سورة آل عمران

مدنية وهي مائتا آية

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) ألم: قد مضى الكلام في تأويله في أول سورة البقرة.

وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) في حديث واما ألم في آل عمران فمعناه انا الله المجيد.

(2) الله لا إله إلا هو الحي القيوم.

(3) نزل عليك الكتاب القرآن نجوما بالحق بالعدل والصدق والحجج المحققة انه من عند الله مصدقا لما بين يديه من الكتب وأنزل التوراة والإنجيل جملة على موسى وعيسى.

(4) من قبل من قبل تنزيل القرآن هدى للناس عامة وقومهما خاصة وأنزل الفرقان ما يفرق به بين الحق والباطل.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به.

وفي الجوامع عنه (عليه السلام) الفرقان كل آية محكمة في الكتاب.

والقمي والعياشي عنه (عليه السلام) الفرقان هو كل أمر حكم والكتاب هو جملة القرآن الذي يصدق فيه من كان قبله من الأنبياء.

وفي العلل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سمي القرآن فرقانا لأنه متفرق الآيات والسور أنزلت في غير الألواح وغير الصحف والتوراة والا نجيل والزبور أنزلت كلها جملة في الألواح والورق.

إن الذين كفروا بآيات الله من كتبه المنزلة وغيرها لهم عذاب شديد بسبب كفرهم والله عزيز غالب لا يمنع من التعذيب ذو انتقام شديد لا يقدر على مثله منتقم.

(5) إن الله لا يخفي عليه شئ الأرض ولا في السماء عبر عن العالم بهما لأن الحس لا يتجاوزهما.

(6) هو الذي يصور كم في الأرحام كيف يشاء من الصور المختلفة من صبيح أو قبيح ذكر أو أنثى فكيف يخفى عليه شئ.

في الفقيه عن الصادق (عليه السلام) ان الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كل صورة بينه وبين آدم ثم خلقه على صورة إحداهن فلا يقولن أحد لولده هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي.

وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق النطفة التي هي مما اخذ عليها الميثاق من صلب آدم أو ما يبدو له فيه ويجعلها في الرحم حرك الرجل للجماع وأوحى إلى الرحم ان افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي وقضائي النافذ وقدري فتفتح الرحم بابها فتصل النطفة إلى الرحم فتردد فيه أربعين يوما ثم تصير فيه علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما ثم تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة ثم يبعث الله ملكين خلاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء يقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة فيصلان إلى الرحم وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء فينفخان فيها روح الحياة والبقاء ويشقان له السمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله تعالى ثم يوحي الله إلى الملكين اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمري واشترطا لي البداء فيما تكتبان فيقولان يا رب ما نكتب قال فيوحي الله عز وجل إليهما ان ارفعا رؤوسكما إلى رأس أمه فيرفعان رؤوسهما فإذا اللوح يقرع جبهة أمه فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته وزينته وأجله وميثاقه شقيا أو سعيدا وجميع شأنه، قال (عليه السلام) فيملي أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان ثم يختمان الكتاب ويجعلانه بين عينيه ثم يقيمانه قائما في بطن أمه قال فربما عتا فانقلب ولا يكون ذلك الا في كل عات أو مارد وإذا بلغ أوان خروج الولد تاما أو غير تام أوحى الله تعالى إلى الرحم ان افتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضي وينفذ فيه أمري فقد بلغ أوان خروجه قال فتفتح الرحم باب الولد فيبعث الله عز وجل إليه ملكا يقال له زاجر فيزجره زجرة فيفزع منها الولد فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ليسهل الله على المرأة وعلى الولد الخروج قال فإذا احتبس زجره الملك زجرة أخرى فيفزع منها فيسقط الولد إلى الأرض باكيا فزعا من الزجرة.

