النساء (تكملة)
وكانت أشجع محالها البيضاء والجبل والمستباح وقد كانوا قربوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهابوا لقربهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبعث إليهم من يغزوهم وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا فهم بالمسير إليهم فبينا هو على ذلك إذ جاءت أشجع ورئيسها مسعود بن رحيلة وهم سبعمائة فنزلوا شعب سلع (1) وذلك في شهر ربيع سنة ست فدعا رسول الله أسيد بن حصين فقال له اذهب في نفر من أصحابك حتى تنظر ما أقدم أشجع فخرج أسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم فقال ما أقدمكم فقام إليه مسعود بن رحيلة وهو رئيس أشجع فسلم على أسيد وعلى أصحابه وقالوا جئنا لنوادع محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فرجع أسيد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم ثم بعث إليهم بعشرة أجمال تمر فقدمها أمامه ثم قال نعم الشئ الهدية امام الحاجة ثم أتاهم فقال يا معشر أشجع ما أقدمكم قالوا قربت دارنا منك وليس في قومنا أقل عددا منا فضقنا لحربك لقرب دارنا وضقنا لحرب قومنا لقلتنا فيهم فجئنا لنوادعك فقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك منهم وأودعهم فأقاموا يومهم ثم رجعوا إلى بلادهم وفيهم نزلت هذه الآية الا الذين يصلوا الآية ولو شاء الله لسلطهم عليكم بأن قوى قلوبهم وبسط صدورهم وأزال الرعب عنهم فلقاتلوكم ولم يكفوا عنكم فإذا اعتزلوكم فلم يقاتلوكم فإن لم يتعرضوا لكم وألقوا إليكم السلم الاستسلام والانقياد فما جعل الله لكم عليهم سبيلا فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم.
القمي عن الصادق (عليه السلام) كانت السيرة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل نزول سورة البراءة ألا يقاتل إلا من قاتله ولا يحارب إلا من حاربه وأراده وقد كان نزل في ذلك من الله سبحانه فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة براءة وأمر بقتل المشر كين من اعتزله ومن لم يعتزله الا الذين قد كان عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم فتح مكة إلى مدة منهم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحديث طويل وهو مذكور بتمامه في سورة براءة.
(91) ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم قيل كانوا يظهرون الإسلام ليأمنوا المسلمين فإذا رجعوا إلى كفروا.
في المجمع، عن الصادق (عليه السلام) نزلت في عيينة بن حصين الفزاري أجدبت بلادهم فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووادعه على أن يقيم ببطن (2) نجل ولا يتعرض له وكان منافقا ملعونا وهو الذي سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأحمق المطاع.
والقمي مثله كل ما ردوا إلى الفتنة دعوا إلى الكفر وإلى قتال المسلمين أركسوا فيها عادوا إليها وقلبوا فيها أقبح قلب فإن لم تعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فإن لم يعتزل هؤلاء قتالكم ولم يستسلموا لكم ولم يكفوا أيديهم عن قتالكم.
فخذوهم فأسروهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم حيث تمكنتم منهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا تسلطا ظاهرا وحجة واضحة في التعرض لهم بالقتل والسبي لظهور عداوتهم وكفرهم وغدرهم.
(92) وما كان لمؤمن وما صح لمؤمن ولا استقام له وما لاق بحاله أن يقتل.
مؤمنا بغير حق إلا خطئا لأنه في عرضة الخطأ.
والقمي يعني ولا خطأ.
في المجمع، عن الباقر (عليه الصلاة والسلام) نزلت في عياش (3) بن أبي ربيعة المخزومي أخي أبي جهل لأنه كان أسلم وقتل بعد إسلامه رجلا مسلما وهو لم يعلم باسلامه وكان المقتول الحارث بن يزيد أبو نبيشة (4) العامري قتله بالحرة (5) بعد الهجرة وكان أحد من رده عن الهجرة وكان يعذب عياشا مع أبي جهل ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة فعليه تحرير رقبة مؤمنة فيما بينه وبين الله كذا عن الصادق (عليه السلام) رواه العياشي.
وفي الكافي والعياشي عنه (عليه السلام) كل العتق يجوز فيه المولود إلا في كفارة القتل فان الله عز وجل يقول فتحرير رقبة مؤمنة يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث (6).
والعياشي عن الكاظم (عليه السلام) سئل كيف تعرف المؤمنة قال على الفطرة (7) ودية مسلمة إلى أهله مؤداة إلى أولياء المقتول إلا أن يصدقوا يتصدقوا عليه بالدية سمى العفو عن الدية صدقة حثا عليه وتنبيها على فضله.
وفي الحديث كل معروف صدق.
العياشي سئل الصادق (عليه السلام) عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة وهو الرجل يضرب الرجل ولا يتعمد قتله قال نعم قيل فإذا رمى شيئا فأصاب رجلا قال ذلك الخطأ الذي لا شك فيه وعليه الكفارة والدية فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة.
في الفقيه عن الصادق (عليه السلام في رجل مسلم في أرض الشرك فقتله المسلمون ثم علم به الإمام بعد فقال يعتق مكانه رقبة مؤمنة وذلك قول الله عز وجل فإن كان من قوم عدو لكم الآية، وزاد العياشي وليس عليه دية وأن كان من قوم كفرة بينكم وبينهم ميثاق عهد فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة يلزم قاتله كفارة لقتله كذا في المجمع عن الصادق (عليه السلام) فمن لم يجد رقبة بأن لا يملكها ولا ما يتوصل به إليها فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله بحاله عليما حكيما فيما أمر في شأنه.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر الأول فان عليه أن يعيد الصيام وإن صام الشهر الأول وصام من الشهر الثاني شيئا ثم عرض له ماله فيه عذر فعليه أن يقضي.
أقول: يعني يقضي ما بقي عليه.
(93) ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما.
في الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا أله توبة فقال إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له وإن كان قتله لغضب أو لسبب شئ من أشياء الدنيا فإن توبته أن يقاد منه وان لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فان عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية واعتق نسمة وصام شهرين متتابعين واطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عز وجل.
وعنه (عليه السلام) لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، وقال لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة.
وفيه وفي المعاني والعياشي عنه (عليه السلام) من قتل مؤمنا على دينه فذلك المتعمد الذي قال الله عز وجل في كتابه، وأعد له عذابا عظيما، قيل والرجل يقع بين الرجل وبينه شئ فيضربه بالسيف فيقتله قال ليس ذلك المتعمد الذي قال الله عز وجل فجزاؤه جهنم.
وفي المعاني في قوله تعالى فجزاؤه (8) جهنم خالدا فيها قال إن جازاه.
(94) يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله سافرتم للغزو فتبينوا فاطلبوا بيان الأمر وميزوا بين الكافر والمؤمن وقرئ فتثبتوا في الموضعين أي توقفوا وتأنوا حتى تعلموا من يستحق القتل والمعنيان.
متقاربان يعني لا تعجلوا في القتل لمن اظهر اسلامه ظنا منكم بأنه لا حقيقة لذلك ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لمن حياكم بتحية السلام وقرئ، السلم بغير الف وهما بمعنى الاستسلام والانقياد وفسر السلام بتحية الإسلام أيضا.
والعياشي نسب قراءة السلام إلى الصادق (عليه السلام) لست مؤمنا وإنما فعلت ذلك خوفا من القتل تبتغون عرض الحياة الدنيا تطلبون ماله الذي هو حطام سريع الزوال وهو الذي يبعثكم على العجلة وترك التثبت فعند الله مغانم كثيرة تغنيكم عن قتل أمثاله لماله كذلك كنتم من قبل أول ما دخلتم في الإسلام وتفوهتم بكلمتي الشهادة فتحصنت بها دماؤكم وأموالكم من غير أن تعلم مواطاة قلوبكم ألسنتكم فمن الله عليكم بالاشتهار بالإيمان والاستقامة في الدين فتبينوا وافعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل الله بكم ولا تبادروا إلى قتلهم ظنا بأنهم دخلوا فيه اتقاء وخوفا وتكريرها تأكيد لتعظيم الأمر وترتيب الحكم على ما ذكر من حالهم إن الله كان بما تعملون خبيرا عالما به وبالغرض منه فلا تتهافتوا (9) في القتل واحتاطوا فيه.
القمي نزلت لما رجع رسول الله من غزوة خيبر وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الإسلام وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى فلما أحس بخيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع ماله وأهله وصار في ناحية الجبل فأقبل يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمر به أسامة بن زيد فطعنه فقتله فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبره بذلك فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله فقال يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفلا شققت الغطاء عن قلبه لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في نفسه علمت فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقاتل أحدا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتخلف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه وأنزل الله في ذلك ولا تقولوا لمن القى إليكم السلام الآية.
أقول: في هذا الخبر ما يدل على نفاق أسامة وابتغائه عرض الحياة الدنيا وكفى في ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا ما كان في نفسه علمت عذرا لأمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه فإنه كان قد علم ذلك من الله ومن رسوله على أن طاعة الإمام (عليه السلام) واجبة فلا عذر لأسامة في تخلفه عنه.
وفي رواية العامة أن مرداسا أضاف إلى الكلمتين السلم عليكم وهي تؤيد قراءة السلام وتفسيره بتحية الإسلام.
(95) لا يستوي القاعدون عن الحرب من المؤمنين غير أول الضرر الأصحاء وقرئ منصوبا أي حال خلوهم من الضرر المانع من الخروج.
في المجمع نزلت في كعب بن مالك من بني سلمة ومرارة بن ربيع من بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية من بني واقف تخلفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم تبوك (10) وعذر الله اولي الضرر وهو عبد الله بن أم مكتوم قال رواه أبو حمزة الثمالي في تفسيره.
وفي العوالي روى زيد بن ثابت أنه لم يكن في آية نفي المساواة بين المجاهدين والقاعدين استثناء غير اولي الضرر فجاء ابن أم مكتوم وكان أعمى وهو يبكي فقال يا رسول الله كيف بمن لا يستطيع الجهاد فغشيه الوحي ثانيا ثم سرى (11) عنه (عليه السلام).
فقال اقرأ غير أولي الضرر فالحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع (12) في الكتف (13) والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ترغيب للقاعد في الجهاد فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا من القاعدين والمجاهدين وعد الله الحسنى المثوبة الحسنى وهي الجنة، لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم.
في الجوامع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقد خلفتم في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم وهم الذين صحت نياتهم ونصحت جيوبهم وهوت أفئدتهم إلى الجهاد وقد منعهم من المسير ضرر أو غيره وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما.
(96) درجات منه ومغفرة ورحمة في المجمع جاء في الحديث أن الله سبحانه فضل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة بين كل درجتين مسيرة سبعين خريفا (14) للفرس الجواد المضمر (15) قيل كرر تفضيل المجاهدين وبالغ فيه اجمالا وتفصيلا تعظيما للجهاد وترغيبا فيه وقيل الأول: ما خولهم (16) في الدنيا من الغنيمة والظفر وجميل الذكر والثاني ما جعل لهم في الآخرة وقيل الدرجة ارتفاع منزلتهم عند الله والدرجات منازلهم في الجنة.
