سورة المائدة

هي مدينة في ابن عباس ومجاهد، وقيل هي مدينة كلها الا قوله: (اليوم أكملت لكم دينكم) فإنه نزل في حجة الوداع وهي مأة وعشرون آية.

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾

القمي عن الصادق (عليه السلام) أي بالعهود.

أقول: الايفاء والوفاء بمعنى والعقد العهد الموثق ويشمل هيهنا كل ما عقد الله على عباده والزمه إياهم من الايمان به وبملائكته وكتبه ورسله وأوصياء رسله وتحليل حلاله وتحريم حرامه والاتيان بفرائضه وسننه ورعاية حدوده وأوامره ونواهيه وكل ما يعقده المؤمنون على أنفسهم لله وفيما بينهم من عقود الأمانات والمعاملات الغير المحظورة.

والقمي عن الجواد (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عقد عليهم لعلي بالخلافة في عشر مواطن ثم أنزل الله يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام) أحلت لكم بهيمة الأنعام قيل إضافة بيان أريد بها الأزواج الثمانية (1) والمستفاد من ظاهر الأخبار أن بيان حل الأنعام في آيات اخر. والمراد هنا بيان حل الأجنة التي في بطونها.

ففي الكافي والتهذيب والفقيه والعياشي عن أحدهما في تفسيرها الجنين في بطن أمه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أمه وزاد في الكافي والقمي فذلك الذي عنى الله عز وجل به.

وفي رواية وإن لم يكن تاما فلا تأكله والعياشي عن الباقر (عليه السلام) هي الأجنة التي في بطون الأنعام وقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يأمر ببيع الأجنة.

أقول: لعل هذا يكون أحد معانيها. ويحتمل أن يكون المراد بهذه الأخبار بيان الفرد الأخفى أو يكون تحديد الأول تسميتها بالبهيمة وحلها فلا ينافي التعميم مع أنه نص في حل الأم.

والعياشي عنه (عليه السلام) أن عليا (عليه السلام) سئل عن أكل لحم الفيل والدب والقرد فقال ليس هذا من بهيمة الأنعام التي تؤكل إلا ما يتلى عليكم تحريمه غير محلي الصيد وأنتم حرم قيل يعنى أحلت لكم في حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون لئلا يتحرج عليكم.

أقول: وهو ينافي عموم حلها سائر الأحوال إن الله يحكم ما يريد من تحليل وتحريم.

(2) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ﴾

لا تتهاونوا بحرمات الله جمع شعيرة وهي ما جعله الله شعار الدين وعلامته من أعمال الحج وغيرها ولا الشهر الحرام بالقتال فيه (2) في المجمع عن الباقر (عليه السلام) نزلت في رجل من بني ربيعة يقال له: الحطم.

أقول: يعني حين قدم حاجا وأراد المسلمون قتله في أشهر الحرم لكفره وبغيه وكان قد استاق سرح (3) المدينة قيل هي منسوخة بقوله اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.

وفي المجمع عنه (عليه السلام) لم ينسخ من هذه السورة شئ ولا من هذه الآية لأنه لا يجوز أن يبتدئ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال إلا إذا قاتلوا ولا الهدى (4) ما أهدي إلى الكعبة ولا القلائد ما قلد به الهدي من نعل قد صلى فيه أو غيره ليعلم به أنه هدي فلا يتعرض له ولا آمين (5) البيت الحرام قاصدين لزيارته يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا أن يثيبهم من فضله ويرضى عنهم أو يرزقهم بالتجارة ويرضى عنهم بنسكهم بزعمهم والمقصود النهي عن التعرض لهؤلاء وقرئ رضوانا بضم الراء وإذا حللتم من احرامكم فاصطادوا ان شئتم ولا يجرمنكم (6) ولا يحملنكم ولا يكسبنكم شنآن قوم شدة بغضهم وعداوتهم وقرئ بسكون النون أن صدوكم عن المسجد الحرام لان صدوكم يعني عام الحديبية وقرئ بكسر الهمزة أن تعتدوا بالانتقام وتعاونوا على البر والتقوى على العفو والإغضاء و متابعة الأمر ومجانبة الهوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان للتشفي والانتقام واتقوا الله إن الله شديد العقاب فانتقامه أشد.

(3) ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾

بيان لما يتلى عليكم والدم أي المسفوح منه لقوله تعالى أو دما مسفوحا قيل كانوا في الجاهلية يصبونه في الأمعاء ويشوونها ولحم الخنزير وأن ذكي وإنما خص بالذكر دون الكلب وغيره لاعتيادهم أكله دون غيره وما أهل رفع الصوت لغير الله به كقولهم باسم اللات والعزى عند ذبحه والمنخنقة والموقوذة (7) والمتردية (8) والنطيحة وما اكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وان تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق في العيون عن الباقر (عليه السلام) في تفسيرها الميتة والدم ولحم الخنزير معروف وما أهل لغير الله به يعني ما ذبح للأصنام وأما المنخنقة فان المجوس كانوا لا يأكلون الذبايح ويأكلون الميتة وكانوا يخنقون البقر والغنم فإذا انخنقت وماتت أكلوها والموقوذة كانوا يشدون أرجلها ويضربونها حتى تموت فإذا ماتت أكلوها والمتردية كانوا يشدون أعينها ويلقونها من السطح فإذا ماتت أكلوها والنطيحة (9) كانوا يناطحون بالكباش (10) فإذا مات أحدها أكلوه وما أكل السبع الا ما ذكيتم فكانوا يأكلون ما يأكله الذئب والأسد فحرم الله ذلك وما ذبح على النصب كانوا يذبحون لبيوت النيران وقريش كانوا يعبد ون الشجر والصخر فيذبحون لهما وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق قال كانوا يعمدون إلى الجزور (11) فيجزونه عشرة أجزاء ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام فيدفعونها إلى رجل وهي عشرة سبعة لها أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها فالتي لها أنصباء فالفذ والتوأم والمسبل والنافس والحلس والرقيب والمعلى فالفذ له سهم والتوأم له سهمان والمسبل له ثلاثة أسهم والنافس له أربعة أسهم والحلس له خمسة أسهم والزقيب له ستة أسهم والمعلى له سبعة أسهم والتي لا أنصباء لها السفيح والمنيح والوغد وثمن الجزور (12) على من لم يخرج له من الأنصباء شئ وهو القمار فحرمه الله والقمي مثله.

وفي الفقيه والتهذيب عن الجواد (عليه السلام) ما يقرب منه إلا أنه قال والموقوذة التي مرضت ووقذها المرض حتى لم تكن بها حركة قال (عليه السلام) وكانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما بين عشرة أنفس ويستقسمون عليه بالقداح ثم ذكر أسماءها السبعة والثلاثة كما ذكر قال فكانوا يجيلون السهام بين عشرة فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها الزم ثلث ثمن البعير فلا يزالون كذلك حتى تقع السهام الثلاثة التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة منهم فيلزمونهم ثمن البعير ثم ينحرونه ويأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا فلما جاء الاسلام حرم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرم فقال عز وجل وان تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق يعني حرام.

أقول: معنى تجزيته عشرة أجزاء اشتراؤه فيما بين عشرة أنفس كما ذكر في حديث الجواد (عليه السلام) لا تجزية لحمه والأنصباء جمع نصيب والفذ بالفاء والذال المعجمة المشددة.

والتوأم بالتاء المثناة الفوقانية والهمزة والمسبل كمحسن بالسين المهملة والباء الموحدة والنافس بالنون والفاء والسين المهملة والحلس بكسر الحاء وسكون اللام والسين المهملة وقد يحرك والزقيب بالزاي والقاف على وزن فعيل والمعلى بضم الميم وسكون العين وفتح اللام والسفيح بالسين المهملة والفاء والحاء المهملة على وزن فعيل كالمنيح بالنون والحاء المهملة. والوغد بالواو والغين المعجمة والدال المهملة وقيل معنى الاستقسام بالأزلام طلب معرفة ما قسم لهم بالأقداح يعني السهام وذلك أنهم إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها أمرني ربي وعلى اخر نهاني ربي وعلى الثالث غفل فان خرج الأمر مضوا على ذلك وان خرج الناهي تجنبوا عنه، وإن خرج الغفل أجالوها ثانيا.

وفي بعض الأخبار إيماء إلى ذلك كما يأتي في أواخر السورة ويمكن التوفيق بالتعميم وقوله تعالى إلا ما ذكيتم يرجع إلى جميع ما تقدم ذكره من المحرمات سوى ما لا يقبل الذكاة من الخنزير والدم كذا في المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) والعياشي عن الرضا (عليه السلام) المتردية والنطيحة وما أكل السبع إذا أدركت ذكاته فكله.

وفي المجمع عن الباقر والصادق عليهما الصلاة والسلام ان أدنى ما يدرك به الذكاة أن يدركه وهو يحرك أذنه أو ذنبه أو يطرف عينيه.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في كتاب علي (عليه السلام) إذا طرفت العين أو ركضت الرجل أو تحركت الذنب فكل منه فقد أدركت ذكاته وفي معناه أخبار آخر اليوم الان يئس الذين كفروا من دينكم انقطع طمعهم من دينكم أن تتركوه وترجعوا منه إلى الشرك القمي قال ذلك لما نزلت ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) فلا تخشوهم أن يظهروا على دين الإسلام ويردوكم عن دينكم واخشون إن خالفتم أمري أن تحل بكم عقوبتي اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا في المجمع عنهما (عليهما السلام) إنما نزل بعد أن نصب النبي (صلى الله عليه وآله) عليا صلوات الله عليهما علما للأنام يوم غدير خم عند منصرفه عن حجة الوداع قالا (عليه السلام) وهي آخر فريضة أنزلها الله ثم لم تنزل بعدها فريضة.

وفي الكافي عن الباقر الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، وكان الولاية آخر الفرايض فأنزل الله اليوم أكملت لكم دينكم قال لا أنزل بعد هذه فريضة قد أكملت لكم الفرائض.

والعياشي والقمي عنه ما يقرب منه.

أقول: وإنما أكملت الفرائض بالولاية لان النبي (صلى الله عليه وآله) أنهى جميع ما استودعه الله من العلم إلى علي صلوات الله عليه ثم إلى ذريته الأوصياء واحدا بعد واحد فلما أقامهم مقامه وتمكن الناس من الرجوع إليهم في حلالهم وحرامهم و استمر ذلك بقيام واحد به بعد واحد كمل الدين وتمت النعمة انشاء الله وقد ورد هذا المعنى بعينه عنهم (عليهم السلام) ويأتي ما يقرب منه في خطبة الغدير فمن اضطر متصل بذكر المحرمات وما بينهما اعتراض والمعنى فمن اضطر إلى تناول شئ من هذه المحرمات في مخمصة في مجاعة غير متجانف غير مايل لاثم. والقمي عن الباقر (عليه السلام) غير متعمد الإثم.

أقول: وذلك بأن يأكلها تلذذا أو مجاوزا حد الرخصة وهذا كقوله سبحانه غير باغ ولا عاد وقد مضى تفسيرهما في سورة البقرة فإن الله غفور رحيم لا يؤاخذه بأكله.

(4) ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ﴾

كأنهم لما تلا عليهم ما حرم عليهم سألوا عما أحل لهم قل أحل لكم الطيبات قيل ما لم يستخبثه الطباع السليمة ولم تتنفر عنه وما علمتم من الجوارح أي صيدهن وهي كواسب الصيد على أهلها من السباع والطير مكلبين مؤدبين لها والمكلب مؤدب الجوارح ومغريها بالصيد مشتق من الكلب.

في الكافي والتهذيب عن الصادق (عليه السلام) في كتاب علي (عليه السلام) في قول الله تعالى وما علمتم من الجوارح مكلبين قال هي الكلاب.

وعنه (عليه السلام) إذا أرسلت بازا أو صقرا أو عقابا فلا تأكل حتى تدركه فتذكيه وإن قتل فلا تأكل.

وعنه (عليه السلام) أنه سئل عن ارسال الكلب والصقر فقال أما الصقر فلا تأكل من صيده حتى تدرك ذكاته وأما الكلب فكل منه إذا ذكرت اسم الله عليه أكل الكلب منه أو لم يأكل وفي معناهما أخبار كثيرة تعلمونهن مما علمكم الله ألهمكم من طرق التأديب وفسر أدبه باتباع الصيد بارسال صاحبه وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه وإمساكه عليه الصيد في الكافي عن الباقر (عليه السلام) ما قتلت من الجوارح مكلبين وذكرتم اسم الله عليه فكلوا من صيدهن وما قتلت الكلاب التي لم تعلموها من قبل أن تدركوه فلا تطعموه.

وفي الكافي والفقيه والتهذيب عن الصادق (عليه السلام) قال في صيد الكلب إن أرسله صاحبه وسمى فليأكل كل ما أمسك عليه وإن قتل وإن أكل فكل ما بقي وإن كان غير معلم فعلمه في ساعته حين يرسله فليأكل منه فإنه معلم فأما ما خلا الكلاب مما تصيده الفهود والصقور وأشباه ذلك فلا تأكل من صيده إلا ما أدركت ذكاته لان الله عز وجل قال مكلبين فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل الا أن تدرك ذكوته وأما الأخبار التي وردت بخلاف ذلك فمحمولة على التقية لموافقتها مذاهب العامة كما بيناه في الوافي فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه.

القمي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب قال: لا تأكل الا ما ذكيت إلا الكلاب قيل فإن قتله قال كل فإن الله يقول وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم ثم قال فكلوا مما أمسكن عليكم ثم قال كل شئ من السباع يمسك الصيد على نفسها الا الكلاب المعلمة فإنها تمسك على صاحبها وقال إذا أرسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه فهو ذكاته واتقوا الله فيما حرم عليكم إن الله سريع الحساب فيؤاخذكم بما جل ودق.

(5) ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾

القمي قال عنى بطعامهم هيهنا الحبوب والفاكهة غير الذبايح التي يذبحونها فإنهم لا يذكرون اسم الله خالصا على ذبايحهم ثم قال والله ما استحلوا ذبايحكم فكيف تستحلون ذبايحهم.

في الكافي وغيره عنهما (عليهما السلام) في عدة أخبار أن المراد به الحبوب والبقول وفي بعضها لا تأكل من ذبايح اليهود والنصارى ولا تأكل من آنيتهم وفي بعضها الذبيحة بالاسم ولا يؤمن عليها إلا أهل التوحيد وفي بعضها إذا شهدتموهم وقد سموا اسم الله فكلوا ذبايحهم وإن لم تشهدوهم فلا تأكلوا وإن أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سموا فكل وفي بعضها لا تأكله ولا تتركه تقول أنه حرام ولكن تتركه تنزها عنه إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير وطعامكم حل لهم فلا جناح عليكم أن تطعموهم منهم وتبيعوه منهم والمحصنات وأحل لكم العقد على العفائف من المؤمنات العياشي عن الصادق (عليه السلام) هن المسلمات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم في الفقيه عن الصادق (عليه السلام) هن العفايف.

والعياشي عن الكاظم (عليه السلام) أنه سئل ما معنى احصانهن قال هن العفايف من نسائهم.

وفي الكافي والمجمع والعياشي عن الباقر (عليه السلام) أنها منسوخة بقوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر. وزاد في المجمع وبقوله ولا تنكحوا المشركات.

والقمي أحل الله نكاح أهل الكتاب بعد تحريمه في قوله في سورة البقرة ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال وإنما يحل نكاح أهل الكتاب الذين يؤدون الجزية وغيرهم لم تحل مناكحتهم.

أقول: ويؤيد هذا الحديث النبوي أن سورة المائدة آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها.

وفي الكافي: عن الحسن بن الجهم قال قال لي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) يا أبا محمد ما تقول في رجل يتزوج نصرانية على مسلمة قلت جعلت فداك وما قولي بين يديك قال لتقولن فإن ذلك تعلم به قولي قلت لا يجوز نصرانية على مسلمة ولا على غير مسلمة قال ولم قلت لقول الله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال فما تقول في هذه الآية والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم قلت فقر له ولا تنكحوا المشركات نسخت هذه الآية فتبسم ثم سكت.

وفيه وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) في الرجل المؤمن يتزوج النصرانية واليهودية قال إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية فقيل يكون له فيها الهوى فقال إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير واعلم أن عليه في دينه غضاضة (13).

وعن الباقر (عليه السلام) لا ينبغي للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة. وعنه (عليه السلام) إنما يحل منهن نكاح البله (14).

وفي الفقيه عنه (عليه السلام) أنه سئل عن الرجل المسلم أيتزوج المجوسية قال لا ولكن إن كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها ولا يطلب ولدها وفي رواية لا يتزوج الرجل اليهودية والنصرانية على المسلمة ويتزوج المسلمة على اليهودية والنصرانية وفي التهذيب عن الصادق (عليه السلام) لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده حرة.

وفيه في جواز التمتع بهما وبالمجوسية أخبار أخر إذا آتيتموهن أجورهن مهورهن محصنين اعفاء بالنكاح غير مسافحين غير مجاهرين بالزنا ولا متخذي أخدان (15) مسرين به والخدن الصديق يقع على الذكر والأنثى ومن يكفر بالإيمان بجحد الشرايع أو بتركها في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في تفسيره ترك العمل الذي أقربه من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم ولا شغل.

وفي رواية ترك العمل حتى يدعه أجمع والعياشي مثله وروى هو عن الصادق (عليه السلام) أدنى ما يخرج به الرجل من الإسلام أن يرى الرأي بخلاف الحق فيقيم عليه قال ومن يكفر بالايمان الذي لا يعمل بما أمر الله به ولا يرضى به وعن الباقر (عليه السلام) يعني ولاية علي (عليه السلام).

والقمي قال من آمن ثم أطاع أهل الشرك فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.

(6) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلى الْكَعْبَينِ﴾

وقرء بنصب الأرجل وهو مردود عندنا كما يأتي وأريد بالقيام القيام من النوم. ففي التهذيب والعياشي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل ما معنى إذا قمتم قال إذا قمتم من النوم.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) سئل ما عنى بها قال عن النوم فاسترحنا من تكلفات المفسرين واضماراتهم (16) وأما وجوب الوضوء بغير حدث النوم فمستفاد من الأخبار كما أن وجوب الغسل بغير الجنابة مستفاد من محل آخر وكما أن سائر مجملات القرآن إنما يتبين بتفسير أهل البيت وهم أدرى بما نزل في البيت من غيرهم والوجه ما يواجه به فلا يجب تخليل الشعر الكثيف أعني الذي لا يرى البشرة خلاله في التخاطب إذ المواجهة حينئذ إنما تكون بالشعر لا بما تحته كما ورد عن الباقر (عليه السلام) كل ما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوا ولا ان يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء رواه في التهذيب وفيه وفي الكافي عن أحدهما (عليهما السلام) انه سئل عن الرجل يتوضأ ايبطن (17) لحيته يقال لا.

وأما حد الوجه ففي الفقيه وفي الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) الوجه الذي امر الله بغسله الذي لا ينبغي لاحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه إن زاد عليه لم يؤجر وان نفص منه أثم ما دارت الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الاصبهان من الوجه مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه قيل الصدغ ليس من الوجه قال لا وأما في سائر الأعضاء فيجب ايصال الماء والبلل إلى البشرة وتخليل ما يمنع من الوصول كما هو مقتضى الأمر بالغسل والمسح فلا يجزي المسح على القلنسوة ولا على الخفين في التهذيب عن الباقر (عليه السلام) جمع عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيهم علي (عليه السلام) فقال ما تقولون في المسح على الخفين فقام المغيرة بن شعبة فقال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يمسح على الخفين فقال علي قبل المائدة أو بعد المائدة فقال لا أدري فقال علي سبق الكتاب الخفين إنما أنزلت المائدة قبل أن يقبض (صلى الله عليه وآله) بشهرين أو ثلاثة.

أقول: المغيرة بن شعبة هذا هو أحد رؤساء المنافقين من أصحاب العقبة والسقيفة لعنهم الله.

وفي الفقيه روت عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره. وروي عنها أنها قالت لان امسح على ظهر عير بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي ولم يعرف للنبي (صلى الله عليه وآله) خف الا خف هداه له النجاشي وكان موضع ظهر القدمين منه مشقوقا فمسح النبي (صلى الله عليه وآله) رجليه وعليه خفاه فقال الناس أنه مسح على خفيه وعلى أن الحديث في ذلك غير صحيح الأسناد انتهى كلام الفقيه ولما كانت اليد تطلق على ما تحت الزند وعلى ما تحت المرفق وعلى ما تحت المنكب بين الله سبحانه غاية المغسول منها كما تقول لغلامك اخضب يدك إلى الزند وللصيقل صقل سيفي إلى القبضة فلا دلالة في الآية على ابتداء الغسل بالأصابع وانتهائه إلى المرافق كما أنه ليس في هاتين العبارتين دلالة على ابتداء الخضاب والتصقيل بأصابع اليد ورأس السيف فهي مجملة في هذا المعنى يحتاج إلى تبيين أهل البيت (عليهم السلام) والمرفق بكسر أوله وفتح ثالثه أو بالعكس مجمع عظمي الذراع والعضد ولا دلالة في الآية على إدخاله في غسل اليد ولا على ادخال الكعب في مسح الرجلين لخروج الغاية تارة ودخولها أخرى فهي في هذا المعنى مجملة وإنما تتبين بتفسيرهم والغسل يحصل بصب الماء على العضو أو غمسه فيه إن لم يدلك فالباء في برؤوسكم للتبعيض وكذا في بوجوهكم وكذا في المعطوفين عليهما أعني أرجلكم وأيديكم كذا عن الباقر (عليه السلام) كما يأتي والكعب عظم مائل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق والقدم نأت عن ظهره يدخل نتوه في طرف الساق كالذي في أرجل البقر والغنم وربما يلعب به الأطفال وقد يعبر عنه بالمفصل لمجاورته له وإنما اختلف الناس فيها لعدم غورهم في كلام أهل اللغة وأصحاب التشريح واعراضهم عن التأمل في الأخبار المعصومية ولما كانت الرجل تطلق على القدم وعلى ما تحت الركبة وعلى ما يشمل الفخذين بين الله سبحانه غاية الممسوح منها ثم دلالة الآية على مسح الرجلين دون غسلهما اظهر من الشمس في رابعة النهار وخصوصا على قراءة الجر ولذلك اعترف بها جمع كثير من القائلين بالغسل.

في التهذيب عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز وجل فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين على الخفض هي أم على النصب قال بل هي على الخفض.

أقول: وعلى تقدير القراءة على النصب أيضا يدل على المسح لأنها تكون حينئذ معطوفة على محل الرؤوس كما تقول مررت بزيد وعمروا إذ عطفتها على الوجوه خارج عن قانون الفصاحة بل عن أسلوب العربية روى العامة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وابن عباس عن النبي (صلى الله عليه السلام) انه توضأ ومسح على قدميه ونعليه.

ورووا أيضا عن ابن عباس أنه قال إن كتاب الله المسح ويأبى الناس إلا الغسل وانه قال الوضوء غسلتان ومسحتان من باهلني باهلته وأنه وصف وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمسح على رجليه.

وفي التهذيب عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن مسح الرجلين فقال هو الذي نزل به جبرئيل.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه يأتي عن الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله منه صلاة قيل وكيف ذلك قال لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه.

وفي الفقيه عن علي (عليه السلام) أن الرجل ليعبد الله أربعين سنة ما يطيعه في الوضوء يغسل ما أمر الله بمسحه.

وفي الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعا بطست (18) أو تور فيه ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على وجهه ثم غمس كفه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق، ثم غمس كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها ما صنع باليمنى ثم مسح رأسه وقدميه ببل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا ثم قال ولا يدخل أصابعه تحت الشراك (19) قال ثم قال إن الله تعالى يقول إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله لان الله تعالى قال اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ثم قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأ فقيل أين الكعبان قال هيهنا يعني المفصل دون عظم الساق قيل هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك قيل أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجري للوجه وغرفة للذراع قال نعم إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كله.