أقول: قوله إن يخلق النطفة اي يخلقها بشرا تاما وقوله وما يبدو له فيه اي ما يبدو له في خلقه فلا يتم خلقه بأن يجعله سقطا وقوله حرك الرجل يعني بالقاء الشهوة عليه وإيحاؤه سبحانه إلى الرحم كناية عن فطرة إياها على الإطاعة طبعا فتردد بحذف احدى التائين أي تتحول من حال إلى حال يقتحمان يدخلان بعنف والروح القديمة كناية عن النفس النباتية وفي عطف البقاء على الحياة دلالة على أن النفس الحيوانية مجردة عن المادة باقية في تلك النشأة وان النفس النباتية بمجردها لا تبقي وقد حققنا معنى البداء في كتابنا الموسوم (بالوافي) وقرع اللوح جبهة أمه كأنه كناية عن ظهور أحوال أمه وصفاتها وأخلاقها من ناصيتها وصورتها التي خلقت عليها كأنها جميعا مكتوبة عليها وإنما يستنبط الأحوال التي ينبغي أن يكون الولد عليها من ناصية أمه ويكتب ذلك على وفق ما ثمة للمناسبة التي تكون بينه وبينها وذلك لأن جوهر الروح إنما يفيض على البدن بحسب استعداده وقبوله إياه واستعداد البدن تابع لأحوال نفسي الأبوين وصفاتهما وأخلاقهما لا سيما الأم المربية له على وفق ما جاء به من ظهر أبيه فناصيتها مشتملة على أحواله الأبوية والأمية أعني ما يناسبهما بحسب مقتضى ذاته وجعل الكتاب المختوم بين عينيه كناية عن ظهور صفاته وأخلاقه من ناصيته وصورته التي خلق عليها وانه عالم بها وقتئذ بعلم بارئها بها لفنائه بعد وفناء صفاته في ربه لعدم دخوله بعد في عالم الأسباب والصفات المستعارة والاختيار المجازي ولكنه لا يشعر بعلمه فان الشعور بالشئ أمر والشعور بالشعور أمر آخر والعتو الاستكبار ومجاوزة الحد ويقرب منه المرود لا إله إلا هو إذ لا يعلم غيره جملة ما يعلمه ولا يقدر على مثل ما يفعله العزيز في جلاله الحكيم في أفعاله.

(7) هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات أحكمت عباراتها بأن حفظت من الاجمال هن أم الكتاب أصله يرد إليها غيرها وأخر متشابهات محتملات لا يتضح مقصودها الا بالفحص والنظر ليظهر فيها فضل العلماء الربانيين في استنباط معانيها وردها إلى المحكمات وليتوصلوا بها إلى معرفة الله تعالى وتوحيده.

العياشي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن المحكم والمتشابه فقال المحكم ما يعمل به والمتشابه ما اشتبه على جاهله وقد سبقت اخبار اخر في تفسيرهما في المقدمة الرابعة.

وفي الكافي والعياشي عنه (عليه السلام) في تأويله أن المحكمات أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) فلان وفلان.

فأما الذين في قلوبهم زيغ ميل عن الحق كالمبتدعة فيتبعون ما تشابه منه فيتعلمون بظاهره أو بتأويل باطل ابتغاء الفتنة طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك والتلبيس ومناقضة المحكم بالمتشابه.

وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) ان الفتنة هنا الكفر وابتغاء تأويله وطلب أن يأولوه على ما يشتهونه وما يعلم تأويله الذي يجب أن يحمل عليه إلا الله والراسخون في العلم الذين تثبتوا وتمكنوا فيه.

العياشي عن الباقر (عليه السلام) يعني تأويل القرآن كله.

وفي الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله وفي رواية فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الراسخين في العلم قد علمه الله عز وجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله.

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال ثم إن الله جل ذكره بسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كلامه قسم كلامه ثلاثة أقسام فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل وقسما لا يعرفه الا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تميزه ممن شرح الله صدره للاسلام وقسما لا يعرفه الا الله وأنبياؤه والراسخون في العلم وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من علم الكتاب ما 9 لم يجعله لهم وليقودهم الاضطرار إلى الايتمار بمن ولاه أمرهم فاستكبروا عن طاعته تعززا وافتراء على الله عز وجل واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند الله جل اسمه ورسوله.

