الآية 82

قوله تعالى: ﴿فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾

المعنى:

التولي عن الايمان بالنبي صلى الله عليه وآله كفر - بلا خلاف - وإنما قال " فأولئك هم الفاسقون " ولم يقل الكافرون، لان تقدير الكلام فأولئك هم الفاسقون في كفرهم أي المتمردون فيه بخروجهم إلى الافحش منه، وذلك أن أصل الفسق الخروج عن أمر الله إلى حال توبقه، فلذلك قيل للخارج عن أمر الله إلى أفحش منازل الكفر، فاسق.

الاعراب:

وموضع (هم) من الاعراب يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يكون رفعا بأنه مبتدأ ثان والفاسقون خبره. والجملة خبر أولئك.

والاخر: أنه لا موضع له، لأنه فصل جاء ليؤذن أن الخبر معرفة أو ما قارب المعرفة ويسمي الكوفيون ذلك عمادا. وقوله: (فمن تولى) وإن كان شرطا وجزاء في المستقبل فان الماضي يدخل فيه من وجهين:

أحدهما: أن يكون تقديره فمن يصح أنه تولى، كما قال: " إن كان قميصه قد من قبل فصدقت " (1) أي إن يصح أن " قميصه قد من قبل فصدقت ".

والاخر: مساواة الماضي للمستقبل، فيدخل في دلالته. وإنما جاز جواب الجزاء بالفاء ولم يجز؟(ثم)، لان الثاني يجب بوجوب الأول بلا فصل، فلذلك جاء بالفاء دون (ثم)، لأنها للتراخي بين الشيئين، وذلك نحو قولك إن تأتني، فلك درهم، فوجوب الدرهم بالاتيان عقيبه بلا فصل. وإنما جاز وقوع الماضي موقع المستقبل في الجزاء ولم يجز في قام زيدا غدا، لان حرف الجزاء، لما كان يعمل في الفعل قوي على نقله من الماضي إلى الاستقبال، وليس كذلك (غد) وما أشبهه مما يدل على الاستقبال، لأنه نظير الفعل في الدلالة من غير عمل يوجب القوة، فلذلك جرى على المناقضة.


1- سورة الزخرف آية: 87.