الآية 1

قال قتادة هي: مدنية إلا آية منها فإنها مكية وهي قوله " لا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة ". وقال مجاهد: هي مكية وليس فيها ناسخ ولا منسوخ. وهي ثلاث وأربعون آية في الكوفي وأربع في المدنيين وخمس في البصري.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى: ﴿المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾

لم يعد أحد " المر " آية وعد الكوفيون " طه " و " حم " آية قالوا، لان (طه) مشاكلة لرؤوس الآي التي بعدها بالألف مع أنه لا يشبه الاسم المفرد، كما أشبه " صاد " وقاف " و " نون " لأنها بمنزلة (باب) و " نوح "، وعد " كهيعص " لأنه يشاكل رؤوس الآي بعده بالارداف. وقد بينا في أول سورة البقرة أقوال المفسرين في تأويل أوائل السور بالحروف (1). وان أقواها ان يقال أنها أسماء السور واجبنا عما اعترض عليه، فلا وجه لإعادته. وروي عن ابن عباس ان معنى قوله " المر " انا الله أرى. وقال غيره: معناه انا الله أعلم. وروي انها حروف تدل على اسم الرب. وقوله " تلك آيات الكتاب " ومعناه هذه تلك آيات الكتاب التي تقدمت صفتها. والبشارة بها بما فيها من الهداية، كما تقول تلك الدلالة اي التي وصفها بأنه لا غنا لاحد عنها، فيقول: هذا تنبيها عليها، وتفخيما لشأنها. وقال الحسن والجبائي: يعني بالكتاب القرآن. وقال مجاهد وقتادة: يعني به الإنجيل. والأول أصح. وآيات الكتاب هي الكتاب، ولكن أضيف إلى نفسه، لما اختلف لفظه كما قال " حق اليقين " (2) وغير ذلك مما قد مضى ذكره، وكما يقال مسجد الجامع، والمسجد الجامع، والآيات الدلالات المعجبة المؤدية إلى المعرفة بالله وانه لا يشبه الأشياء، ولا تشبهه، والكتاب الصحيفة التي فيها الكتابة، وقد يكون مصدر كتب، تقول: كتب كتابا وكتابة. " والذي أنزل إليك من ربك الحق " يحتمل وجهين من الاعراب: الرفع والجر، فالرفع على الابتداء وخبره الحق، والجر على أنه عطف على الكتاب، وهو غيره - على قول مجاهد - ويجوز أن تكون صفة - في قول الحسن - كما قال الشاعر:

إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم (3)

" ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " اي لا يصدق أكثر الناس بأنه كذلك، ويكفرون به. والحق وضع الشئ في موضعه على ما تقتضيه الحكمة والانزال النقل من علو إلى سفل أنزله إنزالا، ونزله تنزيلا، وضده الاصعاد.


1- في 1: 47 - 51.

2- سورة الواقعة آية 95.

3- مر تخريجه في 2: 98.