يقولون آمنا به هؤلاء الراسخون العالمون بالتأويل يقولون آمنا بالمتشابه كل من المحكم والمتشابه عند ربنا من عند الله الحكيم الذي لا يتناقض كلامه وما يذكر إلا أولوا الألباب مدح للراسخين بجودة الذهن وحسن التدبر وإشارة إلى ما استعدوا به للاهتداء إلى تأويله وهو تجرد العقل عن غواشي الحس.

في التوحيد والعياشي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال اعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فقالوا آمنا به كل من عند ربنا) فمدح الله عز وجل اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما وسمي تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه منهم رسوخا فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين.

وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) قال من رد متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم ثم قال (عليه السلام) ان في اخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا.

(8) ربنا لا تزغ قلوبنا عن نهج الحق إلى اتباع المتشابه بتأويل لا ترتضيه وإنما أضيف الزيغ إلى الله لأنه مسبب عن امتحانه وخذلانه بعد إذ هديتنا إلى الحق وهب لنا من لدنك رحمة بالتوفيق والمعونة إنك أنت الوهاب لكل سؤال، في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) في حديث هشام يا هشام ان الله قد حكى عن قوم صالحين انهم قالوا ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب حين علموا ان القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها انه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ولا يكون أحد كذلك الا من كان قوله لفعله مصدقا وسره لعلانيته موافقا لأن الله تعالى لم يدل على الباطل الخفي من العقل الا بظاهر منه وناطق عنه.

والعياشي عن الصادق (عليه السلام) أكثروا من أن تقولوا ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ولا تأمنوا الزيغ.

(9) ربنا إنك جامع الناس ليوم لحساب يوم وجزائه لا ريب فيه في وقوعه إن الله لا يخلف الميعاد الموعد لأن الإلهية تنافيه.

(10) إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولدهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار.

(11) كدأب آل فرعون كشأنهم وأصل الدأب الكدح (1) والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب تهويل للمؤاخذة وزيادة تخويف للكفرة.

(12) قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد وقرئ بالياء فيهما.

في المجمع نسب إلى رواية أصحابنا أنه لما أصاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قريشا ببدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق قينقاع فقال: يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر وأسلموا قبل ان ينزل بكم ما نزل بهم فقد عرفتم اني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم فقالوا يا محمد لا يغرنك انك لقيت قوما اغمارا (2) لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة اما والله لو قاتلتنا لعرفت انا نحن الناس فأنزل الله هذه الآية وقد فعل الله ذلك وصدق وعده بقتل بني قريظة واجلاء بني النضير وفتح خيبر ووضع الجزية على من بقي منهم وغلب المشركون وهو من دلائل النبوة.

(13) قد كان لكم آية دلالة معجزة على صدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في فئتين التقتا يوم بدر فئة تقاتل في سبيل الله في دينه وطاعته وهم الرسول وأصحابه وفرقة أخرى كافرة وهم مشركوا مكة يرونهم مثليهم يرى المشركون المسلمين مثلي عدد المشركين وكانوا قريب الف أو مثلي عدد المسلمين وكانوا ثلاثماءة وبضع عشر وكان ذلك بعد ما قللهم في أعينهم حتى غلبوا مددا من الله للمؤمنين لو يرى المؤمنون المشركين مثلي المؤمنين وكانوا ثلاثة أمثالهم ليثبتوا لهم بالنصر الذي وعدهم الله به في قوله وان يكن منكم ماءة صابرة يغلبوا ماءتين ويؤيده قراءة التاء كذا قيل وإنما يصح التأييد إذا كان الخطاب للمؤمنين دون المشركين رأي العين رؤية ظاهرة معاينة والله يؤيد بنصره من يشاء كما أيد أهل بدر إن في ذلك في التقليل والتكثير وغلبة القليل على الكثير لعبرة لأولي الأبصار لعظة لذوي البصائر.

(14) زين للناس حب الشهوات أي المشتهيات سماها شهوات مبالغة وإيماء إلى أنهم انهمكوا في محبتها حتى أحبوا شهواتها كقوله تعالى حكاية من سليمان اني أحببت حب الخير من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة القنطار ملأ مسك ثور ذهبا كذا في المجمع عنهما، والمقنطرة مأخوذة منه للتأكيد كقولهم الف مؤلف والخيل المسومة المعلمة أو المرعية والأنعام الإبل والبقر والغنم والحرث ذلك متاع الحيات الدنيا والله عنده حسن المئاب المرجع وهو تحريض على استبدال ما عنده من اللذات الحقيقية الأبدية بالشهوات المخدجة (3) الفانية.

