سورة الأسراء
هي مكية وقيل إلا خمس آيات وقيل إلا ثمان وعدد آيها مأة وإحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) سبحن الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله أي إلى ملكوت المسجد الأقصى الذي هو في السماء كما يظهر من الأخبار الآتية لنريه من آياتنا إنه هو السميع لأقوال عبده البصير لأفعاله.
القمي عن الباقر عليه السلام إنه كان جالسا في المسجد الحرام فنظر إلى السماء مرة وإلى الكعبة مرة ثم قال سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلى إسماعيل الجعفي فقال أي شئ يقول أهل العراق في هذه الآية يا عراقي قال يقولون أسري به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس فقال ليس كما يقولون ولكنه اسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء وقال ما بينهما حرم.
والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن المساجد التي لها الفضل فقال المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قيل والمسجد الأقصى فقال ذاك في السماء إليه أسرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال مسجد الكوفة أفضل منه.
وفي الكافي عنه عليه السلام إنه سئل كم عرج برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال مرتين.
والكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام أتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار مضطرب الأذنين عينيه في حافره وخطاه مد بصره.
وزاد في الكافي فإذا إنتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه أهدب (1) العرف (2) الأيمن له جناحان من خلفه.
وفي العيون عن النبي صلى الله عليه وآله إن الله تعالى سخر لي البراق وهي دابة من دواب الجنة ليست بالقصير ولا بالطويل فلو أن الله أذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة وهي أحسن الدواب لونا.
والقمي عن الصادق عليه السلام جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوى الاخر عليه ثيابه فتضعضعت (3) البراق فلطمها جبرئيل ثم قال اسكني يا براق فما ركبك نبي قبله ولا يركبك بعده مثله قال فترقت به ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرئيل عليه السلام يريه الآيات من السماء والأرض قال صلى الله عليه وآله وسلم فبينا أنا في مسيرتي إذ نادى مناد عن يميني يا محمد فلم أجبه ولم ألتفت إليه ثم نادى مناد عن يساري يا محمد فلم أجبه ولم ألتفت إليه ثم استقبلتني امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا فقالت يا محمد انتظرني حتى أكلمك فلم ألتفت إليها ثم سرت فسمعت صوتا أفزعني فجاوزته فنزل بي جبرئيل فقال صل فصليت فقال لي تدري أين صليت فقلت لا فقال صليت بطيبة (4) وإليها مهاجرك ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي إنزل فصل فنزلت وصليت فقال لي أتدري أين صليت فقلت لا فقال صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليما ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي أنزل فصل فنزلت وصليت فقال لي أتدري أين صليت فقلت لا فقال صليت ببيت لحم وبيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم عليهما السلام ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فيمن شاء الله من أنبياء الله فقد جمعوا إلي وأقيمت الصلاة ولا أشك إلا وجبرئيل سيتقدمنا فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدمني وأممتهم ولا فخر ثم أتاني الخازن بثلاثة أوان إناء فيه لبن وإناء فيه ماء وإناء فيه خمر وسمعت قائلا يقول إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته وإن أخذ اللبن هدى وهديت أمته قال فأخذت اللبن وشربت منه فقال لي جبرئيل هديت وهديت أمتك ثم قال لي ماذا رأيت في مسيرك فقلت ناداني مناد عن يميني فقال لي أو أجبته فقلت لا ولم ألتفت إليه فقال ذلك داعي اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك من بعدك ثم قال ماذا رأيت فقلت ناداني مناد عن يساري فقال لي أو أجبته فقلت لا ولم ألتفت إليه فقال ذلك داعي النصارى ولو أجبته لتنصرت أمتك من بعدك ثم قال ماذا استقبلك فقلت لقيت امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا فقالت يا محمد انتظرني حتى أكلمك فقال أو كلمتها فقلت لم أكلمها ولم ألتفت إليها فقال تلك الدنيا ولو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ثم سمعت صوتا أفزعني فقال لي جبرئيل تسمع يا محمد قلت نعم قال هذه صخرة قذفتها على شفير جهنم منذ سبعين عاما فهذا حين استقرت قالوا فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قبض قال فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى السماء الدنيا وعليها ملك يقال إسماعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله تعالى إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك فقال يا جبرئيل من هذا معك فقال محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال وقد بعث قال نعم ثم فتح الباب فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وتلقتني الملائكة حتى دخلت السماء الدنيا فما لقيني ملك إلا ضاحك مستبشر حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر خلقا أعظم منه كريه المنظر ظاهر الغضب فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء إلا أنه لم يضحك ولم أر فيه من الاستبشار مما رأيت فيمن ضحك من الملائكة فقلت من هذا يا جبرئيل فإني قد فزعت منه فقال يجوز أن يفزع منه فكلنا نفزع منه إن هذا مالك خازن النار لم يضحك قط ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته فينتقم الله به منهم ولو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك فسلمت عليه فرد السلام علي وبشرني بالجنة فقلت لجبرئيل وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله مطاع ثم أمين ألا تأمره أن يريني النار فقال له جبرئيل يا مالك أر محمدا النار فكشف عنها غطاء وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء وفارت وارتفعت حتى ظننت لتتناولني مما رأيت فقلت يا جبرئيل قل له فليرد عليها غطاءها فأمرها فقال ارجعي فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه ثم مضيت فرأيت رجلا أدما جسيما فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا أبوك آدم عليه السلام فإذا هو يعرض عليه ذريته فيقول روح طيبة وريح طيبة من جسد طيب ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون إلى آخرها قال فسلمت على أبي آدم وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ثم مررت بملك من الملائكة وهو جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه وإذا بيده لوح من نور ينظر إليه مكتوب فيه كتابا ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه به كهيئة الحزين فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا ملك الموت دائب في قبض الأرواح فقلت يا جبرئيل أدنني منه حتى أكلمه فأدناني منه فسلمت عليه وقال له جبرئيل هذا نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد فرحب بي وحياني بالسلام وقال إبشر يا محمد فإني أرى الخير كله في أمتك فقلت الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ذلك من فضل ربي ورحمته علي فقال جبرئيل هو أشد الملائكة عملا فقلت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد هذا يقبض روحه قال نعم قلت ويراهم حيث كانوا ويشهدهم بنفسه فقال نعم.
فقال ملك الموت ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني عليها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء وما من دار إلا وأنا أتصفحه كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم لا تبكوا عليه فإن لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفي بالموت طامة (5) يا جبرئيل فقال جبرئيل إن ما بعد الموت أطم وأطم من الموت قال ثم مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث يأكلون اللحم الخبيث ويدعون الطيب فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال وهم من أمتك يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجيبا نصف جسده نارا ونصفه الاخر ثلجا فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفي النار وهو ينادى بصوت رفيع ويقول سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج وكف برد هذا الثلج فلا يطفي حر هذه النار اللهم يا مؤلف يا مؤلفا خ ل بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا ملك وكله الله بأكناف (6) السماوات وأطراف الأرضين وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرضين من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منذ خلق ملكين يناديان في السماء أحدهما يقول اللهم أعط كل منفق (7) خلفا والاخر يقول اللهم أعط كل ممسك تلفا ثم مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر (8) كمشافر الإبل يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء الهمازون اللمازون ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يرضخ (9) رؤسهم بالصخر فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء ثم مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم وتخرج من أدبارهم فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس وإذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون عليها النار غدوا وعشيا ويقولون ربنا متى تقيم الساعة قال ثم مضيت فإذا أنا بنساء معلقات بثديهن (10) فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطلع على عوراتهم وأكل خزائنهم قال ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل خلقهم الله كيف شاء ووضع وجوههم كيف شاء ليس شئ من أطباق أجسادهم إلا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله فسألت جبرئيل عنهم فقال كما ترى خلقوا إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه قط ولا رفعوا رؤسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتها خوفا لله وخشوعا فسلمت عليهم فردوا علي إيماءا برؤوسهم ولا ينظرون إلي من الخشوع فقال لهم جبرئيل هذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة أرسله الله إلى العباد رسولا ونبيا وهو خاتم النبوة وسيدهم أفلا تكلموه قال فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا علي بالسلام وأكرموني وبشروني بالخير لي ولأمتي قال ثم صعدنا إلى السماء
الثانية فإذا فيها رجلان متشابهان فقلت من هذان يا جبرئيل قال ابنا الخالة يحيى وعيسى عليهما السلام فسلمت عليهما وسلما علي واستغفرت لهما واستغفرا لي وقالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وإذا فيها من الملائكة وعليهم الخشوع قد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك إلا يسبح الله ويحمده بأصوات مختلفة ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل فضل حسنه على سائر الخلق كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا أخوك يوسف فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح والمبعوث في الزمن الصالح وإذا فيها ملائكة من الخشوع مثل ما وصفت في السماء الأولى والثانية وقال لهم جبرئيل في أمري ما قال للآخرين وصنعوا بي مثل ما صنع الآخرون ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السماوات فبشروني بالخير لي ولامتي ثم رأيت ملكا جالسا على سرير تحت يديه سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه هو فصاح به جبرئيل فقال قم فهو قائم إلى يوم القيامة ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم منه حوله ثلة من أمته فأعجبني كثرتهم فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا المجيب في قومه هارون بن عمران فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من الملائكة عليهم الخشوع مثل ما في السماوات ثم صعدنا إلى السماء السادسة وإذا فيها رجل أدم طويل كأنه من شعرة ولو أن عليه قميصين لنفذ شعره فيهما وسمعته يقول يزعم بنو إسرائيل إني أكرم ولد آدم على الله وهذا رجل أكرم على الله مني فقلت من هذا يا جبرئيل فقال أخوك موسى بن عمران فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات قال ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا يا محمد احتجم وأمر أمتك بالحجامة وإذا فيها رجل اشمط (11) الرأس واللحية جالس على كرسي فقلت يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب بيت المعمور في جوار الله فقال يا محمد هذا أبوك إبراهيم عليه السلام وهذا محلك ومحل من اتقى من أمتك ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين فسلمت عليه وسلم علي وقال مرحبا بالنبي الصالح والأبن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات فبشروني بالخير لي ولأمتي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأيت في السماء السابعة بحارا من نور يتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالأبصار وفيها بحار مظلمة وبحار ثلج ترعد فلما فرغت ورأيت هؤلاء سألت جبرئيل فقال إبشر يا محمد واشكر كرامة ربك واشكر الله على ما صنع إليك قال فثبتني الله بقوته وعونه حتى كثر قولي لجبرئيل وتعجبي فقال جبرئيل يا محمد أتعظم ما ترى إنما هذا خلق من خلق ربك فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى وما لا ترى أعظم من هذا من خلق ربك أن بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل وبيننا وبينه أربعة حجب حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب من الغمام وحجاب من ماء قال ورأيت من العجائب التي خلق الله وسخر به على ما أراد ديكا رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ورأسه عند العرش وملكا من ملائكة الله تعالى خلقه الله كما أراد رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ثم أقبل مصعدا حتى خرج من الهواء إلى السماء السابعة وانتهى فيها مصعدا حتى إنتهى قرنه إلى قرب العرش وهو يقول سبحان ربي حيث ما كنت لا تدري أين ربك من عظم شأنه وله جناحان في منكبه إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب فإذا كان في السحر نشر جناحيه وخفق (12) بهما وصرخ (13) بالتسبيح يقول سبحان الله الملك القدوس سبحان الله الكبير المتعال لا إله إلا الله الحي القيوم وإذا قال ذلك سبحت ديوك الأرض كلها وخفقت بأجنحتها وأخذت بالصراخ فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت ديوك الأرض كلها ولذلك الديك زغب (14) أخضر وريش أبيض كأشد بياض ما رأيته قط وله زغب أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة ما رأيتها قط قال ثم مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيها ركعتين ومعي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد وآخرين عليهم ثياب خلقان (15) فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلقان ثم خرجت فانقاد لي نهران نهر يسمى الكوثر ونهر يسمى الرحمة فشربت من الكوثر واغتسلت من الرحمة ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة فإذا على حافتيها (16) بيوتي وبيوت أزواجي وإذا ترابها كالمسك فإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة فقلت لمن أنت يا جارية فقالت لزيد بن حارثة فبشرته بها حين أصبحت وإذا بطيرها كالبخت (17) وإذا رمانها مثل الدلى (18) العظام وإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة سنة وليس في الجنة منزل إلا وفيها فرع منها فقلت ما هذه يا جبرئيل فقال هذه شجرة طوبى قال الله تعالى طوبى لهم وحسن مآب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم فلما دخلت الجنة رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها فقال هو سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ولولا تلك الحجب لهتك نور العرش وكل شئ فيه فانتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم فكنت منها كما قال الله تعالى قاب قوسين أو أدنى فناداني آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون قال القمي قد كتبنا ذلك في سورة البقرة.
أقول: وقد نقلناه عنه هناك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا رب أعطيت أنبياءك فضائل فأعطني فقال الله وقد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي لا حول ولا قوة إلا بالله ولا منجا منك إلا إليك قال وعلمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت اللهم أن ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك وذلي أصبح مستجيرا بعزك وفقري أصبح مستجيرا بغناك ووجهي البالي أصبح مستجيرا بوجهك الباقي الذي لا يفني وأقول ذلك إذا أمسيت ثم سمعت الأذان فإذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة فقال الله أكبر الله أكبر فقال الله صدق عبدي أنا أكبر فقال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله فقال الله صدق عبدي أنا الله لا إله غيري فقال أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله فقال صدق عبدي أن محمدا عبدي ورسولي أنا بعثته وانتجبته فقال حي على الصلاة حي على الصلاة فقال صدق عبدي دعا إلى فريضتي فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت كفارة لما مضى من ذنوبه فقال حي على الفلاح حي على الفلاح فقال الله هي الصلاح والنجاح والفلاح ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء في بيت المقدس قال ثم غشيتني صبابة فخررت ساجدا فناداني ربي إني قد فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى أمتك فقم بها أنت في أمتك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانحدرت حتى مررت على إبراهيم عليه السلام فلم يسألني عن شئ حتى انتهيت إلى موسى عليه السلام فقال ما صنعت يا محمد فقلت قال ربي فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى أمتك فقال موسى يا محمد إن أمتك آخر الأمم وأضعفها وإن ربك لا يرد عليك شيئا وإن أمتك لا تستطيع أن تقوم بها فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك فرجعت إلى ربي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى فخررت ساجدا ثم قلت فرضت علي وعلى أمتي خمسين صلاة ولا أطيق ذلك ولا أمتي فخفف عني فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى عليه السلام فأخبرته فقال ارجع إلى ربك لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى عليه السلام فأخبرته فقال ارجع وفي كل رجعة أرجع إليه أخر ساجدا حتى رجع إلى عشر صلوات فرجعت إلى موسى عليه السلام وأخبرته فقال لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني خمسا فرجعت إلى موسى وأخبرته فقال لا تطيق فقلت قد استحييت من ربي ولكن أصبر عليها فناداني مناد كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين كل صلاة بعشر ومن هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتبت له عشرا وإن لم يعمل كتبت له واحدة ومن هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة وإن لم يعملها لم أكتب عليه فقال الصادق عليه السلام جزى الله موسى عن هذه الأمة خيرا فهذا تفسير قول الله عز وجل سبحان الذي أسرى بعبده الآية.
