سورة مريم

هي مكية بالإجماع عدد آيها هي ثمان وتسعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) كهيعص في الإكمال عن الحجة القائم عليه السلام في حديث أنه سئل من تأويلها فقال هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع الله عبده زكريا عليها ثم قصها على محمد صلى الله عليه وآله وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فاهبط الله عليه جبرئيل فعلمه إياها فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن عليهم السلام سرى عنه همه وانجلى كربه وإذا ذكر الحسين عليه السلام خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة فقال ذات يوم إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه تبارك وتعالى عن قصته فقال كهيعص فالكاف اسم كربلا والهاء هلاك العترة والياء يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين عليه السلام والعين عطشه والصاد صبره فلما سمع بذلك زكريا عليه السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته إلهي أتفجع خير خلقك بولده أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه إلهي أتلبس عليا وفاطمة عليهما السلام ثياب هذه المصيبة إلهي أتحل كرب هذه الفجيعة بساحتهما ثم كان يقول إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني عند الكبر واجعله وارثا وصيا واجعل محله مني محل الحسين عليه السلام فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا صلى الله عليه وآله حبيبك بولده فرزقه الله يحيى عليه السلام وفجعه به وكان حمل يحيى عليه السلام ستة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك.

وفي المناقب عنه عليه السلام مثله وفي المعاني عن الصادق عليه السلام معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد.

وعنه عليه السلام كاف لشيعتنا هاد لهم ولي لهم عالم بأهل طاعتنا صادق لهم وعده حتى يبلغ بهم المنزلة التي وعدهم إياها في بطن القرآن.

والقمي عنه عليه السلام هذه أسماء الله مقطعة ثم ذكر قريبا مما سبق.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في دعائه يا كهيعص.

(2) ذكر رحمت ربك عبده زكريا أي هذا ذكر رحمة ربك.

القمي عن الباقر عليه السلام ذكر ربك زكريا فرحمه.

(3) إذ نادى ربه نداء خفيا لعل ذلك لأنه أشد إخباتا وأكثر إخلاصا.

في المجمع في الحديث خير الدعاء الخفي وخير الرزق ما يكفي.

(4) قال رب إني وهن العظم منى القمي يقول ضعف واشتعل الرأس شيبا شبه الشيب في بياضه وإنارته بشواظ النار وانتشاره في الشعر باشتعالها.

وفي العلل عن الصادق عليه السلام كان الناس لا يشيبون فأبصر إبراهيم عليه السلام شيبا في لحيته فقال يا رب ما هذا فقال هذا وقار فقال يا رب زدني وقارا ولم أكن بدعائك ربى شقيا بل كلما دعوتك استجبت لي وهو توسل بما سلف معه من الاستجابة وتنبيه على أن المدعو له إن لم يكن معتادا فإجابته معتادة وأنه تعالى عوده بالإجابة وأطمعه فيها ومن حق الكريم أن لا يخيب من أطمعه.

(5) وإني خفت الموالي من ورائي بعد موتي أن لا يحسنوا خلافتي على أمتي ويبدلوا عليهم دينهم وقرئ بالقصر وفتح الياء.

في المجمع عن الباقر عليه السلام هم العمومة وبنو العم.

والقمي يقول خفت الورثة من بعدي.

وفي الجوامع قرأ السجاد والباقر عليهما السلام خفت بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء أي قلوا وعجزوا من إقامة الدين من بعدي وكانت امرأتي عاقرا لا تلد فهب لي من لدنك رحمة فإن مثله لا يرجى إلا من فضلك وكمال قدرتك وليا من صلبي.

(6) يرثني ويرث من آل يعقوب وقرئ بالجزم.

وفي المجمع عن السجاد والباقر عليهما السلام إنهما قرءا يرثني وأرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ترضاه قولا وعملا.

القمي لم يكن يومئذ لزكريا ولد يقوم مقامه ويرثه وكانت هدايا بني إسرائيل ونذورهم للأحبار وكان زكريا رئيس الأحبار وكانت امرأة زكريا أخت مريم بنت عمران بن مأتان ويعقوب بن مأتان وبنو مأتان إذ ذاك رؤساء بني إسرائيل وبنو ملوكهم وهم من ولد سليمان بن داود.

(7) يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى جواب لندائه ووعد بإجابة دعائه وإنما تولى تسميته تشريفا له لم نجعل له من قبل سميا.

القمي يقول لم يسم باسم يحيى أحد قبله.

(8) قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا من عتا الشيخ يعتو إذا كبر وأسن وأصله عتوا وإنما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافا بأن المؤثر فيه كمال قدرته وإن الوسائط عند التحقيق ملغاة.

في الكافي عنهم عليهم السلام فيما وعظ الله به عيسى عليه السلام ونظيرك يحيى من خلقي وهبته لأمه بعد الكبر من غير قوة بها أردت بذلك أن يظهر لها سلطاني وتظهر فيك قدرتي.

(9) قال أي الله أو الملك المبشر كذلك أي الأمر كذلك أو هو منصوب بقال في قال ربك وذلك إشارة إلى مبهم يفسره هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا بل كنت معدوما صرفا.

(10) قال رب اجعل لي آية علامة أعلم بها وقوع ما بشرتني به قال آيتك ألا تكلم الناس ثلث ليال سويا سوي الخلق ما بك من خرس ولا بكم وفي سورة آل عمران ثلاثة أيام وفيه دلالة على أنه تجرد للذكر والشكر ثلاثة أيام بلياليهن.

(11) فخرج على قومه من المحراب من المصلى أو من الغرفة فأوحى إليهم فأومى إليهم لقوله إلا رمزا أن سبحوا صلوا أو نزهوا ربكم بكرة وعشيا طرفي النهار ولعله كان مأمورا بأن يسبح ويأمر قومه بأن يوافقوه.

