سورة إبراهيم عليه السلام

هي مكية إلا آيتين نزلتا في قتلى بدر من المشركين (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله) إلى قوله (فبئس القرار) عدد آيها خمس وخمسون آية.

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس بدعوتهم إلى ما فيه من الظلمات من الكفر وأنواع الضلال إلى النور إلى الأيمان والهدى بإذن ربهم بتوفيقه وتسهيله إلى صراط العزيز الحميد بدل من قوله إلى النور.

(2) الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وقرئ الله بالرفع وويل للكافرين من عذاب شديد الويل الهلاك نقيض الوال وهو النجاة.

(3) الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة يختارونها عليها ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا يطلبون لسبيل الله اعوجاجا ليقدحوا فيها أولئك في ضلال بعيد ضلوا عن الحق ووقعوا عنه بمراحل.

(4) وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه إلا بلغة قومه الذين هو منهم وبعث فيهم ليبين لهم ما أمروا به فيفقهوه بيسر وسرعة في الخصال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث ومن علي ربي وقال يا محمد قد أرسلت كل رسول إلى أمته بلسانها وأرسلتك إلى كل أحمر وأسود من خلقي فيضل الله من يشاء بالخذلان ويهدى من يشاء بالتوفيق وهو العزيز فلا يغالب على مشيته الحكيم الذي لا يفعل ما يفعل إلا لحكمته.

(5) ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله قيل بوقايعه الواقعة على الأمم الماضية وأيام العرب يقال لحروبها.

وفي المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام بنعم الله وآلائه.

والقمي أيام الله ثلاثة يوم القائم ويوم الموت ويوم القيامة.

وفي الخصال عن الباقر عليه السلام أيام الله يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة.

أقول: لا منافاة بين هذه التفاسير لأن النعمة على المؤمن نقمة على الكافر وكذا الأيام المذكورة نعم لقوم ونقم لآخرين إن في ذلك لايات لكل صبار شكور يصبر على بلائه ويشكر لنعمائه.

(6) وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم يكلفونكم سوء العذاب استعبادكم بالأفعال الشاقة كما مضى في سورة البقرة ويذبحون أبنائكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ابتلاء منه أو وفي الإنجاء نعمة.

(7) وإذ تأذن ربكم واذكروا إذ أعلم أنه لئن شكرتم يا بني إسرائيل ما أنعمت عليكم من الإنجاء وغيره بالأيمان والعمل الصالح لأزيدنكم نعمة إلى نعمة ولئن كفرتم إن عذابي لشديد.

في الكافي عن الصادق عليه السلام ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد وفي المجمع ما في معناه والقمي والعياشي مثله وزادا وهو قوله تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم.

وفي الكافي عنه عليه السلام من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله قبل أن يظهر شكرها على لسانه.

وعنه عليه السلام ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال الحمد لله إلا أدى شكرها وفي رواية أخرى وكان الحمد أفضل من تلك النعمة وعنه عليه السلام في تفسير وجوه الكفر الوجه الثالث من الكفر كفر النعم قال لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد.

(8) وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا من الثقلين فإن الله لغنى عن شكركم حميد مستحق للحمد في ذاته وإن لم يحمده حامد محمود يحمده نفسه وتحمده الملائكة وينطق بنعمته ذرات المخلوقات فما ضررتم بالكفران إلا أنفسكم حيث حرمتموها مزيد الأنعام وعرضتموها للعذاب الشديد.

(9) ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله لكثرة عددهم جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم القمي أي في أفواه الأنبياء.

أقول: يعني منعوهم من التكلم وهو تمثيل وفي تفسير هذه الكلمة وجوه أخر ذكرها المفسرون وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب.

(10) قالت لهم رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إلى وقت سماه الله وجعله آخر أعماركم قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا لا فضل لكم علينا فلم خصصتم بالنبوة دوننا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين بحجة واضحة أرادوا بذلك ما اقترحوه من الآيات تعنتا وعنادا.

(11) قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده سلموا مشاركتهم في البشرية وجعلوا الموجب لاختصاصهم بالنبوة فضل الله ومنه عليهم بخصايص فيهم ليست في أبناء جنسهم وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله أي ليس إلينا الإتيان بما اقترحتموه وإنما هو أمر يتعلق بمشية الله فيخص كل نبي بنوع من الآيات وعلى الله فليتوكل المؤمنون فليتوكل بالصبر على معاداتكم عمموا للأشعار بما يوجب التوكل وهو الأيمان وقصدوا به أنفسهم قصدا أوليا.

(12) وما لنا ألا نتوكل على الله أي أي عذر لنا في أن لا نتوكل وقد هدينا سبلنا التي بها نعرفه ونعلم أن الأمور كلها بيده ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون.