وقيل القاعدون الأول هم الأضراء (17) والقاعدون الثاني هم الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم.
وقيل المجاهدون الأولون من جاهد الكفار والآخرون من جاهد نفسه كما ورد في الحديث رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
أقول: ويحتمل أن يكون المراد بالأول قوما وبالآخر آخرين فان ما بين المجاهد والمجاهد لما بين السماء والأرض وكان الله غفورا رحيما يغفر لما عسى أن يفرط منهم ويرحمهم باعطاء الثواب.
(97) إن الذين توفاهم الملائكة يحتمل الماضي والماضي والمضارع وقرئ توفتهم ظالمي أنفسهم في حال ظلمهم أنفسهم بترك الهجرة وموافقة الكفرة.
في الإحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها وقوله قل يتوفاكم ملك الموت وقوله عز وجل توفته رسلنا وقوله تعالى الذين توفاهم الملائكة فمرة يجعل الفعل لنفسه ومرة لملك الموت ومرة للرسل ومرة للملائكة فقال إن الله تعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه وفعل رسله وملائكته فعله لأنهم بأمره يعملون فاصطفى من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه وهم الذين قال الله فيهم الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره وفعلهم فعله وكل ما يأتونه منسوب إليه فإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ففعل ملك الموت فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل أمنائه فعله كما قال وما تشاؤون إلا أن يشاء الله.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن ذلك فقال إن الله تعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة (18) له أعوان من الإنس يبعثهم في حوائجه فيتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.
وفي التوحيد سئل أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) عن ذلك فقال إن الله تعالى يدبر الأمور كيف يشاء ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء أما ملك الموت فان الله يوكله بخاصة من يشاء ويوكل رسله من الملائكة خاصة بمن يشاء من خلقه والملائكة الذين سماهم الله عز ذكره وكلهم بخاصة من يشاء من خلقه وان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس لأن منهم القوي والضعيف ولأن منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله إلا من يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه وإنما يكفيك أن تعلم أن الله المحيي والمميت وأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم.
أقول: ولغموض هذه المسألة قال (عليه السلام) ما قال والسر فيه أن قابض روح النبات ومتوفيه ورافعه إلى سماء الحيوانية هي النفس المختصة بالحيوان وهي من أعوان الملائكة الموكلة بإذن الله لهذا الفعل باستخدام القوى الحساسة والمحركة وكذلك قابض روح الحيوان ومتوفيه ورافعه إلى سماء الدرجة الإنسانية هي النفس المختصة بالإنسان وهي كلمة الله المسماة بالروح القدس الذي شأنه إخراج النفوس من القوة الهيولانية إلى العقل المستفاد بأمر الله وإيصال الأرواح إلى جوار الله وعالم الملكوت الأخروي وهم المرادون بالملائكة والرسل وأما الإنسان بما هو انسان فقابض روحه ملك الموت قل يتوفاكم ملك الموت وأما المرتبة العقلية فقابضها وهو الله سبحانه الله يتوفى الأنفس، يا عيسى اني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات قالوا أي الملائكة توبيخا لهم فيم كنتم في أي شئ كنتم من أمر دينكم قالوا كنا مستضعفين في الأرض يستضعفنا أهل الشرك بالله في أرضنا وبلادنا بكثرة عددهم وقوتهم ويمنعوننا من الايمان بالله واتباع رسوله واعتذروا مما وبخوا به بضعفهم وعجزهم عن الهجرة أو عن إظهار الدين وإعلاء كلمته قالوا أي الملائكة تكذيبا لهم ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فتخرجوا من أرضكم ودوركم وتفارقوا من يمنعكم من الايمان إلى قطر آخر كما فعل المهاجرون إلى المدينة والحبشة فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا قيل نزلت في أناس من مكة أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة واجبة.
وفي المجمع والعياشي عن الباقر (عليه السلام) هم قيس بن الفاكهة بن المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبو العاص بن منبه بن الحجاج وعلي بن أمية ابن خلف.
والقمي نزلت فيمن اعتزل أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يقاتلوا معه فقالت الملائكة لهم عند الموت فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض أي لم نعلم مع من الحق فقال الله ألم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها اي دين الله وكتاب الله واسع فتنظروا فيه.
أقول: لا منافاة بين الخبرين لأن الأول تفسير والثاني تأويل والآية تشملهما.
وفي نهج البلاغة قال (عليه السلام) ولا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها اذنه ووعاها قلبه وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل ما تقول في المستضعفين فقال شبيها بالفزع فتركتم أحدا يكون مستضعفا وأين المستضعفون فوالله لقد مشى بأمركم هذا العواتق (19) إلى العواتق في خدورهن وتحدثت به السقاءات في طرق المدينة.
وعن الكاظم (عليه السلام) أنه سئل عن الضعفاء فكتب الضعيف من لم ترفع له حجة ولم يعرف الاختلاف فإذا عرف الاختلاف فليس بضعيف.
أقول: وفي الآية دلالة على وجوب الهجرة من موضع لا يتمكن الرجل فيه من إقامة دينه وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من فر بدينه من ارض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
(98) إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان استثناء منقطع لعدم دخولهم في الموصول وضميره والإشارة إليه لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) هو الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر ولا يهتدي سبيلا إلى الايمان لا يستطيع ان يؤمن ولا يكفر قال والصبيان من كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان.
وعنه (عليه السلام) انه سئل من هم قال نساؤكم وأولادكم ثم قال أرأيت أم أيمن فاني اشهد انها من أهل الجنة وما كانت تعرف ما أنتم عليه.
وفي المعاني والعياشي عنه (عليه السلام) ما يقرب من الحديث الأول وفي آخره مرفوع عنهم القلم.
وعن الصادق (عليه السلام) لا يستطيعون حيلة إلى النصب فينصبون ولا يهتدون سبيلا إلى الحق فيدخلون فيه هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله عنها ولا ينالون منازل الأبرار.
والعياشي عن الباقر (عليه السلام) انه سئل عن المستضعفين فقال البلهاء (20) في خدرها (21) والخادم تقول لها صلي فتصلي لا تدري الا ما قلت لها والجليب الذي لا يدري إلا ما قلت له والكبير الفاني (22) والصغير.
أقول: الجليب الذي يجلب من بلد إلى آخر.
(99) فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا ذا صفح عن ذنوب عباده سائرا عليهم ذنوبهم.
(100) ومن يهاجر يفارق أهل الشرك ويهرب بدينه من وطنه إلى أرض الإسلام في سبيل الله في منهاج دينه يجد في الأرض مراغما كثيرا متحولا من الرغام وهو التراب ومخلصا من الضلال وسعة في الرزق واظهار الدين فيرغم بذلك أنوف من ضيق عليه من قومه ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما.
في المجمع عن أبي حمزة الثمالي لما نزلت آية الهجرة سمعها رجل من المسلمين وهو جندع أو جندب بن ضمرة وكان بمكة فقال والله ما انا ممن استثنى الله إني لأجد قوة واني لعالم بالطريق وكان مريضا شديد المرض فقال لبنيه والله لا أبيت بمكة حتى اخرج منها فاني أخاف ان أموت فيها فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ التنعيم مات فنزلت الآية.
والعياشي عن محمد بن أبي عمير قال وجه زرارة بن أعين ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن موسى بن جعفر وعبد الله الأفطس فمات قبل ان يرجع إليه عبيد الله قال محمد بن أبي عمير حدثني محمد بن حكيم قال ذكرت لأبي الحسن (عليه السلام) زرارة وتوجيهه عبيدا إلى المدينة فقال إني لأرجو أن يكون زرارة ممن قال الله: ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله (الآية).
(101) وإذا ضربتم في الأرض سافرتم فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة بتنصيف الرباعيات لما امر الله بالجهاد والهجرة بين صلاة السفر والخوف قيل كأنهم ألفوا الإتمام وكان مظنة لأن يخطر ببالهم ان عليهم نقصانا في التقصير فرفع عنهم الجناح لتطيب نفوسهم بالقصر ويطمئنوا إليه.
وفي الفقيه والعياشي عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا لأبي جعفر (عليه السلام) ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي فقال إن الله عز وجل يقول وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا قلنا إنما قال الله تعالى فليس عليكم جناح ولم يقل افعلوا كيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر فقال أوليس قد قال الله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ألا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض لأن الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكره الله تعالى في كتابه قالا قلنا له فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا قال إن كان قد قرأت عليه آية التقصير وفسرت له وصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير وتركها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في السفر والحضر ثلاث ركعات وزاد في الفقيه وقد سافر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا فقصر وافطر فصارت سنة وقد سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوما صاموا حين أفطر العصاة إلى يوم القيامة وانا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرض المسافر ركعتان غير قصر.
أقول: وأقل سفر يقصر فيه ثمانية فراسخ ذاهبا وجائيا كما يستفاد من الأخبار المعصومية وأكثر أصحابنا قد خفي عليهم ذلك حيث زعموا ان هذه المسافة معتبرة في الذهاب خاصة وقد حققنا ذلك في كتابنا الموسوم بالوافي وغيره أن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا في أنفسكم أو دينكم وهذا الشرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت فان القصر ثابت في حال الامن أيضا.
وفي الكافي والفقيه والتهذيب عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية أنها في الركعتين تنقص منهما واحدة في حال الخوف إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ظاهر العداوة.
(102) وإذا كنت فيهم في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم ان يغزوهم فأقمت لهم الصلاة بأن تؤمهم فلتقم طائفة منهم من أصحابك معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم يحرسونكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم تحرزهم وتيقظهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة تمنوا ان ينالوا منكم غرة في صلواتكم فيحملون عليكم حملة واحدة وهو بيان ما لأجله أمروا بأخذ السلاح ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم رخصة لهم في وضعها إذا ثقل عليهم اخذها بسبب مطر أو مرض وخذوا حذركم كيلا يهجم عليكم العدو إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا مذلا.
القمي نزلت لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحديبية يريد مكة فلما رفع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مأتي فارس ليستقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان يعارض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الجبال فلما كان في بعض الطريق وحضرت صلاة الظهر اذن بلال وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالناس وقال خالد بن الوليد لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة لأصبناهم فإنهم لا يقطعون الصلاة ولكن تجئ لهم الآن صلاة أخرى هي أحب إليهم من ضياء أبصارهم فإذا دخلوا فيها حملنا عليهم فنزل جبرئيل بصلاة الخوف بهذه الآية ففرق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه فرقتين ووقف بعضهم تجاه العدو وقد أخذوا سلاحهم وفرقة صلوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائما ومروا فوقفوا موقف أصحابهم وجاء أولئك الذين لم يصلوا فصلى بهم رسول الله الثانية ولهم الأولى وقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقاموا أصحابه فصلوا هم الركعة الثانية وسلم عليهم.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) صلى رسول الله بأصحابه في غزوة ذات الرقاع صلاة الخوف ففرق أصحابه فرقتين أقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا فقرأ وانصتوا فركع وركعوا فسجد وسجدوا ثم استمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائما وصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض ثم خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدو وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلم عليهم فقاموا وصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض.