(12) يا يحيى على تقدير القول خذ الكتب التوراة بقوة بجد واستظهار بالتوفيق وآتيناه الحكم صبيا.

في الكافي عن الباقر عليه السلام مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير ثم تلا هذه الآية وعن الجواد عليه السلام إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال وآتيناه الحكم صبيا.

وفي المجمع عن الرضا عليه السلام إن الصبيان قالوا ليحيى عليه السلام اذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقنا قال الله تعالى وآتيناه الحكم صبيا.

(13) وحنانا من لدنا ورحمة منا عليه وتعطفا.

في الكافي عن الباقر عليه السلام أنه سئل ما عني بقوله في يحيى وحنانا من لدنا قال تحنن الله سئل فما بلغ من تحنن الله عليه قال كان إذا قال يا رب قال الله عز وجل له لبيك يا يحيى.

وفي المجمع ما في معناه وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام في هذه الآية إنه كان إذا قال في دعائه يا رب يا الله ناداه الله من السماء لبيك يا يحيى سل ما حاجتك وزكاة وطهارة وكان تقيا.

(14) وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا.

في تفسير الإمام عليه السلام في سورة البقرة عند تفسير قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم ما ألحق الله صبيا برجال كاملي العقول إلا هؤلاء الأربعة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا والحسن والحسين عليهما السلام ثم ذكر قصتهم وذكر في قصة يحيى قوله تعالى وآتيناه الحكم صبيا قال ومن ذلك الحكم أنه كان صبيا فقال له الصبيان هلم نلعب قال والله ما للعب خلقنا وإنما خلقنا للجد لأمر عظيم ثم قال وحنانا من لدنا يعني تحننا ورحمة على والديه وسائر عبادنا وزكاة يعني طهارة لمن آمن به وصدقه وكان تقيا يتقي الشرور والمعاصي وبرا بوالديه محسنا إليهما مطيعا لهما ولم يكن جبارا عصيا يقتل على الغضب ويضرب على الغضب لكنه ما من عبد لله تعالى إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة ما خلا يحيى بن زكريا فلم يذنب ولم يهم بذنب.

(15) وسلام (1) عليه يوم ولد من أن يناله الشيطان بما ينال به بني آدم ويوم يموت من عذاب القبر ويوم يبعث حيا من هول القيامة وعذاب النار.

في العيون عن الرضا عليه السلام إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن يوم ولد ويوم يخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله عز وجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال وتلا الآية قال وقد سلم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال وتلا الآية الآتية.

(16) واذكر في الكتاب في القرآن مريم قصتها إذ انتبذت اعتزلت من أهلها مكانا شرقيا.

القمي قال خرجت إلى النخلة اليابسة.

أقول ويأتي بيانه.

(17) فاتخذت من دونهم حجابا سترا وحاجزا القمي قال في محرابها فأرسلنا إليها روحنا قال يعني جبرئيل فتمثل لها بشرا سويا قيل في صورة شاب سوي الخلق.

(18) قالت إني أعوذ بالرحمن منك من غاية عفافها إن كنت تقيا تقي الله وتحتفل بالاستعاذة وجواب الشرط محذوف دل عليه قال ما قبل أي فلا تتعرض لي وتتعظ بتعويذي أو متعلق بأعوذ فيكون مبالغة.

(19) قال إنما أنا رسول ربك الذي استعذت به لاهب لك غلاما لأكون سببا في هبته بالنفخ في الدرع وقرئ ليهب بالياء زكيا طاهرا من الذنوب أو ناميا على الخير.

(20) قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم يباشرني رجل بالحلال فإن هذه الكنايات إنما تطلق فيه ولم أك بغيا زانية.

(21) قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله أي ونفعل ذلك فنجعله أو لنبين به قدرتنا ولنجعله آية للناس علامة لهم وبرهانا على كمال قدرتنا ورحمة منا على العباد يهتدون بارشاده وكان أمرا مقضيا تعلق به قضاء الله في الأزل.

(22) فحملته بأن نفخ في جيب مدرعتها (2) فدخلت النفخة في جوفها.

القمي قال فنفخ في جيبها فحملت بعيسى عليه السلام بالليل فوضعته بالغداة وكان حملها تسع ساعات جعل الله لها الشهور ساعات.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام أنه تناول جيب مدرعتها فنفخ فيه نفخة فكمل الولد في الرحم من ساعته كما يكمل الولد في أرحام النساء تسعة أشهر فخرجت من المستحم وهي حامل محجح! مثقل فنظرت إليها خالتها فأنكرتها ومضت مريم على وجهها مستحية من خالتها ومن زكريا.

وعن الصادق عليه السلام كانت مدة حملها تسع ساعات.

وفي الكافي عنه عليه السلام إن مريم حملت بعيسى تسع ساعات كل ساعة شهر.

أقول: يعني بمنزلة شهر فانتبذت به فاعتزلت وهو في بطنها مكانا قصيا بعيدا من أهلها.

في التهذيب عن السجاد عليه السلام خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء فوضعته في موضع قبر الحسين عليه السلام ثم رجعت من ليلتها.

(23) فأجائها المخاض فأجائها المخاض وهو في الأصل من جاء لكنه خص في الاستعمال كأتى في أعطى ومخضت المرأة إذا تحرك الولد في بطنها للخروج إلى جذع النخلة لتستتر به وتعتمد عليه عند الولادة وهو ما بين العرق والغصن قالت يا ليتني مت وقرئ بضم الميم قبل هذا استحياء من الناس ومخافة لومهم.

