سورة الفرقان

مكية كلها وقال ابن عباس إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدنية من قوله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى قوله غفورا رحيما عدد آيها سبع وسبعون آية بلا خلاف بسم الله الرحمن الرحيم.

(1) تبارك الذي نزل الفرقان على عبده تكاثر خيره من البركة وهي كثرة الخير وقد سبق تفسير الفرقان في سورة آل عمران ليكون العبد أو الفرقان للعلمين نذيرا للجن والأنس منذرا أو إنذارا كالنكير بمعنى الإنكار.

(2) الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا كما زعمه النصارى ولم يكن له شريك في الملك كقول الثنوية وخلق كل شئ فقدره تقديرا القمي عن الرضا عليه السلام قال تدري ما التقدير قيل لا قال هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء تدري ما القضاء قيل لا قال هو إقامة العين.

(3) واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون لأن عبدتهم ينحتونهم ويصورونهم ولا يملكون ولا يستطيعون لأنفسهم ضرا دفع ضر ولا نفعا ولا جلب نفع ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ولا يملكون إماتة أحد وإحيائه أولا وبعثه ثانيا ومن كان كذلك فبمعزل عن الألوهية.

(4) وقال الذين كفروا إن هذا يعنون القرآن إلا إفك كذب مصروف عن وجهه افتراه اختلقه وأعانه عليه قوم آخرون القمي قالوا هذا الذي يقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله ويخبرنا به إنما يتعلمه من اليهود ويكتبه من علماء النصارى ويكتب عن رجل يقال له ابن قبيطة ينقله عنه بالغداة والعشي فحكى سبحانه وتعالى قولهم فرد عليهم وعن الباقر (عليه السلام) الإفك الكذب وقوم آخرون يعنون أبا فكيهة وحبرا وعداسا وعابسا مولى حويطب فقد جاؤوا ظلما وزورا.

(5) وقالوا أساطير الأولين ما سطره المتقدمون اكتتبها كتبها بنفسه أو استكتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا القمي قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة.

(6) قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض لأنه أعجزكم عن آخركم بفصاحته وتضمن أخبارا عن مغيبات مستقبلة وأشياء مكنونة لا يعلمها إلا عالم الأسرار فكيف تجعلونه أساطير الأولين إنه كان غفورا رحيما فلذلك لا يعجل في عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته واستحقاقكم إن يصب عليكم العذاب صبا.

(7) وقالوا مال هذا الرسول ما لهذا الذي يزعم الرسالة وفيه استهانة وتهكم يأكل الطعام كما نأكل ويمشي في الأسواق لطلب المعاش كما نمشي والمعنى إن صح دعواه فما باله لم يخالف حاله حالنا وذلك لعمههم وقصور نظرهم على المحسوسات فإن تميز الرسل ممن عداهم ليس بأمور جسمانية وإنما هو بأحوال نفسانية كما أشار إليه بقوله قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى إنما إلهكم إله وحد لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ليعلم صدقه بتصديق الملك.

(8) أو يلقى إليه كنز فيستظهر به ويستغني عن تحصيل المعاش أو تكون له جنة يأكل منها على سبيل التنزل أي إن لم يلق إليه كنز فلا أقل أن يكون له بستان كما للدهاقين والمياسير فيتعيش بريعه وقرئ نأكل بالنون وقال الظالمون إن تتبعون ما تتبعون إلا رجلا مسحورا سحر فغلب على عقله قيل وضع الظالمون موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم فيما قالوا والقمي عن الباقر عليه السلام نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا وقال الظالمون لآل محمد عليهم السلام حقهم إن يتبعون إلا رجلا مسحورا.

(9) انظر كيف ضربوا لك الأمثل قالوا فيك الأقوال الشاذة واخترعوا لك الأحوال النادرة فضلوا عن الطريق الموصل إلى معرفة خواص النبي صلى الله عليه وآله والتميز بينه وبين المتنبي فخبطوا خبط عشواء فلا يستطيعون سبيلا إلى القدح في نبوتك أو إلى الرشد والهدى والقمي عن الباقر عليه السلام إلى ولاية علي عليه السلام وعلي هو السبيل.