وعنه (عليه السلام) أنه سئل عن صلاة الخوف قال يقوم الإمام وتجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم الإمام ركعة ثم يقوم ويقومون معه فيمثل قائما ويصلون هم الركعة الثانية ثم يسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ويجئ الآخرون فيقومون خلف الإمام فيصلي بهم الركعة الثانية ثم يجلس الإمام فيقومون هم فيصلون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمه قال وفي المغرب بمثل ذلك يقوم الإمام وتجيئ طائفة فيقومون خلفه ثم يصلي بهم ركعة ثم يقوم ويقومون فيمثل الإمام قائما فيصلون ركعتين فيتشهدون ويسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مواقف أصحابهم ويجئ الآخرون ويقومون في مواقف أصحابهم خلف الإمام فيصلي بهم ركعة يقرأ فيها ثم يجلس فيتشهد ثم يقوم ويقومون معه ويصلي بهم ركعة أخرى ثم يجلس ويقومون هم فيتمون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم.
(103) فإذا قضيتم الصلاة فإذا فرغتم من صلاتكم وأنتم محاربوا عدوكم فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ادعوا الله في هذه الأحوال لعله ينصركم على عدوكم ويظفركم به مثل قوله تعالى إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون فإذا اطمأننتم فإذا استقررتم في أوطانكم وأقمتم في أمصاركم فأقيموا الصلاة فأتموا الصلاة التي أذن لكم في قصرها وتخفيفها في حال السفر والخوف وأتموا حدودها إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا.
في الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام يعني مفروضا وليس يعني وقت فوتها إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاته هذه مؤداة ولو كان كذلك لهلك سليمان بن داود حين صلاها لغير وقتها ولكن متى ما ذكرها صلاها.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) موقوتا أي ثابتا وليس ان عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضع تلك الإضاعة فان الله عز وجل يقول لقوم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.
(104) ولا تهنوا في ابتغاء القوم لا تضعفوا في طلب القوم الذين هم أعداء الله وأعداؤكم إن تكونوا تألمون مما ينالكم من الجراح منهم فإنهم يألمون أيضا مما ينالهم من ذلك كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون من اظهار الدين واستحقاق الثواب فأنتم أولى وأحرى على حربهم وقتالهم منهم على قتالكم وكان الله عليما بمصالح خلقه حكيما في تدبيره إياهم.
القمي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رجع من وقعة أحد ودخل المدينة نزل عليه جبرئيل فقال يا محمد ان الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ولا يخرج معك إلا من به جراحة فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مناديا ينادي يا معشر المهاجرين والأنصار من كانت به جراحة فليخرج ومن لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها فأنزل الله على نبيه ولا تهنوا (الآية) وقال عز وجل إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله إلى قوله شهداء فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح.
(105) إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله بما عرفك وأوحى به إليك.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلى الأئمة قال الله عز وجل إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله وهي جارية في الأوصياء.
وفي الاحتجاج عنه (عليه السلام) إنه قال لأبي حنيفة وتزعم أنك صاحب رأي وكان الرأي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صوابا ومن دونه خطأ لأن الله قال فاحكم بينهم بما أراك الله ولم يقل ذلك لغيره ولا تكن للخائنين لأجلهم والذب عنهم خصيما للبراء.
(106) واستغفر الله مما هممت به إن الله كان غفورا رحيما لمن يستغفره.
القمي كان سبب نزولها أن قوما من الأنصار من بني أبيرق اخوة ثلاثة كانوا منافقين بشير ومبشر وبشر فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وكان قتادة بدريا واخرجوا طعاما كان أعده لعياله وسيفا ودرعا فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله ان قوما نقبوا على عمي وأخذوا طعاما كان أعده لعياله وسيفا ودرعا وهم أهل بيت سوء وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل فقال بنو أبيرق لقتادة هذا عمل لبيد بن سهل فبلغ ذلك لبيدا فأخذ سيفه وخرج عليهم فقال يا بني أبيرق أترمونني بالسرق وأنتم أولى به مني وأنتم المنافقون تهجون رسول الله وتنسبونه إلى قريش لتبينن ذلك أو لأملأن سيفي منكم فداروه فقالوا له ارجع رحمك الله فإنك برئ من ذلك فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له أسيد بن عروة وكان منطيقا بليغا فمشى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله ان قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف وحسب ونسب فرماهم بالسرق وأتاهم بما ليس فيهم فاغتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك وجاء إليه قتادة فأقبل عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسرقة فعاتبه عتابا شديدا فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمه وقال يا ليتني مت ولم أكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد كلمني بما كرهته فقال عمه: الله المستعان فأنزل الله في ذلك على نبيه إنا أنزلنا إليك الكتاب (الآيات).
وفي المجمع ما يقرب منه قال وكان بشير يكنى أبا طعمة وكان يقول الشعر ويهجو به أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم يقول قاله فلان.
وفي الجوامع يروى أن أبا طعمة بن أبيرق سرق درعا من جار له اسمه قتادة بن النعمان وخباها عند رجل من اليهود فأخذ الدرع من منزل اليهودي فقال دفعها إلي أبو طعمة فجاء بنو أبيرق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكلموا أن يجادلوا عن صاحبهم وقالوا أن لم تفعل هلك وافتضح وبرئ اليهودي فهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يفل وأن يعاقب اليهودي فنزلت وفي معناه ما روته العامة مع زيادات.
(107) ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم جعل المعصية خيانة لها كما جعلت ظلما عليها لأن وبالها يعود عليها إن الله لا يحب من كان خوانا مبالغا في الخيانة مصرا عليها أثيما منهمكا فيه.
(108) يستخفون من الناس يستترون منهم حياء وخوفا ولا يستخفون من الله ولا يستحيون منه وهو أحق بأن يستحيى منه ويخاف وهو معهم إذ يبيتون يدبرون ويزورون بالليل ما لا يرضى من القول من رمي البرئ.
القمي يعني الفعل فوقع القول مقام الفعل وكان الله بما يعملون محيطا لا يفوت عنه شئ.
(109) ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا محاميا عنهم يحميهم من عذاب الله.
(110) ومن يعمل سوء قبيحا يسوء به غيره أو يظلم نفسه بما يختص به ولا يتعداه ثم يستغفر الله بالتوبة يجد الله غفورا لذنوبه رحيما متفضلا عليه.
في نهج البلاغة من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة ثم تلا الآية.
(111) ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه لا يتعداه وباله وكان الله عليما حكيما وهو عالم بفعله حكيم في مجازاته.
(112) ومن يكسب خطيئة ذنبا على غير عمد أو إثما ذنبا تعمده كبشير ثم يرم به بريئا كما رمى بشير لبيدا أو اليهودي فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا بسبب رمي البرئ وتنزيه النفس الخاطئة.
(113) ولولا فضل الله عليك ورحمته باعلام ما هم عليه بالوحي لهمت طائفة منهم أن يضلوك عن القضاء بالحق مع علمهم بالحال وليس القصد فيه إلى نفي همهم بل إلى نفي تأثيره فيه وما يضلون إلا أنفسهم لأن وباله عليهم وما يضرونك من شئ فان الله عاصمك وناصرك ومؤيدك وما خطر ببالك كان اعتمادا منك على ظاهر الأمر لا ميلا في الحكم وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم من خفيات الأمور وكان فضل الله عليك عظيما إذ لا فضل أعظم من النبوة.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال إن أناسا من رهط بشير الأدنين قالوا انطلقوا بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نكلمه في صاحبنا ونعذره فان صاحبنا برئ فلما انزل الله يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إلى قوله وكيلا فأقبلت رهط بشير فقالت يا بشير استغفر الله وتب من الذنب فقال والذي أحلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا واثما مبينا ثم إن بشيرا كفر ولحق بمكة وأنزل الله في النفر الذين أعذروا بشيرا وأتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليعذروه ولولا فضل الله عليك ورحمته (الآية) ونزل في بشير وهو بمكة ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا.
وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) في قوله تعالى إذ يبيتون ما لا يرضى من القول يعني فلانا وفلانا وأبا عبيدة الجراح.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث وقد بين الله قصص المغيرين بقوله إذ يبيتون ما لا يرضى من القول بعد فقد الرسول ما يقيمون به أود (23) باطلهم حسب ما فعلته اليهود والنصارى بعد فقد موسى وعيسى من تغيير التوراة والإنجيل وتحريف الكلم عن مواضعه.
(114) لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أمر جميل أو إصلاح بين الناس تأليف بينهم بالمودة.
في الكافي والعياشي والقمي عن الصادق (عليه السلام) يعني بالمعروف القرض.
والقمي عنه (عليه السلام) ان (24) الله فرض التمحل (25) في القرآن فسئل وما التمحل قال أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتمحل له وهو قوله تعالى لا خير في كثير من نجواهم.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) ان الله فرض عليكم زكاة جاهكم كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيديكم.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) الكلام ثلاثة صدق وكذب واصلاح بين الناس وفسر الإصلاح بأن تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث (26) نفسه فتلقاه فتقول سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا خلاف ما سمعت منه.
وفي الخصال عنه (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثة يحسن فيهن الكذب المكيدة في الحرب وعدتك زوجتك، والإصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك أي الأمور الثلاثة أو الأمر بها ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما وقرئ بالياء.
(115) ومن يشاقق الرسول يخالفه من بعد ما تبين له الهدى أي ظهر له الحق ويتبع غير سبيل المؤمنين ما هم عليه من الدين الحنيفي نوله ما تولى نجعله واليا لما تولى من الضلال بأن نخذله ونخلي بينه وبين ما اختاره ونصله جهنم وساءت مصيرا.
القمي نزلت في بشير كما مر.
(116) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء تكريره اما للتأكيد أو لقصة بشير ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا عن الحق.
(117) إن يدعون من دونه ما يدعو هؤلاء المشركون وما يعبدون من دون الله.
إلا إناثا يعني اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وأساف ونائلة كان لكل حي صنم يعبدونه ويسمونه أنثى بني فلان كذا قيل.
وفي المجمع عن تفسير أبي حمزة الثمالي قال كان في كل واحدة منهن شيطانة أنثى تتراءى للسدنة (27) وتكلمهم وذلك من صنيع إبليس وهو الشيطان الذي ذكره الله تعالى ولعنه وإن يدعون أن يعبدون بعبادتها إلا شيطانا مريدا لأنه الذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها فكان طاعتهم في ذلك عبادة له والمريد الخارج عن الطاعة الذي لا يعلق بخير.
(118) لعنه الله ابعده عن الخير وقال أي الشيطان لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا قدر لي وفرض قاله عداوة وبغضا.
في المجمع عن تفسير الثمالي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الآية من بني آدم تسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة، وفي رواية أخرى من كل ألف واحد لله وسائرهم للنار ولإبليس.
