الآية 27

قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾

حكى الله تعالى في هذه الآية عن الكفار الذين وصفهم انهم يقولون " لولا أنزل " على محمد " آية " يعني علامة ومعجزة. والمعنى هلا انزل عليه آية من ربه يقترحونها، ويعلمون انها أنزلت من ربه، وذلك لما لم يستدلوا، فيعلموا مدلول الآيات التي اتى بها لم يعتدوا بتلك الآيات، فقالوا هذا القول جهلا منهم بها، فأمر الله نبيه ان يقول لهم " ان الله يضل من يشاء " بمعنى انه يحكم على من يشاء بالضلال إذا ضل عن طريق الحق، ويجوز أن يكون المراد " يضل من يشاء " عن طريق الجنة بسوء أفعالهم وعظم معاصيهم، ولا يجوز ان يريد بذلك الاضلال عن الحق، لان ذلك سفه لا يفعله الله تعالى. وقوله " ويهدي إليه من أناب " اي يحكم لمن رجع إلى طاعة الله والعمل بها بالجنة ويهديه إليها. والهداية الدلالة التي تؤدي إلى طريق الرشد بدلا من طريق الغي، والمراد بها - ههنا - الحكم له بسلوك طريق الجنة رفعا لقدره، ومدحا لصاحبه. والاضلال العدول بالمار عن طريق النجاة إلى طريق الهلاك، والمراد - ههنا - الحكم له بالعدول عن طريق الجنة وسلوك طريق النار، والإنابة الرجوع إلى الحق بالتوبة، يقال: ناب ينوب نوبة إذا رجع مرة بعد مرة.