(10) تبارك الذي إن شاء جعل لك في الدنيا خيرا من ذلك مما قالوه ولكن أخره إلى الآخرة لأنه خير وأبقى جنت تجرى من تحتها الأنهر ويجعل لك قصورا وقرئ يجعل بالرفع في الاحتجاج وتفسير الإمام عليه السلام في سورة البقرة عند قوله سبحانه أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل قال الإمام عليه السلام قلت لأبي علي بن محمد عليهما السلام هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم قال مرارا كثيرة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة فابتدأ عبد الله بن أبي أمية المخزومي فقال يا محمد لقد أدعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا زعمت أنك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشي في الأسواق كما نمشي وهذا ملك الروم وهذا ملك الفارس لا يبعثان رسولا إلا كثير مال عظيم خطير له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ما أنت يا محمد إلا مسحورا ولست بنبي ثم اقترحوا أشياء كثيرة مضى ذكرها في سورة بني إسرائيل ويأتي ذكر بعضها في سورة الزخرف إن شاء الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم أنت السامع لكل صوت والعالم بكل شئ تعلم ما قاله عبادك فأنزل الله عليه يا محمد وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام إلى قوله قصورا مع آيات اخر قد مضت قال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عبد الله أما ما ذكرت من إني آكل الطعام كما تأكلون وزعمت أنه لا يجوز لأجل هذه أن أكون لله رسولا فإنما الأمر لله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو محمود وليس لي ولا لأحد الاعتراض بلم وكيف ألا ترى أن الله كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا وأعز بعضا وأذل بعضا وأصح بعضا وأسقم بعضا وشرف بعضا ووضع بعضا كلهم ممن يأكل الطعام ثم ليس للفقراء أن يقولوا لم أفقرتنا وأغنيتهم ولا للوضعاء أن يقولوا لم وضعتنا وشرفتهم ولا للزمناء والضعفاء أن يقولوا لم أزمنتنا وأضعفتنا وصححتهم ولا للأذلاء أن يقولوا لم أذللتنا وأعززتهم ولا لقباح الصور أن يقولوا لم أقبحتنا وجملتهم بل إن قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين وله في أحكامه منازعين وبه كافرين ولكن جوابه لهم أنا الملك الخافض الرافع المغني المفقر المعز المذل المصحح المسقم وأنتم العبيد ليس لكم إلا التسليم لي والانقياد لحكمي فإن سلمتم كنتم عبادا مؤمنين وإن أبيتم كنتم بي كافرين وبعقوباتي من الهالكين ثم أنزل الله عليه يا محمد قل إنما أنا بشر مثلكم يعني آكل الطعام يوحى إلى إنما إلهكم إله واحد يعني قل لهم أنا في البشرية مثلكم ولكن ربي خصني بالنبوة كما يخص بعض البشر بالغنى والصحة والجمال دون بعض من البشر فلا تنكروا أن يخصني أيضا بالنبوة ثم أجاب عن مقترحاتهم الأخر بما سبق ذكره في سورتي بني إسرائيل والأنعام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وأما قولك ما أنت إلا رجل مسحور فكيف أكون كذلك وقد تعلمون إني في صحة التميز والعقل فوقكم فهل جربتم علي مذ نشأت إلى أن استكملت أربعين سنة خزية أو ذلة أو كذبة أو خيانة أو خطأ من القول أو سفها من الرأي أتظنون أن رجلا يعتصم طول هذه المدة بحول نفسه وقوتها أو بحول الله وقوته وذلك ما قال الله انظر كيف ضربوا لك الأمثل فضلوا فلا يستطيعون سبيلا إلى أن يثبتوا عليك عمى بحجة أكثر دعاويهم الباطلة التي تبين عند التحصيل بطلانها.

(11) بل كذبوا بالساعة فقصرت أنظارهم على الحطام الدنيوية فظنوا أن الكرامة إنما هي بالمال وطعنوا فيك بفقرك وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا نارا شديدة الأسعار.

(12) إذا رأتهم إذا كانت بمرئ منهم من مكان بعيد في المجمع عن الصادق عليه السلام والقمي قال من مسيرة سنة سمعوا لها تغيظا وزفيرا صوت تغيظ.

(13) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين القمي قال مقيدين بعضهم مع بعض دعوا هنالك ثبورا هلاكا أي يتمنون هلاكا وينادونه.

(14) لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا اي يقال لهم ذلك وادعوا ثبورا كثيرا لأن عذابكم أنواع كثيرة.

(15) قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا.

(16) لهم فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا كان ما يشاؤون موعودا حقيقا بأن يسئل ويطلب أو سأله الناس بقولهم ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك أو الملائكة بقولهم وأدخلهم جنت عدن.

(17) ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله يعم كل معبود سواه فيقول أي للمعبودين وقرئ بالنون فيهما أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل لإخلالهم بالنظر الصحيح وإعراضهم عن المرشد النصيح وهو استفهام تقريع وتبكيت للعبدة.

(18) قالوا سبحانك تعجبا مما قيل لهم لأنهم إما ملائكة وأنبياء معصومون أو جمادات لا تقدر على شئ أو إشعارا بأنهم الموسومون بتسبيحه وتوحيده فكيف يليق بهم إضلال عبيده أو تنزيها لله عن الأنداد ما كان ينبغي لنا ما يصح أن نتخذ من دونك من أولياء في المجمع عن الباقر عليه السلام إنه قرأ نتخذ بضم النون وفتح الخاء ولكن متعتهم وآباءهم بأنواع النعم واستغرقوا في الشهوات حتى نسوا الذكر حتى غفلوا عن ذكرك والتذكر لآلائك والتدبر في آياتك وكانوا قوما بورا هالكين.

(19) فقد كذبوكم التفات إلى العبدة بالاحتجاج والإلزام على حذف القول والمعنى فقد كذبكم المعبودون بما تقولون في قولكم إنهم آلهة وهؤلاء أضلونا وقرء بالياء أي كذبوكم بقولهم سبحانك ما كان ينبغي لنا فما يستطيعون اي المعبودون وقرء بالتاء على خطاب العابدين صرفا دفعا للعذاب عنكم ولا نصرا فيعينكم عليه ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا وهو النار.

(20) وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق جواب لقولهم مال لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق في المجمع عن علي عليه السلام انه قرء يمشون بضم الياء وبفتح الشين المشددة اي يمشيهم حوائجهم أو الناس وجعلنا بعضكم أيها الناس لبعض فتنة ابتلاء ومن ذلك ابتلاء الفقراء بالأغنياء والمرسلين بالمرسل إليهم ومناصبتهم لهم العداوة وإيذاؤهم لهم وهو تسلية للنبي صلى الله عليه وآله على ما قالوه بعد نقضهم أتصبرون علة للجعل اي لنعلم أيكم يصبر وحث على الصبر على ما افتتنوا به وكان ربك بصيرا بمن يصبر وبمن لا يصبر.