وفي المجالس عن الصادق عليه السلام لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق فأتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها ورده فمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رجوعه بعير (19) لقريش وإذا لهم ماء في آنية وقد أضلوا بعيرا لهم وكانوا يطلبونه فشرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك الماء وأهرق باقيه فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لقريش إن الله تعالى قد أسرى بي إلى بيت المقدس وأراني آثار الأنبياء ومنازلهم وإني مررت بعير في موضع كذا وكذا وقد أضلوا بعيرا لهم فشربت من مائهم وأهرقت باقي ذلك فقال أبو جهل قد أمكنتكم الفرصة فسألوه كم الأساطين فيها والقناديل فقالوا يا محمد أن هاهنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه فجاء جبرئيل عليه السلام فعلق صورة بيت المقدس تجاه (20) وجهه فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه فلما أخبرهم قالوا حتى يجئ العير ونسألهم عما قلت فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق (21) فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة ويقولون هذه الشمس تطلع الساعة فبينا هم كذلك إذ أطلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أورق فسألوهم عما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا لقد كان هذا ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا ووضعنا ماءا فأصبحنا وقد أهريق الماء فلم يزدهم ذلك إلا عتوا.
والقمي ما يقرب منه وفي كشف الغمة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج فقال خاطبني بلغة علي بن أبي طالب عليه السلام فألهمت أن قلت يا رب خاطبتني أم علي فقال يا أحمد أنا شئ ليس كالأشياء ولا أقاس بالناس ولا أوصف بالأشياء خلقتك من نوري وخلقت عليا من نورك فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد إلى قلبك أحب من علي بن أبي طالب فخاطبتك بلسانه كي ما يطمئن قلبك والأخبار في قصة المعراج كثيرة من أرادها فليطلبها في مواضعها وفيها أسرار لا يعثر عليها إلا الراسخون في العلم.
(2) وآتينا موسى الكتاب (22) وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا (23) وقرئ بالياء من دوني وكيلا ربا تكلون إليه أموركم.
(3) ذرية من حملنا مع نوح (24) نصبه على الاختصاص أو النداء إنه كان عبدا شكورا كثير الشكر.
في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام أنه سئل ما عنى بقوله إنه كان عبدا شكورا فقال كلمات بالغ فيهن قيل وما هن قال كان إذا أصبح قال أصبحت أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنها منك وحدك لا شريك لك فلك الحمد على ذلك ولك الشكر كثيرا كان يقولها إذا أصبح ثلاثا وإذا أمسى ثلاثا.
وفي الفقيه والعلل والقمي والعياشي ما يقرب منه على اختلاف في ألفاظ الذكر وعدده.
(4) وقضينا إلى بني إسرائيل وأوحينا إليهم وحيا مقضيا مبتوتا في الكتاب في التوراة لتفسدن (25) في الأرض مرتين إفسادتين ولتعلن علوا كبيرا (26).
(5) فإذا جاء وعد أوليهما وعد عقاب أوليهما بعثنا عليكم عبادا لنا.
في الجوامع عن علي عليه السلام أنه قرأ عبيدا لنا أولي بأس شديد ذوي قوة وبطش في الحرب شديد فجاسوا ترددوا لطلبكم خلال الديار وسطها للقتل والغارة والسبي وكان وعدا مفعولا وكان وعد عقابهم لابد أن يفعل.
(6) ثم رددنا لكم الكرة الدولة والغلبة عليهم على الذين بعثوا عليكم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا مما كنتم والنفير من ينفر مع الرجل من قومه والمجتمعون للذهاب إلى العد.
(7) إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم (27) لأن ثوابه لها وإن أسأتم فلها فإن وبالها عليها.
في الجوامع عن علي عليه السلام ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلا الآية قيل وإنما ذكر باللام ازدواجا.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام وإن أسأتم فلها رب يغفر فإذا جاء وعد الآخرة وعد عقوبة المرة الآخرة ليسوؤا وجوهكم بعثناهم ليسوؤا وجوهكم ليجعلوها بادية آثار المساءة فيها فحذف لدلالة ذكره أولا عليه وقرئ ليسوء على التوحيد أي الوعد أو البعث وبالنون وليدخلوا المسجد (28) كما دخلوه أول مرة وليتبروا وليهلكوا ما علوا ما غلبوه واستولوا عليه أو مدة علوهم تتبيرا.
(8) عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم نوبة أخرى عدنا مرة ثالثة إلى عقوبتكم وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا محبسا لا يقدرون الخروج منها أبدا والعامة فسروا الإفسادتين بقتل زكريا ويحيى والعلو الكبير باستكبارهم عن طاعة الله وظلمهم الناس والعباد أولى بأس بخت نصر وجنوده ورد الكرة عليهم برد بهمن بن إسفنديار اسراءهم إلى الشام وتمليكه دانيال عليهم ووعد الآخرة بتسليط الله الفرس عليهم مرة أخرى.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه فسر الإفسادتين بقتل علي بن أبي طالب عليه السلام وطعن الحسن عليه السلام والعلو الكبير بقتل الحسين عليه السلام والعباد أولى بأس بقوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا (29) لآل محمد صلوات الله عليهم إلا قتلوه ووعد الله بخروج القائم عليه السلام ورد الكرة عليهم بخروج الحسين عليه السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب حين كان الحجة القائم بين أظهرهم.
وزاد العياشي ثم يملكهم الحسين عليه السلام حتى يقع حاجباه على عينيه.
والعياشي عنه عليه السلام أول من يكر إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذوا القذة بالقذة ثم تلا هذه الآية ثم رددنا.
وفي رواية أخرى للعياشي عن الباقر عليه السلام إن العباد أولى بأس هم القائم وأصحابه والقمي وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي أعلمناهم ثم انقطعت مخاطبة بني إسرائيل وخاطب الله أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال لتفسدن في الأرض مرتين يعني فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد ولتعلن علوا كبيرا يعني ما ادعوه من الخلافة فإذا جاء وعد أولاهما يعني يوم الجمل بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد يعني أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه فجاسوا خلال الديار أي طلبوكم وقتلوكم وكان وعدا مفعولا يعني يتم ويكون ثم رددنا لكم الكرة عليهم يعني لبني أمية على آل محمد وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا من الحسن والحسين عليهما السلام ابني علي وأصحابهما وسبوا نساء آل محمد صلوات الله عليهم فإذا جاء وعد الآخرة يعني القائم وأصحابه ليسوؤا وجوهكم يعني يسود وجوههم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وأمير المؤمنين عليه السلام وليتبروا ما علوا تتبيرا أي يعلو عليكم فيقتلوكم ثم عطف على آل محمد فقال عسى ربكم أن يرحمكم أي ينصركم على عدوكم ثم خاطب بني أمية فقال وإن عدتم عدنا يعني إن عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا حبسا يحصرون فيها.
(9) إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم للطريقة التي هي أقوم الطرق وأشد استقامة.
في الكافي عن الصادق عليه السلام أي يدعو وعنه عليه السلام يهدي إلى الإمام عليه السلام.
والعياشي مقطوعا مثله.
وعن الباقر عليه السلام يهدي إلى الولاية.
وفي المعاني عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن جده السجاد عليهما السلام الأمام منا لا يكون إلا معصوما وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ولذلك لا يكون إلا منصوصا فقيل ما معنى المعصوم قال هو المعتصم بحبل الله وحبل الله هو القرآن والقرآن يهدي إلى الأمام وذلك قول الله عز وجل إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا.
(10) وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة اعتدنا لهم عذابا أليما يعني يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم.
(11) ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير مثل دعائه بالخير وكان الانسان عجولا في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام وأعرف طريق نجاتك وهلاكك كيلا تدعوا الله بشئ عسى فيه هلاكك وأنت تظن أن فيه نجاتك قال الله تعالى ويدع الانسان الآية.
والعياشي عنه عليه السلام قال لما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه وثب ليقوم قبل أن يستتم خلقه فسقط فقال الله عز وجل وكان الانسان عجولا.
(12) وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتطلبوا في بياض النهار أسباب معايشكم ولتعلموا باختلافهما ومقاديرهما عدد السنين والحساب وكل شئ تفتقرون إليه في أمر الدين والدنيا فصلناه تفصيلا بيناه بيانا غير ملتبس في نهج البلاغة وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها وقمرها آية ممحوة من ليلها وأجراهما في مناقل مجراهما وقدر مسيرهما في مدارج مدرجهما ليتميز بين الليل والنهار بهما وليعلم عدد السنين والحساب بمقاديرهما.
وفي العلل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل ما بال الشمس والقمر لا يستويان في الضوء والنور قال لما خلقهما الله عز وجل أطاعا ولم يعصيا شيئا فأمر الله جبرئيل أن يمحو ضوء القمر فمحاه فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء ولو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم يمح لما عرف الليل من النهار ولا النهار من الليل ولا علم الصائم كم يصوم ولا عرف الناس عدد السنين وذلك قول الله عز وجل وجعلنا الليل والنهار آيتين الآية.
وفي الاحتجاج قال ابن الكوا لأمير المؤمنين عليه السلام أخبرني عن المحو الذي يكون في القمر فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر رجل أعمى يسأل عن مسألة عمياء أما سمعت الله يقول وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة.
وعن الصادق عليه السلام لما خلق الله القمر كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين عليه السلام وهو السواد الذي ترونه.
والعياشي ما يقرب من الحديثين.
(13) وكل إنسان ألزمناه طائره عمله وما قدر له كأنه طير له من عش الغيب ووكر القدر في عنقه لزوم الطوق في عنقه.
العياشي عنهما عليهما السلام.
والقمي قال قدره الله الذي قدر عليه.
والقمي عن الباقر عليه السلام خيره وشره معه حيث كان لا يستطيع فراقه حتى يعطى كتابه يوم القيامة بما عمل ونخرج له يوم القيمة كتابا هي صحيفة عمله.
أقول: هي بعينها نفسه التي رسخت فيها آثار أعماله بحيث انتقشت بها يلقيه منشورا لكشف الغطاء وقرئ يلقاه بالتشديد والبناء للمفعول.
(14) اقرأ كتابك على إرادة القول كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا في المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه حتى كأنه فعله في تلك الساعة فلذلك قالوا يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
(15) من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ولا تحمل نفس حاملة وزرا وزرت نفس أخرى بل إنما تحمل وزرها وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا يبين الحجج ويمهد الشرايع فيلزمهم الحجة.
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة قال لا قيل فهل كلفوا المعرفة قال لا على الله البيان لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها.
(16) وإذا أردنا أن نهلك قرية وإذا تعلقت إرادتنا بإهلاك قوم بدنو وقته المقدر أمرنا مترفيها متنعميها ففسقوا فيها.
القمي كثرنا جبابرتها.
والعياشي عن الباقر عليه السلام أمرنا مشددة ميمه تفسيره كثرنا وقال لا قرأتها مخففة وعنه عليه السلام أمرنا أكابرها.
وفي المجمع عنه عليه السلام إنه قرأ أمرنا بتشديد الميم وعن علي عليه السلام إنه قرئ آمرنا على وزن عامرنا يقال آمرت الشئ وآمرته فأمر إذا كثرته وفي الحديث خير المال سكة مأبورة (30) ومهرة مأمورة أي كثيرة النتاج والسكة النخل والمهرة الفرس وقيل تخصيص المترفين لأن غيرهم يتبعهم ولأنهم أسرع إلى الحماقة وأقدر على الفجور فحق عليها القول يعني كلمة العذاب فدمرناها تدميرا أهلكناها.
(17) وكم أهلكنا وكثيرا أهلكنا من القرون من بعد نوح كعاد وثمود وكفي بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا يدرك بواطنها وظواهرها فيعاقب عليها.
(18) من كان يريد العاجلة النعمة الدنيوية مقصورا عليها همته عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد قيد المعجل والمعجل له بالمشيئة والإرادة لأنه لا يجد كل متمن ما يتمناه ولا كل أحد جميع ما يهواه وليعلم إن الأمر بالمشيئة ثم جعلنا له جهنم يصليها مذموما مدحورا مطرودا من رحمة الله.
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم معنى الآية من كان يريد ثواب الدنيا بعمله الذي افترضه الله عليه لا يريد به وجه الله والدار الآخرة عجل له ما يشاء الله من عرض الدنيا وليس له ثواب في الآخرة وذلك إن الله سبحانه يؤتيه ذلك ليستعين به على الطاعة فيستعمله في معصية الله فيعاقبه الله عليه.
(19) ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها حقها من السعي وهو الإتيان بما أمر به والانتهاء عما نهي عنه لا التقرب بما يخترعون بآرائهم وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص وهو مؤمن إيمانا لا شرك فيه ولا تكذيب فأولئك كان سعيهم مشكورا من الله مقبولا عنده مثابا عليه.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن أراد الآخرة فليترك زينة الحياة الدنيا (20) كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك كل واحد من الفريقين نتفضل عليه بالعطاء مرة بعد أخرى نجعل الانف منه مددا للسالف لا نقطعه فنرزق المطيع والعاصي جميعا وما كان عطاء ربك محظورا ممنوعا لا يمنع العاصي لعصيانه.
(21) انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض في الدنيا وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا أي التفاوت في الآخرة أكثر.
في المجمع روي أن ما بين أعلى درجات الجنة وأسفلها مثل ما بين السماء والأرض.