وفي الفقيه والعياشي عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) الا تخبرني من أين علمت وقلت أن المسح ببعض الرأس وببعض الرجلين فضحك (عليه السلام) ثم قال يا زرارة قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزل به الكتاب من الله لان الله تعالى يقول فاغسلوا وجوهكم فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال وأيديكم إلى المرافق فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين ثم فصل بين الكلام فقال وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما ثم فسر ذلك رسول الله للناس فضيعوه الحديث ويأتي تمامه عن قريب وأشار إليه بقوله لمكان الباء أن الباء للتبعيض فلا وجه لانكار سيبويه مجيئها له في سبعة عشر موضعا من كتابه. وإنما بسطنا الكلام في تفسير آية الوضوء لعموم البلوى بها وكثرة الاختلاف فيها والحمد لله على ما هدانا ببركة أهل بيت نبيه صلوات الله عليهم وتمام الكلام فيه يطلب من كتابنا الوافي وإن كنتم جنبا فاطهروا عطف على جزاء الشرط الأول أعني فاغسلوا وجوهكم يعني إذا قمتم من النوم إلى الصلاة فتوضؤوا وإن كنتم جنبا فاغتسلوا يدل عليه قوله تعالى وإن كنتم مرضى فإنه مندرج تحت الشرط البتة فلو كان قوله وإن كنتم معطوفا على قوله إذا؟قمتم أو كان مستأنفا لم يتناسق المتعاطفان وللزم أن لا يستفاد الارتباط ما بين الغسل والصلاة من الآية ولم يحسن لفظة إن بل ينبغي أن يقال وإذا كنتم جنبا كما هو غير خاف (20) على من تتبع أساليب الكلام ويدل عليه أيضا ما في الكافي عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن المرأة يجامعها الرجل فتحيض وهي في المغتسل قال جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل وفي التهذيب عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ومرافقك ثم تمضمض واستنشق ثم تغسل جسدك من لدن قرنك (21) إلى قدميك ليس بعده ولا قبله وضوء وكل شئ أمسسته الماء فقد أنقيته ولو أن رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده.

وفي الكافي مقطوعا إن لم يكن أصاب كفه شئ غمسها في الماء ثم بدا بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ثم صب على رأسه ثلاث أكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين فما جرى عليه الماء أجزأه وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه قد مضى تفسير هذه الآية في سورة النساء فلا حاجة إلى إعادته.

وفي الفقيه في حديث زرارة السابق آنفا متصلا بآخره ثم قال ولم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه فلما وضع الوضوء إن لم يجدوا الماء أثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال بوجوهكم ثم وصل بها وأيديكم ثم قال منه أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها قوله (عليه السلام) من ذلك التيمم الظاهر أن المراد به المتيمم به بدليل قوله إن ذلك يعني الصعيد أجمع لم يجر على الوجه ويستفاد منه أن لفظة من في منه للتبعيض وأنه يشترط علوق التراب بالكف وأنه لا يجوز التيمم بالحجر الغير المغبر كما مضى تحقيقه ما يريد الله بفرض الطهارات ليجعل عليكم من حرج من ضيق ولكن يريد ليطهركم من الأحداث والذنوب فإن الطهارة كفارة للذنوب كما هي رافعة للاحداث وليتم نعمته عليكم بهذا التطهير لعلكم تشكرون نعمته.

(7) ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ﴾

بالاسلام ليذكركم المنعم ويرغبكم في شكره وميثاقه الذي واثقكم به قيل يعني عند اسلامكم بأن تطيعوا الله فيما يفرضه عليكم سركم أو ساءكم.

وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) أن المراد بالميثاق ما بين لهم في حجة الوداع من تحريم المحرمات وكيفية الطهارة وفرض الولاية وغير ذلك.

أقول: وهذا داخل في ذاك إذ قلتم سمعنا وأطعنا.

القمي قال لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الميثاق عليهم بالولاية قالوا سمعنا وأطعنا ثم نقضوا ميثاقه واتقوا الله في إنساء نعمته ونقض ميثاقه إن الله عليم بذات الصدور بخفياتها فضلا عن جليات أعمالكم.

(8) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ﴾

مر تفسيره ولا يجرمنكم ولا يحملنكم شنان قوم شدة عداوتهم وبغضهم على أن لا تعدلوا فتعدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل كمثله وقذف وقتل النساء وصبية ونقض عهد تشفيا مما في قلوبكم اعدلوا في أوليائكم وأعداءكم هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون فيجازيكم قيل تكرير هذا الحكم إما لاختلاف السبب كما قيل أن الأولى نزلت في المشركين وهذه في اليهود أو لمزيد الاهتمام بالعدل والمبالغة في إطفاء نائرة الغيظ.

(9) ﴿وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾

(10) ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾

قابل الوعد بالوعيد وفاء بحق الدعوة.

(11) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ﴾ (22)

القمي يعني أهل مكة من قبل فتحها فكف أيديهم بالصلح يوم الحديبية واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون فإنه الكافي لايصال الخير ودفع الشر.

(12) ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾

كفيلا أمينا شاهدا من كل سبط ينقب (23) عن أحوال قومه ويفتش عنها ويعرف مناقبهم وقال الله إني معكم بالنصرة لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وصدقتموهم وعزرتموهم ونصرتموهم وقويتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا بالانفاق في سبيله لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر منكم فقد ضل سواء السبيل قيل أمر الله بني إسرائيل بعد هلاك فرعون بمصر بأن يسيروا إلى أريحا من أرض الشام وكان يسكنها الجبابرة وقال إني كتبتها لكم قرارا وأمر موسى (عليه السلام) بأن يأخذ من كل سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به من الخروج إلى الجبابرة والجهاد وقائدا ورئيسا لهم فاختار النقباء وأخذ الميثاق على بني إسرائيل وتكفل لهم به وسار بهم فلما دنا من أرضهم بعث النقباء يتجسسون فرأوا اجراما عظاما وقوة فرجعوا وأخبروا موسى بذلك فأمرهم أن يكتموا ذلك فحدثوا بذلك قومهم الا كالب بن يوفنا من سبط يهودا ويوشع بن نون من سبط افرائيم بن يوسف وكانا من النقباء.

(13) ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾

لا تنفعل عن الآيات والنذر، وقرئ قسية على المبالغة يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا تركوا نصيبا وافرا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم خيانة أو فرقة خائنة إلا قليلا منهم لم يخونوا فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين حث على الصفح القمي منسوخة بقوله اقتلوا المشركين.

(14) ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى﴾

ادعوا نصرة الله بالاتسام بهذا الاسم أخذنا ميثاقهم كما أخذنا ممن قبلهم من بني إسرائيل فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا فالزمنا بينهم العداوة بالافعال والبغضاء بالقلوب إلى يوم القيمة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون بالجزاء والعقاب.

(15) ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ﴾

كنعت (محمد صلى الله عليه وآله) وآية الرجم في التورية وبشارة عيسى بأحمد (صلى الله عليه وآله) في الإنجيل ويعفوا عن كثير مما تخفونه لا يخبر به.

القمي قال يبين النبي كثيرا مما أخفيتموه مما في التوراة من أخباره ويدع كثيرا لا يبينه.

وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) عند تفسير يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من هذه السورة ان امرأة من خيبر ذات شرف بينهم زنت مع رجل من أشرافهم وهما محصنان فكرهوا رجمهما فأرسلوا إلى يهود المدينة وكتبوا إليهم أن يسألوا النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك طمعا في أن يأتي لهم برخصة فانطلق قوم منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وشعبة بن عمرو ومالك بن الضيف وكنانة بن أبي الحقيق وغيرهم فقالوا يا محمد أخبرنا عن الزاني والزانية إذا أحصنا ما حدهما فقال (صلى الله عليه وآله) وهل ترضون بقضائي في ذلك قالوا نعم فنزل جبرئيل بالرجم فأخبرهم بذلك فأبوا أن يأخذوا به فقال جبرئيل (عليه السلام) اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال النبي (صلى الله عليه وآله) هل تعرفون شابا أمرد أبيض أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا قالوا نعم قال فأي رجل هو فيكم قالوا هو أعلم يهودي بقي على ظهر الأرض بما أنزل الله على موسى قال فأرسلوا إليه ففعلوا فأتاهم عبد الله بن صوريا فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) إني أنشدك الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى وفلق لكم البحر فأنجاكم وأغرق آل فرعون وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن قال ابن صوريا نعم والذي ذكرتني به لولا خشية أن يحرقني رب التورية أن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك ولكن أخبرني كيف هي في كتابك يا محمد قال (صلى الله عليه وآله) إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم فقال ابن صوريا هكذا أنزل الله في التوراة على موسى (عليه السلام) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) فماذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله قال كنا إذا زنى الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فكثر الزنا في أشرافنا حتى زنى ابن عم ملك لنا فلم نرجمه ثم زنى رجل آخر فأراد الملك رجمه فقال له قومه لا حتى ترجم فلانا يعنون ابن عمه فقلنا تعالوا نجتمع فلنضع شيئا دون الرجم يكون على الشريف والوضيع فوضعنا الجلد والتحميم (24) وهو أن يجلد أربعين جلدة ثم يسود وجوههما ثم يحملان على حمارين ويجعل وجوههما من قبل دبر الحمار ويطاف بهما فجعلوا هذا مكان الرجم فقالت اليهود لابن صوريا ما أسرع ما أخبرته وما كنت لما أثنينا عليك بأهل ولكنك كنت غائبا فكرهنا أن نغتابك فقال إنه أنشدني بالتوراة ولولا ذلك لما أخبرته فأمر بهما النبي (صلى الله عليه وآله) فرجما عن باب مسجده وقال أنا أول من أحيى أمرك إذ أماتوه فأنزل الله سبحانه فيه يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير فقام ابن صوريا فوضع يده على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال هذا مقام العائذ بالله وبك أن تذكر لنا الكثير الذي أمرت أن تعفو عنه فأعرض النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين قيل النور محمد (صلى الله عليه وآله) والكتاب القرآن وقيل كلاهما القرآن وأيد بتوحيد الضمير في به.

والقمي قال يعني بالنور أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام).

(16) ﴿يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ﴾

طرق السلامة من العذاب ويخرجهم من الظلمات أنواع الكفر إلى النور بالإسلام بإذنه بإرادته وتوفيقه ويهديهم إلى صراط مستقيم طريق هو أقرب الطرق إلى الله والى جنته.

(17) ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا﴾

فمن يمنع من قدرته وارادته شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير.

(18) ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾

أشياع ابنيه عزير والمسيح قل فلم يعذبكم بذنوبكم في الدنيا بالقتل والأسر والمسخ وفي الآخرة بالنار أياما معدودة بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وهم كفر والمعنى أنه يعاملكم معاملة سائر الناس لا مزية لكم عليهم ولله ملك سماوات والأرض وما بينهما كلها سواء في كونه خلقا وملكا وإليه المصير فيجازيكم كلا بما كسب.

(19) ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ﴾

على فتور من الارسال وانقطاع من الوحي قال الصدوق طاب ثراه في اكماله معنى الفترة ان لا يكون نبي ولا وصي ظاهر مشهور وقد كان بين نبينا (صلى الله عليه وآله) وبين عيسى (عليه السلام) أنبياء وأئمة مستورون خائفون منهم خالد بن سنان العبسي لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر وكان بين مبعثه ومبعث نبينا (صلى الله عليه وآله) خمسون سنة.

أقول: تصديق ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة اما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير كراهة أن تقولوا ذلك وتعتذروا به فقد جاءكم بشير ونذير فلا تعتذروا والله على كل شئ قدير قد مضى في سورة النساء عند قوله فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد إن الأمم يوم القيمة تجحد تأدية رسالات رسلهم وتقول ما جاءنا من بشير ولا نذير والرسل يستشهدون نبينا فيقول نبينا (صلى الله عليه وآله) لكل أمة بلى قد جائكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير أي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل عليكم رسالاتهم.

(20) ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ﴾

من فلق البحر وتظليل الغمام وانزال المن والسلوى وغير ذلك.

(21) ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ﴾

العياشي عن الباقر (عليه السلام) يعني الشام التي كتب الله لكم أن تكون مسكنا لكم العياشي عن الصادق (عليه السلام) أن بني إسرائيل قال الله لهم ادخلوا الأرض المقدسة فلم يدخلوها حتى حرمها عليهم وعلى أنبيائهم وإنما أدخلها أبناء أبنائهم وعنهما (عليهما السلام) كتبها لهم ثم محاها ولا ترتدوا على أدباركم ولا ترجعوا مدبرين فتنقلبوا خاسرين ثواب الدارين.

(22) ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ﴾

شديدي البطش والبأس والخلق لا تتأتى لنا مقاومتهم.

﴿وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ﴾

إذ لا طاقة لنا بهم.

(23) قال رجلان هما يوشع بن نون وكالب بن يوفنا وهما ابنا عمه كذا عن الباقر (عليه السلام) رواه العياشي من الذين يخافون أي يخافون الله ويتقونه أنعم الله عليهما بالايمان والتثبيت ادخلوا عليهم الباب باب قريتهم أي باغتوهم وضاغطوهم في المضيق وامنعوهم من الإصحار فإذا دخلتموه فإنكم غالبون لتعسر الكر عليهم في المضايق من عظم أجسامهم ولأنهم أجسام لا قلوب فيها وعلى الله فتوكلوا في نصرته على الجبارين إن كنتم مؤمنين به ومصدقين لوعده.

(24) قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هيهنا قاعدون قالوها استهانة بالله ورسوله وعدم مبالاة بهما.

(25) قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين.

(26) قال فإنها محرمة عليهم لا يدخلونها ولا يملكونها بسبب عصيانهم أربعين سنة يتيهون في الأرض يسيرون فيها متحيرين لا يرون طريقا فلا تأس على القوم الفاسقين لأنهم أحقاء بذلك لفسقهم العياشي عن الباقر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لا تخطئون طريقهم ولا تخطأكم سنة بني إسرائيل ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) قال موسى لقومه يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم فردوا عليه وكانوا ست مائة ألف فقالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين الآيات قال فعصى إلا أربعون ألفا وسلم هارون وابناه ويشوع بن نون وكالب بن يوفنا فسماهم الله فاسقين فقال لا تأس على القوم الفاسقين فتاهوا أربعين سنة لأنهم عصوا فكانوا حذوا النعل بالنعل أن رسول الله لما قبض لم يكن على أمر الله إلا علي والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام وسلمان والمقداد وأبو ذر فمكثوا أربعين حتى قام علي فقاتل من خالفه.

وعنه (عليه السلام) قال نعم الأرض الشام وبئس القوم أهلها وبئس البلاد مصر أما أنها سجن من سخط الله عليه ولم يكن دخول بني إسرائيل إلا معصية منهم لله لان الله قال ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم يعني الشام فأبوا أن يدخلوها فتاهوا في الأرض أربعين سنة في مصر وفيا فيها ثم دخلوها بعد أربعين سنة قال وما خروجهم من مصر ودخولهم الشام إلا بعد توبتهم ورضاء الله عنهم وعن الصادق (عليه السلام) وذكر موسى وقولهم اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هيهنا قاعدون قال فحرمها الله عليهم أربعين سنة وتيههم فكانوا إذا كان العشاء وأخذوا في الرحيل نادوا الرحيل الرحيل الوحا (25) الوحا فلم يزالوا كذلك حتى تغيب الشمس حتى إذا ارتحلوا واستوت بهم الأرض قال الله تعالى للأرض ديري بهم فلم يزالوا كذلك حتى إذا أسحروا وقارب الصبح قالوا إن هذا الماء قد أتيتموه فانزلوا فإذا أصبحوا إذا تيههم (26) ومنازلهم التي كانوا فيها بالأمس فيقول بعضهم لبعض يا قوم لقد ضللتم وأخطأتم الطريق فلم يزالوا كذلك حتى اذن الله لهم فدخلوها وقد كان كتبها لهم.

وفي الكافي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن موسى كليم الله مات في التيه فصاح صائح من السماء مات موسى وأي نفس لا تموت.

والقمي عن الباقر (عليه السلام) مات هارون قبل موسى وماتا جميعا في التيه والقمي لما أراد موسى (عليه السلام) أن يفارقهم فزعوا وقالوا إن خرج موسى من بيننا نزل علينا العذاب ففزعوا إليه وسألوه أن يقيم معهم ويسأل الله أن يتوب عليهم.

(27) واتل عليهم نبأ ابني آدم قابيل وهابيل بالحق بالصدق إذ قربا قربانا القربان ما يتقرب به إلى الله من ذبيحة أو غيرها فتقبل من أحدهما لأنه رضى بحكم الله وأخلص النية لله وعمد إلى أحسن ما عنده وهو هابيل ولم تقبل من الآخر لأنه سخط حكم الله ولم يخلص النية في قربانه وقصد إلى أخس ما عنده وهو قابيل قال لأقتلنك توعده (27) بالقتل لفرط حسده له على تقبل قربانه قال إنما يتقبل الله من المتقين يعني إنما أتيت من قبل نفسك بترك التقوى لا من قبلي قيل فيه إشارة إلى أن الحاسد ينبغي أن يرى حرمانه من تقصيره ويجتهد في تحصيل ما به صار المحسود محظوظا الا في إزالة حظه فان ذلك مما يضره ولا ينفعه وان الطاعة لا تقبل إلا من مؤمن متق.

(28) لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي وقرء يدي باسكان الياء إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين.

(29) انى أريد أن تبوء أن ترجع بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين لعل غرضه بالذات أن لا يكون ذلك له لا أن يكون لأخيه في ثواب الأعمال عن الباقر (عليه السلام) من قتل مؤمنا أثبت الله على قاتله جميع الذنوب وبرأ المقتول منها وذلك قول الله عز وجل إني أريد أن تبوء بإثمي و إثمك فتكون من أصحاب النار.

(30) فطوعت له نفسه (28) اتسعت له قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين دينا ودنيا إذ بقي مدة عمره مطرودا محزونا نادما.

في المجمع عن الباقر (عليه السلام) أن حواء امرأة آدم كانت تلد في كل بطن غلاما وجارية فولدت في أول بطن قابيل وقيل قابين وتوأمته أقليما بنت آدم والبطن الثاني هابيل وتوأمته ليوذا فلما أدركوا جميعا أمر الله تعالى أن ينكح آدم (عليه السلام) قابيل أخت هابيل وهابيل أخت قابيل فرضي هابيل وأبى قابيل لان أخته كانت أحسنهما وقال ما أمر الله بهذا ولكن هذا من رأيك فأمرهما أن يقربا قربانا فرضيا بذلك فعمد هابيل وكان صاحب ماشية فأخذ من خير غنمه وزبدا ولبنا وكان قابيل صاحب زرع فأخذ من شر زرعه ثم صعدا فوضعا القربانين على الجبل فأتت النار فأكلت قربان هابيل وتجنبت قربان قابيل وكان آدم غايبا بمكة خرج إليها ليزور البيت بأمر ربه فقال قابيل لا عشت يا هابيل في الدنيا وقد تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني وتريد أن تأخذ أختي الحسناء وآخذ أختك القبيحة فقال له هابيل ما حكاه الله تعالى فشدخه بحجر فقتله والعياشي عن الصادق (عليه السلام) في حديث سبق صدره في أول سورة النساء قيل له إنهم يزعمون أن قابيل إنما قتل هابيل لأنهما تغايرا على أختهما فقال تقول هذا ما تستحي أن تروي هذا على نبي الله آدم فقيل فبم قتل قابيل هابيل فقال في الوصية ثم قال إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل وكان قابيل أكبر فبلغ ذلك قابيل فغضب فقال أنا أولى بالكرامة والوصية فأمرهما أن يقربا قربانا بوحي من الله إليه ففعلا فتقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله.

وفي الإكمال عن الباقر (عليه السلام) قال بعد ذكر قربانيهما وكان القربان إذا قبل تأكله النار فعمد قابيل فبنى لها بيتا وهو أول من بنى للنار البيوت وقال لأعبدن هذه النار حتى يتقبل قرباني ثم إن عدو الله إبليس قال لقابيل إنه قد تقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربانك فان تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك فقتله قابيل فلما رجع إلى آدم قال له يا قابيل أين هابيل فقال ما أدري وما بعثتني راعيا له فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا فقال لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة وفي الكافي عنه (عليه السلام) ما في معناه.

(31) فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يوارى سواة أخيه (29) قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين (30) على قتله.

القمي عن السجاد بعد ذكر قربانيهما قال فلم يدر كيف يقتله حتى جاء إبليس فعلمه فقال ضع رأسه بين حجرين ثم أشدخه فلما قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فاقتتلا حتى قتل أحدهما صاحبه ثم حفر الأرض الذي بقي بمخالبه ودفن فيها صاحبه قال قابيل يا ويلتي الآية فحفر له حفيرة فدفنه فيها فصارت سنة يدفنون الموتى فرجع قابيل إلى أبيه فلم ير معه هابيل فقال له آدم أين تركت ابني قال له قابيل أرسلتني عليه راعيا فقال آدم انطلق معي إلى مكان القربان وأوجس (31) قلب آدم بالذي فعل قابيل فلما بلغ مكان القربان استبان قتله فلعن آدم الأرض التي قبلت دم هابيل وأمر آدم أن يلعن قابيل ونودي قابيل من السماء لعنت كما قتلت أخاك ولذلك لا تشرب الأرض الدم فانصرف آدم فبكى على هابيل أربعين يوما وليلة فلما جزع عليه شكى ذلك إلى الله فأوحى إليه أني واهب لك ذكرا يكون خلفا من هابيل فولدت حواء غلاما مباركا فلما كان اليوم السابع أوحى الله إليه يا آدم إن هذا الغلام هبة مني لك فسمه هبة الله فسماه هبة الله.

وفي المجمع روت العامة عن الصادق (عليه السلام) قتل قابيل هابيل وتركه بالعراء (32) لا يدري ما يصنع به فقصده السباع فحمله في جراب (33) على ظهره حتى أروح (34) وعكفت (35) عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله فبعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحد ها صاحبه ثم حفر له بمنقاره وبرجليه ثم ألقاه في الحفيرة وواراه وقابيل ينظر إليه فدفن أخاه.

العياشي عن الباقر (عليه السلام) أن قابيل بن آدم معلق بقرونه في عين الشمس تدور به حيث دارت في زمهريرها وحميمها إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة صيره إلى النار.

وعنه (عليه السلام) وذكر ابن آدم القاتل فقيل له ما حاله أمن أهل النار هو فقال سبحان الله الله أعدل من ذلك أن يجمع عليه عقوبة الدنيا وعقوبة الآخرة.

وفي الإحتجاج قال طاووس اليماني لأبي جعفر (عليه السلام) هل تعلم أي يوم مات ثلث الناس فقال يا عبد الله لم يمت ثلث الناس قط إنما أردت ربع الناس قال وكيف ذلك قال كان آدم وحواء وقابيل وهابيل فذلك ربع قال صدقت قال أبو جعفر هل تدري ما صنع بقابيل قال لا قال علق بالشمس ينضح (36) بالماء الحار إلى أن تقوم الساعة.

(32) من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل القمي لفظ الآية خاص في بني إسرائيل ومعناها جار في الناس كلهم إنه من قتل نفسا بغير نفس بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص أو فساد في الأرض أو بغير فساد فيها كالشرك وقطع الطريق فكأنما قتل الناس جميعا لهتكه حرمة الدماء وتسنينه سنة القتل وتجرأة الناس عليه في الفقيه والعياشي عن الصادق (عليه السلام) واد في جهنم لو قتل الناس جميعا كان فيه إنما يدخل ذلك المكان قيل فان قتل آخر قال يضاعف عليه.

وفي رواية أخرى له في النار مقعد لو قتل الناس جميعا لم يزدد على ذلك المقعد.

والعياشي ما يقرب من الروايتين ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ومن تسبب لبقاء حياتها بعفو أو منع من القتل أو استنقاذ من بعض أسباب الهلاك فكأنما فعل ذلك بالناس جميعا، القمي قال من أنقذها من حرق أو غرق أو هدم أو سبع أو كفله حتى يستغني أو أخرجه من فقر إلى غني وأفضل من ذلك من أخرجها من ضلال إلى هدى.

وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) في تفسيرها قال من حرق أو غرق قيل فمن أخرجها من ضلال إلى هدى قال ذلك تأويلها الأعظم.

وفيه والعياشي مثله عن الصادق (عليه السلام).

وعنه (عليه السلام) من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها وعنه (عليه السلام) تأويلها الأعظم أن دعاها فاستجابت له.

وفي الفقيه عنه (عليه السلام) من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه كان كمن أحيا نفسا " فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جائتهم رسلنا بالبينات الواضحة بعد ما كتبنا عليهم هذا التشديد العظيم تأكيدا للامر وتجديدا للعهد كي يتحاموا (37) من أمثال هذه الجنايات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون مجاوزون عن الحق، في المجمع عن الباقر (عليه السلام) المسرفون هم الذين يستحلون المحارم ويسفكون الدماء.