(21) وقال الذين لا يرجون لقاءنا بالخير لكفرهم بالبعث وأصل اللقاء الوصول لولا هلا انزل علينا الملائكة فيخبرونا بصدق محمد أو يكونون رسلا الينا أو نرى ربنا فيأمرنا بتصديقه واتباعه لقد استكبروا في أنفسهم في شأنها وعتو وتجاوزوا الحد في الظلم عتوا كبيرا بالغا أقصى مراتبه حيث عاينوا المعجزات القاهرة فأعرضوا عنها واقترحوا لأنفسهم الخبيثة ما سدت دونه مطامح النفوس القدسية.

(22) يوم يرون الملائكة ملائكة الموت أو العذاب لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا يستعيذون منهم ويطلبون من الله ان يمنع لقاءهم وهي مما كانوا يقولون عند لقاء عدو أو هجوم مكروه.

(23) وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا في الكافي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال إن كانت اعمالهم لأشد بياضا من القباطي فيقول الله عز وجل له كوني هباء منثورا وذلك انهم كانوا إذا شرع لهم الحرام اخذوه وفي رواية لم يدعوه والقمي عن الباقر عليه السلام قال يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي ثم يقول له كن هباء منثورا ثم قال اما والله انهم كانوا يصومون ويصلون ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ من الحرام اخذوه وإذا ذكر لهم شئ من فضل أمير المؤمنين عليه السلام أنكروه قال والهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوة من شعاع الشمس وفي البصائر عن الصادق عليه السلام انه سئل اعمال من هذه فقال اعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا.

(24) أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا مكانا يستقر فيه في أكثر الأوقات للتجالس والتحادث وأحسن مقيلا مكانا يؤوي إليه للاسترواح قيل تجوز له من مكان القيلولة على التشبيه إذ لا نوم في الجنة وفي الكافي في حديث سؤال القبر عن أمير المؤمنين عليه السلام قال ثم يفتحان له بابا إلى الجنة ثم يقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم فان الله يقول أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا والقمي عن الباقر عليه السلام بلغنا والله أعلم انه إذا استوى أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل ان يدخلوا النار فيقال لهم ادخلوا إلى ظل ذي ثلث شعب من دخان النار فيحسبون انها الجنة ثم يدخلون النار أفواجا وذلك نصف النهار واقبل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف النهار فذلك قول الله عز وجل أصحاب الجنة يومئذ الآية وعن الصادق عليه السلام لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقبل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

(25) ويوم تشقق السماء تتشقق وقرئ بتشديد الشين بالغمام بسبب طلوع الغمام منها قيل هو الغمام المذكور في قوله هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ونزل الملائكة تنزيلا وقرء وينزل من الانزال ونصب الملائكة قيل اي في ذلك الغمام بصحائف الأعمال والقمي عن الصادق عليه السلام الغمام أمير المؤمنين.

(26) الملك يومئذ الحق للرحمن الثابت له لأن كل ملك يبطل يومئذ ولا يبقي الا ملكه وكان يوما على الكافرين عسيرا شديدا.

(27) ويوم يعض الظالم على يديه من فرط الحسرة القمي قال الأول يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا القمي عن الباقر عليه السلام عليا وليا.

(28) يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا قال يعني الثاني.

(29) لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني قال يعني الولاية وكان الشيطان قال وهو الثاني للانسان خذولا وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة الوسيلة قال في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع وطال لها الاستماع ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فليس ما عليه وردها ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرء كل منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين فيجيبه الأشقى على وثوبه يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان خذولا فأنا الذكر الذي عنه ضل والسبيل الذي عنه مال والايمان الذي به كفر والقرآن الذي إياه هجر والدين الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب وفي الاحتجاج عنه عليه السلام في احتجاجه على بعض الزنادقة قال إن الله ورى أسماء من اغتروا فتن خلقه وضل وأضل وكنى عن أسمائهم في قوله ويوم يعض الظالم على يديه الآيتين.

(30) وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا بأن تركوه وصدوا عنه.

(31) وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين كما جعلناه لك فاصبر كما صبروا وكفى بربك هاديا ونصيرا لك عليهم وقد سبق في المقدمة السادسة حديث من الإحتجاج فيه بيان لهذه الآية.

(32) وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن اي انزل عليه كخبر بمعنى اخبر لئلا يناقض قوله جملة واحدة دفعة واحدة كالكتب الثلاثة كذلك لنثبت به فؤادك اي كذلك أنزلناه مفرقا لنقوي بتفريقه فؤادك على حفظه وفهمه ولأنه إذا نزل به جبرئيل حالا بعد حال يثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا وقرأناه عليك شيئا بعد شئ على تؤدة وتمهل في عشرين سنة.

(33) ولا يأتونك بمثل سؤال عجيب كأنه مثل في البطلان يريدون به القدح في نبوتك الا جئناك بالحق الدامغ له في جوابه وأحسن تفسيرا وبما هو أحسن بيانا ومعنى من سؤالهم.

(34) الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال إن الذي امشاه على رجليه قادر ان يمشيه على وجهه يوم القيامة.

