم.

(81) وما أنت بهادي العمى وقرء تهدى العمى عن ضلالتهم حيث إن الهداية لا تحصل الا بالبصر ان تسمع ما يجدي اسماعك الا من يؤمن بآياتنا من هو في علم الله كذلك فهم مسلمون مخلصون.

(82) وإذا وقع القول عليهم وهو ما وعدوا به من الرجعة عند قيام المهدي عليه السلام كما يأتي بيانه عن قريب أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون وقرء تكلمهم بالتخفيف من الكلم بمعنى الجرح وفي الجوامع عن الباقر عليه السلام قال كلم الله من قرء تكلمهم ولكن تكلمهم بالتشديد والقمي عن الصادق عليه السلام قال انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثم قال له قم يا دابة الأرض فقال رجل من أصحابه يا رسول الله ايسمى بعضنا بعضا بهذا الاسم فقال لا والله ما هو الا له خاصة وهو الدابة الذي ذكره الله في كتابه فقال عز وجل وإذا وقع القول عليهم الآية ثم قال يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك فقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام ان العامة يقولون إن هذه الدابة إنما تكلمهم فقال أبو عبد الله كلمهم الله في نار جهنم إنما هو يكلمهم من الكلام وعنه عليه السلام قال قال رجل لعمار بن ياسر يا أبا اليقظان ان آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني فقال واية آية هي قال قوله عز وجل وإذا وقع القول عليهم الآية فأية دابة هذه قال عمار والله ما اجلس ولا آكل ولا اشرب حتى أريكها فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمرا وزبدا فقال يا أبا اليقظان هلم فاقبل عمار وجلس يأكل معه فتعجب الرجل منه فلما قام عمار قال الرجل سبحان الله انك حلفت ان لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى تريني الدابة قال عمار قد أريتكها ان كنت تعقل وفي المجمع انه روى العياشي هذه القصة بعينها عن أبي ذر أيضا وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ولقد أعطيت الست علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب واني لصاحب الكرات ودولة الدول واني لصاحب العصا والميسم والدابة التي تكلم الناس في الاكمال عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث بعد ان ذكر الدجال ومن يقتله قال الا ان بعد ذلك الطامة الكبرى قيل وما ذلك يا أمير المؤمنين قال خروج دابة الأرض من عند الصفا ومعها خاتم سليمان (عليه السلام) وعصا موسى (عليه السلام) تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقا وتضعه على وجه كل كافر فيكتب هذا كافر حقا حتى أن المؤمن لينادي الويل لك حقا يا كافر وان الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن وددت اني كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما ثم ترفع الدابة رأسها من بين الخافقين بإذن الله جل جلاله وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ثم قال عليه السلام لا تسألوني عما يكون بعد هذا فإنه عهد إلي حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله ان لا اخبر به غير عترتي وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال دابة الأرض طولها ستون ذراعا لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب فتسم المؤمن بين عينيه ويكتب بين عينيه مؤمن وتسم الكافر بين عينيه ويكتب بين عينيه كافر ومعها عصا موسى (عليه السلام) وخاتم سليمان (عليه السلام) فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم انف الكافر بالخاتم حتى يقال يا مؤمن ويا كافر وعن أمير المؤمنين عليه السلام انه سئل عن الدابة فقال اما والله ما لها ذنب وان لها للحية.

(83) ويوم نحشر من كل أمة فوجا يعني يوم الرجعة ممن يكذب بآياتنا يعني بالأئمة عليهم السلام فهم يوزعون يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا.

(84) حتى إذا جاؤوا إلى المحشر قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما اماذا كنتم تعملون أم اي شئ كنتم تعملون بعد ذلك وهو للتبكيت إذ لم يفعلوا غير التكذيب.

(85) ووقع القول عليهم حل بهم العذاب الموعود بما ظلموا بسبب ظلمهم وهو التكذيب بآيات الله فهم لا ينطقون بالاعتذار لشغلهم بالعذاب القمي عن الصادق عليه السلام في الحديث الذي مضى في تفسير الدابة أولا قال والدليل على أن هذا في الرجعة قوله ويوم نحشر من كل أمة فوجا الآية قال الآيات أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام فقال الرجل ان العامة تزعم أن قوله عز وجل ويوم نحشر من كل أمة فوجا عنى في يوم القيامة فقال عليه السلام فيحشر الله عز وجل يوم القيامة من كل أمة فوجا ويدع الباقين لا ولكنه في الرجعة واما آية القيامة فهي وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعنه عليه السلام ليس أحد من المؤمنين قتل الا ويرجع حتى يموت ولا يرجع الا من محض الايمان محضا ومن محض الكفر محضا وفي الكافي عنه عليه السلام في قوله بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد انهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمد صلوات الله عليهم الا قتلوه وقد سبق تمام الحديث في سورة بني إسرائيل فلا حاجة بنا إلى اعادته قال في المجمع وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد صلوات الله عليهم في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي عليه السلام قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويتبهجوا بظهور دولته ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في القتل على أيدي شيعته أو الذل والخزي مما يشاهدون من علو كلمته ولا يشك عاقل ان هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه وصح عن النبي صلى الله عليه وآله قوله سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتموه أقول: وقد صنف الحسن بن سليمان الحلي طاب ثراه كتابا في فضائل أهل البيت عليهم السلام أورد فيه اخبارا كثيرة في اثبات الرجعة وتفاصيل أحوالها وذكر فيه ان الدابة أمير المؤمنين عليه السلام في اخبار كثيرة متوافقة المعاني ونقل أكثرها من كتاب سعد بن عبد الله المسمى بمختصر البصائر ولنورد هنا من كتابه حديثا واحدا ومن أراد سائرها فليراجع إليه وهو ما رواه عن الأصبغ بن نباته ان عبد الله الكوا اليشكري قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين ان أناسا من أصحابك يزعمون أنهم يردون بعد الموت فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) نعم تكلم بما سمعت ولا تزد في الكلام مما قلت لهم قال قلت لا أؤمن بشئ مما قلتم فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ويلك ان الله عز وجل ابتلى قوما بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سميت لهم ثم ردهم إلى الدنيا ليسوفوا ارزاقهم ثم أماتهم بعد ذلك قال فكبر على الكوا ولم يهتد له فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ويلك تعلم أن الله عز وجل قال في كتابه واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل ان ربي قد كلمني فلو انهم سلموا ذلك وصدقوا به لكان خير لهم ولكنهم قالوا لموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة قال الله تعالى فاخذتكم الصاعقة يعني الموت وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون افترى يا بن الكوا ان هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعد ما ماتوا فقال ابن الكوا وما ذاك ثم أماتهم مكانهم فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ويلك أوليس قد أخبرك في كتابه حيث يقول وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى فهذا بعد الموت إذ بعثهم وأيضا مثلهم يا ابن الكوا الملأ من بني إسرائيل حيث يقول الله عز وجل ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم وقوله عز وجل في عزير حيث اخبر الله فقال أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فقال إني يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله واخذه بذلك الذنب مأة عام ثم بعثه ورده إلى الدنيا فقال كم لبثت فقال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مأة عام فلا تشك يا ابن الكوا في قدرة الله عز وجل.