والعياشي عن الصادق عليه السلام لا تقولن الجنة واحدة إن الله يقول ومن دونهما جنتان ولا تقولن درجة واحدة إن الله يقول درجات بعضها فوق بعض إنما تفاضل القوم بالأعمال قيل له إن المؤمنين يدخلان الجنة فيكون أحدهما أرفع مكانا من الاخر فيشتهي أن يلقى صاحبه قال من كان فوقه فله أن يهبط ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد لأنه لم يبلغ ذلك المكان ولكنهم إذا أحبوا ذلك واستهووه التقوا على الأسرة وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إن الثواب على قدر العقل.
(22) لا تجعل مع الله إلها آخر الخطاب لكل أحد أو للرسول والمراد به أمته كما قاله القمي فتقعد مذموما مخذولا يعني إذا فعلت ذلك بقيت ما عشت مذموما على ألسنة العقلاء مخذولا لا ناصر لك وإنما عبر عن ذلك بالقعود لأن في القعود معنى الذل والعجز والهوان يقال قعد به الضعف.
(23) وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وأمر أمرا مقطوعا به بأن لا تعبدوا إلا إياه لأن غاية التعظيم لا يحق إلا لمن له غاية العظمة ونهاية الأنعام ويجوز أن يكون أن مفسرة ولا ناهية ويأتي فيه حديث بعد ثماني عشرة آية وبالوالدين إحسانا أن تحسنوا أو أحسنوا بالوالدين إحسانا لأنهما السبب الظاهر للوجود والتعيش إما يبلغن إما أن الشرطية زيدت عليها ما للتأكيد ولهذا صح لحوق النون عندك الكبر في كنفك وكفالتك أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف إن أضجراك ولا تنهرهما ولا تزجرهما.
القمي أي لا تخاصمهما وقل لهما قولا كريما حسنا جميلا.
(24) واخفض لهما جناح الذل جناحك الذليل أو جعل الذل جناحا للمبالغة أي تذلل لهما وتواضع من الرحمة من فرط رحمتك عليهما لافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله إليهما وقل رب ارحمهما وادع الله أن يرحمهما برحمته الباقية ولا تكتف برحمتك الفانية كما ربياني صغيرا جزاء لرحمتهما علي وتربيتهما وإرشادهما لي في صغري.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما هذا الإحسان فقال أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا وإن كانا مستغنيين أليس الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما قال إن أضجراك فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما إن ضرباك وقل لهما قولا كريما قال إن ضرباك فقل لهما غفر الله لكما فذلك منك قول كريم واخفض لهما جناح الذل من الرحمة قال لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما.
وعنه عليه السلام لو علم الله شيئا أدنى من أف لنهى عنه وهو من أدنى العقوق.
وزاد في الكافي ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما.
وعن الكاظم عليه السلام سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما حق الوالد على ولده قال لا يسميه باسمه ولا يمشي بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسب له.
وفي الجوامع إن النبي صلى الله عليه وآله قال رغم أنفه ثلاث مرات قالوا من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ولم يدخل الجنة.
وعن حذيفة أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قتل أبيه وهو في صف المشركين فقال دعه يله غيرك.
(25) ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا.
العياشي عن الصادق عليه السلام هم التوابون المتعبدون.
وفي المجمع عنه عليه السلام الأواب التواب المتعبد الراجع عن ذنبه.
وعنه عليه السلام صلاة أربع ركعات تقرأ في كل ركعة خمسين مرة قل هو الله أحد.
(26) وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل قيل في تفسير العامة وصى سبحانه بغير الوالدين من القرابات والمساكين وأبناء السبيل بأن تؤتى حقوقهم بعد أن وصى بهما وقيل فيه أن المراد بذي القربى قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والقمي يعني قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونزلت في فاطمة عليها السلام فجعل لها فدك والمسكين من ولد فاطمة وأبن السبيل من آل محمد صلوات الله عليهم وولد فاطمة عليها السلام وأورد في سورة الروم قصة فدك مفصلة في تفسير نظير هذه الآية.
وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث له مع المهدي إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فدك وما وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وآت ذا القربى حقه ولم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هم فراجع في ذلك جبرئيل وراجع جبرئيل ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة عليها السلام فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك فقالت قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك الحديث.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث له مع المأمون والآية الخامسة قول الله تعالى وآت ذا القربى حقه خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ادعوا لي فاطمة عليها السلام فدعيت له فقال يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله فقال هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولولدك.
والعياشي عن الصادق عليه السلام لما أنزل الله وآت ذا القربى حقه والمسكين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا جبرئيل قد عرفت المسكين من ذو القربى قال هم أقاربك فدعا حسنا وحسينا وفاطمة عليهم السلام فقال إن ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاء الله علي قال أعطيكم فدك مع أخبار أخر في هذا المعنى.
وفي الاحتجاج عن السجاد عليه السلام إنه قال لبعض الشاميين أما قرأت هذه الآية وآت ذا القربى حقه قال نعم قال فنحن أولئك الذين أمر الله نبيه أن يؤتيهم حقهم.
وفي المجمع عنه عليه السلام برواية العامة ما في معناه.
وعن أبي سعيد الخدري أنه لما نزلت هذه الآية أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام فدك.
وبالجملة الأخبار في هذا المعنى مستفيضة وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث ثم قال جل ذكره وآت ذا القربى حقه وكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له والأسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة.
أقول: لا تنافي بين هذا الحديث والأحاديث السابقة ولا بينهما وبين تفسيري العامة ولا بين تفسيريهم كما يظهر للمتدبر العارف بمخاطبات القرآن ومعنى الحقوق ومن الذي له الحق ومن الذي لا حق له والحمد لله ولا تبذر تبذيرا بصرف المال فيما لا ينبغي وإنفاقه على وجه الإسراف وأصل التبذير التفريق في الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنه مر بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا السرف يا سعد قال أفي الوضوء سرف قال نعم وإن كنت على نهر جار.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه قال لرجل إتق الله ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما إن التبذير من الإسراف قال الله ولا تبذر تبذيرا.
والعياشي عنه عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر ومن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد.
وعنه عليه السلام إنه سئل أفيكون تبذير في حلال قال نعم.
وعنه عليه السلام أنه دعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنوى فقال عليه السلام لا تفعل إن هذا من التبذير وأن الله لا يحب الفساد.
وفي المجالس عنه عليه السلام في قول الله ولا تبذر تبذيرا قال لا تبذر في ولاية علي عليه السلام.
(27) إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين أمثالهم السالكين طريقتهم وهذا هو غاية الذم وكان الشيطان لربه كفورا مبالغا في الكفر فينبغي أن لا يطاع.
(28) وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا وإن تعرض عن هؤلاء الذين أمرتك بإيتاء حقوقهم حياءا من الرد لتبتغي الفضل من ربك والسعة التي يمكنك معها البذل فقل لهم قولا لينا وعدهم عدة جميلة فوضع الابتغاء موضع فقد الرزق لأن فاقد الرزق مبتغ له.
وفي المجمع والعياشي روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لما نزلت هذه الآية إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطي قال يرزقنا الله وإياكم من فضله.
(29) ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك (31) ولا تبسطها كل البسط (32) تمثيل لمنع الشحيح وإسراف المبذر نهى عنهما وأمر بالاقتصاد بينهما الذي هو الكرم والجود فتقعد ملوما محسورا.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلا أعطاه فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت انطلق إليه فاسأله فإن قال ليس عندنا شئ فقل اعطني قميصك قال فأخذ قميصه وأعطاه فأدبه الله على القصد فقال ولا تجعل يدك الآية.
وفي الكافي عنه عليه السلام في حديث ثم علم الله نبيه كيف ينفق وذلك أنه كانت عنده أوقية من الذهب فكره أن تبيت عنده فتصدق بها فأصبح وليس عنده شئ وجاء من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما رقيقا فأدب الله نبيه بأمره فقال ولا تجعل يدك الآية يقول قد يسألونك ولا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال.
وعنه عليه السلام في هذه الآية قال الإحسار الفاقة.
والعياشي عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية الإحسار الإقتار والقمي قال كان سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يرد أحدا يسأله شيئا عنده فجاءه رجل فسأله فلم يحضره شئ فقال يكون إن شاء الله فقال يا رسول الله أعطني قميصك فأعطاه قميصه فأنزل الله ولا تجعل الآية فنهاه الله أن يبخل ويسرف ويقعد محسورا من الثياب فقال الصادق عليه السلام المحسور العريان.
وفي التهذيب والعياشي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك قال ضم يديه فقال هكذا ولا تبسطها كل البسط قال بسط راحته وقال هكذا.
(30) إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر يوسعه ويضيقه بحسب المصلحة إنه كان بعباده خبيرا بصيرا فيعلم مصالحهم وما ينبغي لهم وما لا ينبغي كما ورد في الحديث القدسي وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وقال وإني لأعلم بمصالح عبادي وتمام الحديث يطلب في الكافي وفي نهج البلاغة وقدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها.
(31) ولا تقتلوا أولادكم (33) خشية إملاق.
القمي يعني مخافة الفقر والجوع فإن العرب كانوا يقتلون أولادهم لذلك.
والعياشي عن الصادق عليه السلام الحاج لا يملق أبدا قيل ما الإملاق فقال الإفلاس ثم تلا هذه الآية نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا ذنبا كبيرا وقرئ بفتح الخاء والطاء وهو ضد الصواب أو بمعنى الخطاء وبالكسر والمد وهو إما لغة فيه أو مصدر.
(32) ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة قبيحة زائدة على حد القبح وساء سبيلا (34).
القمي عن الباقر عليه السلام يقول معصية ومقتا فإن الله يمقته ويبغضه قال وساء سبيلا وهو أشد النار عذابا والزنا من أكبر الكباير.
وفي الفقيه والخصال عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته له يا علي في الزنا ست خصال ثلاث منها في الدنيا وثلاث في الآخرة فأما التي في الدنيا فيذهب بالبهاء ويعجل الفناء ويقطع الرزق وأما التي في الآخرة فسوء الحساب وسخط الرحمان والخلود في النار وعنه عليه السلام إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل.
(33) ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق إلا بإحدى ثلاث كفر بعد الأيمان وزنا بعد إحصان وقتل مؤمن عمدا ومن قتل مظلوما غير مستوجب للقتل فقد جعلنا لوليه لمن يلي أمره بعد وفاته سلطانا تسلطا بالمؤاخذة فلا يسرف في القتل وقرئ بالتاء إنه كان منصورا.
القمي يعني ينصر ولد المقتول على القاتل.
وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية قيل فما هذا الإسراف الذي نهى الله عنه قال نهى أن يقتل غير قاتله أو يمثل بالقاتل قيل فما معنى قوله إنه كان منصورا قال وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فتقتله ولا تبعة تلزمه من قتله في دين ولا دنيا.
وفي الكافي والعياشي عنه عليه السلام إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد حكم الوالي أن يقتل أيهم شاؤوا وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد إن الله عز وجل يقول ومن قتل مظلوما إلى قوله فلا يسرف في القتل.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام نزلت في الحسين عليه السلام لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفا.
(34) ولا تقربوا مال اليتيم فضلا عن أن تتصرفوا فيه إلا بالتي هي أحسن إلا بالطريقة التي هي أحسن وهي حفظه عليه حتى يبلغ أشده.
في الفقيه عن الصادق عليه السلام انقطاع يتم اليتيم الاحتلام وهو أشده وعنه عليه السلام إذا بلغ الغلام أشده ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة سنة وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم كتبت عليه السيئات وكتبت له الحسنات وجاز له كل شئ إلا أن يكون ضعيفا أو سفيها.
والعياشي عنه عليه السلام ما يقرب منه وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا.
في الخصال عن الصادق عليه السلام ثلاث لم يجعل الله لأحد من الناس فيهن رخصة وعد منها الوفاء بالعهد.
(35) وأوفوا الكيل إذا كلتم ولا تبخسوا فيه وزنوا بالقسطاس المستقيم بالميزان السوي وقرئ بكسر القاف.
القمي عن الباقر عليه السلام هو الميزان الذي له لسان ذلك خير وأحسن تأويلا وأحسن عاقبة.
(36) ولا تقف ولا تتبع.
القمي أي لا تقل ما ليس لك به علم.
القمي قال لا ترم أحدا بما ليس لك به علم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بهت (35) مؤمنا أو مؤمنة أقيم في طينة (36) خبال أو يخرج مما قال إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية يسئل السمع عما سمع والبصر عما نظر إليه والفؤاد عما عقد عليه.
والكافي وفي الفقيه والقمي والعياشي عنه عليه السلام قال له رجل إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال الصادق عليه السلام لا تفعل فقال والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه باذني فقال له الصادق عليه السلام تالله أنت أما سمعت الله يقول إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فقال الرجل كأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من عربي ولا عجمي لا جرم إني قد تركتها وأنا أستغفر الله الحديث.
وفي العلل عن السجاد عليه السلام ليس لك أن تتكلم بما شئت لأن الله يقول ولا تقف ما ليس لك به علم ولأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو صمت فسلم وليس لك أن تسمع ما شئت لأن الله عز وجل يقول إن السمع والبصر الآية.
وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام ومن نام بعد فراغه من أداء الفرائض والسنن والواجبات من الحقوق فذلك نوم محمود وإني لا أعلم لأهل زماننا هذا إذا أتوا بهذه الخصال أسلم من النوم لأن الخلق تركوا مراعاة دينهم ومراقبة أحوالهم وأخذوا شمال الطريق والعبد إن اجتهد أن لا يتكلم كيف يمكنه أن لا يسمع إلا ما له مانع من ذلك وأن النوم من أحد تلك الآلات قال الله عز وجل إن السمع والبصر وتلا الآية.
(37) ولا تمش في الأرض مرحا ذا مرح وهو الاختيال.
القمي أي بطرا وفرحا إنك لن تخرق الأرض لن تجعل فيها خرق لشدة وطأتك القمي أي لن تبلغها كلها ولن تبلغ الجبال طولا بتطاولك.
القمي أي لا تقدر أن تبلغ قلل الجبال قيل هو تهكم بالمختال وتعليل للنهي بأن الاختيال حماقة مجردة لا يعود بجدوى ليس في التذلل في الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية وفرض على الرجلين أن تثقلهما في طاعته وأن لا تمشي بهما مشية عاص فقال عز وجل ولا تمش في الأرض مرحا.