(35) ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا يؤازره في الدعوة واعلاء الكلمة.

(36) فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا يعني فرعون وقومه فدمرناهم تدميرا اي فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام فدمرناهم على التأكيد بالنون الثقيلة وفي رواية فدمراهم قال وهذا كأنه امر لموسى وهارون ان يدمراهم.

(37) وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم بالطوفان وجعلناهم للناس آية عبرة واعتدنا للظالمين عذابا أليما.

(38) وعادا وثمود وجعلنا عادا وثمود أيضا وأصحاب الرس وقرونا وأهل اعصار بين ذلك كثيرا لا يعلمها الا الله.

(39) وكلا ضربنا له الأمثال بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين اعذارا وانذارا فلما أصروا أهلكوا كما قال وكلا تبرنا تتبيرا فتناه تفتينا ومنه التبر لفتات الذهب والفضة وفي المعاني والقمي عن الصادق عليه السلام يعني كسرنا تكسيرا وزاد القمي قال هي لفظة بالنبطية في العيون والعلل عن الرضا عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه الحسين ابن علي عليه السلام قال اتى علي ابن أبي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من اشراف تميم يقال له عمرو فقال يا أمير المؤمنين اخبرني عن أصحاب الرس في اي عصر كانوا وأين كانت منازلهم ومن كان ملكهم وهل بعث الله إليهم رسولا أم لا وبما إذا أهلكوا فاني أجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا أجد خبرهم فقال علي عليه السلام لقد سئلت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ولا يحدثك به أحد بعدي الا عني وما في كتاب الله تعالى آية الا وانا أعرفها واعرف تفسيرها وفي اي مكان نزلت من سهل أو جبل وفي اي وقت من ليل أو نهار وان هنا لعلما جما وأشار إلى صدره ولكن طلابه يسير وعن قليل تندمون لو فقدتموني كان من قصصهم يا أخا تميم انهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال له شاه درخت كان يافث بن نوح غرسها على شفيرة عين يقال لها روشاب كانت أنبتت لنوح بعد الطوفان وإنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض وذلك بعد سليمان بن داود وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق وبهم سمي ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الأرض نهر اغزر منه ولا أعذب منه ولا قرى أكثر ولا اعمر منها تسمى إحداهن ابان والثانية آذر والثالثة دي والرابعة بهمن والخامسة اسفندار والسادسة فروردين والسابعة اردي بهشت والثامنة خرداد والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادية عشر مهر والثانية عشر شهريور وكانت أعظم مداينهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سادن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم (عليه السلام) وبها العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والأنهار ولا يشربون منها ولا انعامهم ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد ان ينقص من حياتها ويشربون هم وانعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونهما قربانا للشجرة ويشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبايح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها ان ترضى عنهم وكان الشيطان يجئ فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي اني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدست بند فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون وإنما سمت العجم شهورها بابان ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا وعيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليه صغيرهم وكبيرهم فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من ديباج عليه أنواع الصور له اثنا عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق ويقربون لها الذبايح اضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجئ إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا ويتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والغرف فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره بعث الله سبحانه إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهود بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل ومعرفته وربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح وحضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب ان عبادك أبوا الا تكذيبي والكفر بك وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر فأيبس شجرهم اجمع وارهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم فهالهم ذلك وقطع بهم وصاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم أنه رسول اله السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه وفرقة قالت لا بل غضب آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهائها لكي تغضبوا عليه فتضروا منه فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل اليراع ونزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئر ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم والقموا فاها صخرة عظيمة ثم اخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا نرجو الان ان ترضى عنا آلهتنا إذا رأت انا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم وهو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات فقال الله تعالى لجبرئيل يا جبرئيل أيظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وامنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي ان يقوموا لغضبي ويخرجوا من سلطاني كيف وانا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي واني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك الا بريح عاصفة شديدة الحمرة فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم إلى بعض ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت تتوقد وأظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، والقمي الرس نهر بناحية آذربايجان وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال حدها حد الزاني فقالت المرأة ما ذكر الله عز وجل ذلك في القرآن فقال بلى فقالت وأين هو قال هن أصحاب الرس والقمي عنه عليه السلام قال دخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبد الله عليه السلام فقالت ما تقول في اللواتي مع اللواتي قال هن في النار إذا كان يوم القيامة اتي بهن فألبسن جلبابا من نار وخفين من نار وقناعا من نار وادخل في أجوافهن وفروجهن أعمدة من نار وقذف بهن في النار فقالت ليس هذا في كتاب الله قال نعم قالت أين هو قال قوله وعادا وثمود وأصحاب الرس فهن الرسيات وفي المجمع عنهما عليهما السلام ان سحق النساء كان في أصحاب الرس وبلفظ آخر كان نساؤهم سحاقات.

(40) ولقد اتوا يعني قريشا مروا مرارا في متاجرهم إلى الشام على القرية التي أمطرت مطر السوء القمي عن الباقر عليه السلام واما القرية التي أمطرت مطر السوء فهي سدوم قرية قوم لوط أمطر الله عليهم حجارة من سجيل يقول من طين أفلم يكونوا يرونها في مرار مرورهم فيتعظون بما يرون فيها من آثار عذاب الله بل كانوا لا يرجون نشورا بل كانوا كفرة لا يتوقعون نشورا ولا عاقبة فلذلك لم ينظروا ولم يتعظوا فمروا بها كما مرت ركابهم.

