الآية 52

قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾

اختلفوا في من هذا الكلام حكاية عنه؟فقال أكثر المفسرين كالحسن ومجاهد وقتادة والضحاك: انه من قول يوسف " ذلك " يعني ذلك الامر من فعلي من رد الرسول ليعلم العزيز اني لم أخنه بالغيب، وقطع الحكاية عن المرأة، وجاز ذلك لظهور الكلام الدال على ذلك، كما قال " وكذلك يفعلون " وقبله حكاية عن المرأة " وجعلوا أعزة أهلها أذلة " (1) وكما قال " فماذا تأمرون " ومثله حكاية قول الملا " يريد ان يخرجكم من أرضكم بسحره " (2) وقال الجبائي والبلخي: انه من قول المرأة. والمعنى ان اعترافي على نفسي بذلك ليعلم يوسف اني لم أخنه بالغيب، لان العزيز سألها ولم يكن يوسف حاضرا وكلا الامرين جائزان، والأول أشبه، والخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر، وضد الخيانة الأمانة، وهي تأدية الحق على ما وقع به العقد. والفرق بين الخيانة والغدر أن الخيانة تكون على وجه السر والغدر نقض العهد بخلاف الحق جهرا، والكيد الاحتيال في ايصال الضرر إلى صاحبه، كاده يكيده كيدا، فهو كائد. واللام في قوله " ليعلم " لام (كي) ومعناها تعليق ما دخلت عليه بالفعل الذي قبله، بمعنى انه وقع من اجله، وإنما يتعلق بذلك الإرادة. وقوله " وان الله لا يهدي كيد الخائنين " اي لا يدعوهم إليها ولا يرغبهم فيها وإنما يفعلونها بسوء اختيارهم.


1- سورة النمل آية 34.

2- سورة الأعراف آية 109 - 111.