(15) قل أؤنبئكم بخير من ذلكم يريد به تقرير ان ثواب الله خير من مستلذات الدنيا للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة مما يستقذر من النساء ورضوان من الله والله بصير بالعباد بأعمالهم فيثيب المحسن ويعاقب المسئ على قدر استحقاقهم.

في الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) ما تلذذ الناس في الدنيا والآخرة بلذة أكبر لهم من لذة النساء وهو قول الله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين إلى آخر الآية، ثم قال وان أهل الجنة ما يتلذذون بشئ من الجنة أشهى عندهم من النكاح لا طعام ولا شراب قيل قد نبه بهذه الآية على مراتب نعمه فأدناها متاع الدنيا وأعلاها رضوان الله لقوله ورضوان من الله أكبر وأوسطها الجنة ونعيمها.

(16) الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار.

(17) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار المصلين في وقت السحر كذا في المجمع عن الصادق (عليه السلام) وقال من استغفر سبعين مرة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية.

وفي الفقيه والخصال عنه (عليه السلام) من قال في وتره إذا أوتر استغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة وهو قائم فواظب على ذلك حتى تمضي له سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالأسحار ووجبت له المغفرة من الله تعالى، قيل تخصيص الأسحار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة لأن العبادة حينئذ أشق والنفس أصفى والروع أجمع سيما للمتهجدين.

(18) شهد الله أنه لا إله إلا هو بين وحدانيته لقوم بظهوره في كل شئ وتعرفه ذاته في كل نور وفئ ولقوم بنصب الدلائل الدالة عليها ولقوم بانزال الآيات الناطقة بها والملائكة بالاقرار ذاتا لقوم وفعلا لقوم وقولا لقوم وأولوا العلم بالايمان والعيان والبيان شبه الظهور والاظهار في الانكشاف والكشف بشهادة الشاهد قائما بالقسط مقيما للعدل.

العياشي عن الباقر (عليه السلام) ان أولي العلم الأنبياء والأوصياء وهم قيام بالقسط والقسط هو العدل لا إله إلا هو تأكيد وتمهيد لقوله العزيز الحكيم.

(19) إن الدين عند الله الإسلام لا دين مرضي عند الله سوى دين الاسلام وهو التوحيد والتدرع بالشرع الذي جاء به محمد.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) ان الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والايمان عليه يثابون.

وما اختلف الذين أوتوا الكتاب في الاسلام الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم حسدا وطلبا للرئاسة لا لشبهة فيه ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب وعيد لمن كفر منهم.

(20) فإن حاجوك في الدين وجادلوك فيه بعدما أقمت لهم الحجج فقل أسلمت وجهي لله أخلصت نفسي وجملتي له لا أشرك فيها غيره، قيل عبر عن النفس بالوجه لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة ومظهر القوى والحواس ومن اتبعن واسلم من اتبعني وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين الذين لا كتاب لهم كمشركي العرب أسلمتم كما أسلمت لما أوضحت لكم الحجة أم أنتم بعد على كفركم ونظيره قوله فهل أنتم منتهون فإن أسلموا فقد اهتدوا فقد نفعوا أنفسهم بأن أخرجوها من الضلال وإن تولوا فإنما عليك البلاغ فلم يضروك إذ ما عليك الا أن تبلغ وقد بلغت والله بصير بالعباد وعد ووعيد.

(21) إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم قيل هم أهل الكتاب الذين في عصره (صلى الله عليه وآله) قتل أوائلهم الأنبياء ومتابعيهم من عباد بني إسرائيل، وهم رضوا به وقصدوا قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين ولكن الله عصمهم وقد سبق مثله في سورة البقرة وقرئ يقاتلون الذين.

في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه سئل أي الناس أشد عذابا يوم القيامة قال رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بمعروف أو نهى عن منكر ثم قرأ ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ثم قال قتلت بنوا إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة فقام ماءة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم وهو الذي ذكره الله تعالى.

