الآية 111
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
أخبر الله تعالى ان في قصص الأمم الماضين التي ذكرها دلالة لذوي العقول على تصديق الرسل وان ما أخبرناك به لم يكن حديثا كذبا. والحديث الاخبار عن حوادث الزمان وتسميته بأنه حديث يدل على أنه حادث، لان القديم لا يكون حديثا، والافتراء القطع بالمعنى على خلاف ما هو به وأصله القطع من قولهم قريت الأديم فريا إذا قطعته، ووجه الاعتبار بتلك القصص ان الذي قدر على إعزاز يوسف بعد القائه في الجب واعلائه بعد حبسه في السجن وتمليكه مصر بعد إن كان كبعض أهلها في حكم العبيد وجمعه بينه وبين والديه وإخوته على ما أحبوا بعد مدة طويلة وشقة بعيدة لقادر ان يعز محمد صلى الله عليه وسلم، ويعلي كلمته وينصره على من عاداه. وقوله " ولكن تصديق الذي بين يديه " معناه تصديق الكتب التي قبله من التوراة، والإنجيل وغيرهما من كتب الله في قول الحسن وقتادة. وإنما قيل لما تفسير التبيان ج 6 - م 14 قبله: بين يديه، لأنه قد وجد فكأنه حاضر له، وقيل بين يديه، لأنه قريب منه كقرب ما كان بين يدي الانسان. وإنما قال " وتفصيل كل شئ " على وجه المبالغة من حيث كان فيه تفصيل كل شئ يحتاج إليه في أمور الدين من الحلال والحرام والحجاج والاعتبار والوعظ والازجار، أما جملة أو تفصيلا. و " هدى ورحمة " فالهداية الدلالة " لقوم يؤمنون " اي يصدقون بها وينتفعون بالنظر فيها وخص المؤمنين بالهداية وإن كانت هداية لغيرهم من حيث إنهم انتفعوا هم بها دون غيرهم، ونصب تصديق على تقدير، ولكن كان تصديق الذي باضمار كان على قول الزجاج.