في المجمع عن الصادق عليه السلام لأنها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها من السوء وكنت نسيا ما من شأنه أن ينسى ولا يطلب وقرئ بالفتح وهو لغة فيه أو مصدر رسمي به منسيا منسي الذكر بحيث لا يخطر ببالهم.

(24) فناديها من تحتها عيسى عليه السلام أو جبرئيل وقرئ من بالكسر ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا جدولا كذا في الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله.

(25) وفي المجمع عن الباقر عليه السلام ضرب عيسى برجله فظهر عين ماء يجري وهزي إليك بجذع النخلة وأميليه إليك تساقط عليك رطبا جنيا طريا وقرئ بتخفيف السين وبضم التاء معه وكسر القاف.

القمي وكان ذلك اليوم سوق فأستقبلها الحاكة وكانت الحياكة أنبل صناعة في ذلك الزمان فأقبلوا على بغال شهب فقالت لهم مريم أين النخلة اليابسة فاستهزؤوا بها وزجروها فقالت لهم جعل الله كسبكم نزرا وجعلكم في الناس عارا ثم استقبلها قوم من التجار فدلوها على النخلة اليابسة فقالت لهم جعل الله البركة في كسبكم وأحوج الناس إليكم فلما بلغت النخلة أخذها المخاض فوضعت بعيسى عليه السلام فلما نظرت إليه قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ماذا أقول لخالي وماذا أقول لبني إسرائيل فناداها عيسى من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا أي نهرا وهزي إليك بجذع النخلة أي حركي النخلة تساقط عليك رطبا جنيا أي طريا وكانت النخلة قد يبست منذ دهر فمدت يدها إلى النخلة فأورقت وأثمرت وسقط عليها الرطب الطري فطابت نفسها فقال لها عيسى عليه السلام قمطيني وسويني ثم افعلي كذا وكذا فقمطته وسوته.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه كان يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة فتوضأ عندها ثم ركع وسجد فأحصيت في سجوده خمس مأة تسبيحة ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات ثم قال إنها والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم عليها السلام وهزي إليك الآية.

(26) فكلي واشربي من الرطب وماء السري وقري عينا وطيبي نفسك وارفضي عنها ما أحزنك فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما صمتا.

القمي وقال لها عيسى عليه السلام كلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما وصمتا كذا نزلت.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ثم قال قالت مريم إني نذرت للرحمن صوما أي صمتا فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم الحديث فلن أكلم اليوم إنسيا ولعله لكراهة المجادلة والاكتفاء بكلام عيسى عليه السلام فإنه قاطع في قطع الطاعن.

(27) فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا بديعا منكرا.

القمي ففقدوها في المحراب فخرجوا في طلبها وخرج خالها زكريا فأقبلت وهو في صدرها وأقبلن مؤمنات بني إسرائيل يبزقن في وجهها فلم تكلمهن حتى دخلت في محرابها فجاء إليها بنو إسرائيل فقالوا لها يا مريم لقد جئت شيئا فريا.

(28) يا أخت هارون.

في المجمع عن المغيرة بن شعبة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله إن هارون هذا كان رجلا صالحا في بني إسرائيل ينسب إليه كل من عرف بالصلاح.

وفي سعد السعود لابن طاووس رحمه الله عنه عليه السلام مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وآله بعثه إلى نجران فقالوا ألستم تقرؤون يا أخت هارون وبينهما كذا وكذا فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال ألا قلت أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين منهم.

والقمي إن هارون كان رجلا فاسقا زانيا فشبهوها به ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أمك بغيا.

(29) فأشارت إليه إلى عيسى عليه السلام أي كلموه ليجيبكم قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا.

(30) قال إني عبد الله آتاني الكتاب الإنجيل وجعلني نبيا.

(31) وجعلني مباركا أين ما كنت.

في الكافي والمعاني.

والقمي عن الصادق عليه السلام قال نفاعا.

وفي الكافي عنهم عليهم السلام فيما وعظ الله به عيسى عليه السلام فبوركت كبيرا وبوركت صغيرا حيث ما كنت أشهد أنك عبدي ابن أمتي.

وفيه عن الباقر عليه السلام إنه سئل أكان عيسى بن مريم حين تكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه فقال كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل أما تسمع لقوله حين قال إني عبد الله آتاني الكتاب الآية.

قيل فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد فقال كان عيسى عليه السلام في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من أسمع كلامه في تلك الحال ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان وكان زكريا الحجة لله تعالى بعد صمت عيسى عليه السلام بسنتين ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير أما تسمع لقوله عز وجل يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا فلما بلغ عيسى عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله إليه فكان عيسى عليه السلام الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين الحديث.

وعن الرضا عليه السلام قد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا.

القمي عن الصادق عليه السلام قال زكاة الرؤوس لأن كل الناس ليست لهم أموال وإنما الفطرة على الفقير والغني والصغير والكبير.

(32) وبرا بوالدتي وبارا بها عطف على مباركا ولم يجعلني جبارا شقيا في العيون عن الصادق عليه السلام إنه عد من الكباير العقوق قال لأن الله جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا.

(33) والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا كما هو على يحيى.

(34) ذلك عيسى ابن مريم لا ما يصفه النصارى وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ حيث جعله الموصوف بأضداد ما يصفونه ثم عكس الحكم قول الحق أي هو قول الحق الذي لا ريب فيه وقرئ بالنصب على المصدر المؤكد الذي فيه يمترون.

القمي أي يتخاصمون.

(35) ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه تكذيب للنصارى وتنزيه لله عما بهتوه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون تبكيت لهم بأن من إذا أراد شيئا أوجده بكن كان منزها عن شبه الخلق والحاجة في اتخاذ الولد باحبال الإناث.

(36) وإن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم سبق تفسيره في سورة آل عمران وقرئ أن بالفتح أي ولأن أو عطف على الصلاة.