(13) وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا حلفوا على أن يكون أحد الأمرين والعود بمعنى الصيرورة لأنهم لم يكونوا على ملتهم قط فأوحى إليهم ربهم أي إلى الرسل لنهلكن الظالمين.

(14) ولنسكننكم الأرض من بعدهم أي أرضهم وديارهم.

القمي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من آذى جاره طمعا في مسكنه ورثه الله داره وقرأ هذه الآية.

وفي المجمع جاء في الحديث من آذى جاره ورثه الله داره ذلك أي إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين لمن خاف مقامي أي موقفي للحساب وخاف وعيد أي وعيدي بالعذاب.

(15) واستفتحوا سألوا من الله الفتح على أعدائهم أو القضاء بينهم وبين أعاديهم من الفتاحة بمعنى الحكومة وخاب كل جبار عنيد في التوحيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعني من أبى أن يقول لا إله إلا الله.

والقمي عن الباقر عليه السلام العنيد المعرض عن الحق.

(16) من ورائه جهنم من بين يدي هذا الجبار نار جهنم فإنه مرصد بها واقف على شفيرها في الدنيا مبعوث إليها في الآخرة ويسقى أي يلقى فيها ويسقى من ماء صديد.

في المجمع عن الصادق عليه السلام أي ويسقى مما يسيل من الدم والقيح من فروج الزواني في النار.

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يقرب إليه فيكرهه فإذا أدنى منه شوي وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شرب قطع أمعاؤه حتى يخرج من دبره يقول الله عز وجل وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ويقول وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه والقمي ما يقرب منه.

(17) يتجرعه يتكلف جرعه ولا يكاد يسيغه ولا يقارب أن يسيغه فكيف يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان أي أسبابه من الشدائد فيحيط به من جميع الجهات وما هو بميت فيستريح ومن ورائه ومن بين يديه عذاب غليظ أي يستقبل في كل وقت عذابا أشد مما هو عليه.

العياشي عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليهم السلام إن أهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب فأتوا بشراب غساق وصديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ حميم تغلي به جهنم منذ خلقت كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا.

(18) مثل الذين كفروا بربهم صفتهم التي هي مثل في الغرابة أعمالهم كرماد اشتدت به الريح حملته وأسرعت الذهاب به.

في يوم عاصف العصف اشتداد الريح وصف اليوم به للمبالغة كقولهم نهاره صائم شبه مكارمهم من الصدقة وصلة الرحم وعتق الرقاب وإغاثة الملهوف في حبوطها وذهابها هباءا منثورا لبنائها على غير أساس من معرفة الله والتوجه به إليه برماد طيرته الريح العاصف لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا منها على شئ يعني لا يرون لشئ منها ثوابا ذلك أي ضلالهم مع حسبانهم أنهم محسنون هو الضلال البعيد في غاية البعد عن الحق.

(19) ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق بالحكمة والغرض الصحيح ولم يخلقها عبثا باطلا وقرئ خالق السماوات إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد يعدمكم ويخلق مكانكم خلقا آخرين (20) وما ذلك على الله بعزيز بمتعذر أو متعسر.

(21) وبرزوا لله جميعا يعني يبرزون يوم القيامة وذكر بلفظ الماضي لتحقق وقوعه فقال الضعفاء ضعفاء الرأي يعني الأتباع للذين استكبروا لرؤسائهم الذين استتبعوهم واستغووهم في مصباح المتهجد في خطبة الغدير لأمير المؤمنين عليه السلام بعد تلاوته لها أفتدرون الاستكبار ما هو هو ترك الطاعة لمن أمروا بطاعته والترفع على من ندبوا إلى متابعته إنا كنا لكم تبعا في تكذيب الرسل والأعراض عن نصايحهم فهل أنتم مغنون عنا دافعون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدينا الله للأيمان والنجاة من العذاب.

والقمي الهدي هنا الثواب لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص منجى ومهرب من العذاب.

(22) وقال الشيطان لما قضى الامر.

القمي لما فرغ من أمر الدنيا من أوليائه.

والقمي والعياشي عن الباقر عليه السلام كلما في القرآن وقال الشيطان يريد به الثاني إن الله وعدكم وعد الحق وهو البعث والجزاء على الأعمال فوفي لكم بما وعدكم ووعدتكم خلاف ذلك فأخلفتكم ولم أوف لكم بما وعدتكم وما كان لي عليكم من سلطان تسلط فأجبركم على الكفر والعصيان إلا أن دعوتكم إلا دعائي إياكم إليهما بتسويلي ووسوستي فاستجبتم لي أسرعتم إجابتي فلا تلوموني بوسوستي فإن من صرح بعداوته لا يلام بأمثال ذلك ولوموا أنفسكم حيث اغتررتم بي وأطعتموني إذ دعوتكم ولم تطيعوا ربكم إذ دعاكم ما أنا بمصرخكم بمغيثكم من العذاب وما أنتم بمصرخي بمغيثي لا ينجي بعضنا بعضا إني كفرت بما أشركتمون من قبل تبرأت منه واستنكرته كقوله ويوم القيمة يكفرون بشرككم.