(119) ولأضلنهم عن الحق ولأمنينهم الأماني الباطلة كطول العمر وان لا بعث ولا عقاب ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام قيل كانوا يشقون اذانها إذا ولدت خمسة أبطن والخامس ذكر وحرموا على أنفسهم الانتفاع بها.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) ليقطعن الأذن من أصلها ولأمرنهم فليغيرن خلق الله فيه عنه (عليه السلام) يريد دين الله وأمره ونهيه ويؤيده قوله سبحانه فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله.
أقول: ويزيده تأييدا قوله عز وجل عقيب ذلك ذلك الدين القيم وتفسيرهم (عليهم السلام) فطرة الله بالإسلام ولعله يندرج فيه كل تغيير لخلق الله عن وجهه صورة أو صفة من دون اذن من الله كفقئهم (28) عين الفحل الذي طال مكثه عندهم الفقاؤه عن الركوب وخصأ العبيد وكل مثلة ولا ينافيه التفسير بالدين والأمر لأن ذلك كله داخل فيهما ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله بأن يؤثر طاعته على طاعة الله عز وجل فقد خسر خسرانا مبينا إذ ضيع رأس ماله وبدل مكانه من الجنة بمكانه من النار.
(120) يعدهم ما لا ينجز ويمنيهم ما لا ينالون وما يعدهم الشيطان إلا غرورا وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر وهذا الوعد اما بالخواطر الفاسدة أو بلسان أوليائه.
في المجالس عن الصادق (عليه السلام) لما نزلت هذه الآية والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثور فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقالوا يا سيدنا لم دعوتنا قال نزلت هذه الآية فمن لها فقام عفريت من الشياطين فقال أنا لها قال بماذا قال له بكذا وكذا قال لست لها فقام آخر فقال مثل ذلك فقال لست لها فقال الوسواس الخناس أنا لها فقال بماذا قال أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فإذا أوقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار فقال أنت لها فوكله بها إلى يوم القيامة.
(121) أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا معدلا ومهربا.
(122) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا تأكيد بليغ.
(123) ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب.
القمي ليس ما تتمنون أنتم ولا أهل الكتاب أي أن لا تعذبوا بأفعالكم من يعمل سوءا يجز به عاجلا أو آجلا.
في العيون أن إسماعيل قال للصادق (عليه السلام يا أبتاه ما تقول في المذنب منا ومن غيرنا فقال ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به.
وفي المجمع عن أبي هريرة قال لما نزلت هذه الآية بكينا وحزنا وقلنا يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شئ فقال أما والذي نفسي بيده انها لكما نزلت، ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا أنه لا يصيب أحدا منكم مصيبة الا كفر الله بها خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه.
أقول: معنى قاربوا وسددوا اقتصدوا في أموركم واطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة من غير غلو ولا تقصير.
وفي معنى هذا الحديث أخبار كثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام).
فالعياشي عن الباقر (عليه السلام) لما نزلت هذه الآية من يعمل سوء يجز به قال بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أشدها من آية فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اما تبتلون في أنفسكم وأموالكم وذراريكم قالوا بلى قال هذا مما يكتب الله لكم به الحسنات ويمحو به السيئات.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) ان الله تعالى إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله ذنب ابتلاه بالحاجة فإن لم يفعل ذلك به شدد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب (الحديث).
ولا يجد له لنفسه من دون الله وليا من يواليه ولا نصيرا يدفع عنه العذاب.
(124) ومن يعمل من الصالحات بعضها من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة وقرئ بضم الياء وفتح الخاء ولا يظلمون نقيرا بنقص شئ من الثواب، النقير النقطة التي في النواة.
(125) ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله أخلص نفسه لله وهو محسن آت بالحسنات.
وفي الحديث النبوي الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك واتبع ملة إبراهيم التي هي دين الإسلام والمتفق على صحتها يعني اقتدى بدينه وبسيرته وطريقته حنيفا مائلا عن سائر الأديان واتخذ الله إبراهيم خليلا اصطفاه وخصصه بكرامة الخلة.
في الكافي عنهما (عليهما السلام) ان الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا وان الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا وان الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما.
وفيه والعياشي عن الباقر (عليه السلام) لما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا أتاه بشراه بالخلة فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء ودهنا فدخل إبراهيم الدار فاستقبله خارجا من الدار وكان إبراهيم رجلا غيورا وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه ثم رجع ففتح فإذا هو برجل قائم أحسن ما يكون الرجال فأخذه بيده وقال يا عبد الله من أدخلك داري فقال ربها ادخلنيها فقال ربها أحق بها مني فمن أنت قال ملك الموت ففزع إبراهيم (عليه السلام) وقال جئتني لتسلبني روحي قال لا ولكن اتخذ الله عبدا خليلا فجئت لبشارته قال فمن هو لعلي أخدمه حتى أموت قال أنت هو فدخل على سارة فقال لها ان الله تعالى اتخذني خليلا.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن إبراهيم كان أبا أضياف وكان إذا لم يكونوا عنده خرج يطلبهم وأغلق بابه وأخذ المفاتيح يطلب الأضياف وأنه رجع إلى داره فإذا هو برجل أو شبه رجل في الدار فقال يا عبد الله باذن من دخلت هذه الدار فقال دخلتها باذن ربها يردد ذلك ثلاث مرات فعرف إبراهيم (عليه السلام) أنه جبرئيل فحمد ربه ثم قال أرسلني ربك إلى عبد من عبيده يتخذه خليلا قال إبراهيم (عليه السلام) اعلمني من هو أخدمه حتى أموت قال فأنت قال وبم ذلك قال لأنك لم تسأل أحدا شيئا قط ولم تسأل شيئا قط فقلت لا.
والقمي عنه (عليه السلام) ان إبراهيم (عليه السلام) هو أول من حول له الرمل دقيقا وذلك أنه قصد صديقا له بمصر في قرض طعام فلم يجده في منزله فكره أن يرجع بالحمار خاليا فملأ جرابه رملا فلما دخل منزله خلا بين الحمار وبين سارة استحياء ودخل البيت ونام ففتحت سارة عن دقيق أجود ما يكون فخبزت وقدمت إليه طعاما طيبا فقال إبراهيم (عليه السلام) من أين لك هذا فقالت من الدقيق الذي حملته من عند خليلك المصري فقال إبراهيم اما إنه خليلي وليس بمصري فلذلك أعطى الخلة فشكر الله وحمده وأكل.
وفي الاحتجاج عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث قولنا إن إبراهيم (عليه السلام) خليل الله فإنما هو مشتق من الخلة (29) والخلة إنما معناها الفقر والفاقة فقد كان خليلا إلى ربه فقيرا إليه منقطعا وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا وذلك أنه لما أريد قذفه في النار فرمي به في المنجنيق فبعث الله إلى جبرئيل فقال له أدرك عبدي فجاءه فلقيه في الهواء فقال كلفني ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك فقال بل حسبي الله ونعم الوكيل اني لا أسأل غيره ولا حاجة لي إلا إليه فسماه خليله أي فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عما سواه قال وإذا جعل معنى ذلك من الخلة وهو أنه قد تخلل معانيه ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره كان معناه العالم به وبأموره ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله وإذا لم يعلمه بأسراره لم يكن خليله.
وفي العيون عن الصادق (عليه السلام) إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا لأنه لم يرد أحدا ولم يسأل أحدا قط غير الله.
وفي العلل عنه (عليه السلام) لكثرة سجوده على الأرض.
وعن الهادي (عليه السلام) لكثرة صلواته على محمد وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا طعامه الطعام وصلاته بالليل والناس نيام.
أقول: لا تنافي بين هذه الأخبار لأنها كلها مشتركة في معنى انقطاعه إلى الله واستغنائه عما سواه وانه الموجب لاتخاذ الله إياه خليلا ومما يدل على هذا المعنى ما ورد في بعض الروايات أن الملائكة قال بعضهم لبعض اتخذ ربنا من نطفة خليلا وقد أعطاه ملكا عظيما جزيلا فأوحى الله تعالى إلى الملائكة اعمدوا على أزهدكم ورئيسكم فوقع الاتفاق على جبرئيل وميكائيل فنزلا إلى إبراهيم في يوم جمع غنمه وكان لإبراهيم (عليه السلام) أربعة آلاف راع وأربعة آلاف كلب في عنق كل كلب طوق وزن من من ذهب أحمر وأربعون الف غنمة حلابة وما شاء الله من الخيل والجمال فوقف الملكان في طرفي الجمع فقال أحدهما بلذاذة (30) صوت سبوح قدوس فجاوبه الثاني رب الملائكة والروح فقال أعيداهما ولكما نصف مالي ثم قال أعيداهما ولكما مالي وولدي وجسدي فنادت ملائكة السماوات هذا هو الكرم هذا هو الكرم فسمعوا مناديا من العرش يقول الخليل موافق لخليله.
(126) ولله ما في السماوات وما في الأرض خلقا وأمرا وملكا فهو مستغن عن جميع خلقه وجميع خلقه محتاجون إليه وكان الله بكل شئ محيطا علما وقدرة.
(127) ويستفتونك ويسألونك الفتوى أي تبيين الحكم في النساء في ميراثهن.
القمي عن الباقر (عليه السلام) سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن النساء ما لهن من الميراث فأنزل الله الربع والثمن قل الله يفتيكم فيهن يبين لكم ما سألتم في شأنهن وما يتلى عليكم في الكتاب أي ويبين لكم أيضا ما يقرأ عليكم القرآن في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن لا تعطونهن ما كتب لهن من الميراث كان أهل الجاهلية لا يورثون الصغير ولا المرأة وكانوا يقولون لا نورث إلا من قاتل ودفع عن الحريم فأنزل الله تعالى الفرائض التي في أول السورة وهو معنى قوله لا تؤتونهن ما كتب لهن كذا في المجمع عن الباقر (عليه السلام).
وزاد القمي وكانوا يرون ذلك في دينهم حسنا فلما أنزل الله فرائض المواريث وجدوا (31) من ذلك وجدا شديدا فقالوا انطلقوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنذكر ذلك له لعله يدعه أو يغيره فأتوه فقالوا يا رسول الله للجارية نصف ما ترك أبوها وأخوها ويعطى الصبي الصغير الميراث وليس واحد منهما يركب الفرس ولا يحوز (32) الغنيمة ولا يقاتل العدو فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك أمرت وترغبون أن تنكحوهن عن نكاحهن.
القمي ان الرجل كان في حجره اليتيمة فتكون دميمة (33) وساقطة يعني حمقاء فيرغب الرجل أن يتزوجها ولا يعطيها مالها فينكحها غيره من أجل مالها ويمنعها النكاح ويتربص بها الموت ليرثها فنهى الله عن ذلك والمستضعفين ويفتيكم في المستضعفين من الولدان من الصبيان الصغار أن تعطوهم حقوقهم لأن فيما يتلى عليكم وآتوا اليتامى أموالهم كما مضى وأن تقوموا لليتامى بالقسط ويفتيكم في أن تقوموا لليتامى بالقسط في أنفسهم وأموالهم وما تفعلوا من خير في أمر النساء واليتامى وغير ذلك فإن الله كان به عليما وعد لمن آثر الخير في ذلك.
