سورة البقرة (تكملة)

وفي الكافي عنه (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) إذا هاله شئ فزع إلى الصلاة ثم تلا هذه الآية واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها القمي يعني الصلاة وقيل الاستعانة بهما، وفي تفسير الإمام (عليه السلام) إن هذه الفعلة من الصلوات الخمس والصلاة على محمد وآله مع الانقياد لأوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم وكيف لكبيرة: عظيمة.

أقول: يعني لثقيلة شاقة كقوله تعالى: ﴿كبر على المشركين ما تدعوهم إليه﴾ إلا على الخاشعين) الخائفين عقاب الله في مخالفته في أعظم فرائضه.

أقول: وذلك لأن نفوسهم مرتاضة بأمثالها متوقعة في مقابلتها ما يستخف لأجله مشاقها ويستلذ بسببه متاعبها كما قال نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) جعلت قرة عيني في الصلاة وكان يقول روحنا أو أرحنا يا بلال.

(46) الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم: في التوحيد والاحتجاج والعياشي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يوقنون أنهم يبعثون والظن منهم يقين وفيهما قال (عليه السلام) اللقاء البعث والظن هاهنا اليقين.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) يقدرون ويتوقعون أنهم يلقون ربهم اللقاء الذي هو أعظم كرامته لعباده وأنهم إليه راجعون إلى كراماته ونعيم جناته قال: وإنما قال يظنون لأنهم لا يدرون بماذا يختم لهم لأن العاقبة مستورة عنهم لا يعلمون ذلك يقينا لأنهم لا يأمنون أن يغيروا ويبدلوا.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يزال المؤمن خائفا، من سوء العاقبة ولا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له الحديث.

ويأتي تمامه في سورة حم السجدة إن شاء الله عند تفسير ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، الآية.

(47) يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم إذ بعثت موسى وهارون إلى أسلافكم بالنبوة فهدياهم إلى نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصية علي (عليه السلام) وإمامة عترته الطيبين (عليهم السلام) واخذا عليهم بذلك العهود التي إن وفوا بها كانوا ملوكا في الجنان وأنى فضلتكم على العلمين هناك أي فعلته بأسلافكم فضلتهم في دينهم بقبول ولاية محمد (وآله عليهم السلام) وفي دنياهم بتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وسقيم من الحجر ماء عذبا وفلق البحر لهم وانجائهم وغرق أعدائهم فضلتهم بذلك على عالمي زمانهم الذين خالفوا طريقتهم وحادوا عن سبيلهم.

أقول: وإنما خاطب الله الأخلاف بما فعل بالأسلاف أو فعلوه من الخير والشر لأن القرآن نزل بلغة العرب وهم يخاطبون بمثل ذلك يقول الرجل للتميمي الذي أغار قومه على بلدة وقتلوا من فيها أغرتم على بلدة كذا وفعلتم كذا وقتلتم أهلها وإن لم يكن هو معهم مع أن الأخلاف راضون بما فعل بالأسلاف أو فعلوه، كذا في تفسير الإمام (1) (عليه السلام) عن السجاد (عليه السلام) وقد مضى تحقيقه في المقدمة الثالثة.

(48) واتقوا يوما وقت النزع لا تجزي نفس عن نفس شيئا لا تدفع عنها عذابا قد استحقته ولا يقبل وقرئ بالتاء منها شفاعة بتأخير الموت عنها ولا يؤخذ منها عدل أي فداء مكانها تمات وتترك هي ولا هم ينصرون.

أقول: يعني في دفع الموت والعذاب.

وفي تفسير الإمام الصادق (عليه السلام) هذا يوم الموت فان الشفاعة والفداء لا يغني عنه فأما في القيامة فانا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء لنكونن على الأعراف بين الجنة والنار محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبون من آلهم (ع) فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات فمن كان منهم مقصرا وفي بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظرائهم في العصر الذي يليهم ثم في كل عصر إلى يوم القيامة فينقضون عليهم كالبزاة والصقور ويتناولونهم كما يتناول البزاة والصقور صيدها فيزفونهم إلى الجنة زفا وانا لنبعث على آخرين من محبينا خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا وسيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله بعد أن حاز الولاية والتقية وحقوق إخوانه ويوقف بإزائه ما بين ماءة وأكثر من ذلك إلى ماءة ألف من النصاب فيقال له هؤلاء فداؤك من النار فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة وأولئك النصاب النار وذلك ما قال الله عز وجل ﴿ربما يود الذين كفروا﴾ يعني بالولاية لو كانوا مسلمين في الدنيا منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم من النار فداؤهم.

(49) وإذ نجيناكم واذكروا إذ أنجينا أسلافكم.

أقول: هذا تفصيل لما أجمله في قوله واذكروا نعمتي من آل فرعون وهم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته بدينه ومذهبه يسومونكم كانوا يعذبونكم.

أقول: يعني يكلفونكم العذاب من سامة الأمر كلفه إياه وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر.

سوء العذاب شدة العذاب وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء والطين ويخاف أن يهربوا عن العمل فأمر بتقييدهم وكانوا ينقلون ذلك الطين على السلاليم إلى السطوح فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن ولا يحفلون بهم إلى أن أوحى الله إلى موسى (عليه السلام) قل لهم لا يبتدئون عملا إلا بالصلاة على محمد وآله الطيبين فيخفف عليهم فكانوا يفعلون ذلك فيخفف عليهم يذبحون أبناءكم وذلك لما قيل لفرعون أنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك وزوال ملكك فأمر بذبح أبنائهم ويستحيون نساءكم يبقونهن ويتخذونهن إماء ثم قال ما ملخصه إنه: ربما يسلم أبناءهم من الذبح وينشئون في محل غامض بصلاتهم على محمد وآله الطيبين وكذلك نساؤهم يسلمن من الافتراش بصلواتهم عليه وآله وفي ذ لكم وفي ذلك الإنجاء منهم بلاء نعمة من ربكم عظيم كبير قال الله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخف بالصلاة على محمد وآله الطيبين أفما تعلمون أنكم إذا شاهدتموهم فآمنتم بهم كانت النعمة عليكم أعظم وأفضل وفضل الله لديكم أجزل.

(50) وإذ فرقنا بكم البحر واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقا ينقطع بعضه من بعض فأنجيناكم هناك وأغرقنا آل فرعون فرعون وقومه وأنتم تنظرون إليهم وهم يغرقون وذلك أن موسى لما انتهى إلى البحر أوحى الله إليه قل لبني إسرائيل جددوا توحيدي واقروا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي واعقدوا على أنفسكم ولاية علي أخي محمد وآله الطيبين وقولوا اللهم جوزنا على متن هذا الماء فان الماء يتحول لكم أرضا فقال لهم موسى ذلك فقالوا: تورد علينا ما نكرهه وهل فررنا من فرعون الا من خوف الموت وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا فقال لموسى كالب بن يوحنا وهو على دابة له وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ يا نبي الله: الله أمرك بهذا أن نقوله وندخل قال: نعم.

قال: وأنت تأمرني به قال: بلى، فوقف وجدد على نفسه من توحيد الله ونبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية علي والطيبين من آلهما ما أمره به ثم قال اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء ثم أقحم فرسه فركض على متن الماء وإذا الماء من تحته كأرض لينة حتى بلغ آخر الخليج ثم عاد راكضا ثم قال لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل أطيعوا موسى فما هذا الدعاء الا مفتاح أبواب الجنان ومغاليق أبواب النيران ومستنزل الأرزاق والجالب على عباد الله وإمائه رضاء الرحمن المهيمن الخلاق فأبوا وقالوا نحن لا نسير الا على الأرض فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر وقل اللهم صل على محمد وآله الطيبين لما فلقته ففعل فانفلق وظهرت الأرض إلى آخر الخليج فقال موسى ادخلوها قالوا: الأرض وحلة نحاف أن نرسب فيها فقال الله: يا موسى قل اللهم بحق محمد وآله الطيبين جففها فقالها فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت وقال موسى: ادخلوها قالوا: يا نبي الله نحن اثنتا عشرة قبيلة بنو اثني عشر أبا فان دخلنا رام كل فريق منا تقدم صاحبه ولا نأمن وقوع الشر بيننا فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لآمنا مما نخافه فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثنتي عشرة ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك ويقول اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين لنا الأرض وامط الماء عنا فصار فيه تمام اثني عشر طريقا وجف قرار الأرض بريح الصبا فقال ادخلوها قالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين فقال الله عز وجل فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك فضرب وقال اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت في هذه الماء طيقانا واسعة يرى بعضهم بعضا ثم دخلوها فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه فدخل بعضهم فلما دخل آخرهم وهم بالخروج أولهم أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم فغرقوا وأصحاب موسى ينظرون إليهم قال الله عز وجل لبني إسرائيل في عهد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان الله فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد (صلى الله عليه وآله) ودعاء موسى دعاء تقرب بهم فما تعقلون إن عليكم الايمان بمحمد (وآله صلى الله عليهم) إذ قد شاهدتموه الآن.

(51) وإذ واعدنا موسى وقرئ وعدنا بغير ألف أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون كان موسى ابن عمران يقول لبني إسرائيل إذا فرج الله عنكم وأهلك أعداءكم أتيتكم بكتاب من ربكم يشتمل على أوامره ونواهيه ومواعظه وعبره وأمثاله فلما فرج الله عنهم أمره الله عز وجل أن يأتي للميعاد ويصوم ثلاثين يوما فلما كان في آخر الأيام استاك قبل الفطر فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى أما علمت أن خلوق فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك صم عشرا اخر ولا تستك عند الافطار ففعل ذلك موسى فكان وعد الله عز وجل أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة فأعطاه إياه فجاء السامري فشبه على مستضعفي بني إسرائيل وقال وعدكم موسى أن يرجع إليكم بعد أربعين ليلة وهذه عشرون ليلة وعشرون يوما تمت أربعون أخطأ موسى ربه وقد اتاكم ربكم أراد أن يريكم أنه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه وإنه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه فأظهر لهم العجل الذي كان عمله فقالوا له فكيف يكون العجل إلهنا قال لهم إنما هذا العجل يكلمكم منه ربكم كما كلم موسى من الشجرة فالإله في العجل كما كان في الشجرة فضلوا بذلك وأضلوا فقال موسى: يا أيها العجل أكان فيك ربنا كما يزعم هؤلاء فنطق العجل وقال عز ربنا عن أن يكون العجل حاويا له أو شئ من الشجرة والأمكنة عليه مشتملا لا والله يا موسى ولكن السامري نصب عجلا مؤخره إلى حائط وحفر في الجانب الآخر في الأرض واجلس فيه بعض مردته فهو الذي وضع فاه على دبره وتكلم بما تكلم لما قال هذا إلهكم وإله موسى يا موسى بن عمران ما خذل هؤلاء بعبادتي واتخاذي إلها الا لتهاونهم بالصلاة على محمد وآله الطيبين وجحودهم لموالاتهم ونبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصية الوصي قال الله تعالى: فإذا خذل عبدة العجل بتهاونهم بالصلاة على محمد وعلي فما تخافون من الخذلان الأكبر في معاندتكم لهما وقد شاهدتموهما وتبينتم آياتهما ودلائلهما.

والقمي: إن بني إسرائيل لما ذهب موسى إلى الميقات ليأتيهم بألواح التوراة ووعدهم بالرجعة بعد ثلاثين يوما فعندما انتهت الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم جاءهم إبليس في صورة شيخ وقال لهم إن موسى قد هرب ولا يرجع إليكم ابدا فاجمعوا إلي حليكم حتى اتخذ لكم إلها تعبدونه وكان السامري يوم أغرق الله فرعون وأصحابه على مقدمة موسى وهو من خيار من اختصه موسى فنظر السامري إلى جبرئيل (عليه السلام) وهو على مركوب في صورة رمكة فكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض تحرك موضع حافرها فجعل السامري يأخذ التراب من تحت حافر رمكة جبرئيل فصره في صرة وحفظه وكان يفتخر به على بني إسرائيل فلما اتخذ إبليس لهم العجل قال للسامري هات التراب الذي عندك فأتاه به فألقاه في جوف العجل فتحرك وخار ونبت له الوبر والشعر فسجد بنو إسرائيل للعجل وكان عدد من سجد له سبعين ألفا.

(52) ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون أي عفونا عن أوائلكم عبادتهم العجل لعلكم يا أيها الكائنون في عصر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من بني إسرائيل تشكرون تلك النعمة على أسلافكم وعليكم بعدهم وإنما عفا الله عز وجل عنهم لأنهم دعوا الله بمحمد (وآله صلى الله عليهم) وجددوا على أنفسم الولاية بمحمد وعلي وآلهما الطاهرين فعند ذلك رحمهم وعفا عنهم.

(53) وإذ اتينا موسى الكتاب واذكروا إذ أتينا موسى التوراة المأخوذ عليكم الإيمان به والانقياد لما يوجبه والفرقان أتيناه أيضا فرق ما بين الحق والباطل وفرق ما بين المحق والمبطل وذلك أنه لما أكرمهم الله بالكتاب والايمان به أوحى الله إلى موسى هذا الكتاب قد أقروا به وقد بقي الفرقان فرق ما بين المؤمنين والكافرين فجدد عليهم العهد به فاني آليت على نفسي قسما حقا ان لا أتقبل من أحد إيمانا ولا عملا الا به قال موسى ما هو يا رب قال الله يا موسى: تأخذ عليهم أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) خير النبيين وسيد المرسلين وأن أخاه ووصيه عليا خير الوصيين وأن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق وأن شيعته المنقادين له ولخلفائه نجوم الفردوس الأعلى وملوك جنات عدن قال فأخذ عليهم موسى ذلك فمنهم من اعتقده حقا ومنهم من أعطاه بلسانه دون قلبه قال فالفرقان النور المبين الذي كان يلوح على جبين من آمن بمحمد وعلي وعترتهما وشيعتهما وفقده من جبين من أعطى ذلك بلسانه دون قلبه لعلكم تهتدون أي لعلكم تعلمون أن الذي يشرف العبد عند الله هو اعتقاد الولاية كما تشرف به أسلافكم وقيل أريد بالكتاب التوراة وبالفرقان المعجزات الفارقة بين المحق والمبطل في الدعوى وبالاهتداء الاهتداء بتدبر الكتاب والتفكر في الآيات.

(54) وإذ قال موسى لقومه: واذكروا يا بني إسرائيل إذ قال موسى لقومه عبدة العجل يقوم إنكم ظلمتم أنفسكم أضررتم بها باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم الذي (2) برأكم وصوركم قيل فاعزموا على التوبة والرجوع إلى من خلقكم فاقتلوا أنفسكم يقتل بعضكم بعضا يقتل من لم يعبد العجل من عبده ذ لكم ذلك القتل خير لكم عند بارئكم لأنه كفارتكم فهو خير من أن تعيشوا في الدنيا ثم تكونوا في النار خالدين فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم قبل توبتكم قبل استيفاء القتل لجماعتكم وقبل اتيانه على كافتكم وأمهلكم للتوبة واستبقاكم للطاعة وذلك أن موسى لما أبطل الله على يديه أمر العجل فأنطقه بالخبر عن تمويه السامري وأمر موسى (عليه السلام) أن يقتل من لم يعبده من عبده تبرأ أكثرهم وقالوا لم نعبد ووشى بعضهم ببعض فقال الله عز وجل لموسى (عليه السلام): أبرد هذا العجل المذهب بالحديد بردا (3) ثم ذره في البحر فمن شرب ماءه اسود شفتاه وأنفه إن كان ابيض اللون وابيضا إن كان اسود وبان ذنبه ففعل فبان العابدون فأمر الله الاثني عشر ألفا أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف ويقتلوهم ونادى مناديه الا لعن الله أحدا اتقاهم بيد أو رجل ولعن الله من تأمل المقتول لعله تبينه حميما أو قريبا فيتعداه إلى الأجنبي فاستسلم المقتولون فقال القاتلون نحن أعظم مصيبة منهم نقتل بأيدينا آباءنا وأبناءنا واخواننا وقراباتنا ونحن لم نعبد فقد ساوى بيننا وبينهم في المصيبة فأوحى الله إلى موسى يا موسى إني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل ولم يهجروهم ولم يعادوهم على ذلك قل لهم من دعا الله بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله الطاهرين الطيبين يسهل عليه قتل المستحقين للقتل بذنوبهم فقالوها فسهل عليهم ولم يجدوا لقتلهم ألما فلما استحر القتل فيهم وهم ستماءة ألف الا اثني عشر ألفا وقف الله الذين عبدوا العجل بمثل هذا التوسل فتوسلوا بهم واستغفروا لذنوبهم فأزال الله القتل عنهم.