(38) كل ذلك إشارة إلى الخصال الخمس والعشرين المذكورة من قوله ولا تجعل مع الله إلها آخر وعن ابن عباس إنها المكتوبة في ألواح موسى كان سيئه يعني المنهي عنه وقرئ سيئة عند ربك مكروها مبغوضا.
(39) ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه ورأس الحكمة وملاكها فتلقى في جهنم ملوما تلوم نفسك مدحورا مبعدا عن رحمة الله.
القمي فالمخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمعنى للناس.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث ثم بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وهو بمكة عشر سنين فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أدخله الجنة بإقراره وهو إيمان التصديق ولن يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك إلا من أشرك بالرحمن وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكة وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إلى قوله إنه كان بعباده خبيرا بصيرا أدب وعظة وتعليم ونهي خفيف ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شئ مما نهى عنه وأنذر نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها وقال ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق وتلا الآيات إلى قوله ملوما مدحورا.
(40) أفأصفيكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا.
القمي هو رد على قريش فيما قالوا إن الملائكة هي بنات الله إنكم لتقولون قولا عظيما بإضافة الولد إليه ثم بتفضيل أنفسكم عليه حيث تجعلون له ما تكرهون ثم يجعل الملائكة الذين هم من أشرف خلق الله دونهم.
(41) ولقد صرفنا كررنا الدلائل وفصلنا العبر في هذا القرآن ليذكروا ليتعظوا ويعتبروا وما يزيدهم إلا نفورا عن الحق.
القمي قال إذا اسمعوا القرآن ينفروا عنه ويكذبوه.
(42) قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا لطلبوا إلى مالك الملك سبيلا بالتقرب والطاعة كما يأتي في هذه السورة أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب.
(43) سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
(44) تسبح له وقرء بالتاء السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام تنقض الجدر تسبيحها.
وعنه عليه السلام ما من طير يصاد إلا بتضييعه التسبيح وعن الباقر عليه السلام إنه سئل أتسبح الشجرة اليابسة فقال نعم أما سمعت خشب البيت كيف ينقض وذلك تسبيحه لله فسبحان الله على كل حال.
أقول: وذلك لأن نقصانات الخلايق دلائل كمالات الخالق وكثراتها واختلافاتها شواهد وحدانيته وانتفاء الشريك عنه والضد والند كما قال أمير المؤمنين عليه السلام بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له الحديث فهذا تسبيح فطري واقتضاء ذاتي نشأ عن تجل تجلى لهم فأحبوه وابتعثوا إلى الثناء عليه من غير تكليف وهي العبادة الذاتية التي أقامهم الله فيها بحكم الاستحقاق الذي يستحقه جل جلاله ويأتي زيادة بيان لهذا في سورة النور إن شاء الله إنه كان حليما لا يعاجلكم بالعقوبة على غفلتكم وشرككم غفورا لمن تاب منكم.
(45) وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا عن الحسن من قدرة الله يحجبك عنهم.
(46) وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه أي يمنعهم أن يفقهوه تكنها وتحول دونها عن إدراك الحق وقبوله وفي آذانهم وقرا يمنعهم عن استماعه وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده غير مشفوع به آلهتهم ولوا على أدبارهم نفورا هربا من استماع التوحيد ونفرة.
في الكافي عن الصادق عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته فتولي قريش فرارا فأنزل الله عز وجل في ذلك وإذا ذكرت ربك الآية.
والقمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى تهجد بالقرآن ويستمع له قريش لحسن صوته فكان إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فروا عنه.
والعياشي عنه عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى بالناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف فإذا جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم وقال بعضهم لبعض إنه ليردد اسم ربه ترددا إنه ليحب ربه فأنزل الله وإذا ذكرت ربك الآية.
(47) نحن أعلم بما يستمعون به بسببه من اللغو والاستهزاء بالقرآن إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى متناجون إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا قد سحر به فجن واختلط عليه عقله.
(48) انظر كيف ضربوا لك الأمثال مثلوك بالساحر والشاعر والكاهن والمجنون فضلوا عن الحق فلا يستطيعون سبيلا إليه.
(49) وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا ترابا وغبارا وانتثر لحومنا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا على الإنكار والاستبعاد.
العياشي عن الصادق عليه السلام جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففته (37) ثم قال يا محمد إذا كنا عظاما ورفاتا (38) أئنا لمبعوثون خلقا جديدا فأنزل الله تعالى قل من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم.
(50) قل جوابا لهم كونوا حجارة أو حديدا.
(51) أو خلقا مما يكبر في صدوركم فإنه يقدر على إعادتكم أحياءا.
القمي عن الباقر عليه السلام الخلق الذي يكبر في صدوركم الموت فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فإن من يقدر على الإنشاء كان على الإعادة أقدر فسينغضون (39) إليك رؤسهم فيحركون نحوك رؤوسهم تعجبا واستهزاءا ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا فإن كل من هو آت قريب.
(52) يوم يدعوكم فتستجيبون أي يوم يبعثكم فتبعثون منقادين استعار لهما الدعاء والاستجابة للتنبيه على سرعتهما وتيسر أمرهما بحمده حامدين لله على كمال قدرته.
في الجوامع روي أنهم ينفضون (40) التراب عن رؤوسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك وتظنون إن لبثتم إلا قليلا وتستقصرون مدة لبثكم.
(53) وقل لعبادي يعني المؤمنين يقولوا التي هي أحسن أي يقولوا للمشركين الكلمة التي هي أحسن ولا يخاطبوهم بما يغيظهم ويغضبهم إن الشيطان ينزغ بينهم يهيج بينهم المراء والشر فلعل المخاشنة (41) بهم يفضي إلى العناد وازدياد الفساد إن الشيطان كان للانسان عدوا مبينا ظاهر العداوة.
(54) ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم قيل هي تفسير للتي هي أحسن وما بينهما اعتراض أي يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا يصرحوا بأنهم من أهل النار فإن لك يهيجهم على الشر مع أن ختام أمرهم غيب لا يعلمه إلا الله وما أرسلناك عليهم وكيلا موكولا إليك أمرهم تجبرهم على الأيمان وإنما أرسلناك مبشرا ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالاحتمال منهم.
(55) وربك أعلم بمن في السماوات والأرض وأحوالهم فيختار منهم لنبوته وولايته من يستأهل لهما وهو رد لاستبعاد قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبيا وأن يكون الفقراء أصحابه ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا.
في الكافي عن الصادق عليه السلام سادة النبيين والمرسلين خمسة وهم أولوا العزم من الرسل وعليهم دارت الرحى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى جميع الأنبياء.
وفي العلل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله تعالى فضل أنبياءه المرسلين على الملائكة المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من ولدك وأن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا الحديث.
(56) قل ادعوا الذين زعمتم أنها آلهة من دونه كالملائكة والمسيح وعزير فلا يملكون فلا يستطيعون كشف الضر عنكم كالمرض والفقر والقحط ولا تحويلا ولا تحويل ذلك منكم إلى غيركم.
(57) أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة هؤلاء الآلهة يبتغون إلى الله القربة بالطاعة أيهم أقرب أي يبتغي من هو أقرب منهم إلى الله الوسيلة فكيف بغير الأقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه كسائر العباد فكيف يزعمون أنهم آلهة إن عذاب ربك كان محذورا حقيقا بأن يحذره كل أحد حتى الملائكة والرسل.
(58) وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيمة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب في اللوح المحفوظ مسطورا مكتوبا.
في الفقيه عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال هو الفناء بالموت.
والعياشي عن الباقر عليه السلام إنما أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الأمم فمن مات فقد هلك.
وعن الصادق عليه السلام قال بالقتل والموت وغيره.
(59) وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحتها قريش إلا أن كذب بها الأولون إلا تكذيب الأولين الذين هم أمثالهم كعاد وثمود وأنها لو أرسلت لكذبوا بها كما كذب أولئك واستوجبوا العذاب العاجل المستأصل ومن حكمته سبحانه في هذه الأمة أن لا يعذبهم بعذاب الاستيصال تشريفا لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم كما قال وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم.
القمي عن الباقر عليه السلام إن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم سأله قومه أن يأتيهم بآية فنزل جبرئيل وقال إن الله يقول وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وكنا إذا أرسلنا إلى قرية آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم فلذلك أخرنا عن قومك الآيات وآتينا ثمود الناقة بسؤالهم مبصرة آية بينة فظلموا بها فظلموا أنفسهم بسبب عقرها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا وإنذارا بعذاب الآخرة فإن أمر من بعثت إليهم مؤخر إلى يوم القيامة.
(60) وإذ قلنا لك أوحينا إليك إن ربك أحاط بالناس فهم في قبضة قدرته وقيل يعني بقريش أي أهلكهم من أحاط بهم العدو أي أهلكهم يعني بشرناك بوقعة بدر ونصرتك عليهم وهو قوله سيهزم الجمع ويولون الدبر سيغلبون ويحشرون إلى جهنم فجعله سبحانه كأنه قد كان على عادته في إخباره وما جعلنا الرؤيا التي أريانك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن عطف على الرؤيا ونخوفهم بأنواع التخويف فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا إلا عتوا متجاوزا عن الحد.
العياشي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عن قوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رآى إن رجالا من بني تيم وعدي على المنابر يردون الناس عن الصراط القهقرى قيل والشجرة الملعونة قال هم بنو أمية.
وعن الصادق عليه السلام مثله إلا أنه قال رأى أن رجالا على المنابر يردون الناس ضلالا زريق وزفر.
أقول: وهما كنايتان عن الأولين وتيم وعدي جداهما قال.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد رأى رجالا من نار على منابر من نار يردون الناس على أعقابهم القهقري قال ولسنا نسمي أحدا وفي أخرى إنا لا نسمي الرجال بأسمائهم ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله رآى قوما على منبره يضلون الناس بعده عن الصراط القهقري وفي رواية أخرى قال رأيت الليلة صبيان بني أمية يرقون على منبري هذا فقلت يا رب معي فقال لا ولكن بعدك وفي الكافي عن أحدهما عليهما السلام أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوما كئيبا حزينا فقال له علي عليه السلام ما لي أراك يا رسول الله كئيبا حزينا فقال وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري هذا يردون الناس عن الإسلام القهقري فقلت يا رب في حياتي أو بعد موتي فقال بعد موتك.
أقول: معنى هذا الخبر مستفيض بين الخاصة والعامة إلا أن العامة رووا تارة أنه رآى قوما من بني أمية يرقون منبره وينزون عليه نزو القردة فقال هو حظهم من الدنيا يعطونه بإسلامهم وأخرى أن قرودا تصعد منبره وتنزل فساءه ذلك واغتم به.
والقمي قال نزلت لما رأى النبي صلى الله عليه وآله في نومه كأن قرودا تصعد منبره فساءه ذلك وغمه غما شديدا فأنزل الله وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة لهم ليعمهوا (42) فيها والشجرة الملعونة كذا نزلت وهم بنو أمية والعياشي عن الباقر عليه السلام وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة لهم ليعمهوا فيها والشجرة الملعونة في القرآن يعني بني أمية ومضمرا أنه سئل عن هذه الآية فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله نام فرأى إن بني أمية يصعدون منبره يصدون الناس كلما صعد منهم رجل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله الذلة والمسكنة فاستيقظ جزوعا من ذلك فكان الذين رآهم اثنى عشر رجلا من بني أمية فأتاه جبرئيل بهذه الآية ثم قال جبرئيل إن بني أمية لا يملكون شيئا إلا ملك أهل البيت ضعفيه.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال إن معاوية وابنه سيليانها بعد عثمان ثم يليها سبعة من ولد الحكم بن أبي العاص واحد بعد واحد تكملة اثنى عشر إمام ضلالة وهم الذين رأى رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره يردون الأمة على أدبارهم القهقر عشرة منهم من بني أمية ورجلان أسسا ذلك لهم وعليهما أوزار هذه الأمة إلى يوم القيامة وفي مقدمة الصحيفة السجادية عن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذته نعسة (43) وهو على منبره فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة يردون الناس على أعقابهم القهقري فاستوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا والحزن يعرف في وجهه فأتاه جبرئيل بهذه الآية وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الآية يعني بني أمية قال يا جبرئيل أعلى عهدي يكونون وفي زمني قال لا ولكن تدور رحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا ثم تدور رحى الإسلام على رأس خمس وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا ثم لابد من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها ثم ملك الفراعنة قال وأنزل الله في ذلك إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر × ليلة القدر خير من ألف شهر تملكها بنو أمية ليس فيها ليلة القدر قال فاطلع الله نبيه أن بني أمية تملك سلطان هذه الأمة وملكها طول هذه المدة فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها حتى يأذن الله بزوال ملكهم وهم في ذلك مستشعرون عداوتنا أهل البيت وبغضنا أخبر الله نبيه بما يلقى أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وأهل مودتهم وشيعتهم منهم في أيامهم وملكهم.
أقول: وإنما اري صلى الله عليه وآله رد الناس عن الإسلام القهقرى لأن الناس كانوا يظهرون الإسلام وكانوا يصلون إلى القبلة ومع هذا كانوا يخرجون من الإسلام شيئا فشيئا كالذي يرتد عن الصراط السوي القهقرى ويكون وجهه إلى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رآى نفسه في الجحيم.
وفي الاحتجاج عن الحسن بن علي عليهما السلام في حديث أنه قال لمروان بن الحكم أما أنت يا مروان فلست أنا سببتك (44) ولا سببت أباك ولكن الله عز وجل لعنك ولعن أباك وأهل بيتك وذريتك وما خرج من صلب أبيك إلى يوم القيامة على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم والله يا مروان ما تنكر أنت ولا أحد ممن حضر هذه اللعنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لك ولأبيك من قبلك وما زادك الله يا مروان بما خوفك إلا طغيانا كبيرا وصدق الله وصدق رسوله بقول الله تعالى والشجرة الملعونة في القرآن وخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا وأنت يا مروان وذريتك الشجرة الملعونة في القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث وجعل أهل الكتاب القائمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت وجعل أعدائها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه.
أقول: وفي قوله سبحانه فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا لطافة لا تخفي.
(61) وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد (45) لمن خلقت طينا قد سبق تفسيره.