(33) إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض في الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوم من بني ضبة مرضى فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله و سلم) أقيموا عندي فإذا برأتم بعثتكم في سرية فقالوا أخرجنا من المدينة فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها ويأكلون من ألبانها فلما برأوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كانوا في الإبل وساقوا الإبل فبلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الخبر فبعث إليهم عليا وهم في واد قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه قريب من أرض اليمن فأسرهم وجاء بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت عليه هذه الآية فاختار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القطع فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وعنه (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال ذلك إلى الإمام يفعل به ما يشاء قيل فمفوض ذلك إليه قال لا ولكن نحو الجناية وفي حديث آخر ليس أي شئ شاء صنع ولكنه يصنع بهم على قدر جناياتهم من قطع الطريق فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله وصلب ومن قطع الطريق وقتل ولم يأخذ المال قتل ومن قطع الطريق وأخذ المال ولم يقتل قطع يده ورجله ومن قطع الطريق ولم يأخذ مالا ولم يقتل نفي من الأرض وفي معناه أخبار أخر وعن الرضا (عليه السلام) ما يقرب منه وأنه سئل كيف ينفى وما حد نفيه فقال ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر آخر غيره ويكتب إلى أهل ذلك المصر بأنه منفي فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تواكلوه ولا تشاربوه فيفعل ذلك به سنة فان خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى يتم السنة وفي حديث آخر فإنه سيتوب قبل ذلك وهو صاغر قيل فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قال إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها.

أقول إنما يقاتل أهلها إذا أرادوا استلحاقه إلى أنفسهم وأبوا أن يسلموه إلى المسلمين ليقتلوه وهذا معنى قوله قوتل أهلها.

وفي رواية أخرى للعياشي يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك وفي رواية له عن الجواد (عليه السلام) في جماعة قطعوا الطريق قال فإن كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحدا ولم يأخذوا مالا امر بايداعهم الحبس فإن ذلك معنى نفيهم من الأرض.

وفي رواية في الكافي أن معنى نفي المحارب أن يقذف في البحر ليكون عدلا للقتل والصلب.

وعن الباقر (عليه السلام) من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة ذلك لهم خزي في الدنيا ذل وفضيحة ولهم في الآخرة عذاب عظيم لعظم ذنوبهم.

(34) إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم قيل الاستثناء مخصوص بما هو حق الله أما القتل قصاصا فإلى الأولياء يسقط بالتوبة وجوبه لا جوازه والتوبة بعد أخذه إنما تسقط العذاب دون الحد إلا أن تكون عن الشرك.

(35) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ما تتوسلون إليه به إلى ثوابه والزلفى منه من فعل الطاعات وترك المعاصي بعد معرفة الإمام واتباعه من وسل إلى كذا إذا تقرب إليه.

القمي قال تقربوا إليه بالإمام (عليه السلام).

وفي العيون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام) من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله هم العروة الوثقى والوسيلة إلى الله.

وفي الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة الوسيلة إنها أعلى درجة في الجنة ثم وصفها ببسط من الكلام من أراده فليرجع إليه وجاهدوا في سبيله سبيل الله بمحاربة أعدائه الظاهرة والباطنة لعلكم تفلحون بالوصول إلى الله والفوز بكرامته.

(36) إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض من صنوف الأموال جميعا ومثله معه ليفتدوا به ليجعلوه فدية لأنفسهم من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم تمثيل للزوم العذاب لهم وأنه لا سبيل لهم إلى الخلاص منه ولهم عذاب أليم.

(37) يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم العياشي عنهما (عليهما السلام) أنهم أعداء علي (عليه السلام).

(38) والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما السرقة أخذ مال الغير في خفية.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل في كم يقطع السارق قال في ربع دينار قيل في درهمين قال في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ قيل أرأيت من سرق أقل من ربع دينار هل يقع عليه حين سرق اسم السارق وهل هو عند الله سارق في تلك الحال فقال كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه فهو يقع عليه اسم السارق وهو عند الله سارق ولكن لا يقطع إلا في ربع دينار وأكثر ولو قطعت أيدي السراق فيما هو أقل من ربع دينار لألفيت عامة الناس مقطعين وعنه (عليه السلام) القطع من وسط الكف ولا يقطع الإبهام وإذا قطعت الرجل ترك العقب لم يقطع.

وفي رواية يقطع الأربع أصابع ويترك الإبهام يعتمد عليها في الصلاة ويغسل بها وجهه للصلاة وفي معناهما أخبار أخر والعياشي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان إذا قطع السارق ترك له الإبهام والراحة فقيل له يا أمير المؤمنين تركت عامة يده فقال فإن تاب فبأي شئ يتوضأ يقول الله فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم، وعن الجواد أن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف والحجة في ذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين فإذا قطعت يده من الكوع (38) أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تعالى وان المساجد لله يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها فلا تدعوا مع الله أحدا وما كان لله لم يقطع.

وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في السارق إذا سرق قطعت يمينه فإذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى ثم إذا سرق مرة أخرى سجنه وتركت رجله اليمنى يمشى عليها إلى الغائط ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها وقال إني لأستحيي من الله أن أتركه لا ينتفع بشئ ولكن أسجنه حتى يموت في السجن وقال ما قطع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من سارق بعد بده ورجله.

والعياشي ما يقرب منه وفي معناه أخبار كثيرة جزاء بما كسبا نكلا من الله عقوبة منه والله عزيز حكيم.

(39) فمن تاب من السراق من بعد ظلمه بعد سرقته وأصلح أمره برد المال والتفصي عن التبعات فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم يقبل توبته فلا يقطع ولا يعذب في الآخرة إلا إذا كانت توبته بعد أن يقع في يد الإمام فلا يسقط القطع حينئذ وإن عفا عنه صاحبه.

ففي الكافي عن أحدهما (عليهما السلام) في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنا فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح فقال إذا صلح فعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد.

وعن الصادق (عليه السلام) من أخذ سارقا فعفا عنه فذاك له فإذا رفع إلى الإمام قطعه فإن قال الذي سرق منه أنا أهب له لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفع إلى الإمام وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام وذلك قول الله والحافظون لحدود الله فإذا انتهى الحد إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه.

وعنه (عليه السلام) أنه سئل عن الرجل يأخذ اللص يرفعه أو يتركه فقال إن صفوان بن أمية كان مضطجعا في المسجد الحرام فوضع رداءه قد سرق حين رجع إليه فقال من ذهب بردائي فذهب يطلبه فأخذ صاحبه فرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال اقطعوا يده فقال صفوان تقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله قال نعم قال فإني أهبه له فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إلي قيل فالامام بمنزلته إذا رفع إليه قال نعم.

(40) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شئ قدير.

(41) يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر في إظهاره إذا وجدوا منه فرصة من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم يعني المنافقين ومن الذين هادوا سماعون للكذب (39) قائلون له أو سماعون كلامك ليكذبوا عليك سماعون لقوم آخرين لم يأتوك أي لجمع آخر من اليهود لم يحضروا مجلسك وتجافوا عنك تكبرا وافراطا في البغضاء يعني مصغون لهم قائلون كلامهم أو سماعون منك لأجلهم وللانهاء إليهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها بتغييره وحمله على غير المراد وإجرائه في غير مورده أو إهماله يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ان أوتيتم هذا المحرف فاقبلوه واعملوا به وإن لم تؤتوه بل أفتاكم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بخلافه فاحذروا قبول ما أفتاكم به قيل كان سبب نزول هذه الآية ما مر في تفسير قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من هذه السورة من قصة ابن صوريا ومحاكمته بين نبينا (صلى الله عليه وآله) واليهود.

والقمي كان سبب نزولها إنه كان في المدينة بطنان من اليهود من بني هارون وهم النضير وقريظة وكانت قريظة سبعمأة والنضير ألفا وكانت النضير أكثر مالا وأحسن حالا من قريظة وكانوا حلفاء لعبد الله بن أبي فكان إذا وقع بين قريظة والنضير قتل وكان القتيل من بني النضير قالوا لبني قريظة لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة حتى كادوا أن يقتلوا حتى رضيت قريظة وكتبوا بينهم كتابا على أنه أي رجل من اليهود من النضير قتل رجلا من بني قريظة أن يحنب (40) ويحمم والتحنيب أن يقعد على جمل ويولى وجهه إلى ذنب الجمل ويلطخ وجهه بالحمأة (41) ويدفع نصف الدية وأيما رجل قتل رجلا من النضير أن يدفع إليه الدية كاملة ويقتل به فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودخل الأوس والخزرج في الإسلام ضعف أمر اليهود فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير فبعثوا إليهم بني النضير ابعثوا إلينا بدية المقتول وبالقاتل حتى نقتله فقالت قريظة ليس هذا حكم التوراة وإنما هو شئ غلبتمونا عليه فإما الدية وإما القتل وإلا فهذا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بيننا وبينكم فهلموا نتحاكم إليه فمشت بنو النضير إلى عبد الله بن أبي فقالوا سل محمدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين قريظة في القتل فقال عبد الله بن أبي ابعثوا رجلا يسمع كلامي وكلامه فإن حكم لكم بما تريدون وإلا فلا ترضوا به فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله إن هؤلاء القوم قريظة والنضير قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به والآن في قدومك يريدون نقضه وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض كتابهم وشرطهم فإن النضير لهم القوة والسلاح والكراع (42) ونحن نخاف الدواير فاغتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك ولم يجبه بشئ فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات قال يحرفون الكلم من بعد مواضعه يعني عبد الله بن أبي وبني النضير وإن لم تؤتوه فاحذروا يعني عبد الله قال لبني النضير إن لم يحكم بما تريدونه فلا تقبلوا ومن يرد الله فتنته اختباره ليفضح فلن تملك له من الله شيئا فلن تستطيع له من الله شيئا في دفعها أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم من العقوبات المرتبة على الكفر كالختم والطبع والضيق لهم في الدنيا خزي هوان بالزام الجزية على اليهود وإجلاء بني النضير منهم وإظهار كذبهم في كتمان الحق وظهور كفر المنافقين وخوفهم جميعا من المؤمنين ولهم في الآخرة عذاب عظيم وهو الخلود في النار.

(42) سماعون للكذب كرره للتأكيد أكلون للسحت أي الحرام من سحته إذا استأصله لأنه مسحوت البركة وقرئ بضمتين.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن السحت فقال الرشا في الحكم.

وعنه (عليه السلام) السحت ثمن الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغي والرشوة وأجر الكاهن وفي رواية ثمن الكلب الذي لا يصيد.

وعن الباقر (عليه السلام) كل شئ غل من الإمام فهو سحت وأكل مال اليتيم وشبهه سحت والسحت أنواع كثيرة منها أجور الفواجر وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البينة وأما الرشا في الحكم فإن ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله.

وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قاض بين فريقين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق قال ذلك السحت وفي العيون عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى أكالون للسحت قال هو الرجل يقضي لأخيه الحاجة ثم يقبل هديته.

والقمي قال السحت بين الحلال والحرام وهو أن يواجر الرجل نفسه على المسكر ولحم الخنزير واتخاذ الملاهي فاجارته نفسه حلال ومن جهة ما يحمل ويعمل هو سحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم تخيير له في التهذيب عن الباقر (عليه السلام) أن الحاكم إذا أتاه أهل التوراة والإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا بأن يعادوك لاعراضك عنهم فإن الله يعصمك من الناس وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط بالعدل الذي أمر الله به إن الله يحب المقسطين.

(43) وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به والحال إن الحكم منصوص عليه في الكتاب الذي عندهم وفيه تنبيه على أنهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع وإنما طلبوا به ما يكون أهون عليهم وإن لم يكن حكم الله في زعمهم ثم يتولون من بعد ذلك ثم يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم بعد التحكيم وما أولئك بالمؤمنين بكتابهم لاعراضهم عنه أولا وعما يوافقه ثانيا.

(44) إنا أنزلنا التوراة فيها هدى بيان للحق ونور يكشف ما أسبتهم من الأحكام يحكم بها النبيون الذين أسلموا انقادوا لله قيل وصفهم بالاسلام لأنه دين الله للذين هادوا يحكمون لهم والربانيون والأحبار يحكم بها الربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء (43).

العياشي عن الصادق عليه الصلاة والسلام الربانيون هم الأئمة دون الأنبياء الذين يربون الناس بعلمهم والأحبار هم العلماء دون الربانيين قال ثم أخبر عنهم فقال بما استحفظوا من كتب الله وكانوا عليه شهداء ولم يقل بما حملوا منه.

وعن الباقر (عليه السلام) هذه الآية فينا نزلت فلا تخشوا الناس واخشون قيل نهي للحكام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم ويداهنوا فيها ولا تشتروا بآياتي ولا تستبدلوا بأحكامي التي أنزلتها ثمنا قليلا من رشوة أو جاه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.

في الكافي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حكم بدرهمين بحكم جور ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية.

وعن الباقر والصادق (عليهما السلام) من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله ممن له سوط أو عصا فهو كافر بما أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

(45) وكتبنا عليهم وفرضنا على اليهود فيها في التوراة أن النفس بالنفس (44) أي تقتل بها والعين بالعين (45) تفقأ بها والأنف بالأنف تجدع بها.

والأذن بالأذن (46) تصلم بها والسن بالسن تقلع بها والجروح قصاص ذات قصاص وقرء بالرفع في الخمس وبتخفيف الأذن.

القمي هي منسوخة بقوله كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى وقوله والجروح قصاص لم ينسخ فمن تصدق به بالقصاص أي عفا عنه فهو كفارة له.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح وغيره وفي الفقيه مثله إلا أنه قال ما عفا عن العمد ومن لم يحكم بما أنزل الله من القصاص وغيره فأولئك هم الظالمون.

(46) وقفينا على اثارهم واتبعنا على آثار النبيين الذين أسلموا بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين إنما خصهم بالذكر مع عموم الموعظة لأنهم اختصوا بالانتفاع به.

(47) وليحكم وقرء بكسر اللام وفتح الميم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (47).

(48) وأنزلنا إليك الكتاب بالحق أي القرآن مصدقا لما بين يديه من الكتاب من جنس الكتب المنزلة ومهيمنا عليه ورقيبا على سائر الكتب يحفظه عن التغير ويشهد له بالصحة والثبات فاحكم بينهم بما أنزل الله أي انزل إليك ولا تتبع أهوائهم عما جاءك من الحق بالانحراف عنه إلى ما يشتهونه لكل جعلنا منكم أيها الناس شرعة شريعة وهي الطريق إلى الماء شبه بها الدين لأنه طريق إلى ما هو سبب الحياة الأبدية ومنهاجا وطريقا واضحا من نهج الأمر إذا أوضح، وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) في حديث فلما استجاب لكل نبي من استجاب له من قومه من المؤمنين جعلنا لكل منهم شرعة ومنهاجا والشرعة والمنهاج سبيل وسنة قال وأمر كل نبي بالاخذ بالسبيل والسنة وكان من السبيل والسنة التي أمر الله بها موسى (عليه السلام) أن جعل عليهم السبت ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة جماعة متفقة على دين واحد ولكن ليبلوكم فيما آتيكم من الشرائع المختلفة المناسبة لكل عصر وقرن هل تعلمون بها مصدقين بوجود الحكمة في اختلافها فاستبقوا الخيرات فابتدروها انتهازا (48) للفرصة وحيازة لقصب السبق والتقدم إلى الله مرجعكم جميعا وعد ووعيد للمبادرين والمقصرين فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون بالجزاء الفاصل بين المحق والمبطل والمبادر والمقصر.

(49) وأن أحكم بينهم بما أنزل الله قيل عطف على الكتاب أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم أو على الحق أي أنزلناه بالحق وبأن أحكم ويجوز الاستيناف بتقدير وأمرنا أن احكم.

في المجمع عن الباقر (عليه السلام) إنما كرر الأمر بالحكم بينهم لأنهما حكمان أمر بهما جميعا لأنهم احتكموا إليه في قتل كان بينهم ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك أن يضلوك ويصرفوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا عن الحكم المنزل وأرادوا غيره فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم فيه تنبيه على أن لهم ذنوبا كثيرة والتولي عن حكم الله مع عظمته واحد منها معدودة من جملتها وإن كثيرا من الناس لفاسقون هذا تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن امتناع القوم من الاقرار بنبوته والاسراع إلى إجابته بأن أهل الإيمان قليل وأن أهل الفسق كثير فلا ينبغي أن بعظم ذلك عليك.

(50) أفحكم الجاهلية يبغون انكار على توليهم عن حكم الله وقرء بالتاء ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون أي هذا الاستفهام لقوم يوقنون فإنهم هم الذين يتدبرون الأمور ويتحققون الأشياء بأنظارهم فيعلمون أن لا أحسن حكما من الله.

في الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهما الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية وقد قال الله عز وجل ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية.

(51) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء لا تعتمدوا على الإنتصار بهم متوددين إليهم ولا تعاشروهم معاشرة الأحباب بعضهم أولياء بعض في العون والنصرة ويدهم واحدة عليكم وهم المتفقون في مضادتكم ومن يتولهم منكم فإنه منهم من استنصر بهم فهو كافر مثلهم.

العياشي عن الصادق (عليه السلام) من تولى آل محمد صلوات الله عليهم وقدمهم على جميع الناس بما قدمهم من قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو من آل محمد صلوات الله عليهم بمنزلة آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين لا أنه من القوم بأعيانهم وإنما هو منهم بتوليه إليهم واتباعه إياهم وكذلك حكم الله في كتابه ومن يتولهم منكم فإنه منهم وقول إبراهيم فمن تبعني فإنه منى إن الله لا يهدى القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم والمؤمنين بمولاة الكفار.

(52) فترى الذين في قلوبهم مرض كابن أبي وأضرابه يسارعون فيهم موالاتهم ومعاونتهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة يعتذرون بأنهم يخافون أن تصيبهم دائرة من الدواير بأن ينقلب الأمر ويكون الدولة للكفار، روي أن عبادة بن الصامت قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لي موالي من اليهود كثيرا عددهم وإني أبرء إلى الله وإلى رسوله من ولايتهم وأوالي الله ورسوله فقال ابن أبي إني رجل أخاف الدواير لا أبرئ من ولاية موالي فنزلت فعسى الله أن يأتي بالفتح لرسوله أو أمر من عنده فيه إعزاز المؤمنين وإذلال المشركين وظهور الإسلام فيصبحوا أي هؤلاء المنافقين على ما أسروا في أنفسهم من النفاق والشك في أمر الرسول نادمين.

العياشي عن الصادق (عليه السلام) في تأويل هذه الآية اذن (49) في هلاك بني أمية بعد احراق زيد سبعة أيام.

(53) ويقول الذين آمنوا بعضهم لبعض أو لليهود وقرء بدون واو العطف وبالنصب عطفا على يأتي أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم تعجبا من حال المنافقين وتبجحا (50) بما من الله عليهم من الإخلاص وجهد الأيمان أغلظها حبطت أعملهم فأصبحوا خاسرين إما من جهة المقول أو من قول الله شهادة لهم.

وفيه معنى التعجب كأنه قيل ما أحبط أعمالهم ما أخسرهم.

(54) يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه وقرء يرتدد بدالين جوابه محذوف يعني فلن يضر دين الله شيئا فإن الله لا يخلي دينه من أنصار يحمونه.

القمي قال هو مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين غصبوا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم وارتدوا عن دين الله فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه يحبهم الله ويحبون الله وقد سبق معنى المحبة من الله ومن العباد أذلة على المؤمنين (51) رحماء عليهم من الذل بالكسر الذي هو اللين لا من الذل بالضم الذي هو الهوان أعزة على الكافرين غلاظ شداد عليهم من عزه إذا غلبه يجاهدون في سبيل الله بالقتال لاعلاء كلمة الله وإعزاز دينه ولا يخافون لومة لائم فيما يأتون من الجهاد والطاعة.

في المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) هم أمير المؤمنين وأصحابه حتى قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين.

قال ويؤيد هذا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصفه بهذه الصفات حين ندبه لفتح خيبر بعد أن رد عنها حامل الراية إليه مرة بعد أخرى وهو يجبن الناس يجبنونه لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ثم أعطاها إياه فأما الوصف باللين على أهل الإيمان والشدة على الكفار والجهاد في سبيل الله مع أنه لا يخاف لومة لائم فمما لا يمكن دفع علي عن استحقاق ذلك لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر ونكابته فيهم ومقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة الدين والرأفة بالمؤمنين وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال يوم البصرة والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم وتلا هذه الآية، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون (52) عن الحوض فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى.

والقمي إنها نزلت في مهدي الأمة وأصحابه (عليهم السلام) وأولها خطاب لمن ظلم آل محمد صلوات الله عليهم وقتلهم وغصبهم حقهم.

وفي المجمع ويمكن أن ينصر هذا بأن قوله سبحانه فسوف يأتي الله بقوم يوجب أن يكون ذلك القوم غير موجودين في وقت نزول الخطاب فهو يتناول من يكون بعدهم بهذه الصفة إلى قيام الساعة.

أقول: لا منافاة بين الروايتين على ما حققناه في المقدمات من جواز التعميم ذلك فضل الله أي محبتهم لله سبحانه ولين جانبهم للمؤمنين وشدتهم على الكافرين تفضل من الله وتوفيق ولطف منه ومنة من جهته يؤتيه من يشاء يعطيه من يعلم أنه محل له والله واسع جواد لا يخاف نفاد ما عنده عليم بموضع جوده وعطائه.

(55) إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية يعني أولى بكم أي أحق بكم وبأموركم من أنفسكم وأموالكم الله ورسوله والذين آمنوا يعني عليا وأولاده الأئمة إلى يوم القيامة ثم وصفهم الله عز وجل فقال الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطاه إياها وكان النجاشي أهداها له فجاء سائل فقال السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم تصدق على مسكين فطرح الحلة إليه وأومى بيده إليه أن أحملها فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآية وصير نعمة أولاده بنعمته فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة مثله فيتصدقون وهم راكعون والسائل الذي سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) من الملائكة والذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة.

وعنه عن أبيه عن جده (عليهم السلام) في قوله عز وجل يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها قال لما نزلت إنما وليكم الله الآية اجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجد المدينة فقال بعضهم إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها وإن آمنا فإن هذا ذل حين يسلط علينا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقالوا قد علمنا أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا قال فنزلت هذه الآية يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها يعني ولاية علي وأكثرهم الكافرون بالولاية.

وعنه (عليه السلام) أنه سئل الأوصياء طاعتهم مفروضة قال نعم هم الذين قال الله أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم وهم الذين قال الله إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الآية.

وفي الإحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث فقال المنافقون هل بقي لربك بعد الذي فرض علينا شئ آخر يفترض فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره فأنزل الله في ذلك قل إنما أعظكم بواحدة يعني الولاية فأنزل الله إنما وليكم الله ورسوله الآية وليس بين الأمة خلاف إنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد منهم وهو راكع غير رجل واحد ولو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط.

وعن الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث في قوله سبحانه يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك قال وأنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية إن جبرئيل هبط إلي مرارا يأمرني عن السلام ربي وهو السلام أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي وهو وليكم بعد الله ورسوله وقد أنزل الله تبارك وتعالى علي بذلك آية من كتابه إنما وليكم الله ورسوله الآية وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله عز وجل في كل حال.

وفي الخصال في إحتجاج علي صلوات الله عليه على أبي بكر قال فأنشدك بالله ألي الولاية من الله مع ولاية رسوله في آية زكاة الخاتم أم لك قال بل لك وفيه في مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) وتعدادها قال وأما الخامسة والستون فإني كنت أصلي في المسجد فجاء سائل وأنا راكع فناولته خاتمي من أصبعي فأنزل الله تعالى إنما وليكم الله ورسوله الآية.

والقمي عن الباقر (عليه السلام) قال بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس وعنده قوم من اليهود وفيهم عبد الله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الآية فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المسجد فاستقبله سائل فقال هل أعطاك أحد شيئا قال نعم ذاك المصلي فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا هو أمير المؤمنين (عليه السلام.

والأخبار مما روته العامة والخاصة في أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرة جدا ونقل في المجمع عن جمهور المفسرين أنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) حين تصدق بخاتمه في ركوعه وذكر قصته عن ابن عباس وغيره ويمكن التوفيق بين ما رواه في الكافي أن المصدق به كان حلة وبين ما رواه غيره واشتهر بين الخاصة والعامة أنه كان خاتما بأنه لعله تصدق في ركوعه مرة بالحلة وأخرى بالخاتم والآية نزلت بعد الثانية وفي قوله تعالى ويؤتون إشعار بذلك لتضمنه التكرار والتجدد كما إنه فيه إشعار بفعل أولاده أيضا.