(41) وإذا رأوك ان يتخذونك الا هزوا ما يتخذونك الا موضع هزء أهذا الذي بعث الله رسولا اي يقولون ذلك تهكما واستهزاء.

(42) ان كاد انه كاد ليضلنا عن آلهتنا ليصرفنا عن عبادتها بفرط اجتهاده في الدعاء إلى التوحيد وكثرة ما يورد مما يسبق إلى الذهن انها حجج ومعجزات لولا أن صبرنا عليها ثبتنا عليها واستمسكنا بعبادتها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا فيه وعيد ودلالة على أنه لا يمهلهم وان أمهلهم.

(43) أرأيت من اتخذ إلهه هواه بأن اطاعه وبنى عليه دينه لا يسمع حجة ولا يتبصر دليلا أفأنت تكون عليه وكيلا حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا فالاستفهام الأول للتقرير والتعجب والثاني للإنكار.

(44) أم تحسب بل أتحسب ان أكثرهم يسمعون أو يعقلون فتجدي لهم الآيات والحجج فتهتم بشأنهم وتطمع في ايمانهم وهو أشد مذمة مما قبله حتى حق بالإضراب عنه إليه وتخصيص الأكثر لأنه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استكبارا أو خوفا على الرياسة ان هم الا كالانعام في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم وعدم تدبرهم فيما شاهدوا من الدلائل والمعجزات بل هم أضل سبيلا من الانعام لأنها تنقاد من يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسئ إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون احسان الرحمن من إساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار ولأنها لو لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ولم تكتسب شرا بخلاف هؤلاء ولأن جهالتها لا تضر بأحد وجهالة هؤلاء تؤدي إلى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ولأنها غير متمكنة من تحصيل الكمال فلا تقصير منها ولا ذم وهؤلاء مقصرون مستحقون أعظم العقاب على تقصيرهم، القمي قال نزلت في قريش وذلك أنه ضاق عليهم المعاش فخرجوا من مكة وتفرقوا وكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هواه فعبده وكانوا ينحرون لها النعم ويلطخونها بالدم ويسمونها سعد صخرة وكان إذا أصابهم داء في إبلهم وأغنامهم جاؤوا إلى الصخرة فيتمسحون بها الغنم والإبل فجاء رجل من العرب بابل له يريد ان يتمسح بالصخرة إبله ويتبارك عليها فنفرت إبله وتفرقت فقال الرجل اتيت إلى سعد ليجمع شملنا فشتتنا من سعد فما نحن من سعد وما صخر الا صخرة مستودة من الأرض لا تهدي لغي ولا رشد ومر به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال: ورب يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب.

(45) ألم تر إلى ربك ألم تنظر إلى صنعه كيف مد الظل كيف بسطه القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال الظل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس قيل وهو أطيب الأحوال فان الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال وظل ممدود ولو شاء لجعله ساكنا ثابتا من السكنى أو غير متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد ثم جعلنا الشمس عليه دليلا فإنه لا يظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الاجرام فلولاها لما عرف الظل ولا يتفاوت الا بسبب حركتها.

(46) ثم قبضناه الينا اي أزلناه بايقاع الشعاع موقعه لما عبر عن احداثه بالمد بمعنى التيسير عبر عن ازالته بالقبض إلى نفسه الذي هو في معنى الكف قبضا يسيرا قليلا قليلا حسبما ترتفع الشمس لتنتظم بذلك مصالح الكون ويتحصل به ما لا يحصى من منافع الخلق.

(47) وهو الذي جعل لكم الليل لباسا شبه ظلامه باللباس في ستره والنوم سباتا راحة للأبدان بقطع المشاغل واصل السبت القطع وجعل النهار نشورا ذا نشور اي انتشار ينتشر فيه الناس وفيه إشارة إلى أن النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور وفي الحديث النبوي كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تبعثون.

(48) وهو الذي ارسل الرياح بشرا اي ناشرات للسحاب أو مبشرات على اختلاف القراء كما مضى في سورة الأعراف بين يدي رحمته يعني قدام المطر وأنزلنا من السماء ماء طهورا مطهرا أو بليغا في الطهارة وصفه به اشعارا بالنعمة فيه وتتميما للمنة فيما بعده فان الماء الطهور أهنأ وانفع مما خالطه ما يزيل طهوريته.

(49) لنحيي به بلدة ميتا بالنبات وتذكر ميتا لأن البلدة في معنى البلد ونسقيه مما خلقنا انعاما وأناسي كثيرا.

(50) ولقد صرفناه بينهم قيل صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وساير الكتب أو المطر بينهم في البلدان المختلفة في الأوقات المتغايرة والصفات المتفاوتة من وابل وطل وغيرهما وفي الفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله قال ما اتى على أهل الدنيا يوم واحد منذ خلقها الله عز وجل الا والسماء فيها يمطر فيجعل الله ذلك حيث يشاء ليذكروا ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة في ذلك ويقوموا بشكره ويعتبروا بالصرف عنهم واليهم فأبى أكثر الناس الا كفورا الا كفران النعمة وقلة الاكتراث لها وجحودها بأن يقولوا أمطرنا نبأ كذا من غير أن يروه من الله ويجعلوا الأنوار وسايط مسخرات.