(62) قال أرأيتك هذا الذي كرمت على يعني أخبرني هذا الذي كرمته علي أي فضلته واخترته علي لم اخترته علي وأنا خير منه فحذف للاختصار لئن أخرتن إلى يوم القيامة كلام مبتدأ واللام للقسم لاحتنكن (46) ذريته إلا قليلا أي لأستأصلنهم بالإغواء ولأستولين عليهم إلا قليلا لا أقدر أن أقاوم سكينتهم.
(63) قال اذهب إمض لما قصدته وهو طرد وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه وقد سبق في هذا المعنى حديث في سورة الأعراف فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب على الغائب جزاء موفورا مكملا.
(64) واستفزز واستخف من استطعت منهم أن تستفزه والفز الخفيف بصوتك بدعائك إلى الفساد وأجلب عليهم وصح عليهم من الجلبة وهي الصياح بخيلك ورجلك بفرسانك وراجليك فأجسرهم عليهم تمثيل لتسلطه على من يغويه بمن صوت على قوم فاستفزهم من أماكنهم وأجلب عليهم بجنده حتى استأصلهم وشاركهم في الأموال بحملها على كسبها وجمعها من الحرام وانفاقها فيما لا ينبغي والأولاد.
في الكافي والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذي (47) قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل له فإن فتشته لم تجده إلا لغية (48) أو شرك شيطان قيل يا رسول الله وفي الناس شرك شيطان فقال أما تقرء قول الله عز وجل وفي الأموال والأولاد.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قرء هذه الآية ثم قال إن الشيطان ليجئ حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها ويحدث كما يحدث وينكح كما ينكح قيل بأي شئ يعرف ذلك قال بحبنا وبغضنا فمن أحبنا كان نطفة العبد ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان.
وعنه عليه السلام إن ذكر اسم الله تعالى تنحى الشيطان وإن فعل ولم يسم أدخل ذكره وكان العمل منهما جميعا والنطفة واحدة.
وعنه عليه السلام إنه سئل عن النطفتين اللتين للادمي والشيطان إذا اشتركا فقال ربما خلق من أحدهما وربما خلق منهما جميعا.
والقمي قال ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان فإذا اشترى به الإماء ونكحهن وولد له فهو شرك الشيطان كل ما تلد منه ويكون مع الرجل إذا جامع ويكون الولد من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراما.
والعياشي عن الباقر عليه السلام مثله.
وعنه عليه السلام إذا زنى الرجل أدخل الشيطان ذكره ثم عملا جميعا ثم يختلط النطفتان فيخلق الله منهما فيكون شرك الشيطان والأخبار في هذا المعنى كثيرة وعدهم (49) المواعيد الكاذبة كشفاعة الآلهة وتأخير التوبة لطول الأمل وما يعدهم الشيطان إلا غرورا اعتراض والغرور تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب.
(65) إن عبادي يعني المخلصين بقرينة الإضافة إلى نفسه ولقوله إلا عبادك منهم المخلصين ليس لك عليهم سلطان أي لا تقدر أن تغويهم لأنهم لا يغترون بك وكفي بربك وكيلا لهم يتوكلون عليه في الاستعاذة منك فيحفظهم من شرك.
العياشي مضمرا في هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام ونحن نرجو أن تجري لمن أحب الله من عباده.
في نهج البلاغة فاحذروا عدو الله أن يغويكم بداءه وأن يستفزكم بخيله ورجله قال فلعمر الله لقد فخر على أصلكم ووقع في حسبكم ودفع في نسبكم وأجلب بخيله عليكم وقصد برجله سبيلكم يقتنصونكم (50) بكل مكان ويضربون منكم كل بنان لا تمتنعون بحيلة ولا تدفعون بعزيمة في حومة ذل وحلقة ضيق وعرصة موت وجولة بلاء.
(66) ربكم الذي يزجى هو الذي يجري لكم الفلك في البحر (51) لتبتغوا من فضله الريح وأنواع الأمتعة التي لا تكون عندكم إنه كان بكم رحيما حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه وسهل لكم ما تعسر من أسبابه.
(67) وإذا مسكم الضر في البحر خوف الغرق ضل من تدعون ذهب عن خواطركم كل من تدعونه في حوادثكم إلا إياه وحده فلا ترجون هناك النجاة إلا من عنده وقد سبق في هذا المعنى حديث في سورة الفاتحة فلما نجيكم من الغرق إلى البر أعرضتم عن التوحيد واتسعتم في كفران النعمة وكان الانسان كفورا كالتعليل للأعراض.
(68) أفأمنتم أنجوتم من الغرق فأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أن يقلبه الله وأنتم عليه فإن من قدر أن يهلككم في البحر بالغرق قدر أن يهلككم في البر بالخسف وغيره وقرئ بالنون فيه وفي الأربعة التي بعده وفي ذكر الجانب تنبيه على أنهم كما وصلوا إلى الساحل كفروا وأعرضوا أو يرسل عليكم حاصبا ريح تحصب أي ترمي بالحصاة ثم لا تجدوا لكم وكيلا يحفظكم من ذلك فإنه لا راد لفعله.
(69) أم أمنتم أن يعيدكم فيه في البحر تارة أخرى بتقوية دواعيكم إلى أن ترجعوا فتركبوا البحر فيرسل عليكم قاصفا من الريح التي لا تمر بشئ إلا قصفته أي كسرته.
القمي عن الباقر عليه السلام هي العاصف فيغرقكم بما كفرتم بسبب إشراككم أو كفرانكم نعمة الإنجاء ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا مطالبا يتبعنا بانتصار أو صرف.
(70) ولقد كرمنا بني آدم بالعقل والمنطق والصورة الحسنة والقامة المعتدلة وتدبير أمر المعاش والمعاد والتسلط على ما في الأرض وتسخير سائر الحيوانات والتمكن إلى الصناعات إلى غير ذلك مما لا يحصى وحملنهم في البر والبحر على الدواب والسفن ورزقناهم من الطيبات المستلذات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا في الأمالي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية يقول فضلنا بني آدم على سائر الخلق وحملنهم في البر والبحر يقول على الرطب واليابس ورزقناهم من الطيبات يقول من طيبات الثمار كلها وفضلناهم يقول ما من دابة ولا طائر إلا وهي تأكل وتشرب بفيها لا ترفع بيدها إلى فيها طعاما ولا شرابا إلا ابن آدم فإنه يرفع إلى فيه بيده طعامه فهذا من التفضيل.
والعياشي عن الباقر عليه السلام وفضلناهم على كثير قال خلق كل شئ منكبا غير الإنسان خلق منتصبا.
والقمي عنه عليه السلام إن الله لا يكرم روح كافر ولكن الله يكرم أرواح المؤمنين وإنما كرامة النفس والدم بالروح والرزق الطيب هو العلم وعن أمير المؤمنين عليه السلام في صورة الآدميين إنها أكرم صورة على الله.
(71) يوم ندعوا كل أناس بإمامهم بمن ائتموا به من نبي أو وصي أو شقي.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال بإمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه.
والقمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال يجئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قومه وعلي عليه السلام في قومه والحسن عليه السلام في قومه والحسين عليه السلام في قومه وكل من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه.
والعياشي ما يقرب من معناه.
وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام لما نزلت هذه الآية قال المسلمون يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين فقال أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ.
وفي المجالس عن الحسين عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها هؤلاء في الجنة وهؤلاء إلى النار وهو قوله تعالى فريق في الجنة وفريق في السعير.
والعياشي عن الصادق عليه السلام سيدعى كل أناس بإمامهم أصحاب الشمس بالشمس وأصحاب القمر بالقمر وأصحاب النار بالنار وأصحاب الحجارة بالحجارة.
وفي المحاسن عنه عليه السلام أنتم والله على دين الله ثم تلا هذه الآية ثم قال علي عليه السلام إمامنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إمامنا وكم من إمام يجئ يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه.
وفي المجمع عنه عليه السلام ألا تحمدون الله إذا كان يوم القيامة فدعى كل قوم إلى من يتولونه وفزعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفزعتم إلينا فإلى أين ترون أين تذهب بكم إلى الجنة ورب الكعبة قالها ثلاثا فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم مبتهجين بما يرون فيه ولا يظلمون فتيلا ولا ينقصون من أجورهم أدنى شئ والفتيل المفتول الذي في شق النواة.
(72) ومن كان في هذه أعمى أعمى القلب لا يبصر رشده ولا يهتدي إلى طريق النجاة فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا لا يهتدي إلى طريق الجنة.
في التوحيد عن الباقر عليه السلام في هذه الآية من لم يدله خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ودوران الفلك والشمس والقمر والآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمر أعظم منه فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام إياك وقول الجهال من أهل العمى والضلال الذين يزعمون أن الله جل وتقدس موجود في الآخرة للحساب والثواب والعقاب وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ولو كان في الوجود لله عز وجل نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبدا ولكن القوم تاهوا وعموا وصموا عن الحق من حيث لا يعلمون وذلك قوله عز وجل من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا يعني أعمى عن الحقائق الموجودة.
وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام أشد العمى من عمي من فضلنا وناصبنا العداوة بلا ذنب سبق إليه منا إلا أن دعوناه إلى الحق ودعاه من سوانا إلى الفتنة والدنيا فأتاهما ونصب البراءة منا والعداوة.
وفي الكافي والعياشي والقمي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال ذلك الذي يسوف نفسه الحج يعني حجة الإسلام حتى يأتيه الموت.
(73) وإن كادوا ليفتنونك قاربوا بمبالغتهم أن يوقعوك في الفتنة بالاستنزال عن الذي أوحينا إليك أي عن حكمه لتفتري علينا غيره غير ما أوحينا إليك.
القمي قال يعني في أمير المؤمنين عليه السلام.
والعياشي ما في معناه في الآية الآتية وإذا لاتخذوك خليلا ولو اتبعت مرادهم لأظهروا خلتك.
القمي يعني لاتخذوك صديقا لو أقمت غيره.
(74) ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا لقاربت أن تميل إلى اتباع مرادهم.
العياشي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال لما كان يوم الفتح أخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصناما من المسجد وكان منها صنم على المروة وطلبت إليه قريش أن يتركه وكان مسخا فهم بتركه ثم أمر بكسره فنزلت.
وفي المجمع قيل لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا.
(75) إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات قيل أي عذاب النار وعذاب الآخرة ضعف ما يعذب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لأن خطأ الخطير أخطر وكان أصل الكلام عذابا ضعفا في الحياة وعذابا ضعفا في الممات يعني مضاعفا فأقيمت الصفة مقام الموصوف وأضيفت كما يضاف موصوفها ثم لا تجد لك علينا نصيرا يدفع عنك.
في العيون عن الرضا عليه السلام في حديث المأمون في عصمة الأنبياء حيث سأله عن قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم قال هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة خاطب الله تعالى بذلك نبيه والمراد به أمته وكذلك قوله عز وجل لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين وقوله تعالى لولا أن ثبتنك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام ما عاتب الله نبيه فهو يعني به من قد مضى في القرآن مثل قوله ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا عنى بذلك غيره.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الزنديق الذي سأله عن أشياء من القرآن وكان في جملة ما سأل عنه عليه السلام هذه الآية وأما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإزراء به والتأنيب له مع ما أظهره الله تعالى من تفضيله إياه على سائر أنبيائه فإن الله جعل لكل نبي عدوا من المشركين ثم ذكر عليه السلام مساعي أعدائه في تغيير ملته وتحريف كتابه الذي جاء به وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل وكفر ذوي الكفر منه وتركهم منه ما قدروا أنه لهم وهو عليهم وزيادتهم فيه ما ظهر به تناكره وتنافره ثم قال والذي بدا في الكتاب من الإزراء على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من فرية الملحدين وقد مضى هذا الحديث على وجهه وبيان الحديث السابق عليه المروي من الكافي والعياشي في المقدمة السادسة من هذا الكتاب مع ما هو التحقيق في هذا الباب.
(76) وإن كادوا ليستفزونك ليزعجونك بمعاداتهم من الأرض.
القمي يعني أهل مكة ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا يعني لو خرجت لا يبقون بعد خروجك إلا زمانا قليلا.
القمي يعني حتى قتلوا ببدر قيل وكان ذلك بعد الهجرة بسنة وقرئ خلفك.
(77) سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا أي سن الله ذلك سنة وهو أن يهلك كل أمة أخرجوا رسولهم من بين أظهرهم ولا تجد لسنتنا تحويلا تغييرا.
(78) أقم الصلاة لدلوك الشمس لزوالها إلى غسق الليل إلى ظلمته وهي انتصافه وقرآن الفجر صلاته إن قرآن الفجر كان مشهودا بملائكتي الليل والنهار.
وفي الكافي والفقيه والتهذيب والعياشي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عما فرض الله من الصلاة فقال خمس صلوات في الليل والنهار فقيل هل سماهن وبينهن في كتابه فقال نعم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ودلوكها زوالها ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن الله وبينهن ووقتهن وغسق الليل انتصافه ثم قال وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا فهذه الخامسة.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر فقال مع طلوع الفجر إن الله يقول وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا يعني صلاة الفجر يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار فإذا صلى العبد الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين أثبتها له ملائكة الليل وملائكة النهار.
والعياشي عنهما عليهما السلام في هذه الآية قال جمعت الصلاة كلهن ودلوك الشمس زوالها وغسق الليل انتصافه.
وقال إنه ينادي مناد من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل من رقد عن صلاة العشاء إلى هذه الساعة فلا نامت عيناه وقرآن الفجر قال صلاة الصبح وأما قوله كان مشهودا قال تحضره ملائكة الليل والنهار وفي معنى هذه الأخبار أخبار كثيرة.
(79) ومن الليل فتهجد به وبعض الليل فاترك الهجود للصلاة بالقرآن نافلة لك فريضة زائدة لك على الصلوات المفروضة.
في التهذيب عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن النوافل فقال فريضة ففزع السامعون فقال عليه السلام إنما أعني صلاة الليل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله يقول ومن الليل فتهجد به نافلة لك في الخصال فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا يا علي ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا لقاء الأخوان والإفطار من الصيام والتهجد في آخر الليل.
وفي العلل عن الصادق عليه السلام عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم ودأب الصالحين قبلكم ومطردة الداء عن أجسادكم.
وعن السجاد عليه السلام إنه سئل ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها قال لأنهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره والأخبار في فضل صلاة الليل لا تحصى تطلب من مواضعها عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا.