والقمي إن موسى لما رجع من الميقات وقد عبد قومه العجل قال لهم بعد الغضب عليهم والعتب لهم توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم قالوا وكيف نقتل أنفسنا قال لهم ليعمد كل واحد منكم إلى بيت المقدس ومعه سيف أو سكين فإذا صعدت المنبر تكونوا أنتم متلثمين لا يعرف أحدكم صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضا فاجتمع الذين عبدوا العجل وكانوا سبعين ألفا فلما صلى بهم موسى (عليه السلام) وصعد المنبر أقبل بعضهم يقتل بعضا حتى نزل الوحي قل لهم يا موسى ارفعوا القتل فقد تاب الله عليكم وكان قد قتل منهم عشرة آلاف.

(55) وإذ قلتم قال أسلافكم: يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة أخذتهم وأنتم تنظرون وهم ينظرون إلى الصاعقة تنزل بهم.

(56) ثم بعثناكم من بعد موتكم بسبب الصاعقة.

أقول: قيد البعث بالموت لأنه قد يكون عن اغماء ونوم وفيه دلالة واضحة على جواز الرجعة التي قال بها أصحابنا نقلا عن أئمتهم وقد احتج بهذه الآية أمير المؤمنين (عليه السلام) على ابن الكواحين أنكرها كما رواه عنه الأصبغ بن نباتة.

والقمي وهذا دليل على الرجعة في أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه قال: لم يكن في بني إسرائيل شئ إلا وفي أمتي مثله يعني دليل على وقوعها لعلكم تشكرون لعل أسلافكم يشكرون الحياة التي فيها يتوبون ويقلعون وإلى ربهم ينيبون لم يدم عليهم ذلك الموت فيكون إلى النار مصيرهم وهم فيها خالدون.

وفي العيون: عن الرضا (عليه السلام) أنهم السبعون الذين اختارهم موسى وصاروا معه إلى الجبل فقالوا له إنك قد رأيت الله فأرناه كما رأيته فقال لهم: إني لم أره فقالوا له لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ويأتي تمام القصة إن شاء الله تعالى في سورة الأعراف.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) أن موسى لما أراد أن يأخذ عليهم عهد الفرقان فرق ما بين المحقين والمبطلين لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بنبوته ولعلي والأئمة (عليهم السلام) بإمامتهم قالوا: لن نؤمن لك ان هذا أمر ربك حتى نرى الله عيانا يخبرنا بذلك فأخذتهم الصاعقة معاينة فقال موسى (عليه السلام) للباقين الذين لم يصعقوا: أتقبلون وتعترفون وإلا فأنتم بهؤلاء لاحقون فقالوا لا ندري ما حل بهم فإن كانت إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) فاسئل الله ربك بمحمد وآله أن يحييهم لنسألهم لماذا أصابهم ما أصابهم فدعا الله موسى (عليه السلام) فأحياهم فسألوهم فقالوا: أصابنا ما أصابنا لآبائنا اعتقاد امامة علي بعد اعتقاد نبوة محمد لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته وحجبه وعرشه وكرسيه وجنانه ونيرانه فما رأينا أنفذ أمرا في جميع الممالك وأعظم سلطانا من محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وإنا لما متنا بهذه الصاعقة ذهبنا إلى النيران فناداهم محمد وعلي كفوا عن هؤلاء عذابكم فإنهم يحيون بمسألة سائل سأل ربنا عز وجل بنا وبآلنا الطيبين قال الله عز وجل لأهل عصر محمد فإذا كان بالدعاء بمحمد وآله الطيبين نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم فإنما يجب عليكم أن لا تتعرضوا لمثل ما هلكوا به إلى أن أحياهم الله.

(57) وظللنا عليكم الغمام لما كنتم في التيه يقيكم من حر الشمس وبرد القمر وأنزلنا عليكم المن الترنجبين كان يسقط على شجرهم فيتناولونه والسلوى السماني كلوا.

والقمي لما عبر بهم موسى البحر نزلوا في مفازة فقالوا يا موسى أهلكتنا وأخرجتنا من العمران إلى مفازة لا ظل فيها ولا شجر ولا ماء فكانت تجئ بالنهار غمامة تظلهم من الشمس وتنزل عليهم بالليل المن فيأكلونه وبالعشي يجئ طائر مشوي فيقع على موائدهم فإذا أكلوا وشبعوا طار عنهم وكان مع موسى حجر يضعه في وسط العسكر ثم يضربه بعصاه فينفجر منه اثنتا عشرة عينا فيذهب الماء إلى كل سبط وكانوا إثنا عشر سبطا فلما طال عليهم ملوا وقالوا: يا موسى لن نصبر على طعام واحد وما ظلمونا لما بدلوا وغيروا ما به أمروا ولم يفوا بما عليه عوهدوا لأن كفر الكافر لا يقدح سلطاننا وممالكنا كما أن إيمان المؤمن لا يزيد في سلطاننا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون يضرون بها بكفرهم وتبديلهم.

وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) في قوله عز وجل وما ظلمونا قال إن الله أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته حيث يقول إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا يعني الأئمة.

(58) وإذ قلنا واذكروا يا بني إسرائيل إذ قلنا لأسلافكم ادخلوا هذه القرية وهي أريحا من بلاد الشام وذلك حين خرجوا من التيه فكلوا منها حيث شئتم رغدا واسعا بلا تعب وادخلوا الباب باب القرية سجدا مثل الله تعالى على الباب مثال محمد وعلي وأمرهم أن يسجدوا تعظيما لذلك ويجددوا على أنفسهم بيعتهما وذكر موالاتهما ويذكروا العهد والميثاق المأخوذين عليهم لهما وقولوا حطة وقولوا سجودنا لله تعظيما للمثال واعتقادنا الولاية حطة لذنوبنا ومحو لسيئاتنا نغفر لكم خطاياكم السالفة ونزيل عنكم آثامكم الماضية وقرئ بضم الياء وفتح الفاء وسنزيد المحسنين من لم يقارف منكم الذنب وثبت على عهد الولاية ثوابا.

(59) فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم لم يسجدوا كما أمروا ولا قالوا ما أمروا بل دخلوها باستاههم وقالوا ما معناه حنطة حمراء نتقوتها أحب إلينا من هذا الفعل وهذا القول.

وفي موضع آخر من تفسير الإمام (عليه السلام) وكان خلافهم أنهم لما بلغوا الباب رأوا بابا مرتفعا قالوا ما بالنا نحتاج أن نركع عند الدخول هاهنا ظننا أنه باب متطامن لا بد من الركوع فيه وهذا باب مرتفع وإلى متى يسخر بنا هؤلاء يعنون موسى (عليه السلام) ثم يوشع بن نون ويسجدوننا في الأباطيل وجعلوا استاههم نحو الباب وقالوا بدل قولهم حطة ما معناه حنطة حمراء فذلك تبديلهم.

فأنزلنا على الذين ظلموا وبدلوا ما قيل لهم ولم ينقادوا لولاية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وآلهما، قيل كرره مبالغة في تقبيح أمرهم واشعارا بأن الانزال عليهم بظلمهم بوضع غير المأمور به موضعه أو بظلمهم على أنفسهم بأن تركوا ما يوجب نجاتها إلى ما يوجب بهلاكها رجزا من السماء قيل أي عذابا مقدرا من السماء هو في الأصل لما يعاف عنه كالرجس بما كانوا يفسقون يخرجون من أمر الله وطاعته والرجز الذي أصابهم أنه مات منهم بالطاعون في بعض يوم ماءة وعشرون ألفا وهم الذين كان في علم الله أنهم لا يؤمنون ولا يتوبون ولم ينزل على من علم أنه يتوب أو يخرج من صلبه ذرية طيبة.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال: نزل جبرائيل بهذه الآية فبدل الذين ظلموا آل محمد (صلى الله عليهم) حقهم غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد (صلى الله عليهم) حقهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون.

(60) وإذ استسقى واذكروا إذ استسقى موسى لقومه طلب لهم السقيا لما عطشوا في التيه ضجوا إليه بالبكاء فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فضربه بها داعيا بمحمد وآله الطيبين فانفجرت.

وفي المجمع والعياشي عن الباقر (عليه السلام) نزلت ثلاثة أحجار من الجنة حجر مقام إبراهيم وحجر بني إسرائيل والحجر الأسود.

وفي الكافي والإكمال عنه (عليه السلام) إذ اخرج القائم (عليه السلام) من مكة ينادي مناديه الا لا يحملن أحد طعاما ولا شرابا وحمل معه حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير ولا ينزل منزلا الا انفجرت منه عيون فمن كان جائعا شبع ومن كان ظمآنا روى ورويت دوابتهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة.

قد علم كل أناس كل قبيلة: من بني أب من أولاد يعقوب مشربهم ولا يزاحم الآخرين في مشربهم كلوا واشربوا قال الله تعالى: كلوا واشربوا من رزق الله الذي آتاكموه قيل أي من المن والسلوى والماء ولا تعثوا في الأرض مفسدين ولا تعثوا فيها وأنتم مفسدون عاصون قيل هو من العثو بمعنى الاعتداء ويقرب منه العيث غير أنه يغلب على ما يدرك بالحس.

(61) وإذ قلتم واذكروا إذ قال اسلافكم يا موسى لن نصبر على طعام واحد اي المن والسلوى ولا بد لنا من خلط معه فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها في المجمع عن الباقر (عليه السلام) والقمي الثوم الحنطة وقيل هو الثوم.

وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى أتستدعون الأدون بالذي هو خير ليكون لكم بدلا من الأفضل اهبطوا من هذه التيه مصرا من الأمصار فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة الجزية والفقر وباؤا بغضب احتملوا الغضب واللعنة.

أقول: يعني ورجعوا وعليهم للغضب كما يأتي في مثله في هذه السورة فالمذكور هنا محصل المعنى ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق بلا جرم منهم إليهم ولا إلى غيرهم، وقرئ النبيئين بالهمزة حيث وقع في سائر تصاريفها اجمع ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون يتجاوزون امر الله إلى أمر إبليس، قيل جرهم العصيان والاعتداء فيه إلى الكفر بالآيات وقتل النبيين فان صغار الذنوب تؤدي إلى كبارها كما أن صغار الطاعات تؤدي إلى كبارها.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا عباد الله فاحذروا الانهماك في المعاصي والتهاون بها فان المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه فيما هو أعظم منها فلا يزال يعصي ويتهاون ويخذل ويوقع فيما هو أعظم مما جنى حتى توقعه في رد ولاية وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دفع نبوة نبي الله ولا يزال أيضا بذلك حتى توقعه في دفع توحيد الله والالحاد في دين الله قيل المراد بآيات الله المعجزات والكتب المنزلة وما فيها من نعت نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وبقتل النبيين قتل شعيب وزكريا ويحيى وغيرهم.

وفي الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) انه تلا هذه الآية فقال والله ما ضربوهم بأيديهم ولا قتلوهم بأسيافهم ولكن سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا باعتداء ومعصية.

(62) ان الذين آمنوا بالله وبما فرض عليهم الايمان به والذين هادوا اليهود والنصارى الذين زعموا انهم في دين الله متناصرون.

وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) انهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلتها مريم وعيسى بعد رجوعهما من مصر.

والصابئين الذين زعموا انهم صبوا إلى دين الله وهم كاذبون.

أقول: صبوا اي مالوا إن لم يهمز وخرجوا ان قرئ بالهمزة.

والقمي انهم ليسوا من أهل الكتاب ولكنهم يعبدون الكواكب والنجوم من آمن بالله واليوم الآخر منهم ونزع عن كفره وعمل صلحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم في الآخرة حين يخاف الفاسقون ولا هم يحزنون إذا حزن المخالفون.

(63) وإذ أخذنا واذكروا إذ أخذنا ميثاقكم عهودكم ان تعلموا بما في التوراة وما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع الكتاب وتقروا بما فيه من نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ووصيه علي والطيبين من ذريتهما وان تؤدوه إلى اخلافكم قرنا بعد قرن فأبيتم قبول ذلك واستكبرتموه ورفعنا فوقكم الطور الجبل أمرنا جبرئيل ان يقلع من جبل فلسطين (4) قطعة على قدر معسكر اسلافكم فرسخا في فرسخ فقطعها وجاء بها فرفعها فوق رؤوسهم خذوا ما آتيناكم فقال لهم موسى اما ان تأخذوا بما أمرتم به فيه واما ان القي عليكم هذا الجبل فالجأوا إلى قبوله كارهين الا من عصمه الله من العناد فإنه قبله طائعا مختارا ثم لما قبلوه سجدوا وعفروا وكثير منهم عفر خديه لا لا رادة الخضوع لله ولكن نظرا إلى الجبل هل يقع أم لا بقوة من قلوبكم ومن أبدانكم.

في المحاسن والعياشي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية أقوة في الأبدان أم قوة في القلوب فقال: فيهما جميعا واذكروا ما فيه من جزيل ثوابنا على قيامكم به وشديد عقابنا على إبائكم له.

وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) واذكروا ما في تركه من العقوبة لعلكم تتقون لتتقوا المخالفة الموجبة للعقاب فتستحقوا بذلك الثواب.

(64) ثم توليتم يعني تولى أسلافكم من بعد ذلك عن القيام به والوفاء بما عوهدوا عليه فلولا فضل الله عليكم ورحمته بامهالكم للتوبة وانظاركم للإنابة لكنتم من الخاسرين المغبونين.

(65) ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت لما اصطادوا السموك فيه فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين مبعدين عن كل خير.

(66) فجعلناها: اي المسخة التي أخزيناهم ولعناهم بها.

وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) فجعلنا الأمة.

نكالا لما بين يديها وما خلفها عقوبة لما بين يدي المسخة من ذنوبهم الموبقات التي استحقوا بها العقوبة وردعا للذين شاهدوهم بعد مسخهم وللذين يسمعون بها من بعدها لكي يرتدعوا عن مثل افعالهم وموعظة للمتقين وسيأتي قصتهم في سورة الأعراف إنشاء الله.

(67) وإذ قال موسى: واذكروا إذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة تضربون ببعضها هذا المقتول بين أظهركم ليقوم حيا سويا بإذن الله عز وجل ويخبركم بقاتله وذلك حين القى القتيل بين أظهركم فألزم موسى أهل القبيلة بأمر الله ان يحلف خمسون من أماثلهم بالله القوي الشديد إله بني إسرائيل مفضل محمد وآله الطيبين على البرايا أجمعين إنا ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا فان حلفوا بذلك غرموا دية المقتول وإن نكلوا نصوا على القاتل أو أقر القاتل فيقاد منه وإن لم يفعلوا حبسوا في محبس ضنك إلى أن يحلفوا أو يقروا أو يشهدوا على القاتل فقالوا يا نبي الله أما وقت أيماننا أموالنا ولا أموالنا أيماننا قال: لا هذا حكم الله وكان السبب ان امرأة حسناء ذات جمال وخلق كامل وفضل بارع ونسب شريف وستر ثخين كثر خطابها وكان لها بنو أعمام ثلاثة فرضيت بأفضلهم علما وأثخنهم سترا وأرادت التزويج به فاشتد حسد ابني عمه الآخرين له وغبطاه عليها لايثارها إياه فعمدا إلى ابن عمها المرضي فأخذاه إلى دعوتهما ثم قتلاه وحملاه إلى محلة تشتمل على أكثر قبيلة من بني إسرائيل فألقياه بين أظهرهم ليلا فلما أصبحوا وجدوا القتيل هناك فعرف حاله فجاء ابنا عمه القاتلان له فمزقا على أنفسهما وحثيا التراب على رؤسهما واستعديا عليهم فأحضر هم موسى وسألهم فأنكروا ان يكونوا قتلوه وعلموا قاتله فقال: فحكم الله عز وجل على من فعل هذه الحادثة ما عرفتموه فالتزموه فقالوا يا موسى اي نفع في إيماننا إذا لم تدرأ عنا الغرامة الثقيلة أم اي نفع في غرامتنا إذا لم تدرأ عنا الأيمان.