(37) فاختلف الأحزاب من بينهم اليهود والنصارى أو فرق النصارى فإن منهم من قال ابن الله ومنهم من قال هو الله هبط إلى الأرض ثم صعد إلى السماء ومنهم من قال هو عبد الله ونبيه فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم من شهود يوم عظيم هوله وحسابه وجزاؤه.

(38) أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا أي ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين أوقع الظاهر موقع المضمر إيذانا بأنهم ظلموا أنفسهم حيث أغفلوا الاستماع والنظر حين ينفعهم.

(39) وأنذرهم يوم الحسرة يوم يتحسر لناس المسئ على إساءته والمحسن على قلة إحسانه.

في المعاني عن الصادق عليه السلام قال يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح إذ قضى الامر فرغ من الحساب وتصادر الفريقان إلى الجنة والنار.

القمي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال ينادي مناد من عند الله عز وجل وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور فيقولون لا فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ثم ينادون جميعا أشرفوا وانظروا إلى الموت فيشرفون ثم يأمر الله عز وجل به فيذبح ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت أبدا ويا أهل النار خلود فلا موت أبدا وهو قوله تعالى وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الامر أي قضي على أهل الجنة بالخلود فيها وقضى على أهل النار بالخلود فيها.

وفي المجمع مثله من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إلا أنه قال فيجاء بالموت كأنه كبش أملح فيقال لهم تعرفون الموت فيقولون هذا هذا وكل قد عرفه الحديث قال ورواه أصحابنا عن الباقر والصادق عليهما السلام ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا لماتوا وهم في غفلة وهم لا يؤمنون متعلق بقوله في ضلال مبين وما بينهما اعتراض أو بأنذرهم أي أنذرهم غافلين غير مؤمنين.

(40) إنا نحن نرث الأرض ومن عليها لا يبقى فيها مالك ولا متصرف.

القمي قال كل شئ خلقه الله يرثه الله يوم القيامة وإلينا يرجعون مردودون للجزاء.

(41) واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا ملازما للصدق كثير التصديق لكتب الله وآياته وأنبيائه وكان نبيا في نفسه.

(42) إذ قال لأبيه قد سبق الكلام في كونه أباه أو أنه كان عمه أو جده لأمه لطهارة آباء الأنبياء عن الشرك يا أبت التاء معوضة عن ياء الإضافة وإنما يذكر للاستعطاف ولذلك كررها لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر فيعرف حالك ويسمع ذكرك ويرى خضوعك ولا يغنى عنك شيئا في جلب نفع ودفع ضر.

(43) يا أبت إني قد جائني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا.

(44) يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا.

(45) يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا دعا صلوات الله عليه إلى الهدى وبين ضلاله واحتج عليه أبلغ إحتجاج وأرشقه برفق وحسن أدب حيث لم يصرح بضلاله بل طلب العلة التي تدعوه إلى عبادة ما لا يستحق للعبادة بوجه ثم دعاه إلى أن يتبعه ليهديه الحق القويم والصراط المستقيم لما لم يكن مستقلا بالنظر السوي ولم يسمه بالجهل المفرط ولا نفسه بالعلم الفائق بل جعل نفسه كرفيق له في مسير يكون أعرف بالطريق ثم ثبطه عما كان عليه بأنه مع خلوه عن النفع مستلزم للضر فإنه في الحقيقة عبادة الشيطان فإنه الامر به وبين أن الشيطان مستعص لربك المولى للنعم كلها وكل عاص حقيق بأن يسترد منه النعم وينتقم منه ولذلك عقبه بتخويفه سوء عاقبته وما يجره إليه من صيرورته قرينا للشيطان في اللعن والعذاب.

(46) قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم قابل استعطافه ولطفه في الإرشاد بالفظاظة وغلظة العناد فناداه باسمه ولم يقابل بيا بني وأخره وقدم الخبر على المبتدأ وصدره بهمزة الإنكار على ضرب من التعجب ثم هدده لئن لم تنته عن مقالك فيها أو الرغبة عنها لأرجمنك بلساني أو بالحجارة واهجرني فاحذرني أو اهجرني بالذهاب عني مليا زمانا طويلا.

(47) قال سلام عليك توديع ومتاركة ومقابلة للسيئة بالحسنة أي لا أصيبك بمكروه ولا أقول لك بعد ما يؤذيك سأستغفر لك ربى لعله يوفقك للتوبة والأيمان إنه كان بي حفيا بليغا في البر والأعطاف.

(48) وأعتزلكم وما تدعون من دون الله بالمهاجرة بديني وأدعوا ربي وأعبده وحده عسى ألا أكون بدعاء ربى شقيا خائبا ضائع السعي مثلكم في دعاء آلهتكم وفي تصدير الكلام بعسى التواضع وهضم النفس والتنبيه على أن الإجابة والإثابة تفضل غير واجب وأن ملاك الأمر خاتمته وهو غيب.

(49) فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله بالهجرة إلى الشام وهبنا له إسحق ويعقوب بدل من فارقهم من الكفرة وكلا جعلنا نبيا.

(50) ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا قيل الرحمة النبوة والأموال والأولاد وهي عامة في كل خير ديني ودنيوي ولسان الصدق الثناء الحسن عبر باللسان عما يوجد به كما يعبر باليد عما يطلق باليد وهي العطية والعلي المرتفع فإن كل أهل الأديان يتولونه ويثنون عليه وعلى ذريته ويفتخرون به وهي إجابة لدعوته حيث قال واجعل لي لسان صدق في الآخرين.

والقمي عن الزكي عليه السلام ووهبنا لهم يعني لإبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام من رحمتنا رسول الله صلى الله عليه وآله وجعلنا لهم لسان صدق عليا يعني أمير المؤمنين.