(128) وإن امرأة خافت من بعلها توقعت لما ظهر لها من المخائل نشوزا تجافيا عنها وترفعا عن صحبتها وكراهة لها ومنعا لحقوقها أو إعراضا بأن يقل مجالستها ومحادثتها فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا.
في الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) وهي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها أريد أن أطلقك فتقول له لا تفعل اني أكره أن يشمت بي ولكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت وما كان سوى ذلك من شئ فهو (34) لك ودعني على حالتي وهو قوله تعالى فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا هذا هو الصلح.
والقمي ما في معناه مع ذكر سبب النزول والصلح خير من الفرقة وسوء العشرة.
وأحضرت الأنفس الشح لكونها مطبوعة عليه فلا تكاد المرأة تسمح باعراض الزوج عنها وتقصيره في حقها ولا الرجل يسمح بأن يمسكها ويقوم بحقها على ما ينبغي إذا كرهها أو أحب غيرها.
القمي قال وأحضرت الأنفس الشح فمنها من اختارته ومنها من لم تختره وإن تحسنوا في العشرة وتتقوا النشوز والإعراض ونقص الحق فإن الله كان بما تعملون من الإحسان والخصومة خبيرا فيجازيكم عليه.
(129) ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء أن تسووا بينهن في المحبة والمودة بالقلب كما مضى في أوائل السورة من الكافي.
ورواه العياشي والقمي عن الصادق (عليه السلام).
وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) أن معناه التسوية في كل الأمور من جميع الوجوه ولو حرصتم على ذلك كل الحرص فان ذلك ليس إليكم ولا تملكونه ولا تكلفونه ولا تؤاخذون به.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يقسم بين نسائه ويقول اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك فلا تميلوا كل الميل بترك المستطاع والجور على المرغوب عنها فان ما لا يدرك كله لا يترك كله فتذروها كالمعلقة التي ليست ذات بعل ولا أيما.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقسم بين نسائه في مرضه فيطاف به بينهن، قال وروي أن عليا (عليه الصلاة والسلام) كان له امرأتان فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الأخرى وإن تصلحوا ما تفسدون من أمورهن وتتقوا فيما يستقبل فإن الله كان غفورا رحيما يغفر لكم ما مضى من قبلكم.
(130) وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته قيل يعني إذا أبى كل واحد منهما مصالحة الآخر ويتفرقا بالطلاق يغن الله كلا منهما عن الآخر ببدل أو سلو من غناه وقدرته ويرزقه من فضله وكان الله واسعا حكيما.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه شكا رجل إليه الحاجة فأمره بالتزويج فاشتد به الحاجة فأمره بالمفارقة فأثرى (35) وحسن حاله فقال له أمرتك بأمرين أمر الله بهما قال تعالى وأنكحوا الأيامى إلى قوله إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وقال وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته.
(131) ولله ما في السماوات وما في الأرض لا يتعذر عليه الاغناء بعد الفرقة والإيناس بعد الوحشة تنبيه على كمال قدرته وسعة ملكه ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم من اليهود والنصارى وغيرهم وإياكم أن اتقوا الله.
في مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قد جمع الله ما يتواصى (36) به المتواصون من الأولين والآخرين في خصلة واحدة وهي التقوى وفيه جماع كل عبادة صالحة وبه وصل من وصل إلى الدرجات العلى وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض مالك الملك كله لا يتضرر بكفرانكم وعصيانكم كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم وإنما وصاكم لرحمته لا لحاجته وكان الله غنيا عن الخلق وعباداتهم حميدا في ذاته حمد أو لم يحمد.
(132) ولله ما في السماوات وما في الأرض كل يدل بحاجته على غناه وبما فاض عليه من الوجود والكمال على كونه حميدا وكفى بالله وكيلا حافظا للجميع لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما وقيل راجع إلى قوله يغن الله كلا من سعته فإنه يوكل بكفايتهما وما بينهما تقرير لذلك.
(133) إن يشأ يذهبكم يفنكم أيها الناس ويأت بآخرين ويوجد قوما آخرين مكانكم وكان الله على ذلك من الإعدام والإيجاد قديرا بليغ القدرة لا يعجزه مراد.
في المجمع ويروى أنه لما نزلت هذه الآية ضرب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يده على ظهر سلمان رضي الله عنه وقال هم قوم هذا يعني عجم الفرس.
(134) من كان يريد ثواب الدنيا كمن يجاهد للغنيمة فعند الله ثواب الدنيا والآخرة فليطلب الثوابين جميعا من عند الله وما باله يكتفي بأخسهما ويدع أشرفهما على أنه لو طلب الأشرف لم يخطئه الأخس.
في الكافي والخصال عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) قال كانت الحكماء والفقهاء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة من كانت الآخرة همته كفاه الله همته من الدنيا ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله فيما بينه وبين الناس.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) الدنيا طالبة ومطلوبة فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه منها ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى توفيه رزقه وكان الله سميعا بصيرا عالما بالأغراض فيجازي كلا بحسب قصده.
(135) يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط مواظبين على العدل مجتهدين في اقامته شهداء لله بالحق تقيمون شهاداتكم لوجه الله ولو على أنفسكم ولو كانت الشهادة على أنفسكم بأن تقروا عليها أو الولدين والأقربين إن يكن المشهود عليه أو المشهود له غنيا أو فقيرا فلا تمتنعوا عن إقامة الشهادة للغني على الفقير لاستغناء المشهود له وفقر المشهود عليه ولا عن إقامة الشهادة للفقير الغني تهاونا بالفقير وتوقيرا للغني أو خشية منه أو حشمة له فالله أولى بهما بالغني والفقير وأنظر لهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا لأن تعدلوا عن الحق من العدول أو لأجل أن تعدلوا في الشهادة من العدل نهي عن متابعة الهوى في اقامتها كمراعاة صداقة أو عداوة أو وحشة أو عصبية أو غير ذلك وإن تلوا ألسنتكم عن شهادة الحق أو تعرضوا عن أدائها في المجمع عن الباقر (عليه السلام) أن تلووا (37) أي تبدلوا الشهادة أو تعرضوا أي تكتموها.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) أن تلووا الأمر أو تعرضوا عما أمرتم به وقرئ ان تلوا على معنى ان وليتم إقامة الشهادة فإن الله كان بما تعملون خبيرا فيجازيكم عليه.
(136) يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم وظاهرهم آمنوا بقلوبكم وباطنكم بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله يعني القرآن والكتاب الذي أنزل من قبل التوراة الإنجيل وغيرهما أريد به الجنس وقرئ على البناء للمفعول فيهما ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ومن يكفر بشئ من ذلك فقد ضل ضلالا بعيدا عن المقصد بحيث لا يكاد يعود إلى طريقه.
(137) إن الذين آمنوا كاليهود آمنوا بموسى (عليه السلام) وكالمنافقين آمنوا بمحمد ثم كفروا ثم عبد اليهود العجل وارتد المنافقون ثم آمنوا عادوا إلى الإيمان ثم كفروا وكفر اليهود بعيسى وارتد المنافقون مرة أخرى ثم ازدادوا كفرا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمادوا (38) في الغي وأصروا عليه حتى ماتوا.
القمي نزلت في الذين آمنوا برسول الله اقرارا لا تصديقا ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن لا يردوا الأمر في أهل بيته أبدا فلما نزلت الولاية وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الميثاق عليهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) آمنوا اقرارا لا تصديقا فلما مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفروا وازدادوا كفرا.
والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال هما والثالث والرابع وعبد الرحمن وطلحة وكانوا سبعة (الحديث) وذكر فيه مراتب ايمانهم وكفرهم.
وعن الصادق (عليه السلام) نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا برسول الله في أول الأمر ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية حيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قالوا له بأمر الله وأمر رسوله فبايعوه ثم كفروا حيث مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يقروا بالبيعة ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شئ، وفي رواية أخرى عنهما (عليهما السلام) نزلت في عبد الله بن أبي سرح الذي بعثه عثمان إلى مصر قال وازدادوا كفرا حتى لم يبق فيه من الايمان شئ وفي أخرى من زعم أن الخمر حرام ثم شربها ومن زعم أن الزنا حرام ثم زنى ومن زعم أن الزكاة حق ولم يؤدها لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا إلى الجنة لأن بصائرهم عميت عن الحق فلا يتأتى منهم الرجوع إليه.
(138) بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما.
(139) الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة يتعززون بموالاتهم فإن العزة لله جميعا لا يتعزز إلا من أعزه الله وقد كتب العزة لأوليائه كما قال عز وجل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
القمي نزلت في بني أمية حيث حالفوا على أن لا يردوا الأمر في بني هاشم.
(140) وقد نزل عليكم في الكتاب القرآن أن أنه إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
القمي آيات الله هم الأئمة (عليهم السلام).
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) والعياشي عن الرضا (عليه السلام) في تفسيرها إذا سمعت الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع (39) في أهله فقم من عنده ولا تقاعده.
وعن الصادق (عليه السلام) وفرض الله على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عنه والإصغاء إلى ما أسخط الله فقال في ذلك وقد نزل عليكم الآية قال ثم استثنى موضع النسيان فقال وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين إنكم إذا مثلهم في الكفر ان رضيتم به وإلا ففي الإثم لقدرتكم على الإنكار والإعراض إن الله جامع المنافقين والكافرين القاعدين والمقعود معهم في جهنم جميعا.
(141) الذين يتربصون بكم ينتظرون وقوع أمر بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم مظاهرين لكم فأسهموا لنا فيما غنمتم وإن كان للكافرين نصيب من الحرب قالوا للكافرين ألم نستحوذ عليكم ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم والاستحواذ الاستيلاء وكان القياس أن يقال ألم نستحذ فجاءت على الأصل.
ونمنعكم من المؤمنين بأن أخذلناهم عنكم بتخييل ما ضعفت به قلوبهم وتوانينا في مظاهرتهم، وكنا عيونا لكم حتى انصرفوا عنكم وغلبتموهم فأشركونا فيما أصبتم قيل إنما سمي ظفر المسلمين فتحا وظفر الكافرين نصيبا لخسة حظهم فإنه مقصور على أمر دنيوي سريع الزوال فالله يحكم بينكم يوم القيامة يفصل بينكم بالحق ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا بالحجة ان جاز أن يغلبوهم بالقوة.
