الآية 154
قوله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾
القراءة والحجة:
قرأ أهل المدينة (لا تعدوا) بتسكين العين وتشديد الدال والجمع بين ساكنين بمعنى لا تعتدوا، ثم أدغم التاء في الدال فصارت دالا مشددة مضمومة، كما قرأ من قرأ (يهتدي) بتسكين الهاء - وقووا ذلك بقوله: " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت " فجاء في هذه القصة افتعلوا وقال: " لا تعتدوا فان الله لا يحب المعتدين " وقرأ الباقون بتسكين العين - من عدوت في الامر: إذا تجاوزت الحق فيه أعدو عدوانا وعداء وعدوا قال أبو زيد: عدا على اللص: أشد العدو. والعدو والعداء والعدوان اي سرقك وظلمك. وعدت عينه عن ذلك أشد العدو وتعدو وحجتهم قوله: إذ يعدون في السبت في هذه القصة وقوله: فأولئك هم العادون.
المعنى:
معنى قوله: " ورفعنا فوقهم الطور " يعني الجبل لما امتنعوا من العمل بما في التوراة وقبول ما جاءهم به موسى بميثاقهم يعني بما أعطوا الله من الميثاق والعقد، ليعملن بما في التوراة. " وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا " يعني باب حطه حين أمرهم الله ان يدخلوا فيه سجودا، فدخلوا على استاههم يزحفون. وقلنا لهم: " لا تعدوا في السبت " اي لا تتجاوزوا في يوم السبت ما أبيح لكم إلى ما حرم عليكم. قال قتادة: أمرهم الله ان لا يأكلوا الحيتان يوم السبت، ولا يعرضوا لها. وأحل لهم ما عداه. وقوله: " واخذنا - منهم ميثاقا غليظا " يعني عهدا مؤكدا بأنهم يعملون ما أمرهم الله به وينتهون عما نهاهم الله عز وجل عنه. وقد بينا فيما مضى السبب الذي من أجله كانوا أمروا بدخول الباب سجدا، وما كان من أمرهم في ذلك. قال ابن عباس: رفع الله فوقهم الجبل، فقيل لهم: إما ان تأخذوا التوراة بما فيها، أو يلقى عليكم الجبل. وقال أبو مسلم: رفع الله الجبل فوقهم ظلالا لهم من الشمس بميثاقهم أي بعهدهم جزاء لهم على ذلك. والأول قول أكثر المفسرين.