فقال موسى (عليه السلام): كل النفع في طاعة الله والائتمار لأمره والانتهاء عما نهى عنه فقالوا: يا نبي الله غرم ثقيل ولا جناية لنا وإيمان غليظة ولا حق في رقابنا لو أن الله عز وجل عرفنا قاتله بعينه وكفانا مؤنته فادع لنا ربك أن يبين لنا هذا القاتل لينزل به ما يستحقه من العذاب وينكشف أمره لذوي الألباب.

فقال موسى (عليه السلام) إن الله قد بين ما أحكم به في هذا فليس لي ان اقترح عليه غير ما حكم ولا اعترض عليه فيما أمر الا ترون أنه لما حرم العمل في يوم السبت وحرم لحم الجمل لم يكن لنا ان نقترح عليه ان نغير ما حكم به علينا من ذلك بل علينا ان نسلم حكمه ونلتزم ما ألزمناه وهم بأن يحكم عليهم بالذي كان يحكم به على غيرهم في مثل حادثتهم فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى أجبهم إلى ما اقترحوا وسلني ان أبين لهم القاتل ليقتل ويسلم غيره من التهمة والغرامة فاني إنما أريد بإجابتهم إلى ما اقترحوا توسعة الرزق على رجل من خيار أمتك دينه الصلاة على محمد وآله الطيبين والتفضيل لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي بعده على سائر البرايا وأغنيه في الدنيا في هذه القضية ليكون بعض ثوابه عن تعظيمه لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال موسى: يا رب بين لنا قاتله فأوحى الله عز وجل إليه قل لبني إسرائيل إن الله يبين لكم ذلك بأن يأمركم أن تذبحوا بقرة فتضربوا ببعضها المقتول فيحيى أفتسلمون لرب العالمين ذلك والا فكفوا عن المسألة والتزموا ظاهر حكمي فذلك ما حكى الله عز وجل وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أي سيأمركم أن تذبحوا بقرة إن أردتم الوقوف على القاتل.

والقمي عن الصادق (عليه السلام) أن رجلا من خيار بني إسرائيل وعلمائهم خطب امرأة منهم فأنعمت له وخطبها ابن عم لذلك الرجل وكان فاسقا فردته فحسد ابن عمه الذي أنعمت إليه فرصده وقتله غيلة ثم حمله إلى موسى (عليه السلام) فقال يا نبي الله إن هذا ابن عمي قد قتل فقل من قتله قال: لا أدري وكان القتل في بني إسرائيل عظيما جدا فعظم قتل ذلك الرجل على موسى (عليه السلام) فاجتمع إليه بنو إسرائيل فقالوا ما ترى يا نبي الله وكان في بني إسرائيل رجل له بقرة وكان له ابن بار وكان عند ابنه سلعة فجاء قوم يطلبون سلعته وكان مفتاح بيته في تلك الحال تحت رأس أبيه وهو نائم فكره ابنه أن ينبهه وينغص عليه نومه فانصرف القوم ولم يشتروا سلعته فلما انتبه أبوه قال يا بني ما صنعت في سلعتك؟قال: هي قائمة لم أبعها لأن المفتاح كان تحت رأسك فكرهت أن أزعجك من رقدتك وأنغص عليك نومك قال له أبوه: قد جعلت هذه البقرة لك عوضا عما فاتك من ربح سلعتك وشكر الله للابن ما فعل بأبيه فأمر الله جل جلاله موسى أن يأمر بني إسرائيل بذبح تلك البقرة بعينها ليظهر قاتل ذلك الرجل الصالح فلما اجتمع بنو إسرائيل إلى موسى وبكوا وضجوا قال لهم موسى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فتعجبوا وقالوا: أتتخذنا هزوا نأتيك بقتيل فتقول اذبحوا بقرة قالوا: يا موسى أتتخذنا هزوا سخرية تزعم أن الله يأمر بذبح بقرة وتأخذ قطعة من ميت ونضرب بها ميتا فيحيى أحد الميتين بملاقاة بعض الميت له فكيف يكون هذا وقرئ باسكان الزاي وبغير همز قال موسى أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين أنسب إلى الله ما لم يقل لي أعارض أمر الله بقياسي على ما شاهدت دافعا لقول الله عز وجل وأمره ثم قال موسى: أوليس ماء الرجل نطفة ميتة وماء المرأة كذلك ميتان يلتقيان فيحدث الله من التقاء الميتين بشرا حيا سويا أوليس بذوركم التي تزرعونها في أرضكم تتفسخ في أرضكم وتتعفن وهي ميتة ثم يخرج منها هذه السنابل الحسنة البهيجة وهذه الأشجار الباسقة المونقة فلما بهرهم موسى.

(68) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي مواصفاتها لنقف عليها وفي رواية القمي: فعلموا أنهم قد أخطأوا قال إنه إن الله يقول بعد ما سأل ربه إنها بقرة لا فارض لا كبيرة ولا بكر ولا صغيرة عوان وسط بين ذلك بين الفارض والبكر فافعلوا ما تؤمرون إذا أمرتم به.

(69) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها أي لون هذه البقرة التي تريد أن تأمرنا بذبحها قال إنه يقول إن الله يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها حسنة الصفرة ليس بناقص يضرب إلى البياض ولا بمشبع يضرب إلى السواد تسر الناظرين إليها لبهجتها وحسنها وبريقها.

(70) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ما صفتها يزيد في صفتها إن البقر تشابه علينا وإنا إنشاء الله لمهتدون وفي الحديث النبوي لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد.

(71) قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض لم تذلل لإثارة الأرض ولم ترض بها ولا تسقي الحرث ولا هي مما تجر به الدلاء للزرع ولا تدير النواعير قد أعفيت من ذلك أجمع مسلمة من العيوب كلها لا شية فيها من غيرها.

في العيون والعياشي عن الرضا (عليه السلام) لو عمدوا إلى أي بقرة أجزأهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم، وفي تفسير الإمام (عليه السلام) فلما سمعوا هذه الصفات قالوا يا موسى أفقد أمرنا ربنا بذبح بقرة هذه صفتها قال: بلى ولم يقل موسى في الابتداء إن الله قد أمركم بل قال: يأمركم لأنه لو قال إن الله أمركم لكانوا إذ قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي وما لونها كان لا يحتاج أن يسأله ذلك عز وجل ولكن كان يجيبهم هو بأن يقول أمركم ببقرة فأي شئ وقع عليه اسم البقرة فقد خرجتم من أمره إذا ذبحتموها فلما استقر الأمر عليهم طلبوا هذه البقرة فلم يجدوها الا عند شاب من بني إسرائيل أراه الله في منامه محمدا وعليا وطيبي ذريتهما (عليهم السلام) فقالا له إنك كنت لنا محبا مفضلا ونحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدنيا فإذا راموا شراء بقرتك فلا تبعها الا بأمر أمك فان الله يلقنها ما يغنيك به وعقبك ففرح الغلام وجاء القوم يطلبون بقرته فقالوا بكم تبيع بقرتك هذه قال: بدينارين والخيار لأمي قالوا رضينا بدينار فسألها فقالت بأربعة فأخبرهم فقالوا نعطيك دينارين فأخبر أمه فقالت ثمانية فما أزالوا يطلبون على النصف مما تقول أمه ويرجع إلى أمه فتضعف الثمن حتى بلغ ثمنها ملأ مسك ثورا أكثر مما يكون ملأ دنانير فأوجبت لهم البيع ثم ذبحوها قالوا الآن جئت بالحق في رواية القمي عرفناها هي بقرة فلان فذهبوا ليشتروها فقال لا أبيعها الا بملل ء جلدها ذهبا فرجعوا إلى موسى فأخبروه فقال لهم موسى لا بد لكم من ذبحها بعينها فاشتروها بملل ء جلدها ذهبا.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) أنه بلغ خمسماءة ألف دينار فذبحوها وما كادوا يفعلون فأرادوا أن لا يفعلوا ذلك من عظم ثمن البقرة ولكن اللجاج حملهم على ذلك واتهامهم موسى حداهم عليه.

(72) وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها اختلفتم وتدارأتم ألقى بعضكم ذنب القتل على بعض وأدرأه عن نفسه وذويه والله مخرج ما كنتم تكتمون من خبر القاتل وإرادة تكذيب موسى باقتراحكم عليه ما قدرتم أن ربه لا يجيب إليه.

القاتل وإرادة تكذيب موسى باقتراحكم عليه ما قدرتم أن ربه لا يجيب إليه.

(73) فقلنا اضربوه ببعضها اضربوا الميت ببعض البقرة ليحيى وقولوا له من قتلك فأخذوا الذنب وضربوه به.

والعياشي عن الرضا (عليه السلام) أن الله أمرهم بذبح بقرة وإنما كانوا يحتاجون بذنبها فشددوا فشدد الله عليهم.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) أخذوا قطعة وهي عجز (5) الذنب الذي منه خلق ابن آدم وعليه يركب إذا أعيد خلقا جديدا فضربوا بها وقالوا: اللهم بجاه محمد وعلي وآله الطيبين لما أحييت هذا الميت وأنطقته ليخبر عن قاتله فقام سالما سويا وقال: يا نبي الله قتلني هذان ابنا عمي حسداني على بنت عمي فقتلاني والقياني في محلة هؤلاء ليأخذا ديتي فأخذ موسى الرجلين فقتلهما.

وفي رواية القمي: ابن عمي فلان بن فلان الذي جاء به.

كذ لك يحي الله الموتى في الدنيا والآخرة كما أحيى الميت بملاقاة ميت آخر له أما في الدنيا فيلاقي ماء الرجل ماء المرأة فيحيى الله الذي كان في الأصلاب والأرحام حيا واما في الآخرة فان الله عز وجل ينزل بين نفختي الصور بعد ما ينفخ النفخة الأولى من دوين (6) السماء من البحر المسجور الذي قال الله والبحر المسجور وهي مني كمني الرجال فيمطر ذلك على الأرض فيلقي الماء المني مع الأموات البالية فينبتون من الأرض ويحيون ويريكم آياته سوى هذه من الدلالات على توحيده ونبوة موسى وفضل محمد وآله (عليهم السلام) على سائر خلق الله أجمعين لعلكم تعقلون وتتفكرون أن الله الذي يفعل هذه العجائب لا يأمر الخلق الا بالحكمة ولا يختار محمدا وآله (عليهم السلام) الا لأنهم أفضل أولي الألباب وقيل لكي يكمل عقلكم وتعلموا أن من قدر على إحياء نفس قدر على إحياء الأنفس كلها.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) أن المقتول المنشور توسل إلى الله سبحانه بمحمد وآله أن يبقيه في الدنيا متمتعا بابنة عمه ويجزي عنه ويخزي أعداءه ويرزقه رزقا كثيرا طيبا فوهبه الله له سبعين سنة بعد أن كان قد مضى عليه ستون سنة قبل قتله صحيحة حواسه فيها قوية شهواته فتمتع بحلال الدنيا وعاش لم يفارقها ولم تفارقه وماتا جميعا معا وصارا إلى الجنة وكانا زوجين فيها ناعمين وإن أصحاب البقرة ضجوا إلى موسى وقالوا افتقرت القبيلة وانسلخنا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا فأرشدهم موسى (عليه السلام) إلى التوسل بنبينا وآله (عليهم السلام) فأوحى الله إليه ليذهب رؤساؤهم إلى خربة بني فلان ويكشفوا عن موضع كذا ويستخرجوا ما هناك فإنه عشرة آلاف ألف دينار ليردوا على كل من دفع في ثمن هذه البقرة ما دفع لتعود أحوالهم على ما كانت ثم ليتقاسموا بعد ذلك ما يفضل وهو خمسة آلاف ألف دينار على قدر ما دفع كل واحد منهم في هذه المحنة كذا في نسخة من تفسير الإمام (عليه السلام) ليتضاعف أموالهم جزاءا على توسلهم بمحمد وآله (عليهم السلام) واعتقادهم لتفضيلهم.

(74) ثم قست: غلظت وجفت ويبست من الخير والرحمة قلوبكم معاشر اليهود من بعد ذلك من بعد ما تبينت الآيات الباهرات في زمن موسى والمعجزات التي شاهدتموها من محمد (صلى الله وآله وسلم) فهي كالحجارة اليابسة لا يترشح برطوبة ولا ينتفض (7) منها ما ينتفع به اي انكم لا حق الله تؤدون ولا من أموالكم ولا من مواشيها تتصدقون ولا بالمعروف تتكرمون وتجودون ولا الضيف تقرون (8) ولا مكروبا تغيثون ولا بشئ من الإنسانية تعاشرون وتعاملون أو أشد قسوة أبهم على السامعين أولا ثم بين ثانيا ان قلوبهم أشد قسوة من الحجارة بقوله: وإن من الحجارة لما يتفجر منه الا نهار فيجئ بالخير والنبات لبني آدم وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وهو ما يقطر منه الماء دون الأنهار وقلوبكم لا يجيئ منها الكثير من الخير ولا القليل وإن منها لما يهبط من خشية الله إذا اقسم عليها باسم الله وبأسماء أوليائه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم وما الله بغافل عما تعملون بل عالم بها يجازيكم بالعدل وقرئ بالياء.

(75) أفتطمعون يا محمد أنت وأصحابك وقر ئ بالياء أن يؤمنوا لكم هؤلاء اليهود ويصدقوكم بقلوبهم وقد كان فريق منهم طائفة من اسلافهم يسمعون كلام الله في أصل جبل طور سيناء وأو امره ونواهيه ثم يحرفونه عما سمعوه إذا أدوه إلى من ورائهم من سائر بني إسرائيل من بعد ما عقلوه فهموه بعقولهم وهم يعلمون انهم في تقولهم كاذبون قيل معنى الآية ان أحبار هؤلاء ومقدميهم كانوا على هذه الحالة فما طمعكم بسفلتهم وجهالهم.

(76) وإذا لقوا الذين آمنوا كسلمان وأبي ذر ومقداد قالوا آمنا كإيمانكم واخبروهم بما بين الله لهم من الدلالات على نعت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا اي كبراؤهم اي شئ صنعتم أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من الدلالات الواضحة على صدقه ليحاجوكم به عند ربكم بأنكم قد علمتم هذا وشاهدتموه فلم لم تؤمنوا به ولم تطيعوه وقد رأوا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن لهم عليهم حجة في غيرها أفلا تعقلون إن هذا الذي تخبرونهم به حجة عليكم عند ربكم.

(77) أولا يعلمون: هؤلاء القائلون لاخوانهم تحدثونهم بما فتح الله عليكم أن الله يعلم ما يسرون من عداوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وان إظهارهم الايمان به أمكن لهم من اصطلامه وإبادة أصحابه وما يعلنون من الايمان به ظاهرا ليؤنسوهم ويقفوا به على اسرارهم ويذيعوها بحضرة من نصرهم.

(78) ومنهم أميون لا يقرؤون الكتاب ولا يكتبون والأمي منسوب إلى الام اي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب لا يعلمون الكتب المنزل من السماء ولا المكذب به لا يميزون بينهما إلا أماني الا ان يقرأ عليهم ويقال لهم هذا كتاب الله وكلامه لا يعرفون ان ما قرئ من الكتاب خلاف ما فيه.

أقول: هو استثناء منقطع يعني الا ما يقدرونه في أنفسهم من منى أخذوها تقليدا من المحرفين للتوراة واعتقدوها ولم يعرفوا انه خلاف ما في التوراة وإن هم إلا يظنون ما يقلدونه من رؤسائهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم.

