الآية 107
قوله تعالى: ﴿أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾
هذا خطاب لهؤلاء الكفار الذين ذكرهم بأنهم لا يؤمنون إلا وهم مشركون، وتوبيخ لهم وتعنيف، وإن كان متوجها إلى غيرهم، فهم المعنون به، يقول: أفأمن هؤلاء الكفار ان تجيئهم غاشية من عذاب، وهو ما يتغشاهم من عذابه. والغاشية ما يتجلل الشئ بانبساطها عليه، يقال: غشيه يغشاه، فهو غاش، وهي غاشية أو: تجيئهم القيامة بغتة أي فجأة. والبغتة والفجأة والغفلة نظائر، وهي مجئ الشئ من غير تقدمة. قال يزيد بن مقسم الثقفي:
ولكنهم باتوا ولم أدر بغتة * وأفظع شئ حين يفجؤك البغت (1)
والساعة مقدار من الزمان معروف، وسمي به القيامة لتعجيل أمرها، كتعجيل الساعة. وقوله " وهم لا يشعرون " معناه لا يعلمون بمجيئه، فلذلك كان بغتة. والشعور إدراك الشئ بما يلطف، كدقة الشعر يقال: شعر به يشعر شعورا وأشعره بالامر اشعارا، ومنه اشتقاق الشاعر لدقة فكره.
1- مر هذا البيت في 4: 122، 507.