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إن الكفر في هذه الآية البراءة إن الظالمين لهم عذاب أليم من تتمة كلامه أو استيناف وفي حكاية أمثاله لطف للسامعين وإيقاظ لهم حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبروا عواقبهم.

(23) وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنت تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام.

(24) ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة قولا حقا ودعاءا إلى صلاح كشجرة طيبة يطيب ثمرها كالنخلة.

وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن هذه الشجرة الطيبة النخلة أصلها ثابت في الأرض ضارب بعروقه فيها وفرعها في السماء.

(25) تؤتي أكلها تعطي ثمرها كل حين كل وقت وقته الله لأثمارها بإذن ربها بإرادة خالقها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون لأن في ضرب الأمثال تذكيرا وتصويرا للمعاني بالمحسوسات لتقريبها من الأفهام.

والعياشي عن الصادق عليه السلام هذا مثل ضربه الله لأهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ولمن عاداهم.

وفي الكافي عنه عليه السلام إنه سئل عن الشجرة في هذه الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصلها وأمير المؤمنين عليه السلام فرعها والأئمة من ذريتهما أغصانها وعلم الأئمة ثمرتها وشيعتهم المؤمنون ورقها قال والله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها وأن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها وفي الإكمال والحسن والحسين ثمرها والتسعة من ولد الحسين عليهم السلام أغصانها وفي المعاني وغصن الشجرة فاطمة عليها السلام وثمرها أولادها وورقها شيعتها.

وزاد في الإكمال تؤتي أكلها كل حين ما يخرج من علم الأمام إليكم في كل سنة من كل فج عميق.

وفي المجمع والقمي والعياشي ما يقرب من هذه الأخبار ويأتي فيه حديث آخر في سورة بني إسرائيل عند قوله تعالى والشجرة الملعونة في القرآن إن شاء الله.

ومثل كلمة خبيثة قول باطل ودعاء إلى ضلال أو فساد كشجرة خبيثة لا يطيب ثمرها كشجرة الحنظل اجتثت استوصلت واخذت جثته بالكلية من فوق الأرض لأن عروقها قريبة منها مالها من قرار استقرار.

في المجمع عن الباقر عليه السلام إن هذا مثل بني أمية.

والقمي عنه عليه السلام كذلك الكافرون لا تصعد أعمالهم إلى السماء وبنو أمية لا يذكرون الله في مجلس ولا في مسجد ولا تصعد أعمالهم إلى السماء إلا قليل منهم.

(27) يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت الذي ثبت بالحجة والبرهان عندهم وتمكن في قلوبهم واطمأنت إليه أنفسهم في الحياة الدنيا ولا يزالون إذا افتتنوا في دينهم وفي الآخرة فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم ويضل الله الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بالجحود والاقتصار على التقليد فلا يهتدون إلى الحق ولا يثبتون في مواقف الفتن.

في التوحيد عن الصادق عليه السلام يعني يضلهم يوم القيامة عن دار كرامته كما يأتي في سورة الكهف عند قوله تعالى ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ويفعل الله ما يشاء من تثبيت المؤمنين وخذلان الظالمين.

في الفقيه والعياشي عن الصادق عليه السلام إن الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا عند موته عن يمينه وعن شماله ليضله عما هو عليه فيأبى الله عز وجل له ذلك وذلك قول الله عز وجل يثبت الله الذين آمنوا الآية.

وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث سؤال القبر فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول الله ربي وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيقولان ثبتك الله فيما يحب ويرضى وهو قول الله يثبت الله الذين آمنوا الآية.

وعن الصادق عليه السلام في سؤال القبر وإن كان كافرا إلى أن قال ويسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا والشيطان يغمه غما قال ويسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والأنس وإنه ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم وهو قول الله عز وجل يثبت الله إلى قوله ويفعل الله ما يشاء.

والعياشي والقمي ما يقرب من الحديثين.

(28) ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار دار الهلاك بحملهم على الكفر.

(29) جهنم يصلونها وبئس القرار وبئس المقر جهنم.

في الكافي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال ما يقولون في ذلك قيل يقولون هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنوا المغيرة فقال هي والله قريش قاطبة إن الله تعالى خاطب به نبيه فقال إني فضلت قريشا على العرب وأتممت عليهم نعمتي وبعثت إليهم رسولي فبدلوا نعمتي كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.

