المقدمة الثانية عشرة في بيان ما اصطلحنا عليه في التفسير

فنقول كلما يحتاج من الآيات إلى بيان وتفسير لفهم المقصود من معانيه أو إلى تأويل لمكان تشابه فيه أو إلى معرفة سبب نزوله المتوقف عليه فهمه وتعاطيه أو إلى تعرف نسخ أو تخصيص أو صفة أخرى فيه.

وبالجملة ما يزيد على شرح اللفظ والمفهوم مما يفتقر إلى السماع من المعصوم فان وجدنا شاهدا من محكمات القرآن يدل عليه أتينا به فان القرآن يفسر بعضه بعضا وقد أمرنا من جهة أئمة الحق (عليهم السلام) أن نرد متشابهات القرآن إلى محكماته وإلا فان ظفرنا فيه بحديث معتبر عن أهل البيت (عليهم السلام) في الكتب المعتبرة من طرق أصحابنا (رضوان الله عليهم) أوردناه، وإلا أوردنا ما روينا عنهم (عليهم السلام) من طرق العامة لنسبته إلى المعصوم وعدم ما يخالفه، نظيره في الاحكام ما روي عن الصادق (عليه السلام): إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما يروى عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي (عليه السلام) فعملوا به.

رواه الشيخ الطوسي (رضوان الله عليه) في العدة وما لم نظفر فيه بحديث عنهم (عليهم السلام) أوردنا ما وصل إلينا من غيرهم من علماء التفسير إذا وافق القرآن وفحواه وأشبه أحاديثهم في معناه فإن لم نعتمد عليه من جهة الاستناد اعتمدنا عليه من جهة الموافقة والشبه والسداد.

قال رسول الله (ص) إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه.

وقال الصادق (عليه السلام): ما يخالف القرآن فلا تأخذ.

وقال الكاظم (عليه السلام) إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا فإن أشبههما فهو حق وإن لم يشبههما فهو باطل وما ورد فيه أخبار كثيرة فإن لم يكن فيها كثير اختلاف اقتصرنا منها على ما اشتمل على مجامعها وتركنا سائرها مما في معناه روما للاختصار وصونا من الإكثار.

وربما أشرنا إلى تعددها وتكثرها إذا أهمنا (أهمنا خ ل) الاعتماد وإن كانت مختلفة نقلنا أصحها وأحسنها وأعمها فائدة ثم أشرنا إلى مواضع الاختلاف ما استطعنا وما لا يحتاج إلى شرح اللفظ والمفهوم والنكات المتعلقة بعلوم الرسوم مما لا يفتقر إلى السماع من المعصوم أوردنا فيه ما ذكره المفسرون الظاهريون من كان تفسيره أحسن وبيانه أوجز وأتقن كائنا من كان الا أوائل السورة التي تذكر فيها البقرة فان تفسير أكثرها وأكثر تفسيرها مأخوذ من التفسير المنسوب إلى مولانا الزكي أبي محمد العسكري الذي منه ما هو من كلامه ومنه ما يرويه عن آبائه (عليهم السلام.

منه ما أوردناه بألفاظه ومتونه.

ومنه ما أوردناه بمعانيه ومضمونه.

ومنه ما لفقناه من غير موضع منه ثم منه ما نسبناه إليه ومنه ما لم ننسبه إليه وما لم ننسبه إليه ولا إلى غيره فهو منه إلا نادرا من شرح لفظه لا يجري فيه اختلاف وإنما النسبة للفصل من كلام الغير فإن (فإذا خ ل) فصل بالقرآن فلا نسبة وذلك إلى حيث ما وجد منه من تفسير هذه السورة وهو قوله عز وجل ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ ثم من قوله تعالى: ﴿الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى﴾ إلى قوله سبحانه ﴿كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت﴾ فإن وجد منه تفسير آية أخرى في ضمن تفسير هذه الآيات أو على حدة نسبناه إليه في محله إنشاء الله وهو تفسير حسن لا سيما ما يتعلق منه بألفاظ القرآن ومعناه مما له مدخل في فهم القرآن وإن لم يقع موقع القبول عند جماعة من أصحابنا طاعنين في إسناده فإذا أردنا أن نأتي بمزيد بيان لآية أو حديث من لدنا أو من قول بعض أهل العلم والمعرفة أو أردنا أن نجمع ونوفق بين ما يوهم التناقض أو نحو ذلك صدرنا كلامنا بقولنا (أقول أو قيل) ليفصل من كلام المعصوم (عليه السلام) إلا إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك وما لا يحتاج إلى مزيد كشف وبيان إما لوضوحه وإحكام معناه أو لما عرف مما سلف قريبا من تفسير ما يجري مجراه طوينا تفسيره أو أحلنا على ما أسلفناه، وقلما نتعرض لانحاء النحو وصروف الصرف وشقوق الاشتقاق واختلاف القراءة فيما لا يختلف به أصل المعنى لأن نظر أولى الألباب إلى المعاني أكثر منه إلى المباني.