في العيون عن الرضا (عليه السلام) قيل له ان في سواد الكوفة قوما يزعمون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقع عليه السهو فقال كذبوا لعنهم الله ان الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو قيل وفيهم قوم يزعمون أن الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) لم يقتل وأنه القي شبهه على حنظلة بن سعد الشامي وأنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم (عليه السلام) ويحتجون بهذه الآية ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فقال كذبوا عليهم غضب الله ولعنته وكفروا بتكذيبهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أخباره بأن الحسين (عليه السلام) سيقتل والله لقد قتل الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) وقتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين والحسن بن علي (عليهما السلام) وما منا الا مقتول واني والله لمقتول باغتيال (40) من يغتالني أعرف ذلك بعهد معهود إلي من رسول الله أخبره به جبرئيل عن رب العالمين فاما قوله عز وجل ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فإنه يقول لن يجعل الله لكافر على مؤمن حجة ولقد أخبر الله تعالى عن كفار قتلوا نبيين بغير حق ومع قتلهم إياهم لن يجعل الله لهم على أنبيائه سبيلا من طريق الحجة.
(142) إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم مضى تفسيره في أول سورة البقرة وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى متثاقلين كالمكره على الفعل وقرئ كسالى بالفتح يراؤون الناس ليخالوهم مؤمنين ولا يذكرون الله إلا قليلا إذ المرائي لا يفعل إلا بحضرة من يرائيه.
في الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من ذكر الله في السر فقد ذكر الله كثيرا ان المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر فقال الله عز وجل يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا.
(143) مذبذبين بين ذلك مرددين بين الإيمان والكفر من الذبذبة وهو جعل الشئ مضطربا وأصله الذب بمعنى الطرد وقرئ بكسر الذال بمعنى يذبذبون قلوبهم أو دينهم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء لا يصيرون إلى المؤمنين بالكلية ولا إلى الكافرين كذلك يظهرون الإيمان كما يظهره المؤمنون ولكن لا يضمرونه كما يضمرون ويضمرون الكفر كما يضمره الكافرون ولكن لا يظهرونه كما يظهرون ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا طريقا ومذهبا نظيره قوله ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
(144) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء (41) من دون المؤمنين فإنه صنيع المنافقين وشعارهم أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا حجة بينة فان موالاة الكافرين دليل النفاق.
(145) إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار فان للنار دركات كما أن للجنة درجات سميت بهذا لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض والأسفل منها هي التي في قعر جهنم ولن تجد لهم نصيرا يخرجهم منه.
(146) إلا الذين تابوا عن النفاق وأصلحوا ما أفسدوا من اسرارهم وأحوالهم في حال النفاق واعتصموا بالله ووثقوا به وتمسكوا بدينه وأخلصوا دينهم لله لا يريدون بطاعتهم الا وجهه فأولئك مع المؤمنين من عدادهم في الدارين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما فيساهمونهم فيه.
(147) ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم يتشفى به غيظا أو يدفع به ضرا أو يستجلب به نفعا سبحانه هو الغني المتعال عن النفع والضرر وإنما يعاقب المصر على كفره لأن اصراره عليه كسوء مزاج يؤدي إلى مرض فإذا زال بالإيمان والشكر ونقى نفسه عنه تخلص من تبعته وإنما قدم الشكر لأن الناظر يدرك النعمة أولا فيشكر شكرا مبهما ثم يمعن النظر حتى يعرف المنعم فيؤمن به كذا قيل وكان الله شاكرا مثيبا يقبل اليسير ويعطي على القليل الجزيل عليما بحق شكركم وايمانكم.
(148) لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم.
في المجمع عن الباقر (عليه السلام) لا يحب الله الشتم في الإنتصار إلا من ظلم فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز الإنتصار به في الدين وفيه ونظيره وانتصروا من بعد ما ظلموا.
والقمي ما يقرب منه قال وفي حديث آخر في تفسيرها إن جاءك رجل وقال فيك ما ليس فيك من الخير والثناء والعمل الصالح فلا تقبله منه وكذبه فقد ظلمك.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) أنه الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فلا جناح عليه أن يذكر سوء ما فعله.
والعياشي عنه (عليه السلام) في هذه الآية من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه.
وعنه (عليه السلام) الجهر بالسوء من القول أن يذكر الرجل بما فيه وكان الله سميعا لما يجهر به من سوء القول عليما بصدق الصادق وكذب الكاذب فيجازي كلا بعمله.
(149) إن تبدوا خيرا تظهروا طاعة وبرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء مع قدرتكم على الانتقام من دون جهر بالسوء من القول وهو المقصود ذكره وما قبله تمهيد له ولذا رتب عليه قوله فإن الله كان عفوا قديرا لم يزل يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام وهو حث للمظلوم على العفو بعد ما رخص له في الانتصار حملا على مكارم الأخلاق.
(150) إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله بأن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض كما فعلته اليهود صدقوا موسى (ع) ومن تقدمه من الأنبياء وكذبوا عيسى ومحمدا (ع) وكما فعلت النصار صدقوا عيسى ومن تقدمه وكذبوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) ويريدون أن يتخذوا بين ذلك بين الإيمان والكفر سبيلا طريقا إلى الضلالة مع أن الإيمان بالله لا يتم إلا بالايمان برسله كلهم وتصديقهم فيما بلغوا عنه كله فالكافر ببعض ذلك كافر بالكل فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون.
(151) أولئك هم الكافرون الكاملون في الكفر حقا تأكيد لئلا يتوهم ان قولهم نؤمن ببعض يخرجهم عن حيز الكفار وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا يهينهم ويذلهم.
القمي قال هم الذين أقروا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنكروا أمير المؤمنين عليه السلام).
(152) والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم بل آمنوا بجميعهم.
أولئك سوف يؤتيهم نعطيهم أجورهم الموعودة لهم سمي الثواب أجرا للدلالة على استحقاقهم لها والتصدير بسوف للدلالة على أنه كائن لا محالة وان تأخر وقرأ يؤتيهم بالياء وكان الله غفورا لم يزل يغفي ما فرط منهم من المعاصي رحيما يتفضل عليهم بأنواع الإنعام.
(153) يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء.
في المجمع روي أن كعب بن الأشرف وجماعة من اليهود قالوا يا محمد كنت نبيا فأتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى (عليه السلام) بالتوراة جملة فنزلت فقد سألوا موسى أكبر من ذلك أي لا يعظمن عليك سؤالهم إياك إنزال الكتاب من السماء فإنهم سألوا موسى أعظم من ذلك بعد ما أتاهم بالبيات الظاهرة والمعجزات الباهرة وهذا السؤال وإن كان من آبائهم أسند إليهم لأنهم كانوا آخذين بمذهبهم تابعين لهم والغرض أن عرفهم (42) راسخ في ذلك وان ما اقترحوا عليك ليس بأول جهالاتهم.
وسؤالهم لما يستحيل ثم اتخذوا العجل عبدوه من بعد ما جاءتهم البينات المعجزات الباهرات فعفونا عن ذلك لسعة رحمتنا وآتينا موسى سلطانا مبينا حجة بينة تبين عن صدقه.
(154) ورفعنا فوقهم الطور الجبل بميثاقهم ليقبلوه وقلنا لهم على لسان موسى (عليه السلام) ادخلوا الباب باب حطة سجدا وقلنا لهم على لسان موسى وداود لا تعدوا في السبت لا تتجاوزوا في يوم السبت ما أبيح لكم إلى ما حرم عليكم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا على ذلك.
(155) فبما نقضهم ميثاقهم يعني فخالفوا ونقضوا ففعلنا بهم ما فعلنا بسبب نقضهم وما مزيدة للتأكيد ويجوز أن يكون الباء متعلقة بحرمنا عليهم طيبات متقدمة عليه وكفرهم بآيات الله بحججه وأدلته وقتلهم الأنبياء بغير حق.
القمي قال هؤلاء لم يقتلوا الأنبياء وإنما قتلهم أجداد هم فرضي هؤلاء بذلك فألزمهم الله القتل بفعل أجدادهم وكذلك من رضي بفعل فقد لزمه وان لم يفعله.
وقولهم قلوبنا غلف أوعية للعلوم أو في أكنة كما مر تفسيره بل طبع الله عليها بكفرهم فجعلها محجوبة عن العلم وخذلها ومنعها التوفيق للتدبر في الآيات والتذكر بالمواعظ فلا يؤمنون إلا قليلا منهم أو إيمانا قليلا لا عبرة به لنقصانه.
(156) وبكفرهم بعيسى (عليه السلام) وقولهم على مريم بهتانا عظيما يعني نسبتها إلى الزنا.
في المجالس عن الصادق (عليه السلام) ان رضى الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط ألم ينسبوا مريم ابنة عمران إلى أنها حملت بعيسى (عليه السلام) من رجل نجار (43) اسمه يوسف.
(157) وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله يعني رسول الله بزعمه نظيره ان رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون وذلك لما رفعه الله إليه وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم قد مضى ذكر هذه القصة في سورة آل عمران عند قوله تعالى إذ قال الله يا عيسى انى متوفيك ورافعك إلي وقيل إنما أذمهم الله بما دل عليه الكلام من جرأتهم على الله وقصدهم قتل نبيه المؤيد بالمعجزات القاهرة وبتجحجحهم (44) به لا لقولهم هذا على حسب حسبانهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه قيل لما وقعت تلك الواقعة اختلف الناس فقال بعض اليهود انه كان كاذبا فقتلناه حقا وتردد آخرون فقال بعضهم إن كان هذا عيسى (عليه السلام) فأين صاحبنا وقال بعضهم الوجه وجه عيسى (عليه السلام) والبدن بدن صاحبنا وقال من سمع منه ان الله يرفعني إلى السماء رفع إلى السماء وقال قوم صلب (45) الناسوت وصعد اللاهوت ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ولكنهم يتبعون الظن وما قتلوه يقينا قتلا يقينا كما زعموه أو تأكيد لنفي القتل يعني حقا.
(158) بل رفعه الله إليه رد وانكار لقتله واثبات لرفعه.
في الفقيه عن السجاد (عليه السلام) ان لله بقاعا في سماواته فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه ألا تسمع الله يقول في قصة عيسى بن مريم بل رفعه الله إليه.
القمي رفع وعليه مدرعة من صوف.
والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قال رفع عيسى بن مريم بمدرعة صوف من غزل مريم ومن نسج مريم ومن خياطة مريم فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيسى الق عنك زينة الدنيا.
وفي الإكمال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن عيسى بن مريم أتى إلى بيت المقدس فمكث يدعوهم ويرغبهم فيما عند الله ثلاثة وثلاثين سنة حتى طلبته اليهود وادعت أنها عذبته ودفنته في الأرض حيا وادعى بعضهم أنهم قتلوه وصلبوه وما كان الله ليجعل لهم سلطانا عليه وإنما شبه لهم وما قدروا على عذابه ودفنه ولا على قتله وصلبه لأنهم لو قدروا على ذلك لكان تكذيبا لقوله ولكن رفعه الله إليه بعد أن توفاه وقد سبق صدر هذا الحديث في سورة آل عمران وكان الله عزيزا لا يغلب على ما يريده حكيما فيما دبر لعباده.
(159) وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته قيل يعني ما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن بأن عيسى (عليه السلام) عبد الله ورسوله قبل أن يموت ولو حين تزهق روحه ولا ينفعه ايمانه وبه رواية عنهم (عليهم السلام) ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا فيشهد على اليهود بالتكذيب وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن الله.