وعن الصادق عليه السلام عنى بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله ونصبوا له الحرب وجحدوا وصيه.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام إنهم كفار قريش كذبوا نبيهم ونصبوا له الحرب والعداوة.

قال وسأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن هذه الآية فقال هما الأفجران من قريش وبنو أمية وبنو المغيرة فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين وأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر.

والقمي عن الصادق عليه السلام نزلت في الأفجرين من قريش بني المغيرة وبنو أمية فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين ثم قال ونحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا يفوز من فاز.

وفي الكافي والقمي عن أمير المؤمنين عليه السلام ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعدلوا عن وصيه ولا يتخوفون أن ينزل بهم العذاب ثم تلا هذه الآية ثم قال نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده وبنا يفوز من فاز يوم القيامة.

والعياشي عنه عليه السلام آخر الحديث وشطرا مما سبق.

(30) وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله الذي هو التوحيد وقرئ بفتح الياء وليس الإضلال ولا الضلال غرضهم في اتخاذ الأنداد لكن لما كان نتيجته جعل كالغرض قل تمتعوا إيذان بأنهم كأنهم مأمورون بالتمتع لانغماسهم فيه وأنهم لا يعرفون غيره فإن مصيركم إلى النار.

(31) قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة أي أقيموا الصلاة يقيموا أو ليقيموا وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية العياشي مضمرا من الحقوق التي هي غير الزكاة المفروضة من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه فيبتاع المقصر ما يتدارك به تقصيره ويفدي به نفسه ولا خلال ولا مخالة فيشفع لك خليل.

والقمي أي لا صداقة.

(32) الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم تعيشون به وهو يشمل المطعوم والملبوس وغيرهما وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره إلى حيث توجهتم وسخر لكم الأنهار جعلها معدة لانتفاعكم وتصرفكم وعلمكم كيفية اتخاذها.

(33) وسخر لكم الشمس والقمر دائبين في مرضاته يد أبان في مسيرهما لا يفتران في منافع الخلق وإصلاح ما يصلحان من الأرض والنبات والأبدان وسخر لكم الليل والنهار يتعاقبان لسباتكم ومعاشكم.

(34) وآتيكم من كل ما سألتموه.

في المجمع عنهما عليهما السلام إنهما قرءا من كل ما سألتموه بالتنوين والعياشي عن الباقر عليه السلام الثوب والشئ الذي لم تسأله إياه أعطاك ولعل المراد بما سألتموه ما كان حقيقا بأن يسأل سئل أو لم يسأل وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها لا تعدوها ولا تطيقوا حصر أنواعها فضلا عن إفرادها.

في الكافي عن السجاد عليه السلام إنه إذا قرأ هذه الآية يقول سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمة إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم إنه لا يدرك فشكر تعالى معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا كما علم علم العالمين إنهم لا يدركونه فجعله إيمانا علما منه أنه قد وسع العباد فلا يتجاوز ذلك فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته وكيف يبلغ مدى عبادته من لأمدى له ولا كيف تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا إن الانسان لظلوم للنعمة لا يشكرها كفار يكفرها.

(35) وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد بلد مكة آمنا ذا أمن لمن فيها قد سبق بيانه في سورة البقرة واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام.

العياشي عن الصادق عليه السلام أنه أتاه رجل فسأله عن شئ فلم يجبه فقال له الرجل فإن كنت ابن أبيك فإنك من أبناء عبدة الأصنام فقال له كذبت إن الله أمر إبراهيم عليه السلام أن ينزل إسماعيل بمكة ففعل فقال إبراهيم عليه السلام رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما ولكن العرب عبدة الأصنام وقالت بنو إسماعيل هؤلاء شفعاؤنا وكفرت ولم تعبد الأصنام.

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قد حظر على من مسه الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه وأوليائه بقوله لإبراهيم عليه السلام لا ينال عهدي الظالمين أي المشركين لأنه سمى الشرك ظلما بقوله إن لشرك لظلم عظيم فلما علم إبراهيم إن عهد الله بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام قال واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام وفي الأمالي عن النبي صلى الله عليه وآله ما يقرب منه وقال في آخره فانتهت الدعوة إلي وإلى أخي علي لم يسجد أحد منا لصنم قط فاتخذني الله نبيا وعليا وصيا.

(36) رب إنهن أضللن كثيرا من الناس صرن سببا لاضلالهم كقوله وغرتهم الحياة الدنيا فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم.

العياشي عن الصادق عليه السلام من اتقى الله منكم وأصلح فهو منا أهل البيت قيل منكم أهل البيت قال منا أهل البيت قال فيها إبراهيم فمن تبعني فإنه مني.