(22) أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة إذ لم ينالوا بها المدح والثناء ولم تحقن دماؤهم وأموالهم ولم يستحقوا بها الأجر والثواب وما لهم من ناصرين يدفعون عنهم العذاب.

(23) ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب قيل يريد به أحبار اليهود أعطوا حظا وافرا من التوراة أو من جنس الكتب المنزلة يدعون إلى كتاب الله وهو التوراة ليحكم بينهم قيل يعني في نبوة نبينا وقيل إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل مدارسهم فدعاهم فقال له بعضهم على أي دين أنت قال ملة إبراهيم (عليه السلام) فقالوا ان إبراهيم كان يهوديا فقال إن بيننا وبينكم التوراة فأبوا وقيل نزلت في الرجم وقد اختلفوا فيه وله قصة يأتي ذكرها عند تفسير قوله سبحانه يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب من سورة المائدة ثم يتولى فريق منهم استبعاد لتوليهم مع علمهم بأن الرجوع إلى كتاب الله واجب وهم معرضون عن اتباع الحق.

(24) ذلك التولي والاعراض بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات بسبب تسهيلهم العقاب على أنفسهم وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون من أن النار لن تمسهم الا أياما قلائل أو ان آباءهم الأنبياء يشفعون لهم أو انه تعالى وعد يعقوب ان لا يعذب أولاده الا تحلة القسم يعني قوله عز وجل لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وما أشير إليه بقوله ﴿سبحانه وان منكم الا واردها﴾.

(25) فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه استعظام لما يحيق بهم في الآخرة وتكذيب لقولهم لن تمسنا النار الا أياما روي أن أول راية ترفع يوم القيامة من رايات الكفر راية اليهود فيفضحهم الله على رؤوس الأشهاد ثم يأمرهم إلى النار ووفيت كل نفس ما كسبت جزاء ما كسبت وهم لا يظلمون.

(26) قل اللهم الميم فيه عوض من ياء ولذلك لا يجتمعان مالك الملك اي يملك جنس الملك يتصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكونه تؤتي الملك تعطي ما تشاء من الملك من تشاء وتنزع الملك تسترد ما تشاء منه ممن تشاء فالملك الأول عام والآخران خاصان بعضان من الكل وتعز من تشاء في الدنيا والدين وتذل من تشاء بيدك الخير تؤتيه أولياءك على رغم من أعدائك إنك على كل شئ قدير.

(27) تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل أن تنقص من الليل وتجعل ذلك النقصان زيادة في النهار وتنقص من النهار وتجعل ذلك النقصان زيادة في الليل وتخرج الحي من الميت المؤمن من الكافر وتخرج الميت من الحي والكافر من المؤمن كذا في المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام).

وفي المعاني: عن الصادق (عليه السلام) ان المؤمن إذا مات لم يكن ميتا وان الميت هو الكافر ثم فسر الآية بما ذكر.

وترزق من تشاء بغير حساب بلا تقتير ولا مخافة نقصان.

(28) لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء نهوا عن موالاتهم لقرابة أو صداقة جاهلية أو نحوهما حتى لا يكون حبهم وبغضهم الا في الله وقد كرر ذلك في القرآن لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر الآية والحب في الله والبغض في الله أصل كبير من أصول الايمان من دون المؤمنين المعنى أن لهم في موالاة المؤمنين مندوحة عن موالاة الكافرين فلا تؤثروهم عليهم ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ أي ليس من ولاية الله في شئ يعني أنه منسلخ عن ولاية الله رأسا وهذا أمر معقول لأن مصادقة الصديق ومصادقة عدوه منافيان كما قيل: تود عدوي ثم تزعم أنني * صديقك ان الرأي منك لعازب.

إلا أن تتقوا منهم تقاة الا أن تخافوا من جهتهم خوفا أو أمرا يجب أن يخاف منه وقرئ تقية منع من موالاتهم ظاهر أو باطنا في الأوقات كلها الا وقت المخافة فان اظهار الموالاة حينئذ جائز بالمخالفة كما قيل كن وسطا وامش جانبا.