القمي عن شهر بن حوشب قال قال لي الحجاج يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت أيها الأمير أية آية هي فقال وان من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته والله لأني أمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ثم أرمقه (46) بعيني فما آراه يحرك شفتيه حتى يخمد (47) فقلت أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت قال كيف هو قلت إن عيسى (عليه السلام) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا غيره إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي (عليه السلام) قال ويحك أنى لك هذا ومن أين جئت به فقلت حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) فقال جئت بها من عين صافية.
قال القمي وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رجع آمن به الناس كلهم.
والعياشي عن الباقر (عليه السلام) في تفسيرها ليس من أحد من جميع الأديان يموت إلا رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) حقا من الأولين والآخرين.
وعن الصادق (عليه السلام) إنما ايمان أهل الكتاب إنما هو بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي المجمع في أحد معانيها ليؤمنن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل موت الكتابي قال ورواه أصحابنا.
وفي الجوامع عنهما (عليهما السلام) حرام على روح أن تفارق جسدها حتى ترى محمدا وعليا والأخبار في هذا المعنى كثيرة (48).
والعياشي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال هذه نزلت فينا خاصة إنه ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا حتى يقر للامام وبامامته كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا تالله لقد آثرك الله علينا.
أقول: يعني أن ولد فاطمة هم المعنيون بأهل الكتاب هنا وذلك لقوله سبحانه ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فإنهم المرادون بالمصطفين هناك كما يأتي ذكره عنده تفسيره.
(160) فبظلم من الذين هادوا فبظلم عظيم منهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم قيل هي التي ذكرت في قوله سبحانه وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر (الآية).
وفي الكافي والعياشي والقمي عن الصادق عليه السلام) من زرع حنطة في أرض ولم يزك زرعه فخرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض أو بظلم لمزارعيه واكرته (49) لأن الله يقول فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم يعني لحوم الإبل والبقر والغنم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا (50).
(161) وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل بالرشوة وغيرها من الوجوه المحرمة وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما دون من تاب وآمن.
(162) لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة قيل يعني ويؤمنون بالمقيمين الصلاة يعني الأنبياء وقيل بل نصب على المدح وقرئ في الشواذ بالرفع والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما لجمعهم بين الإيمان الصحيح والعمل الصالح.
(163) إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده قيل هذا جواب لأهل الكتاب عن اقتراحهم أن ينزل عليهم كتابا من السماء واحتجاج عليهم بأن أمره في الوحي كسائر الأنبياء الذين تقدموه وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا وقرئ بضم الزاي.
(4 16) ورسلا وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما قيل وهو منتهى مراتب الوحي خص به موسى من بينهم وقد فضل الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن أعطاه مثل ما أعطى كل واحد منهم.
العياشي عنهما (عليهما السلام) إني أوحيت إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده فجمع له كل وحي.
وفي الكافي (51) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطيت السور الطوال مكان التوراة وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة.
وفيه وفي الإكمال والعياشي عن الباقر (عليه السلام) وكان بين آدم ونوح من الأنبياء مستخفين ومستعلنين ولذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء وهو قول الله عز وجل ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك يعني لم يسم المستخفين كما سمى المستعلنين من الأنبياء.
وفي الخصال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الله ناجى موسى (عليه السلام) بمائة ألف كلمة وأربعة وعشرين ألف كلمة في ثلاثة أيام ولياليهن ما طعم فيها موسى (عليه السلام) ولا شرب فيها فلما انصرف إلى بني إسرائيل وسمع كلامهم مقتهم (52) لما كان وقع في مسامعه من حلاوة كلام الله عز وجل.
وفي التوحيد عن الكاظم (عليه السلام) في حديث فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسى إلى الطور وسأل الله تعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام ان الله عز وجل أحدثه في الشجرة ثم جعله منبعثا منها حتى يسمعوه من جميع الوجوه.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) كلم الله موسى تكليما بلا جوارح وأدوات وشفة ولا لهوات سبحانه وتعالى عن الصفات.
وعنه (عليه السلام) في حديث وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وكلام الله ليس بنحو واحد منه ما كلم الله به الرسل ومنه ما قذفه في قلوبهم ومنه رؤيا يراها الرسل ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ فهو كلام الله فاكتف بما وصفت لك من كتاب الله فان معنى كلام الله ليس بنحو واحد فان منه ما تبلغ رسل السماء رسل الأرض.
وفي الاحتجاج في مكالمة اليهود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا موسى خير منك قال ولم قالوا لأن الله تعالى كلمه أربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشئ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك قالوا وما ذاك قال قوله عز وجل سبحان الذي أسرى بعبده ليلا (الآية) ويأتي تمام الحديث في سورة بني إسرائيل إن شاء الله.
(165) رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا لولا أرسلت الينا رسولا فينبهنا ويعلمنا ما لم نكن نعلم وكان الله عزيزا لا يغلب فيما يريده حكيما فيما دبر.
(166) لكن الله يشهد بما أنزل إليك قيل لما نزلت إنا أوحينا إليك قالوا ما نشهد لك بهذا فنزلت أنزله بعلمه بأنك مستأهل له والملائكة يشهدون أيضا وكفى بالله شهيدا وإن لم يشهد غيره.
القمي عن الصادق (عليه السلام) إنما أنزلت لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي في الآية.
(167) إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا لأنهم جمعوا بين الضلال والإضلال ولأن المضل يكون أغرق في الضلال وابعد من الانقلاع عنه.
(168) إن الذين كفروا وظلموا جمعوا بينهما لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا.
(169) إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا.
في الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا ان الذين كفروا وظلموا آل محمد (صلوات الله عليهم) حقهم لم يكن الله (الآية).
والقمي قرأ أبو عبد الله إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم (الآية).
(170) يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم ايمانا خيرا لكم أو آتوا أمرا خيرا لكم أو يكن الإيمان خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما.
في الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم في ولاية علي فآمنوا خيرا لكم وان تكفروا بولاية علي (الآية).
(171) يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غلت اليهود في حط عيسى (عليه السلام) حتى رموه بأنه ولد لغير رشده (53) والنصارى في رفعه حتى اتخذوه إلها ولا تقولوا على الله إلا الحق يعني تنزيهه عن الشريك والصاحبة والولد إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم أوصلها إليها وحصلها فيها وروح منه صدرت منه.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عنها قال هي روح مخلوقة خلقها الله في آدم وعيسى.
وفي التوحيد عن الباقر (عليه السلام) روحان مخلوقتان اختارهما واصطفا هما روح آدم وروح عيسى (عليه السلام) فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا الآلهة ثلاثة الله والمسيح ومريم كما يدل عليه قوله تعالى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله انتهوا عن التثليث خيرا لكم مر نظيره إنما الله إله واحد وحدة حقيقية لا يتطرق إليها نحو من أنحاء الكثرة والتعدد أصلا سبحانه أن يكون له ولد سبحه تسبيحا من أن يكون له ولد كيف والولد لابد أن يكون مماثلا للوالد تعالى الله أن يكون له مماثل ومعادل له ما في السماوات وما في الأرض ملكا وملكا وخلقا لا يماثله شئ من ذلك فيتخذه ولدا وكفى بالله وكيلا تنبيها على غناه عن الولد فان الحاجة إليه إنما تكون ليكون وكيلا لأبيه والله سبحانه قائم بحفظ الأشياء كاف في ذلك مستغن عمن يخلفه أو يعينه.
(172) لن يستنكف المسيح لن يأنف (54) أن يكون عبدا لله لأن عبودية الله شرف يباهي به وإنما المذلة والاستنكاف في عبودية غيره، وروي أن وفد نجران قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تعيب (55) صاحبنا قال ومن صاحبكم قالوا عيسى قال وأي شئ أقول قالوا تقول إنه عبد الله قال إنه ليس بعار أن يكون عبدا لله قالوا بلى فنزلت ولا الملائكة المقربون ولا يستنكف الملائكة المقربون أن يكونوا عبيدا لله ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر ويترفع عنها والاستكبار دون الاستنكاف وإنما يستعمل حيث لا استحقاق بخلاف التكبر فإنه قد يكون باستحقاق كما هو في الله سبحانه فسيحشرهم إليه جميعا المستنكف والمستكبر والمقر بالعبودية فيجازيهم على حسب أحوالهم.
(173) فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ظاهر المعنى.
(174) يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا قيل البرهان رسول الله والنور القرآن وقيل البرهان المعجزات والنور القرآن أي جاءكم دلائل العقل وشواهد النقل ولم يبق لكم عذر ولا علة.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) النور ولاية علي (صلوات الله وسلامه عليه).
(175) فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه ثواب مستحق وفضل واحسان زائد عليه ويهديهم إليه أي إلى الله أو إلى الموعود من الرحمة والفضل صراطا مستقيما قد مضى تحقيق معنى الصراط في سورة الفاتحة.
العياشي عن الصادق (عليه السلام) البرهان محمد والنور علي والصراط المستقيم علي (صلوات الله عليهما).
والقمي النور امامة أمير المؤمنين والاعتصام التمسك بولايته وولاية الأئمة بعده.
(176) يستفتونك أي في الكلالة كما يدل عليه الجواب، روي أن جابر بن عبد الله كان مريضا فعاده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله ان لي لكلالة فكيف أصنع في مالي فنزلت قل الله يفتيكم في الكلالة قد مضى تفسيرها في أول السورة إن امرؤ أهلك ليس له ولد وله أخت أي أخت لأم وأب أو أخت لأب كذا عن الصادق (عليه السلام) كما مر فلها نصف ما ترك وهو يرثها أي والمرء يرث أخته جميع مالها إن كانت الأخت هي الميتة إن لم يكن لها ولد ولا والد لأن الكلام في ميراث الكلالة ولأن السنة دلت على أن الأخوة لا يرثون مع الأب كما تواتر عن أهل البيت (عليهم السلام) فإن كانتا اثنتين الضمير لمن يرث بالاخوة فلها الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين.
القمي عن الباقر (عليه السلام) إذا مات الرجل وله أخت تأخذ نصف الميراث بالآية كما تأخذ البنت لو كانت والنصف الباقي يرد عليها بالرحم إذا لم يكن للميت وارث أقرب منها فإن كان موضع الأخت أخ أخذ الميراث كله بالآية لقول الله وهو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانت أختين أخذتا الثلثين بالآية والثلث الباقي بالرحم وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين وذلك كله إذا لم يكن للميت ولد وأبوان أو زوجة ومضمون هذا الخبر مروي في كثير من الأخبار المعصومية المروية في الكافي وغيره.
يبين الله لكم أن تضلوا قيل أي يبين لكم ضلالكم الذي من شأنكم إذا خليتم وطبائعكم لتحترزوا عنه وتتحروا خلافه أو يبين لكم الحق والصواب كراهة أن تضلوا أو لئلا تضلوا والله بكل شئ عليم فهو عالم بمصالح العباد والمحيا والممات قيل هي آخر آية نزلت في الأحكام.
