الآية 62
قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
المعنى واللغة:
إن قيل: لم قال: " إن هذا لهو القصص " مع قيام الحجة، وشهادة المعجزة له؟قلنا: معناه البيان عن أن مخالفتهم له بعد وضوح أمره يجري مجرى العناد فيه، وكذلك قوله: " وما من إله إلا الله ". والقصص: الخبر الذي تتابع فيه المعاني وأصله اتباع الأثر، وفلان يقص أثر فلان أي يتبعه. وقوله: (وما من إله إلا الله) دخول (من) فيه تدل على عموم النفي لكل إله غير الله. ولو قال: ما إله إلا الله لم يفد ذلك وإنما أفادت (من) هذا المعنى، لان أصلها لابتداء الغاية فدلت على استغراق النفي من ابتداء الغاية إلى انتهائها. ويجوز جر اسم الله على البدل من إله، لان ذلك لا يحسن في الكلام، لان (من) لا تدخل في الايجاب وما بعد (إلا) هنا إيجاب، ولا تدخل أيضا على المعرفة للعموم، ولا يحسن إلا رفعه على الموضع، كأنه قيل ما لكم إله إلا الله. وما لكم مستحق للعبادة إلا الله قال الشاعر:
ابني لبيني لستم بيد * الأيد ليست لها عضد
أنشدوه بالجر، فعلى هذا يجوز ما جاءني من رجل إلا زيد، وليس هو وجه الكلام، ولكنه يتبعه وإن لم يصلح إعادة العامل فيه، كما يقال: اختصم زيد وعمرو، ولا يجوز واختصم عمرو، وقوله: " وإن الله لهو العزيز الحكيم " معناه لا أحد يستحق إطلاق هذه الصفة إلا هو، فوصل ذلك بذكر التوحيد في الإلهية لأنه حجة على صحته من حيث لو كان إله آخر، لبطل إطلاق هذه الصفة.
الاعراب:
وموضع هو من الاعراب يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون فصلا، وهو الذي تسمية الكوفيون عمادا، فلا يكون له موضع من الاعراب، لأنه في حكم الحرف ويكون القصص خبر إن.
والاخر: أن يكون اسما موضعه رفع بالابتداء والقصص خبر إن والجملة خبر إن.