في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث وأمرك أن تستعمل التقية في دينك فان الله يقول لا يتخذ المؤمنون الآية قال وإياك ثم إياك أن تتعرض للهلاك وأن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودماء اخوانك معرض لزوال نعمك ونعمهم مذلهم في أيدي أعداء دين الله وقد أمرك الله تعالى باعزازهم.

والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لا إيمان لمن لا تقية له ويقول قال الله الا أن تتقوا منهم تقاة.

وفي الكافي عنه (عليه السلام) قال التقية ترس الله بينه وبين خلقه.

وعن الباقر (عليه السلام) قال التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم وقد أحل الله له.

والأخبار في ذلك مما لا يحصى.

ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير فلا تتعرضوا لسخطه بمخالفة أحكامه وموالاة أعدائه وهذا تهديد عظيم ووعيد شديد.

(29) قل إن تخفوا ما في صدوركم من ولاية الكفار وغيرها أو تبدوه يعلمه الله لم يخف عليه ويعلم ما في السماوات وما في الأرض فيعلم سركم وعلنكم والله على كل شئ قدير فيقدر على عقوبتكم ان لم تنتهوا عما نهيتم عنه، قيل الآية بيان لقوله تعالى ﴿ويحذركم الله نفسه﴾ فكأنه قال ويحذركم نفسه لأنها متصفة بعلم ذاتي يحيط بالمعلومات كلها وقدرة ذاتية تعم المقدورات بأسرها فلا تجسروا على عصيانه إذ ما من معصية الا وهو مطلع عليها قادر على العقاب بها.

(30) يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا.

يوم ظرف لتود اي تتمنى كل نفس يوم تجد صحائف أعمالها أو جزاء أعمالها من الخير والشر حاضرة لو أن بينها وبين ذلك اليوم وهوله أمدا بعيدا أو المضمر نحو اذكر وتود حال من الضمير في عملت من سوء أو خبر لما عملت من سوء وتجد مقصورة على ما عملت من خير ويحذركم الله نفسه كرر للتأكيد والتذكير والله رؤوف بالعباد إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم وحذرهم رأفة بهم ومراعاة لصلاحهم وانه لذو مغفرة وذو عقاب يرجى رحمته ويخشى عذابه.

(31) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.

في الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) هل الدين الا الحب ثم تلا هذه الآية.

أقول: المحبة من العبد ميل النفس إلى الشئ لكمال أدركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها إليه ومن الله رضاه على العبد وكشف الحجاب عن قلبه والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس الا لله وان كل ما يراه كمالا من نفسه أو غيره فهو من الله وبالله وإلى الله لم يكن حبه الا لله وفي الله وذلك يقتضي إرادة طاعته والرغبة فيما يقر به إليه فعلامة المحبة إرادة الطاعة والعبادة والاجتهاد البليغ في اتباع من كان وسيلة له إلى معرفة الله تعالى ومحبته ممن كان عارفا بالله محبا إياه محبوبا له فان من هذه صفاته إنما نال هذه الصفات بالطاعة على الوجه المخصوص وهو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن يحذو حذوه فمن أحب الله لا بد له من اتباع الرسول في عبادته وسيرته وأخلاقه وأحواله حتى يحبه الله فان بذلك يحصل التقرب إلى الله وبالتقرب يحصل محبة الله تعالى إياه كما قال تعالى وإن العبد ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه وأيضا لما كان الرسول حبيب الله فكل من يدعي محبة الله لزمه محبة الرسول لأن محبوب المحبوب محبوب ومحبة الرسول إنما تكون بمتابعته وسلوك سبيله قولا وعملا وخلقا وحالا وسيرة وعقيدة ولا يتمشى دعوى محبة الله الا بهذا فإنه قطب المحبة ومظهرها فمن لم يكن له من متابعته نصيب لم يكن له من المحبة نصيب ومن تابعه حق المتابعة ناسب باطنه وسره وقلبه ونفسه باطن الرسول وسره وقلبه ونفسه وهو مظهر محبة الله فلزم بهذه المناسبة أن يكون لهذا التابع قسط من محبة الله بقدر نصيبه من المتابعة فيلقي الله محبته عليه ويسري من باطن الرسول نور تلك المحبة إليه فيكون محبوبا لله محبا له ومن لم يتابعه يخالف باطنه باطن الرسول فبعد عن وصف المحبوبية وزوال المحبة عن قلبه أسرع ما يكون إذ لو لم يحبه الله لم يكن محبا له وفي حكم الرسول من أمر الله والرسول بحبه واتباعه وهم الأئمة والأوصياء (عليهم السلام).