قال (عليه السلام): قال رجل للصادق (عليه السلام) فإذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب الا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم وهل عوام اليهود الا كعوامنا يقلدون علماءهم فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم فقال (عليه السلام) بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة أما من حيث استووا فان الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما قد ذم عوامهم وأما من حيث افترقوا فلا، قال بين لي ذلك يا بن رسول الله قال إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علمائهم بالكذب الصرايح وبأكل الحرام والرشا وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات (9) وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم وعرفوهم يقارفون المحرمات واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز ان يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ كانت دلائله أوضح من أن يخفى وأشهر من أن لا تظهر لهم وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب (10) على حطام الدنيا وحرامها وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا وبالترفق بالبر والإحسان على من تعصبوا له وإن كان للاذلال والإهانة مستحقا فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم فان من يركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة لهم.

(79) فويل: شدة من العذاب في أسوء بقاع جهنم للذين يكتبون الكتاب بأيديهم يحرفون من أحكام التوراة ثم يقولون هذا من عند الله وذلك أنهم كتبوا صفة زعموا أنه صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو خلاف صفته وقالوا للمستضعفين هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان إنه طويل عظيم البدن والبطن أصهب (11) الشعر ومحمد (صلى الله عليه وآله) بخلافه وأنه يجئ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة ليشتروا به ثمنا قليلا لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم وتدوم (12) لهم منهم إصاباتهم وبكفوا أنفسهم مؤونة خدمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فويل لهم مما كتبت أيديهم يعني المحرف وويل لهم شدة من العذاب ثانية مضافة إلى الأولى مما يكسبون من الأموال التي يأخذونها إذا ثبتوا عوامهم على الكفر.

(80) وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة لما قال لهم ذووا أرحامهم لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون أجابهم هؤلاء اليهود بأن مدة العذاب الذي نعذب به لهذه الذنوب أيام معدودة وهي التي عبدنا فيها العجل وهي تنقضي ثم نصير بعده في النعمة في الجنان ولا نستعمل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا فإنها تفنى وتنقضي ونكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة ولذات نعمة الدنيا ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فنى قل يا محمد أتخذتم عند الله عهدا ان عذابكم على كفركم منقطع غير دائم فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون يعني اتخذتم عهدا أم تقولون بل أنتم في أيهما ادعيتم كاذبون بل ما هو الا عذاب دائم لا نفاد له.

(81) بلى من كسب سيئة وأحطت به خطيئته وقرئ خطيئاته بالجمع، قيل أي استولت عليه وشملت جملة أحواله حتى صار كالمحاط بها لا يخرج عنها شئ من جوانبه.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) السيئة المحيطة به أن تخرجه عن جملة دين الله وتنزعه عن ولاية الله ولا تؤمنه من سخط الله وهي الشرك بالله والكفر به وبنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية علي (عليه السلام) وخلفائه وكل واحدة من هذه سيئة تحيط به أي تحيط بأعماله فتبطلها وتمحقها، قيل وتحقيق ذلك أن من أذنب ذنبا ولم يقلع عنه استجره إلى معاودة مثله والانهماك فيه وارتكاب ما هو أكبر منه حتى يستولي عليه الذنوب ويأخذ بمجامع قلبه فيصير بطبعه مائلا إلى المعاصي مستحسنا إياها معتقدا أن لا لذة سواها مبغضا لمن يمنعه عنها مكذبا لمن ينصحه فيها كما قال الله تعالى ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوءى أن كذبوا بآيات الله فأولئك عاملوا هذه السيئة المحيطة أصحاب النار هم فيها خالدون لأن نياتهم في الدنيا ان لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا فبالنيات خلدوا كذا في الكافي عن الصادق (عليه السلام).

وفي التوحيد عن الكاظم (عليه السلام) لا يخلد الله في النار إلا أهل الكفر والجحود وأهل الضلال والشرك.

وفي الكافي عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إذا جحدوا إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

(82) والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.

(83) وإذ أخذنا واذكروا إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل عهدهم المؤكد عليهم.

أقول: وهو جار في أخلافهم لما أدى إليهم أسلافهم قرنا بعد قرن وجار في هذه الأمة أيضا كما يأتي بيانه في ذي القربى لا تعبدون وقرئ بالياء إلا الله لا تشبهوه بخلقه ولا تجوزوه في حكمه ولا تعملوا ما يراد به وجهه تريدون به وجه غيره، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من شغلته (13) عبادة الله عن مسألته أعطاه أفضل ما يعطي السائلين.

وقال الصادق (عليه السلام): ما أنعم الله على عبد أجل من أن لا يكون في قلبه مع الله غيره وبالوالدين إحسانا وأن تحسنوا بهما إحسانا مكافأة عن إنعامهما عليهم وإحسانهما إليهم واحتمال المكروه الغليظ فيهم لترفيههم.

وفي الكافي سئل الصادق (عليه السلام) ما هذا الإحسان قال: أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين أليس الله (14) يقول: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل والديكم وأحقهما بشكركم محمد (ص) وعلي (عليه السلام) وقال علي بن أبي طالب (عليه السلام) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا وعلي أبوا هذه الأمة ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم فانا ننقذهم ان أطاعونا من النار إلى دار القرار ونلحقهم من العبودية بخيار الأحرار.

قول: ولهذه الأبوة صار المؤمنون أخوة كما قال الله عز وجل إنما المؤمنون اخوة وذي القربى وأن تحسنوا بقراباتهما لكرامتهما وقال أيضا: هم قراباتك من أبيك وأمك قيل لك اعرف حقهم كما أخذ العهد به على بني إسرائيل وأخذ عليكم معاشر أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بمعرفة حق قرابات محمد الذين هم الأئمة بعده ومن يليهم بعد من خيار أهل دينهم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من رعى حق قرابات أبويه أعطي في الجنة ألف ألف درجة ثم فسر الدرجات ثم قال ومن رعى حق قربى محمد وعلي أوتي من فضائل الدرجات وزيادة المثوبات على قدر زيادة فضل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) على أبوي نسبه واليتامى الذين فقدوا آباءهم الكافين لهم أمورهم السائقين إليهم قوتهم وغذائهم المصلحين لهم معاشهم قال (عليه السلام): وأشد من يتم هذا اليتيم من يتم عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه الا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ألا فمن هداه وارشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى حدثني بذلك أبي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمساكين هو سكن من الضر والفقر حركته قال: ألا فمن واساهم بحواشي ماله وسع الله عليه جنانه وأناله غفرانه ورضوانه ثم قال (عليه السلام): إن من محبي محمد مساكين مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقر وهم الذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله الذين يعيرونهم بدينهم ويسفهون أحلامهم ألا فمن قواهم بفقهه وعلمه حتى أزال مسكنتهم ثم سلطهم على الأعداء الظاهرين من النواصب وعلى الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتى يهزمونهم عن دين الله ويذودوهم عن أولياء رسول الله حول الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم وأعجزهم عن إضلالهم قضى الله بذلك قضاء حقا على لسان رسول الله وقولوا للناس الذين لا مؤونة لهم عليكم حسنا وقرئ بفتحتين عاملوهم بخلق جميل، قال: قال الصادق (عليه السلام): قولوا للناس حسنا كلهم مؤمنهم ومخالفهم أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه وبشره وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان فان ييأس من ذلك يكف شرورهم عن نفسه وإخوانه المؤمنين ثم قال (عليه السلام): إن مداراة أعداء الله من أفضل صدقة المرء على نفسه وإخوانه وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منزله إذ استأذن عليه عبد الله بن أبي بن سلول فقال رسول الله (صلى الله وآله وسلم) بئس أخو العشيرة ائذنوا له فلما دخل أجلسه وبشر في وجهه فلما خرج قالت عائشة: يا رسول الله (ص) قلت فيه ما قلت وفعلت فيه من البشر ما فعلت فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عويش يا حميراء إن شر الناس عند الله يوم القيامة من يكرم اتقاء شره.

وفي الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قولوا للناس حسنا أحسن ما تحبون أن يقال لكم فان الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين المتفحش السائل الملحف (15) ويحب الحيي الحليم الضعيف المتعفف.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) لا تقولوا الا خيرا حتى تعلموا ما هو.

وفيه وفي التهذيب والخصال عنه (عليه السلام) والعياشي عن الباقر (عليه السلام) أنها نزلت في أهل الذمة ثم نسخها قوله تعالى: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

والقمي: نزلت في اليهود ثم نسخت بقوله تعالى: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.

أقول: إن قيل فما وجه التوفيق بين نسخها وبقاء حكمها قلنا إنما نسخت في حق اليهود وأهل الذمة المأمور بقتالهم وبقي حكمها في سائر الناس وأقيموا الصلاة باتمام ركوعها وسجودها وحفظ مواقيتها وأداء حقوقها التي إذا لم تؤد لم يتقبلها رب الخلائق أتدرون ما تلك الحقوق هو إتباعها بالصلاة على محمد وعلي وآلهما منطويا على الاعتقاد بأنهم أفضل خيرة الله والقوام بحقوق الله والنصار لدين الله، قال (عليه السلام): وأقيموا الصلاة على محمد وآله عند أحوال غضبكم ورضاكم وشدتكم ورخاكم وهمومكم المعلقة بقلوبكم واتوا الزكاة من المال والجاه وقوة البدن ثم توليتم أيها اليهود من الوفاء بالعهد الذي أداه إليكم أسلافكم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون عن ذلك العهد تاركين له غافلين عنه.

(84) وإذ أخذنا ميثاقكم واذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا ميثاقكم على أسلافكم وعلى كل من يصل إليه الخبر بذلك من أخلافكم الذين أنتم فيهم لا تسفكون دماءكم ولا يسفك بعضكم دماء بعض ولا تخرجون أنفسكم من دياركم لا يخرج بعضكم بعضا من ديارهم ثم أقررتم بذلك الميثاق كما أقر به أسلافكم والتزمتموه كما التزموه وأنتم تشهدون بذلك على أسلافكم وأنفسكم.

(85) ثم أنتم معاشر اليهود هؤلاء قيل هو خبر أنتم على معنى أنتم بعد ذلك هؤلاء الناقضون كقولك أنت ذلك الرجل الذي فعل كذا استبعادا لما ارتكبوه بعد الميثاق والاقرار به والشهادة عليه تقتلون أنفسكم يقتل بعضكم بعضا وتخرجون فريقا منكم من ديارهم غضبا وقهرا عليهم تظاهرون عليهم تظاهر بعضكم بعضا على إخراج من تخرجونه من ديارهم وقتل من تقتلونه منهم بغير حق وقرى بتشديد الظاء والتظاهر التعاون بالإثم والعدو ن بالتعدي تتعاونون وتتظاهرون وإن يأتوكم يعني هؤلاء الذين تخرجونهم أي ترومون إخراجهم وقتلهم ظلما أن يأتوكم أسارى قد أسرهم أعداؤكم وأعداؤهم وقرئ أسرى تفدوهم من الأعداء بأموالكم وقرئ تفدوهم بفتح التاء بغير الف وهو محرم عليكم إخراجهم أعاد قوله إخراجهم لئلا يتوهم ان المحرم إنما هو مفاداتهم أفتؤمنون ببعض الكتب وهو الذي أوجب عليكم المفاداة وتكفرون ببعض وهو الذي حرم عليكم قتلهم وإخراجهم فإذا كان قد حرم الكتاب قتل النفوس والاخراج من الديار كما فرض فداء الأسرى فما بالكم تطيعون في بعض وتعصون في بعض كأنكم ببعض مؤمنون فما جزاء من يفعل ذلك منكم معاشر اليهود إلا خزي ذل في الحياة الدنيا جزية تضرب عليه ويذل بها ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب إلى جنس أشد العذاب يتفاوت ذلك على قدر تفاوت معاصيهم وما الله بغافل عما تعملون يعمل هؤلاء اليهود وقرئ بالياء.

(86) أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ورضوا بالدنيا وحطامها بدلا من نعيم الجنان المستحق بطاعات الله فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ولا ينصرهم أحد يدفع عنهم العذاب قال (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما نزلت الآية في اليهود أي الذين نقضوا عهد الله وكذبوا رسل الله وقتلوا أولياء الله أفلا أنبئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأمة قالوا بلى يا رسول الله قال قوم من أمتي ينتحلون بأنهم من أهل ملتي يقتلون أفاضل ذريتي وأطايب أرومتي (16) ويبدلون شريعتي وسنتي ويقتلون ولدي الحسن والحسين كما قتل أسلاف اليهود زكريا ويحيى ألا وان الله يلعنهم كما لعنهم ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم يحرفهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم.

والقمي أنها نزلت في أبي ذر (ره) وفيما فعل به عثمان بن عفان وكان سبب ذلك أنه لما امر عثمان بنفي أبي ذر (ره) إلى الربذة دخل عليه أبو ذر وكان عليلا وهو متكئ على عصاه وبين يدي عثمان ماءة ألف درهم اتته من بعض النواحي وأصحابه حوله ينظرون إليه ويطمعون أن يقسمها فيهم فقال أبو ذر لعثمان: ما هذا المال؟فقال: حمل إلينا من بعض الأعمال ماءة ألف درهم أريد أن أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأيي.

قال أبو ذر: يا عثمان أيما أكثر ماءة ألف درهم أم أربعة دنانير؟قال عثمان: بل ماءة ألف درهم فقال: اما تذكر إذ أنا وأنت دخلنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشاء فوجدناه كئيبا حزينا فسلمنا عليه ولم يرد (علينا السلام) فلما أصبحنا اتيناه فرأيناه ضاحكا مستبشرا فقلت له بأبي أنت وأمي دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا وعدنا إليك اليوم فرأيناك ضاحكا مستبشرا فقال: نعم كان قد بقي عندي من في ء المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها وخفت ان يدركني الموت وهي عندي وقد قسمتها اليوم فاسترحت.

ونظر عثمان إلى كعب الأحبار فقال له: يا أبا إسحاق ما تقول في رجل أدى زكاة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك فقال: لا ولو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شئ فرفع أبو ذر عصاه فضرب بها رأس كعب وقال: يا بن اليهودية المشركة ما أنت والنظر في احكام المسلمين قول الله عز وجل أصدق من قولك حيث قال: الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم إلى قوله فذوقوا ما كنتم تكنزون قال عثمان: يا أبا ذر إنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ولولا صحبتك لرسول الله لقتلتك.

فقال: كذبت يا عثمان ويلك اخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: لا يفتنونك يا أبا ذر ولا يقتلونك اما عقلي فقد بقي منه ما اذكرني حديثا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قاله فيك وفي قومك قال: وما سمعت من رسول الله في وفي قومي قال سمعته يقول: وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلا صيروا مال الله دولا (17) وكتاب الله دغلا (18) وعباد الله خولا (19) والصالحين حربا والفاسقين حزبا.

قال عثمان: يا معشر أصحاب محمد هل سمع أحد منكم هذا الحديث من رسول الله؟قالوا: لا ما سمعنا هذا من رسول الله فقال عثمان ادعوا عليا (عليه السلام) فجاءه أمير المؤمنين فقال له عثمان: يا أبا الحسن اسمع ما يقول هذا الشيخ الكذاب فقال أمير المؤمنين: مه يا عثمان لا تقل كذاب فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر قال أصحاب رسول الله: صدق علي سمعنا هذا القول من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعند ذلك بكى أبو ذر وقال ويلكم كلكم قد مد عنقه إلى هذا المال ظننتم إني أكذب على رسول الله.

ثم نظر إليهم فقال من خيركم فقالوا: أنت تقول إنك خيرنا قال: نعم خلفت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الجبة وهي علي بعد وأنتم قد أحدثتم احداثا كثيرة والله سائلكم عن ذلك ولا يسألني فقال عثمان: يا أبا ذر أسألك بحق رسول الله إلا ما أخبرتني عما أنا سائلك عنه فقال أبو ذر: والله لو لم تسألني بحق رسول الله أيضا لأخبرتك فقال: أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها؟فقال مكة حرم الله وحرم رسوله أعبد الله فيها حتى يأتيني الموت فقال لا ولا كرامة لك قال المدينة حرم رسول الله فقال لا ولا كرامة لك قال: فسكت أبو ذر.