وعن الباقر عليه السلام ومن أحبنا فهو منا أهل البيت قيل منكم قال منا والله أما سمعت قول إبراهيم فمن تبعني فإنه منى.

وعن الصادق عليه السلام ومن عصاني فإنك غفور رحيم قال تقدر إن تغفر له وترحمه.

(37) ربنا إني أسكنت من ذريتي بعض ولدي وهو إسماعيل ومن ولد منه.

العياشي عن الباقر عليه السلام نحن هم ونحن بقية تلك الذرية والعياشي والقمي عنه عليه السلام نحن والله بقية تلك العترة.

وزاد في المجمع وكانت دعوة إبراهيم عليه السلام لنا خاصة بواد غير ذي زرع يعني وادي مكة (1) عند بيتك المحرم الذي حرمت التعرض له والتهاون به ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس بعضهم.

العياشي عن الباقر عليه السلام أما إنه لم يعن الناس كلهم أنتم أولئك ونظراؤكم إنما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود أو مثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض ينبغي للناس ان يحجوا هذا البيت ويعظموه لتعظيم الله إياه وإن يلقونا حيث كنا نحن الأدلاء على الله تهوى إليهم تسرع إليهم شوقا وودادا وقرئ بفتح الواو ونسبها في الجوامع إلى أهل البيت عليهم السلام من هوى كرضى إذا أحب وتعديته بالى لتضمين معنى النزوع.

في الكافي عن الباقر عليه السلام ولم يعن البيت فيقول إليه فنحن والله دعوة إبراهيم عليه السلام.

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام والأفئدة من الناس تهوي إلينا وذلك دعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم.

وفي البصاير عن الصادق عليه السلام في حديث وجعل أفئدة من الناس تهوى إلينا وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون تلك النعمة فأجاب الله دعوته فجعله حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ.

والقمي عن الصادق عليه السلام يعني من ثمرات القلوب أي حببهم إلى الناس ليأتوا إليهم ويعودوا.

وفي الغوالي عنه عليه السلام هو ثمرات القلوب.

وعن الباقر عليه السلام إن الثمرات تحمل إليهم من الآفاق وقد استجاب الله له حتى لا توجد في بلاد الشرق والغرب ثمرة إلا توجد فيها حتى حكي أنه يوجد فيها في يوم واحد فواكه ربيعية وصيفية وخريفية وشتائية.

وفي العلل عن الرضا عليه السلام حديث آخر سبق في سورة البقرة عند قوله وارزق أهله من الثمرات.

القمي عن الصادق عليه السلام إن إبراهيم عليه السلام كان نازلا في بادية الشام فلما ولد له من هاجر إسماعيل اغتمت سارة من ذلك غما شديدا لأنه لم يكن له منها ولد وكانت تؤذي إبراهيم عليه السلام في هاجر وتغمه فشكا إبراهيم عليه السلام ذلك إلى الله عز وجل فأوحى الله إليه إنما مثل المرأة مثل الضلع العوجاء إن تركتها استمتعت بها وإن أقمتها كسرتها ثم أمره أن يخرج إسماعيل وأمه عنها فقال يا رب إلى أي مكان قال إلى حرمي وأمني وأول بقعة خلقتها من الأرض وهي مكة فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق فحمل هاجر وإسماعيل وإبراهيم عليهم السلام وكان إبراهيم عليه السلام لا يمر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلا وقال يا جبرئيل إلى ها هنا إلى هاهنا فيقول جبرئيل لا إمض امض حتى وافي مكة فوضعه في موضع البيت وقد كان إبراهيم عليه السلام عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجر فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلوا تحته فلما سرحهم (2) إبراهيم ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة قالت له هاجر يا إبراهيم لم تدعنا (3) في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع فقال إبراهيم عليه السلام الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان حاضر عليكم ثم انصرف عنهم فلما بلغ كدا (4) وهو جبل بذي طوى (5) التفت إليهم إبراهيم عليه السلام فقال عليه السلام ربنا إني أسكنت من ذريتي الآية ثم مضى وبقيت هاجر فلما ارتفع النهار عطش إسماعيل وطلب الماء فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى فنادت هل في الوادي من أنيس فغاب إسماعيل عليه السلام عنها فصعدت على الصفاء ولمع لها السراب في الوادي وظنت أنه ماء فنزلت في بطن الوادي وسعت فلما بلغت المسعى غاب عنها إسماعيل ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا فهبطت إلى الوادي تطلب الماء فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا فنظرت حتى فعلت ذلك سبع مرات فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجله فعدت حتى جمعت حوله رملا فإنه كان سائلا فزمته (6) بما جعلته حوله فلذلك سميت زمزم وكان جرهم (7) نازلة بذي المجاز (8) وعرفات فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطير والوحش على الماء فنظرت جرهم على تعكف الطير في ذلك المكان واتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبي نازلين في ذلك الموضع قد استظلا بشجرة وقد ظهر الماء لهما فقالوا لهاجر من أنت وما شأنك وشأن هذا الصبي قالت أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن وهذا ابنه أمره الله أن ينزلنا ها هنا فقالوا لها فتأذنين أن نكون بالقرب منكم فلما زارهم إبراهيم عليه السلام يوم الثالث قالت هاجر يا خليل الرحمان إن ها هنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا أفتأذن لهم في ذلك فقال إبراهيم عليه السلام نعم فأذنت هاجر لجرهم فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم فأنست هاجر وإسماعيل بهم فلما رآهم إبراهيم عليه السلام في المرة الثالثة نظر إلى كثرة الناس حولهم فسر بذلك سرورا شديدا الحديث وقد مضى تمامه في سورة البقرة.

