الآية 41-44
قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ، لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾
القراءة:
قرأ يعقوب " صراط علي " بتنوين علي، ورفعه على أنه صفة ل? (صراط) بمعنى رفيع، وبه قرأ ابن سير بن وقتادة. الباقون بفتح الياء على الإضافة إلى الياء. وقيل في معناه قولان:
أحدهما: إن ذلك على وجه التهديد، كقولك لمن تتهدده وتتوعده: على طريقك، والى مصيرك، كما قال " إن ربك لبالمرصاد " (1) وهو قول مجاهد وقتادة.
الثاني: إنه يراد به الدين المستقيم، وأن الله يبينه وينفي الشبهة عنه بهداية المستدل على طريق الدليل. وقوله " ان عبادي ليس لك عليهم سلطان " اخبار منه تعالى ان عباده الذين يطيعونه وينتهون إلى أمره ويجتنبون معاصيه ليس للشيطان عليهم سلطان ولا قدرة أكثر من أن يغويهم، فإذا لم يقبلوا منه ولا يتبعونه، فلا يقدر لهم على ضر ولا نفع. وقال الجبائي: ذلك يدل على أن الجن لا يقدرون على الاضرار ببني آدم، لأنه على عمومه. وقال غيره: الآية تدل على نفي السلطان بالاغواء، لأنهم إذا لم يقبلوا منه ولا يتبعونه، فكأنه لا سلطان له عليهم، ولا يمتنع ان يقدروا على غير ذلك من الاضرار. ثم استثنى تعالى من جملة العباد من يتبع إبليس على إغوائه وينقاد له ويقبل منه، لأنه إذا قبل منه، صار له عليه سلطان، بعدوله عن الهدى إلى ما يدعوه إليه من اتباع الهوى، فيظفر به إبليس. ثم اخبر تعالى ان جهنم موعد جميع العصاة والخارجين عن طاعته، ومن يتبع إبليس على إغوائه. و (جهنم) لا تنصرف لأنها معرفة مؤنثة، وقد يقال للنار إذا عظمت واشتدت: هذه جهنم، تشبيها بجهنم المعروفة، وهذا لم ينكر، ثم اخبر عن صفة جهنم بأن " لها سبعة أبواب " وقال علي (ع) والحسن وقتادة وابن جريج: أبوابها أطباق بعضها فوق بعض " لكل باب جزء " من المستحقين للعقوبة على قدر استحقاقهم من العقاب، في القلة والكثرة بحسب كثرة معاصيهم وقلتها.
1- سورة الفجر آية 14.