فقال أي البلاد أبغض إليك أن تكون بها قال الربذة التي كنت بها على غير دين الإسلام.

فقال عثمان سر إليها فقال أبو ذر: قد سألتني فصدقتك وأنا أسألك فأصدقني قال نعم قال أخبرني لو أنك بعثتني فيمن بعثت من أصحابك إلى المشركين فأسروني وقالوا لا نفديه إلا بثلث ما تملك قال: كنت أفديك قال فان قالوا لا نفديه إلا بنصف ما تملك قال: كنت أفديك قال: فان قالوا لا نفديه إلا بكل ما تملك قال: كنت أفديك فقال أبو ذر: الله أكبر قال لي حبيبي رسول الله يوما: يا أبا ذر كيف أنت إذا قيل لك أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها فتقول مكة حرم الله وحرم رسوله أعبد الله فيها حتى يأتيني الموت فيقال لا ولا كرامة لك فتقول فالمدينة حرم رسول الله فيقال: لا ولا كرامة لك ثم يقال لك فأي البلاد أبغض إليك أن تكون فيها فتقول الربذة التي كنت فيها على غير دين الإسلام فيقال لك سر إليها فقلت: وإن هذا لكائن يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إي والذي نفسي بيده انه لكائن فقلت يا رسول الله أفلا أضع سيفي على عاتقي فأضرب به قدما قدما، قال: لا اسمع واسكت ولو لعبد حبشي وقد أنزل الله تعالى فيك وفي عثمان خصمك آية فقلت: وما هي يا رسول الله فقال قول الله تعالى: وتلا هذه الآية.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في حديث وجوه الكفر في القرآن قال: الرابع من الكفر ترك ما أمر الله وهو قول الله عز وجل وتلا هذه الآية فقال فكفرهم بترك ما أمر الله ونسبهم إلى الإيمان ولم يقبله منهم ولم ينفعهم عنده.

(87) ولقد آتينا موسى الكتب: التوراة المشتملة على أحكامنا وعلى ذكر فضل محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وإمامة علي (عليه السلام) وخلفائه بعده وشرف أحوال المسلمين له وسوء أحوال المنافقين عليه وقفينا من بعده بالرسل جعلنا رسولا في إثر رسول وآتينا عيسى ابن مريم البينات أعطيناه الآيات الواضحات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والانباء بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم وأيدناه بروح القدس وقرئ مخففا وهو جبرائيل وذلك حين رفعه من روزنة بيته إلى السماء والقى شبهه على من رام قتله فقتل بدلا منه وقيل هو المسيح.

أقول: وفي رواية أخرى أنه القي شبهه على رجل من خواصه إثر حياته على حياة نفسه كما يأتي.

والقمي عن الباقر (عليه السلام) القى شبهه على رجل من خواصه ليقتل فيكون معه في درجته كما يأتي في سورة آل عمران إن شاء الله.

أفكلما جاءكم أيها اليهود رسول بما لا تهوى أنفسكم أخذ عهودكم ومواثيقكم بما لا تحبون من اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبذل الطاعة لأولياء الله استكبرتم على الإيمان والاتباع ففريقا كذبتم كموسى وعيسى وفريقا تقتلون قتل أسلافكم زكريا ويحيى وأنتم رمتم قتل محمد وعلي (عليهما السلام) فخيب الله سعيكم ورد كيدكم في نحوركم فمعنى تقتلون قتلتم كما تقول لمن توبخه ويلك لم تكذب ولا تريد ما يفعله بعد وإنما تريد لم فعلت وأنت عليه موطن ثم قال (عليه السلام): ولقد رامت الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على العقبة ورام من بقي من مردة المنافقين بالمدينة قتل علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فما قدروا على مغالبة ربهم حملهم على ذلك حسدهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي لما فخم أمره وعظم شأنه ثم ذكر القصة بطولها وسيأتي ذكر ملخصها من طريق آخر من المجمع في سورة التوبة إن شاء الله.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال: ضرب الله مثلا لأمة محمد (صلى الله وآله وسلم) فقال لهم: فان جاءكم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بما لا تهوي أنفسكم بموالاة علي استكبرتم ففريقا من آل محمد (صلى الله عليه وآله) كذبتم وفريقا تقتلون، قال: فذلك تفسيرها في الباطن.

(88) وقالوا قلوبنا غلف أي أوعية للخير والعلوم قد أحاطت بها واشتملت عليها ثم هي مع ذلك لا نعرف لك يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فضلا مذكورا في شئ من كتب الله ولا على لسان أحد من أنبيا الله فرد الله عليهم بقوله: بل لعنهم الله بكفرهم أبعدهم من الخير فقليلا ما يؤمنون يعني فإيمانا قليلا يؤمنون ببعض ما أنزل الله ويكفرون ببعض قال (عليه السلام): وإذا قرئ غلف (20) فإنهم قالوا قلوبنا في غطاء فلا نفهم كلامك وحديثك كما قال الله تعالى وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب، قال: وكلتا القراءتين حق وقد قالوا بهذا وهذا جميعا.

(89) ولما جاءهم يعني اليهود كتب من عند الله القرآن مصدق لما معهم من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل المؤيد بخير خلق الله بعده علي ولي الله وكانوا من قبل أن ظهر محمد بالرسالة يستفتحون يسألون الله الفتح والظفر على الذين كفروا من أعدائهم وكان الله يفتح لهم وينصرهم فلما جاءهم ما عرفوا من نعت محمد وصفته كفروا به جحدوا نبوته حسدا له وبغيا عليه فلعنة الله على الكافرين.

في الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: في هذه الآية كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ما بين عير وأحد فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يسمى جبيل وبجبل يسمى حداد فقالوا حداد واحد سواء فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر فاشتاق الذين بتيماء (21) إلى بعض إخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه، وقال: أمر بكم ما بين عير (22) وأحد فقالوا له إذا مررت بهما فأذنا بهما فلما توسط بهم ارض المدينة قال لهم ذلك عير وهذا أحد فنزلوا عن ظهر إبله وقالوا قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا فكتبوا إليهم أنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال وما أقربنا منكم فلما كان ذلك فما أسرعنا إليكم فاتخذوا بأرض المدينة الأموال فلما كثرت أموالهم بلغ تبع (23) فغزاهم فتحصنوا منه فحاصرهم وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير فبلغ ذلك تبع فرق لهم وأمنهم فنزلوا إليه فقال لهم: إني قد استطبت بلادكم ولا أراني إلا مقيما فيكم فقالوا له إن ذاك ليس لك إنها مهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك فقال لهم إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره فخلف حيين الأوس (24) والخزرج (25) فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود وكانت اليهود تقول لهم: أما لو قد بعث الله فيكم محمدا لنخرجنكم من ديارنا وأموالنا فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود وهو قول الله عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال كان قوم فيما بين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعيسى وكانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي ويقولون ليخرجن النبي فليكسرن أصنامكم وليفعلن بكم كذا فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفروا به.

والقمي كانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أيها العرب هذا أوان نبي يخرج من مكة وكانت مهاجرته بالمدينة وهو آخر الأنبياء وأفضلهم في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة يلبس الشملة (26) ويجتزئ بالكسرة (27) والتميرات ويركب الحمار العري وهو الضحوك القتال يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر لنقتلنكم به يا معشر العرب قتل عاد فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال الله وكانوا من قبل، الآية.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ان الله تعالى أخبر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما كان من إيمان اليهود بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ظهوره ومن استفتاحهم على أعدائهم بذكره (والصلاة عليه وآله)، قال وكان الله عز وجل أمر اليهود في أيام موسى وبعده إذا دهمهم أمر أو دهمتهم داهية أن يدعوا الله عز وجل بمحمد وآله الطيبين وأن يستنصروا بهم، وكانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بسنين كثيرة يفعلون ذلك فيكفون البلاء والدهماء والداهية وكانت اليهود قبل ظهور محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعشر سنين يعاديهم أسد وغطفان وقوم من المشركين ويقصدون أذاهم فكانوا يستدفعون شرورهم وبلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد وآله الطيبين حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد وغطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة فتلقاهم اليهود وهم ثلاثمائة فارس ودعوا الله بمحمد وآله فهزموهم وقطعوهم وقال أسد وغطفان بعضهم لبعض تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل فأكثروا حتى اجتمعوا على قدر ثلاثين ألفا وقصدوا هؤلاء الثلثمائة في قريتهم فألجؤوهم إلى بيوتها وقطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم فلم يأمنوهم وقالوا لا إلا أن نقتلكم ونسبيكم وننهبكم فقالت اليهود بعضها لبعض كيف نصنع فقال لهم أماثلهم وذوو الرأي منهم أما أمر موسى اسلافكم فمن بعدهم بالاستنصار بمحمد وآله الطيبين أما أمركم بالابتهال إلى الله عز وجل عند الشدائد بهم قالوا بلى قالوا فافعلوا فقالوا اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما سقيتنا فقد قطعت الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا وتماوت (28) ولداننا وأشرفنا على الهلكة فبعث الله لهم وابلا هطلا صبا متتابعا ملا حياضهم وآبارهم وأنهارهم وأوعيتهم وظروفهم فقالوا هذه إحدى الحسنيين ثم أشرفوا من سطوحهم على العساكر المحيطة بهم فإذا المطر قد أذاهم غاية الأذى وافسد أمتعتهم وأسلحتهم وأموالهم فانصرف عنهم لذلك بعضهم وذلك أن المطر اتاهم في غير أوانه في حمازة (29) القيظ حين لا يكون مطر فقال الباقون من العساكر هبكم سقيتم فمن أين تأكلون ولئن انصرف عنكم هؤلاء فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم وعيالاتكم وأهاليكم وأموالكم ونشفي غيظا منكم فقالت اليهود ان الذي سقانا بدعائنا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قادر على أن يطعمنا وان الذي صرف عنا من صرفه قادر ان يصرف الباقين ثم دعوا الله بمحمد وآله ان يطعمهم فجاءت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر الفي جمل وبغل وحمار موقرة حنطة ودقيقا وهم لا يشعرون بالعساكر فانتهوا إليهم وهم نيام ولم يشعروا بهم لأن الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية ولم يمنعوهم وطرحوا فيها أمتعتهم وباعوها منهم فانصرفوا وابعدوا وتركوا العساكر نائمة وليس في أهلها عين تطرف فلما ابعدوا انتبهوا ونابذوا اليهود الحرب وجعل يقول بعضهم لبعض: الوحا (30) الوحا فان هؤلاء اشتد بهم الجوع وسيذلون لنا قال لهم اليهود: هيهات بل قد أطعمنا ربنا وكنتم نياما جاءنا من الطعام كذا وكذا ولو أردنا قتلكم في حال نومكم ليهئ لنا ولكنا كرهنا البغي عليكم فانصرفوا عنا وإلا دعونا عليكم بمحمد وآله واستنصرنا بهم ان يخزيكم كما قد أطعمنا وسقانا فأبوا إلا طغيانا فدعوا الله بمحمد وآله واستنصروا بهم.

ثم برز الثلاثمائة إلى الثلاثين ألفا فقتلوا منهم وأسروا وطحطحوهم (31) واستوثقوا منهم بأسرائهم فكان لا يبدأهم مكروه من جهتهم لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود فلما ظهر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حسدوه إذ كان من العرب وكذبوه ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه نصرة الله تعالى لليهود على المشركين بذكرهم لمحمد وآله ألا فاذكروا يا أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) محمدا وآله عند نوائبكم وشدائدكم لينصرن الله به ملائكتكم على الشياطين الذين يقصدونكم فان كل واحد منكم معه ملك عن يمينه يكتب حسناته وملك عن يساره يكتب سيئاته ومعه شيطانان من عند إبليس يغويانه فإذا وسوسا في قلبه ذكر الله تعالى وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله خنس (32) الشيطانان واختفيا.

الحديث.

(90) بئس ما اشتروا به أنفسهم: ذم الله اليهود وعاب فعلهم في كفرهم بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني اشتروا أنفسهم بالهدايا والفضول التي كانت تصل إليهم وكان الله أمرهم بشرائها من الله بطاعتهم له ليجعل لهم أنفسهم والانتفاع بها دائما في نعيم الآخرة فلم يشتروها بل اشتروها بما انفقوه في عداوة رسول الله ليبقى لهم عزهم في الدنيا ورئاستهم على الجهال وينالوا المحرمات وأصابوا الفضولات من السفلة وصرفوهم عن سبيل الرشاد ووقفوهم على طريق الضلالات أن يكفروا بما أنزل الله على موسى من تصديق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بغيا لبغيهم وحسدهم أن ينزل الله وقرى ء مخففا من فضله على من يشاء من عباده يعني تنزيل القرآن على محمد الذي ابان فيه نبوته واظهر به آيته ومعجزاته وفضائل أهل بيته.

وفي الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام): قال: بما انزل الله في علي بغيا.

فباءوا وبغضب على غضب يعني رجعوا وعليهم الغضب من الله في اثر غضب فالغضب الأول حين كذبوا بعيسى بن مريم فجعلهم قردة خاسئين ولعنهم على لسان عيسى والغضب الثاني حين كذبوا بمحمد (صلى الله عليه وآله) فسلط عليهم سيوف أصحابه حتى ذللهم بها فاما دخلوا في الإسلام طائعين وإما أعطوا الجزية صاغرين.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول من سئل عن علم فكتمه حيث يجب اظهاره ويزول عنه التقية جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار وللكافرين عذاب مهين يعني لهم أظهر لينبئ عن السبب كذا قيل وله نظائر كثيرة في القرآن.

(91) وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله: على محمد (صلى الله على محمد وآله وسلم) من القرآن قالوا نؤمن بما أنزل علينا وهو التوراة ويكفرون بما وراءه ما سواه لا يؤمنون به وهو الحق لأنه هو الناسخ للمنسوخ الذي تقدمه مصدقا لما معهم وهو التوراة قل فلم تقتلون فلم كنتم تقتلون لم كان يقتل أسلافكم أنبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين بالتوراة فان فيها تحريم قتل الأنبياء وفيها الأمر بالإيمان بمحمد والقرآن فما آمنتم بعد بالتوراة.

والعياشي عن الصادق (عليه السلام) إنما نزل هذا في قوم من اليهود كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يقتلوا الأنبياء بأيديهم ولا كانوا في زمانهم فإنما قتل أوائلهم الذين كانوا من قبلهم فجعلهم الله منهم وأضاف إليهم فعل أوائلهم بما تبعوهم وتولوهم.

أقول: قد مضى تحقيق ذلك في المقدمة الثالثة.

(92) ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل إلها من بعده بعد انطلاقه إلى الجبل وخالفتم خليفته الذي نص عليه وتركه عليكم وهو هارون وأنتم ظالمون بما فعلتم.

(93) وإذ أخذنا ميثاقكم: واذكروا إذ أخذنا ميثاق اسلافكم ورفعنا فوقكم الطور: فعلنا بهم ذلك لما أبوا من قبول ما جاءهم به موسى من دين الله واحكامه وفرض تعظيم محمد وآله خذوا قلنا لهم خذوا ما آتيناكم ما أعطيناكم من الفرائض بقوة قد أعطيناكموها ومكناكم بها وأزحنا عللكم في تركيبها فيكم واسمعوا ما يقال لكم وتؤمرون به قالوا سمعنا قولك وعصينا أمرك اي انهم عصوا بعد واضمروا في الحال أيضا العصيان قالوا سمعنا بآذاننا وعصينا بقلوبنا فاما في الظاهر فاعطوا كلهم الطاعة داخرين صاغرين.

وأشربوا في قلوبهم العجل أمروا بشرب العجل الذي كان قد ذريت سحالته (33) في الماء الذي أمروا بشربه ليتبين من عبده ممن لم يعبده كما مر في تفسير قوله تعالى: فاقتلوا أنفسكم قال (عليه السلام): عرضوا لشرب العجل الذي عبدوه حتى وصل ما شربوه من ذلك إلى قلوبهم بكفرهم لأجل كفرهم أمروا بذلك.

