الآية 39
قوله تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾
هذه حكاية ما نادى به يوسف للمستفتين له عن تأويل رأياهما، فقال لهما " يا صاحبي السجن " اي يا ملازمي السجن. والصاحب الملازم لغيره على وجه الاختصاص بوجه من الوجوه، وهو خلاف ملازمة الاتصال، ولذلك قيل أصحاب مالك، وأصحاب الشافعي للاختصاص بمذاهبهما، وأصحاب النبي لملازمتهم له، والكون معه في حروبه، وصاحبا السجن هما الملازمان له بالكون فيه. والسجن هو الحبس الذي يمنع من التصرف قال الفرزدق:
وما سجنوني غير اني ابن غالب * واني من الاثرين غير الزعانف (1)
وقوله " أرباب متفرقون " فيه أقوال: قال قوم املاك متباينون خير أم المالك القاهر للجميع، يدلهم بهذا على أنه لا يجوز ان يعتقدوا الربوبية إلا لله تعالى - عز وجل - وحده. وقال الحسن متفرقون من صغير وكبير ووسط، يعني الأوثان. وقال قوم: معناه متفرقون بمباينة كل واحد للآخر بما يوجب النقص، والقاهر القادر بما يجب به الغلبة لا محالة والقهار مبالغة في الصفة يقتضى انه القادر بما يجب به الغلبة لكل أحد والخير الا بلغ في صفة المدح، والشر الا بلغ في صفة الذم.
1- ديوانه 1: 536 وسيبويه 1: 366 وقد مر في 1: 320 من هذا الكتاب.