الآية 93
قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾
قال ابن عباس وابن مالك والبراء بن عازب ومجاهد، وقتادة والضحاك: إنه لما نزل تحريم الخمر قالت الصحابة كيف بمن مات من اخواننا وهو يشربها، فأنزل الله الآية وبين أنه ليس عليهم في ذلك شئ إذا كانوا مؤمنين عاملين للصالحات، ثم يتقون المعاصي وجميع ما حرم الله عليهم. فان قيل لم كرر الاتقاء ثلاث مرات في الآية؟ قيل:
الأول: المراد به اتقاء المعاصي.
الثاني: الاستمرار على الاتقاء.
الثالث: اتقاء مظالم العباد، وضم الاحسان إلى الاتقاء على وجه الندب واعتبر أبو علي في الثالث الامرين. وقوله " والله يحب المحسنين " أي يريد ثوابهم واجلالهم واكرامهم. والاحسان النفع الحسن الواصل إلى الغير، ولا يقال لكل حسن إحسان، لأنه لا يقال في العذاب بالنار أنه إحسان وإن كان حسنا. والصلاح استقامة الحال وهو مما يفعله العبد، وقد يفعل الله تعالى له الصلاح في دينه باللطف فيه. والايمان هو الاطمئنان إلى الصواب بفعله مع الثقة به وهو من أفعال العباد. وعلى هذا يحمل قوله " وآمنوا " والأول على الايمان بالله الذي هو التصديق. وروي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر في أيام عمر، فأراد عمر أن يقيم عليه الحد فقال " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " فأراد عمر أن يدرأ عنه الحد حين لم يعلم تحريمها. فقال أمير المؤمنين (ع) أديروه على الصحابة، فإن لم يسمع أحدا منهم قرأ عليه آية التحريم، فادرؤا عنه، وإن كان قد سمع فاستتيبوه، وأقيموا عليه الحد، فإن لم يتب وجب عليه القتل.