الآيات 92-96

قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ، فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ، وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾

لما اخبر الله تعالى ما للسابقين من أنواع الثواب والنعيم، وبين ما لأصحاب اليمين من الخيرات والثواب الجزيل، اخبر بما للكفار المكذبين بيوم الدين المنكرين للبعث والنشور والجزاء بالثواب والعقاب، فقال " واما إن كان " هذا الانسان المكلف (من المكذبين) بتوحيد الله الجاحدين لنبوة نبيه الدافعين للبعث والنشور (الضالين) عن طريق الهدى العادلين عنه (فنزل من حميم) أي نزلهم الذي أعدلهم من الطعام والشراب من ماء من حميم (وتصلية جحيم) أي احراق بنار جهنم، يقال صلاه الله تصلية إذا ألزمه الاحتراق بها، وتقديره فله نزل من حميم. وقوله (إن هذا لهو حق اليقين) أي هذا الذي أخبرنك به هو الحق الذي لاشك فيه بل هو اليقين الذي لا شبهة فيه وحق اليقين إنما جاز اضافته إلى نفسه، لأنها إضافة لفظية جعلت بدلا من الصفة، لان المعنى إن هذا لهو حق اليقين، كما قيل هذا نفس الحائط، بمعنى النفس الحايط، وجاز ذلك للايجاز مع مناسبة الإضافة للصفة. واما قولهم (رجل سوء) فكقولك رجل سواء وفساد. وقيل معنى حق اليقين حق الامر اليقين. وقوله (فسبح باسم ربك العظيم) أمر من الله تعالى لنبيه ان ينزه الله تعالى عما لا يليق به ويذكره باسمه العظيم. وقيل: انه لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وآله (ضعوها في ركوعكم) وقولوا (سبحان ربي العظيم) والعظيم في صفة الله معناه ان كل شئ سواه مقصر عن صفته بأنه قادر عالم غني إذ هو قادر لا يعجزه شئ ولا يساويه شئ في مقدوراته، وعالم لا يخفى عليه شي على كل وجوه التفصيل، وغني بنفسه عن كل شئ سواه لا يجوز عليه الحاجة بوجه من الوجوه ولا على حال من الأحوال.