الآية 16
قوله تعالى: ﴿مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾
القراءة:
قرأ أهل الكوفة الا حفصا، ويعقوب " من يصرف " بفتح الياء وكسر الراء. الباقون بضم الياء وفتح الراء. وفاعل (يصرف) هو الضمير العائد إلى " ربي " من قوله: " إني أخاف ان عصيت ربي ". ويكون حذف الضمير العائد إلى العذاب، والمعنى من يصرف الله عنه، وكذلك هو في قراءة أبي. قال أبو علي: وليس حذف الضمير بالسهل لأنه ليس بمنزلة الضمير الذي يحذف من الصلة إذا عاد إلى الموصول، نحو " أهذا الذي بعث الله رسولا " (1) و " سلام على عباده الذين اصطفى الله " (2) أي بعثهم الله واصطفاهم، ولا يعود الضمير المحذوف - هاهنا - إلى موصول ولا إلى (من) التي المجزاء، وإنما يرجع إلى العذاب من قوله " ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم "، وليس هذا بمنزلة قوله " والحافظين فروجهم " (3) لان هذا فعل واحد قد تكرر وعدي الأول فيهما إلى المفعول، فعلم بتقدير الأول أن الثاني بمنزلته. والذي يحسن قراءة من قرأ " يصرف " بفتح الياء أن ما بعده من قوله " فقد رحمه " فعل مسند إلى ضمير اسم الله. فقد اتفق الفعلان في الاسناد إلى هذا الضمير، فيمن قرأ " يصرف " بفتح الياء. ويقويه أيضا أن الهاء المحذوفة من (يصرفه) لما كان في حيز الجزاء، وكان ما في حيزه في أنه لا يتسلط على الموصول، حسن حذف الهاء منه كما حسن حذفها من الصلة. ومن ضم الياء فالمسند إليه الفعل المبني للمفعول ضمير العذاب المتقدم ذكره، ويقوي ذلك قوله " ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم " (4) ألا ترى أن الفعل بني للمفعول، وفيه ضمير العذاب. وقال الزجاج: التقدير من يصرف الله عنه العذاب فيمن فتح الياء. ومن ضم الياء، فتقديره من يصرف عنه العذاب.1- سورة 25 الفرقان آية 41.
2- سورة 27 النسل آية 59.
3- سورة 33 الأحزاب آية 35.
4- سورة 11 هود آية 8.