في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث يذكر فيه أهل المحشر ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو المقام المحمود فيثني على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين فيحمده أهل السماوات وأهل الأرض فذلك قوله عز وجل عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا فطوبى لمن كان له في ذلك اليوم حظ ونصيب وويل لمن لم يكن له في ذلك اليوم حظ ولا نصيب.
والعياشي عن أحدهما عليهما السلام في قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال هي الشفاعة.
وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو المقام الذي أشفع لامتي قال وقال صلى الله عليه وآله وسلم إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم والله لا تشفعت فيمن آذى ذريتي.
والقمي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو قد قمت المقام المحمود تشفعت في أبي وأمي وعمي وأخ لي كان في الجاهلية.
وعنه عليه السلام إنه سئل عن شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة فقال أملج الناس يوم القيامة العرق فيقولون إنطلقوا بنا إلى آدم يشفع لنا فيأتون آدم فيقولون له إشفع لنا عند ربك فيقول إن لي ذنب وخطيئة فعليكم بنوح فيأتون نوحا فيردهم إلى من يليه ويردهم كل نبي إلى من يليه حتى ينتهوا إلى عيسى عليه السلام فيقول عليكم بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله فيعرضون أنفسهم عليه ويسألونه فيقول إنطلقوا فينطلق بهم إلى باب الجنة ويستقبل باب الرحمن ويخر ساجدا فيمكث ما شاء الله فيقول ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعط وذلك قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا.
والعياشي عنه وعن الكاظم عليهما السلام ما يقرب منه وعن الصادق عليه السلام حديثا في ذلك فيه بسط وتفصيل لهذا المعنى يطلب منه.
(80) وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا حجة تنصرني.
القمي نزلت يوم فتح مكة لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخولها أنزل الله قل يا محمد أدخلني مدخل صدق الآية وقيل أي أدخلني في جميع ما أرسلتني به إدخالا مرضيا وأخرجني إخراجا مرضيا يحمد عاقبته.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا قال نعم قيل ما هو قال يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه ومنه قوله تعالى سبحان الذي سخر لنا هذا الآية وقوله رب أنزلني منزلا مباركا الآية وقوله رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق الآية.
وفي المحاسن عنه عليه السلام إذا دخلت مدخلا تخافه فاقرأ هذه الآية رب أدخلني مدخل صدق الآية وإذا عاينت الذي تخافه فاقرأ آية الكرسي.
(81) وقل جاء الحق وزهق الباطل جاء الإسلام وذهب الشرك إن الباطل كان زهوقا مضمحلا.
في الأمالي عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة والأصنام حول الكعبة وكانت ثلاثمائة وستين صنما فجعل يطعنها بمخصرة في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وما يبدئ الباطل وما يعيد فجعلت تنكب لوجهها.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل.
وفي الخرائج عن حكيمة لما ولد القائم كان نظيفا مفروغا منه وعلى ذراعه الأيمن مكتوب جاء الحق الآية.
(82) وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين في معانيه شفاء الأرواح وفي ألفاظه شفاء الأبدان ولا يزيد الظالمين إلا خسارا لتكذيبهم وكفرهم به (52).
العياشي عن الصادق عليه السلام في حديث مر صدره في سورة النحل إنما الشفاء في علم القرآن لقوله وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة لأهله لا شك فيه ولا مرية وأهله أئمة الهدى الذين قال الله ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا.
وعن الباقر عليه السلام نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا يزيد الظالمين آل محمد حقهم إلا خسارا في طب الأئمة عن الصادق عليه السلام ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاية قط وقال بإخلاص نية ومسح موضع العلة وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا إلا عوفي من تلك العلة أية علة كانت ومصداق ذلك في الآية حيث يقول شفاء ورحمة للمؤمنين.
وعنه عليه السلام لا بأس بالرقية (53) والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل شئ أبلغ من هذه الأشياء من القرآن أليس الله يقول وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين.
(83) وإذا أنعمنا على الانسان بالصحة والسعة أعرض عن ذكر الله ونأى بجانبه لوى عطفه وبعد بنفسه عنه كأنه مستغن مستبد بأمره 481 وإذا مسه الشر من مرض أو فقر كان يؤسا شديد اليأس من روح الله.
(84) قل كل يعمل على شاكلته على ما تشاكل حاله في الهدى والضلالة فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا.
في الكافي عن الصادق عليه السلام النية أفضل من العمل ألا وإن النعمة هي العمل ثم تلا قل كل يعمل على شاكلته يعني على نيته.
وفيه والعياشي عنه عليه السلام إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قل كل يعمل على شاكلته.
وفي الفقيه والتهذيب والعياشي عنه عليه السلام إنه سئل عن الصلاة في البيع والكنايس فقال صل فيها قلت أصلي فيها وإن كانوا يصلون فيها قال نعم أما تقرأ القرآن قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا صل إلى القبلة ودعهم.
(85) ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى.
في الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مع الأئمة عليهم السلام وهو من الملكوت.
والعياشي عنه عليه السلام أنه سئل عنها فقال خلق عظيم أعظم من جبرئيل وميكائيل لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد صلى الله عليه وآله ومع الأئمة يسددهم وليس كلما طلب وجد وعنهما عليهما السلام في هذه الآية إنما الروح خلق من خلقه له نصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب المؤمنين والرسل وعن أحدهما عليهما السلام في هذه الآية سئل ما الروح قال التي في الدواب والناس قيل وما هي قال هي من الملكوت من القدرة.
أقول: قد سبق تمام الكلام في معنى الروح في سورة الحجر فلا نعيده وما ذكر في الأخبار أخبار عما يتميز به عن غيره وما أبهم في الآية حقيقته فلا منافاة وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
القمي إن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الروح فقال الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قالوا نحن خاصة قال بل الناس عامة قالوا فكيف يجتمع هذان يا محمد تزعم إنك لم تؤت من العلم إلا قليلا وقد أوتيت القرآن وأوتينا التوراة وقد قرأت ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا فأنزل الله ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمت الله يقول علم الله أكثر من ذلك وما أوتيتم كثير فيكم قليل عند الله.
والعياشي عن الباقر عليه السلام في قول الله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قال تفسيرها في الباطن أنه لم يؤت العلم إلا أناس يسير فقال وما أوتيتم من العلم إلا قليلا منكم.
وفي التوحيد عن الصادق عليه السلام في حديث قال ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به فلذلك قال وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فليس له شبه ولا مثل ولا عدل.
(86) ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ذهبنا بالقرآن ومحوناه عن المصاحف والصدور ثم لا تجد لك به علينا وكيلا (54) من يتوكل علينا باسترداده وإعادته محفوظا مستورا.
(87) إلا رحمة من ربك إلا أن يرحمك ربك فيرده عليك إن فضله كان عليك كبيرا (55).
(88) قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في البلاغة وحسن النظم وجزالة (56) المعنى لا يأتون بمثله وفيهم العرباء وأرباب البيان وأهل التحقيق ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ولو تظاهروا على الإتيان به.
في العيون عن أمير المؤمنين عليه السلام إن الله تعالى نزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب ثم قال قل لئن اجتمعت الآية.
وفي الخرايج في اعلام الصادق عليه السلام إن ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدهرية اتفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن وكانوا بمكة وعاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم عليه السلام قال أحدهم إني لما رأيت قوله يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء كففت عن المعارضة وقال الآخر وكذا أنا لما وجدت قوله فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا أيست عن المعارضة وكانوا يسترون ذلك إذ مر عليهم الصادق عليه السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم قل لئن اجتمعت الإنس والجن الآية فبهتوا.
(89) ولقد صرفنا كررنا بوجوه مختلفة زيادة في التقرير والبيان للناس في هذا القرآن من كل مثل يعني من كل معنى كالمثل في غرابته ووقوعه موقعا في الأنفس فأبى أكثر الناس إلا كفورا إلا جحودا.
في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا فأبى أكثر الناس بولاية علي عليه السلام إلا كفورا.
(90) وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا عينا قالوه عنادا ولجاجا وتعنتا واقتراحا بعد ما لزمتهم الحجة ببيان إعجاز القرآن وانضمام غيره من المعجزات إليه.
(91) أو تكون لك جنة بستان من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا.
(92) أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا قطعا يعنون قوله تعالى وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم وقرئ بفتح السين أو تأتى بالله والملائكة قبيلا كثيرا أو مقابلا أي وهم مقابلون لنا نشاهدهم ونعاينهم.
(93) أو يكون لك بيت من زخرف من ذهب وأصله الزينة أو ترقى في السماء في معارجها ولن نؤمن لرقيك لصعودك وحدك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه فيه تصديقك قل سبحان ربى تنزيها لله من أن يتحكم عليه أحد ويأتي بما يقترحه الجهال وقرء قال أي الرسول هل كنت إلا بشرا رسولا كسائر الرسل وقد كانوا لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله عليهم من الآيات على ما يلائم حال قومهم وليس أمر الآيات إلي إنما هو إلى الله وهو العالم بالمصالح فلا وجه لطلبكم إياها مني.
القمي عن الباقر عليه السلام ينبوعا أي عينا لك جنة أي بستان تفجيرا أي من تلك العيون كسفا وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إنه سيسقط من السماء كسفا لقوله وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم قال والقبيل الكثير والزخرف الذهب كتابا يقرؤه يقول من الله إلى عبد الله بن أبي أمية إن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم صادق وإني أنا بعثته ويجيئ معه أربعة من الملائكة يشهدون أن الله هو كتبه فأنزل الله قل سبحان ربى الآية.
وفي الاحتجاج وتفسير الإمام عليه السلام في سورة البقرة عند قوله سبحانه أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل عن أبيه عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء (10) الكعبة إذا اجتمع جماعة من رؤساء قريش منهم الوليد بن المغيرة المخزومي وأبو البختري بن هشام وأبو جهل بن هشام والعاص بن وائل السهمي وعبد الله بن أبي أمية المخزومي وكان معهم جمع ممن يليهم كثير ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نفر من أصحابه يقرأ عليهم كتاب الله ويؤدى إليهم عن الله أمره ونهيه فقال المشركون بعضهم لبعض لقد استفحل (57) أمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعظم خطبه (58) فتعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته (59) وتوبيخه والاحتجاج عليه وإبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ويصغر قدره عندهم ولعله ينزع (60) عما هو فيه من غيه (61) وباطله وتمرده (62) وطغيانه (63) فإن إنتهى وإلا عاملناه بالسيف الباتر قال أبو جهل فمن الذي يلي كلامه ومجادلته قال عبد الله بن أبي أمية المخزومي أنا إلى ذلك أفما ترضاني له قرنا (64) حسيبا (65) ومجادلا كفيا قال أبو جهل بلى فأتوه بأجمعهم فابتدأ عبد الله بن أبي أمية فقال يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هايلا زعمت أنك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسولا له بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشي في الأسواق كما نمشي فهذا ملك الروم وهذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير مال عظيم خطر له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث الينا ملكا لا بشرا مثلنا ما أنت يا محمد إلا رجلا مسحورا ولست بنبي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل بقي من كلامك شئ فقال بلى لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من بيننا مالا وأحسنه حالا فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم إما الوليد بن المغيرة بمكة وإما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل بقي من كلامك شئ فقال بلى لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة هذه فإنها ذات حجارة وعرة (66) وجبال تكشح (67) أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون فإننا إلى ذلك محتاجون أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتأكل منها وتطعمنا فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا فإنك قلت لنا وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم فلعلنا نقول ذلك ثم قال أو تأتى بالله والملائكة قبيلا تأتي به وبهم وهم لنا مقابلون أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه وتغنينا به فلعلنا نطغى فإنك قلت لنا كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى ثم قال أو ترقى في السماء أي تصعد في السماء ولن نؤمن لرقيك لصعودك حتى تنزل علينا كتبا نقرؤه من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن أبي أمية المخزومي ومن معه بأن آمنوا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فإنه رسولي وصدقوه في مقاله فإنه من عندي ثم لا أدري يا محمد إذا فعلت هذا كله أؤمن بك أو لا أؤمن بك بل لو رفعتنا إلى السماء وفتحت أبوابها وأدخلتناها لقلنا إنما سكرت أبصارنا وسحرتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أبقي شئ من كلامك يا عبد الله قال أوليس فيما أوردته عليك كفاية وبلاغ ما بقي شئ وقل ما بدا لك وأفصح عن نفسك إن كانت لك حجة وآتنا بما سألناك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اللهم أنت السامع لكل صوت والعالم بكل شئ تعلم ما قاله عبادك فأنزل الله عليه ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق إلى قوله قصورا وأنزل عليه يا محمد فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك الآية وأنزل عليه يا محمد وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الامر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما ما ذكرت من إني آكل الطعام كما تأكلون وساق الحديث كما يأتي في سورة الفرقان إن شاء الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأما قولك هذا ملك الروم وهذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير المال عظيم الحال له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده فإن الله له التدبير والحكم لا يفعل على ظنك ولا حسبانك ولا باقتراحك بل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو محمود يا عبد الله إنما بعث الله نبيه ليعلم الناس دينهم ويدعوهم إلى ربهم ويكد نفسه في ذلك إناء الليل ونهاره فلو كان صاحب قصور يحتجب فيها وعبيد وخدم يسترونه على الناس أليس كانت الرسالة تضيع والأمور تتباطأ أو ما ترى الملوك إذا احتجبوا كيف يجري القبايح والفساد من حيث لا يعلمون به ولا يشعرون يا عبد الله إنما بعثني الله ولا مال لي ليعرفكم قدرته وقوته وأنه هو الناصر لرسوله لا تقدرون على قتله ولا منعه من رسالته وهذا أبين في قدرته وفي عجزكم وسوف يظفرني الله بكم فأوسعكم قتلا وأسرا ثم يظفرني الله ببلادكم ويستولي عليها المؤمنون من دونكم ودون من يوافقكم على دينكم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأما قولك لي ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده وساق الحديث كما مضى في سورة الأنعام ثم ساق الحديث بما يأتي في سورة الفرقان والزخرف ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأما قولك لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا إلى آخر ما قلته فإنك اقترحت على محمد رسول الله رب العالمين أشياء منها لو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته ورسول الله يرتفع عن أن يغتنم جهل الجاهلين ويحتج عليهم بمالا حجة فيه ومنها لو جاءك به لكان معه هلاكك وإنما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الأيمان بما لا يهلكون بها وإنما اقترحت هلاكك ورب العالمين أرحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم بما يقترحون ومنها المحال الذي لا يصح ولا يجوز كونه ورسول رب العالمين يعرفك ذلك ويقطع معاذيرك ويضيق عليك سبيل مخالفته ويلجئك بحجج الله إلى تصديقه حتى لا يكون لك عنه محيد ولا محيص ومنها ما قد اعترفت على نفسك إنك فيه معاند متمرد لا تقبل حجة ولا تصغي إلى برهان ومن كان كذلك فدواؤه عذاب النار النازل من سمائه أو في جحيمه أو بسيوف أوليائه.