أقول: لا تنافي بين هذا التفسير وما هو المشهور في تفسير الآية وهو ان معناه تداخلهم حبه ورسخ في قلوبهم صورته لفرط شغفهم به كما يتداخل الصبع الثوب والشراب اعماق البدن لجواز الجمع بين الأمرين وأن يكون الشرب ظاهرا سببا للحب باطنا وفي قلوبهم بيان لمكان الأشراب كقوله: إنما يأكلون في بطونهم نارا.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال: لما ناجى موسى ربه أوحى الله تعالى إليه أن يا موسى قد فتنت قومك قال بماذا يا رب؟قال بالسامري قال وما السامري قال قد صاغ لهم من حليهم عجلا قال: يا رب ان حليهم لا يحتمل أن يصاغ منه غزال أو تمثال أو عجل فكيف فتنتهم؟قال: انه صاغ لهم عجلا فخار قال: يا رب ومن اخاره قال: انا فقال: عندها موسى إن هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء قال: فلما انتهى موسى إلى قومه ورآهم يعبدون العجل القى الألواح من يده فكسرت.

قال أبو جعفر (عليه السلام): كان ينبغي أن يكون ذلك عند اخبار الله تعالى إياه قال: فعمد موسى فبرد العجل من انفه إلى طرف ذنبه ثم أحرقه بالنار فذره في اليم قال: فكان أحدهم ليقع في الماء وما به إليه من حاجة فيتعرض بذلك الرماد فيشربه وهو قول الله: ﴿واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم﴾.

أقول: وعلى هذه الرواية يشبه أن يكون حبهم للعجل صار سببا لشربهم إياه بالعكس مما مر.

قل بئس ما يأمركم به إيمانكم بموسى والتوراة ان تكفروا بي إن كنتم مؤمنين كما تزعمون بموسى والتوراة ولكن معاذ الله لا يأمركم إيمانكم بموسى والتوراة الكفر بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

(94) قل: يا محمد لهؤلاء اليهود القائلين بأن الجنة خالصة لنا من دونك ودون أهل بيتك وانا مبتلون بكم وممتحنون ونحن أولياء الله المخلصون وعباد الله الخيرون ومستجاب دعاؤنا غير مردود علينا شي ء من سؤالنا إن كانت لكم الدار الآخرة الجنة ونعيمها عند الله خالصة من دون الناس محمد وأهل بيته ومؤمني أمته فتمنوا الموت للكاذب منكم ومن مخالفيكم فان محمدا وعليا وذريتهما يقولون انهم أولياء الله من دون الناس الذين هم يخالفونهم في دينهم وهم المجاب دعاؤهم فان كنتم معاشر اليهود تدعون ذلك فقولوا اللهم أمت الكاذب منا ومن مخالفينا ليستريح منا الصادقون ولتزداد حجتك وضوحا بعد أن وضحت إن كنتم صادقين إنكم أنتم المحقون المجاب دعاؤكم على مخالفيكم ثم قال رسول الله بعدما عرض هذا عليهم: لا يقولها أحد منكم الا غص بريقه فمات مكانه وكانت اليهود علماء بأنهم الكاذبون وان محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه هم الصادقون فلم يجسروا ان يدعوا به.

أقول: المشهور أن المراد بتمنيهم الموت تمنيه لأنفسهم لدعواهم انهم أولياء الله وأحباؤه وقولهم لن يدخل الجنة الا من كان هودا فان في التوراة مكتوبا ان أولياء الله يتمنون الموت ولا يرهبونه والوجه في ذلك ان من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها وأحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) بماذا أحببت لقاء ربك قال لما رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه علمت بأن الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقائه.

(95) ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم من موجبات النار كالكفر بمحمد وآله والقرآن وتحريف التوراة والله عليم بالظالمين تهديد لهم وتنبيه على أنهم ظالمون في دعوى ما ليس لهم ونفيه عمن هو لهم كذا قيل.

(96) ولتجدنهم أحرص الناس على حياة: ليأسهم عن نعيم الآخرة لانهماكهم في كفرهم الذي يعلمون انه لاحظ لهم معه في شئ من خيرات الجنة ومن الذين أشركوا واحرص من الذين أشركوا يعني المجوس الذين لا يرون النعيم الا في الدنيا ولا يأملون خيرا في الآخرة قيل افرادهم بالذكر للمبالغة فان حرصهم شديد إذ لم يعرفوا الا الحياة العاجلة أو للزيادة في التوبيخ والتقريع فإنهم لما زاد حرصهم وهم مقرون بالجزاء على حرص المنكرين دل ذلك على علمهم بأنهم سائرون إلى النار يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو أي التعمير ألف سنة بمزحزحه مباعده من العذاب أن يعمر إنما ابدل من الضمير وكرر التعمير لئلا يتوهم عوده إلى التمني والله بصير بما يعملون فعلى حسبه يجازيهم ويعدل عليهم ولا يظلمهم.

(97) قل من كان عدوا لجبريل: وقرى ء بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز وبفتحهما مهموزا بياء بعد الهمزة وبغير ياء فإنه فان جبرائيل نزله نزل القرآن على قلبك يا محمد وهذا كقوله سبحانه نزل به الروح الأمين على قلبك بإذن الله بأمره مصدقا لما بين يديه من كتب الله وهدى من الضلالة وبشرى للمؤمنين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية علي (صلوات الله عليه) ومن بعده من الأئمة (عليهم السلام) بأنهم أولياء الله حقا قال شيعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) ومن تبعهم من أخلافهم وذراريهم.

(97) قل من كان عدوا لجبريل: وقرئ بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز وبفتحهما مهموزا بياء بعد الهمزة وبغير ياء فإنه فان جبرائيل نزله نزل القرآن على قلبك يا محمد وهذا كقوله سبحانه نزل به المروح الأمين على قلبك بإذن الله بأمره مصدقا لما بين يديه من كتب الله وهدى من الضلالة وبشرى للمؤمنين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية علي (صلوات الله عليه) ومن بعده من الأئمة (عليهم السلام) بأنهم أولياء الله حقا قال شيعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) ومن تبعهم من أخلافهم وذراريهم.

(98) من كان عدوا لله: بأن يخالفه عنادا لإنعامه على المقربين من عباده وملائكته المبعوثين لنصرتهم ورسله المخبرين عن فضلهم الداعين إلى متابعتهم وجبريل وميكال خصوصا وقرئ بغير همزة ولا ياء وبهمزة من غير ياء فإن الله عدو للكافرين بهم وذلك قول من قال من النصاب لما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (عليه السلام): جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وإسرافيل من خلفه وملك الموت امامه والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره قال بعض النصاب انا أبرأ من الله وجبرائيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع علي ما قال محمد (صلى عليه وآله وسلم) فقال الله من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي فان الله يفعل بهم ما يفعل العدو بالعدو.

والقمي انها نزلت في اليهود الذين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله لو كان الملك الذي يأتيك ميكائيل لآمنا بك فإنه ملك الرحمة وهو صديقنا وجبرئيل ملك العذاب وهو عدونا.

وفي تفسير الإمام (عليه السلام) ان الله ذم اليهود في بغضهم لجبرئيل الذي كان ينفذ قضاء الله فيهم فيما يكرهون كدفعه عن بخت نصر ان يقتله دانيال (عليه السلام من غير ذنب جنى بخت نصر حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله وحل بهم ما جرى في سابق علمه وذمهم أيضا وذم النواصب في بغضهم لجبرائيل وميكائيل وملائكة الله النازلين لتأييد علي بن أبي طالب (عليه السلام) على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم.

وفيه وفي الاحتجاج قال أبو محمد قال جابر بن عبد الله لما قدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة اتوه بعبد الله بن صوريا غلام أعور يهودي تزعم اليهود انه اعلم يهودي بكتاب الله وعلوم أنبيائه فسأله عن أشياء فأجابه عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما لم يجد إلى إنكار شئ منه سبيلا إلى أن قال بقيت خصلة ان قلتها آمنت بك واتبعتك أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله قال جبرئيل: قال ابن صوريا ذاك عدونا من بين الملائكة ينزل بالقتل والشدة والحرب ورسولنا ميكائيل يأتي بالسرور والرخاء فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك وميكائيل كان يشد ملكنا وجبرئيل كان يهلك ملكنا فهو عدونا قال فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويحك أجهلت أمر الله وما ذنب جبرئيل إن أطاع الله فيما يريده بكم أرأيتم الآباء والأمهات إذا أوجروا الأولاد الدواء الكريهة لمصالحهم يجب أن يتخذهم أولادهم أعداء من أجل ذلك لا ولكنكم بالله جاهلون وعن حكمه غافلون أشهد ان جبرئيل وميكائيل بأمر الله عاملان وله مطيعان وانه لا يعادي أحدهما الا من عادى الآخر وانه من زعم أنه يحب أحدهما ويبغض الآخر فقد كذب وكذلك محمد رسول الله (ص) وعلي اخوان فمن أحبهما فهو من أولياء الله ومن أبغضهما فهو من أعداء الله ومن أبغض أحدهما وزعم أنه يحب الآخر فقد كذب وهما منه بريئان والله تعالى وملائكته وخيار خلقه منه براء.

قال الإمام (عليه السلام): فقال له سلمان الفارسي (ص) فما بدو عداوته لكم قال نعم يا سلمان عادانا مرارا كثيرة وكان من أشد ذلك علينا ان الله أنزل على أنبيائه: ان البيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له بخت نصر وفي زمانه أخبرنا بالخبر الذي يخرب به والله يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء فلما بلغنا ذلك الخبر الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم كان يعد من أنبيائهم يقال له دانيال في طلب بخت نصر ليقتله فحمل معه وقرة مال لينفقه في ذلك فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرائيل وقال لصاحبنا إن كان ربكم هو الذي امر بهلاككم فإنه لا يسلطك عليه وإن لم يكن هذا فعلى أي شئ تقتله فصدقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا فأخبرنا بذلك وقوي بخت نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا وميكائيل عدو لجبرئيل.

فقال سلمان: يا ابن صوريا بهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم أرأيتم أوايلكم كيف بعثوا من يقتل بخت نصر وقد أخبر الله تعالى في كتبه على ألسنة رسله انه يملك ويخرب بيت المقدس أرادوا بذلك تكذيب أنبياء الله في خبرهم واتهموهم في اخبارهم أو صدقوهم في الخبر عن الله ومع ذلك أرادوا مغالبة الله هل كان هؤلاء ومن وجهوه الا كفارا بالله واي عداوة يجوز ان يعتقد لجبرئيل وهو يصده عن مغالبة الله عز وجل وينهى عن تكذيب خبر الله تعالى فقال ابن صوريا قد كان الله اخبر بذلك على ألسن أنبيائه ولكنه يمحو ما يشاء ويثبت.

قال سلمان: فإذا لا تثقوا بشئ مما في التوراة من الأخبار عما مضى وما يستأنف فان الله يمحو ما يشاء ويثبت وإذا لعل الله قد كان عزل موسى وهارون عن النبوة وابطلا في دعواهما لأن الله يمحو ما يشاء ويثبت ولعل كل ما أخبراكم أنه يكون لا يكون وما أخبراكم أنه لا يكون يكون وكذلك ما أخبراكم عما (34) كان لعله لم يكن وما أخبراكم أنه لم يكن لعله كان ولعل ما وعده من الثواب يمحوه ولعل ما توعده به من العقاب يمحوه فإنه يمحو ما يشاء ويثبت وإنكم جهلتم معنى يمحو الله ما يشاء ويثبت فلذلك كنتم أنتم بالله كافرون ولأخباره عن الغيوب مكذبون وعن دين الله منسلخون ثم قال سلمان فاني أشهد ان من كان عدوا لجبرائيل فإنه عدو لميكائيل وانهما جميعا عدوان لمن عاداهما سلمان لمن سالمهما فأنزل الله تعالى عند ذلك موافقا لقول سلمان قل من كان عدوا لجبرائيل الآية.

(99) ولقد أنزلنا إليك آيات بينات: دالات على صدقك في نبوتك وإمامة علي (عليه السلام) أخيك موضحات عن كفر من شك فيكما وما يكفر بها إلا الفاسقون الخارجون عن دين الله وطاعته من اليهود والكاذبين من النواصب المتسمين بالمسلمين.

(100) أوكلما عاهدوا واثقوا وعاقدوا عهدا ليكونن لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) طائعين ولعلي (عليه السلام) بعده مؤتمرين وإلى أمره صائرين نبذه نبذ العهد فريق منهم وخالفه بل أكثرهم بل أكثر هؤلاء اليهود والنواصب لا يؤمنون في مستقبل أعمارهم لا يرعون ولا يتوبون مع مشاهدتهم الآيات ومعاينتهم الدلالات.

(101) ولما جاءهم رسول (35) من عند الله مصدق لما معهم قال: قال الصادق (عليه السلام) ولما جاءهم جاء اليهود ومن يليهم من النواصب كتاب من عند الله القرآن مشتملا على وصف محمد وعلي وإيجاب ولايتهما وولاية أوليائهما وعداوة أعدائهما.

أقول: إنما فسر الرسول بالكتاب لاستلزامه إياه دون العكس وليوافق ما سبق في نظيره ولموافقة المنبوذ.

نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله التوراة وسائر كتب أنبيائه وراء ظهورهم تركوا العمل بما فيها حسدا لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على نبوته ولعلي (عليه السلام) على وصيته وجحدوا على ما وقفوا عليه من فضائلهما كأنهم لا يعلمون فعلوا قعل من لا يعلم مع علمهم بأنه حق.

(ونحن أيضا به نظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس ونستغني عن الانقياد لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام).

القمي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال: لما هلك سليمان وضع إبليس السحر ثم كتبه في كتاب فطواه وكتب على ظهره هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم من أراد كذا وكذا فليعمل كذا وكذا ثم دفنه تحت السرير ثم استشاره لهم فقرأه فقال الكافرون ما كان يغلبنا سليمان إلا بهذا وقال المؤمنون بل هو عبد الله ونبيه فقال الله في كتابه واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان أي السحر.

وفي الاحتجاج عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال السائل فمن أين علم الشياطين السحر قال من حيث عرف الأطباء الطب بعضه تجربة وبعضه علاج وما كفر سليمان ولا استعمل السحر كما قال هؤلاء الكافرون ولكن الشياطين كفروا وقرئ بتخفيف النون ورفع ما بعده يعلمون الناس السحر يعني كفروا بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان بن داود وما أنزل على الملكين وبتعليمهم إياهم ما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت اسم الملكين.

قال الصادق (عليه السلام: وكان بعد نوح قد كثر السحرة والمموهون فبعث الله تعالى ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة وذكر ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم فتلقاه النبي عن الملكين وأداه إلى عباد الله بأمر الله عز وجل وأمرهم أن يقفوا به على السحر وان يبطلوه ونهاهم أن يسحروا به الناس وهذا كما يدل على السم ما هو وعلى ما يدفع به غائلة السم ثم يقال لمتعلم ذلك هذا السم فمن رأيته سم فادفع غائلته بكذا وكذا وإياك أن تقتل بالسم أحدا قال: وذلك النبي أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين ويعلما هم ما علمهما الله من ذلك ويعظاهم وما يعلمان من أحد ذلك السحر وابطاله حتى يقولا للمتعلم إنما نحن فتنة امتحان للعباد وليطيعوا الله عز وجل فيما يتعلمون من هذا ويبطلوا به كيد السحر ولا يسحروا فلا تكفر باستعمال هذا السحر وطلب الاضرار به ودعاء الناس إلى أن يعتقدوا أنك به تحيي وتميت وتفعل ما لا يقدر عليه إلا الله فان ذلك كفر فيتعلمون يعني طالبي السحر منهما يعني مما تتلوا الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت يتعلمون من هذين الصنفين ما يفرقون به بين المرء وزوجه هذا من يتعلم للاضرار بالناس يتعلمون التفريق بضروب من الحيل والتمائم والإيهام وانه قد دفن في موضع كذا وعمل كذا ليخب قلب المرأة على الرجل وقلب الرجل على المرأة ويؤدي إلى الفراق بينهما وما هم بضارين به من أحد أي ما المتعلمون لذلك بضارين به من أحد إلا بإذن الله يعني بتخلية الله وعلمه فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم لأنهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ولا ينفعهم فيه بل ينسلخون عن دين الله بذلك ولقد علموا علم هؤلاء المتعلمون لمن اشتراه بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه ما له في الآخرة من خلق من نصيب في ثواب الجنة.