وفي الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خير من المال يأكله ويورثه.

(51) واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا موحدا أخلص عبادته عن الشرك والرياء وأسلم وجهه لله وقرئ بفتح اللام أي أخلصه الله وكان رسولا نبيا قيل أرسله الله إلى الخلق فأنبأهم عنه ولذلك قدم رسولا مع أنه أخص وأعلى.

في الكافي عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية ما الرسول وما النبي فقال النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك.

(52) وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا مناجيا تقريب تشريف شبهه بمن قربه الملك لمناجاته.

(53) ووهبنا له من رحمتنا أخاه معاضدة أخيه وموازرته إجابة لدعوته واجعل لي وزيرا من أهلي فإنه كان أسن من موسى عليه السلام هارون نبيا في الإكمال عاش موسى عليه السلام مأة وستة وعشرين سنة وعاش هارون مأة وثلاثة وثلاثين سنة.

(54) واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا في الكافي عن الصادق عليه السلام إنما سمي صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فسماه الله عز وجل صادق الوعد ثم إن الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل ما زلت منتظرا لك.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام ما في معناه والقمي قال وعد وعدا وانتظر صاحبه سنة قال وهو إسماعيل بن حزقيل.

وفي المجمع هو إسماعيل بن إبراهيم وكان إذا وعد بشئ وفي ولم يخلف وكان مع ذلك رسولا نبيا إلى جرهم.

قال وقيل إن إسماعيل بن إبراهيم مات قبل أبيه وأن هذا هو إسماعيل بن حزقيل وذكر ما يأتي من العلل ونسبه إلى الصادق عليه السلام.

وفي العلل عنه عليه السلام قال إن إسماعيل الذي قال الله في كتابه واذكر في الكتاب الآية لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه فأتاه ملك فقال إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت فقال لي أسوة بما يصنع بالأنبياء وفي رواية أخرى فقال لي بالحسين بن علي عليهما السلام أسوة.

(55) وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا.

(56) واذكر في الكتاب إدريس قيل هو سبط شيث وجد أبي نوح واسمه أخنوخ.

وروي أنه أنزل عليه ثلاثون صحيفة وأنه أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب وأول من خاط الثياب ولبسها وكانوا يلبسون الجلود.

القمي قال وسمي إدريس لكثرة دراسته الكتب إنه كان صديقا نبيا.

(57) ورفعناه مكانا عليا قيل شرف النبوة والزلفى عند الله.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني جبرئيل أن ملكا من الملائكة كانت له عند الله منزلة عظيمة فعتب عليه فأهبطه من السماء إلى الأرض فأتى إدريس عليه السلام فقال له إن لك عند الله منزلة فاشفع لي عند ربك فصلى ثلاث ليال لا يفتر وصام أيامها لا يفطر ثم طلب إلى الله عز وجل في السحر في الملك فقال الملك إنك قد أعطيت سؤلك وقد أطلق الله لي جناحي وأنا أحب أن أكافيك فاطلب إلي حاجة فقال تريني ملك الموت لعلي آنس به فإنه ليس يهنئني مع ذكره شئ فبسط جناحه ثم قال إركب فصعد به فطلب ملك الموت في السماء الدنيا فقيل له إصعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة فقال الملك يا ملك الموت مالي أراك قاطبا قال العجب إني تحت ظل العرش حيث أمرت أن أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة والخامسة فسمع إدريس فاستعض (فامتعض خ ل) فخر من جناح الملك فقبض روحه مكانه قال الله عز وجل ورفعناه مكانا عليا.

والقمي ما يقرب منه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قال في حديث يذكر فيه مسجد السهلة أما علمت إنه موضع بيت إدريس النبي صلى الله عليه الذي كان يخيط فيه.

(58) أولئك إشارة إلى المذكورين في السورة من زكريا إلى إدريس عليهما السلام الذين أنعم الله عليهم بأنواع النعم الدينية والدنياوية من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح أي ومن ذرية من حملنا خصوصا وهم من عدا إدريس فإن إبراهيم عليه السلام كان ومن ذرية سام بن نوح ومن ذرية إبراهيم الباقون وإسرائيل أي ومن ذرية إسرائيل وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وفيه دلالة على أن أولاد البنات من الذرية وممن هدينا واجتبينا للنبوة والكرامة.

في المناقب والمجمع عن السجاد عليه السلام نحن عنينا بها إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا خشية من الله وإخباتا له.

روي عن النبي صلى الله عليه وآله اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا والبكي جمع باك كالسجود في جمع ساجد وقرئ بكسر الباء.

(59) فخلف من بعدهم خلف فعقبهم وجاء من بعدهم عقب سوء يقال خلف صدق بالفتح وخلف سوء بالسكون أضاعوا الصلاة أخروها عن وقتها.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث وليس أن عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الإضاعة فإن الله عز وجل يقول لقوم أضاعوا الصلاة الآية.

وفي المجمع عنه عليه السلام أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن تركوها أصلا واتبعوا الشهوات.

في الجوامع عن أمير المؤمنين عليه السلام من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور فسوف يلقون غيا شرا.

(60) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة وقرء على البناء للمفعول ولا يظلمون شيئا.

(61) جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا يأتيه أجله الموعود لهم أو هو من أتى إليه إحسانا أي مفعولا منجزا.

(62) لا يسمعون فيها لغوا فضول الكلام إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا على عادة المتغمين والتوسط بين الزهادة والرغابة.