والعياشي عن الكاظم عليه السلام إن إبراهيم عليه السلام لما أسكن إسماعيل عليه السلام وهاجر مكة وودعهما لينصرف عنهما بكيا فقال لهما إبراهيم عليه السلام ما يبكيكما فقد خلفتكما في أحب الأرض إلى الله وفي حرم الله فقالت له هاجر يا إبراهيم ما كنت أرى نبيا مثلك يفعل ما فعلت قال وما فعلت قالت إنك خلفت امرأة ضعيفة وغلاما ضعيفا لا حيلة لهما بلا أنيس من بشر ولا ماء يظهر ولا زرع قد بلغ ولا ضرع يحلب قال فرق إبراهيم ودمعت عيناه عندما سمع منها فأقبل حتى إنتهى إلى باب بيت الله الحرام فأخذ بعضادتي الكعبة ثم قال اللهم إني أسكنت من ذريتي الآية قال فأوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام أن أصعد أبا قبيس فناد في الناس يا معشرا الخلايق إن الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة محرما من استطاع إليه سبيلا فريضة من الله فمد الله لإبراهيم عليه السلام في صوته حتى أسمع به أهل المشرق والمغرب وما بينهما من جميع ما قدر الله وقضى في أصلاب الرجال من النطف وجميع ما قدر الله وقضى في أرحام النساء إلى يوم القيامة فهناك وجب الحج على جميع الخلايق والتلبية من الحاج في أيام الحج هي إجابة لنداء إبراهيم عليه السلام يومئذ بالحج.

وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام إنه نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة فقال هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية إنما أمروا أن يطوفوا بها ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم ثم قرأ هذه الآية فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم.

وزاد العياشي فقال آل محمد آل محمد صلوات الله عليهم ثم قال إلينا إلينا.

(38) ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن تعلم سرنا كما تعلم علانيتنا والمعنى إنك أعلم بأحوالنا ومصالحنا وأرحم بنا منا بأنفسنا فلا حاجة لنا إلى الطلب لكنا ندعوك إظهارا لعبوديتك وافتقارا إلى رحمتك واستعجالا لنيل ما عندك.

في الكافي عن الصادق عليه السلام إن الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ولكنه يحب أن يبث إليه الحوائج فإذا دعوتم فسموا حاجتكم وما يخفي (9) على الله من شئ في الأرض ولا في السماء لأنه العالم بعلم ذاتي يستوي نسبته إلى كل معلوم ومن للاستغراق.

(39) الحمد لله الذي وهب لي على الكبر أي وهب لي وأنا كبير السن آيس عن الولد قيد الهبة بحال الكبر استعظاما للنعمة وإظهارا لما فيه من الآية إسماعيل وإسحق قيل إنه ولد له إسماعيل لتسع وتسعين وإسحاق لمأة واثنتي عشر سنة إن ربى لسميع الدعاء أي لمجيبه من قولك سمع الملك كلامي إذا اعتد به وفيه إشعار بأنه دعا ربه وسأل منه الولد فأجابه حين ما وقع اليأس منه.

(40) رب اجعلني مقيم الصلاة معدا لها مواظبا عليها ومن ذريتي وبعض ذريتي ربنا وتقبل دعاء عبادتي (41) ربنا اغفر لي ولوالدي (10).

العياشي عن أحدهما عليهما السلام قال آدم وحواء وقرئ ولولدي ونسبها في الجوامع إلى أهل البيت عليهم السلام.

والقمي إنما نزلت ولولدي إسماعيل وإسحق.

والعياشي عن أحدهما عليهما السلام إنه كان يقرء ربنا اغفر لي ولولدي يعني إسماعيل وإسحاق.