(56) ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون فإن هم الغالبون وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على البرهان عليه وكأنه قيل فإنهم حزب الله وإن حزب الله هم الغالبون (53) وتنويها بذكرهم وتعظيما لشأنهم وتشريفا لهم بهذا الاسم وتعريضا بمن يوالي غير هؤلاء بأنه حزب الشيطان وأصل الحزب القوم يجتمعون لامر حزبهم، في المجالس عن الباقر (عليه السلام) في قوله إنما وليكم الله الآية قال إن رهطا من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن أمين وابن صوريا فأتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا يا نبي الله إن موسى (عليه السلام) أوصى إلى يوشع بن نون فمن وصيك يا رسول الله ومن ولينا بعدك فنزلت هذه الآية إنما وليكم الله ورسوله الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوموا فقاموا فأتوا المسجد فإذا سائل خارج فقال يا سائل أما أعطاك أحد شيئا قال نعم هذا الخاتم قال من أعطاكه قال أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي قال قال على أي حال أعطاك قال كان راكعا فكبر النبي (صلى الله عليه وآله) وكبر أهل المسجد فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) وليكم بعدي قالوا رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبيا وبعلي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وليا فأنزل الله ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا فإن حزب الله هم الغالبون.

وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال والله لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل.

وفي الإحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) والذين آمنوا في هذا الموضع هم المؤتمنون على الخلائق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر.

وفي التوحيد عن الصادق (عليه السلام) يجئ رسول الله صلى الله عليه وآله) يوم القيامة آخذا بحجزة (54) ربه ونحن آخذون بحجزة نبينا (صلى الله عليه وآله) وشيعتنا آخذون بحجزتنا فنحن وشيعتنا حزب الله وحزب الله هم الغالبون والله ما يزعم أنها حجزة الإزار ولكنها أعظم من ذلك يجئ رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخذا بدين الله ونحن نجئ آخذين بدين نبينا (صلى الله عليه وآله) وتجئ شيعتنا آخذين بديننا.

(57) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء وقرء الكفار بالجر إلى رتب النهي عن موالاتهم على اتخاذهم دينهم هزوا ولعبا إيماء إلى العلة وتنبيها على أن من هذا شأنه بعيد عن الموالاة جدير بالمعاداة قيل نزلت في رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث أظهر الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادونهما خص المنافقين باسم الكفار وإن عم أهل الكتاب لتضاعف كفرهم واتقوا الله إن كنتم مؤمنين.

(58) وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا اتخذوا الصلاة والمناداة مضحكة روي أن نصرانيا بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول أشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال أحرق الله الكاذب فدخل خادمه ذات ليلة بنار وأهله نيام فتطاير شرارة في البيت فأحرقه وأهله ذلك بأنهم قوم لا يعقلون فإن السفه يؤدي إلى الجهل بالحق والهزء به (55) والعقل يمنع منه.

(59) قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا هل تنكرون منا وتعيبون إلا أن آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل من قبل بالكتب المنزلة كلها وان أكثركم فاسقون وبأن أكثركم خارجون عن أمر الله طلبا للرياسة وحسدا على منزلة النبوة.

(60) قل هل أنبئكم بشر من ذلك المنقوم يعني إن كان ذلك شرا عندكم فأنا أخبركم بشر منه مثوبة جزاء ثابتا عند الله والمثوبة مختصة بالخير كالعقوبة بالشر وضعت هيهنا موضعها على طريقة قوله سبحانه فبشرهم بعذاب أليم من لعنه الله أبعد من رحمته وغضب عليه وسخط عليه بكفره وانهماكه في المعاصي بعد وضوح الآيات وجعل منهم القردة والخنازير مسخهم وعبد الطاغوت وقرء (56) بضم الباء وجر التاء ومن عبد الطاغوت وهو الشيطان وكل من عبد من دون الله قيل من جعل القردة هم أصحاب السبت والخنازير كفار أهل مائدة عيسى على نبينا و (عليه السلام) وقيل إنهما معا أصحاب السبت مسخ شبانهم قردة وشيوخهم خنازير ومن عبد الطاغوت أصحاب العجل ويأتي ما ورد في ذلك في هذه السورة أولئك الملعونون شر مكانا وأضل عن سواء السبيل عن قصد الطريق المتوسط بين غلو النصارى وغلو اليهود والمراد بصيغتي التفضيل الزيادة مطلقا لا بالإضافة إلى المؤمنين.

(61) وإذا جاؤكم قالوا آمنا القمي نزلت في عبد الله بن أبي وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به يخرجون من عندك كما دخلوا لا يؤثر فيهم ما سمعوا منك والله أعلم بما كانوا يكتمون من الكفر فيه وعيد لهم.

(62) وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم المعصية والعدوان تعدى حدود الله وأكلهم السحت الحرام كالرشوة لبئس ما كانوا يعملون.

(63) لولا ينههم الربانيون والأحبار علماؤهم عن قولهم الإثم كالكذب وكلمة الشرك مثل عزير ابن الله وأكلهم السحت قيل لولا إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ وإذا دخل على المستقبل أفاد التخصيص لبئس ما كانوا يصنعون ذمهم بأبلغ من ذم مرتكبي الكباير لان كل عامل لا يسمى صانعا حتى يتمكن في عمله ويتمهر والوجه فيه أن ترك الحسنة أقبح من مواقعة المعصية لأن النفس تلتذ بالمعصية وتميل إليها ولا كذلك ترك الإنكار عليها وعن ابن عباس هي أشد آية في القرآن.

وفي الكافي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في خطبة له إنما هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك وأنهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر الحديث.

وفي كلام آخر له (عليه السلام) في حديث رواه ابن شعبة في تحف العقول قال اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار يقول لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وقال لعن الذين كفروا من بني إسرائيل إلى قوله لبئس ما كانوا يفعلون وقد مضى أخبار أخر في ذلك في سورة آل عمران عند قوله تعالى ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير.

(64) وقالت اليهود يد الله مغلولة غل (57) اليد كناية عن البخل وبسطها عن الجود.

والقمي قال قالوا قد فرغ الله من الأمر لا يحدث الله غير ما قدره في التقدير الأول فرد الله عليهم فقال بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء أي يقدم ويؤخر ويزيد وينقص وله البداء والمشيئة.

وفي التوحيد عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية لم يعنوا أنه هكذا ولكنهم قالوا قد فرغ الله من الأمر فلا يزيد ولا ينقص قال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ألم تسمع الله تعالى يقول يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتب.

وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) في كلام له في إثبات البداء مع سليمان المروزي وقد كان ينكره فقال أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب قال أعوذ بالله من ذلك وما قالت اليهود قال قالت اليهود يد الله مغلولة يعنون إن الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا الحديث.

والعياشي عن الصادق (عليه السلام) يعنون أنه قد فرغ مما هو كان غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا دعاء عليهم بل يداه مبسوطتان تثنية (58) اليد إشارة إلى تقابل أسمائه سبحانه وكناية عن غاية الجود فإن الجواد في الغاية إنما يعطي بيديه جميعا ينفق كيف يشاء على ما تقتضيه الحكمة والصلاح وليزيدن كثيرا منهم ما انزل إليك من ربك طغيانا وكفرا على طغيانهم وكفرهم كما يزداد المريض مرضا من تناول غذاء الأصحاء وألقينا بينهم العدوة والبغضاء إلى يوم القيمة فكلماتهم مختلفة و قلوبهم شتى فلا يقع بينهم موافقة (59) كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله كلما أرادوا محاربة غلبوا قيل كانوا في أشد بأس وأمنع دار حتى أن قريشا كانت تعتضد بهم وكان الأوس والخزرج تتكثر بمظاهرتهم فذلوا وقهروا وقتل النبي بني قريظة وأجلى بني النضير وغلب على خيبر وفدك واستأصل الله شأفتهم (60) حتى إن اليوم تجد اليهود في كل بلدة أذل الناس ويسعون في الأرض فسادا للفساد بمخالفة أمر الله والاجتهاد في محو ذكر الرسول من كتبهم قيل لما خالفوا حكم التوراة سلط الله عليهم بخت نصر ثم أفسدوا فسلط الله عليهم فطرس الرومي ثم أفسدوا فسلط الله عليهم المجوس ثم أفسدوا فسلط الله عليهم المسلمين والله لا يحب المفسدين فلا يجازيهم إلا شرا.

(65) ولو أن أهل الكتاب آمنوا بمحمد (صلى الله عليه وآله) وبما جاء به واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم التي فعلوها ولم يؤاخذهم بها ولأدخلناهم جنت النعيم فإن الإسلام يجب ما قبله وإن جل.

(66) ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل بإذاعة ما فيهما والقيام بأحكامهما وما أنزل إليهم من ربهم.

في الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) يعني الولاية لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم لوسع عليهم أرزاقهم وأفيض عليهم بركات من السماء والأرض القمي قال من فوقهم المطر ومن تحت أرجلهم النبات منهم أمة مقتصدة قد دخلوا في الإسلام القمي قوم من اليهود دخلوا في الإسلام فسماهم الله مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون وفيه معنى التعجب أي ما أسوء عملهم وهم الذين أقاموا على الجحود والكفر.

(67) يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك يعني في علي صلوات الله عليه فعنهم (عليهم السلام) كذا نزلت وإن لم تفعل فما بلغت رسالته (61) إن تركت تبليغ ما انزل إليك في ولاية علي (عليه السلام) وكتمته كنت كأنك لم تبلغ شيئا من رسالات ربك في استحقاق العقوبة وقرء رسالته على التوحيد والله يعصمك من الناس يمنعك من أن ينالوك بسوء إن الله لا يهدى القوم الكافرين في الجوامع عن ابن عباس وجابر بن عبد الله رضي الله عنه إن الله تعالى أمر نبيه (صلى الله عليه وآله) ان ينصب عليا عليه الصلاة والسلام للناس ويخبرهم بولايته فتخوف أن يقولوا حامى ابن عمه وأن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فنزلت هذه الآية فأخذ بيده يوم غدير خم وقال (صلى الله عليه وآله) من كنت مولاه فعلي مولاه.

وقرء العياشي عنهما (عليهما السلام) ما في معناه.

ورواه في المجمع عن الثعلبي والحسكاني وغيرهما من العامة وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) في حديث ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك يوم الجمعة بعرفة أنزل الله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه فقال عند ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ويقول قائل فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني فأتتني عزيمة من الله بتلة (62) أوعدني ان لم أبلغ أن يعذبني فنزلت (يا أيها الرسول بلغ) الآية فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فقال أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد كان عمره الله ثم دعاه فأجابه فأوشك أن ادعى فأجيب وأنا مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟فقالوا نشهد انك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين.

فقال اللهم اشهد ثلاث مرات ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب قال أبو جعفر (عليه السلام) كان والله أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه.

وعنه (عليه السلام) أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي (عليهما السلام) وانزل عليكم إنما وليكم الله ورسوله الآية وفرض ولاية اولي الأمر فلم يدروا ما هي فأمر الله محمدا (صلى الله عليه وآله) أن يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحى الله تعالى إليه يا أيها الرسول الآية وصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي (عليه السلام) يوم غدير خم فنادى الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب. (63) قال (عليه السلام) وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرايض فأنزل الله عز وجل اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي قال يقول الله تعالى عز وجل لا انزل عليكم بعدها فريضة قد أكملت لكم الفرائض.

وفي الإحتجاج عنه (عليه السلام) أنه قال قد حج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال له " يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك إني لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسلي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغهما قومك فريضة الحج، وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة ولن أخليها أبدا فإن الله يأمرك أن تبلغ قومك الحج تحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب وتعلمهم من حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع ".

فنادى مناد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الناس ألا إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد الحج وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على نحو عدد أصحاب موسى سبعين ألفا الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري وكذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ البيعة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة.

فلما وقف بالموقف أتاه جبرئيل عن الله تعالى فقال يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله تعالى يقرؤك السلام ويقول لك إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص فاعهد عهدك (64) وقدم وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأقمه للناس علما وجدد عهده وميثاقه وبيعته وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية ولي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني واتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع ولي وطاعته وذلك أني لا أترك أرضي بلا قيم ليكون حجة لي على خلقي فاليوم أكملت لكم دينكم الآية بولاية ولي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي عبدي ووصي نبي والخليفة من بعده وحجتي البالغة على خلقي مقرون طاعته بطاعة محمد (صلى الله عليه وآله) نبي ومقرون طاعته مع طاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بطاعتي من اطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني جعلته علما بيني وبين خلقي من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن أشرك بيعته كان مشركا ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار فأقم يا محمد عليا صلوات الله عليهما علما وخذ عليهم البيعة وجدد عليهم عهدي وميثاقي الذي واثقتهم عليه فإني قابضك إلي ومستقدمك علي.

فخشي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عدواتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من البغضة (65) وسأل جبرئيل (عليه السلام) أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف (66) فأتاه جبرئيل في مسجد الخيف فأمره أن يعهد عهده ويقيم عليا صلوات الله عليه علما للناس ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله الذي أراد حتى أتى كراع الغميم بين مكة والمدينة فأتاه جبرئيل (عليه السلام) وأمره بالذي أتاه به من قبل الله ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله الذي أراد فقال يا جبرئيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي (عليه السلام) فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار (67) والعصمة من الناس فقال يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ويقول لك " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي صلوات الله وسلامه عليه وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس وكان أوايلهم قربت من الجحفة (68) فأمره بأن يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليا (عليه السلام) للناس ويبلغهم ما أنزل الله تعالى في علي (عليه السلام) وأخبره بأن الله عز وجل قد عصمه من الناس.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما جاءته العصمة مناديا ينادي في الناس بالصلاة جامعة ويرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر فتنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير وأمره بذلك جبرئيل عن الله عز وجل وفي الموضع سلمات (69) فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقم (70) ما تحتهن وينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المقام كان لا يزالون فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوق تلك الأحجار ثم حمد الله تعالى وأثنى عليه فقال (صلى الله عليه وآله وسلم).

الحمد لله الذي علا في توحده ودنا في تفرده وجل في سلطانته وعظم في أركانه وأحاط بكل شئ علما وهو في مكانه وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه مجيدا لم يزل محمودا لا يزال بارئ المسموكات وداحي المدحوات وجبار الأرضين والسماوات سبوح قدوس رب الملائكة والروح متفضل على جميع من براه متطول على جميع من أنشأه يلحظ كل عين والعيون لا تراه كريم حليم ذو أناة قد وسع كل شئ برحمته ومن عليهم بنعمته لا يعجل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما استحقوا من عذابه قد فهم السرائر وعلم الضمائر ولم تخفى عليه المكنونات ولا اشتبهت عليه الخفيات له الإحاطة بكل شئ والغلبة على كل شئ والقوة في كل شئ والقدرة على كل شئ ليس مثله شئ وهو منشئ الشئ حين لا شئ دائم قائم بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم جل عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير لا يلحق أحد وصفه من معاينة ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية إلا بما دل عز وجل على نفسه وأشهد بأنه الله الذي ملا الدهر قدسه والذي يغشى الأبد نوره والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك في تقدير ولا تفاوت في تدبير صور ما أبدع على غير مثال وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال أنشأها فكانت وبرأها فبانت فهو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الصنعة الحسن الصنيعة العدل الذي لا يجور والأكرم الذي ترجع إليه الأمور وأشهد أنه الذي تواضع كل شئ لقدرته وخضع كل شئ لهيبته مالك الأملاك ومفلك الأفلاك ومسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا قاصم كل جبار عنيد ومهلك كل شيطان مريد لم يكن معه ضد ولا ند أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد إله واحد ورب ماجد يشاء فيمضي ويريد فيقضي ويعلم ويحصي ويميت ويحيي ويفقر ويغني ويضحك ويبكي ويدني ويقصي ويمنع ويعطي له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل لا إله إلا هو العزيز الغفار مستجيب الدعاء ومجزل العطاء محصي الأنفاس ورب الجنة والناس لا يشكل عليه شئ ولا يضجره صراخ المستصرخين ولا يبرمه إلحاح الملحين العاصم للصالحين والموفق للمفلحين ومولى العالمين الذي استحق من كل من خلق أن يشكره ويحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء وأومن به وبملائكته وكتبه ورسله أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه واستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته لأنه الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره أقر على نفسي بالعبودية وأشهد له بالربوبية وأؤدي ما أوحى إلي حذرا من أن لا أفعل فيحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته لا إله إلا هو لأنه قد أعلمني أني إن لم أبلغ ما أنزل إلى فما بلغت رسالته فقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة وهو الله الكافي الكريم فأوحى الله إلي بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي صلوات الله وسلامه عليه وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس معاشر الناس ما قصرت في تبليغ ما أنزله إلى وأنا مبين لكم سبب هذه الآية إن جبرئيل هبط إلي مرارا يأمرني عن السلام ربي وهو السلام أن أقوم في هذا المشهد فاعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وهو وليكم بعد الله ورسوله وقد أنزل الله تبارك وتعالى علي بذلك آية من كتابه إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله عز وجل في كل حال وسألت جبرئيل (عليه السلام) أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال (71) الآثمين وختل (72) المستهزئين بالاسلام الذين وصفهم الله تعالى في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم وكثرة إذا هم لي غير مرة حتى سموني اذنا وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياه وإقبالي عليه حتى أنزل الله عز وجل في ذلك ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن على الذين يزعمون أنه اذن خير لكم الآية ولو شئت أن أسمي بأسمائهم لسميت وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت وأن أدل عليهم لدللت ولكني والله في أمورهم قد تكرمت وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل إلي ثم تلا يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس علموا معاشر الناس أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما مفترضا طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم بإحسان وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي والحر والمملوك والصغير والكبير وعلى الأبيض والأسود وعلى كل موحد ماض حكمه جايز قوله نافذ أمره ملعون من خالفه مرحوم من تبعه ومن صدقه فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له معاشر الناس إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لامر ربكم فإن الله عز وجل هو ربكم ووليكم وإلهكم ثم من بعدي علي صلوات الله وسلامه عليه وليكم وإمامكم بأمر الله ربكم ثم الإمامة في ذريتي من ولده إلى يوم القيامة يوم يلقون الله ورسوله لا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله عرفني الحلال والحرام وأنا أفضيت (73) بما علمني ربي من كتابه حلاله وحرامه إليه معاشر الناس ما من علم إلا وقد أحصاه الله في وكل علم علمته فقد أحصيته في علي إمام المتقين وما من علم إلا وقد علمته عليا وهو الإمام المبين معاشر الناس لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه ولا تستنكفوا من ولايته فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ولا تأخذه في الله لومة لائم ثم إنه أول من آمن بالله ورسوله والذي فدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه والذي كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره معاشر الناس فضلوه فقد فضله الله واقبلوه فقد نصبه الله معاشر الناس إنه إمام من الله ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر الله له حتما على الله أن يفعل ذلك ممن خالف أمره فيه وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الآباد ودهر الدهور فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا نارا وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين أيها الناس بي والله بشر الأولون من النبيين والمرسلين وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين فمن شك في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الأولى ومن شك في شئ من قولي هذا فقد شك في الكل منه والشاك في الكل فله النار معاشر الناس حباني (74) الله بهذه الفضيلة منا منه علي وإحسانا منه إلى ولا إله إلا هو له الحمد مني أبد الآبدين ودهر الداهرين على كل حال، معاشر الناس فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى بنا أنزل الله الرزق وبقى الخلق ملعون ملعون مغضوب مغضوب من رد قولي هذا وإن لم يوافقه ألا إن جبرئيل خبرني عن الله تعالى بذلك ويقول من عادى عليا ولم يتوله فعليه لعنتي وغضبي فلتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله أن تخالفوه فتزل قدم بعد ثبوتها إن الله خبير بما تعملون معاشر الناس إنه جنب الله نزل في كتابه يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله معاشر الناس تدبروا القرآن وافهموا آياته وانظروا إلى محكماته ولا تتبعوا متشابهاته فوالله لن يبين لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إلي وشائل (75) بعضده ومعلمكم أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخي ووصيي وموالاته من الله عز وجل أنزلها على معاشر الناس إن عليا والطيبين من ولدي صلوات الله عليهم أجمعين هم الثقل الأصغر والقرآن هو الثقل الأكبر فكل واحد منبئ عن صاحبه وموافق له لن يفترقا حتى يردا علي الحوض أمناء الله في خلقه وحكامه في أرضه ألا وقد بلغت ألا وقد أسمعت ألا وقد أوضحت ألا وإن الله عز وجل قال وأنا قلت عن الله عز وجل ألا إنه ليس أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه غير أخي هذا ولا تحل إمرة المؤمنين لاحد غيره ثم ضرب بيده إلى عضده فرفعه وكان منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) شال عليا حتى صارت رجليه مع ركبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال معاشر الناس هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على أمتي وعلى تفسير كتاب الله والداعي إليه والعامل بما يريضاه والمحارب لأعدائه والموالي على طاعته والناهي عن معصيته خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين والإمام الهادي وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله أقول ما يبدل القول لدي بأمر الله ربي أقول اللهم وال من والاه وعاد من عاداه والعن من أنكره واغضب على من جحد حقه اللهم إنك أنزلت علي أن الإمامة لعلي وليك عند تبياني ذلك ونصبي إياه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام دينا فقلت ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين اللهم إني أشهدك أني قد بلغت معاشر الناس إنما الله عز وجل أكمل دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله عز وجل فأولئك الذين حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون لا يخفف الله عنهم العذاب ولا هم ينظرون.

معاشر الناس هذا علي أنصركم لي وأحقكم بي وأقربكم إلي وأعزكم علي والله عز وجل وأنا عنه راضيان وما نزلت آية رضى إلا فيه وما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به ولا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه ولا شهد الله بالجنة في هل أتى على الإنسان إلا له ولا أنزلها في سواه ولا مدح بها غيره.

معاشر الناس هو ناصر دين الله والمجادل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو التقي النقي الهادي المهدي نبيكم خير نبي ووصيكم خير وصي وبنوه خير الأوصياء.

معاشر الناس ذرية كل نبي من صلبه وذريتي من صلب علي صلوات الله عليهم أجمعين معاشر الناس إن إبليس أخرج آدم (عليه السلام) من الجنة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم فإن آدم أهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة وهو صفوة الله عز وجل فكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله ألا إنه لا يبغض عليا إلا شقي ولا يتولى عليا إلا تقي ولا يؤمن به إلا مؤمن مخلص وفي علي والله أنزل سورة العصر بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إلى آخره.

معاشر الناس قد استشهدت الله وبلغتكم رسالتي وما على الرسول إلا البلاغ المبين معاشر الناس اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون معاشر الناس آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنرد على أدبارها معاشر الناس النور من الله عز وجل في ثم مسلوك في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي صلوات الله وسلامه عليه الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا لان الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين.

معاشر الناس إني أنذركم أني رسول الله إليكم قد خلت من قبلي الرسل أفإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ألا وإن عليا (عليه السلام) الموصوف بالصبر والشكر ثم من بعده ولدي من صلبه معاشر الناس لا تمنوا على الله تعالى إسلامكم فيسخط عليكم ويصيبكم بعذاب من عنده إنه لبالمرصاد معاشر الناس سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون معاشر الناس إن الله وأنا بريئان منهم.

معاشر الناس إنهم وأشياعهم وأتباعهم وأنصارهم في الدرك الأسفل من النار لبس مثوى المتكبرين ألا إنهم (76) أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم في صحيفته قال فذهب على الناس إلا شرذمة منهم أمر الصحيفة معاشر الناس إني أدعها أمانة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة وقد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب وعلى كل أحد ممن شهد أو لم يشهد ولد أو لم يولد فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة وسيجعلونها ملكا اغتصابا ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين وعندها سنفرغ لكم أيها الثقلان ويرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران معاشر الناس إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب معاشر الناس إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى وهو إمامكم ووليكم وهو مواعيد الله والله يصدق ما وعده معاشر الناس قد ضل قبلكم أكثر الأولين والله لقد أهلك الأولين وهو مهلك الآخرين.