(51) ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا نبيا ينذر أهلها فيخف عليك أعباء النبوة لكن قصرنا الامر عليك اجلالا لك وتعظيما لشأنك وتفضيلا لك على سائر الرسل فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة واظهار الحق.

(52) فلا تطع الكافرين فيما يريدونك عليه وهو تهييج له وللمؤمنين وجاهدهم به بالقرآن أو تبرك طاعتهم جهادا كبيرا يعني انهم يجتهدون في ابطال حقك فقابلهم بالاجتهاد في مخالفتهم وإزاحة باطلهم فان مجاهدة السفهاء بالحجج أكبر من مجاهدة الأعداء بالسيف.

(53) وهو الذي مرج البحرين خلاهما متجاورين متلاصقين بحيث لا يتمازجان من مرج دابته إذا خلاها هذا عذب فرات بليغ العذوبة وهذا ملح أجاج بليغ الملوحة في الكافي عنهما عليهما السلام ان الله جل وعز عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب وما جحد ولايتنا جعله الله مرا وملحا أجاجا وجعل بينهما برزخا حاجزا من قدرته وحجرا محجورا قيل تنافرا بليغا أو حدا محدودا وذلك كدجلة تدخل البحر فتشقه فتجري في خلاله فراسخ لا يتغير طعمها، والقمي يقول حراما محرما ان يغير واحد منهما طعم الآخر.

(54) وهو الذي خلق من الماء بشرا قيل يعني الذي خمر به طينة آدم (ع) ثم جعله جزء من مادة البشر ليجتمع ويسلسل ويقبل الاشكال بسهولة أو النطفة فجعله نسبا وصهرا فقسمه قسمين ذوي نسب أي ذكورا ينسب إليهم وذوات صهر اي إناثا يصاهر بهن وكان ربك قديرا حيث خلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين في الكافي عن الباقر عليه السلام والقمي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال إن الله تبارك وتعالى خلق آدم من الماء العذب وخلق زوجته من سنخه فبرأها من أسفل أضلاعه فجرى بذلك الضلع بينهما سبب ونسب ثم زوجها إياه فجرى بينهما بسبب ذلك صهر فذلك قوله نسبا وصهرا فالنسب ما كان بسبب الرجال والصهر ما كان بسبب النساء وفي المجمع عن ابن سيرين نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكانت نسبا وصهرا وفي المعاني عن الباقر عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال ألا واني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم انا الصهر يقول الله عز وجل وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وفي الأمالي باسناده إلى انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله قال قلت له يا رسول الله علي أخوك قال نعم علي أخي قلت يا رسول الله صف لي كيف علي أخوك قال إن الله عز وجل خلق ماء تحت العرش قبل ان يخلق آدم بثلاثة آلاف عام واسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه إلى أن خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله تعالى ثم نقله إلى صلب شيث فلم يزل ذلك الماء ينقل من ظهر إلى ظهر حتى صار في عبد المطلب ثم شقه عز وجل نصفين فصار نصفه في أبي عبد الله بن عبد المطلب ونصفه في أبي طالب فانا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر فعلي أخي في الدنيا والآخرة ثم قرء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الذي خلق من الماء بشرا الآية، وفي روضة الواعظين قال رسول الله صلى الله عليه وآله خلق الله عز وجل نطفة بيضاء مكنونة فنقلها من صلب إلى صلب حتى نقلت النطفة إلى صلب عبد المطلب فجعل نصفين فصار نصفها في عبد الله ونصفها في أبي طالب فأنا من عبد الله وعلي من أبي طالب وذلك قول الله عز وجل وهو الذي خلق الآية.

(55) ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا يظاهر الشيطان في العداوة والشرك في البصائر عن الباقر عليه السلام انه سئل عنها فقال تفسيرها في بطن القرآن علي هو ربه في الولاية والرب هو الخالق الذي لا يوصف أقول: يعني ان الرب على الإطلاق الغير المقيد بالولاية هو الله الخالق جل ذكره والقمي قد يسمى الانسان ربا كقوله تعالى اذكرني عند ربك وكل مالك لشئ يسمى ربه وقوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا فقال الكافر الثاني وكان علي أمير المؤمنين عليه السلام ظهيرا.

(56) وما أرسلناك الا مبشرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين.

(57) قل ما أسئلكم عليه على تبليغ الرسالة الذي يدل عليه الا مبشرا ونذيرا من اجر الا من شاء الا فعل من شاء ان يتخذ إلى ربه سبيلا ان يتقرب إليه ويطلب الزلفى عنده بالإيمان والطاعة فصور ذلك في صورة الاجر من حيث إنه مقصود فعله واستثناء منه قطعا لشبهة الطمع واظهارا لغاية الشفقة.

(58) وتوكل على الحي الذي لا يموت في استكفائه شرورهم والاغناء من أجورهم فإنه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الاحياء الذين يموتون فإنهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم وسبح بحمده ونزهه عن صفات النقصان مثنيا عليه بأوصاف الكمال طالبا لمزيد الانعام بالشكر على سوابغه وكفى به بذنوب عباده خبيرا ما ظهر منها وما بطن فلا عليك ان آمنوا أو كفروا.

