الآية 45
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾
حكى الله تعالى في هذه الآية أن الذي نجا من الفتيين اللذين رأيا المنام، وفسره لهما يوسف وهو صاحب الشراب - على ما ذكره له يوسف، فتذكر بعد وقت وحين من الزمان، لامر يوسف، وقال لهم أنا أخبركم بما يؤول إليه هذا المنام، فابعثوني حتى أبحث عنه. و (النجاة) التخلص من الهلاك. والادكار طلب الذكر. ومثله التذكر والاستذكار، ووزنه (الافتعال) من الذكر وأصله الاذتكار، فقلبت التاء ذالا وأدغمت فيها الدال على أصل ادغام الأول في الثاني ويجوز اذكر، على تغليب الأصلي على الزائد. و (الأمة) المذكورة هي الجملة من الجبن، وأصله الجماعة من الجبن، وسميت الجماعة الكثير من الناس أمة، لاجتماعها على مقصد في أمرها. وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة: " بعد أمة " أي بعد حين، وحكى الزجاج وغيره عن ابن عباس " بعد أمة " اي بعد نسيان، يقال أمه يأمه أمها بفتح الميم -، وحكي عن أبي عبيدة - بسكون الميم - قال الزجاج هذا ليس بصحيح وأجازه غيره، وروى هذه القراءة عن جماعة كقتادة وعكرمة وغيرهم. وتأويل الرؤيا تفسير ما يؤول إليه معناه، وتأويل كل شئ تفسير ما يؤول إليه معنى الكلام. وحكي عن الحسن أنه قرأ " أنا أجبكم بتأويله " وهو خلاف المصحف.