معاشر الناس إن الله قد أمرني ونهاني وقد أمرت عليا ونهيته فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل فاسمعوا لامره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا لنهيه ترشدوا وصيروا إلى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه ثم علي من بعدي ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون ثم قرأ الحمد لله رب العالمين إلى آخرها وقال في نزلت وفيهم نزلت ولهم عمت وإياهم خصت أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ألا إن حزب الله هم الغالبون ألا إن أعداء علي هم أهل الشقاق وهم العادون واخوان الشياطين الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ألا إن أوليائهم المؤمنون حقا الذين ذكرهم الله في كتابه فقال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله إلى آخر الآية ألا إن أولياءهم الذين وصفهم الله عز وجل فقال الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ألا إن أولياءهم الذين يدخلون الجنة آمنين وتتلقاهم؟الملائكة بالتسليم إن طبتم فادخلوها خالدين ألا إن أولياءهم الذين قال الله عز وجل يدخلون الجنة بغير حساب ألا إن أعدائهم الذين يصلون سعيرا ألا إن أعدائهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور ولها زفير كلما دخلت أمة لعنت أختها الآية ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز وجل كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير الآية ألا إن أولياءهم الذين يدخلون الجنة آمنين وتتلقاهم الملائكة بالتسليم ان طبتم فادخلوها خالدين ألا إن أولياء هم الذين قال الله عز وجل يدخلون الجنة بغير حساب ألا إن أعدائهم الذين يصلون سعيرا ألا إن أعدائهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور ولها زفير كلما دخلت أمة لعنت أختها الآية ألا إن أعدائهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور ولها زفير كلما دخلت أمة لعنت أختها الآية ألا إن أولياءهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير معاشر الناس شتان ما بين السعير والجنة عدونا من ذمه الله ولعنه وولينا من أحبه الله ومدحه معاشر الناس ألا وإني منذر علي هاد معاشر الناس إني نبي وعلي وصيي ألا وإن خاتم الأئمة منا القائم المهدي صلوات الله وسلامه عليه ألا إنه الظاهر على الدين ألا إنه المنتقم من الظالمين ألا إنه فاتح الحصون وهادمها ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك ألا إنه مدرك كل ثار لأولياء الله عز وجل ألا إنه ناصر دين الله عز وجل ألا إنه الغراف (77) من بحر عميق ألا إنه يسم (78) كل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله ألا إنه خيرة الله ومختاره ألا إنه وارث كل علم والمحيط به ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل المنبه بأمر إيمانه ألا إنه الرشيد السديد ألا إنه المفوض إليه ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه ألا إنه الباقي حجة ولا حجة بعده ولا حق إلا معه ولا نور إلا عنده ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه ألا إنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سره وعلانيته معاشر الناس قد بينت لكم وأفهمتكم وهذا علي يفهمكم؟بعدي ألا وإن عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به ثم مصافقته من بعدي ألا وإني قد بايعت الله وعلي قد بايعني وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل ومن نكث فإنما ينكث على نفسه الآية معاشر الناس إن الحج والصفا والمروة والعمرة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر الآية.

معاشر الناس حجوا البيت فما ورده أهل بيت إلا استغنوا ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا معاشر الناس ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك فإذا انقضت حجته استأنف عمله معاشر الناس الحجاج معانون ونفقاتهم مخلفة والله لا يضيع أجر المحسنين.

معاشر الناس حجوا البيت بكمال الدين والتفقه ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة واقلاع معاشر الناس أقيموا الصولة وآتوا الزكاة كما أمركم الله تعالى لئن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم ومبين لكم الذي نصبه الله عز وجل بعدي ومن خلقه الله مني وأنا منه يخبركم بما تسألون عنه ويبين لكم ما لا تعلمون ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما وأعرفهما فأمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام (79) واحد فأمرت أن آخذ البيعة عليكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله تعالى في علي أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين الذين هم مني ومنه أمة قائمة منهم المهدي صلوات الله عليه إلى يوم القيامة الذي يقضي بالحق معاشر الناس وكل حلال دللتكم عليه وكل حرام نهيتكم عنه فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل ألا فاذكروا ذلك (80) واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه ولا تغيروه ألا وإني أجدد القول ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ألا وإن رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي وتبلغوه من لم يحضره وتأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته فإنه أمر من الله عز وجل ومني ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا مع إمام معصوم معاشر الناس القرآن يعرفكم أن الأئمة (عليهم السلام) من بعده من ولده وعرفتكم أنهم مني ومنه حيث يقول الله وجعلها كلمة باقية في عقبه وقلت لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما معاشر الناس التقوى التقوى احذروا الساعة كما قال الله تعالى إن زلزلة الساعة شئ عظيم أذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي رب العالمين والثواب والعقاب فمن جاء بالحسنة أثيب ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب.

معاشر الناس إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة وأمرني الله أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي (عليه السلام) من إمرة المؤمنين ومن جاء بعده من الأئمة مني ومنه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه فقولوا بأجمعكم إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي وأمر ولده من صلبه من الأئمة نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا على ذلك نحيى ونموت ونبعث ولا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب ولا نرجع عن عهد ولا ننقض الميثاق ونطيع الله ونطيعك وعليا أمير المؤمنين وولده الأئمة (عليهم السلام) الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد الحسن والحسين (عليهما السلام) الذين قد عرفتكم مكانهما مني ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربي فقد أديت ذلك إليكم وإنهما سيدا شباب أهل الجنة وإنهما سيدا شباب أهل الجنة وأنهما الإمامان بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله وقولوا أطعنا الله بذلك وإياك وعليا والحسن والحسين والأئمة صلوات الله عليهم الذين ذكرت عهدا وميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين (عليه السلام) من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا من أدركهما بيده وأقر بيده وأقربهما بلسانه لا نبتغي بذلك بدلا ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبدا أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا وأنت به علينا شهيد وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكة الله وجنوده وعبيده والله أكبر من كل شهيد.

معاشر الناس ما تقولون فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ومن بايع فإنما يبايع الله يد الله فوق أيديهم معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا عليا صلوات الله عليه أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام) كلمة باقية يهلك الله من غدر ويرحم الله من وفى ومن نكث فإنما ينكث على نفسه الآية.

معاشر الناس قولوا الذي قلت لكم وسلموا على علي عليه الصلاة والسلام بأمرة المؤمنين وقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير وقولوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله معاشر الناس إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز وجل وقد أنزلها على في القرآن أكثر من أن أحصيها في مكان واحد فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه معاشر الناس من يطع الله ورسوله وعليا والأئمة الذين ذكرتم فقد فاز فوزا عظيما معاشر الناس السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة أمير المؤمنين أولئك هم الفائزون في جنت النعيم معاشر الناس قولوا ما يرضى الله به عنكم من القول فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فلن يضر الله شيئا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات واغضب على الكافرين والحمد لله رب العالمين.

فناداه القوم نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا، وتداكوا (81) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى علي وصافقوا (82) بأيديهم فكان أول من صافق رسول الله الأول والثاني والثالث والرابع والخامس وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس عن آخرهم على طبقاتهم وقدر منازلهم إلى أن صليت العشاء والعتمة في وقت واحد وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول كلما بايع قوم الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين وصارت المصافقة سنة ورسما يستعملها من ليس له حق فيها.

والقمي قال: نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله من حجة الوداع وحج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة وكان من قوله في خطبته بمنى أن أحمد لله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ثم قال هل تعلمون أي يوم أعظم حرمة.

قال الناس هذا اليوم.

قال فأي شهر.

قال الناس هذا الشهر.

قال: وأي بلد أعظم حرمة؟قالوا بلدنا هذا.

قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا هل بلغت أيها الناس قالوا نعم.

قال اللهم اشهد ثم قال ألا كل مأثرة (83) أو بدع كانت في الجاهلية أو دم أو مال فهو تحت (84) قدمي هاتين ليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوى ألا هل بلغت؟قالوا: نعم.

قال: اللهم اشهد ثم قال: ألا وكل ربا (85) كان في الجاهلية فهو موضوع وأول موضوع منه رباء العباس بن عبد المطلب ألا وكل دم كان في الجاهلية فهو موضوع وأول موضوع منه دم ربيعة الأهل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال ألا وإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ألا وإنه إذا أطيع فقد عبد ألا أيها الناس إن المسلم أخ المسلم حقا ولا يحل لامرئ مسلم دم امرء مسلم وماله إلا ما أعطاه بطيبة نفس منه وإني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ألا فهل بلغت أيها الناس قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال أيها الناس احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي وافقهوه تنتعشوا (86) ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا فإن أنتم فعلتم ذلك ولتفعلن لتجدوني في كتيبة (87) بين جبرئيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف.

ثم التفت عن يمينه وسكت ساعة ثم قال إن شاء الله أو علي بن أبي طالب ثم قال ألا وإني قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي صلوات الله عليهم فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال ألا وإنه سيرد علي الحوض منكم رجال يعرفون فيدفعون عني فأقول رب أصحابي فيقال يا محمد إنهم قد أحدثوا بعدك وغيروا سنتك فأقول سحقا (88) سحقا فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) نعيت (89) إلى نفسي ثم نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال نضر الله (90) امرء سمع مقالتي فوعاها وبلغها لمن لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم اخلاص العمل لله والنصيحة (91) لائمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعوته (92) محيطة من ورائهم المؤمنون إخوة تكافي دماءهم يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين.

قالوا: يا رسول الله وما الثقلان؟فقال كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كإصبعي هاتين وجمع بين سبابتيه ولا أقول كهاتين وجمع بين سبابتيه والوسطى فتفضل هذه على هذه فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا يريد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجعل الإمامة في أهل بيته فخرج منهم أربعة نفر إلى مكة ودخلوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتابا إن أمات الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) أو قتله أن لا يرد هذا الأمر في أهل بيته أبدا فأنزل الله على نبيه في ذلك أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجويهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة يريد المدينة حتى نزل منزلا يقال له غدير خم وقد علم الناس مناسكهم وأوعز (93) إليهم وصيته إذ أنزل الله عليه هذه الآية يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك الآية فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال تهديد ووعيد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس هل تعلمون من وليكم؟قالوا: نعم الله ورسوله.

قال ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم؟قالوا: بلى قال: اللهم اشهد فأعاد ذلك عليهم ثلاثا كل ذلك يقول مثل قوله الأول ويقول الناس كذلك ويقول اللهم اشهد ثم أخذ بيد أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فرفعه حتى بدا للناس بياض إبطيه ثم قال ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأحب من أحبه ثم قال: اللهم اشهد عليهم وأنا من الشاهدين فاستفهمه عمر من بين أصحابه فقال: يا رسول الله هذا من الله أو من رسوله؟فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نعم هذا من الله ومن رسوله إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده قال محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجد الخيف ما قال وقال هيهنا ما قال وإن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له فاجتمع أربعة عشر نفرا وتوامروا على قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقعدوا له في العقبة وهي عقبة هرشي (94) بين جحفة والإيواء فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما جن عليه الليل تقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الليلة العسكر فأقبل ينعس على ناقته فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل يا محمد إن فلانا وفلانا قد قعدوا لك فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال من هذا خلفي فقال حذيفة بن اليمان أنا حذيفة بن اليمان يا رسول الله قال قد سمعت ما سمعت قال بلى قال فاكتم ثم دنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم فناداهم بأسمائهم فلما سمعوا نداء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مروا ودخلوا في غمار الناس وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها ولحق الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وطلبوهم وانتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى رواحلهم فعرفها فلما نزل قال ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات الله محمدا أو قتله أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا فجاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحلفوا أنهم لم يقولوا من ذلك شيئا ولم يريدوه ولم يهموا بشئ في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا من قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما نقموا إلا أن أغنهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا نعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولى ولا نصير فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة وبقى بها المحرم والنصف من صفر لا يشتكي شيئا ثم ابتدأ به الوجع الذي توفى فيه.

وفي المجمع روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نزلت هذه الآية قال لحراس من أصحابه يحرسونه الحقوا بملاحقكم فإن الله عصمني من الناس.

(68) قل يا أهل الكتاب لستم على شئ على دين يعتد به حتى يسمى شيئا لفساده وبطلانه حتى تقيموا التوراة والإنجيل بالتصديق بما فيها من البشارة بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والإذعان بحكمه وما أنزل إليكم من ربكم.

العياشي عن الباقر (عليه السلام) هو ولاية أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين فلا تتأسف عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم فإن ضرر ذلك يرجع إليهم لا يتخطاهم وفي المؤمنين مندوحة لك عنهم.

(69) إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن يعني منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قد سبق تفسيرها في سورة البقرة.

(70) لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل بالتوحيد والنبوة والولاية وأرسلنا إليهم رسلا ليذكروهم وليبينوا لهم أمر دينهم ويقفوهم على الأوامر والنواهي كلما جائهم رسول بما لا تهوى أنفسهم من التكاليف فريقا كذبوا وفريقا يقتلون قيل حكى الحال الماضية استحضارا لها واستفظاعا لها واستفظاعا (95) للقتل وتنبيها على أن ذلك ديدنهم ماضيا ومستقبلا ومحافظة على رؤس الآي.

(71) وحسبوا ألا تكون فتنة أن لا يصيبهم من الله بلاء وعذاب بقتل الأنبياء وتكذيبهم وقرء لا تكون بالرفع أي أنه لا يكون فعموا عن الدين وصموا عن استماع الحق ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كرة أخرى كثير منهم بدل من الضمير والله بصير بما يعملون في الكافي عن الصادق (عليه السلام) وحسبوا أن لا تكون فتنة قال حيث كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أظهرهم فعموا وصموا حيث قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تاب الله عليهم حيث قام أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم عموا وصموا إلى الساعة (96).

(72) لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم أي إني عبد مربوب لا فرق بيني وبينكم احتج الله تعالى عليهم بقوله إنه من يشرك بالله في عبادته أو فيما يختص به من صفاته وأفعاله فقد حرم الله عليه الجنة لأنها دار الموحدين ومأواه النار لأنها معدة للمشركين وما للظالمين من أنصار وضع الظاهر موضع المضمر تسجيلا على أن الشرك ظلم وهو إما من كلام عيسى على نبينا و (عليه السلام) أو من كلام الله عز وجل.

(73) لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة أي أحد ثلاثة قيل القائلون بذلك جمهور النصارى يقولون ثلاثة أقانيم (97) جوهر واحداب وابن وروح القدس إله واحد ولا يقولون ثلاثة آلهة ويمنعون من هذه العبارة وإن كان يلزمهم ذلك لأنهم يقولون الابن إله والأب إله وروح القدس إله والابن ليس هو الأب.

القمي عن الباقر (عليه السلام) في حديث أما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا أنه إله وأنه ابن الله وطائفة منهم قالوا ثالث ثلاثة وطائفة منهم قالوا هو الله وما من إله إلا إله واحد وهو الله وحده لا شريك له ومن مزيدة لتأكيد النفي وإن لم ينتهوا عما يقولون اقسم ليمسن الذين كفروا منهم من دام على كفره ولم ينقلع عنه عذاب أليم.

(74) أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه فيه تعجيب من إصرارهم والله غفور رحيم يستر الذنوب على العباد ويرحمهم إذا تابوا.

(75) ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ما هو إلا رسول من جنس الرسل الذين خلوا قبله أتى بمعجزات باهرة من قبل الله تعالى كما أتوا فإن أحيى الموتى على يده فقد أحيى العصا على يد موسى وجعلها حية تسعى وهو عجب وإن خلقه من غير أب فقد خلق آدم من غير أب وأم وهو أغرب وأمه صديقة صدقت بكلمات ربها وكتبه كسائر النساء اللاتي تلازمن الصدق كانا يأكلان الطعام في العيون عن الرضا (عليه السلام) معناه أنهما كانا يتغوطان والقمي قال كانا يحدثان فكنى عن الحدث وكل من أكل الطعام يحدث.

وفي الإحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في جواب الزنديق قال له لولا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلت في دينكم ثم ذكر من ذلك إن الله شهر هفوات أنبيائه وكنى عن أسماء أعدائه قال (عليه السلام) وأما هفوات الأنبياء وما بين الله في كتابه فإن ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة لأنه علم أن براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم وان منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكر دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي كان انفرد به عز وجل ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى على نبينا و (عليه السلام) حيث قال فيه وفي أمه كانا يأكلان الطعام يعني أن من أكل الطعام كان له ثفل ومن كان له ثفل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون كيف يصرفون عن استماع الحق وتأمله وثم لتفاوت ما بين العجبين يعني أن بياننا للآيات عجيب وإعراضهم عنها أعجب.

(76) قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا يعني عيسى (عليه السلام) فإنه كان لا يملك شيئا من ذلك من ذاته وان ملك شيئا منه فإنما هو بإذن الله وتمليكه إياه والله هو السميع لما يقولون العليم بما يعتقدون.

(77) قل يا أهل الكتب لا تغلوا في دينكم غير الحق غلوا باطلا يعني لا تتجاوزوا الحد الذي حده الله لكم ولا ترفعوا عيسى (عليه السلام) من حد النبوة إلى حد الألوهية ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل هم أئمتهم في النصرانية الذين كانوا في الضلال قبل مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأضلوا كثيرا ممن بايعهم على التثليث وضلوا لما بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن سواء السبيل حين كذبوه وبغوا عليه.

(78) لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم في الكافي والقمي عن الصادق عليه الصلاة والسلام الخنازير على لسان داود (عليه السلام) والقردة على لسان عيسى بن مريم (عليهما السلام).

وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) أما داود فإنه لعن أهل إيلة (98) لما اعتدوا في سبتهم وكان اعتداؤهم في زمانه فقال اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة على الحقوين فمسخهم الله قردة وأما عيسى (عليه السلام) فإنه لعن الذين أنزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك ورواه في الجوامع مقطوعا وزاد فقال عيسى (عليه السلام) اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين والعنهم كما لعنت أصحاب السبت فصاروا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون.

(79) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه هذا بيان عصيانهم واعتدائهم يعني لا ينتهون أو لا ينهى بعضهم بعضا عن المنكر.

القمي قال كانوا يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمور ويأتون النساء أيام حيضهن.

وفي ثواب الأعمال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما وقع التقصير في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه في الذنب فينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك من أن يكون أكيله وجليسه وشريبه حتى ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ونزل فيهم القرآن حيث يقول جل وعزل عن الذين كفروا الآية.

والعياشي عن الصادق (عليه السلام) أما أنهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم ولا يجلسون مجالسهم ولكنهم كانوا إذا لقوهم أنسوا بهم لبئس ما كانوا يفعلون تعجيب من سوء فعلهم مؤكدا بالقسم.

القمي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان ويعملون لهم ويجبون لهم ويوالونهم قال ليس هم من الشيعة ولكنهم من أولئك ثم قرء لعن الذين كفروا الآية.

(80) ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا يوالوهم ويصادقونهم لبئس ما قدمت لهم أنفسهم لبئس زادهم إلى الآخرة أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون في المجمع عن الباقر (عليه السلام) يتولون الملوك الجبارين ويزينون لهم أهوائهم ليصيبوا من دنياهم.

(81) ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء فإن الأيمان يمنع من ذلك ولكن كثيرا منهم فاسقون خارجون عن دينهم.

(82) لتجدن أشد الناس عدوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا لشدة شكيمتهم (99) وتضاعف كفرهم وانهماكهم (100) في اتباع الهوى وركونهم إلى التقليد وبعدهم عن التحقيق وتمرنهم على تكذيب الأنبياء ومعاداتهم إياهم ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى للين جانبهم ورقة قلوبهم وقلة حرصهم على الدنيا وكثرة اهتمامهم بالعلم والعمل ذلك بأن منهم قسيسين رؤساء في الدين والعلم ورهبانا عبادا وأنهم لا يستكبرون عن قبول الحق إذا فهموه ويتواضعون.

(83) وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين من الذين شهدوا بأنه حق.

(84) وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين استفهام إنكار واستبعاد لانتفاء الايمان مع قيام الداعي وهو الطمع في الانخراط (101) مع الصالحين والدخول مداخلهم.

(85) فأثابهم الله بما قالوا عن اعتقاد واخلاص كما دل عليه قوله مما عرفوا من الحق والقول إذا اقترن بالمعرفة كمل الايمان جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وذلك جزاء المحسنين.

العياشي عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا قال أولئك كانوا بين عيسى ومحمد (عليهما السلام) ينتظرون مجئ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) القمي كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في أذى رسول الله (صلى الله (عليه وآله وسلم) وأصحابه الذين آمنوا بمكة قبل الهجرة أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخرجوا إلى الحبشة وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردهم إليهم وكان عمرو وعمارة متعاديين فقالت قريش كيف نبعث رجلين متعاديين فبرأت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرأت بنو سهم عن جناية عمرو بن العاص فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابا مترفا فأخرج عمرو بن العاص أهله معه فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر فقال عمارة لعمرو بن العاص قل لأهلك تقبلني فقال عمرو أيجوز هذا سبحان الله فسكت عمارة فلما انتشى (102) عمرو وكان على صدر السفينة فدفعه عمارة وألقاه في البحر فتشبث عمرو بصدر السفينة وأدركوه وأخرجوه فوردوا على النجاشي وقد كانوا حملوا إليه هدايا فقبلها منهم فقال عمرو بن العاص أيها الملك إن قوما خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وصاروا إليك فردهم إلينا فبعث النجاشي إلى جعفر فجاءه فقال يا جعفر ما يقول هؤلاء فقال جعفر أيها الملك وما يقولون قال يسألون أن أردكم إليهم.

قال أيها الملك سلهم أعبيد نحن لهم؟فقال عمرو لا بل أحرار كرام.

قال فسلهم ألهم علينا ديون يطالبونها بها؟فقال لا ما لنا عليكم ديون.

قال فلكم في أعناقنا دماء تطالبونها؟فقال عمرو: لا قال: فما تريدون منا؟آذيتمونا فخرجنا من بلادكم؟فقال عمرو بن العاص: أيها الملك خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وأفسدوا شباننا وفرقوا جماعتنا فردهم إلينا لنجمع أمرنا فقال جعفر نعم أيها الملك خالفناهم بعث الله فينا نبيا أمر بخلع الأنداد وترك الاستقسام بالأزلام وأمرنا بالصلاة والزكاة وحرم الظلم والجور وسفك الدماء بغير حقها والزناء والرباء والميتة والدم ولحم الخنزير وأمرنا بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي فقال النجاشي بهذا بعث الله عيسى بن مريم (عليه السلام) ثم قال النجاشي يا جعفر هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا قال نعم فقرء عليه سورة مريم (عليه السلام) فلما بلغ قوله وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقرى عينا.

فلما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا وقال: هذا والله هو الحق فقال عمرو بن العاص أيها الملك إن هذا مخالف لنا فرده إلينا فرفع النجاشي يده فضرب بها وجه عمرو ثم قال اسكت والله لان ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك فقام عمرو بن العاص من عنده والدماء تسيل على وجهه وهو يقول إن كان هذا كما تقول أيها الملك فانا لا نتعرض له وكانت على رأس النجاشي وصيفة (103) له تذب (104) عنه فنظرت إلى عمارة بن الوليد وكان فتى جميلا فأحبته فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة لو راسلت جارية الملك فراسلها فأجابته فقال عمرو قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا فقال لها فبعثت إليه فأخذ عمرو من ذلك الطيب وكان الذي فعل به عمارة في قبله حين ألقاه في البحر فأدخل الطيب على النجاشي فقال: أيها الملك إن حرمة الملك عندنا وطاعته علينا وما يلزمنا إذا دخلنا بلاده ونأمن فيه أن لا نغشه ولا نريبه وإن صاحبي هذا الذي معي قد راسل حرمتك وخدعها وبعثت إليه من طيبك ثم وضع الطيب بين يديه فغضب النجاشي وهم بقتل عمارة ثم قال لا يجوز قتله فإنهم دخلوا بلادي بأمان فدعا النجاشي السحرة فقال لهم اعملوا به شيئا أشد عليه من القتل فأخذوه ونفخوا في أحليله الزيبق فصار مع الوحش يغدو ويروح وكان لا يأنس بالناس.

فبعثت قريش بعد ذلك فكمنوا له في موضع حتى ورد الماء مع الوحش فأخذوه فما زال يضطرب في أيديهم ويصيح حتى مات ورجع عمرو إلى قريش فأخبرهم إن جعفرا في أرض الحبشة في أكرم كرامة ولم يزل بها حتى هادن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قريشا وصالحهم وفتح خيبر فوافى بجميع من معه وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر وولد للنجاشي ابن فسماه النجاشي محمدا وكانت أم حبيب بنت أبي سفيان تحت عبد الله فكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى النجاشي يخطب أم حبيب فبعث إليها النجاشي فخطبها لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأجابته فخطبها فزوجها منه وأصدقها أربعمأة دينار وساقها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعث إليها بثياب وطيب كثير وجهزها وبعثها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم وبعث إليه بثياب وطيب وفرس وبعث ثلاثين رجلا من القسيسين فقال لهم انظروا إلى كلامه وإلى مقعده ومشربه ومصلاه فلما وافوا المدينة دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الإسلام وقرء عليهم القرآن وإذ قال الله يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إلى قوله فقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين فلما سمعوا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي وأخبروه خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقرؤوا عليه ما قرأ عليهم فبكى النجاشي وبكى القسيسون وأسلم النجاشي ولم يظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه وخرج من بلاد الحبشة يريد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما عبر البحر توفى فأنزل الله على رسوله لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود إلى قوله وذلك جزاء المحسنين.