وربما يحوجنا تمام الكشف من المقصود إلى ذكر شئ من الأسرار فمن لم يكن من أهله فلا يبادر بالإنكار وليتركه لأهله فان لكل أهلا وذاك أيضا من مخزون علمهم الذي استفدناه من عباراتهم ومكنون سرهم الذي استنبطناه من إشاراتهم باخلاص الولاء والحب وبمصاص المخ واللب ولله الحمد وما نقلناه من كتب الأصحاب نسبناه إليها باقتصار في أسمائها كالاكتفاء بالمضاف عما أضيف إليه كالمجمع والجوامع للشيخ أبي علي الطبرسي، وكالتوحيد والعيون والعلل والاكمال والمعاني والمجالس والاعتقادات من (تصانيف خ ل) الصدوق أبي جعفر بن بابويه رحمه الله وكالمناقب لمحمد بن شهرآشوب المازندراني، وكالتهذيب والغيبة والأمالي للشيخ أبي جعفر الطوسي أطاب الله ثراهم، وكنينا عن كتاب من لا يحضره الفقيه بالفقيه واكتفينا عن ذكر تفسيري علي بن إبراهيم القمي ومحمد بن مسعود العياشي واسميهما بالقمي والعياشي، وعبرنا عن تفسير الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام) بتفسير الإمام واقتصرنا في التعبير عن المعصوم على ذكر لقبه تعظيما بعدم التسمية وحذرا عن الاشتباه بذكر الكنى لاشتراك بعضها وطلبا للاختصار وكلما أضمرنا عن المعصوم بقولنا عنه (عليه السلام) فمرجع الضمير الإمام الذي سبق ذكره وكلما لم نسم الكتاب فالمروي عنه (منه خ ل) الكتاب الذي مضى اسمه أو اسم مصنفه إلا ما صدر بروي والقمي قد يسند إلى المعصوم (عليه السلام) وقد لا يسند وربما يقول: قال والظاهر أنه أراد به الصادق (عليه السلام) فان (كما أن خ ل) الشيخ أبا علي الطبرسي قد يروي عنه ما أضمره ويسنده إلى الصادق (عليه السلام) ونحن نروي ما أضمره على إضماره وحذفنا الأسانيد في الكل لقلة جدوى المعرفة بها في هذا العصر البعيد العهد عنها مع الاختلاف فيها والاشتباه على أنا إنما نصحح الأخبار بنحو آخر غير الأسانيد إلا قليلا ونستعين في ذلك كله بالله وحده ولا نتخذ إلى غيره سبيلا فيا إخواني خذوا ما آتيناكم بقوة فقد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلم ويخرجهم من الظلمات إلى النور.

تفسير الاستعاذة في تفسير الإمام (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أعوذ امتنع بالله السميع لمقال الأخيار والأشرار ولكل المسموعات من الاعلان والأسرار العليم بأفعال الأبرار والفجار وبكل شي مما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف يكون من الشيطان البعيد من كل خير الرجيم المرجوم باللعن المطرود من بقاع الخير، وفي المعاني عن الزكي (صلى الله عليه وآله وسلم) معنى الرجيم أنه مرجوم باللعن مطرود من الخير لا يذكره مؤمن الا لعنه وإن في علم الله السابق إذا خرج القائم (عليه السلام) لا يبقى مؤمن إلا رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن، وفي تفسير الإمام (عليه السلام) والاستعاذة هي: ما قد أمر الله بها عباده عند قراءتهم القرآن فقال: فإذا (إذا خ ل) قرأت القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون.

أقول: الاستعاذة تطهير اللسان عما جرى عليه من غير ذكر الله ليستعد لذكر الله والتلاوة وتنظيف للقلب من تلوث الوسوسة، ليتهيأ للحضور لدى المذكور ويجد الحلاوة.