في المحاسن وطب الأئمة عن الصادق عليه السلام إنه شكى إليه رجل ما يلقى من الأوجاع والتخم فقال تغد وتعش ولا تأكل بينهما شيئا فإن فيه فساد البدن أما سمعت الله يقول لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا القمي قال ذلك في جنات الدنيا قبل القيامة لأن البكرة والعشي لا يكونان في الآخرة في جنات الخلد وإنما يكونان في جنات الدنيا التي ينتقل إليها أرواح المؤمنين وتطلع فيها الشمس والقمر.

(63) تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا.

في التهذيب في أدعية نوافل شهر رمضان سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم.

وما نتنزل إلا بأمر ربك حكاية عن قول جبرئيل.

في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لجبرئيل ما منعك أن تزورنا فنزلت له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وهو ما نحن فيه من الأماكن والأحانين لا ننتقل من مكان إلى مكان ولا ننزل في زمان دون زمان إلا بأمره ومشيته وما كان ربك نسيا تاركا لك.

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية فإن ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ليس بالذي ينسى ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم.

(65) رب السماوات والأرض وما بينهما بيان لامتناع النسيان عليه فاعبده واصطبر لعبادته خطاب للرسول مرتب عليه هل تعلم له سميا.

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام تأويله هل تعلم أحدا اسمه الله غير الله.

(66) ويقول الإنسان ء إذا ما مت لسوف أخرج حيا لما كانت هذه المقالة موجودة في جنسهم اسند إلى الجنس.

وروي أن أبي بن خلف أخذ عظاما بالية ففتها وقال يزعم محمد صلى الله عليه وآله إنا نبعث بعد ما نموت.

(67) أولا يذكر الانسان وقيل قرئ يذكر من الذكر الذي يراد به التفكر أنا خلقناه من قبل أي قدرناه في العلم حيث كان الله ولم يكن معه شئ ولم يك شيئا بل كان عدما صرفا.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال لا مقدرا ولا مكونا.

وفي المحاسن عنه عليه السلام قال لم يكن شيئا في كتاب ولا علم والقمي أي لم يكن ثمة ذكره.

(68) فوربك لنحشرنهم والشياطين عطف أو مفعول معه لما روي أن الكفرة يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم كل مع شيطانه في سلسلة ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا.

القمي قال على ركبهم.

أقول: وهذا كما يكون المعتاد في مواقف التقاول وهو كقوله تعالى وترى كل أمة جاثية.

(69) ثم لننزعن من كل شيعة من كل أمة شاعت دينا أي تبعت أيهم أشد على الرحمن عتيا من كان أعصى وأعتى منهم فنطرحهم فيها.

(70) ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا أولى بالصلي.

(71) وإن منكم إلا واردها.

القمي عن الصادق عليه السلام قال أما تسمع الرجل يقول وردنا ماء بني فلان فهو الورود ولم يدخل كان على ربك حتما مقضيا كان ورودهم واجبا أوجبه الله على نفسه وقضى به.

(72) ثم ننجي الذين اتقوا فيساقون إلى الجنة وقرئ ننجي بالتخفيف ونذر الظالمين فيها جثيا على هيأتهم كما كانوا.

في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم فأولهم كلمع البرق ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس ثم كالراكب ثم كشد الرحل ثم كمشيه.

وعنه صلى الله عليه وآله الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا يدخلها فيكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه السلام حتى إن للنار أو قال لجهنم ضجيجا من بردها ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا.

وعنه صلى الله عليه وآله تقول النار للمؤمن يوم القيامة جزيا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي.

وفي رواية إن الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد ويجمع عليها الخلق ثم ينادي المنادي أن خذي أصحابك وذري أصحابي قال والذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها.

قيل الفائدة في ذلك ما روي في بعض الأخبار أن الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه إليه فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها ولا يدخل أحدا النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها قال وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم.

وروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله عاد مريضا فقال أبشر إن الله عز وجل يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا ليكون حظه من النار.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام الحمى رائد الموت وهي سجن المؤمن في الأرض وهي حظ المؤمن من النار.

وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحمى رائد الموت وسجن الله تعالى في أرضه وفورها من جهنم وهي حظ كل مؤمن من النار.

وفي الإعتقادات روي أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها وإنما يصيبهم الألم عند الخروج منها فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد إنتهى.

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن هذه الآية فقال إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض أليس قد وعدنا ربنا أن نرد النار فقال لهم قد وردتموها وهي خامدة قيل وأما قوله تعالى أولئك عنها مبعدون فالمراد من عذابها.

وقيل ورودها الجواز على الصراط فإنه ممدود عليها.

أقول: والكل صحيح ولا تنافي بينها عند اولي الألباب.

(73) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات مرتلات الألفاظ مبينات المعاني أو واضحات الأعجاز قال الذين كفروا للذين آمنوا لأجلهم أو معهم أي الفريقين المؤمنين بها أو الجاحدين لها خير مقاما مكانا أو موضع قيام وقرئ بضم الميم أي موضع إقامة وأحسن نديا مجلسا ومجتمعا والمعنى أنهم لما سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها أخذوا في الافتخار بما لهم من حظوظ الدنيا وزعموا أن زيادة حظهم فيها تدل على فضلهم وحسن حالهم عند الله.

(74) وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن آثاثا متاعا ورئيا منظرا وقرئ ريا على قلب الهمزة وإدغامها أو على أنه من الري بمعنى النعمة وقرء ريا على القلب.

القمي قال عنى به الثياب والأكل والشرب.

وعن الباقر عليه السلام الأثاث المتاع ورئيا الجمال والمنظر الحسن.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا الذين أقروا لأمير المؤمنين عليه السلام ولنا أهل البيت أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا تعبيرا منهم فقال الله ردا عليهم وكم أهلكنا قبلهم من قرن من الأمم السابقة الآية.