وعن الباقر عليه السلام إنه سئل عنها فقال هذه الكلمة صحفها الكتاب إنما كان استغفاره لأبيه عن موعدة وعدها إياه وإنما قال ربنا اغفر لي ولولدي يعني إسماعيل وإسحق وللمؤمنين يوم يقوم الحساب يوم القيامة.

(42) ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون وعيد للظالم وتسلية للمظلوم إنما يؤخرهم يؤخر عذابهم ليوم تشخص فيه الابصار.

القمي قال تبقى أعينهم مفتوحة من هول جهنم لا يقدرون أن يطرفوا.

(43) مهطعين مسرعين إلى الداعي أو مقبلين بأبصارهم لا يطرفون هيبة وخوفا والإهطاع الإقبال على الشئ مقنعي رؤسهم رافعيها (11) لا يرتد إليهم طرفهم بل بقيت عيونهم شاخصة لا تطرف وأفئدتهم هواء قيل خلاء أي خالية عن العقول لفرط الحيرة والدهشة لا قوة لها ولا جرأة ولا فهم.

والقمي قال قلوبهم يتصدع من الخفقان (44) وأنذر الناس يا محمد يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أمهلنا إلى أمد من الزمان قريب نتدارك ما فرطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك أو لم تكونوا أقسمتم من قبل على إرادة القول ما لكم من زوال القمي لا تهلكون.

(45) وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي وتبين لكم كيف فعلنا بهم بما تشاهدون في منازلهم من آثار ما نزل بهم وما تواتر عندكم من أخبارهم وضربنا لكم الأمثال فلم تعتبروا.

(46) وقد مكروا مكرهم المستفرغ فيه جهدهم لأبطال الحق وتقرير الباطل وعند الله مكرهم ومكتوب عنده مكرهم فهو مجازيهم عليه أو عنده ما يمكرهم به جزاء لمكرهم وابطالا له وإن كان مكرهم في العظم والشدة لتزول منه الجبال عن أماكنها.

القمي قال مكر بني فلان وقرئ لتزول بفتح اللام والرفع.

(47) فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله مثل قوله إنا لننصر رسلنا كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله عزيز غالب ذو انتقام لأوليائه من أعدائه.

(48) يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات يعني والسماوات غير السماوات من طريق العامة عن علي عليه السلام أرضا من فضة وسماوات من ذهب.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغوا من الحساب قيل إن الناس لفي شغل يومئذ عن الأكل والشرب فقال لهم في النار لا يشتغلون عن أكل الضريع وشرب الحميم وهم في العذاب فكيف يشتغلون عنه في الحساب وفي رواية أخرى إن الله خلق ابن آدم أجوف لا بد له من الطعام والشراب أهم أشد شغلا يومئذ أم من في النار فقد استغاثوا والله يقول وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب.

والقمي والعياشي عنه عليه السلام ما يقرب منهما وعن السجاد عليه السلام تبدل الأرض غير الأرض يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة.

وفي المجمع من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبدل الله الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدها مد الأديم (12) العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها كان في بطنها وما كان في ظهرها كان على ظهرها.

وعنه عليه السلام يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء (13) كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد.

وعنه عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية وقيل له فأين الخلق عند ذلك فقال أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه.

وفي الاحتجاج عنه صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن هذه الآية وقيل له فأين الناس يومئذ فقال في الظلمة دون المحشر وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم المتحابون في الله عز وجل يوم القيامة على أرض زبر جدة خضراء في ظل عرشه عن يمينه وكلتا يديه يمين.

وفي الخصال والعياشي عن الباقر عليه السلام لقد خلق الله في الأرض منذ خلقها سبعة عوالم ليس هم من ولد آدم خلقهم من أديم الأرض فأسكنوها واحدا بعد واحد مع عالمه ثم خلق الله آدم أبا هذا البشر وخلق ذريته منه ولا والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة وصير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة وصير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار إن الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه بلى وليخلقن خلقا من غير فحول ولا إناث يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه ويخلق لهم أرضا تحملهم وسماء تظلهم أليس الله يقول يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وقال الله أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد وبرزوا (14) لله الوحد القهار لمحاسبته ومجازاته.

(49) وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد.

القمي قال مقيدين بعضهم إلى بعض قيل ولعله بحسب مشاركتهم في العقائد والأخلاق والأعمال.

(50) سرابيلهم قمصانهم من قطران وهو ما يطلى به الإبل الجربى فيحرق الجرب والجلد وهو أسود منتن تشتعل فيه النار بسرعة وقرئ من قطران والقطر النحاس والصفر المذاب والاني المتناهي حره وتغشى وجوههم النار خص الوجوه لأن الوجه أعز موضع في ظاهر البدن وأشرفه كالقلب في باطنه ولذلك قال تطلع على الأفئدة ولأنهم لم يتوجهوا بها إلى الحق ولم يستعملوا في تدبره مشاعرهم وحواسهم التي خلقت لأجله كما تطلع على أفئدتهم لأنها فارغة عن المعرفة مملوة بالجهالات.