وفي العيون عن الصادق (عليه السلام) لأنهم يعتقدون أن لا آخرة فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن فلا خلاق لهم في دار الآخرة بعد الدنيا وإن كانت بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها.

ولبئس ما شروا به أنفسهم رهنوها بالعذاب لو كانوا يعلمون انهم قد باعوا الآخرة وتركوا نصيبهم من الجنة لأن المتعلمين لهذا السحر هم الذين يعتقدون ان لا رسول ولا إله ولا بعث ولا نشور.

(103) ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة (36) من عند الله خير لو كانوا يعلمون قال الراوي قلت لأبي محمد (عليه السلام) فان قوما عندنا يزعمون أن هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم وأنزلهما الله مع ثالث لهما إلى الدنيا وانهما افتتنا بالزهرة وارادا الزنا بها وشربا الخمر وقتلا النفس المحرمة وأن الله تعالى يعذبهما ببابل وان السحرة منهما يتعلمون السحر وان الله مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة فقال الامام معاذ الله من ذلك ان ملائكة الله معصومون محفوظون من الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى قال الله عز وجل فيهم: ﴿لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ وقال: ﴿وله من في السماوات والأرض ومن عنده﴾.

يعني الملائكة لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وقال في الملائكة أيضا بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون إلى قوله مشفقون.

وفي العيون عن الصادق (عليه السلام) مثل ما في تفسير الإمام (عليه السلام) من قوله واتبعوا ما تتلوا الشياطين إلى هنا بزيادة أشرنا إليها في محلها وعن الرضا (عليه السلام) أنه سئل عما يرويه الناس من امر الزهرة وانها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت وما يروونه من أمر سهيل وانه كان عشارا باليمن فقال: كذبوا في قولهم إنهما كوكبان وإنما كانتا دابتين من دواب البحر فغلط الناس وظنوا انهما الكوكبان وما كان الله عز وجل ليمسخ أعداءه أنوارا مضيئة ثم يبقها ما بقيت السماوات والأرض وان المسوخ لم يبق أكثر من ثلاثة أيام حتى ماتت وما تناسل منها شئ وما على وجه الأرض اليوم مسخ وان التي وقع عليها اسم المسوخة مثل القردة والخنزير والدب وأشباهها إنما هي مثل ما مسخ الله عز وجل على صورها قوما غضب الله عليهم ولعنهم بانكارهم توحيد الله وتكذيبهم رسله واما هاروت وماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا به من سحر السحرة ويبطلوا به كيدهم وما علما أحدا من ذلك شيئا الا قالا له إنما نحن فتنة فلا تكفر فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز منه وجعلوا يفرقون بما تعلموه بين المرء وزوجه.

أقول: واما ما كذبوه (عليهم السلام) من امر هاروت وماروت ومسخ زهرة وقصتهم المشتهرة بين الناس فقد ورد عنهم (عليهم السلام) في صحتها أيضا روايات والوجه في الجمع والتوفيق اي يحمل روايات الصحة على كونها من مرموزات الأوائل وإشاراتهم وإنهم لما رأوا ان حكاتها كانوا يحملونها على ظاهرها كذبوها ولا بأس بإيرادها وحلها فان هاهنا محلها.

القمي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) انه سأله عطاء عن هاروت وماروت فقال (عليه السلام إن الملائكة كانوا ينزلون من السماء إلى الأرض في كل يوم وليلة يحفظون اعمال أوساط أهل الأرض من ولد آدم ومن الجن ويسطرونها ويعرجون بها إلى السماء قال فضج أهل السما من اعمال أوساط أهل الأرض في المعاصي والكذب على الله تعالى وجرأتهم عليه ونزهوا الله مما يقولون ويصفون فقالت طائفة من الملائكة يا ربنا اما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك ومما يصفون فيك الكذب ويقولون الزور ومما يرتكبونه من المعاصي التي نهيتهم عنها وهم في قبضتك وتحت قدرتك قال: فأحب الله عز وجل ان يرى الملائكة سابق علمه في جميع خلقه ويعرفهم ما من به عليهم مما طبعهم عليه من الطاعة وعدل به عنهم من الشهوات الإنسانية فأوحى الله عز وجل إليهم ان انتدبوا منكم ملكين حتى أهبطهما إلى الأرض واجعل فيهما الطبائع البشرية من الشهوة والحرص والأمل كما هو في ولد آدم ثم اختبرهما في الطاعة لي ومخالفة الهوى قال: فندبوا لذلك هاروت وماروت وكانا من أشد الملائكة قولا في العيب لولد آدم واستيثار غضب الله تعالى عليهم فأوحى الله سبحانه وتعالى إليهما اهبطا إلى الأرض فقد جعلت فيكما طبائع الشهوات والحرص والأمل وأمثالها كما جعلت في بني آدم واني آمركما ألا تشركا بي شيئا ولا تقتلا النفس التي حرمتها ولا تزنيا ولا تشربا الخمر ثم اهبطا إلى الأرض في صورة البشر ولباسهم فهبطا في ناحية بابل فرفع لهما بناء مشرف فأقبلا نحوه فإذا ببابه امرأة جميلة حسناء متزينة متعطرة مسفرة مستبشرة نحوهما فلما تأملا حسنها وجمالها وناطقاها وقعت في قلوبهما أشد موقع واشتد بهما الشهوة التي جعلت فيهما فمالا إليها ميل فتنة وخذلان وحادثاها وراوداها عن نفسها فقالت لهما إن لي دينا أدين به وليس في ديني أن أجيبكما إلى ما تريدان الا ان تدخلا في ديني فقالا وما دينك فقالت لهما: إن لي إلها من عبد وسجد له فهو ممن في ديني وانا مجيبة لما يسأل مني فقالا وما إلهك فقالت إلهي هذا الصنم فنظر كل إلى صاحبه فقال له: هاتان خصلتان مما نهينا عنه الزنا والشرك لأنا إن سجدنا لهذا الصنم وعبدنا أشركنا بالله وهو ذا نحن نطلب الزنا ولا نقدر على مغالبة الشهوة فيه ولن يحصل بدون هذا قالا لها: إنا نجيبك إلى ما سألت قالت: فدونكما هذه الخمرة فاشربا فإنها قربان لكما منه وبها تبلغان مرادكما فائتمرا بينهما وقالا: هذه ثلاث خصال مما نهينا عنها الشرك والزنا وشرب الخمر وإنا لا نقدر على الزنا الا بهاتين حتى نصل إلى قصاء وطرنا فقالا ما أعظم البلية بك فقد أجبناك قالت: فدونكما اشربا هذا الخمر واسجدا للصنم فشربا الخمر وسجدا ثم راوداها فلما تهيأت لذلك دخل عليهما سائل فرأهما على تلك الحالة فذعرا منه فقال: ويلكما قد خلوتما بهذه المرأة المعطرة الحسناء وقعدتما منها على مثل هذه الفاحشة إنكما لرجلا سوء لأفعلن بكما وخرج على ذلك فنهضت، فقالت: لا وإلهي لا تصلان الآن إلي وقد اطلع هذا الرجل علينا وعرف مكانكما وهو لا محالة يخبر بخبركما فبادرا واقتلاه قبل أن يفضحنا جميعا ثم دونكما فاقضيا وطركما مطمئنين آمنين فأسرعا إلى الرجل فأدركاه وقتلاه ثم رجعا إليها فلم يرياها وبدت لهما سوأتهما ونزع عنهما رياشهما وأسقطا في أيديهما وسمعا هاتفا: إنكما هبطتما إلى الأرض بين البشر من خلق الله تعالى ساعة من النهار فعصيتما بأربع من كبائر المعاصي وقد نهاكما عنها وقدم إليكما فيها ولم تراقباه ولا استحييتما منه وقد كنتما أشد من نقم على أهل الأرض المعاصي واسجر غضبه عليهم ولما جعل فيكما من طبع خلقه البشري وكان عصمكم من المعاصي كيف رأيتم موضع خذلانه فيكم قال وكان قلبهما في حب تلك المرأة ان وضعا طرائق من السحر ما تداوله أهل تلك الناحية.

قال الإمام (عليه السلام): فخيرهما الله عز وجل بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فقال أحدهما لصاحبه نتمتع من شهوات الدنيا إذ صرنا إليها إلى أن نصير إلى عذاب الآخرة فقال الآخران: عذاب الدنيا له انقطاع وعذاب الآخرة لا انقطاع له وليس حقيق بنا أن نختار عذاب الآخرة الشديد الدائم على عذاب الدنيا المنقطع الفاني قال: فاختارا عذاب الدنيا وكانا يعلمان الناس السحر بأرض بابل ثم لما علما الناس السحر رفعا من الأرض إلى الهواء فهما معذبان منكسان معلقان في الهواء إلى يوم القيامة.

والعياشي عن أبي الطفيل قال كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليا وهو على المنبر فناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد فقال: يا أمير المؤمنين (عليه السلام) ما الهدى؟قال: لعنك الله أولم تسمعه ما الهدى تريد ولكن العمى تريد.

ثم قال (عليه السلام): ادن فدنا منه فسأله عن أشياء فأخبره فقال: أخبرني عن هذه الكوكبة الحمراء يعني الزهرة قال: إن الله اطلع ملائكته على خلقه وهم على معصية من معاصيه فقال الملكان هاروت وماروت هؤلاء الذين خلقت آباهم بيدك وأسجدت له ملائكتك يعصونك قال فلعلكم لو ابتليتم بمثل الذي ابتليتهم به عصيتموني كما عصوني قالا: لا وعزتك قال: فابتلاهم بمثل الذي ابتلى به بني آدم من الشهوة ثم أمرهم أن لا يشركوا به شيئا ولا يقتلوا النفس التي حرم الله ولا يزنوا ولا يشربوا الخمر ثم أهبطهما إلى الأرض فكانا يقضيان بين الناس هذا في ناحية وهذا في ناحية فكانا بذلك حتى أتت أحدهما هذه الكوكبة تخاصم إليه وكانت من أجمل الناس فأعجبته فقال لها: الحق لك ولا أقضي لك حتى تمكنيني من نفسك فواعدت يوما ثم أتت الآخر فلما خاصمت إليه وقعت في نفسه وأعجبته كما أعجبت الآخر فقال لها مثل مقالة صاحبه فواعدته الساعة التي واعدت صاحبه فاتفقا جميعا عندها في تلك الساعة فاستحي كل واحد من صاحبه حيث رآه وطأطأ رؤوسهما ونكسا ثم نزع الحياء منهما فقال أحدهما لصاحبه يا هذا جاء بي الذي جاء بك قال ثم أعلماها وزاودا عن نفسها فأبت عليهما حتى يسجدا لوثنها ويشربا من شرابها فأبيا عليها وسألا ها فأبت الا أن يشربا من شرابها فلما شربا صليا لوثنها ودخل مسكين فرأهما فقالت لهما يخرج هذا فيخبر عنكما فقاما إليه فقتلاه ثم راوداها عن نفسها فأبت حتى يخبرانها بما يصعدان به إلى السماء وكان يقضيان بالنهار فإذا كان الليل صعدا إلى السماء فأبيا عليها وأبت أن تفعل فأخبراها فقالت: ذلك لتجرب (37) مقالتهما وصعدت ورفعا أبصارهما إليها فرأيا أهل السماء مشرفين عليها ينظرون إليها وتناهت إلى السماء فمسخت وهي الكوكبة التي ترى.

وفي الخصال عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده قال: ان المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر إلى أن قالوا وما الزهرة فكانت امرأة فتنت هاروت وماروت فمسخها الله كوكبا.

وعنه عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المسوخ قال هي ثلاثة عشر إلى أن قال: وأما الزهرة فكانت امرأة نصرانية وكانت لبعض ملوك بني إسرائيل وهي التي فتن بها هاروت وماروت وكان اسمها ناهيل والناس يقولون ناهيد.

وفي العلل عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث قال: ومسخت الزهرة لأنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت.

وعنه عن أبيه في حديث قال: واما الزهرة فإنها كانت امرأة تسمى ناهيل وهي التي تقول الناس انه افتتن بها هاروت وماروت.

أقول: في نسبة افتتانهما إلى قول الناس دليل على ما قلناه من أنها من المرموزات، وأما حلها فلعل المراد بالملكين الروح والقلب فإنهما من العالم الروحاني اهبطا إلى العالم الجسماني لإقامة الحق فافتتنا بزهرة الحياة الدنيا ووقعا في شبكة الشهوة فشربا خمر الغفلة وعبدا صنم الهواء وقتلا عقلهما الناصح لهما بمنع تغذيته بالعلم والتقوى ومحو اثر نصحه عن أنفسهما وتهيئا للزنا ببغي الدنيا الدنية التي تلي تربية النشاط والطرب فيها الكوكب المسمى بزهرة فهربت الدنيا منهما وفاتتهما لما كان من عادتها أن تهرب من طالبيها لأنها متاع الغرور وبقي اشراق حسنها في موضع مرتفع بحيث لا تنالها أيدي طلابها ما دامت الزهرة باقية في السماء وحملهما حبها في قلبهما إلى أن وضعا طرائق من السحر وهو ما لطف مأخذه ودق فخيرا للتخلص منها فاختارا بعد التنبه وعود العقل إليهما أهون العذابين ثم رفعا إلى البرزخ معذبين ورأسهما بعد إلى أسفل إلى يوم القيامة هذا ما خطر بالبال في حل هذا الرمز وأما حل بقية اجزائه التي في رواية أبي الطفيل فموكول إلى بصيرة ذوي البصائر وقيل بل هو إشارة إلى أن الشخص العالم الكامل المقرب من حظائر القدس قد يوكل إلى نفسه الغرارة ولا يلحقه العناية والتوفيق فينبذ علمه وراء ظهره ويقبل على مشتهياته الحسية الخسيسة ويطوي كشحه عن اللذات الحقيقية والمراتب العلية فينحط إلى أسفل السافلين والشخص الناقص الجاهل المنغمس في الأوزار قد يختلط بذلك الشخص العالم قاصدا بذلك الفساد والفحشاء فيدركه توفيق إلهي فيستفيد من ذلك العالم ما يضرب بسببه صفحا عن أدناس دار الغرور وأرجاس عالم الزور ويرتفع ببركة ما تعلمه عن حضيض الجهل والخسران إلى أوج العز والعرفان فيصير المتعلم في أرفع درج العلاء والمعلم في أسفل درك الشقاء.

أقول: هذا الحل غير منطبق على الرمز بتمام أجزائه.

(104) يا أيها الذين آمنوا العياشي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) والسجاد ليس في القرآن يا أيها الذين آمنوا الا وهي في التوراة يا أيها المساكين لا تقولوا (38) راعنا راع أحوالنا وراغبنا وتأن بنا فيما تلقننا حتى نفهمه وذلك لأن اليهود لما سمعوا المسلمين يخاطبون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقولهم راعنا وكان راعنا في لغتهم سبا بمعنى اسمع لا سمعت قال بعضهم لبعض لو كنا نشتم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الآن سرا فتعالوا الآن نشتمه جهرا فكانوا يقولون له راعنا يريدون شتمه ففطن لذلك سعد بن معاذ الأنصاري فلعنهم وأوعدهم بضرب أعناقهم لو سمعها منهم فنزلت وقولوا انظر إلينا واسمعوا إذا قال لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قولا وأطيعوا وللكافرين الشاتمين عذاب أليم.

(105) ما يود الذين كفروا من أهل الكتب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم آية بينة وحجة معجزة لنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وشرفه وشرف أهل بيته والله يختص برحمته توفيقه لدين الاسلام وموالاة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) من يشاء، وفي المجمع عن أمير المؤمنين والباقر (عليهما السلام) يعني بنبوته والله ذو الفضل العظيم يعني على من وفقه لدينه وموالاتهما.

أقول: أو من يختاره لنبوته أو ما يشملهما وغيرهما.