(86) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحب الجحيم

(87) يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا لا تمنعوا أنفسكم طيبات ما أحل الله لكم ما طاب منه ولذ ولا تعتدوا عما حد الله إن الله لا يحب المعتدين في المجمع والقمي عن الصادق (عليه السلام) نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مظعون فأما أمير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل أبدا وأما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا وأما عثمان (105) بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا وزاد القمي فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة فقالت عائشة ما لي أراك متعطلة فقال ولمن أتزين فوالله ما قربني زوجي منذ كذا وكذا فإنه قد ترهب ولبس المسوح (106) وزهد في الدنيا فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرته عائشة بذلك فخرج فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات إني أنام بالليل وأنكح وأفطر بالنهار فمن رغب عن سنتي فليس مني فقام هؤلاء فقالوا يا رسول الله فقد حلفنا على ذلك فأنزل الله لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم الآية.

أقول: ليس في مثل هذا الخطاب والعتاب منقصة على المخاطب والمعاتب إن لم يكن محمدة نظيره قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزوجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله موليكم وهو العليم الحكيم وقد ورد القرآن كله تقريع وباطنه تقريب.

وفي الإحتجاج عن الحسن بن علي صلوات الله وسلامه عليهما في حديث أنه قال لمعوية؟وأصحابه أنشدكم بالله أتعلمون أن عليا (عليه السلام) أول من حرم الشهوات على نفسه من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم.

(88) وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا مباحا لذيذا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون استدعاء إلى التقوى بألطف الوجوه.

(89) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم بما يبدو من غير قصد في الكافي والفقيه والعياشي عن الصادق (عليه السلام) هو قول الرجل لا والله وبلى والله ولا يعقد على شئ.

ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان بما وثقتم الأيمان عليه بالقصد والنية يعني إذا حنثتم فحذف للعلم به وقرء عقدتم بالتخفيف وعاقدتم فكفارته فكفارة نكثه أي الفعلة التي تذهب اثمه وتستره إطعام عشرة مسكين من أوسط ما تطعمون أهليكم.

في المجمع عن الصادق (عليه السلام) أنه قرء أهاليكم أو كسوتهم في الكافي عنه (عليه السلام) الوسط الخل والزيتون وأرفعه الخبز واللحم والصدقة مد من حنطة لكل مسكين والكسوة ثوبان وعنه (عليه السلام) هو كما يكون أنه يكون في البيت من يأكل أكثر من المد ومنهم من يأكل أقل من المد فبين ذلك وإن شئت جعلت له أدما والأدم أدناه ملح وأوسطه الخل والزيت وأرفعه اللحم.

وعن الباقر (عليه السلام) ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك قيل وما أوسط ذلك قال الخل والزيت والتمر والخبز تشبعهم به مرة واحدة قيل كسوتهم قال ثوب واحد وفي رواية ثوب يواري به عورته.

أقول: فيحمل الثوبان في الرواية المتقدمة على ما إذا لم يوارها الواحد أو تحرير رقبة عتق عبد أو أمة ويجوز المولود كما في الكافي عن الصادق (عليه السلام) وعنه (عليه السلام) كل شئ في القرآن أو (أي لفظة أو) فصاحبه بالخيار ويختار ما يشاء.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) مثله فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) أنه سئل عن كفارة اليمين ما حد من لم يجد وأن الرجل يسأل في كفه وهو يجد فقال إذا لم يكن عنده فضل عن قوت عياله فهو ممن لا يجد وعن الصادق (عليه السلام) كل صوم يفرق فيه إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين.

وعنه (عليه السلام) صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعات لا يفصل بينهن ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم أي حلفتم وحنثتم (107) واحفظوا أيمانكم بروا (108) فيها ما استطعتم ولا تحنثوا ولا تبذلوها لكل أمر أو كفروا إذا حنثتم أو الجميع كذلك يبين الله لكم آياته أعلام شرايعه لعلكم تشكرون نعمة التعليم والتبيين.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) الايمان ثلاثة يمين ليس فيها كفارة ويمين (109) فيها كفارة ويمين غموس توجب النار فاليمين التي ليس فيها كفارة على باب برأن لا يفعله وكفارته أن يفعل واليمين التي تجب فيها الكفارة الرجل يحلف على باب معصية أن لا يفعله فيفعله فتجب عليه الكفارة واليمين الغموس التي توجب النار الرجل يحلف على حق امرئ مسلم على حبس ماله وعنه (عليه السلام) من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فأتى ذلك فهو كفارة يمينه.

وعنه (عليه السلام) ما حلفت عليه مما فيه البر فعليك الكفارة إذا لم تف به وما حلفت عليه مما فيه المعصية فليس عليك فيه الكفارة إذا رجعت عنه وما كان سوى ذلك مما ليس فيه بر ولا معصية فليس بشئ وفي الخصال عنه (عليه السلام) لا حنث ولا كفارة على من حلف تقية يدفع بذلك ظلما عن نفسه وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يمين لولد مع والده ولا للمرأة مع زوجها.

(90) يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون في الكافي عن الباقر (عليه السلام) لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله وما الميسر فقال كل ما تقوم عليه حتى الكعاب والجوز قيل فما الأنصاب قال ما ذبحوا لآلهتهم قيل فما الأزلام قال قداحهم التي يستقسمون بها.

أقول: قد مضى في تفسير الأنصاب والأزلام حديث آخر في أول السورة وفي الآية ضروب من التأكيد في تحريم الخمر والميسر وقد مضت أخبار في ذلك عند قوله تعالى ويسألونك عن الخمر والميسر من سورة البقرة.

والقمي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية أما الخمر فكل مسكر من الشراب إذا خمر (110) فهو خمر وما أسكر كثيره فقليله حرام وذلك أن أبا بكر شرب قبل أن يحرم الخمر فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر فسمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال اللهم أمسك على لسانه فامسك فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر فأنزل الله تحريمها بعد ذلك وإنما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر والتمر فلما نزل تحريمها خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقعد بالمسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فكفأها (111) كلها وقال هذه كلها خمر فقد حرمها الله فكان أكثر شئ كفى في ذلك اليوم من الأشربة الفضيخ ولا أعلم كفى يومئذ من خمر العنب شئ إلا اناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعا فأما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شئ حرم الله الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشرائها والانتفاع بها وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه وقال حق على الله أن يسقي من شرب الخمر مما يخرج من فروج المومسات والمومسات الزواني يخرج من فروجهن صديد والصديد قيح ودم غليظ مختلط يؤذي أهل النار حره ونتنه وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من شرب الخمر لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة فإن عاد فأربعين ليلة من يوم شربها فان مات في تلك الأربعين ليلة من غير توبة سقاه الله يوم القيامة من طينة خبال (الخبال الفساد) وسمى المسجد الذي قعد فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أكفيت الأشربة مسجد الفضيخ من يومئذ لأنه كان أكثر شئ اكفأ من الأشربة الفضيخ فأما الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر وأما الأنصاب فالأوثان التي كان يعبدها المشركون وأما الأزلام فالقداح التي كانت يستقيم بها مشركوا العرب في الأمور في الجاهلية كل هذا بيعه وشراؤه والانتفاع بشئ من هذا حرام من الله محرم وهو رجس من عمل الشيطان وقرن الله الخمر والميسر مع الأوثان.

وفي الخصال عن الباقر لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخمر عشرة غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها.

(91) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون قيل إنما خص الخمر والميسر بإعادة الذكر وشرح ما فيهما من الوبال تنبيها على أنهما المقصود من البيان وذكر الأنصاب والأزلام للدلالة على أنهما مثلهما في الحرمة والشرارة كقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شارب الخمر كعابد الوثن وخص الصلاة من الذكر بالافراد للتعظيم والاشعار بأن الصاد عنها كالصاد عن الايمان من حيث أنها عماده والفارق بينه وبين الكفر ثم أعاد الحث على الانتهاء بصيغة الاستفهام مرتبا على ما تقدم من أنواع الصوارف إيذانا بأن الأمر في المنع والتحذير بلغ الغاية وإن الأعذار قد انقطعت.

(92) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا عما نهينا عنه أو عن مخالفتهما فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتى يقوم قائمنا إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا وما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الدنيا حتى ألزم رقاب هذه الأمة حقنا والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

(93) ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا من المستلذأكلا كان أو شربا فان الطعم يعمهما في المجمع في تفسير أهل البيت (عليهم السلام) فيما طعموا من الحلال إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين القمي لما نزل تحريم الخمر والميسر والتشديد في أمرهما قال الناس من المهاجرين والأنصار يا رسول الله قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر وقد سماه الله تعالى رجسا وجعلها من عمل الشيطان وقد قلت ما قلت أفيضر أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا فأنزل الله هذه الآية فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر والجناح هو الاثم وهو على من شربها بعد التحريم وقيل فيما طعموا أي مما لم يحرم عليهم إذا ما اتقوا أي المحرم وآمنوا وعملوا الصالحات أي ثبتوا على الإيمان والأعمال الصالحات ثم اتقوا أي ما حرم عليهم بعد كالخمر وآمنوا بتحريمه ثم اتقوا أي استمروا وثبتوا على اتقاء المعاصي وأحسنوا أي وتحروا الأعمال الجميلة واشتغلوا بها.

أقول: لما كان لكل من الايمان والتقوى درجات ومنازل كما ورد عنهم (عليهم السلام) لم يبعد أن يكون تكريرهما في الآية إشارة إلى تلك الدرجات والمنازل ففي الكافي عن الصادق (عليه السلام) للايمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهي تمامه ومنه الناقص البين نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه.

وعن الباقر (عليه السلام) أن المؤمنين على منازل منهم على واحدة ومنهم على اثنتين ومنهم على ثلاث ومنهم على أربع ومنهم على خمس ومنهم على ست ومنهم على سبع فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو وساق الحديث ثم قال وعلى هذه الدرجات.

وفي مصباح الشريعة عنه (عليه السلام) التقوى على ثلاثة أوجه تقوى في الله وهي ترك الحلال فضلا عن الشبهة وهي تقوى خاص الخاص وتقوى من الله وهي ترك الشبهات فضلا عن الحرام وهي تقوى الخاص وتقوى من خوف النار والعقاب وهي ترك الحرام وهي تقوى العام ومثل التقوى كماء يجري في نهر ومثل هذه الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر من كل لون وجنس وكل شجرة منها يستمص الماء من ذلك النهر على قدر جوهره وطبيعته ولطافته وكثافته ثم منافع الخلق من تلك الأشجار والثمار على قدرها وقيمتها قال الله تعالى صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل فالتقوى للطاعات كالماء للأشجار ومثل طبائع الأشجار في لونها وطعمها مثل مقادير الإيمان فمن كان أعلى درجة في الإيمان وأصفى جوهرا بالروح كان أتقى ومن كان اتقى كانت عبادته أخلص وأطهر ومن كان كذلك كان من الله أقرب وكل عبادة غير مؤسسة على التقوى فهي هباء منثور وقال الله تعالى أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم انتهى كلامه (عليه السلام) فنقول في بيان ذلك: إن أوائل درجات الإيمان تصديقات مشوبة بالشبه والشكوك على اختلاف مراتبها ويمكن معها الشرك كما قال سبحانه وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ويعبر عنها بالإسلام كما قال الله عز وجل قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى العام وأوسطها تصديقات لا يشوبها شك ولا شبهة كما قال عز وجل الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وأكثر إطلاق الإيمان عليها خاصة كما قال إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى الخاص وأواخرها تصديقات كذلك مع شهود وعيان ومحبة كاملة لله عز وجل كما قال يحبهم ويحبونه ويعبر عنها تارة بالاحسان كما ورد في الحديث النبوي (صلى الله عليه وآله وسلم) الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وأخرى بالايقان كما قال وبالآخرة هم يوقنون والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى خاص الخاص وإنما قدمت التقوى على الإيمان لان الإيمان إنما يتحصل ويتقوى بالتقوى لأنها كلما ازدادت ازداد الإيمان بحسب ازديادها وهذا لا ينافي تقدم أصل الإيمان على التقوى بل ازدياده بحسب ازديادها أيضا لان الدرجة المتقدمة لكل منها غير الدرجة المتأخرة ومثل ذلك مثل من يمشي بسراج في ظلمة فكلما أضاء له من الطريق قطعة مشى فيها فيصير ذلك المشي سببا لإضاءة قطعة أخرى منه وهكذا.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال أتي عمر بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر وقامت عليه البينة فسأل أمير المؤمنين (عليه السلام) فأمره أن يجلده ثمانين فقال قدامة يا أمير المؤمنين ليس علي حد أنا من أهل هذه الآية ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا قال قال علي صلوات الله وسلامه عليه لست من أهلها ان طعام أهلها لهم حلال ليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحله الله لهم ثم قال علي (عليه السلام) إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب فاجلدوه ثمانين جلدة.

أقول: في قوله (عليه السلام) إلا ما أحله الله لهم تنبيه على أنهم يحترزون عن الشبهات بل عن كل ما يمنعهم من الشهود مع الله والجناح في الآية نكرة في سياق النفي يعم أدنى مراتبه كاستحقاق العقاب والسر فيه أن شكر نعم الله تعالى أن تصرف في طاعة الله سبحانه على وجهها فليتدبر فيه وعلى ما حققناه أن صح إن سبب نزول هذه الآية ما ذكره القمي موافقا لطائفة من المفسرين فمعنى الآية إن الذين كانوا يشربون الخمر قبل نزول تحريمها إذا كانوا بهذه المثابة من الإيمان والتقوى والعمل الصالح فلا جناح عليهم في شربها.

(94) يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم يعني في حال إحرامكم نبه بقوله بشئ على تحقيره بالإضافة إلى الابتلاء ببذل الأنفس والأموال.

القمي قال: نزلت في عمرة الحديبية جمع الله عليهم الصيد فدخلوا بين رحالهم.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) حشر عليهم الصيد في كل مكان حتى دنا منهم ليبلوهم الله به.

وعنه (عليه السلام) حشر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عمرة الحديبية الوحوش حتى نالتها أيديهم ورماحهم.

وفي رواية ما تناله الأيدي البيض والفراخ وما تناله الرماح فهو ما لا تصل إليه الأيدي، وفي المجمع عنه (عليه السلام) الذي تناله الأيدي فراخ الطير وصغار الوحش والبيض والتي تناله الرماح الكبار من الصيد ليعلم الله من يخافه بالغيب ليتميز من يخاف عقاب الآخرة وهو غائب منتظر فيتقي الصيد ممن لا يخافه فيقدم عليه فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم.

(95) يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم محرمون، في التهذيب عن الصادق (عليه السلام) إذا حرمت فاتق قتل الدواب كلها إلا الأفعى والعقرب والفأرة فإنها (112) توهي السقاء وتضرم على أهل البيت البيت وأما العقرب فإن نبي الله مد يده إلى الحجر فلسعته عقرب فقال لعنك الله لا تدعين برا ولا فاجرا والحية إذا أرادتك فاقتلها وإن لم تردك فلا تردها والكلب العقور والسبع إذا أراداك فاقتلهما فإن لم يريداك فلا تردهما والأسود (113) الغدر فاقتله على كل حال ارم الغراب رميا والحدأة (114) على ظهر بعيرك وفي الكافي ما في معناه.

وعنه (عليه السلام) يقتل المحرم الزنبور والنسر والأسود الغدر والذئب وما خاف أن يعدو عليه وقال الكلب العقور وهو الذئب، وعنه (عليه السلام) كل ما خاف المحرم على نفسه من السباع والحيات فليقتله وإن لم يردك فلا ترده ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم وقرء فجزاء بالإضافة؟في التهذيب عن الصادق (عليه السلام) في تفسيرها في الظبي شاة وفي حمار وحش بقرة وفي النعامة جزور وزاد في رواية أخرى وفي البقرة بقرة والعياشي عن الباقر (عليه السلام) ما يقرب منه يحكم به ذوا عدل منكم في المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) ذو عدل ، ؟وفي الكافي عنهما (عليهما السلام) والعياشي عن الباقر (عليه السلام) العدل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام من بعده ثم قال هذا مما أخطأت به الكتاب وزاد العياشي يعني رجلا واحدا يعني الإمام.

أقول: يعني أن رسم الألف في ذوا عدل من تصرف نساخ القرآن خطأ والصواب عدم نسخها وذلك لأنه يفيد أن الحاكم اثنان والحال أنه واحد وهو الرسول في زمانه ثم كل إمام في زمانه على سبيل البدل.

وفي التهذيب عن الباقر (عليه السلام) العدل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام من بعده يحكم به وهو ذو عدل فإذا علمت ما حكم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام) فحسبك ولا تسأل عنه هديا بالغ الكعبة.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد فإن الله يقول هديا بالغ الكعبة وعنه (عليه السلام) من وجب عليه هدي فداء صيد أصابه وهو محرم فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى وإن كان معتمرا نحر بمكة قبالة الكعبة.

وعن الباقر (عليه السلام) مثله وزاد وإن شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه فإنه يجزي عنه عنه أو كفارة طعام مساكين وقرء كفارة طعام بالإضافة أو عدل ذلك صياما.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش قال عليه بدنة قيل فإن لم يقدر على بدنة قال فليطعم ستين مسكينا قيل فإن لم يقدر على أن يتصدق قال فليصم ثمانية عشر يوما والصدقة مد على كل مسكين وسئل عن محرم أصاب بقرة قال عليه بقرة قيل فإن لم يقدر على بقرة قال فليطعم ثلاثين مسكينا قيل فإن لم يقدر على أن يتصدق قال فليصم (115) تسعة أيام قيل فإن أصاب طيبا قال عليه شاة قيل فإن لم يقدر قال فإطعام عشرة مساكين فإن لم يجد ما يتصدق به فعليه صيام ثلاثة أيام.

وفي الفقيه والقمي عن السجاد (عليه السلام) في حديث الزهري أو تدري كيف يكن عدل ذلك صياما يا زهري قال لا أدري قال يقوم الصيد قيمة ثم تفض (116) تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما ليذوق وبال أمره يعني هذا الجزاء ليذوق ثقل فعله وسوء عاقبة هتكه لحرمة الاحرام عفا الله عما سلف يعني الدفعة الأولى ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في محرم أصاب صيدا قال عليه الكفارة قيل فإن أصاب آخر قال فان أصاب آخر فليس عليه كفارة وهو ممن قال الله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه وفي معناه أخبار أخر وفي التهذيب عنه (عليه السلام) إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه الكفارة فإن أصاب ثانية خطأ فعليه الكفارة أبدا إذا كان خطأ فإن أصابه متعمدا كان عليه الكفارة فإن أصابه ثانية متعمدا فهو ممن ينتقم الله منه ولم يكن عليه الكفارة.

وفي الكافي عنه (عليه السلام) في قوله الله عز وجل ومن عاد فينتقم الله منه قال إن رجلا انطلق وهو محرم فأخذ ثعلبا فجعل يقرب النار إلى وجهه وجعل الثعلب يصيح ويحدث من استه (117) وجعل أصحابه ينهونه عما يصنع ثم أرسله بعد ذلك فبينا الرجل نائم إذ جاءت حية فدخلت في فيه فلم تدعه حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب ثم خلت عنه.

(96) أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ولسيارتكم يتزودونه قديدا (118) وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما في الكافي عن الصادق (عليه السلام) لا بأس أن يصيد المحرم السمك ويأكل مالحه (119) وطريه (120) ويتزود وقال أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة قال مالحه الذي يأكلون وفصل ما بينهما كل طير يكون في الآجام (121) يبيض في البر ويفرخ في البر فهو من صيد البر وما كان من صيد البر يكون في البر ويبيض في البحر فهو من صيد البحر وعنه (عليه السلام) كل شئ يكون أصله في البحر ويكون في البر والبحر فلا ينبغي للمحرم أن يقتله فإن قتله فعليه الجزاء كما قال الله تعالى وعن أحدهما (عليهما السلام) قال لا يأكل المحرم طير الماء واتقوا الله الذي إليه تحشرون.

(97) جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما وقرء قيما بغير ألف للناس لمعايشهم ومكاسبهم يستقيم به أمور دينهم ودنياهم يلوذ به الخائف ويأمن فيه الضعيف ويربح عنده التجار باجتماعهم عنده من سائر الأطراف ويغفر بقصده المذنب ويفوز حاجه بالمثوبات.

في المجمع: عن الصادق (عليه السلام) من أتى هذا البيت يريد شيئا في الدنيا والآخرة أصابه والقمي قال ما دامت الكعبة قائمة ويحج الناس إليها لم يهلكوا فإذا هدمت وتركوا الحج هلكوا والشهر الحرام والهدى والقلائد مضى تفسيرها ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض يعني إذا اطلعتم على الحكمة في جعل الكعبة قياما وما في الحج ومناسكه من الحكم علمتم أن الله يعلم الأشياء جميعا وأن الله بكل شئ عليم تعميم بعد تخصيص ومبالغة بعد إطلاق.

(98) اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم وعيد ووعد لمن هتك محارمه ولمن حافظ عليها؟في التوحيد عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل (عليه السلام) قال قال الله تعالى من أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا وهو يعلم أن لي أن أعذبه وان أعفو عنه عفوت عنه.

(99) ما على الرسول إلا البلاغ تشديد في إيجاب القيام بما أمر به والله يعلم ما تبدون وما تكتمون من تصديق وتكذيب وفعل وعزيمة.

(100) قل لا يستوى الخبيث والطيب إنسانا كان أو عملا أو مالا أو غير ذلك ولو أعجبك كثرة الخبيث فإن العبرة بالجودة والرداءة لا بالكثرة والقلة فاتقوا الله يا أولى الألباب في تحري (122) الخبيث وان كثر واثروا (123) الطيب وإن قل لعلكم تفلحون.

(101) يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم في الكافي عن الباقر (عليه السلام) لا تسألوا عن أشياء لم تبد لكم إن تبد لكم تسؤكم.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال إن الله كتب عليكم الحج فقال عكاشة بن محصن ويروى سراقة بن مالك أفي كل عام يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا فقال رسول الله فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويحك وما يؤمنك أن أقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم كفرتم فاتركوني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه.

والقمي عن الباقر (عليه السلام) أن (124) صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمر غطي قرطك (125) فإن قرابتك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تنفعك شيئا فقالت له هل رأيت لي قرطا يا ابن اللخناء (126) ثم دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته بذلك وبكت فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فقال ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في خارجكم لا يسألني اليوم أحد من أبوه إلا أخبرته.

فقام إليه رجل فقال من أبي يا رسول الله؟فقال أبوك غير الذي تدعى له أبوك فلان بن فلان فقام آخر فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك الذي تدعى له ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما بال الذي يزعم أن قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه فقام إليه عمر فقال له أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله وغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعف عني عفا الله عنك فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا الآية عفا الله عنها قيل استئناف أي عفا الله عما سلف من مسألتكم فلا تعودوا إلى مثلها وقيل بل صفة أخرى أي عن أشياء عفا الله عنها ولم يكلف بها وكف عن ذكرها ويؤيده قول أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها وحد لكم حدودا فلا تعتدوها ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها (127) وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها والله غفور حليم لا يعاجلكم بعقوبة ما يفرط منكم ويعفو عن كثير.

(102) قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين حيث لم يأتمروا وجحدوا.

(103) ما جعل الله ما شرع الله من بحيرة ولا سائبة (128) ولا وصيلة ولا حام في المعاني عن الصادق أن أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين من بطن واحد قالوا وصلت فلا يستحلون ذبحها ولا أكلها وإذا ولدت عشرا جعلوها سائبة ولا يستحلون ظهرها ولا أكلها والحام فحل الإبل لم يكونوا يستحلون فأنزل الله عز وجل إنه لم يحرم شيئا من ذلك قال وقد روي أن البحيرة الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكرا نحروه فأكله الرجال والنساء وإن كان الخامس أنثى بحروا اذنها أي شقوه وكانت حراما على النساء لحمها ولبنها فإذا ماتت حلت للنساء والسائبة البعير يسيب بنذر يكون على الرجل أن سلمه الله من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك والوصيلة من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة سبعة أبطن فإن كان السابع ذكرا ذبح وأكل منه الرجال والنساء وإن كان أنثى تركت في الغنم وإن كان ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلا تذبح وكان لحومهما حراما على النساء إلا أن يموت منها شئ فيحل أكلها للرجال والنساء والحام الفحل إذا ركب ولد ولده قالوا قد حمى ظهره.

وقد يروى أن الحام هو من الإبل إذا أنتج عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يمنع من كلأ ولا ماء ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب بتحريم ذلك ونسبته إليه وأكثرهم لا يعقلون إن ذلك افتراء وكذب يعني الأتباع الذين يقلدون في تحريمها رؤساءهم الذين يمنعهم حب الرياسة عن الاعتراف به.

وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لحي بن قمعة بن جندب كان قد ملك مكة وكان أول من غير دين إسماعيل فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلقد رأيته في النار يؤذي أهل النار ريح قصبه (129) ويروى تجر قصبه في النار.