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في حديث من سره أن يعلم أن الله يحبه فليعمل بطاعته وليتبعنا ألم تسمع قول الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم﴾ والله لا يطيع الله عبد ابدا الا ادخل الله عليه في طاعته اتباعنا ولا والله يتبعنا عبد ابدا الا أحبه الله ولا والله لا يدع أحد اتباعنا ابدا الا أبغضنا ولا والله لا يبغضنا أحد أبدا الا عصى الله ومن مات عاصيا لله أخزاه الله وأكبه على وجهه في النار.

ويغفر لكم ذنوبكم بالتجاوز عما فرط منكم والله غفور رحيم لمن تحبب إليه بطاعته واتباع من أمر الله ونبيه باتباعه، وروي انها نزلت لما قالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه وقيل نزلت في وفد نجران لما قالوا إنما نعبد المسيح حبا لله وقيل في أقوام زعموا على عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) انهم يحبون الله فأمروا أن يجعلوا لقولهم تصديقا من العمل.

(32) قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا يحتمل المضي والمضارعة بمعنى فان تتولوا فإن الله لا يحب الكافرين لا يرضى عنهم ولا يثني عليهم قيل إنما لم يقل ولا يحبهم لقصد العموم والدلالة على أن التولي كفر وانه بهذه الحيثية ينفي محبة الله تعالى وان محبته مخصوصة بالمؤمنين.

(33) إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين بالرسالة والخصائص الروحانية والفضائل الجسمانية ولذلك قووا على ما لم يقو عليه غيرهم لما أوجب طاعة الرسل وبين انها الجالبة لمحبة الله، عقب ذلك ببيان مناقبهم تحريضا عليها وبه استدل على فضلهم على الملائكة وآل إبراهيم إسماعيل وإسحاق وأولا دهما وآل عمران: موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر ابن فاهث ابن لاوي بن يعقوب وعيسى وأمه مريم (عليها السلام) بنت عمران بن ما ثان وماثان ينتهي بسبعة وعشرين أبا إلى يهود بن يعقوب وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة كذا قيل.

أقول: وقد دخل في آل إبراهيم نبينا وأهل بيته (عليهم السلام).

العياشي عن الباقر (عليه السلام) انه تلا هذه الآية فقال نحن منهم ونحن بقية تلك العترة.

وفي المجالس عن الصادق (عليه السلام) قال قال محمد بن أشعث بن قيس الكندي لعنة الله عليه: للحسين (عليه السلام) يا حسين بن فاطمة (صلوات الله عليهما) اية حرمة لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليست لغيرك فتلا الحسين (عليه السلام) هذه الآية ﴿ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض﴾ الآية ثم قال والله إن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن آل إبراهيم وان العترة الهادية لمن آل محمد (صلوات الله عليهم).

وفي العيون: في حديث الفرق بين العترة والأمة فقال المأمون: هل فضل الله العترة والأمة فقال المأمون هل فضل الله العترة على سائر الناس فقال أبو الحسن (عليه السلام) ان الله تعالى ابان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه فقال له المأمون أين ذلك من كتاب الله فقال له الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين.

والقمي قال العالم (عليه السلام) نزل وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد (صلوات الله عليهم) على العالمين فأسقطوا آل محمد (عليهم السلام) من الكتاب.

والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قال وآل محمد كانت فمحوها.

وفي المجمع وفي قراءة أهل البيت وآل محمد (صلوات الله عليهم) على العالمين وقالوا أيضا ان آل إبراهيم (عليهم السلام) هم آل محمد (صلوات الله عليهم) الذين هم أهله ويجب أن يكون الذين اصطفاهم الله تعالى مطهرين معصومين منزهين عن القبائح لأنه سبحانه لا يختار ولا يصطفي الا من كان كذلك انتهى كلامه.