وأما قولك يا عبد الله لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة هذه فإنها ذات أحجار وصخور وجبال تكشح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون فإننا إلى ذلك محتاجون فإنك سألت هذا وأنت جاهل بدلايل الله يا عبد الله أرأيت لو فعلت هذا كنت من أجل هذا نبيا أرأيت الطائف التي لك فيها بساتين أما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتها وذللتها وكشحتها فأجريت فيها عيونا استنبطتها قال بلى قال وهل لك فيها نظراء قال بلى قال أفصرت بذلك أنت وهم أنبياء قال لا قال فكذلك لا يصير هذا حجة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم لو فعله على نبوته فما هو إلا كقولك لن نؤمن لك حتى تقوم وتمشي على الأرض أو حتى تأكل الطعام كما يأكل الناس وأما قولك يا عبد الله أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتأكل منها وتطعمنا فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أوليس لك ولأصحابك جنان من نخيل وعنب بالطائف تأكلون وتطعمون منها وتفجرون الأنهار خلالها تفجيرا أفصرتم أنبياء بهذا قال لا قال فما بال اقتراحكم على رسول الله أشياء لو كانت كما تقترحون لما دلت على صدقه بل لو تعاطاها لدل تعاطيه إياها على كذبه لأنه حينئذ يحتج بما لا حجة فيه ويختدع الضعفاء عن عقولهم وأديانهم ورسول رب العالمين يجل ويرتفع عن هذا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا عبد الله وأما قولك أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا فإنك قلت وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم فإن في سقوط السماء عليكم هلاككم وموتكم وإنما تريد بهذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يهلكك ورسول رب العالمين أرحم بك من ذلك ولا يهلكك ولكنه يقيم عليك حجج الله وليس حجج الله لنبيه وحده على حسب اقتراح عباده لأن العباد جهال بما يجوز من الصلاح وبما لا يجوز منه وبالفساد وقد يختلف اقتراحهم ويتضاد حتى يستحيل وقوعها لو كان إلى اقتراحاتهم لجاز أن تقترح أنت أن تسقط السماء عليكم ويقترح غيرك أن لا يسقط عليكم السماء بل أن يرفع الأرض إلى السماء ويقع عليها وكان ذلك يتضاد ويتنافى ويستحيل وقوعه والله لا يجري تدبيره على ما يلزمه المحال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهل رأيت يا عبد الله طبيبا كان دواؤه للمرضى على حسب اقتراحاتهم وإنما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه أحبه العليل أو كرهه فأنتم المرضى والله طبيبكم فإن أنفذتم لدوائه شفاكم وإن تمردتم عليه أسقمكم وبعد فمتى رأيت يا عبد الله مدعى حق من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكامهم فيما مضى بينة على دعواه على حسب اقتراح المدعي عليه إذا ما كان يثبت لأحد على أحد دعوى ولا حق ولا كان بين ظالم ومظلوم ولا صادق ولا كاذب فرق ثم قال يا عبد الله وأما قولك أو تأتي بالله والملائكة قبيلا يقابلوننا ونعانيه فإن هذا من المحال الذي لا خفاء فيه إن ربي عز وجل ليس كالمخلوقين يجئ ويذهب ويتحرك ويقابل شيئا حتى يؤتى به فقد سألتم بهذا المحال وإنما هذا الذي دعوت إليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعلم ولا تغني عنكم شيئا ولا عن أحد يا عبد الله أوليس لك ضياع وجنان خيال بالطائف وعقار بمكة وقوام عليها قال بلى قال أفتشاهد جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك وبين معامليك قال بسفراء قال أرأيت لو قال معاملوك وأكرتك وخدمك لسفرائك لا نصدقكم في هذه السفارة إلا أن تأتونا بعبد الله ابن أبي أمية فنشاهده فتسمع ونسمع خ ل ما تقولون عنه شفاه أكنت تسوغهم هذا أو كان يجوز لهم عندك ذلك قال لا قال فما الذي يجب على سفراءك أليس أن يأتوهم عنك بعلامة صحيحة تدلهم على صدقهم قال بلى قال يا عبد الله أرأيت سفيرك لو أنه لما سمع منهم هذا عاد إليك فقال قم معي فإنهم قد اقترحوا علي مجيئك أليس يكون هذا لك مخالفا وتقول له إنما أنت رسول لا مشير ولا آمر قال بلى قال فكيف صرت تقترح على رسول رب العالمين ما لا يسوغ أكرتك ومعامليك أن يقترحوه على رسولك إليهم فكيف أردت من رسول رب العالمين أن يستذم إلى ربه بأن يأمر عليه وينهى وأنت لا تسوغ مثل ذلك لرسول لك إلى أكرتك وقوامك هذه حجة قاطعة لأبطال جميع ما ذكرته في كل ما اقترحته.
أما قولك يا عبد الله أو يكون لك بيت من زخرف وهو الذهب أما بلغك أن لعزيز مصر بيوتا من زخرف قال بلى قال أفصار بذلك نبيا قال لا قال فكذلك لا يوجب لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم لو كان له نبوة ومحمد لا يغتنم جهلك بحجج الله وأما قولك يا عبد الله أو ترقى في السماء ثم قلت ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه يا عبد الله الصعود إلى السماء أصعب من النزول عنها وإذا اعترفت على نفسك إنك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول ثم قلت حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ومن بعد ذلك لا أدري أؤمن بك أو لا أؤمن بك فأنت يا عبد الله مقر بأنك تعاند بعد حجة الله عليك فلا دواء لك إلا تأديبه على يد أوليائه من البشر أو ملائكته الزبانية وقد أنزل الله تعالى علي كلمة جامعة لبطلان كل ما اقترحته فقال الله تعالى قل يا محمد سبحان ربى هل كنت إلا بشرا رسولا ما أبعد ربي أن يفعل الأشياء على قدر ما يقترحه الجهال بما يجوز وبما لا يجوز وهل كنت إلا بشرا رسولا لا يلزمني إلا إقامة حجة الله التي أعطاني وليس لي أن آمر على ربي ولا أنهى ولا أشير فأكون كالرسول الذي بعثه ملك إلى قوم من مخالفيه فرجع إليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه.
(94) وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا وما منعهم الأيمان بعد ظهور الحق إلا إنكارهم أن يرسل الله بشرا.
(95) قل جوابا لشبهتهم لو كان في الأرض ملائكة يمشون كما يمشي بنو آدم مطمئنين ساكنين فيها لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا لتمكنهم من الاجتماع به والتلقي عنه وأما الأنس فعامتهم عماة عن إدراك الملك والتلقف منه فإن ذلك مشروط بنوع من التناسب والتجانس وليس إلا لمن يصلح للنبوة.
(96) قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم على إني رسول إليكم وإني قد قضيت ما علي من التبليغ إنه كان بعباده خبيرا بصيرا بعلم أحوالهم الباطنة والظاهرة فيجازيهم عليه وفيه تسلية للرسول وتهديد للكفار.
(97) ومن يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه يهدونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم.
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن رجلا قال يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة والعياشي عن أحدهما عليهما السلام على وجوههم قال على جباههم عميا وبكما وصما لا يبصرون ما يقر أعينهم ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم ولا ينطقون بما ينفعهم ويقبل منهم لأنهم في الدنيا لم يستبصروا بالآيات والعبر وتصاموا عن استماع الحق وأبوا أن ينطقوا به مأواهم جهنم كلما خبت انطفت بأن أكلت جلودهم ولحومهم زدناهم سعيرا توقدا بأن نبدل جلودهم ولحومهم فتعود ملتهبة متسعرة بهم كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جزاهم الله بأن لا يزالوا على الإعادة والإفناء وإليه أشار بقوله.
(98) ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا أي فنفنيهم ونعيدهم ليزيد ذلك تحسرهم على التكذيب بالبعث.
القمي والعياشي عن السجاد عليه السلام إن في جهنم واديا يقال له السعير إذا خبت جهنم فتح سعيرها وهو قوله تعالى كلما خبت زدناهم سعيرا أي كلما انطفت.
(99) أو لم يروا أو لم يعلموا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم فإنهم ليسوا أشد خلقا منهن كما قال أأنتم أشد خلقا أم السماء ولا الإعادة أصعب عليه من الإبداء كما قال بل هو أهون عليه وجعل لهم أجلا لا ريب فيه هو الموت القيامة فأبى الظالمون مع وضوح الحق إلا كفورا إلا جحودا.
(100) قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى خزائن أرزاق الله ونعمه على خلقه إذا لأمسكتم خشية الانفاق لبخلتم مخافة النفاد بالإنفاق إذ لا أحد إلا ويختار النفع لنفسه ولو آثر غيره بشئ فإنما يؤثره بعوض يفوقه فلا جواد إلا الله الذي يعطي بغير عوض وكان الانسان قتورا بخيلا لأن بناء أمره على الحاجة والضنة بما يحتاج إليه وملاحظة العوض فيما يبذل.
القمي في هذه الآية قال لو كانت الأمور بيد الناس لما أعطوا الناس شيئا مخافة الفناء وكان الانسان قتورا أي بخيلا.
(101) ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات.
في الخصال عن الصادق عليه السلام هي الجراد والقمل والضفادع والدم والطوفان والبحر والحجر والعصا ويده.
والعياشي عن الباقر عليه السلام والقمي مثله.
وفي قرب الأسناد عن الكاظم عليه السلام وقد سأله نفر من اليهود عنها فقال العصا وإخراجه يده من جيبه بيضاء والجراد والقمل والضفادع والدم ورفع الطور والمن والسلوى آية واحدة وفلق البحر قالوا صدقت.
وفي المجمع أن يهوديا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الآيات فقال هي أن لا تشركوا به شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تمشوا ببرئ إلى سلطان ليقتل ولا تسحروا ولا تأكلوا الربوا ولا تقذفوا المحصنة ولا تولوا للفرار يوم الزحف وعليكم خاصة يا يهود أن لا تعتدوا في السبت فقبل يده وقال أشهد أنك نبي فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم قيل يعني فاسأل يا محمد بني إسرائيل عما جرى بين موسى وفرعون إذ جاءهم أو عن الآيات ليظهر للمشركين صدقك ويتسلى نفسك ويزداد يقينك فهو اعتراض وإذ جاءهم متعلق بآياتنا فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا سحرت فتخبط عقلك.
(102) قال لقد علمت يا فرعون وقرئ بضم التاء ما أنزل هؤلاء يعني الآيات إلا رب السماوات والأرض بصائر بينات تبصرك صدقي ولكنك معاند وإني لأظنك يا فرعون مثبورا مصروفا عن الخير الحق أو هالكا قابل ظنه المكذوب بظنه الصحيح.
في المجمع روي أن عليا عليه السلام قال في علمت والله ما علم عدو الله ولكن موسى عليه السلام هو الذي علم فقال لقد علمت.
أقول: يعني إنه بضم التاء ليس بفتحها.
(103) فأراد أن يستفزهم من الأرض أن يستخف موسى عليه السلام وقومه وينفيهم من الأرض بالاستيصال وفي رواية القمي من أرض مصر فأغرقناه ومن معه جميعا فاستفززناه وقومه بالإغراق.
القمي عن الباقر عليه السلام أراد أن يخرجهم من الأرض وقد علم فرعون وقومه ما أنزل تلك الآيات إلا الله.
أقول: وهذه الرواية دليل فتح التاء.
(104) وقلنا من بعده من بعد فرعون وإغراقه لبنى إسرائيل اسكنوا الأرض التي أراد أن يستفزكم منها فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا مختلطين ثم نحكم بينكم واللفيف الجماعات من قبائل شتى.
القمي عن الباقر عليه السلام لفيفا يقول جميعا وفي رواية أخرى من كل ناحية.
(105) وبالحق أنزلناه وبالحق نزل أي وما أنزلنا القرآن إلا بالحق وما نزل إلا بالحق وما أرسلناك إلا مبشرا للمطيع بالثواب ونذيرا للعاصي بالعقاب.
(106) وقرآنا فرقناه نزلناه منجما.
في المجمع عن علي عليه السلام فرقناه بالتشديد لتقرأه على الناس على مكث على مهل وتؤدة فإنه أيسر للحفظ وأعون في الفهم ونزلناه تنزيلا على حسب الحوادث.
(107) قل آمنوا به أو لا تؤمنوا فإن إيمانكم بالقرآن لا يزيد كمالا وامتناعكم عنه لا يورثه نقصانا إن الذين أوتوا العلم من قبله أي العلماء الذين قرؤا الكتب السابقة وعرفوا حقيقة الوحي وإمارات النبوة وتمكنوا من التمييز بين المحق والمبطل.
القمي يعني أهل الكتاب الذين آمنوا برسول الله إذا يتلى عليهم القرآن يخرون للأذقان سجدا يسقطون على وجوههم تعظيما لأمر الله وشكرا لإنجاز وعده في تلك الكتب ببعثه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم على فترة من الرسل وإنزال القرآن عليه.
(108) ويقولون سبحان ربنا عن خلف الوعد إن كان وعد ربنا لمفعولا إنه كان وعده كائن لا محالة.
(109) ويخرون للأذقان يبكون كرره لاختلاف الحالين وهما خرورهم للشكر وإنجاز الوعد حال كونهم ساجدين وخرورهم لما أثر فيهم من المواعظ حال كونهم باكين وذكر الذقن لأنه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد.
والقمي فسر الأذقان بالوجوه ومعنى اللام الاختصاص لأنهم جعلوا أذقانهم ووجوههم للسجود والخرور ويزيدهم سماع القرآن خشوعا لما يزيدهم علما ويقينا.