(104) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا بيان لقصور عقلهم وإنهاكهم في التقاليد وأن لا سند لهم سواه أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون يعني أوجبهم ما وجدوا عليه آباءهم ولو كانوا جهلة ضالين.

(105) يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم احفظوها والزموا صلاحها لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قيل نزلت لما كان المؤمنون يتحسرون على الكفرة ويتمنون إيمانهم.

والقمي قال أصلحوا أنفسكم ولا تتبعوا عورات الناس ولا تذكروهم فإنه لا يضركم ضلالتهم إذا كنتم صالحين.

وفي المجمع أن أبا ثعلبة سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الآية فقال ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فإذا رأيت دنيا مؤثرة وشحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة (130) نفسك وذر عوامهم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون وعد ووعيد للفريقين على أن أحدا لا يؤاخذ بذنب غيره.

(106) يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم الاشهاد الذي شرع بينكم فيما أمرتم به إذا حضر أحدكم الموت إذا شارفه وحضرت إماراته حين الوصية قيل فيه تنبيه على أن الوصية مما لا ينبغي أن يتهاون فيه اثنان شهادة اثنين ذوا عدل منكم من المسلمين أو آخران من غيركم من أهل الكتاب والمجوس كما يأتي إن أنتم ضربتم في الأرض سافرتم فأصابتكم مصيبة الموت قاربكم الأجل تحبسونهما تقفونهما من بعد الصلاة لتغليظ اليمين بشرف الوقت ولأنه وقت اجتماع الناس فيقسمان بالله أي الآخران إن ارتبتم (131) ارتاب الوارث منكم وهو اعتراض لا نشترى به بالقسم أو بالله ثمنا عوضا من الدنيا ولو كان ذا قربى أي ولو كان المقسم له ذا قربى ولا نكتم شهادة الله التي أمر الله بإقامتها إنا إذا لمن الآثمين أي إن كتمنا.

(107) فإن عثر فإن اطلع وحصل العلم على أنهما أي الآخرين استحقا إثما استوجبا عقوبة بسبب تحريف في الشهادة أو خيانة فآخران فشاهدان آخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم أي الذين حق عليهم يعني بهم الورثة الأوليان الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما وقرء عليهم استحق على البناء للفاعل والأولين بالجمع على أنه صفة للذين فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما أي يميننا أصدق سمى اليمين شهادة لوقوعها موقعها كما في اللعان وما اعتدينا وما تجاوزنا فيها الحق إنا إذا لمن الظالمين.

(108) ذلك أي الحكم الذي تقدم أو تحليف الشاهدين أدنى أقرب أن يأتوا بالشهادة على وجهها على نحو ما تحملونها من غير تحريف ولا خيانة فيها أو يخافوا أن ترد أيمان أي ترد اليمين على المدعين بعد أيمانهم فيفتضحوا بظهور الخيانة واليمين الكاذبة جمع اليمين ليعم الشهود كلهم.

في الكافي والفقيه والتهذيب عن الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس لان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سن في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد العصر فيقسمان بالله لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين قال وذلك إن ارتاب ولي الميت في شهادتهما فإن عثر على أنهما شهدا بالباطل فليس له أن ينفض شهادتهما حتى يجئ بشاهدين فيقومان مقام الشاهدين الأولين فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين يقول الله تعالى ذلك أدنى أن يأتوا الآية.

وفي الكافي مرفوعا خرج تميم الداري وابن بيدي وابن أبي مارية في سفر وكان تميم الداري مسلما وابن بيدي وابن أبي مارية نصرانيين وكان مع تميم الداري خرج (132) له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع واعتل تميم الداري علة شديدة فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بيدي وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته فقدما المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته فافتقد القوم الآنية والقلادة فقال أهل تميم لهما أهل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة فقالا لا ما مرض إلا أياما قلائل قالوا فهل سرق منه شئ في سفره هذا قالا لا قالوا فهل اتجر تجارة خسر فيها قالا لا قالوا افتقدنا أفضل شئ كان معه آنية منقوشة مكللة بالجواهر وقلادة فقالا ما دفع إلينا فقد أدينا إليكم فقدموهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأوجب عليهما اليمين فحلفا فخلى عنهما ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما.

فجاء أولياء تميم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا يا رسول الله قد ظهر على ابن بيدي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما فانتظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الله الحكم في ذلك فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم الآية فأطلق الله تعالى شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين فهذه الشهادة الأولى التي جعلها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن عثر على أنهما استحقا إثما أي أنهما حلفا على كذب فآخران يقومان مقامهما يعني من أولياء المدعي من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما وانهما قد كذبا فيما حلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به فحلفوا فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القلادة والآنية من ابن بيدي وابن أبي مارية وردهما إلى أولياء تميم الداري والقمي ما يقرب منه.

وفي الكافي في عدة أخبار عن الصادق (عليه السلام) إذا كان الرجل في أرض غربة لا يوجد فيها مسلم جاز شهادة من ليس بمسلم على الوصية واتقوا الله واسمعوا سمع إجابة وقبول والله لا يهدى القوم الفاسقين إلى طريق الجنة.

(109) يوم يجمع الله الرسل اذكره فيقول لهم ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب في الجوامع السؤال توبيخ ولذلك قالوا لا علم لنا ووكلوا الأمر إلى علمه بسوء إجابتهم ولجأوا إليه في الانتقام منهم.

وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) يقولون لا علم لنا بسواك وقال القرآن كله تقريع وباطنه تقريب.

وفي الكافي عن الباقر إن لهذا تأويلا يقول ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتموهم على أممكم فيقولون لا علم لنا بما فعلو من بعدنا والقمي عنه (عليه السلام) مثله من دون أن يسميه تأويلا.

(110) إذ قال الله بدل من يوم يجمع يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك قويتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا تكلمهم في جميع أحوالك على سواء وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتورية والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني مضى تفسيرها في سورة آل عمران وقرء طائرا وإذ كففت بني إسرائيل عنك يعني اليهود حين هموا بقتله إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين وقرء ساحر.

(111) وإذ أوحيت إلى الحواريين العياشي عن الباقر (عليه السلام) الهموا أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون مخلصون قد مضى الوجه في تسمية الحواريين وذكر عددهم في سورة آل عمران.

(112) إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك وقرء بالخطاب والعياشي مقطوعا قراءتها هل يستطيع أن تدعو ربك وقيل هذه الاستطاعة بناء على ما تقتضيه الحكمة والإرادة لا على ما تقتضيه القدرة أن ينزل علينا مائدة من السماء المائدة الخوان إذا كان عليه الطعام قال اتقوا الله من أمثال هذا السؤال إن كنتم مؤمنين بكمال قدرته.

(113) قالوا نريد أن نأكل منها تمهيد عذر وبيان لما دعاهم إلى السؤال وتطمئن قلوبنا بالمشاهدة ونعلم أن قد صدقتنا في ادعاء النبوة ونكون عليها من الشاهدين قيل نشهد عليها عند الذين لم يحضروها.

(114) قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا قيل يكون يوم نزولها عيدا نعظمه وكان يوم الأحد ولهذا اتخذه النصارى عيدا وقيل بل العيد السرور العايد ومنه يوم العيد لأولنا واخرنا نأكل منها جميعا وقيل لمن في زماننا ولمن بعدنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين.

(115) قال الله إني منزلها عليكم إجابة إلى سؤالكم وقرء منزلها بدون التشديد فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين في المجمع عن الباقر (عليه السلام) إن عيسى بن مريم (عليهما السلام) قال لبني إسرائيل صوموا ثلاثين يوما ثم سلوا الله ما شئتم يعطكموه فصاموا ثلاثين فلما فرغوا قالوا إنا لو عملنا لأحد من الناس فقضينا عمله لأطعمنا طعاما وإنا صمنا وجعنا فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها عليها سبعة أرغفة وسبعة أخوان (133) حتى وضعتها بين أيديهم فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم.

وعن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزلت المائدة خبزا ولحما وذلك أنهم سألوا عيسى عليه السلام طعاما لا ينفد يأكلون منه قال فقيل لهم فإنها مقيمة لكم ما لم تخونوا (134) وتخبأوا وترفعوا فإن فعلتم ذلك عذبتكم قال فما مضى يومهم حتى خبأوا وترفعوا وخانوا.

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال والله ما تبع عيسى (عليه السلام) شيئا من المساوئ قط ولا انتهز شيئا ولا قهقه ضحكا ولا ذب ذبابا عن وجهه ولا أخذ أنفه من نتن شئ قط ولا عبث قط ولما سأله الحواريون أن ينزل عليهم المائدة لبس صوفا وبكى قال اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء الآية فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين وهم ينظرون إليها وهي تهوى منقضة حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى على نبينا وآله و (عليه السلام) وقال اللهم اجعلني من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها فتلة (135) مثلة وعقوبة واليهود ينظرون إليها ينظرون إلى شئ لم يروا مثله قط ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه.

فقام عيسى عليه السلام فتوضأ وصلى صلاة طويلة ثم كشف المنديل عنها وقال بسم الله خير الرازقين فإذا هو سمكة مشوية ليس عليها فلوس تسيل سيلا من الدسم وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل وحولها من ألوان البقول ما عدا الكراث وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون وعلى الثاني عسل وعلى الثالث سمن وعلى الرابع جبن وعلى الخامس قديد.

فقال شمعون يا روح الله أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الآخرة؟فقال عيسى (عليه السلام) ليس شئ مما ترون من طعام الدنيا ولا من طعام الآخرة ولكنه شئ افتعله الله بالقدرة الغالبة كلوا ما سألتم يمددكم ويرزقكم من فضله فقال الحواريون يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية اليوم آية أخرى فقال عيسى (عليه السلام) يا سمكة أحيي بإذن الله تعالى فاضطربت السمكة وعاد عليها فلوسها وشوكها وفرقوا منها فقال ما لكم تسألون أشياء إذا أعطيتموها كرهتموها ما أخوفني عليكم أن تعذبوا يا سمكة عودي كما كنت بإذن الله فعادت السمكة مشوية كما كانت فقالوا يا روح الله كن أول من يأكل منها ثم نأكل نحن فقال عيسى (عليه السلام) معاذ الله أن آكل منها ولكن يأكل منها من سألها فخافوا أن يأكلوا منها فدعا لها عيسى (عليه السلام) أهل الفاقة والزمنى (136) والمرض والمبتلين فقال كلوا منها ولكم الهناء ولغيركم البلاء فأكل منها ألف وثلاثمائة رجل وامرأة من فقير ومريض ومبتلى وكلهم شبعان تتجشأ. (137) ثم نظر عيسى (عليه السلام) إلى السمكة فإذا هي كهيئتها حين نزلت من السماء ثم طارت المائدة صعداء وهم ينظرون إليها حتى توارت عنهم فلم يأكل يومئذ منها زمن إلا صح ولا مريض إلا برء ولا فقير إلا استغنى ولم يزل غنيا حتى مات وندم الحواريون ومن لم يأكل منها وكانت إذا نزلت اجتمع الأغنياء والفقراء والصغار والكبار يتزاحمون عليها فلما رآى ذلك عيسى عليه السلام جعلها نوبة بينهم فلبثت أربعين صباحا تنزل ضحى فلا تزال منصوبة يؤكل منها حتى إذا فاء الفئ طارت صعداء وهم ينظرون في ظلها حتى توارت عنهم وكانت تنزل غبا يوما ويوما لا فأوحى الله تعالى إلى عيسى (عليه السلام) اجعل مائدتي للفقراء دون الأغنياء فعظم ذلك على الأغنياء حتى شكوا وشككوا الناس فيها فأوحى الله تعالى إلى عيسى إني شرطت على المكذبين شرطا إن من كفر بعد نزولها أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين فقال عيسى (عليه السلام) إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فمسخ منهم ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون رجلا باتوا من ليلتهم على فرشهم مع نسائهم في ديارهم فأصبحوا خنازير يسعون في الطرقات والكناسات ويأكلون العذرة في الحشوش (138) فلما رأى الناس ذلك فزعوا إلى عيسى (عليه السلام) وبكوا وبكى على الممسوخين أهلوهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا قال وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام كانت المائدة تنزل عليهم فيجتمعون عليها ويأكلون منها ثم ترفع فقال كبراؤهم ومترفوهم لا ندع سفلتنا يأكلون منها فرفع الله المائدة ببغيهم ومسخوا قردة وخنازير.

والقمي اقتصر على ما نسبه إلى تفسير أهل البيت عليهم السلام مقطوعا والعياشي عن الباقر (عليه السلام) المائدة التي نزلت على بني إسرائيل كانت مدلاة (139) بسلاسل من ذهب عليها تسعة أخونة وتسعة أرغفة وفي رواية أخرى تسعة ألوان أرغفة وفي المجمع عن الكاظم (عليه السلام) إنهم مسخوا خنازير والعياشي مثله.

وفي التهذيب عن الرضا (عليه السلام) والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم (عليهما السلام) لم يؤمنوا فتاهوا (140) فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر وفي الخصال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المسوخات وأما الخنازير فقوم نصارى سألوا ربهم تعالى انزال المائدة عليهم فلما أنزلت عليهم كانوا أشد ما كانوا كفرا وأشد تكذيبا.

(116) وإذ قال الله يا عيسى بن مريم العياشي عن الباقر (عليه السلام) لم يقله وسيقوله إن الله إذا علم شيئا هو كائن أخبر عنه خبر ما قد كان أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله توبيخ للكفرة وتبكيت لهم.

القمي وذلك أن النصارى زعموا أن عيسى (عليه السلام) قال لهم إني وأمي إلهين (141) من دون الله فإذا كان يوم القيامة يجمع الله بين النصارى وبين عيسى على نبينا وآله و (عليه السلام) فيقول أأنت قلت الآية قال سبحانك أنزهك تنزيها من أن يكون لك شريك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ما لا يحق لي أن أقوله إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك تعلم ما أخفيه ولا أعلم ما تخفيه.

والعياشي عن الباقر (عليه السلام) في تفسيرها إن الاسم الأكبر ثلاثة وسبعون حرفا فاحتجب الرب تعالى بحرف فمن ثمة لا يعلم أحد ما في نفسه عز وجل أعطى آدم اثنين وسبعين حرفا فتوارثها الأنبياء حتى صارت عند عيسى فذلك قول عيسى عليه السلام تعلم ما في نفسي يعني اثنين وسبعين حرفا من الاسم الأكبر يقول أنت علمتنيها فأنت تعلمها ولا أعلم ما في نفسك يقول لأنك احتجبت من خلقك بذلك الحرف فلا يعلم أحد ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب.

(117) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا رقيبا مطلعا أمنعهم من أن يقولوا ذلك ويعتقدوه ما دمت فيهم فلما توفيتني بالرفع إلى السماء من قوله أنى متوفيك ورافعك إليك والتوفي أخذ الشئ وافيا والموت نوع منه قال الله عز وجل يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها كنت أنت الرقيب عليهم المراقب لأحوالهم وأنت على كل شئ شهيد مطلع مراقب له.

(118) إن تعذبهم فإنهم عبادك تملكهم وتطلع على جرائمهم قيل فيه تنبيه على أنهم استحقوا ذلك لأنهم عبادك وقد عبدوا غيرك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم القادر القوي على الثواب والعقاب الذي لا تثيب ولا تعاقب إلا عن حكمة وصواب فإن المغفرة حسنة لكل مجرم فان عذبت فعدل وإن غفرت ففضل.

(119) قال الله هذا يوم (142) ينفع الصادقين صدقهم وقرء يوم بالنصب ولا يخلو من تكلف لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم.

(120) لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شئ قدير فيه تنبيه على كذب النصارى وفساد دعواهم في المسيح وأمه.

القمي والدليل على أن عيسى عليه السلام لم يقل لهم ذلك قوله تعالى هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم.

ثم روى باسناده عن الباقر عليه السلام في هذه الآية إذا كان يوم القيامة وحشر الناس للحساب فيمرون بأهوال يوم فيمرون بأهوال يوم القيامة فلا ينتهون إلى العرصة حتى يجهدوا جهدا شديدا قال يقفون بفناء العرصة ويشرف الجبار عليهم وهو على عرشه فأول من يدعى بنداء يسمع الخلائق أجمعين أن يهتف باسم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم النبي القرشي العربي قال فيتقدم حتى يقف على يمين العرش.

قال ثم يدعى بصاحبكم فيتقدم حتى يقف على يسار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم يدعي بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيقولون على يسار علي ثم يدعى بنبي نبي وأمته معه من أول النبيين إلى آخرهم وأمنهم معهم فيقفون على يسار العرش.

قال ثم أول من يدعى للمسائلة القلم قال فيتقدم فيقف بين يدي الله في صورة الآدميين فيقول الله هل سطرت في اللوح ما ألهمتك وأمرتك به من الوحي فيقول القلم نعم يا رب قد علمت اني قد سطرت في اللوح ما أمرتني وألهمتني به من وحيك فيقول الله فمن يشهد لك بذلك فيقول يا رب وهل أطلع على مكنون سرك خلق غيرك قال فيقول له أفلجت حجتك.

قال ثم يدعى باللوح فيتقدم في صورة الآدميين يقف مع القلم فيقول له هل سطر فيك القلم ما ألهمته وأمرته به من وحى فيقول اللوح نعم يا رب وبلغته إسرافيل ثم يدعى بإسرافيل فيتقدم إسرافيل مع اللوح والقلم في صورة الآدميين فيقول الله له هل بلغك إسرافيل ما بلغ فيقول يا رب وبلغته جميع أنبيائك وأنفذت إليهم جميع ما انتهى إلى من أمرك وأديت رسالاتك إلى نبي نبي ورسول رسول وبلغتهم كل وحيك وحكمتك وكتبك وان آخر من بلغته رسالتك ووحيك وحكمتك وعلمك وكتابك وكلامك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم العربي القرشي الحرمي حبيبك قال أبو جعفر عليه السلام فأول من يدعى من ولد آدم للمسائلة محمد بن عبد الله فيدنيه الله حتى لا يكون خلق أقرب إلى الله يومئذ منه فيقول الله يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هل بلغك جبرئيل ما أوجبت إليك وأرسلته به إليك من كتابي وحكمتي وعلمي وهل أوحى ذلك إليك فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نعم يا رب قد بلغني جبرئيل جميع ما أوحيته إليه وأرسلته به من كتابك وحكمتك وعلمك وأوحاه إلى فيقول الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم هل بلغت لامتك ما بلغك جبرئيل من كتابي وحكمتي وعلمي فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معكم يا رب قد بلغت أمتي جميع ما أوحيت إلى من كتابك وحكمتك وعلمك وجاهدت في سبيلك.

فيقول الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن يشهد لك بذلك فيقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم يا رب أنت الشاهد لي بتبليغ الرسالة وملائكتك والأبرار من أمتي وكفى بك شهيدا فيدعى بالملائكة فيشهدون لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغ الرسالة ثم يدعى بأمة محمد فيسألون هل بلغكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم رسالتي وكتابي وحكمتي وعلمني وعلكم ذلك فيشهدون لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغ الرسالة والحكمة والعلم فيقول الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فهل استخلف في أمتك من بعدك من يقوم فيهم بحكمتي وعلمي ويفسر لهم كتابي ويبين لهم ما يختلفون فيه من بعدك حجة لي وخليفة في الأرض فيقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم نعم يا رب قد خلقت فيهم علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه أخي ووزيري ووصيي وخير أمتي ونصبته لهم علما في حيوتي ودعوتهم إلى طاعته وجعلته خليفتي في أمتي إماما يقتدى به الأمة من بعدي إلى يوم القيامة فيدعى بعلي بن أبي طالب فيقال له هل أوصى إليك محمد صلى الله عليه وآله وسلم واستخلفك في أمته ونصبك علما لامته في حياته وهل قمت فيهم من بعده مقامه فيقول له علي نعم يا رب قد أوصى إلى محمد وخلفني في أمته نصبني لهم علما في حياته فلما قبضت محمدا صلى الله عليه وآله وسلم إليك جحدتني أمته ومكروا بي واستضعفوني وكادوا يقتلونني وقدموا قدامي من أخرت وأخروا من قدمت ولم يسمعوا مني ولم يطيعوا أمري فقاتلتهم في سبيلك حتى قتلوني فيقال لعلي هل خلفت من بعدك في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم حجة وخليفة في الأرض يدعو عبادي إلى ديني والى سبيلي فيقول علي نعم يا رب قد خلفت فيهم الحسن ابني وابن بنت نبيك فيدعى بالحسن بن علي صلوات الله عليهما فيسأل عما سئل عنه علي بن أبي طالب عليه السلام قال ثم يدعى بامام إمام وبأهل عالمه فيحتجون بحجتهم فيقبل الله عذرهم ويجيز حجتهم قال ثم يقول الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم العياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال كان القرآن ينسخ بعضه بعضا وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بآخره وكان آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها ولم ينسخها شئ لقد نزلت عليه وهو على بغلة شهباء وثقل عليه الوحي حتى وقفت وتدلى بطنها حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض وأغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى وضع يده على ذؤابة شيبة بن وهب الجحمي ثم دفع ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ علينا سورة المائدة فعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلمنا.

وعن الصادق عليه السلام نزلت المائدة كملا ونزلت معها سبعون ألف ألف ملك وفي ثواب الأعمال عن الباقر عليه السلام من قرء سورة المائدة في كل يوم خميس لم يلبس إيمانه بظلم ولم يشرك به أبدا انشاء الله تعالى.


1- الأزواج الثمانية المعز والضأن والبقر والإبل ذكرها وأنثاها ويأتي ما بين هذا.

2- والشهر الحرام إما خصوص شهر الحج أو جنس يشتمل الأشهر الحرم جميعا وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.

3- السرح كالقتل متعديا بمعنى الإرسال والإخراج وغيرهما ولازما بمعنى السير في السهلة والمراد هنا أراد السير إلى المدينة.

4- والهدي ما أهدى إلى البيت وتقرب به إلى الله من النسك وهو جمع هدية كجدي وجدية والقلائد جمع قلادة.

5- أي القاصدين زيارة والحج والعمرة وإحلال هذه الأشياء ان يتهاون بحرمتها فتضيع.

6- وجرم مثل كسب في التعدية إلى واحد واثنين تقول جرم ذنبا وجرمته ذنبا وكسب شيئا وكسبته إياه وأول المفعولين ضمير المخاطبين والثاني ان تعتدوا.

7- وقذه يقذه وقذا ضربه حتى استخرى وأشرف على الموت ومنه شاة موقوذة للتي وقذت بالخشب.

8- المتردية التي تردت وسقطت من جبل أو حائط أو في بئر وما يدرك ذكاته.

9- نطحه نطحا أصابه بقرنه.

10- الكبش فحل الضأن في أي سن كان.

11- الجزور بالفتح وهي من الإبل خاصة ما كمل خمس سنين ودخل في السادسة يقع على الذكر والأنثى والجمع جزر كرسول ورسل.

12- البازي ضرب من الصقور جمعه بواز وبزاة وأبوز وبؤز وبيزان.

13- قولهم ليس عليك في هذا الأمر غضاضة أي ذلة ومنقصة عليه في دينه غضاضة وما علي من غضاضة.

14- بله الرجل يبله بلها من باب تعب ضعف عقله فهو أبله والأنثى بلهاء والجمع بله كأحمر وحمراء وحمر وفي الحديث عليك بالبلهاء قلت وما البلهاء قال ذوات الخدور العفايف.

15- قوله تعالى ولا متخذي أخدان أي ولا متفردين ببغية واحدة خادنها وخادنته اتخذها لنفسه صديقة يفجر بها.

16- قال في مجمع البيان معناه إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم على غير طهر وحذف الإرادة لان في الكلام دلالة على ذلك ومثله قوله فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله وإذا كنت فيهم لهم الصلاة وهو قول ابن عباس وأكثر المفسرين.

17- قوله يبطن بتشديد الطاء من بطن بيطن إذا أدخل الماء تحتها مما هو مستور بشعرها.

18- والترديد من الراوي والتور بالفتح فالسكون اناء صغير من صفر أو خزف يشرب منه ويتوضأ فيه ويؤكل منه.

19- الشراك بكسر الشين أحد سيور النعل التي يكون على وجهها توثق به الرجل ومنه الحديث لا تدخل يدرك تحت الشراك أي شراك النعل.

20- خفي كرضي خفاء فهو خاف وخفي لم يظهر.

21- القرن جانب الرأس.

22- البطش الأخذ بسرعة والأخذ بعنف وسطوة.

23- يقال نقبوا في البلاد صاروا في نقوبها أي في طرقها طلبا للهرب ونقيب القوم كالكفيل والضمين ينقب عن الأسرار ومكنون الإضمار وإنما قيل نقيب لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ويعرف الطريق إلى معرفة أمورهم.