(106) ما ننسخ من آية بأن نرفع حكمها، وقرأ بعضهم النون وكسر السين أو ننسها بأن نرفع رسمها ونبلي عن القلوب حفظها وعن قلبك يا محمد كما قال: سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله أن ينسيك فرفع عن قلبك ذكره وقرئ ننساها بفتح النون واثبات الألف نأت بخير منها بما هو أعظم لثوابكم واجل لصلاحكم أو مثلها من الصلاح يعني إنا لا ننسخ ولا نبدل الا وغرضنا في ذلك مصالحكم.

أقول: وذلك لأن المصالح تختلف باختلاف الأعصار والأشخاص فان النافع في عصر وبالنسبة إلى شخص قد يضر في غير ذلك العصر وفي غير ذلك الشخص، ويأتي بيان ذلك مفصلا من كلام المعصوم (عليه السلام) في تفسير آيات القبلة إن شاء الله، قيل إنها نزلت حين قالوا إن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر بأمر ثم ينهى عنه ويأمر بخلافه.

ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير يقدر على النسخ والتبديل لمصالحكم ومنافعكم.

(107) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وهو العالم بتدبيرها ومصالحها فهو يدبركم بعلمه وما لكم من دون الله من ولي يلي صلاحكم إذ كان العالم بالمصالح هو دون غيره ولا نصير ولا لكم من ناصر ينصركم من مكروه إن أراد إنزاله بكم أو عقاب إن أراد إحلاله بكم.

(108) أم تريدون بل تريدون يا كفار قريش ويهود أن تسألوا رسولكم ما تقترحونه من الآيات التي لا تعلمون هل فيه صلاحكم أو فسادكم كما سئل موسى من قبل واقترح عليه لما قيل له لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ومن يتبدل الكفر بالإيمان بعد جواب الرسول له إن ما سأله لا يصلح اقتراحه على الله فلا يؤمن إذا عرف أنه ليس له أن يقترح أو بعد ما يظهر له ما اقترح إن كان اقتراحه صوابا فلا يؤمن عند مشاهدته ما يقترح أو لا يكتفي بما أقامه الله من الدلالات والبينات بأن يعاند ولا يلزم الحجة القائمة وذلك أن الني (صلى الله عليه وآله وسلم) قصده عشرة من اليهود يريدون أن يتعنتوه ويسألوه عن أشياء ويعانتوه بها ثم ذكر (عليه السلام) أشياء سألوها وآيات اقترحوها وسنذكرها أنشأ الله في مواضعها فقد ضل سواء السبيل أخطأ طريق القصد المؤدية إلى الجنان وأخذ في الطريق المؤدية إلى النيران.

(109) ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا بما يوردونه عليكم من الشبه حسدا لكم بأن أكرمكم بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وآلهما الطيبين من عند أنفسهم، قيل أي تمنوا ذلك من عند أنفسهم وتشهيهم لا من عند تدينهم وميلهم إلى الحق أو حسدا بالغا منبعثا من أصل نفسهم من بعد ما تبين لهم الحق بالمعجزات الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وفضل علي وآلهما (عليهم السلام) قيل وبالنعوت المذكورة في التوراة فاعفوا واصفحوا عن جهلهم وقابلوهم بحجج الله وادفعوا بها أباطيلهم قيل العفو ترك عقوبة المذنب والصفح ترك تثريبه حتى يأتي الله بأمره فيهم بالقتل يوم فتح مكة إن الله على كل شئ قدير.

(110) وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة قيل عطف على فاعفوا كأنه أمرهم بالصبر والمخالفة واللجأ إلى الله بالعبادة والبر وما تقدموا لأنفسكم من خير كصلاة ومال تنفقونه في طاعة الله أو جاه تبذلونه لاخوانكم المؤمنين تجرون به إليهم المنافع وتدفعون به المضار تجدوه عند الله تجد ثوابه تحط به سيئاتكم وتضاعف به حسناتكم وترفع به درجاتكم إن الله بما تعملون بصير عالم ليس يخفى عليه ظاهر فعل ولا باطن ضمير على حسب اعتقاداتكم ونياتكم.

(111) وقالوا يعني اليهود والنصارى قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا (39) أي يهوديا أو نصارى يعني وقالت النصارى لن يدخل الجنة الا من كان نصرانيا تلك أمانيهم التي يتمنونها بلا حجة قل لهم هاتوا برهانكم حجتكم على مقالتكم إن كنتم صادقين في دعواكم.

(112) بلى من أسلم وجهه لله لما سمع الحق وبرهانه وهو محسن في عمله لله فله أجره ثوابه عند ربه يوم الفصل والقضاء ولا خوف عليهم حين يخاف الكافرون مما يشاهدونه من العقاب ولا هم يحزنون عند الموت لأن البشارة بالجنان تأتيهم.

(113) وقالت اليهود ليست النصارى على شئ من الدين بل وكفر وقالت النصارى ليست اليهود على شئ من الدين بل دينهم باطل وكفر لأن كلا من الفريقين مقلد بلا حجة وهم يتلون الكتاب ولا يتأملونه ليعلموا بما يوجبه فيتخلصوا من الضلالة كذلك قال الذين لا يعلمون الحق ولم ينظروا فيه من حيث أمره الله مثل قولهم يكفر بعضهم بعضا فالله يحكم بينهم بين الفريقين يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون في الدنيا يبين ضلالتهم وفسقهم ويجازي كل واحد منهم بقدر استحقاقه قال (عليه السلام) قال الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) إنما نزلت لأن قوما من اليهود وقوما من النصارى جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا يا محمد اقض بيننا فقال (عليه السلام) قصوا علي قصتكم فقالت اليهود نحن المؤمنون بالله الواحد الحكيم وأولياؤه وليست النصارى على شئ من الدين والحق وقالت النصارى بل نحن المؤمنون بالله الواحد الحكيم وأولياؤه وليست هؤلاء اليهود على شئ من الحق والدين فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلكم مخطئون مبطلون فاسقون عن دين الله وأمره فقالت اليهود وكيف نكون كافرين وفينا كتاب الله التوراة نقرؤه وقالت النصارى وكيف نكون كافرين وفينا كتاب الله الإنجيل نقرؤه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنكم خالفتم أيها اليهود والنصارى كتاب الله ولم تعملوا به فلو كنتم عاملين بالكتابين لما كفر بعضكم بعضا بغير حجة لأن كتب الله أنزلها شفاء من العمى وبيانا من الضلالة تهدي العالمين بها إلى صراط مستقيم وكتاب الله إذا لم تعملوا به كان وبالا عليكم وحجة الله إذا لم تنقادوا لها كنتم لله عاصين ولسخطه متعرضين ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على اليهود فقال: احذروا أن ينالكم لخلاف أمر الله وخلاف كتابه ما أصاب أوائلكم الذين قال الله فيهم: ﴿فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء).

(114) ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه هي مساجد خيار المؤمنين بمكة منعوهم من التعبد فيها بأن ألجأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الخروج عن مكة، وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) والقمي انهم قريش حين منعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخول مكة والمسجد الحرام وعن زيد ابن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) أنه أراد جميع الأرض لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا.

أقول: وهو عام لكل مسجد وكل مانع وان نزل خاصا.

وسعى في خرابها خراب تلك المساجد لئلا تعمر بطاعة الله أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين من عدله وحكمه النافذ عليهم أن يدخلوها كافرين بسيوفه وسياطه.

أقول: يعني إمام العدل فهو وعد للمؤمنين بالنصرة واستخلاص المساجد منهم وقد أنجز وعده بفتح مكة لمؤمني ذلك العصر وسينجزه لعامة المؤمنين حين ظهور العدل.

والعياشي عن محمد بن يحيى يعني لا يقبلون الايمان إلا والسيف على رؤوسهم.

لهم في الدنيا خزي وهو طرده إياهم عن الحرم ومنعهم أن يعودوا إليه ولهم في الآخرة عذاب عظيم بكفرهم وظلمهم، قال قال علي بن الحسين (عليهم السلام): ولقد كان من المنافقين والضعفاء أشباه المنافقين قصد إلى تخريب المساجد بالمدينة وتخريب مساجد الدنيا كلها بما هموا به من قتل علي (عليه السلام) بالمدينة وقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريقهم إلى العقبة يعني في غزوة تبوك.

هذا آخر ما وجد من تفسير أبي محمد الزكي مرتبا مجتمعا وما وجد منه متفرقا نذكره في مواضعه انشاء الله.

(115) ولله المشرق والمغرب يعني ناحيتي الأرض أي له كلها فأينما تولوا فثم وجه الله قيل اي ذاته إذ لا يخلو منه مكان إن الله وسع ذاتا وعلما وقدرة ورحمة وتوسعة على عباده عليم بمصالح الكل وما يصدر عن الكل في كل مكان وجهة.

القمي إنها نزلت في صلاة النافلة تصليها حيث توجهت إذا كنت في السفر وأما الفرائض فقوله تعالى: ﴿وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾ يعني الفرائض لا تصليها إلا إلى القبلة.

وفي المجمع مثله قال هذا هو المروي عن أئمتنا.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) أنزل الله هذه الآية في التطوع خاصة فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المساء على راحلته أينما توجهت به حيث خرج إلى خيبر وحين رجع من مكة وجعل الكعبة خلف ظهره، قال: قال زرارة قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الصلاة في السفر والسفينة والمحمل سواء قال النافلة كلها سواء تومئ ايماء أينما توجهت دابتك وسفينتك والفريضة تنزل بها عن المحمل إلى الأرض إلا من خوف فان خفت أومأت واما السفينة فصل فيها قائما وتوخ القبلة بجهدك ان نوحا قد صلى الفريضة فيها قائما متوجها إلى القبلة وهي مطبقة عليهم قال قلت وما كان علمه بالقبلة فيتوجهها وهي مطبقة عليهم قال كان جبرئيل يقومه نحوها قال قلت فأتوجه نحوها في كل تكبيرة قال اما في النافلة فلا إنما تكبر في النافلة على غير القبلة أكثر ثم قال كل ذلك قبلة للمتنفل إنه قال أينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم.


1- أورد عند تفسير قوله تعالى: ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت. منه قدس سره.

2- يعني من خلقكم بريئا من التفاوت مميزا بعضكم من بعض بصورة وهيئة مختلفة واصله تركيب. بري لخلوص الشئ من غيره. منه قدس الله سره.

3- البرادة السحالة بالمهملتين وهي فتات الذهب والفضة (منه).

4- فلسطون وقد يفتح فاؤهما كورة بالشام وبلد بالعراق. تقول في حال الرفع بالواو وفي النصب والجر بالياء أو يلزمها الياء في كل حال والنسبة فلسطي. قاموس.

5- عجز الذنب ويقال عجب الذنب بالتسكين وهو العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وفي الحديث النبوي: كل ابن آدم يبلى الأعجب الذنب وكأنه عما يقوم به البدن. منه قدس الله سره.

6- دوين مصغر دون ونقيض الفوق. منه قدس الله سره.

7- نفضت الثوب والشجر انفضه إذا حركته لينتفض، والنفض بالتحريك ما تساقط من الورق والثمر. صحاح.

8- قريت الضيف قرى مثال قليته قلى وقراء أحسنت إليه إذا كسرت القاف قصرت وإذا فتحت مدت. صحاح.

9- المصانعة الرشوة والمداهنة والمداراة. منه قدس الله سره.

10- هم يتكالبون على كذا أي يتواثبون. منه قدس الله سره.

11- الصهبة الشقرة في شعر الرأس. صحاح. الشقرة لون الأشقر وهي في الإنسان حمرة صافية وبشرته مائلة إلى البياض. ص.

12- أي تدوم للرؤساء منهم أي من ناحية الضعفاء إصاباتهم أي مقاصدهم وحوائجهم وأمانيهم والمراد بالضعفاء الضعفاء في الرأي.

13- هذا الحديث مروي في جملة تفسير الإمام (عليه السلام) ويأتي نظيره مما أرسل في كلامه. منه قدس سره.

14- لعل وجه الاستشهاد بالآية أن مما يحب الانسان لنفسه الرفاهية والدعة وفراغ البال مما يهمه ورعاية حال الوالدين بحيث لا يسألانه شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين لا يقتضي تفقد حالهما في كل حال والاهتمام بشأنهما في جميع الأحوال فهذا إنفاق مما يحب. منه قدس الله سره.

15- الحف في المسألة يلحف إلحافا إذا ألح فيها ولزمها. منه قدس الله سره.

16- الأروم: بفتح الهمزة أصل الشجرة والقرن (ص). الأرومة بالضم الأصل. ق.

17- الدولة بالضم في المال يقال صار القئ دولة بينهم يتداولونه يكون مرة لهذا ومرة لهذا والجمع دولات ودول صحاح.

18- الدغل بالتحريك الفساد مثل الدخل يقال قد أدغل في الأمر إذا أدخل فيه ما يخالفه ويفسده. ص.

19- الخول بالتحريك ما أعطاك الله من النعم والعبيد والإماء وغيرهم. وخول الرجل: حشمه. ص.

20- كان القراءة الأولى بضم اللام جمع غلاف والثانية بسكون اللام جمع أغلف مستعار من الأغلف الذي لم يختن. منه قدس الله سره.

21- تيما اسم موضع. ص.

22- عير جبل بالمدينة. ص.

23- تبع كسكر واحد التبايعة من ملوك خمير سمي تبعا لكثرة أتباعه، وقيل سموا تبابعة لأن الأخير يتبع الأول في الملك وهم سبعون تبعا ملكوا جميع الأرض ومن فيها من العرب والعجم وكان تبع الأوسط مؤمنا الخ. مجمع.

24- الأوس أبو قبيلة من اليمن وهو أوس بن قيلة أخو الخزرج منهم الأنصار وقيلة أمهما.

25- الخزرج قبيلة من الأنصار.

26- الشملة بالفتح كساء دون القطيفة يشتمل به. ق.

27- الكسرة بالكسر القطعة من الشئ المكسور، والجمع كسر كقطعة وقطع، ومنه الحديث معه كسرة قد غمسها في اللبن. ص.

28- تماوت ولداننا ماتوا أو أشرفوا عليه.

29- حمازة القيظ بالحاء المهملة والزاي شدته. منه قدس الله سره.

30- الوحا الوحا بالمد والقصر السرعة المسرعة وهو منصوب بفعل مضمر واستوحيته استصرخته.

31- يقال طحطحت الشئ إذا كسرته وفرقته. ص.

32- خنس عنه يخنس بالضم أي تأخر وأخنسه غيره إذا خلفه ومضى عنه. ص.

33- بالمهملتين الفتات ذريت أي فرقت. منه قدس الله سره.

34- أريد بالأخبار عما كان وما لم يكن الأخبار عما غاب عن الحس بغير طريق الا حساس بكونه وعدم كونه. منه قدس الله سره.

35- يعني ان فسر الرسول لم يفد هذه الفائدة ولم يفهم منه الكتاب. منه قدس الله سره.

36- على بمعنى في كما في قوله تعالى ودخل في المدينة على حين غفلة من أهلها.

37- المثوبة والثواب والأجر نظائر ونقيض المثوبة العقوبة يقال ثاب يثوب ثوبا وثوابا وإثابة إثابة وثوابا ومثوبة والأصل في الثواب ما رجع إليك من شئ. م.

38- يعني لتقول مثل مقالتهم فتعلم هل يتأتى الصعود بذلك القول أم لا. منه قدس الله سره.

39- قوله تعالى لا تقولوا راعنا كان المسلمون يقولون يا رسول الله راعنا أي استمع منا فحرفت اليهود هذه اللفظة فقالوا يا محمد راعنا وهم ملحدون إلى الرعونة يريدون به النقيصة والوقيعة فلما عوتبوا قالوا نقول كما يقول المسلمون فنى الله عن ذلك بقوله ولا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا وقال قتادة إنها كلمة تقولها اليهود على وجه الاستهزاء، وقال عطا هي كلمة كانت الأنصار تقولها في الجاهلية فتهوا عنها في الإسلام، وقال السدي كان ذلك كلام يهودي بعينه يقال له رفاعة بن زيد يريد بذلك الرعونة فني المسلمون عن ذلك (مجمع).