أقول: وعلى هذه القراءة يكون من قبيل عطف الخاص على العام كعطف آل عمران بكلا معنييه على آل إبراهيم (عليهم السلام).

وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن معنى آل محمد (عليهم السلام) فقال آل محمد (صلوات الله عليهم) من حرم الله عز وجل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نكاحه.

وعنه (عليه السلام) ان آل محمد (صلوات الله عليهم) ذريته وأهل بيته الأئمة الأوصياء وعترته أصحاب العباء وأمته المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله المتمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما كتاب الله وعترته أهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهم الخليفتان على الأمة بعده.

(34) ذرية بعضها من بعض الذرية يقع على الواحد والجمع يعني انهم ذرية واحدة متسلسلة بعضها متشعبة من بعض.

وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) في بيانه ان الذين اصطفاهم الله بعضهم من نسل بعض.

والعياشي عنه (عليه السلام) انه قيل له ما الحجة في كتاب الله ان آل محمد هم أهل بيته (صلوات الله عليهم) قال قول الله عز وجل ﴿ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد هكذا نزلت على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم﴾ قال ولا يكون الذرية من القوم الا نسلهم من أصلابهم.

والله سميع بأقوال الناس عليم بأعمالهم فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل.

(35) إذ قالت اذكر إذ قالت أو سميع بقول امرأة عمران عليم بنيتها إذ قالت امرأة عمران هي امرأة عمران بن ما ثان أم مريم البتول جدة عيسى بنت قاقوذا والمشهور ان اسمها حنة كما يأتي عن الصادق (عليه السلام).

وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) أنه قال لنصراني اما أم مريم فاسمها مرثار وهي وهيبة بالعربية.

رب إني نذرت لك ما في بطني محررا معتقا لخدمة بيت المقدس لا أشغله بشئ فتقبل مني ما نذرته إنك أنت السميع لقولي العليم بنيتي.

(36) فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت اعتراض وهو قول الله وليس الذكر كالأنثى من تتمة كلام امرأة عمران، وقرئ بما وضعت على أنه من كلامها تسلية لنفسها أي ولعل لله فيه سرا أو الأنثى كان خيرا.

ورواها في المجمع عن علي (عليه السلام) في الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال إن الله أوحى إلى عمران اني واهب لك ذكرا سويا مباركا يبرئ

الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي أم مريم فلما حملت بها كان حملها عند نفسها غلاما فلما وضعتها قالت رب اني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى لا تكون البنت رسولا يقول الله تعالى: ﴿والله أعلم بما وضعت﴾ فلما وهب الله لمريم عيسى (عليه السلام) كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) ما يقرب منه.

وعن الصادق (صلوات الله عليه) ان المحرر يكون في الكنيسة لا يخرج منها فلما وضعتها قالت رب اني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى ان الأنثى تحيض فتخرج من المسجد والمحرر لا يخرج من المسجد، وعن أحدهما (عليهما السلام) نذرت ما في بطنها للكنيسة ان يخدم العباد وليس الذكر كالأنثى في الخدمة قال نشبت (4) وكانت تخدمهم وتناوئهم حتى بلغت فأمر زكريا ان يتخذ لها حجابا دون العباد.

وإني سميتها مريم انه قلت ذلك تقربا إلى الله وطلبا لأن يعصمها ويصلحها حتى يكون فعلها مطابقا لا سمها فان مريم في لغتهم بمعنى العابدة وإني أعيذها بك وذريتها أجيرها بحفظك من الشيطان الرجيم المطرود واصل الرجم الرمي بالحجارة.

1- القربان بالضم ما يتقرب به إلى الله تعالى ج قرابين (ق).

2- قوله تعالى مثبورا أي مهلكا وقيل ملعونا مطرودا (مجمع).

3- كدح في العمل كمنع سعى لنفسه خيرا أو شرا والكدح بفتح العمل والسعي في الكسب لآخرة ودنيا.

4- رجل غمر: لم يجرب الأمور (ص).