الآية 1

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم: ان سورة الأنعام مكية. وقال يزيد بن رومان بعضها مكي وبعضها مدني. وقال شهر بن خوشب: هي مكية إلا آيتين منها قوله تعالى: " قل تعالوا أتل عليكم ما حرم " والتي بعدها. وروى عن ابن عباس أنه قال نزلت سورة الأنعام جملة بمكة معها سبعون الف ملك محدقون حولها بالتسبيح والتهليل والتحميد وهي مئة وخمس وستون آية كوفي وست في البصري وسبع في المدنيين. وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال هي مكية غير ست آيات منها فإنها مدنيات. " قل تعالوا أتل " وآيتان بعدها وقوله " وما قدروا الله حق قدره " إلى آخرها والآية التي بعدها " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي.. " إلى آخرها. وروي عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما نزل علي سورة من القرآن جملة غير سورة الأنعام وما جمعت الشياطين لسورة من القرآن جمعها لها ولقد بعث بها إلي مع جبرائيل مع خمسين ملكا، أو قال خمسين الف ملك - شك الواقدي - نزل بها وتحفها حتى أقر - ها في صدري كما يقر الماء في الحوض وقد أعزني الله وإياكم بها عزا لا يذلنا بعده ابدا فيها دحض حجج المشركين ووعد من الله لا يخلفه. وروي عن كعب الأحبار أنه قال: افتتحت التوراة بالحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. وختمت بالحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك إلى آخر الآية.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ﴾

آية في الكوفي والبصري، وآيتان في المدنيين، قوله " والنور " آخر آية أخبر الله تعالى في هذه الآية أن المستحق للحمد من خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور أي خلقهما لما اشتملا عليه من عجائب الخلق ومتقن الصنع. ثم عجب ممن جعل له شركاء مع ما تري في السماوات والأرض من الدلالة على أنه الواحد الذي لا شريك له، وقد بينا فيما تقدم وجه دلالة ذلك على أنه واحد ليس باثنين. وقوله " بربهم يعدلون " أي يجعلون له مثلا يستحق العبادة مأخوذ من قولك: لا أعدل بفلان أحدا، أي لا نظير له عندي ولا أحد يستحق ما يستحقه. قال الكسائي: يقال عدلت الشئ بالشئ أعدله عدولا إذا ساويته، وعدل في الحكم يعدل عدلا. وقال الحسن ومجاهد: معنى يعدلون يشركون. وإنما ابتدأ تعالى هذه السورة بالحمد احتجاجا على مشركي العرب، وعلى من كذب بالبعث والنشور فابتدأ، فقال " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض " فذكر أعظم الأشياء المخلوقة، لان السماء بغير عمد ترونها، والأرض غير مائدة بنا. ثم ذكر الظلمات والنور، وذكر الليل والنهار، وهما مما به قوام الخلق. فأعلم الله تعالى أن هذه خلق له، وأن خالقها لا شئ مثله. وروي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: ان الانعام نزلت جملة، وشيعها سبعون الف ملك حين أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فعظموها، وبجلوها، فان اسم الله تعالى فيها في سبعين موضعا. ولو يعلم الناس ما في قراءتها من الفضل ما تركوها.