(59) الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش قد سبق الكلام فيه في سورة الأعراف ولعل ذكره لزيادة تقرير لكونه حقيقا بأن يتوكل عليه من حيث إنه الخالق للكل والمتصرف فيه وتحريص على الثبات والتأني في الأمر فإنه تعالى مع كمال قدرته وسرعة نفاذ امره خلق الأشياء على تؤدة وتدرج وقد مضى هذا المعنى في كلامهم عليهم السلام الرحمن خبر للذي ان جعلته مبتدأ ولمحذوف ان جعلته صفة للحي أو بدل من المستكن في استوى فسئل به خبيرا فاسئل عما ذكر من الخلق والاستواء أو عن انه هو الرحمن وفي المجمع روي أن اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف ما اخبر الله تعالى عنه فقال سبحانه فسئل به خبيرا والسؤال كما يعدي بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدي بالباء لتضمنه معنى الاعتناء ويجوز أن يكون صلة خبيرا والخبير هو الله سبحانه أو جبرئيل أو من وجده في الكتب المتقدمة ليصدقك فيه كذا قيل أقول: ويحتمل أن يكون المراد بها الرسل المتقدمة فيكون السؤال في عالم الأرواح كقوله تعالى واسئل من قد أرسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقيل الضمير للرحمن والمعنى ان أنكروا اطلاقه على الله فسأل عنه من يخبرك من أهل الكتاب لتعرفوا مجئ ما يرادفه في كتبهم.

(60) وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن قيل لأنهم ما كانوا يطلقونه على الله أو لأنهم ظنوا انه أراد به غيره تعالى، القمي قال جوابه الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان أنسجد لما تأمرنا وقرء بالياء وزادهم نفورا عن الإيمان يعني الامر بسجود الرحمن.

(61) تبارك الذي جعل في السماء بروجا يعني البروج الاثني عشر وقد سبق بيانها في سورة الحجر وجعل فيها سراجا يعني الشمس لقوله وجعل الشمس سراجا وقرء سرجا بضمتين فيشمل الكواكب الكبار وفي الجوامع عنهم عليهم السلام لا تقرء سرجا وإنما هي سراجا وهي الشمس وقمرا منيرا مضيئا بالليل في الإهليلجة عن الصادق عليه السلام في كلام له وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا يسبحان في فلك يدور بهما دائبين يطلعهما تارة ويؤفلهما أخرى حتى تعرف عدة الأيام والشهور والسنين وما يستأنف من الصيف والربيع والشتاء والخريف أزمنة مختلفة باختلاف الليل والنهار.

(62) وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة يخلف كل منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي ان يفعل فيه لمن أراد ان يذكر وقرء بالتخفيف أو أراد شكورا في الفقيه عن الصادق عليه السلام كل ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار قال الله تبارك وتعالى وتلا هذه الآية ثم قال يعني ان يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل وفي التهذيب والقمي عنه عليه السلام ما يقرب منه، وزاد القمي وهو من سر آل محمد المكنون.

(63) وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا في المجمع عن الصادق عليه السلام هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر والقمي عن الباقر عليه السلام أنه قال في هذه الآية الأئمة يمشون على الأرض هونا خوفا من عدوهم وعن الكاظم عليه السلام انه سئل عنه فقال هم الأئمة عليهم السلام يتقون في مشيهم وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انه سئل عنه قال هم الأوصياء مخافة من عدوهم وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما تسليما منكم ومتاركة لكم لا خير بيننا ولا شر.

(64) والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما في الصلاة وتخصيص البيتوتة لأن العبادة بالليل احمز وابعد من الرياء.

(65) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما لازما ومنه الغريم لملازمته القمي عن الباقر عليه السلام يقول ملازما لا يفارق أقول: وهو إيذان بأنهم مع حسن مخالفتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون إلى الله في صرفه عنهم لعدم اعتدادهم باعمالهم ولا وثوقهم على استمرار أحوالهم.

(66) انها سائت مستقرا ومقاما الجملتان يحتملان الحكاية والابتداء من الله.

(67) والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وقرء بكسر التاء من اقتر وكان بين ذلك قواما القمي الاسراف الانفاق في المعصية في غير حق ولم يقتروا لم يبخلوا عن حق الله عز وجل والقوام العدل والانفاق فيما امر الله به وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله من اعطى في غير حق فقد أسرف ومن منع من حق فقد قتر وعن علي عليه السلام ليس في المأكول والمشروب سرف وان كثر وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنما الاسراف فيما أفسد المال واضر بالبدن قيل فما الاقتار قال اكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره قيل فما القصد قال الخبز واللحم واللبن والخل والسمن مرة هذا ومرة هذا وعنه عليه السلام انه تلا هذه الآية فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده فقال هذا الاقتار الذي ذكره الله في كتابه ثم قبض قبضة أخرى فأرخى كفه كلها ثم قال هذا الاسراف ثم اخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها وامسك بعضها وقال هذا القوام.

(68) والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله اي حرمها بمعنى حرم قتلها الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما جزاء اثم.

(69) يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا وقرء يضاعف بالرفع وبحذف الألف والتشديد مرفوعا ومجزوما ويتبعه يخلد في الرفع والجزم القمي اثام واد من أودية جهنم من صفر مذاب قدامها حدة في جهنم يكون فيه من عبد غير الله ومن قتل النفس التي حرم الله ويكون فيه الزناة ويضاعف لهم فيه العذاب.