في ثواب الأعمال والعياشي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من قرأ سورة النساء في كل جمعة آمن من ضغطة القبر إن شاء الله تعالى. (56) (57) (58).
1- بنو ضمرة رهط عمرو بن أمية الضمري (ق).
2- صادره على كذا: طالبه به (ق).
3- وادعهم: صالحهم ونوادعا تصالحا (ق).
4- سلع جبل بالمدينة وقول الجول الجوهري السلع خطأ لأنه علم وجبل لهذيل وحصن بوادي موادي موسى من عمل الشويك (ق).
5- بطن نخل بين مكة والطائف (مجمع).
6- عياش بن أبي ربيعة صحابي (قاموس).
7- وبنيشة والخير وهوذة بن بنيشة صحابيان (قاموس).
8- الحرة بالفتح والتشديد أرض ذات حجارة ومنه حرة المدينة والجمع حرار مثل كلبة وكلاب ويوم الحرة معروف وهو يوم قاتل عسكر يزيد بن معاوية لعنه الله أهل المدينة ونهبهم وكان المتأمر عليهم مسلم بن عقبة وعقيبها هلاك يزيد، قتل فيه خلق كثير من المهاجرين والأنصار (مجمع).
9- الحنث بكسر الحاء الذنب وقيل الشرك وقيل الإثم ومنه حنث في يمينه يقال حنث في يمينه حنثا إذا لم يف بموجبها فهو حانث قال في النهاية وكأنه من الحنث الإثم والمعصية وغلام لم يدرك الحنث أي لم يجر عليه القلم (مجمع).
10- الظاهران المراد بالخبر الأول في غير المتولد من المسلم والثاني فيه فلا تنافي بينهما.
11- وعلى هذا فجزاؤه جواب.
12- التهافت التساقط والتتابع، والتهافت التساقط شيئا فشيئا (م) والمراد لا ترتكبوا القتل من غير روية.
13- تبوك كرسول موضع بالشام منه إلى المدينة أربع عشرة مرحلة والى دمشق احدى عشرة ومنه غزوة تبوك (م).
14- سرى عنه: انكشف (ق).
15- الصدع: الكسر والشق والقطع والتفرق والاجتماع الشديد بحيث كان أن ينقطع المجتمع من شدة الاجتماع والإبانة والإظهار والايضاح الأمر بحيث لا يخالطه ريب وكل محتمل في المقام فتأمل جيدا.
16- المراد بالكتف عظم الكتب فإنه ربما تكتب الآيات وقت نزولها على كتف مكان القرطاس ثم يثبت في مكان آخر ويصدع الكتف كعبه وهو محل إبانته وبالملحق بفتح الحاء مع فتح الميم وضمها محل اللحوق والالحاق يعني لما امتلأ الكتف بصفحة من الآيات السابقة فلم يكن محل لالحاق هذه الآية الا عند صدع الكتف وهو كعبه فالحقتها بها ثابتة فيه.
17- في الحديث فقراء أمتي يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفا الخريف الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء وهو بحساب المنجمين أحد وتسعون يوما وثمن وهو نصف آب وايلول وتشرين الأول ونصف تشرين الثاني قيل والمراد من قوله (عليه السلام) بأربعين خريفا أربعون سنة لأن الخريف لا يكون في السنة الا مرة واحدة فإذا انقضى أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة وفي معاني الأخبار الخريف سبعون سنة. ومنه ما روى من رئيس المحدثين باسناده إلى أبي جعفر (ع) قال قال إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا والخريف سبعون سنة انتهى. وفي مواضع من كتب الحديث الخريف الف عام والعام الف سنة. وفي بعض الروايات قلت وما الخريف جعلت فداك قال زاوية في الجنة يسير الراكب فيها أربعين عاما (مجمع).
18- قال في القاموس ضمر الخيل تضميرا علفها القوت بعد السمن كأضمرها. وفي المجمع تضمير الخيل أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن ثم لا يعلف الا قوتا لتخف وذلك في مدة أربعين يوما إلى أن قال وقيل أن نشد عليها سروجها وتجلل بالأجلة حتى تعرق تحتها فيذهب هزالها ويشد لحمها انتهى. ولعل المراد الفرس القوي السريع السير كثير العدو.
19- خول الله الشئ أي مكة إياه وخوله نعمة أعطاه نعمة (م).
20- الضرير الذاهب البصر والجمع اضراء والمريض المهزول وه يبهاء (ق).
21- الشرطة واحد الشرط كصرد وهم أول كتيبة تشهد الحرب وتهيأ للموت وطائفة من أعوان الولاة (م) وهم شرطي كتركي وجهني سموا بذلك لأنهم اعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها (ق).
22- قال في المجمع العواتق من النساء جمع عاتق وهي الشابة أول ما تدرك وقيل التي لم تبن من والدتها ولم تتزوج وأدركت وشبت انتهى. والمشار إليه بهذا أمر الولاية والسقاءات النساء اللاتي يسقين الزوار والحجاج ماء ولبنا من أهل البوادي فإنه ان وجد استضعاف فهن أولى بالاتصاف به من كل أحد.
23- في الحديث عليك بالبلهاء قلت وما البلهاء قال (ع) ذوات الخدور العفائف (م).
24- الخدر بالكسر ستر أعد للجارية البكر في ناحية البيت والجمع خدور وجارية مخدرة إذا لزمت الخدر (م).
25- يقال للشيخ الكبير فان على المجاز لقربه ودنوه إلى الفناء (مجمع).
26- الأود العوج واود الشئ بالكسر يأود اودا أي أعوج وتأود تعوج (م).
27- قوله (ع) ان الله فرض: أقول قد نقل في مجمع البيان هذه الرواية بلفظ التحمل في مكان التمحل في المواضع الثلاثة منها ولا نحيفي أنه أنسب.
28- التمحل الاحتيال والمراد هنا أن تصرف وجهك عن وجه أخيك لما بينك وبينه من الكدرة وضيق خلقك عنه، ثم تذكرت أمر الله ووصيته فصرفت وجهك إليه ببشر وفرح وبهجة وتحية ابتغاء لمرضاته تعالى وقد يكون سبب الإعراض غير هذا كهم وغم وألم وشغل أهم أو مصلحة دينية أو دنيوية.
29- خبث الشئ خبثا من باب قرب وخباثة ضد طاب فهو خبيث (م).
30- سدن سدنا وسدانة خدمة الكعبة أو بيت الصنم (ث).
31- السقؤ بالهمزة الشق يقال فقأت مينه أفقؤها أي شققتها (م).
32- الخلة: الحاجة والفقر والخصاصة (ق).
33- اللذة نقيض الألم ج لذات لذه وبه لذاذا ولذاذة والتذه وبه واستلذه وجده لذيذا (ق).
34- وجد في الحزن وجدا بالفتح وتوجدت لفلان حزنت له (مجمع).
35- الحوز الجمع وكل من ضم إلى نفسه شيئا فقد حازه يحوزه حوزا أو حيازة (ص).
36- الدميمة القبيحة المنظر والساقطة من لا رتبة لها والحمقاء تفسير للساقطة وهي من قل عقلها وحاصل المراد أن القبيحة لما لم يكن لها حسن ولا رتبة ورشد فكان الرجل يرغب عن نكاحها لكن يريد مالها لا نحيليها تتزوج حتى تموت فيرثها.
37- والحاصل أنها تصالح زوجها على إباحة حقوقها من جهة الزوجية والمضاجعة والنفقة والمهر ونحوها جميعا أو بعضا على ما تراضيا عليه.
38- أثرى الرجل إذا كثرت أمواله (ص).
39- تواصى القوم أي أوصى بعضهم بعضا (ص).
40- لويت الحبل افتلته ولوى الرجل رأسه والوى برأسه أمال وأعرض (صحاح).
41- تمادى في الذنوب إذا لج وداوم وتوسع فيها ومثله تمادى في الجهل وتمادى في غيه (مجمع).
42- وقع في الناس اغتابهم (م).
43- غاله الشئ واغتاله إذا أخذه من حيث لم يدر إلى أن قال واغتاله قتله غيلة (ص).
44- قوله عز وجل من دون المؤمنين في المقام وغيره كالصفة الموضحة إشارة أن ولاية الفار لا يجتمع وصف الإيمان.
45- قوله عرقهم راسخ في ذلك أي أصلهم ثابت عليه وانطبع على قلوب هؤلاء حتى كأنهم ينشئون على الإبرام والمحاجة.
46- وفي بعض النسخ المصححة بخار بتقديم الباء الموحدة على الخاء المعجمة أي بايع البخورات.
47- الجحجح بتقديم الجيم المفتوحة ثم الحاء الساكنة ثم الجيم المفتوحة ثم الحاء وزان سلسل السيد وكسلسال أيضا (ج) كسلاسل وجبابرة وحواصيل وكهدهد الكبش العظيم والمراد هنا التسيد والافتخار واظهار القوة والشجاعة.
48- قوله صلب الناسوت: يعني عالم الناسوت وصعد إلى عالم اللاهوت.
49- رمقه بعينه رمقا من باب قتل أطال النظر إليه (مجمع).
50- خمد المريض أغمي عليه أو مات (م).
51- منها ما رواه الامامية ان المحتضرين من جميع الأديان يرون رسول الله وخلفائه عند الموت ويروون في ذلك عن علي (ع) أنه قال للحارث الهمداني (يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا، يعرفني طرفه وأعرفه، بعينه واسمه وما فعلا، والمراد برؤيتهم في ذلك الحال العلم بثمرة ولا يتهم وعداوتهم علم اليقين بعلامات يجدونها من نفوسهم ومشاهدة أحوال يدركونها كما قد روي أن الإنسان إذا عاين الموت أري في تلك الحالة ما يدله على أنه من أهل الجنة أو من أهل النار.
52- في الحديث ذكر الأكار بالفتح والتشديد وهو الزراع والأكرة بالضم الحفرة وبها سمي الأكار وأكرت النهر من باب ضرب شققته (م).
53- وبمنعهم عباد الله عن دينه وسبيله التي شرعها لعباده صدا كثيرا وكان صدهم عن سبيل الله بقولهم على الله الباطل وادعائهم ان ذلك على الله وتبديلهم كتاب الله وتحريفهم معانيه عن وجوهه وأعظم من ذلك كله جحدهم نبوة محمد (ص) تركهم بيان ما عملوه من امره لمن جهله من الناس عن مجاهد وغيره (مجمع البيان).
54- قد تقدم في المقدمة الأولى شرح هذا الحديث من (المصنف قدس سره) فراجع.
55- مقته مقتا من باب قتل ابغضه أشد البغض عن أمر قبيح فهو مقيت وممقوت (م).
56- وهو لرشدة بكسر الراء والفتح لغة أي صحيح النسب ولغير رشدة بخلافه وعن الأزهري الفتح في لرشدة ولزينة أفصح من الكسر (مجمع).
57- أنف من الشئ يأنف أنفا أي استنكف واستكبر.
58- عيبه أي نسبه إلى العيب وعيبه أيضا إذا جعله ذا عيب وتعيبه مثله (مجمع).