(86) ألم يروا انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه بالنوم والقرار والنهار مبصرا قيل أصله ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الأبصار حالا من أحواله المجبول عليها ان ذلك لآيات لقوم يؤمنون.

(87) ويوم ينفخ في الصور في القرن روي أن النبي صلى الله عليه وآله سئل عنه فقال قرن من نور التقمه إسرافيل فوصف بالسعة والضيق واختلف في أن أعلاه ضيق وأسفله واسع أو بالعكس ولكل وجه وورد ان فيه ثقبا بعدد كل انسان ثقبة فيها روحه ففزع من في السماوات ومن في الأرض من الهول وعبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه الا من شاء الله ان لا يفزع بأن يثبت قلبه وكل اتوه داخرين صاغرين وقرء بقصر الهمزة وفتح التاء.

(88) وترى الجبال تحسبها جامدة ثابتة في مكانها وهي تمر مر السحاب في السرعة قيل وذلك لأن اجرام الكبار إذا تحركت في سمت واحد لا تكاد تتبين حركتها صنع الله الذي اتقن كل شئ احكم خلقه وسواه على ما ينبغي انه خبير بما يفعلون عالم بظواهر الافعال وبواطنها فيجازيهم عليها وقرء بالتاء.

(89) من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون وقرء بالإضافة.

(90) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في لنار فكبوا فيها وجوههم هل تجزون الا ما كنتم تعملون على إرادة القول القمي قال الحسنة والله ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والسيئة والله اتباع أعدائه وفي الكافي عن الصادق عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية قال الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة انكار الولاية وبغضنا أهل البيت ثم قرء لآية وعن الباقر عليه السلام في قوله تعالى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا قال من تولى الأوصياء من آل محمد صلوات الله عليهم واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم (ع) وهو قول الله من جاء بالحسنة فله خير منها ندخله لجنة وفي روضة الواعظين عنه عليه السلام في هذه قال الحسنة ولاية علي وحبه والسيئة عداوته وبغضه ولا يرفع معهما عمل وقد مضى في آخر سورة الأنعام حديث في صدر الآيتين.

(91) إنما أمرت ان اعبد رب هذه البلدة الذي حرمها القمي يعني مكة شرفها الله تعالى في الكافي عن الصادق عليه السلام ان قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته حتى دعوا رجلا قرأه فإذا فيه انا الله ذو بكة حرمتها يوم خلقت السماوات والأرض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة املاك حفا، وعنه عليه السلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال الا ان الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله عز وجل إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلي خلالها ولا تحل لقطتها الا لمنشد فقال العباس يا رسول الله الإذخر فإنه للقبر والبيوت فقال رسول الله الا الإذخر وله كل شئ خلقا وملكا وأمرت ان أكون من المسلمين المنقادين.

(92) وان اتلوا القرآن وان أواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه في تلاوته شيئا فشيئا فمن اهتدى باتباعه إياي في ذلك فإنما يهتدى لنفسه فان منافعه عائدة إليه ومن ضل بمخالفتي فقل إنما انا من المنذرين فلا علي من وبال ضلاله شئ إذ ما على الرسول الا البلاغ وقد بلغت.

(93) وقل الحمد لله على نعمة النبوة وعلى ما علمني ربي ووفقني للعمل به سيريكم آياته إذا رجعتم إلى الدنيا ورجعوا فتعرفونها فتعرفون انها آيات الله حين لا تنفعكم المعرفة، القمي قال الآيات أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام إذا رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا قال أمير المؤمنين عليه السلام والله ما لله آية أكبر مني وما ربك بغافل عما تعملون فلا تحسبوا ان تأخير عذابكم لغفلة من اعمالكم وقرء بالياء وقد مضى ثواب قراءة الطواسين الثلاث