القمي عن الباقر عليه السلام سرابيلهم من قطران قال هو الصفر الحار الذائب يقول الله إنتهى حره وتغشى وجوههم النار سربلوا ذلك الصفر فتغشى وجوههم النار.

وعن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال جبرئيل عليه السلام لو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه.

وفي نهج البلاغة وألبسهم سرابيل القطران ومقطعات النيران في عذاب قد اشتد حره وباب قد أطبق على أهله.

(51) ليجزى الله كل نفس أي يفعل بهم ذلك ليجزي كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب لأنه لا يشغله حساب عن حساب وقد سبق بيانه في سورة البقرة.

(52) هذا بلاغ للناس كفاية لهم في الموعظة لينصحوا ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد بالنظر والتدبر فيه وليذكر أولوا الألباب أولو العقول والنهى.

والقمي هذا بلاغ للناس يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم.

في ثواب الأعمال والعياشي عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة إبراهيم عليه السلام والحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة لم يصبه فقر أبدا ولا جنون ولا بلوى إن شاء الله.


1- الطرف محركة الناحية والطائفة من الشئ والرجل الكريم والأطراف الجمع ومن البدن اليدان والرجلان والرأس ومن الأرض اشرافها وعلماؤها ومنك أبواك وأخوتك وأعمامك وكل قريب محرم ق.

2- إنما أضافت البيت إليه سبحانه لأنه مالكه لا يملكه أحد سواه وما عداه من البيوت قد ملكه غيره من العباد ويسأل فيقال كيف سماه بيتا والمرتد عند بيتك الذي مضى في سابق علمك كونه والثاني ان البيت قد كان قبل ذلك وإنما خربه طسم وجديس وقيل إنه رفعه الله إلى السماء أيام الطوفان وإنما سماه المحرم لأنه لا يستطيع أحد الوصول إليه الا بالاحرام وقيل لأنه حرم فيه ما أحل غي غيره من البيوت من الجماع والملابسة لشئ من الأقذار والدماء وقيل معناه العظيم الحرمة مجمع البيان.

3- سرحت فلانا إلى موضع كذا إذا أرسلته صحاح.

4- ودع الشئ ودعا إذا تركه م?.

5- كدا بالمد والفتح والثنية بالعليا بمكة مما يلي المقابر وكذا بالضم والقصر الثنية السفلى مما يلي باب العمرة واما كدي بالضم وتشديد الياء فهو موضع بأسفل مكة وقد تكرر ذكر الأوليين في الحديث.

6- ذو طوى بالضم موضع بمكة ص وذو طوى مثلثة الطاء وينون عين قرب مكة ق.

7- زمه فانزم شده ق.

8- جرهم كقنفذ حي من اليمين تزوج فيه إسماعيل عليه السلام ق.

9- وذو المجاز سوق كانت لهم على فرسخ من عرفات ق.

10- إنما هو اخبار منه سبحانه بذلك وابتداء كلام من جهته لا على سبيل الحكاية عن إبراهيم بل هو اعتراض عن الجبائي قال ثم عاد إلى حكاية كلام إبراهيم عليه السلام فقال الحمد لله آه م? ن.

11- واستدل أصحابنا بهذا على ما ذهبوا إليه من أن أبوي إبراهيم عليه السلام لم يكونا كافرين لأنه إنما يسأل المغفرة لهما يوم القيامة فلو كانا كافرين لما سأل ذلك لأنه قال فلما تبين له انه عدو الله تبرأ منه فصح ان أباه الذي كان كافرا إنما هو جده لامه أو عمه على الخلاف فيه ومن قال إنما دعا لأبيه لأنه كان وعده ان يسلم فلما مات على الكفر تبرأ منه على ما روي عن الحسن فقوله فاسد لان إبراهيم إنما دعا بهذا الدعاء بعد الكبر وبعد ان وهب له إسماعيل واسحق وقد تبين له في هذا الوقت عداوة أبيه الكافر لله فلا يجوز ان يقصده بدعائه مجمع البيان.

12- أي رافعي رؤوسهم إلى السماء حتى لا يرى الرجل مكان قدمه من شدة رفع الرأس وذلك من هول يوم القيامة م? ن.

13- عكاظ كغراب سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذي القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبايل العرب فيتعاكظون اي يتفاخرون ويتناشدون ومنهم الأديم العكاظي ق.

14- العفرة بياض ليس بالناصع ولكن كلون عفر الأرض وهو وجهها ومنه الحديث يحشر الناس يوم القيامة على ارض بيضاء عفراء نهاية.