الآية 32
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾
اللام في قوله " ولقد " لام القسم، ومعنى الكلام انه اقسم تعالى انه لقد استهزئ برسل من قبلك يا محمد أرسلهم الله والاستهزاء طلب الهمزة وهو اظهار خلاف الاضمار للاستضعاف فيما يجري من عبث الخطاب. والرسل جمع رسول، وهو المحمل للرسالة. والرسالة كلام يؤخذ لتأديته إلى صاحبه. وقوله " فأميلت للذين كفروا " اي أخرت عقابهم وإهلاكهم وأمهلتهم، يقال: أملى يملى إملاء ومنه قوله: إنما نملي لهم ليزدادوا إثما " (1) واصله طول المدة، ومنه قليل لليل والنهار: الملوان لطولهما، قال ابن مقبل:
الا يا ديار الحي بالسبعان * أمل عليها بالبلى الملوان (2)
وقوله " ثم اخذتهم " يعنى الذين استهزؤا برسل الله وكفروا بآيات الله، أهلكتهم وأنزلت عليهم عذابي " فيكيف كان عقاب " وهو العذاب على وجه الجزاء. ومعنى الآية تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما يلقاه من سفهاء قومه من الكفر والاستهزاء عند دعائه إياهم إلى توحيده والايمان به، بأنه قد نال مثل هذا الأنبياء قبلك فصبروا، فاصبر أنت أيضا مثل ذلك، كما قال " فأصبر كما صبر أولو العزم من الرسل " (3).
1- سورة آل عمران آية 178.
2- الكتاب لسيبويه 1: 315 وتفسير الطبري 14: 132 وسمط اللآلي 533 واللسان (سبع) ومجاز القرآن 1: 109، 333. وقد روى (ألح) بدل (امل).
3- سورة 46 الاحقاق آية 35.