الآية 84

قوله تعالى: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾

اخبر الله تعالى عن يعقوب أنه تولى عنهم بعد ان قال لهم ما تقدم ذكره بمعنى أعرض بوجهه عنهم، والتولي والاعراض بمعنى واحد " وقال يا أسفي على يوسف " اي يا حسرتاه، في قول الحسن وقتادة والضحاك. وإنما نادى بالأسف على وجه البيان، لان الحال حال حزن كأنه قال: يا اسف احضر، فإنه من احيانك وأوقاتك، ومثله (وا حزناه). والأسف الحزن على ما فات. وقيل: هو أشد الحزن يقال: أسف يأسف أسفا وتأسف تأسفا، وهو متأسف. وقوله " ابيضت عيناه " فالابيضاض انقلاب الشئ إلى حال البياض. والمعنى انه عمي فلم يبصر شيئا. والعين حاسد الادراك للمرئيات. والحزن الغم الشديد، وهو من الحزن، وهي الأرض الغليظة، والكظيم هو الممسك للحزن في قلبه لا يبثه بما لا يجوز إلى غيره، ومنه قوله " والكاظمين الغيظ " (1) اي لا يتسرع بموجبه إلى غيره. وقيل كظيم على الحزن لم يقل يا أسفاه - في قول مجاهد والضحاك، والحسن - وقيل كظيم بالغيظ على نفسه، لم ارسله مع إخوته - في قول السدي والجبائي.


1- سورة آل عمران آية 134.