(75) قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا فيمده ويمهله بطول العمر والتمتع به وإنما أخرجه على لفظ الأمر إيذانا بأن إمهاله مما ينبغي أن يفعله استدراجا وقطعا لمعاذيره كقوله إنما نملي لهم ليزدادوا إثما وقوله أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة تفصيل للموعود.

القمي قال العذاب القتل والساعة الموت فسيعلمون (3) من هو شر مكانا من الفريقين بأن عاينوا الأمر على عكس ما قدروه وعاد ما متعوا به خذلانا ووبالا عليهم وأضعف جندا أي فئة وأنصارا قابل به أحسن نديا فإن حسن الندى باجتماع وجوه القوم وظهور شوكتهم.

(76) ويزيد الله الذين اهتدوا هدى.

في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا فكانوا ضالين مضلين فيمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا قال وأما قوله حتى إذا رأوا ما يوعدون فهو خروج القائم عليه السلام وهو الساعة فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه فذلك قوله من هو شر مكانا يعني عند القائم وأضعف جندا ويزيد الله قال يزيدهم في ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم عليه السلام حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه والباقيات الصالحات الطاعات التي تبقى عايدتها أبد الآباد خير عند ربك ثوابا عايدة مما متع به كفرة من النعم مخدجة الغانية التي يفتخرون بها وخير مردا مرجعا وعاقبة فإن مالها النعيم المقيم ومئال هذه الحسرة والعذاب الدائم الصالحات تفسير الباقيات والخير هاهنا لمجرد الزيادة وقد سبق أخبار في سورة الكهف.

(77) أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا يعني في الآخرة.

القمي عن الباقر عليه السلام إن العاص بن وايل بن هشام القرشي ثم السهمي وهو أحد المستهزئين وكان لخباب بن الإرث عليه حق فأتاه يتقاضاه فقال له العاص ألستم تزعمون أن في الجنة الذهب والفضة والحرير قال بلى قال فموعد ما بيني وبينك الجنة فوالله لأوتين فيها خيرا مما أوتيت في الدنيا.

(78) أطلع الغيب قد بلغ من عظمة شأنه إلى أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار حتى ادعاه أن يؤتى في الآخرة مالا وولدا وتألى عليه أم اتخذ عند الرحمن عهدا أم اتخذ من علام الغيوب عهدا بذلك فإنه لا يتوصل إلى العلم به إلا بأحد هذين الطريقين.

(79) كلا ردع وتنبيه على أنه مخطئ فيما تصوره لنفسه سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونطول له منه.

(80) ونرثه بإهلاكنا إياه ما يقول يعني المال والولد مما عنده منهما ويأتينا يوم القيامة فردا لا يصحبه مال ولا ولد مما كان له في الدنيا فضلا أن يؤتى ثمة زائدا.

(81) واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا ليتعززوا بهم حيث يكونون لهم وصلة إلى الله وشفعاء عنده.

(82) كلا ردع وإنكار لتعززهم بها سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا القمي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية أي يكونون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيامة ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم ثم قال ليس العبادة هي السجود ولا الركوع وإنما هي طاعة الرجال من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده.

أقول: يعني عليه السلام بذلك أن المراد بالآلهة المتخذة من دون الله رؤساؤهم الذين أطاعوهم في معصية الخالق.

(83) ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا تهزهم وتغريهم على المعاصي بالتسويلات وتحبيب الشهوات.

القمي قال لما طغوا فيها وفي فتنتها وفي طاعتهم ومد لهم في طغيانهم وضلالتهم أرسل عليهم شياطين الأنس والجن تؤزهم أزا أي تنخسهم نخسا وتحضهم على طاعتهم وعبادتهم.

(84) فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا قال أي في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم.

أقول: والمعنى لا تعجل بهلاكهم لتستريح من شرورهم فإنه لم يبق لهم إلا أنفاس معدودة.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن قوله تعالى إنما نعد لهم عدا فقال ما هو عندك قال السائل عدد الأيام قال إن الاباء والأمهات يحصون ذلك لا ولكنه عدد الأنفاس.

والقمي مثله وفي نهج البلاغة نفس المرء خطاؤه إلى أجله وقال عليه السلام كل معدود منقض وكل متوقع آت.

.

(85) يوم نحشر المتقين نجمعهم إلى الرحمن إلى ربهم الذي غمرهم برحمته وفدا وافدين عليه كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين لكرامتهم وانعامهم.

(86) ونسوق المجرمين كما يساق البهائم إلى جهنم وردا عطاشا فإن من يرد الماء لا يرده إلا لعطشه أو كالدواب التي ترد الماء وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله من رواية أهل البيت عليهم السلام يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا وقد سمع هكذا من قبر الرضا عليه السلام وقصته مذكورة في العيون.

وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام يحشرون على النجائب.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام والقمي عن الصادق عليه السلام قال سأل علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير قوله تعالى يوم نحشر المتقين الآية قال يا علي أن الوفد لا يكون إلا ركبانا أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله واختصهم ورضى أعمالهم فسماهم المتقين ثم قال يا علي أما والذي فلق الحبة وبرئ النسمة إنهم ليخرجون من قبورهم وأن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العز عليها رحال الذهب مكللة بالدر والياقوت وجلالها الإستبرق والسندس وخطامها جدل الأرجوان وزمامها من زبرجد فتطير بهم إلى المحشر مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم وعلى باب الجنة شجرة الورقة منها تستظل تحتها مأة ألف من الناس وعن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية قال فيسقون منها شربة شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر وذلك قوله تعالى وسقيهم ربهم شرابا طهورا من تلك العين المطهرة ثم ينصرفون إلى عين أخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون فيها وهي عين الحياة فلا يموتون أبدا.