(70) الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما في الأمالي عن الباقر عليه السلام انه سئل عن قول الله عز وجل فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فقال يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحدا من الناس فيعرفه ذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال الله عز وجل للكتبة بدلوها حسنات واظهروها للناس فيقول الناس حينئذ ما كان لهذا العبد سيئة واحدة ثم يأمر الله به إلى الجنة فهذا تأويل الآية وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة وعن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات وان الله ليتحمل من محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد الا ما كان منهم على اضرار وظلم للمؤمنين فيقول للسيئات كوني حسنات وفي العيون عنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيامة تجلى الله عز وجل لعبده المؤمن فيقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا ثم يغفر له لا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ويستر عليه ما يكره ان يقف عليه أحد ثم يقول لسيئاته كوني حسنات والقمي عنه عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة أوقف الله عز وجل المؤمن بين يديه وعرض عليه عمله فينظر في صحيفته فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه وترتعد فرائصه ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول الله عز وجل بدلوا سيئاته حسنات وأظهروها للناس فيبدل الله لهم فيقول الناس اما كان لهؤلاء سيئة واحدة وهو قوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات والأخبار في هذا المعنى كثيرة وفي حديث أبي إسحاق الليثي عن الباقر عليه السلام الذي ورد في طينة المؤمن وطينة الكافر ما معناه ان الله سبحانه يأمر يوم القيامة بأن تؤخذ حسنات أعدائنا فترد على شيعتنا وتؤخذ سيئات محبينا فترد على مبغضينا قال وهو قول الله تعالى فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله ما من جلس قوم يذكرون الله الا نادى لهم مناد من السماء قوموا فقد بدل الله سيئاتكم حسنات.

(71) ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله يرجع إليه متابا القمي يقول لا يعود إلى شئ من ذلك باخلاص ونية صادقة.

(72) والذين لا يشهدون الزور في الكافي عن الصادق عليه السلام قال هو الغناء وفي المجمع عنهما عليهما السلام مثله والقمي قال الغناء ومجالس اللهو وإذا مروا باللغو مروا كراما معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه ومن ذلك الاغضاء عن الفحشاء والصفح عن الذنوب والكناية مما يستهجن التصريح به في المجمع عن الباقر عليه السلام هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا عنه وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه أين نزلتم قالوا على فلان صاحب القيان فقال كونوا كراما ثم قال اما سمعتم قول الله عز وجل في كتابه وإذا مروا باللغو مروا كراما وفي العيون عن محمد بن أبي عباد وكان مشتهرا بالسماع وبشرب النبيذ قال سألت الرضا عليه السلام عن السماع فقال لأهل الحجاز رأي فيه وهو في حيز الباطل واللهو اما سمعت الله عز وجل يقول وإذا مروا باللغو مروا كراما.

(73) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا لم يقيموا عليها غير واعين لها ولا متبصرين بما فيها كمن لا يسمع ولا يبصر بل اكبوا عليها سامعين بآذان واعية ومبصرين بعيون راعية في الكافي عن الصادق عليه السلام قال مستبصرين ليسوا بشكاك.

(74) والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا وقرء وذريتنا قرة أعين بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل فان المؤمن إذا شاركه أهله في طاعة الله سر به قلبه وقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة واجعلنا للمتقين اماما في الجوامع عن الصادق عليه السلام إيانا عني وفي رواية هي فينا وفي المناقب عن سعيد بن جبير قال هذه الآية والله خاصة في أمير المؤمنين عليه السلام كان أكثر دعائه يقول ربنا هب لنا من أزواجنا يعني فاطمة وذريتنا الحسن والحسين عليهم السلام قرة أعين قال أمير المؤمنين عليه السلام والله ما سئلت ربي ولدا نضير الوجه ولا سألت ولدا أحسن القامة ولكن سئلت ربي ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت به عيني قال واجعلنا للمتقين اماما نقتدي بمن قبلنا من المتقين فيقتدي المتقون بنا من بعدنا والقمي عن الصادق عليه السلام قال نحن هم أهل البيت قال وروي ان أزواجنا خديجة وذرياتنا فاطمة وقرة عيننا الحسن والحسين واجعلنا للمتقين اماما علي بن أبي طالب والأئمة عليهم السلام قال وقرء عنده هذه الآية فقال قد سألوا الله عظيما ان يجعلهم للمتقين أئمة فقيل له كيف هذا يا ابن رسول الله قال إنما انزل الله واجعل لنا من المتقين اماما وفي الجوامع عنه عليه السلام ما يقرب منه.

(75) أولئك يجزون الغرفة بما صبروا أعلى مواضع الجنة ويلقون فيها وقرء بفتح الياء والتخفيف تحية وسلاما يحييهم الملائكة ويسلمون عليهم أو يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه.

(76) خالدين فيها لا يموتون ولا يخرجون حسنت مستقرا ومقاما.

(77) قل ما يعبؤ بكم ربى القمي عن الباقر عليه السلام يقول ما يفعل ربي بكم لولا دعاؤكم في المجمع عن العياشي عن الباقر عليه السلام انه سئل كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء قال كثرة الدعاء أفضل وقرء هذه الآية فقد كذبتم بما أخبرتكم به حيث خالفتموه فسوف يكون لزاما يكون جزاء التكذيب لازما يحيق بكم لا محالة في ثواب الأعمال والمجمع عن الكاظم عليه السلام من قرء هذه السورة في كل ليلة لم يعذبه الله ابدا ولم يحاسبه وكان منزله في الفردوس الأعلى اللهم ارزقنا تلاوته