(110) قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن سموا الله بأي الاسمين شئتم فإنهما سيان في حسن الإطلاق والمعنى بهما واحد أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى أي أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم فهو حسن فوضع موضعه فله الأسماء الحسنى للمبالغة والدلالة على ما هو الدليل عليه فإنه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان الاسمان لأنهما منها وما مزيدة مؤكدة للشرط والضمير في له للمسمى لأن التسمية له لا للاسم ومعنى كون أسمائه أحسن الأسماء استقلالها بمعاني التمجيد والتعظيم والتقديس ودلالتها على صفات الجلال والإكرام قيل نزلت حين سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يا الله يا رحمن فقالوا إنه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعوا إلها آخر وقيل قالت له اليهود إنك لتقل ذكر الرحمن وقد أكثره الله في التوراة فنزلت ولا تجهر بصلاتك يعني بقراءتها ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا.
القمي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية الجهر بها رفع الصوت والتخافت ما لا تسمع نفسك واقرأ بين ذلك.
وعن الباقر عليه السلام فيها الإجهار أن ترفع صوتك تسمعه من بعد عنك والإخفات أن لا تسمع من معك إلا يسيرا.
والعياشي عن الصادق عليه السلام الجهر بها رفع الصوت والمخافتة ما لم تسمع أذناك وما بين ذلك قدر ما تسمع أذنيك.
وفي الكافي والعياشي عنه عليه السلام المخافتة ما دون سمعك والجهر أن ترفع صوتك شديدا وعنه عليه السلام إنه سئل أعلى الأمام أن يسمع من خلفه وإن كثروا قال ليقرأ قراءة وسط ثم تلا هذه الآية.
والعياشي عنهما عليهما السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان بمكة جهر صوته فيعلم بمكانه المشركون فكانوا يؤذونه فأنزلت هذه الآية عند ذلك.
وعن الباقر عليه السلام إنه قال للصادق عليه السلام يا بني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما قال وكيف ذلك يا أبة قال مثل قول الله ولا تجهر الآية ومثل قوله ولا تجعل يدك مغلولة الآية ومثل قوله والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا الآية فأسرفوا سيئة واقتروا سيئة وكان بين ذلك قواما حسنة فعليك بالحسنة بين السيئتين.
أقول: أراد عليه السلام أمره بالتوسط في الأمور كلها ليسلم من الإفراط والتفريط.
وعن الباقر عليه السلام في هذه الآية إنها نسختها فاصدع بما تؤمر وعنه عليه السلام تفسيرها ولا تجهر بولاية علي عليه السلام ولا بما أكرمته به حتى آمرك بذلك ولا تخافت بها يعني لا تكتمها عليا عليه السلام واعلمه بما أكرمته به وابتغ بين ذلك سبيلا سلني أن أذن لك أن تجهر بأمر علي بولايته فأذن له بإظهار ذلك يوم غدير خم.
(111) وقل (68) الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل.
القمي قال ولم يذل فيحتاج إلى ناصر ينصره وكبره تكبيرا.
في الكافي عن الصادق قال رجل عنده الله أكبر فقال الله أكبر من أي شئ فقال من كل شئ فقال عليه السلام حددته فقال الرجل كيف أقول قال قل الله أكبر من أن يوصف وفي رواية أخرى فقال وكان ثمة شئ فيكون أكبر منه فقيل وما هو قال أكبر من أن يوصف وفي التهذيب عنه عليه السلام أنه أمر من قرأ هذه الآية أن يكبر ثلاثا.
وفي الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام يا علي أمان لأمتي من السرق قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن إلى آخر السورة.
وفي ثواب الأعمال والمجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة بني إسرائيل في كل ليلة جمعة لم يمت حتى يدرك القائم عجل الله تعالى فرجه ويكون مع أصحابه عليه السلام.
1- هدب الشجرة كفرح طال أغصانها وتدلت كاهدبت ق.
2- وفي حديث ابن جبير ما اكلت لحما أطيب من مغرفة البرذون اي منبت عرفه من رقبته نهاية.
3- ضعضعه هدمه حتى الأرض وتضعضعت أركانه اي اتضعت م?.
4- وطيبة على وزن شيبة اسم مدينة الرسول صلى الله عليه وآله صحاح.
5- الطامة الدهية لأنها تطم على كل شئ اي تعلوه من طم الامر أعلاه م?.
6- الكنف بالتحريك الجانب والناحية والأكناف الجوانب والنواحي م?.
7- وفي الخبر اللهم اعط كل منفق خلفا أي عوضا عاجلا مالا أو دفع سوء وأجلا ثوابا فكم من منفق قلما يقع به الخلف المالي م?.
8- المشفر من البعير بفتح الميم وكسرها والشين مفتوحة فيها كالجحفلة من القرس وغيره من ذي الحافر والشفة من الانسان م?.
9- الرضخ الدق والكسر ومنه رضخت رأسه بالحجارة م?.
10- الثدي بالفتح وسكون المهملة وخفة الياء يذكر ويؤنث وهو للمرأة والرجل والجمع ثد وثدي بكسر الثاء وربما جاء على ثداء كسهم وسهام م?.
11- الشمط - بالتحريك - بياض شعر الرأس مخالط السواد.
12- وخفق الطائر إذا طار وخفقاته اضطراب جتاحيه م?.
13- والصراخ بالضم الصوت والتصرخ تكلف الصرخ وفي الحديث كان يقوم من الليل إذا سمع صوت الصارخ يعني بذلك الديك لأنه كثير الصراخ بالليل م?.
14- العير بالكسر القافلة مؤنثة والإبل تحمل الميرة بلا واحد من لفظها أو كل ما امتير عليه إبلا كانت أو حميرا أو بغالا ج كعنبات ويسكن ق.
15- ووجاهك وتجاهك مثلثين تلقاء وجهك ق.
16- الأورق من الإبل ما في لونه بياض إلى سواد وهو من أطيب الإبل لحما لا سيرا ولا عملا ق.
17- اي وجعلنا التورية حجة وبيانا وارشادا لبني إسرائيل يهتدون به مجمع البيان.
18- اي أمرناهم لا يتخذوا من دوني معتمدا يرجعون إليه في النوائب وقيل ربا يتوكلون عليه من.
19- أي أولاد من حملنا مع نوح في السفينة فأنجيناهم من الطوفان م? ن.
20- اي حقا لا شك فيه ان اخلافكم سيفسدون في البلاد التي يسكنونها كرتين وهي بيت المقدس وأراد بالفساد الظلم واخذ المال وقتل الأنبياء وسفك الدماء م? ن.
21- أي ولتستكبرن ولتظلمن الناس ظلما عظيما والعلو نظير العتو هنا وهو الجرأة على الله تعالى والتعرض لسخطه م? ن.
22- معناه ان أحسنتم في أقوالكم وأفعالكم فنفع احسانكم عائد عليكم وثوابه واصل إليكم تنصرون على أعدائكم الدنيا وتثابون في العقبى م? ن.
23- أي بيت المقدس ونواحيه فكنى بالمسجد وهو المسجد الأقصى عن البلد كما كنى بالمسجد الحرام عن الحرم ومعناه ليستولوا على البلد لأنه لا يمكنهم دخول المسجد الا بعد الاستيلاء م? ن.
24- الموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه تقول منه وتره يتره وترا وترة ص.
25- ابر فلان نخله اي لقمه واسلمه ومنه سكة مأبورة.
26- أي لا تكن ممن لا يعطي شيئا ولا يهب فتكون بمنزلة من يده مغلولة إلى عنقه لا يقدر على الاعطاء والبذل وهذا مبالغة في النهي عن الشح والامساك.
27- أي ولا تعطي أيضا جميع ما عندك فتكون بمنزلة من بسط يده حتى لا يستقر فيها شئ وهذا كناية عن الاسراف.
28- وإنما نهاهم الله عن ذلك لأنهم كانوا يئدون البنات يدفنوهن أحياء.
29- فيه إشارة إلى أن العقل يقبح الزنا من حيث إنه لا يكون للولد نسب إذ ليس بعض الزناة أولى به من بعض فيؤدي إلى قطع الأنساب وابطال المواريث وابطال صلة الرحم وحقوق الاباء على الأولاد وذلك مستنكر في العقول.
30- بهته كمنعه بهتا وبهتا وبهتانا قال عليه ما لم يفعل ق.
31- قوله في طينة خبال بفتح خاء وباء موحدة وفسرت بصديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجمع ذلك في قدر جهنم م?.
32- فيعلموا الحق وحذف ذكر الدلائل والعبر لدلالة الكلام عليه وعلم السامع به مجمع البيان.
33- الفت الدق والكسر بالأصابع والشق في الصخرة ق.
34- الرفات ما يكسر ويبلى من كل شئ ويكثر بناء فعال في كل ما يحطم ويرضض يقال حطام ودقاق وتراب وقال المبرد كل شئ مدقوق مبالغ في دقه حتى انسحق فهو رفات.
35- يقال انغض رأسه ينغضه ونغض برأسه ينغضه نغضا إذا حركه قالوا والنغض تحريك الرأس بارتفاع وانخفاض م? ن.
36- نفضت الثوب والشجر انفضه نفضا حركته لينتفض.
37- خشن ككرم خشنا وخشانة ضد لان وخاشنه ضد لاينه.
38- يقال عمه في طغيانه عمها من باب تعب إذا تردد متحيرا ومنه عامه وعمه اي متحير جائر عن الطريق فالعمه في الرأي خاصة م?.
39- النعاس بالضم وأول النوم وهي ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي العين ولا تصل إلى القلب فإذا وصلت إليه كان نوما وقد نعست بالفتح انعس نعاسا ونعس ينعس من باب قتل ورجل ناعس اي وسنان م?.
40- سبه قطعه وطعنه في السبة اي الاست وشتمه سبا ق.
41- فهو استفهام بمعنى الانكار اي كيف اسجد له وانا أفضل منه واصلي اشرف من أصله وفي هذا دلالة على أن إبليس فهم من ذلك تفضيل آدم على الملائكة ولولا ذلك لما كان لامتناعه عن السجود وجه وإنما جاز ان يأمرهم سبحانه بالسجود لآدم ولم يجر ان يأمرهم بالعبادة له لان السجود يترتب في التعظيم بحسب ما يراد به وليس كذلك العبادة التي هي خضوع بالقلب ليس فوقه خضوع لأنه يترتب في التعظيم لجنسه يبين ذلك أنه لو سجد ساهيا لم يكن له منزلة في التعظيم على قياس غيره من افعال الجوارح م? ن.
42- الاحتناك الاقتطاع من الأصل يقال احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم إذا استقصاه فاخذه كله واحتنك الجراد الزرع إذا اكله وقيل إنه من قولهم حنك الدابة إذا جعل في حنكها الأسفل حبلا يقودها به م? ن.
43- البذي كرضي الرجل الفاحش وبذوت عليهم وابذيتهم من البذاء وهو الكلام القبيح ق.
44- قال المصنف ره في الوافي بيان لغية بكسر المعجمة وتشديد المثناة التحتانية الزنا يقال فلان لغية في مقابلة فلان لرشدة بكسر الراء ومعنى مشاركة الشيطان للانسان في الأموال حمله إياه على تحصيلها من الحرام وانفاقها فيما لا يجوز وعلى ما لا يجوز من الاسراف والتقتير والبخل والتبذير ومشاركته في الأولاد ادخاله معه في النكاح إذا لم يسم الله والنطفة واحدة.
45- وهذا زجر وتهديد في صورة الامر م?.
46- قنصه يقنصه صاده ق.
47- بما خلق الرياح وبأن جعل الماء على وجه يمكن جري السفن فيه لتبتغوا من فضله اي لتطلبوا من فضل الله تعالى بركوب السفن على وجه الماء فيما فيه صلاح دنياكم من التجارة أو صلاح دينكم من الغزو مجمع البيان.
48- ويحتمل ان يريد ان القرآن يظهر حيث سرائرهم وما يأتمرون به من الكيد والمكر بالنبي فيفتضحون بذلك م? ن.
49- الرقية بالضم العوذة والنشرة بالضم رقية يعالج بها المجنون والمريض ق.
50- اي لو فعلنا ذلك لم تجد علينا وكيلا يستوي ذلك منا وقيل معناه ولو شئنا لمحونا هذا القرآن من صدرك وصدر أمتك حتى لا يوجد له اثر ثم لا تجد حفيظا يحفظه عليك ويحفظ ذكره على قلبك.
51- عظيما إذا اختارك للنبوة وخصك بالقرآن فقابله بالشكر وقال ابن عباس يريد حيث جعلك سيد ولد آدم وختم بك النبيين وأعطاك المقام المحمود.
52- الجزل الكثير من الشئ الجزيل جمع كجبال والكريم المعطاء والعاقل الأصيل الرأي وهي جزلة وجزلاء وخلاف لركيك من الألفاظ جزل كفرح وهو أجزل وهي جزلاء ككرم وعظم وفلان صار ذا رأي جيد.
53- فناء الدار ككساء ما اتسع من امامها ج أفنية وفنى ق.
54- حفل القوم واحتفلوا اي اجتمعوا واحتشدوا ص.
55- وهذا خطب جليل اي امر عظيم وجل الخطب عظم الامر والشأن م?.
56- التبكيت كالتقريع والتعنيف وبكته بالحجة غلبه ص.
57- نزع عن الامر نزعا اي انتهى عنها ص.
58- غوى يغوي غيا وغواية ولا يكسر فهو غاو وغوي وغيان ضل وغواه غيره وأغواه وغواه ق.
59- مرد كنصر وكرم مرودا ومرادة فهو مارد ومريد ومتمرد أقدم وعتا أو هو ان يبلغ الغاية التي يخرج بها من جملة ما عليه ذلك الصنف ج مردة ومرداء ومرده قطعه وفرق عرضه.
60- طغى كرضي طغيا وطغيانا بالضم والكسر جاوز القدر وارتفع وغلا في الكفر واسرف في المعاصي والظلم ق.
61- القرن مثلك في السن تقول هو على قرني اي على سني ص.
62- حسبك الله اي انتقم الله عنك وكفي بالله حسيبا اي محاسبا أو كافيا ق.
63- الوعر ضد السهل كالوعر والواعر والوعير والأوعر ق.
64- كشحه على الامر اضمره وستره.
65- قيل إن في هذه الآية ردا على اليهود والنصارى حين قالوا اتخذ الله الولد وعلى مشركي العرب حيث قالوا لبليك لا شريك لك الا شريكا هو لك وعلى الصابئين والمجوس حين قالوا لولا أولياء الله لذل الله مجمع البيان.
66- أي ليس لهؤلاء ولا لاسلافهم علم بهذا القول الشنيع وإنما يقولون ذلك عن جهل وتقليد من غير حجة.
67- أي لو رأيتهم لحسبتهم منتبهين وهم رقود أي نائمون.
68- أصن اللحم: إذا أنتن والصنان: زفر الإبط.