الآيات 74-75
قوله تعالى: ﴿قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ، قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾
حكى الله تعالى عن أصحاب يوسف انهم قالوا لأهل العير لما سمعوا جحودهم الصواع، وأنكروا ان يكونوا سارقين " ما جزاؤه ان كنتم كاذبين " في جحودكم وإنكاركم، وقامت البينة على انكم سرقتموه، وما الذي يستحق ان يفعل بمن سرق؟فأجابهم أهل العير، وقالوا من أدرك عنده الصواع، ووجد في رحله جزاؤه اخذ من وجد في رحله رقا، فهو جزاؤه عندنا كجزائه عندكم لأنه كان من عادتهم ان يسترقوا السارق - في قول الحسن، ومعمر، والسدي، وابن إسحاق - وفيه تقدير ان في الاعراب:
أحدهما: جزاؤه استرقاق من وجد في رحله، فهذا الجزاء جزاؤه، كما تقول جزاء السارق القطع، فهو جزاؤه لتمكين البيان الأخير.
الثاني: جزاؤه من وجد في رحله، فالسارق جزاؤه، فيكون مبتدأ ثانيا، والفاء جواب الجزاء، والجملة خبر (من) و (من) ههنا يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون بمعنى الذي، وتقديره جزاؤه الذي وجد في رحله مسترقا.
الآخر: معنى الشرط، كأنه قال جزاء السراق إن وجد في رحل إنسان منا، فالموجود في رحله جزاؤه استرقاقا، وقوله " كذلك نجزى الظالمين " اخبار منهم بأن ذلك عادتهم في مجازاة كل ظالم. وقد قيل في تأويل الآية وجهان:
أحدهما: ان يكونوا في ذلك على شرع لنبي من أنبياء الله.
الآخر: أن يكون ذلك على عادة الملوك في أهل الجنايات لمصالح العباد لا على حقيقة الجزاء الذي يعمل بأمر الله بدلالة قوله فيما بعد " ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك " فأضاف الجزاء إلى دين الملك دون الله.