الآية 104

قوله تعالى: ﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾

هذا اخبار من الله تعالى وخطاب لنبيه صلى الله عليه وسلم انك يا محمد لست تسألهم يعني أمته الذين بعث إليهم على ما يعرفهم به من اخبار الماضين اجرا، ولا جزاء في مقابلته. وليس ذلك إلا ذكر للعالمين. والسؤال قول القائل لمن هو فوقه (افعل) إذا كان سؤال طلب ودعاء، وإن كان سؤال استخبار، فهو طلب الاخبار بادلته، والاجر جزاء العمل بالخير يقال: آجره الله يآجره أجرا إذا جازاه بالخير، ويدعابه، يقال: آجرك الله. والذكر حضور المعنى للنفس، وهو ضد السهو. وقد يقال للقول الذي يحضر المعنى للنفس ذكر. و (العالم) جماعة الحيوان الكثيرة التي من شأنها ان تعلم، لأنه مأخوذ من العلم، ومنه معنى التكثير، وفي عرف المتكلمين عبارة عن الفلك وما حواه عن طريق التبع للحيوان الذي ينتفع به، وهو مجعول لأجله. ومعنى الآية إنك لست تسألهم على ابلاغك إياهم ما أوحى الله به إليك، ولا على ما تدعوهم إليه من الايمان اجرا، فيكون تركهم لذلك إشفاقا من إعطاء الاجر، بل هم يزهدون في الحق مع أمنهم من اعطاء الاجر، وليس ما تؤديه إليهم من القرآن، وجميع ما ينزله الله من الاحكام " إلا ذكر للعالمين " اي طريق إلى العلم بما أوجب الله عليهم، فذكر الدليل طريق إلى العلم بالمدلول عليه. والفكر سبب مولد له، فالذكر سبب مؤد، والفكر سبب مولد ويحتمل أن يكون المراد ليس هذا القرآن الا شرفا للعالمين لو قبلوه وعملوا بما فيه.