24- حمم رأسه إذا اسود الحلق وحممت سخمت وجهه بالفحم.

25- أصحر الرجل أي خرج إلى الصحراء. مجمع.

26- الوحا الوحا بالمد والقصر أي السرعة وهو منصوب بفعل مضر.

27- أرض تيه وتيه بالكسر وتيهاء ومتيهة كسفينة وتضم الميم وكمرحلة ومقعد مصلة وتيهه ضيعه.

28- في الكلام حذف وتقدير أي قال الذي لم يتقبل منه للذي تقبل منه لأقتلنك فقال له لم تقتلني قال إنه تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني قال له وما ذنبي إنما يتقبل الله من المتقين. إ.

29- أي شجعته وزينته وقيل رخصته وسهلته من أطاع له المرتع إذا اتسع.

30- سوأة أخيه أي عورته وما لا يجوز أن ينكشف من جسده وقيل أي جيفته والسوء الخالة القبيحة ويا ويلتي كلمة عذاب يقال ويل له وويله ومعناه الدعاء بالاهلاك.

31- قوله فأصبح من النادمين على قتله ولكن لم يندم على الوجه الذي يكون توبة كمن يندم على الشرب لأنه يصدعه فلذلك ندمه عن الجبائي وقيل من النادمين على حمله لا على قتله وقيل من النادمين على موت أخيه لا على انكار الذنب.

32- الوجس كالوعد الفزع يقع في القلب أو السمع من صوت أو غيره كالوجسان والصوت الخفي وقوله تعالى فأوجس في نفسه أي أحس وأضمر.

33- العراء بالمد فضاء لا يتوارى فيه شجر أو غيره ويقال العراء وجه الأرض.

34- الجراب بالكسر وعاب من أهاب شاة يوعى فيه الحب والدقيق ونحوهما.

35- أروح أي أنتن ريحه.

36- عكفت عليه الطير أي اجتمعت.

37- النضح الرش ونضحت الثوب نضحا من باب ضرب ونفع رششته بالماء.

38- حاميت عنه محاماة وحماء منعت عنه.

39- الكوع بالضم طرف الزند الذي يلي الابهام والجمع أكواع وعن الأزهري الكوع طرف الزند الذي يلي رسغ اليد المحاذي للابهام وهما عظمان متلاصقان في الساعد أحدهما أدق من الآخر وطرفا يلتقيان عند مفصل الكف فالذي يلي الخنصر يقال له الكرسوع والذي يلي الإبهام يقال له الكوع وهما عظما ساعدي الذراع.

40- على تضمين السماع معنى القبول حتى يصح استعماله مع اللام.

41- حنب تحنيبا نكس.

42- الحمأة الطين الأسود المنتن.

43- الكراع اسم لجماعة الخيل خاصة. قوله تعالى ان تصيبنا دائرة أي من دوائر الزمان أعني صروفه التي تدور وتحيط بالانسان مرة بخير ومرة بشر.

44- أي كانوا على حكم النبي (صلى الله عليه وآله) في الرجم أنه ثابت في التوراة شهداء عن ابن عباس وقيل كانوا شهداء على الكتاب أنه من عند الله عطاء.

45- معناه إذا قتلت نفسا أخرى عمدا فإنه يستحق عليه العود إذا كان القاتل عاقلا مميزا أو كان المقتول مكافئا للقاتل.

46- قال العلماء كل شخصين جرى القصاص بينهما في العين والأنف والأذن والسن وجميع الأطراف إذا تماثلا في السلامة والشلل وإذا امتنع القصاص في النفس امتنع أيضا في الأطراف.

47- الاصطلام الاستيصال و هو افتعال من الصلم وهو القطع المستأصل.

48- قيل أن الأول في الجاحد والثاني والثالث في المقر التارك.

49- النهزة بالضم الفرصة وانتهزتها ونهز نهزا من باب نفع نهض لتناول شئ وانتهز الفرصة بادر وقتها.

50- أي كما اذن الله في هلاكهم إنما ذكر بمناسبة قوله فعسى الله أن يأتي بالفتح م أو أمر من عنده.

51- البجح محركة الفرح.

52- قال ابن عباس تراهم للمؤمنين كالولد لوالده وكالعبد لسيده وهم في الغلظة على الكافرين كاسبع على فريسته.

53- حلات؟الإبل بالتشديد تحلئة وتحلا طردتها عنه ومنعتها ان تراه وكذلك غير الإبل.

54- يقال نوهت باسمه بالتشديد إذا رفعت ذكره ونوهته تنويها إذا رفعته وناه الشئ ينوه إذا ارتفع فهو نايه قاله الجزري.

55- في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) خذوا بحجزة هذا الأنزع يعني عليا (عليه السلام) فإنه الصديق الأكبر والفارق الأعظم يفرق بين الحق والباطل الحجرة بضم الحاء المهملة وإسكان الجيم والرأي معقد الأزار ثم قيل للازار حجزة للمجاورة والجمع حجز مثل غرفة غرف وقد استعير الأخذ بالحجزة للتمسك والاعتصام يعني تمسكوا واعتصموا به.

56- الهزو والهزء السخرية والاستخفاف بعدي بالباء فيقال هزأت به واستهزأت به سخرت به ويقال هزأت منه أيضا.

57- أي وقرأ حمزة وحده قال أبو علي حجته في قراءته أنه يحمله على ما عمل فيه جعل كأنه وجعل فيهم عبد الطاغوت ومعنى جعل خلق كقوله وجعل الظلمات والنور وجعل عنها زوجها وليس عبد جمع لفظ لأنه ليس من أبنية الجموع شئ على هذا البناء ولكنه واحد يراد به الكثرة الا ترى ان في الأسماء المفردة المضافة إلى المعارف ما لفظه لفظ الأفراد ومعناه الجمع كما في قوله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ولان بناء فعل يراد به المبالغة والكثرة نحو يقظ وندس فكان تقديره أنه قد ذهب في عبادة الطاغوت كل مذهب وتكرر ذلك له ومن فتح فقال وعبد الطاغوت فإنه عطف على بناء الماضي الذي في الصلة وهو قوله لعنه الله وافرد الضمير في عبد وإن كان المعنى فيه الكثرة لان الكلام محمول على لفظه دون معناه وفاعله ضمير من كما أن فاعل الأمثلة للمعطوف عليه ضمير من فأفرد لحمل ذلك جمعا على اللفظ ولو حمل الكل على المعنى أو البعض على المعنى أو البعض على اللفظ والبعض على المعنى لكان مستقيما.

58- غل فلانا من باب منع ادخل عليه الغل وهو معروف والمصدر غل بفتح الفاء أو غلول كقعود.

59- ويمكن أن يكون المراد النعمة ويكون الوجه في تثنية النعمة انه أراد نعم الدنيا ونعم الآخرة لان الكل وان كانت نعم الله فمن حيث أخص كل منهما بصفة تخالف صفة الآخر كأنهما جنسان ويمكن أن يكون تثنية النعمة انه أريد بهما النعم الظاهرة والباطنة كما قال الله وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة وقيل إن المراد باليد القوة والقدرة عن الحسن ومعناه قوتاه بالثواب والعقاب مبسوطتان بخلاف قول اليهود ان يده مقبوضة عن عذابنا.

60- وفي هذا دلالة معجزة لان الله أخبرهم فوافق خبره المخبر فقد كانت اليهود أشد أهل الحجاز بأسا وامنعهم دارا إلى آخر ما ذكره في مجمع البيان وأورد خلاصته في هذا الكتاب.

61- الشأفة قرحة تخرج في أصل القدم فيكوى فتذهب وإذا قطعت مات صاحبها والأصل واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة أو معناه ازاله من أصله.

62- يعني ان لم تنص بولاية علي فيضيع امر التوحيد ولا يخلص ايمان الله وفي بعض القراءات الشاذة فما بلغت رسالاته بصيغة الجمع.

63- يقال بتلت الشئ أبتله بالكسر إذا قطعته وأبنته من غيره ومنه قوله طلقها بتة بتلة ومنه حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خبر النص فانتني عزيمة من الله بتلة أو عدني ان لم أبلغ ان يعذبني.

64- قال الفيروزآبادي فاصدع بما تؤمر أي شق جماعاتهم بالتوحيد أو أجبر بالقرآن أو أجبر بالقرآن أو اظهر أو احكم بالحق والفصل بالأمر أو اقصد بما تؤمر أو أفرق به بين الحق والباطل وصدعه كمنعه شقه أو شقه نصفين أو شقه ولم يفترق وفلانا قصده لمكرمه وبالحق تكلم به جهارا وبالأمر أصاب به موضعه وجاهر به انتهى.

65- فاعهد عهدك أي أوص وصيتك واستعمال العهد في الوصية والعكس فوق حد الإحصاء في الآيات والأخبار وغيرهما كقوله تعالى وعهدنا إلى آدم وعهدنا إلى إبراهيم وغير ذلك.

66- البغض بالضم ضد الحب والبغضة بالكسر والبغضاء شدته.

67- الخيف ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل ومنه سمى مسجد الخيف بمنى لأنه بني في خيف الجبل والأصل مسجد خيف منى فخفف بالحذف.

68- نهره وانتهره أي زبره وزجره.

69- الجحفة بضم الجيم هي مكان بين مكة والمدينة محاذية لذي الخليفة من الجانب الشامي قريب من رابغ بين بدر وخليص.

70- السلمة كفرحة الحجارة ج ككتاب.

71- قم البيت قما من باب قتل كنسه. قوله تعالى فحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا أي لم نبق منهم أحدا ومنه سمى الغدير لأنه ماء يغادره السيول أي تخلفه فعيل بمعنى مفعول أو فعيل بمعنى فاعل لأنه يغدر بأهله أي ينقطع عند شدة الحاجة إليه ومنع الدعاء اللهم من نعمك وهي اجل من أن تغادر أي تنقطع وغدير خم موضع بالجحفة شديد الوباء قال الأصمعي لم يولد بغدير خم أحد فعاش إلى أن ينجو منه ويوم الغدير هو يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو اليوم الذي نصب رسول الله (صلى الله عليه آله وسلم) عليا (عليه السلام) خليفة بحضرة الجمع الكثير من الناس حيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه قال الغزالي وهو من أكابر علماء القوم في كتابه المسمى بسر العالمين ما هذا لفظه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلى يو م الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه فقال عمر بن الخطاب بخ بخ لك يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ثم قال وهذا رضى وتسليم وولاية وتحكيم ثم بعد ذلك غلب الهوى وحب الرياسة وعقود البنود وخفقان الرايات وازدحام الخيول وفتح الأمصار والأمر والنهى فحملتهم على الخلاف فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون إلى أن قال ثم أن أبا بكر قال على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم أفقال ذلك هزوا وجدا أو امتحانا فإن كان هزوا فالخلفاء لا يليق بهم الهزل ثم قال والعجب من منازعة معاوية بن أبي سفيان عليا في الخلافة وأين أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قطع طمع من طمع فيها بقوله إذا ولى الخليفتان فاقتلوا الأخير منهما والعجب من حق واحد كيف ينقسم بين اثنين والخلافة ليست بجسم ولا عرض فتتجزى انتهى كلامه وفيه دلالة على انحرافه عما كان عليه والله أعلم.

72- الدغلى محركة دخل في الأمر مفسد والشجر الكبير الملتف واشتباك النبت وكثرته والموضع يخاف فيه الاغتيال ج ادغال ودغال ومكان دغل ككتف.

73- يقال ختله يختله إذا خدعه وراوغه والمخاتلة المخادعة.

74- يقال أفضيت بكذا إلى فلان أي أوسلته إليه ومسته به.

75- يقال حبوت الرجل حباء بالكسر والمد أعطيته الشئ بغير عوض والاسم منه الحبوة بالضم ومنه بيع المحاباة.

76- شلت بالجرة أشول بها شولا رفعتها ولا تقل شلت ويقال أيضا اشلت الجرة فانشالت هي.

77- قوله (صلى الله عليه وآله) الا انهم أصحاب الصحيفة أي أئمة النار الغاصبين لحق علي (عليه السلام) فلينظر أحدكم... أي فلينظر بعض منكم في صحيفة التي صنعها وحفظها عنده فيعرف نفسه انه من أئمة النار وأصحابها ويعرف شركاءه في هذا الأمر انهم بأسرهم من رؤساء أهل النار وقضية الصحيفة معروفة مشهورة لا يناسب المقام التعرض لتفصيلها لطولها وما جمالها ان سبعين رجلا من رؤوس المعاندين وأصول الكفر والنفاق منهم الأول والثاني لما عرفوا هذا الأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورغبته في علي (عليه السلام) قال وا في أنفسهم وبعضهم انا إنما آمنا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ظاهرا لجلب الرياسة ونظم أمر دنيانا والآن قد ترد الأمر على ابن عمه وقطع رجاءنا فما الحيلة ولا يسعنا طاعة علي (عليه السلام) فتوطئوا أو تحالفوا على دفع هذا الأمر وعلاجه ولو تقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى إذا دفعوا السم اليهما فدستا في اللبن واستقاه واجتمعوا في السقيفة وأوحى إليهم الشيطان وأفسدوا ما أفسدوا قال يعني الإمام محمد بن علي الباقر فذهب على الناس الا شرذمة منهم آه يعني ضاع واختفى عليهم أمر الصحيفة فلم يدروا ما في الصحيفة ولم يعرفوا أربابها فاغتروا بهم بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واما الشرذمة فهؤلاء المتحالفون وبعض خواص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين اعلمهم النبي بفعل هؤلاء وما عقدوا عليه وما يريدون وسيركبونه في تخريب الدين وافساد أمور المسلمين.

78- الغراف كشداد نهر بين واسط والبصرة عليه كورة كبيرة وفرس البراء بن قيس ومن الأنهر الكثير الماء قاله الفيروز أبادي والمراد به هنا المعني الأخير أي هو النهر العظيم المنشق من عميق بحر الولاية.

79- قوله تعالى سنسمه على الخرطوم أي سنجعل له سمة أهل النار وهي أن سود وجهه وقوله إنه يسم... يمكن أن يكون من هذا القبيل بأن يجعل سمة الفضل والجهل على أربابهما ووسمه وسما وسمة إذا اثر فيه بسمة وكي ووسمت في الشئ وسما من باب وعد علمية ومن هذين أيضا يناسب اخذه.

80- قوله في مقام واحد أي في مرتبة واحدة.

81- أي يوصي بعضكم إلى بعض.

82- تداك عليه الناي أي اجتمعوا.

83- يقال صفقت له بالبيعة صفقا أي ضربت بيدي على يده وكانت العرب إذا وجب البيع ضربت أحدهما يده على يد صاحبه ثم انتقلت الصفقة في العقد فقيل بارك الله لك في صفقة يدك.

84- المأثرة بضم الثاء المكرمة لأنها تؤثر وتتحدث بها.

85- قوله تحت قدمي أي مضمحل ومشف وموهون كالشئ الذي يقع تحت القدمين فإنه ليس شئ أهون منه ونسبه إلى نفسه لأنه الذي أزال حرمته.

86- لما تعارف بينهم في الجاهلية أكل الربا وممن كان يكثر هده المعاملة العباس عمه أو كان ذمة كثير منهم مشغولة بالمنافع الربوبية للعباس بمقتضى المعاملات الصادرة منه معهم في الجاهلية وقد حرمها الله فحينئذ إذا سروا العباس ومن عليه النبي بالفداء شرط عليه بخصوصه وإن كان من لوازم الإسلام أيضا ان لا يطالب بها ويقنع بالأصل ويترك الفرع فأشار (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته إلى هذا الأمر وإلى هذا الأمر وإلى أنه لا خصوصية في هذا للعباس بل هو حكم عام للمسلمين.

87- وفي الدعاء أسألك نعمة تنعشني بها وعيالي أي ترفعني بها عن مواطن الذل من قولهم نعشه الله ينعشه نعشا رفعه.

88- الكتيبة على فعيلة الطائفة من الجيش والجمع الكتاب.

89- قوله تعالى فيحقا لأصحاب السعير أي بعدا يقال سحق المكان فهو سحيق مثل بعد فهو بعيد لفظا ومعنى.

90- يقال نعيت الميت. من باب نفع إذا اخبر بموته وهو منعي ونعى إليه نفسه أخبر بموته.

91- نضر وجه من باب قتل أي حسن ونضر الله وجهه يتعدى ولا يتعدى ويقال نضر الله وجهه بالتشديد وانضر الله وجهه بمعناه وفي الخبر نضر الله امرء سمع مقالتي... أي حسنه بالسرور والبهجة لما رزق بعلمه ومعرفته من القدر والمنزلة بين الناس ونعمة في الأخرى حتى يرى عليه ونق الرخاء ورفيق النعمة أي ثلث خصال لا يضيق منها أو معها.

92- أي ترك الغش وركوب الصفا والصدق واخلاص لطاعة.

93- أي دعوة الله وهي الموت محيطة من ورائهم أي محيطة بالناس بعد انقضاء آجالهم أي من كان عاقبة أمره الموت ينبغي أن لا يترك هذه الخصال الثلاث.

94- أو عزت إليه بكذا تقدمت وكذلك وعزت إليه توعيزا قال في ص وقد يخفف.

95- هرشى كسكرى ثنية قرب الجحفة.

96- فظع الأمر ككرم فظاعة فهو فظيع اي شديد شنيع جاوز المقدار في ذلك كأفظع وأفظعه واستفطعه وجده فظيعام.

97- لعل المراد بالساعة في هذه الرواية ساعة غلبة الحق بظهور القائم (عليه السلام) جمعا بينها وبين سائر الروايات فان غلبة الحق على الكفر في ثلاث دورات الأولى في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله) بحيث انقطعن العذر عن كل أحد والثانية في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) والثالثة في زمان القائم (عليه السلام) فحسب أهل الكتاب في الأولين انهم لم يغتتنوا بما وعدوا في كتبهم فلم يؤمنوا حتى علب الحق وانقطع عذرهم اختفى ظهور الحق فعموا وصموا لكن في الثالثة يؤمنون به كما فسر سابقا قوله تعالى وان من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته.

98- الأقانيم الأصول واحد في أقنوم أحسبها رومية.

99- أيلة جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع وموضع بين ينبع ومصر وعقبتها.

100- فلان شديد الشكيمة إذا كان لا ينقاد لاحد لما فيه من الصلابة والصعوبة على العدو وغيره.

101- يقال انهمك الرجل في الشئ اي جد ولج وفي ق الانهماك التمادي في الشئ واللجاج فيه.

102- والانخراط معهم اما بمعنى الاستصلاح اي نصلح حالنا ونعالج أنفسنا بمرافقتهم وبمعنى الانسلال أي نلقى أنفسنا بينهم فالأول من خرط العود قشر وسواه والثاني من اخترط السيف استله ومن خرط البعير في المرعى أو الدلو في البشر أرسلهما.

103- نش نشوا ونشوة مثلثة سكر.

104- الوصيف كأمير الخادم والخادمة ج وصفاء كالوصيفة ج وصائف.

105- تطرد الذباب عنه.

106- عثمان بن مظعون أول صحابي مات بالمدينة.

107- المسح بالكسر فالسكون واحد والمسوح ويعبر عنه بالبلاس وهو كساء معروف.

108- الحنث بالكسر الاثم والخلف في اليمين.

109- البر الصدق في اليمين وبكسر وقد بررت وبررت وبرت اليمين يتبر وتبر كيمل ويحل برا وبرا وبرورا وابرها أمضاها على الصدق.

110- في الحديث اليمين الغموس هي التي تذر الديار بلاقع اليمين الغموس بفتح الغين هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه ان الأمر بخلافه وليس فيها كفارة لشدة الذنب فيها سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار فهي فعول للمبالغة وفيه اليمين الغموس هي التي عقوبتها دخول النار وهي أن يحلف الرجل على مال امرء مسلم أو على حقه ظلما.

111- عن ابن الأعرابي إنما سمي الخمر خمرا لأنها تركت فاختمرت واختمارها بغير ريحها ويقال سميت بذلك لمخامرتها العقل والتخمير التغطية.

112- كفأه كمنعه صرفه وكتبه وقلبه كأكفأه واكتفاه.

113- اي تخرقه وتضعفه عن امساك الماء.

114- الأسود الحية العظيمة ومنه المحرم يقتل الأسود العذر وهو بمعنى البالغ فمعناه الأسود البالغ في السواد والأسود العظيم الجوف فان العذر جاء بهذا المعنى أيضا.

115- الحدأة كعتبة وهو طائر خبيث ويجمع بحذف الهاء وفي الخبر لا بأس بقتل الحداء للمحرم.

116- قوله فليصم تسعة أيام طلاقه مقيد بصورة العجز عن صوم الثلثين أو ما وافق قيمة طعام الصدقة بالاجماع المنقول وقاعد ة معادلة الصوم لعدد المطعمين المستفادة من الآية وغير ذلك من الأخبار فهو بظاهره غير معمول به عند الأصحاب.

117- الفض الكسر التفرقة وقد فضه يفضه.

118- الاست العجز وقد يراد به حلقة الدبر واصلة سته على فعل بالتحريك يدل على ذلك ان جمعه استاه مثل حمل واحمال.

119- القدية اللحم المقدد أي المشرح طولا.

120- ملح السمك والقدر طرح فيه الملح.

121- والطري الغض.

122- الأجمة محركة الشجر جمع الكثير الملتف جمع اجم بالضم وبضمتين وبالتحريك واجام واجام وأجمات 44.

123- التحري القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشئ بالفعل والقول.

124- قوله تعالى بل تؤثرون الحياة الدنيا ان تقدموها وتفضلوها على الآخرة.

125- صفية بنت عبد المطلب والدة الزبير ولذا كان علي ابن خاله.

126- القرط بالضم فالسكون هو الذي يعلق في شحمة الأذن والجمع قرطة وقراط أيضا كرمح ورماح.

127- لخن السقاء وغيره كفرح أنتن والجوزة فسدت ورجل الخن وأمة لخناء لم يختنا واللخن مركة قبح ريح الفرج والارفاغ وقبح الكلام.

128- نهكت من الطعام بالغت في أكله يقال أنهك من هذا الطعام وكذلك أنهك عرضه أي بالغ في شتمه.

129- السائبة المهملة والعبد يعتق على أن لا ولاء له والبعير يدرك نتاج نتاجه فيسيب اي يترك لا يركب والناقة كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه أو كانت إذا ولدت عشرة ابطن كلهن إناث سيبت.

130- القصب محركة عظام الأصابع وشعب الحلق ومخارج الأنفاس والقصب بالضم الظهر والمعى والمراد هنا الأمعاء روى عن ابن عباس وروى مكان ريح حر فيناسب الظهر أيضا.

131- الخويصة تصغير الخاصة ياؤها ساكنة لان ياء التصغير لا يتحرك.

132- أي ان ارتبتم اعتراض والضمير في به للقسم وفي كان للمقسم له يعني لا نستبدل بصحة القسم بالله عرضا من الدنيا ولو كان من نقسم له قريبا منا أراد أن هذه عادتهم: صدقهم وأمانتهم أبدا كقوله شهداء لله ولو على أنفسكم وخص ذا القربى بالذكر لان الميل إليهم أتم والمداهنة بينهم أكمل قاله النيسابوري.

133- الخرج بالضم الجوالق ذو اذنين وهو عربي.

134- الخوان كغراب وكتاب ما يؤكل عليه الطعام كالاخوان.

135- قوله ما لم تخونوا وتخبأوا يمكن أخذه من جبا بالجيم الموحدة من باب منع وفرح أي لم تدعوا وتكرهوا أو تغضبوا ومن خبأ بالخاء المعجمة والباء الموحدة من باب منع أي ما لم تستروا وتخفوا أمرها وخبأتم فيها من كيد خائبى أي خائب أو التاء المثناة من ختأه كمنعه كفه عن الامر اختتأ له أي خدمه.

136- قوله فتلة يقال فتله عن وجهه فانفتل أي صرفه فانصرف والمراد لعله لا تجعله سببا لانصراف النعمة.

137- الزمانة العاهة وآفة في الحيوان يقال زمن الشخص زمنا وزمانة فهو زمن من باب تعب وهو مرض يدوم زمانا طويلا.

138- التشجؤ تنفس المعدة.

139- الحش بالفتح والتشديد والفتح أكثر من الضم والكسر المخرج وموضع الحاجة واصله من الحش البستان لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين فلما اتخذوا الكنيف وجعلوها خلفا عنها أطلقوا عليها الاسم مجازا وجمع الحش حشان مثل ضيف وضيفان.

140- أدليتها أرسلتها، تدلى من الشجرة تعلق.

141- تاه في الأرض أي ذهب متحيرا يتيه تيها وتيهانا.

142- لعل التقدير انى وأمي اتخذوا الهين ولا يستقيم حكاية عن الآية كما لا يخفى.