ثم قال يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد أبدا قال فيقول الجبار للملائكة الذين معهم احشروا أوليائي إلى الجنة ولا توقفوهم مع الخلايق فقد سبق رضائي عنهم ووجبت رحمتي لهم فيكف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحساب والسيئات قال فتسوقهم الملائكة إلى الجنة فإذا انتهوا إلى باب الجنة الأعظم ضربت الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها الله وأعدها لأوليائه فيتباشرون بهم إذا سمعوا صرير الحلقة ويقول بعضهم لبعض قد جاءنا أولياء الله فينفتح لهم الباب ف يدخلون الجنة فيشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين فيقلن مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

وزاد القمي فقال علي عليه السلام من هؤلاء يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هؤلاء شيعتك يا علي وأنت امامهم وهو قول الله عز وجل يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا على الرحايل.

(87) لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا في الكافي عن الصادق عليه السلام قال إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام من بعده فهو العهد عند الله.

والقمي عنه عليه السلام لا يشفع لهم ولا يشفعون إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا إلا من أذن له بولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام من بعده فهو العهد عند الله.

وفي الكافي والفقيه والتهذيب والقمي: عنه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته قيل يا رسول الله وكيف يوصى عند الموت قال إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه قال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق والحساب حق والقدر حق والميزان حق وأن الدين كما وصفت وأن الإسلام كما شرعت وأن القول كما حدثت وأن القرآن كما أنزلت وأنك أنت الله الحق المبين جزى الله محمدا عنا خير الجزاء وحيا الله محمدا وآل محمد بالسلام اللهم يا عدتي عند كربتي ويا صاحبي عند شدتي ويا ولي في نعمتي إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا فإنك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين كنت أقرب من الشر وأبعد من الخير فآنس في القبر وحشتي واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا ثم يوصي بحاجته وتصديق هذه الوصية في سورة مريم عليها السلام في قوله عز وجل لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم وحق عليه أن يحفظ هذه الوصية ويتعلمها وقال علي عليه السلام علمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال علمنيها جبرئيل عليه السلام.

وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأصحابه ذات يوم أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا قالوا وكيف ذاك قال يقول اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير وأني لا أثق إلا برحمتك فأجعل لي عندك عهدا توفنيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين لهم عند الله عهد فيدخلون الجنة.

(88) وقالوا اتخذ الرحمن ولدا وقرئ ولدا وهو جمع ولد.

القمي عن الصادق عليه السلام قال هذا حيث قالت قريش إن لله عز وجل اتخذ ولدا من الملائكة إناثا.

(89) لقد جئتم شيئا إدا قال أي عظيما.

(90) تكاد السماوات وقرئ بالياء يتفطرن منه وقرئ ينفطرن منه قال يعني مما قالوه ومما رموه به وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أي مهدودة مكسورة أو تهد هدا أو تخر للهد مما قالوه.

(91) أن دعوا للرحمن ولدا.

(92) وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا لا يليق به ولا يطلب له لو طلب لاستحالته فإن ابتغى مطاوع بغى.

(93) إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا يأوي إليه بالعبودية والانقياد لا يدعي لنفسه ما يدعيه هؤلاء.

لقد أحصيهم أي حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يخرجون عن حوزة علمه وقبضة قدرته وعدهم عدا عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم فإن كل شئ عنده بمقدار.

(95) وكلهم آتيه يوم القيمة فردا.

القمي عن الصادق عليه السلام قال واحدا واحدا.

قيل لعل ترتيب الحكم بصفة الرحمانية للأشعار بأن كل ما عداه نعمة ومنعم عليه فلا يجانس من هو مبدأ النعم كلها ومولى أصولها وفروعها فكيف يمكن أن يتخذه ولدا.

القمي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال إن الشجر لم يزل خضيدا كله حتى دعا للرحمن ولد عز الرحمن وجل أن يكون له ولد فكادت السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا فعند ذلك اقشعر الشجر وصار له شوك حذار أن ينزل به العذاب (96) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا سيحدث لهم في القلوب مودة.

القمي عن الصادق عليه السلام قال كان سبب نزول هذه الآية إن أمير المؤمنين عليه السلام كان جالسا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له قل يا علي اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا فأنزل الله.

والعياشي عنه عليه السلام دعا رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول اللهم هب لعلي عليه السلام المودة في صدور المؤمنين والهيبة والعظمة في صدور المنافقين فأنزل الله إن الذين آمنوا الآية.

وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية مثله.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قل اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودا فقالهما فنزلت هذه الآية.

(97) فإنما يسرناه بلسانك بأن أنزلناه بلغتك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا أشداء الخصومة.

القمي عن الصادق عليه السلام فإنما يسرناه يعني القرآن قوما لدا قال أصحاب الكلام والخصومة.

وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله إن الذين آمنوا قال هو علي عليه السلام قوما لدا قال بني أمية قوما ظلمة.

وفي الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام قال إنما يسره الله على لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه السلام علما فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم الله في كتابه لدا أي كفارا.

(98) وكم أهلكنا قبلهم من قرن تخويف للكفرة وتجسير للرسول على إنذارهم هل تحس منهم من أحد هل تشعر بأحد منهم وتراه أو تسمع لهم ركزا الركز الصوت الخفي.

القمي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال أهلك الله من الأمم ما لا تحصون فقال يا محمد هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام قال من أدمن قراءة سورة مريم عليها السلام لم يمت حتى يصيب ما يغنيه في نفسه وماله وولده وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام وأعطى من الأمر مثل ملك سليمان بن داود عليه السلام في الدنيا.


1- أي فشدة عذاب وقيل: ويل واد في جهنم.

2- هذا رد لقولهم: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا.

3- ذرت الريح الشئ ذرا: أطارته وأذهبته.